تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : رواية الابتلاء



Dark Master 12
10-03-2005, 02:30 PM
الابتلاء



وقد جاء للوليد بن عبد الملك شيخ من عبس كفيف البصر، ولما جلس عنده في عشية أحد أيام، سأله ‏الوليد عن حاله؟ فقال: يا أمير المؤمنين، لقد بت في ليلة من الليالي، وما في عبس رجل أكثر مني ‏مالاً، وخيلاً وإبلاً، وولداً، ولا أعزهم نفراً، وأكثرهم جاهاً.‏



فطرقنا سيل ذهب بالأهل والولد والمال، ولم يبق من ظعننا إلا: غلام ولد حديثاً، وبكر شرود وهو ولد ‏الناقة الصغير, فاتجهت للصبي وحملته، ثم لحقت بالبكر الذي ند، ولما عجزت عن اللحاق به، ‏وضعت الصبي في الأرض، وسرت وراء البكر، فسمعت صراخ الصبي، ولما رجعت إليه وجدت ‏الذئب قد أكله، فلحقت بالبعير، ولما أمسكت به، رمحني برجله على وجهي، فذهب بصري، وألقاني ‏على قفاي, ولما أفقت إذا بي في المساء من أصحاب الثروة والمال والحلال، والولد والجاه، والمكانة ‏بين القبائل، قد أصبحت في الغداة، صفر اليدين: لا بصر في عينيّ، ولا ولد ولا أهل ولا مال، ‏فحمدت الله على ذلك، فقال الوليد: اذهبوا به إلى عروة بن الزبير، ليعلم أن في الدنيا من هو أكثر منه ‏بلاء، وأشد تحملا وصبراً.‏







فإذا ابتليت بمحنة فاصبر لها **** صـبر الكـريم فإن ذلـك أحكم



وإذا ابتليت بكربة فالبس لها **** ثوب السـكوت فإن ذلك أسـلم‏



لا تشكونّ إلى العبـاد فإنما **** تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحـم











وكم من بلاء يكون نعمة على صاحبه، فرب عبد تكون الخيرة له في الفقر والمرض، ولو صح بدنه ‏وكثر ماله لبطر وبغى (( ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض )) [ الشورى: 27] 0‏







كن عن همومك معرضا **** وكل الأمور إلى القضى ‏

‏ وابشر بخير عاجـــل **** تنسى به ما قد مضـــى ‏

‏ فلرب أمر مسخـــط **** لك في عواقبه رضـــى ‏



‏ولربما ضاق المضيــق **** ولربما اتسع الفضــــا ‏

الله يفعل ما يشـــاء **** فلا تكن معترضــــا

‏ الله عودك الجميـــل **** فقس على ما قد مضــى