المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإخــــــوة في أوقات الشدِّة



alnajrani 4 u
22-03-2005, 08:28 PM
بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى
وبعد:

في أوقات الأزمة والشدائد يضحي المؤمن القابض على دينه كالقابض على جمرة، بينما يتخلى الضعفاء والمنافقون عن دينهم مقابل زيف من الحياة وزخرف زائل،عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ويل للعرب من شر قد اقترب، فتناً
كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، يبيع قوم دينهم بعرض من الدنيا قليل, المتمسك يومئذٍ بدينه كالقابض على الجمر، أو قال: على الشوك) رواه أحمد وفي رواية الترمذي،
عنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يَأَتِي عَلَى النّاسِ زَمَانٌ الصّابِرُ فِيهِمْ عَلَى دِينِهِ كالقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ». هؤلاء القابضون على دينهم يتعرضون لأقسى أنواع الابتلاءات في سبيل الله ، لا يبدلون حين يبدل الناس ولا يخشون الأمم مهما اجتمعت، بل يزيدهم اجتماع الأمم إيمانا وثباتا ويقينا،ولا يزالون على الحق ظاهرين ، لا يضرهم من عاداهم ولا ما أصابهم من اللأواء والبلوى
قال: ( لا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يبالون من خالقهم أو خذلهم حتى يأتي أمر الله عزّ وجلّ). وهم متمسكون بدينهم، ويتحملون في سبيل تبليغه أقسى أنواع المحن والشدائد، ولا يخافون في الله لومة لائم..

هؤلاء المجاهدون غرباء في هذا الكون ولكنهم يحملون أسمى فكرة، ويجاهدون في سبيل ،بأموالهم وأنفسهم، وينشرون دعوته بين الناس لتكون كلمة الله هي العليا، رغم غربتهم في هذا الكون،

قال رَسُولَ الله : ( إِنّ الدّينَ بَدَأَ غَرِيباً وَيَرْجِعُ غَرِيباً فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ الّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النّاسُ مِنْ بَعْدِي مِنْ سُنَتِي)
فالداعية الصادقُ غريبٌ بين أناس يبحثون عن متع الحياة الدنيا، فيما هو يبتغي وجه الله ويسعى لرضائه مطبقا منهجه متوخيا أحكامه وتكاليفه بكل حب وعزيمة، فتكون عزيمته أقوى من الجبال، ومحبته للمؤمنين أرحب من البحار، وبهذه النفس يكسر حاجز الغربة مع إخوانه الغرباء لأن أرواحهم تتسامى في هذا البحر المتلاطم وترتبط وتتآلف برباط العقيدة، ويملؤهم الإيمان بأنوار حب رباني، يجعل الواحد منهم يؤثر إخوانه على نفسه ويخصهم بالفضل دون نفسه، فتتقوَّى وحدة الجماعة وتستحقُّ أن تسود وسط الأمم، وتخرج من غربتها؛ ليكون أبناؤها أساتذة العالم وقادته، فالأخ بإخوانه المؤمنين مهما تكالبت عليهم الأمم، وهم بأخوتهم وصبرهم وإيمانهم أقوى من كل المحن، وما يقع عليهم من البلوى والمحن والفتن والشدائد اختبار من الله لقياس إيمانهم وصبرهم وتثبيتهم على الحق،
ولنا في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فحين آخى بينهم صلى الله عليه وسلم تسارعوا إلى البذل والعطاء، وجادوا بالغالي والنفيس في سبيل تحقيق معنى الأخوة الصادقة التي بنيت على الإيمان والتقوى فأنشأت أمة دانت لها الدنيا،

قال تعالى فيهم" والذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة،ومن يوق شحَّ نفسه فأولئك هم المفلحون.والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم (الحشر9/10).
وقد بين الله سبحانه وتعالى صورة ضدية مقابلة للكافرين لينفرنا منهم، وليحببنا ويرغبنا في عمل الصحابة المتقين، ففي المقابل يصور حال الأخوَّة التي انبنت على الغش والنفاق ،
قال تعالى (ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجنَّ معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون. لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروههم ليولنَّ الأدبار ثم لا ينتصرون" ( الحشر11/12)
فأخوة الكافرين والمنافقين زائفة ترتكز على المصلحة العاجلة يملؤها الزيف والخداع والأثرة وتربُّص الدوائر، وهم إن تخلوا عنهم في الدنيا سيتخلون عنهم لا محالة في الآخرة لأن الأخوة الحقيقية هي
أخوة العقيدة،?الأخلاَّء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين? الزخرف:67

اللهم اجعلنا من عبادك المتقين.

alnajrani 4 u
22-03-2005, 08:29 PM
الأخوة الحقيقية الصادقة إيثار وتكافل ومحبة للإخوان جميعا، وسلامة صدر، ودعاء صادق في ظهر الغيب، وتناصح في مودة، وتزاور في محبة ، ومواساة في رحمة، وخضوع أخوي، وتذلل وتراحم وصلة وقضاء حوائج، وثقة في طمأنينة، إنها بذل وعطاء ماديا ومعنويا ،لا ينضبان؛ ونحمد الله تعالى على هذه النعمة العظيمة حيث اجتمعنا يا أحبابنا في الدعوة على محبة الله وطاعته وتعاهدنا على نصرة شريعته، فقلوب الإخوان المؤمنين تتآلف بإيمانها وطاعة ربها في الدنيا والآخرة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ? قَالَ: «الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنّدَةٌ. فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ. وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ». مسلم ، وتعارف المؤمنين يكون عبر إيمانهم وإخلاصهم وحبهم لرسولهم الذي أوصاهم دائما بإخوانهم حيث قال عن أنَسٍ عن النبيّ ? قال: «لا يُؤْمِنُ أَحدُكُمْ حتى يُحِبّ لأِخِيه ما يُحِبّ لِنَفْسِهِ». ولن يكتمل إيمان الواحد منا إلا إذا احب الخير لإخوانه، فلنكن جسدا واحدا تنكسر عليه المحن والصعاب.

نحن يا إخواننا الأحباب،

أحوج ما نكون إلى الأخوَّة لأنها أحد أهم أركان البناء الإسلامي، وبدونها تدب الفرقة والضعف، تفكروا في قول الله تعالى واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا) فلنعط الأخوة حقها كاملا غير منقوص لتتآلف القلوب، وتزداد المحبة، عَنِ النّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ? : «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ, مَثَلُ الْجَسَدِ. إِذَا اشْتَكَىَ مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَىَ لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسّهَرِ وَالْحُمّىَ». ولتعلموا يا إخواننا الأحباب أنَّ في علاقاتنا الأخوية رضاء لربنا، اسمعوا المصطفى? وهو يبشر المؤمنين المتحابين قال عبادة بن الصامت: سمعت رسول الله ? يروي عن ربه تبارك وتعالى أنه قال:


«حقت محبتي على المتزاورين فيّ، وحقت محبتي على المتباذلين فيّ, على منابر من نور، يغبطهم بمكانهم النبيون والصدّيقون».

أيها الإخوة الأكارم
أيتها الأخوات الفضليات

لا تغفلوا هذه القيم الإنسانية الإسلامية النبيلة، ولتتزاوروا في المناسبات وفي غير المناسبات، لتتقوى روابط الأخوة والمحبة، ولتتفقدوا أحوال بعضكم البعض، وليحنو القوي منكم على الضعيف والغني على الفقير، ولنترفع عن ذكر بعضنا بالسوء ولنحسن ظننا بإخواننا، ولنترفع عن الأحقاد والضغائن، ولنتعاون فيما اتفقنا عليه وليعذر بعضنا البعض فيما اختلفنا عليه، لنقتديَ بالرسول r ونكون مثل صحابته الكرام، الذين قال فيهم الله تعالى )محمد رسول الله والذين آمنوا معه أشداء على الكفار رحماء بينهم)

alnajrani 4 u
22-03-2005, 08:31 PM
لقد التفت الإمام البنا (يرحمه الله تعالى) إلى معنى الأخوة حيث عدها من أركان البيعة، حيث قال:وأريد بالأخوة أن ترتبط القلوب والأرواح برباط العقيدة، والعقيدة أوثق الروابط وأغلاها؛ والأخوة أخوة الإيمان والتفرق أخو الكفر؛ وأول القوة الوحدة، ولا وحدة بغير حب، وأقل الحب سلامة الصدر، وأعلاه مرتبة الإيثار(ومن يوق شحَّ نفسه فأولئك هم المفلحون) والأخ الصادق يرى إخوانه أولى بنفسه من نفسه، لأنه إن لم يكن بهم فلن يكون بغيرهم، وهم إن لم يكونوا به كانوا بغيره؛ وإنما يأكل الذئبُ من الغنم القاصية، والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعض?والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض? وهكذا يجب أن نكون أيها الأخوة الأحباب، يا أبناء دعوة السماء، أولياء بعضنا، تجمعنا العقيدة، ويؤلفنا الإيمان ولنسمع إلى قول حبيبنا المصطفى? عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ?: «إنّ مِنَ العِبَادِ عِباداً يَغْبِطُهُمْ الأنْبِياءُ وَالشّهَداءُ» قِيلَ: مَن هُم يا رسول الله؟ قال: «هُم قومٌ تَحابّوا بِرُوحِ الله عَلى غيرِ أمْوَالٍ وَلا أنْسَابٍ, وُجُوهُهُم نُورٌ ـ يَعْني عَلى مَنَابِرَ مِن نُورٍ, لا يَخَافُونَ إنْ خَافَ النّاسُ, وَلا يَحْزَنُونَ إنْ حَزِنَ النّاسُ, ثُمّ تَلا هَذِهِ الآية: {ألا إنّ أوْلِيَاءَ الله لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}»
إنها والله نعمة عظيمة، أن تتآخى قلوبنا وتتلاقى على طاعة الله بلا مصلحة بيننا سوى طاعة ربنا وابتغاء رحمته، فتكون عاقبة المؤمنين المتقين منا جنات النعيم حيث لا فزع ولا خوف رغم ما نلاقيه من محن وشدائد في الحياة الدنيا.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

ألا هل بلغت اللهم فاشهد

alnajrani 4 u
22-03-2005, 08:33 PM
اللهمَّ أدم الحب والأخوة بين جميع المسلمين في كل مكان
ووحد جمعهم على دينك واحبب من يحبهم وانصرهم على من يعاديهم

اللهم اجمع بين إخواننا على محبتك وطاعتك وإليكم اللهمّ آمين


وأحبكم ويكاد يحملني الشوق من شغف إلى مرابعكم جميعا

ويكاد من فرحي يطير بكم فؤادي .


ويظل يهتف إخوتي إخوتي إني أحب جميعكم وجميعكم أحسبه يحب عقيدتي وعقيدتي ستجمعنا على حوض حبيبنا الهادي البشير

أخوكم الذي يحبكم جميعا ما أطعتم الله تعالى

alnajrani 4 u