المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : انجاز كبير يحسب للبنانيين



monasir88
11-03-2005, 11:02 PM
قلبت المظاهرة المليونية التي نظمها حزب الله في ساحة رياض الصلح في بيروت المعادلات السياسية السائدة رأسا علي عقب، واثبتت ان الشارع اللبناني في معظمه يرفض الديمقراطية الامريكية ويتمسك بسلاح المقاومة، مثلما اثبتت ان حزب الله ما زال القوة الرئيسية ذات الحجم الاكبر في الساحة اللبنانية.
قبل المظاهرة المليونية كان الانطباع السائد في لبنان ان المعارضة ستهيمن بالكامل علي مقاعد البرلمان اذا ما جرت انتخابات نيابة في موعدها المقرر، علي اساس ان الشارع اللبناني الذي فجع باغتيال الراحل رفيق الحريري سيترجم غضبه بانتخاب مرشحيه في هذه الانتخابات، ولكن هذا الانطباع، ومثلما ثبت من خلال المظاهرات والمظاهرات المضادة، كان غير واقعي وربما مبالغا فيه.
مطالب المعارضة في السيادة ووقف التدخلات الامنية والسياسية السورية في الشأن اللبناني مشروعة، ولكن ما هو غير مشروع محاولات بعض فصائل هذه المعارضة استبدال النفوذ السوري بالنفوذ الامريكي، الامر الذي اعطي الخصوم ورقة قوية، استخدمت بعناية، للتشكيك في وطنيتها.
القيادة السورية حققت انتصارا معنويا كبيرا، ونجحت في الحصول علي مخرج مشرف لقواتها من لبنان من خلال مظاهرة حزب الله ، وكلمة السيد نصر الله القوية المعبرة التي اشادت بالدور السوري في حماية وحدة لبنان ووقف الحرب الاهلية، وتحرير اراضيه، جاءت بمثابة رد اعتبار لسورية واعتراف بجميلها، في توقيت علي درجة كبيرة من الاهمية.
الامر المؤكد ان الامريكيين شعروا بخيبة امل كبري، وهم يشاهدون مئات الآلاف من اللبنانيين يتدفقون الي ساحة رياض الصلح في بيروت، وبعد يوم واحد من مظاهرة المعارضة التي شارك فيها عشرات الآلاف فقط. فقد اعتقدوا ان طموحاتهم في الديمقراطية حسب المواصفات التي وضعوها قد بدأت تتحقق، ولكنه اعتقاد لم يكن في مكانه علي الاطلاق.
ان اكبر طعنة تعرضت لها المعارضة اللبنانية جاءت من الولايات المتحدة واسرائيل، الاولي عندما اعربت عن سعادتها بهذه المعارضة ومظاهراتها وانجازاتها التي تمثلت في الاطاحة بالحكومة، وعملت علي الترويج لها باعتبارها انجازا امريكيا، والثانية اي اسرائيل، عندما سربت انباء في صحفها عن وصول وفد يمثل هذه المعارضة الي تل ابيب واجرائه مفاوضات مع قيادتها.
الدكتور سعد الدين ابراهيم المعارض المصري الليبرالي كان ابرع من عبر عن هذه المسألة في مداخلته امام مؤتمر الديمقراطية والارهاب الذي بدأ اعماله امس في مدريد، عندما ناشد الولايات المتحدة ان لا تتدخل لدعم زميله المعارض ايمن نور المعتقل حاليا في القاهرة، او اي اصلاحي آخر، وان عليها ان تدعم مبادئ الاصلاح لا الاشخاص. واعترف بان الدعم الامريكي له، والتدخل لاطلاق سراحه، قد الحق ضررا كبيرا به وقضيته.
لبنان كان في الاسابيع الثلاثة الماضية معمل اختبار لنوعين من الديمقراطية، الاول يمثل الطريقة الامريكية ونماذجها في العراق وافغانستان وفلسطين المحتلة، والثاني يمثل الرأي العام العربي الذي يريدها ديمقراطية تستند علي القيم العربية والاسلامية، وتعارض كل اساليب الهيمنة الامريكية والاسرائيلية، والانظمة الدكتاتورية القمعية الفاسدة.
المعركة بين هذين النموذجين مازالت في بداياتها، ومن الصعب القول ان هذا النموذج انتصر او الآخر انهزم. فطالما هناك احتلال اسرائيلي وجشع امريكي للسيطرة علي النفط ومنابعه وامداداته والتحكم باسعاره، ستظل هذه المعركة مستمرة.
الادارة الامريكية ستعمل علي الالتفاف علي مظاهرة حزب الله المليونية، ليس من خلال الضغط علي حزب الله وانما علي القيادة السورية. فهي تستند الان الي ورقة علي درجة كبيرة من الاهمية، وهي القرار الدولي رقم 1559، وتحت ذريعة هذا القرار ستعتبر كل ما تقدمه سورية من تنازلات غير كاف.
مظاهرات الموالاة والمعارضة في لبنان تظل ظاهرة ديمقراطية صحية. تخدم مسيرة الاصلاح التي يتطلع اليها الانسان العربي. فقد اكدتا ان الشارع العربي مازال حيا ولم يمت. ويستطيع اذا ما تحرك ان يغير قواعد اللعبة في هذا الاتجاه او ذاك، وهذا في حد ذاته تطور ايجابي كبير يجب تقديم الشكر للشعب اللبناني علي تحقيقه بشقيه المعارض والموالي



http://www.alquds.co.uk/live/data/2005/03/03-09/a37.jpg