المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : احذروا... بعض علماء السلطان يدافعون عن أعداء الأمة



عزة الاسلام
18-03-2005, 05:33 AM
الحمد لله، والصلاة والسّلام على رسول الله وعلى آله.

وردت نصوص كثيرة تبّين فضل العلماء, وتحذّر من انتهاك أعراضهم، لكن الذي يجب أن يُعلم أن العلماء ليسوا على درجة واحدة فهم يتفاوتون باعتبارات كثيرة, ولهذا جاءت آثار تحذّر من بعض تصرفات العلماء.

ومن ذلك قول عمر رضي الله عنه: (هل تدري ما يهدم الإسلام؟)، قال زياد بن جبير: لا، قال: (يهدم الإسلام: زلَّة العالم, وجدال المنافق بالكتاب, وحكم الأئمة المضلّين).

واعلموا - رحمكم الله تعالى - أن العلماء ثلاثة أصناف:

الصنف الأول: عالم أمَّة:

وهو العالم التابع لآراء الجماهير, العامل لمرضاتهم، المجتهد في تحقيق رغباتهم, وهذا في الحقيقة ليس هو العالم الّذي مدحه الله ونبيه صلي الله عليه وسلم.

وليعلم كلّ عالم وكل طالب علم أنّ أسمى الأماني هو نيل مرضات الله تعالى ولو في سخط النّاس, فإذا رضي الله على إنسان أرضى عنه الناس, وإذا أحبّ الله عبده أمر أهل السماء أن يحبّوه وعلى رأسهم جبريل عليه السلام، ثمّ يجعل له القبول في الأرض.

أمّا من عمل من أجل إرضاء النّاس فالمآل هو سخطهم عليه, إذ إرضاء الناس غاية لا تدرك أبدا كما قدّر الله تعالي.

وكثيرة هي الفتاوى والآراء من بعض المتصدرين، منطلقها هو تحقيق رغبات الناس, وعملهم يشبه إلى حدَّ بعيدا حِصص ما يطلبه المشاهد.

فكان من هؤلاء أن ربّوا بعض أصناف الأمة أن يبحثوا عمّن ينصر آراءهم ويصوّبها من العلماء والمشايخ والدّكاترة, فإذا وجدوا عالما خطّأهم بالحجة ووجّههم وأرشدهم إلي الحقّ حطُّوا من قدره ولاموه, لأنهم اعتادوا أن يجدوا من بعض المتصدرين من يلبِّي رغباتهم.

فليتّق الله هذا الصنف ولا يتكلم إلا بالبينة ويعرض نفسه قبل الكلام على الجنّة أو النّار، والله المستعان.

الصنف الثاني: عالم دولة:

وهو العالم التّابع لأوامر الحكّام، العامل لترسيخ كراسيهم وسيطرتهم على الشعوب المسلمة, المجتهد في تحقيق رغباتهم وتصويب سياساتهم مهما كانت, وهؤلاء منهم العلماء الرسميون كما أنّ هناك علماء غير رسميين.

نجد هؤلاء يدندنون كثيرا حول وجوب طاعة ولاة الأمور, وعدم الخروج عليهم مستدلين بأقوال السلف, وفي صنيعهم هذا تدليس وتلبيس على الأمة.

علماء السلف الذين رغّبوا في طاعة الولاة في المعروف, ورهّبوا من الخروج عليهم، ماهي أوصاف هؤلاء الولاّة، وبماذا كانوا يحكمون؟

أما حكام زماننا فمذهبهم المشترك هو فصل الدين عن الدولة، أي تعطيل شرع الله والحكم بالقوانين الإلحادية الكافرة وفرضها على الأمة، ومظاهرة الكفّار على المسلمين، وزج أهل الحق في السجون، وتقديم أهل المجون في المناصب و...

هل السلف بأقوالهم كانوا يعنون أمثال هؤلاء الحكام؟ مالكم كيف تحكمون؟ أم أنكم تتجاهلون؟

وإن ممّا زاد الطين بلّة - كما يقولون - فتاوى ومواقف هذا الصنف من العلماء بخصوص المحن التي تعيشها الأمة في هذا الزمان. هذا الزمان الذي قال فيه إمام الكفر والكافرين؛ ان ثمت معسكران لا ثالث لهما "إما معنا أو علينا"، اختار حكام المسلمين صف إمام الكفر ودافع هذا الصنف من العلماء على هذا الاختيار.

وإلاّ فماهي مرجعية الفتاوى التي قالت؛ أن المقاتلين في العراق خوارج وأن الحكومة المؤقتة هي حكومة شرعية؟ أصار هذا العالم سياسيًّا ينظر بمعيار السيّاسة الميكيافيلية في عوض أن ينظر بعين القرآن والسنّة؟

فماذا إذاً عن الجهاد الشّيشاني؟ أهو كذلك من أعمال الخوارج لاسيما وأن للشّيشان حكومة موالية لروسيا، كما أن للعراق حكومة موالية لأمريكا؟

ماذا عن فتوى العلامة إبن عثيمين "رحمه الله" والتي فيها مايلي: (أنا لا يحزنني أن يموت رجل من الشّيشان أو إمرأة من الشّيشان أو طفل من الشّيشان لأنهم إن شاء الله شهداء ولكن الذي يحزنني كثيرا والله سكوت الدول الإسلامية عن هذا، الواجب أن تقطع العلاقات مع روسيا من كل وجه، ولو فعلوا ذلك لوقفت روسيا عن حدّها، ولن يضرّهم شيئا، ولكن مع الأسف أن الدولة الإسلامية وأعني بذلك رؤوس الدول الإسلامية دعنا من الشعوب - الشعوب قد يكون لها حماس وغيرة لكنها ما تستطيع - ساكتة لا تتكلم، هذا والله الذي يحزنني، جمهورية مسلمة فتية حديثة يفعل بها هذه الأفاعيل ونسكت).

أذاعت قناة الجزيرة يوم 25/07/2004 كلمة للبابا الفاتيكان يحرّض فيها الحكومات الكافرة ضد السودان بحجة استعانة سكان دارفور.

أين العلماء من مثل هذا التحريض ومعانات المسلمين كلّ يوم تزداد في شتى البقاع, أصار هذا البابا أكثر شجاعة وجرأة من علماءنا؟ أم سيتذرعون لنا؛ أنّ الحكمة تقتضي... والمصلحة تقتضي... وهذا من الأناة... - كلمة حق أريد بها باطل-

أناشد العلماء؛ أن يقفوا في صف المجاهدين, لا أن يحموا ظهور الكافرين المحاربين بفتاوى غريبة شاذة.

ما عرفنا منكم في هذه المرحلة العصيبة إلاّ الشّجب والإنكار عن طريق البيانات المكتوبة أو الطّاولات المستديرة عبر الشاشات والإذاعات ضدّ إخواننا المجاهدين.

وإن كان بعض المجاهدين ارتكبوا أخطاء عملية في بعض المناطق فهم ينتظرون منكم الإشارة والتوجيه, لا إجهاض أعمالهم ونبزهم بالألقاب وتحريض الحكومات ضدّهم، فإنّ هذا من أعظم الخذلان، حتىّ صار الأمريكان يستبشرون ويفرحون بفتاويكم.

أين هذا الشجب والإنكار عما يحصل في سجون المحارب، سواء في سجن أبو غريب أو سجن غوانتناموا أو في سجون الحكومات العميلة سواء في المملكة السعودية أو الأردن أو غيرها؟

أين هذا الشجب والإنكار عما يحصل لإخواننا المسلمين في العراق عموما والفلوجة خصوصا؟ أين هذا الشجب والإنكار عما تفعله الحكومة السعودية من اعتقالات التي طالت علماءنا؟

وأما عن الوفد الذي ذهب إلي بريطانيا المحاربة من أجل - كما يزعمون - إظهار سماحة الإسلام، فنقول لهؤلاء؛ هذا معارض لفقه الأولويات الذي تُدندنون حوله, كنّا ننتظر منكم أن تخاطبوا حكومة هذا البلد المحارب وشعبه أن يكفوا أيديهم عن المسلمين، وفي حال استمرار حربهم واعتداءاتهم ضد المسلمين، فالمسلمون مخاطبون من الله تعالى بقوله: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم)، وليسوا مخاطبين بكلمة "من ضرب خدّك الأيمن فأدر له خدّك الأيسر".

أضع بين يدي هذا الصنف من العلماء بعض التساؤلات ليجيبوا عنها وإنّا منتظرون, نريد أجوبة صريحة واضحة مدعمة بالدليل على فهم السلف الصالح، ولا نريد أجوبة ملتوية:

1) ماهو حكم القوانين الوضعية المعارضة والمناقضة لشريعة الرحمن؟

2) ماهو حكم من نحّى شريعة الله تعالى وعاقب من دعا إليها؟

3) ماهو حكم من خرج عن حكومة نحّت شريعة الله تعالى وحكّمت شرائع الكفر؟

4) من هو الخارجي، ومن هو الباغي؟

5) ماهو حكم من دافع على هؤلاء الحكّام، وحارب من خرج عنهم وعليهم؟

6) ماهو حكم من برّر تقتيل من خرج عليهم؟

7) ماهو حكم من ظاهر الكفار الأصليين على المسلمين بمال أو كتابة أو معلومة أو جنود أو عتاد؟

8) ماهو الواجب على المسلمين إذا احتلّ الكافر أرضهم؟

9) هل أ حكام جهاد الدفع كأحكام جهاد الطلب؟

10) إذا استعمل المحارب أرضاً مسلمة ليغزو من خلالها أرضا أخرى للمسلمين، هل يكون معاهدا في الأرض الأولى؟

11) ماهو حكم من ساعد الكفار في غزوهم أراضي المسلمين؟

12) من هو المعاهد وماهي شروط المعاهدة؟

13) من هو الذمّي وماهي أوصافه؟

14) من هو المستأمن وما هي شروط الأمان؟

15) وماهو حكم الحكومات التي نصبها المحارب في الأراضي التي غزاها ولا يزال فيها؟ هل هي حكومات شرعية مع أنها ليست فقط تحكم بالقوانين الوضعية بل هي خطّ الدفاع الأوّل للاحتلال؟

16) ماهو حكم من قاتل هذا المحتلّ والحكومة الموالية والمدافعة عن المحتل؟

17) ماهي الجزيرة العربية التي عناها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

18) ماهو حكم إقامة المحارب في هذه الجزيرة؟

19) قوله صلى الله عليه وسلم: (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب)، الخطاب موجّه إلى من؟

20) من أدّعى أنّه موجّه إلى الحكام خاصّة بأي دليل خصّص؟

21) إذا كان الحاكم لم يخرجهم بل حماهم وأمر بحمايتهم وعاقب من طلب بإخراجهم، أيطاع حينئذ؟

22) فما حكم من أمر بطاعة الحاكم في هذه المسألة وغيرها من المسائل المناقضة للشّرع؟

23) ما هو ضابط الوسطية التي يدندن حولها الكثير؟

24) هل الوسطية تعني الانفلات عن الشريعة؟

25) هل الوسطية تعني مظاهرة الكفار ضد المسلمين؟

26) هل الوسطية تعني السكوت عن هذه القوانين الكافرة وعن تعطيل شريعة الله تعالى؟

27) هل الوسطية تعني الترحيب بالغزات وتعطيل الجهاد؟

28) هل الوسطية والاعتدال أن نضع أيدينا بأيدي الكفار بحجة حوار الحضارات أو حوار الأديان أو التّعاون على المصالح المشتركة, وفي المقابل تشويه قضايا المجاهدين ونبزهم بالألقاب؟

29) هل محاربة التطرف والإرهاب يعني قمع الجهاد في الشّيشان وأفغانستان وكشمير وتعطيله في فلسطين والعراق؟

30) ما هو دور العلماء في هذه المرحلة؟

قال عطاء الخراساني: (كان العلماء قبلنا استغنوا بعلمهم عن دنيا غيرهم، فكانوا لا يلتفتون إلى دنياهم فكان أهل الدنيا يبذلون لهم دنياهم رغبةً في علمهم، فأصبح أهل العلم منّا اليوم يبذلون لأهل الدنيا علمهم رغبة في دنياهم فأصبح أهل الدنيا قد زهدوا في علمهم لمّا رأوا من سوء موضعه عندهم، فإيّاك وأبواب السلاطين فإنّ عند أبوابهم فتنا كمبارك الإبل لا تصيب من دنياهم شيئا إلا أصابوا من دينك مثله).

أقول: فماذا لو رأى علماء زماننا، فالله المستعان ما أعظم ما قد حلّ بالعلماء من الفتن وهم عنه في غفلة.

قال مالك بن دينار: (إنّكم في زمن أشهب، لا يبصر زمانكم إلاّ البصير، إنّكم في زمان نفخّاتهم قد انتفخت ألسنتهم في أفواههم وطلبوا الدّنيا بعمل الآخرة فاحذروهم على أنفسكم لا يوقعوكم في شبكاتهم. يا عالم تأكل بعلمك, يا عالم أنت عالم تفخر بعلمك, يا عالم أنت عالم تكاثر بعلمك يا عالم أنت عالم تستطيل بعلمك, لو كان هذا العلم طلبته لله لرُئي ذلك فيك وفي عملك).

الصنف الثالث: عالم ملّة:

وهو العالم الرّبّاني المتّبع للنّص، العامل لمرضاة الله تعالى، المجتهد في معرفة الحقّ، وهو العالم الرّبّاني الّذي لا يخلو زمان منه, رحمة من الله تعالى وفضل.

من أوصافه:

<LI>أن تتمثّل فيه صفة العالم.

<LI>أن يعمل بعلمه على قدر الاستطاعة.

<LI>أن يدعو إلى الحق الذي يعرفه ويعلمه.

<LI>أنّه يخشى الله فلا يقول على الله إلاّ الحق فإن خاف على نفسه سكت ولا يفتري على الله الكذب وهو يعلم.

<LI>أنّه يصدع بالحق يوم الحاجة، ولا يكتم ما أوجب الله إبلاغه وأنّه لا يداهن في دين الله تعالى ولا يخلط بين المداهنة والمداراة.

<LI>أن لا يبرر جرائم أهل الطّغيان، ويجعل المفسدين في الأرض كالمصلحين.

<LI>أن يقود الأمة ويوجّهها إذا فقدت الأمة القائد والإمام.

ولا يزال لهذه الأمّة علماء ربّانين ولله الحمد والمنّة، وحتىّ لا ننسى أذكر عالمين هما "العلاّمة الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي، والعلاّمة نظام الدّين شمياز" رحمهما الله.

فنسأل الله تعالى أن يرحمهما ويسكنهما فسيح جنانه.

ومن درس التأريخ الإسلامي وجد أسماء تكتب بماء الذّهب.

كما نسأل الله تعالى أن يوفّق الأحياء منهم ويسددهم ويحفظهم ويفرج كرباتهم ويخرج المسجونين منهم من سجون الطواغيت إنه سبحانه سميع مجيب.

فعلى الأمة أن تسير وراء هذا الصنف ولتصبر معه, ولتحذر من الصنفين الآخرين, ولتعلم الأمّة أن النّصر مع الصبر, وأن الفرج مع الكرب, وأن مع العسر يسر, فوعد الله حق؛ أن ينصر من نصره.

اللّهم منزل الكتاب, ومجري السحاب, وهازم الأحزاب, اهزم الكافرين الغزاة ومن والاهم وانصرنا عليهم... آمين.

وصل اللهم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدّين.