المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التحليل النفسي : نـسـيان أسماء الأعلام ( 1 ) .



Y a z e e d
11-03-2005, 05:38 PM
.

.

.

الـتحـليل النـفسي
نــمـاذج مـن مـدرســة فــرويــــــد

http://zidanff5.jeeran.com/!web3.jpg
.
- مقدمة :
في القرن التاسع عشر ، ثمةَ فتىً في المرحلة الثانوية ، يجمع مواهب عدة ،
تميز في المجال الأدبي و العلمي ، تسلقَ سلمَ الحياةِ بقفزاتٍ متواصلة .. حتى بلغ أحد
القمم العليا ، بل و أبتكر القمة و صنعها بنفسه .. ذلك العبقري هو : سيجموند فرويد ،
و تلك القمة هي : " التحليل النفسي " . انتسب فرويد إلى جامعة فيينا ، وتميز
بعدها و ناقش عدة بحوث و أنجز الكثير منها ، سافر إلى بلدان عدة ، وتحدث و قرأ
عدة لغات .. في الواقع .. لستُ بصدد استعراض سيرة فرويد العريضة ، إلا أنه من
الواجب أن أتعرض لسيرةِ رجل أقام أحد أشهر علوم النفس ، و هو الذي يعتمد بحثي
هذا في مجمله على تحليلاته ، و ما تبعها طبعاً .
.
في هذا البحث ، أناقشُ عدداً من المشاكل اليومية المرتبطة بتعقيدات نفسية
و النفس البشرية معقدةٌ أيما تعقيد و لست بصدد الخوض في غمار النفس ، فكثير
من علمها يختص بهِ الخالقُ سبحانه ، إلا أني سأمر على الكثير منها ، و أخص
بالذكر ما يتعلق بحياتنا اليومية ، و سأحاول تفسير بعض المشكلات النفسية التي
تقيم أو حتى تنشأ عن مشكلات اجتماعية و ضغوط مختلفة يومية .
.
الحياة العصرية، كما نعلم جميعاً، تحمل الكثير من الضغوط و المشكلات على
مختلف الأصعدة، ماديةً كانت أم اجتماعية أم سياسية و نحو ذلك. تسبب ضغطاً يجر
خلفه مشاكل أخرى من ( انفصام شخصية .. ومشاكل و عُقد نفسية بسيطة أو معقدة .. الخ مما سأناقشه ) و بطبيعة الحال سأركز على مشكلات يعاني منها المجتمع العربي أو السعودي بشكل أكثر تخصيصاً ، وفي الواقع يعاني الإنسان العربي مشكلة واحدة تسود أرجائه و تفرض مشاكل أخرى تختلف أحياناً بالطبيعة الإقليمية و البيئة الآيدولوجية المحيطة .
.
سأحاول استخدام لغة بسيطة ، وشرح الغامض من المفردات ، و عدم التبحر كثيراً في الجوانب العلمية البحتة ، إذ أنها في أحيانٍ كثيرة تكون مملة للمتلقي و للمُلقي في آنِ معاً ( وإن كنت من محبي الجوانب العلمية المنطقية دائماً ) ، قدر استطاعتي سأبعدُ عن الإيجاز المخل أو الطول الممل ، سأقيد ما أعمم في أحيان ، و أعمم ما قد أخصصه في فقرات أخرى ، ورغم ضيق الوقت .. سأحاول تقديم ما أستطيع عليه ،،
.
في النهاية، يبقى هذا مجهوداً بسيطاً من باحث مبتدئ أحاول فيه التطاول إلى أمور علية و لست بأهل لها ( فكيف للثرى أن يرقى إلى الثريا ؟ ) فمجال النفس البشرية مشهور بتعقيده معروف بالتفافاته و خُدعه ، و نحتاج سنيناً من البحث العلمي لإتقانه والمعرفة بسابقه و ما نحتاج لنتمَ أواخر أمره ، و يبقى مجالاً ممتعاً جداً رغم ذلك ، إذ أنه يتيح لنا النظر في أنفسنا، وتكوين رؤية عميقة وواضحة للحياة قائمة عن حكمة و معرفة بالنفس و أمورها .. فالجاهل بنفسه جاهل بالضرورة بما يحيطُ بهِ..

.

.

.
.

وقتاً ممتعاً
يـــزيــــــد ،،

.
.
.
.
.
الموضوع الأول من السلسلة ( التي قد أتابع كتابتها )
.
" وفيه سأتناول مشكلة بسيطة، وهي نسيان أسماء الأعلام، كنموذج على المشكلات التي تندرج تحت هذا الباب، من نسيان لكلمات غريبة أو قصائد محفوظة بشكل تام، أو حتى نسيان أمور مهمة، أو الأخطاء التي ترافق النطق و نحوه ".
.
.
.
نـسـيـان أسـمـاء الأعـلام .
حسناً ، نعاني هذه المشكلة بشكل يومي و كبير أحياناً ، كمثال ، عندما نكون في نقاش حاد أو في قاعة اختبار مثلاً أو في منتصف حديث حامي أو حتى اعتيادي تماماً ، تمر على الذاكرة مواقف معينة مربوطة بأشخاص محددين ، و عند محاولة ربط الشخص باسمه ، تحصل حالة من النسيان المؤقت لهذا الاسم ، و يلجأ عندها الدماغ - هرباً - إلى أسماء أخرى طرداًَ للصدمة المفاجأة أثناء الحديث ، و لربما كان للاسم المُستعاض بهِ علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالاسم المنسي ، و قد درس علماء النفس الكثير من الحالة التي تتعرض للنسيان ، وكذلك ( الاستبدال ) الحاد بأسماء أخرى و بشكل غير متوقع .
فرويد كان الأنجح بين الجميع في تفسير هذه الحالة وذلك في مقال نشره سنة 1898 م ، وتحدث فيه بتفصيل كبير عن هذه الحالة و أقترح عدة تحليلات منطقية و أسباب لهذه المشكلة وهو ما يصنف تحت قسم الـ (Psychopathology ) أو علم مُسببات الأمراض النفسية ،وفرويد يجنح غالباً إلى التفسيرات المنطقية الفلسفية ، وهذا في الواقع الأقرب إلى القبول كون العقل عبارة عن قالب ( يُدرس بالعلم ) يدور بالمنطق و يعمل بحسبه ( وهو ما يدرس بالفلسفة )
حسناً دعني أتطرق لمثال من الواقع المحيط، ينتفض أحد أطراف نقاش و (لنسمه فلان ) صارخاً بتعليق على ما طرح الطرف الآخر ( ولنسمه : ن ) في نقطته الأخيرة..
.
.
.
- إيه، هذا ؟ ما اسمه ؟ الذي قال كذا ! .. أجل .. هو آينشتاين ، لا بل دافنشي !.. لا لا تذكرت .. هوَ بيتهوفن ! ..
.
.
1- هذا الـ ( فلان ) ، مُعتاد على أسماء آينشتاين ، دافنشي ، و بيتهوفن ، بل ربما يحتل الثلاثة نفس المُقام في ذاكرته ، إذ لا يعرفُ عنهم إلا القليل و العابر من المعلومات ، لمَ إذاً استعاض بـ آينشتاين و دافنشي عن بيتهوفن ؟ حسناً ، سبب النسيان مبهم حالياً ، كان النقاش مبحراً حول أمور عدة ، وخرجَ عن نطاق المادة الأساسية إلى مواد أخرى يعشق الكثير استثارتها كانت الوقت متأخراُ ، والطرفان متعبان.
.
.
2- يُعرف فرويد سبب هذه الحالة ب: ضعضعة الحال السابقة للحال الحالية ، حسناً ، ماذا يعني فرويد هنا ؟! .. في النقاش، كان الحوار يدور ببساطة حول المجتمع و مشاكل الطلاق، و بعد ذلكَ انتقل فجأةَ إلى موضوع الجنسِ و ملحقاته و رموز تاريخية متعلقة به و بعدها إلى تدريبات جيوش الصاعقة ، وكيفَ يفرض عليهم أكل أرذل الطعام ، و تدريبات قاسية ، و ألمانيا و الحرب ، ومن ثمَ متحف اللوفر و زيارة أخيرة لأحد معارف ( نون ) ، ومن ثمَ ولجوا إلى الموضوع الأخير ، ألا وهو الموسيقى ، حسناً لنعلن الآن أن الكلمات :
.
.
ألمانيا : اللوفر : الموسيقى
سلسلة تحل ببساطة الرابطة بين:
آينشتاين : دافنشي : بيتهوفن .
.
.
3- سلسلة المواضيع ، و انقطاعها قبل الوصول إلى نهاية ، مثلاً : عند الحديث عن الجنس بأشكاله ، أبحر صديقنا في بحر من التصورات ، و تذكر عدة مقولات سمعها ، ومواقف تتحدث عن تفاصيل جنسية قليلاً ، و فجأة انتقل الحديث إلى دفة أخرى ، سارقاً عقله بشكل يمزق الفكرة الجديدة .
.
.
.
أراد أن ينطق تلك الفكرة ،إلا أنه فضّل عدم نقاش موضوع وضاء كهذا مع غريبٍ ، و لذلك قطع حبل التفكير في ذلك الموضوع تحديداً ، إلا أن عقله الباطني لم يفعل ، كما أنه كان مشغولاً بذكرى صديق له توفي قبل عدة أسابيع ، بعد معاناة عدة أسابيع انتهت به في أحد مستشفيات ألمانيا ، هُنا أرتبط الموت بالجنس بألمانيا مما أدى إلى قطع تصورات صاحبنا تماماً ، و تمزيق سلاسل الأفكار في عقله .
المهم أن ارتباط ألمانيا دائماً بآينشتاين حلَ فجأة على عقله الباطن ، بسبب ولعه بذلك الرجل العظيم و مافعلَ في فترة حياته .
.
.
.
.
.4- لا نستطيع أن نستمر هنا بتجاهل نسيان ( فلان ) لاسم بيتهوفن ، ذلكَ أنه و أثناء دوران فكره حول الموت و الجنس و ألمانيا ، تذكر بيتهوفن الذي عاش في أماكن كثيرة محيطة . والذي مات ومقطوعته الأخيرة ترن على رأسه .. في بيت رجل نمساوي غريب ، وكيف أنه لمَ يوفق في حياته إلى امرأة تشاركه حياته كما يريد ( وهنا نعود لمسألة الجنس ) كما أنه في ألمانيا لقيَ إهمالاً شديداً ، ولمَ يلقِ أحدٌ باله لفنه ، وهذه السلسلة من التفكير دفعته إلى محاولة نسيان الأمور الثلاث و محاولة إرغام نفسه على نسيان الموت و الجنس و بشدة ، ولكن عقله أقامَ رابطةً بين الأمرين .. و الاسم " بيتهوفن " ، رغبَ في النسيان ، و ضغطَ على أمور أخرى .لم يرغب في نسيان المسمى بيتهوفن لأنه بالأساس خطرَ على عقله في لحظة سريعة جداً ، ربما دون إلقاء اهتمام لهُ ، لكنه .. و عن طريق الضغط على نفسه ، نسي الأمور الثالثة ، وما تمخض عنه تفكيره عندما دار حولهما . كراهية التفكير بأمر ما ، دفعته إلى هز أمر آخر و إبعاده ، لأن عقله كان يستطيع إبعاده في تلك اللحظة ، ولو أنه لا يجد القدرة على إبعاد الفكرة الرئيسة ، ربما كان حالنا أيسر و أبسط ، لو كان أمر النسيان يتعلق بنفس الموضوع ، وبعد ذلك عاد الطرف الآخر ( نون ) للحديث عن القنابل النووية و تأثيرها في العالم ، وتطرق إلى موضوع الموت مرة أخرى .
.
.
.
5- علاقة معقدة نشأت بين الاسم المنسي و الأسماء المُبدلة ، بدايةً علاقة ألمانيا بآينشتاين و كذلك الفن المُهمل و ليوناردو دافنشي و أرتبط ذلكَ في سلسلة سأشرحها الآن .

.
.
.
http://zidanff5.jeeran.com/!web1.jpg
.
.
أنشأ التفكير في أمور متعددة والخوض في ثيمات متفرقة سلسلة معقدة حفظها العقل الباطن ، وعندما ضغط رفيقنا على عقله لينسى الحلقة الثانية من السلسلة ، اضطر إلى الضغط على فقرة بيتهوفن و إلغائها من الذاكرة ،من عقله المباشر ( ولعلي أن أدعوه الخارجي ) ، وبقيت تعمل في الداخل .
.
.
سألخص العلاقة التي وقعت ، قاد الحديث عن الجنس ، وانشغال صاحبنا في موت صديقه في ألمانيا ، إلى نشوء فكرة أو ثيمة سابقة ، لم يستطع طرحها ، و ارتباط الموضوعات الثلاثة قاده ( بحكم ثقافته العالية ) إلى بيتهوفن و موته ، وكيف عاش في لحظة سريعة و لندعها ( Flash Back ) لما كان يعلمه سابقاً بشكل سريع جداً ، ثم وصل إلى دافنشي ، سيد الفن ، أما موضوع النووي الذي طُرقَ أخيراً والعلاقة التي لا يمكن إهمالها لهُ مع آينشتاين ، والموت الذي يجب أن يطرق في تلكَ اللحظة ، قاده إلى إقامة سلسلة بين الثلاث علاقات .
.
.
.
قَبل أن أنهي هذا المبحث ، يفترض بي أن أتطرق بشكل سريع جداً إلى مثال السيد فرويد ، والأكثر تعقيداً في الربط ، وفي الواقع ، النفس أمورها أكثر تعقيداً مما نتصور ، لذلك اخترت أن أبني مثالاً أبسط للفهم ، و أسرع للاستيعاب ، والآن سأطرح مثال فرويد للاستزادة :
كان فرويد في رحلة مع شخص غريب المهم في الحكاية أنهما تطرقا لأحاديث كثيرة ، تتشابه في تسلسلها مع ما طرحت أعلاه ، و لُخصت في الشكل التالي :

.
.
http://zidanff5.jeeran.com/!web2.jpg
.
.
.
نلاحظ هنا ، أن فرويد ركز بشكل أو بآخر على تركيب الأسماء و كتابتها ، بينما حاولت بالأعلى ربطها من ناحية فِكرية أكثر ، في الواقع ، أن الربط الحاصل عند فرويد هو الأكثر حضوراً ، بما أن أغلبية المجتمع لا تهتم مثلاً بمعرفة المزيد حول دافنشي مثلاً أو بيتهوفن ! ، يسرد فرويد أن الحديث تسلل من اللوحات الجدارية ، إلى عادات شعب ( التوركس ) و ارتباط الموت بالجنس عندهم ، وموت مريض لفرويد ، وحديث صديق قديم عنهم ، و ذكر كلمات مثل بوسنيا و ترافيو ( بلد ، و مدينة ) في الحديث ، عند التطرق عن الترك ، و بذلك ، تسلل فرويد عبر سلسلة إلى الاسمين ( بوتشيلي و بوترافيو ) بدلاً عن سيجنوريلي الذي كان يود الحديث عنه بالأساس .
.
.
.
فصل سيجنورلي : إلى سيجنور (، و يلي ) و بسبب معرفته العريضة باللغات ترجم عقله مباشرةً كلمة سيجنور إلى المعنى الألماني وهو ( هِر ) Herr ، و في الحديث جاءت كلمة بوسنيا التي تبدأ بما يشابه نطقاً كلمة ( هِر ) و في فترة وجود فرويد في ألمانيا حدثه زميل من الترك عن تجربته الطبية هناك بادئاً ب : " Herr, what can I say, " و تحدث عن الإيمان الذي يحملونه في الجنس و ارتباطه بالرب و علاقة الموت بهما ، و عندما انقلب الحديث ربطه بالموت ، حاول طرد الأفكار و بعدها عندما تحول الحديث إلى الرسوم الجدارية على جدران مدينة ترافوي ، و عندها ارتبطت المدرسة التي درس فيها بوترافيو في ترافوي ! ، و منه عاد إلى بوسنيا ثم إلى بوتشيلي ، لن أسهب في شرح مثال فرويد ، أحتاج إلى المزيد من المساحة لذلك .
.
.
.
الآن لعلي أن ألخص ما سبق وذكرته في النتائج التالية :

.
.

نزعة ثابتة لنسيان مُتعلق؛ كبت و إخماد حصل قبل محاولة التذكر؛ احتمالية الربط بين الاسم المنسي و الفكرة المرغوب بطردها بشكل خارجي ( أي أنا نطق الاسم سيذكره بالموضوع السابق ). السبب الأخير ، في الواقع نتيجة للسببين الأولين ، لذلك لا يجب أن نبالغ في تقديره ، السؤال المهم ، هل الربط بين المسمى الخارجي والموضوع المستثنى ،، وفي الغالب قد لا يكون كافياً بالنسبة للبعض أن تكون علاقة جانبية وجداً بسيطة بين موضوع ، و موضوع لاحق ، داعيةً إلى نسيان الاسم ، في الواقع ، نعم ، ربما تكون علاقة بسيطة كهذه ، سبباً مباشراً لذلك ، و ببساطة حالة فرويد الواقعية تماماً هي أكبر مثال على هذا .
السؤال هُنا ، هل حالة هذا (الفلان) بالأعلى ، أو حالة فرويد ، حالة عامة ؟ أم استثنائية ؟ في الواقع، إن حالة نسيان اسم، واللجوء إلى مسميات أخرى ، غالباً شائعة ، وهي ما يغلب على بقية الحالات ، والسبب الرئيسي دوماً هو " الكبح " لفكرة معينة .
.
يجب أن أذكر كذلك ، أن وجود اسماً بديلاً قد ينشأ بشكل عفوي ، مختلف عن العلاقات أعلاه ، ربما كان العقل مشغولاً بالتفكير به لحظة الحديث ، أو استعدى اهتمامه قريباً ، أو تعامل معه لفترة طويلة . إذن : ينشأ الاسم البديل عن :
.
.
1- جذب اهتمام العقل إليه في الفترة المقاربة لفترة النسيان .
2- العلاقات المُعقدة التي خضنا فيها أعلاه .
.
كبح الأفكار ، سبب لعدة أشكال من النسيان ، وهذا أحدها ..

.
.
.
.
.
.


:)
الموضوع القادم : الأحلام ( مُحفّزات و تفسيرات )