د.اسامة الحاتم
27-03-2005, 04:37 PM
الأحلام
تعتبر الأحلام ـ علميا ـ من الظواهر الصحية الهامة لاحتفاظ عقلنا بلياقته أثناء النوم حتى لا يتكاسل حين نعود إلى اليقظة ، كما انها ترتبط بالصحة النفسية والتوازن العقلي للمرضى والأصحاء على حد سواء ، حتى لو كانت مجرد أحلام غامضة ، فالحلم يمثل فرصة ثمينة لقراءة وفهم كثير مما يدور داخل العقل الباطن ، وقد كانت الموضوعات المتعلقة بظاهرة الأحلام ولا تزال ، محل اهتمام متزايد من جانب الأطباء النفسيين ، وقد اتجهت الأبحاث الان إلى إخضاع الأحلام إلى دراسات وتجارب علمية لكشف الكثير من الغموض الذي يحيط بكيفية وأسباب حدوث الأحلام أثناء النوم، حيث يتم في هذه التجارب متابعة أشخاص من المرضى والأصحاء أثناء النوم ، مع توصيل أقطاب ترصد نشاط العقل والجهاز العصبي خلال مراحل النوم على مدى ليلة كاملة أو أكثر، وقد تبين أن الأحلام تحدث خلال مراحل معينة من النوم ، متزامنة مع حركة العين السريعة، ومدتها 10 دقائق تقريباً ، تتكرر بعدل مرة كل 90 دقيقة ، ولعل ذلك هو السبب أننا نحلم بأشياء متعددة أثناء النوم ليلاً غير أننا لا نتذكر سوى آخر هذه الأحلام قبل أن نستيقظ في الصباح ..
ويتم الحلم عادة على أحد مستويين : المستوى الأول هو استدعاء بعض الأحداث التي مرت بنا خلال اليوم، أو الأشياء التي تشغل بالنا قبل النوم مباشرة ، أما المستوى الثاني فإنه أعمق من ذلك ، ويتضمن الأفكار والرغبات والصراعات الكامنة في العقل الباطن من قبل ، بحيث ان الأشياء التي تظهر في أحلامنا عادة هي تعبير عن رغبات مكبوتة لا نستطيع إظهارها للآخرين في الواقع ، أو بعض التطلعات والأمنيات التي ليس بمقدورنا الوصول إليها عملياً، وتكون الفرصة متاحة أثناء النوم للتنفيس عن هذه الأشياء ، وهى من محتويات العقل الباطن بما يحقق لنا الإشباع الذي نعجز عنه في الواقع أثناء اليقظة.
وفي حين تعتبر الأحلام عادة تعبيرا عن حالة الصحة النفسية المتوازنة ، يعاني بعض المرضى المصابين بالاضطرابات النفسية المختلفة مثل القلق والاكتئاب والفصام، كثيرا من هذه الاحلام ، فالكوابيس ( Nightmares ) هي إحدى الشكاوى الرئيسية لمرضى القلق ، حيث تحول نومهم إلى معاناة أليمة لأنها دائماً تدور حول أحداث مخيفة مزعجة ، وفي مرضى الاكتئاب أيضاً تحدث الكوابيس بصفة متكررة أثناء النوم ويكون محتواها في كل الأحوال أحداثا تبعث على الاكتئاب فيصحو المريض من نومه ويستقبل يومه وهو في أسوأ حالاته النفسية ، أما مرضى الفصام فتظهر في أحلامهم الأشباح والأصوات المخيفة التي تطاردهم أيضاً في حالة اليقظة .
ومن الحالات المرتبطة بالأحلام ما يطلق عليه " أحلام اليقظة " ، وهي حالة تشبه الحلم لكنها لا تحدث أثناء النوم ، حيث أن الشخص ينفصل عن الواقع إلى حالة من التخيل تشبه الحلم ، فيتصور نفسه وقد حقق الكثير من الإنجازات ، أو يتخيل أنه يتقمص أحد الشخصيات المرموقة ، ويعيش في هذا الجو منفصلاً عن الواقع والظروف المحيطة به لفترات متفاوتة ، والمشكلة هنا هي أن هذه الحالة تعيق الشخص عن أداء مسؤولياته وتضيع طاقاته ووقته ، وتحدث هذه الحالة بصفة متكررة في الطلاب الذين يستعدون للامتحان، وفى المراهقين والشباب ، والناس الذين يعيشون حياة قاسية يهربون منها الى عالم الخيال والاحلام ... احلام اليقظة .
اما عن علاقة الأحلام بالتنبؤ بالمستقبل ، فلا يستطيع أحد أن يعلم الغيب وأحداث المستقبل إلا الله سبحانه وتعالى.. لكن السؤال الذي يظل مطروحاً هو : ما هي العلاقة بين الحلم وبين الأحداث التي تقع في المستقبل؟
وربما كان مبعث هذا السؤال هو أن هناك الآلاف من الأحلام كانت تدور حول أحداث وقعت في المستقبل ، ويؤكد كثير من الناس أن الأحلام التي رأوها في نومهم تحققت في الواقع فيما بعد في أكثر من مناسبة ، والتفسير العلمي للأحلام التي تحمل بعض النبوءات لا يزال محل جدل، غير أن الحقيقة العلمية تؤكد أن هناك علاقة بين العقل الإنساني والبيئة المحيطة ، وان هذا العقل يتفاعل مع الآخرين في شعور عام وغامض يطلق عليه : " العقل الجمعي "، يتأثر بالأحداث العامة مثل حالة الحرب أو الرخاء ، وقد يستشعر حدوث بعض الأشياء نتيجة توارث خبرات الانسان وعلاقته بالزمان والمكان..
واشهر الاحلام في تاريخنا وتراثنا الاسلامي البهي هي الاحلام التي وردت في القران الكريم في قصة يوسف عليه السلام ، فكانت رؤياه وهو صغير السن حول ما تحقق فيما بعد مع أبويه وأخوته ، ثم حلم فرعون الرمزي بالبقرات السمان والبقرات العجاف الذي تم تفسيره كإنذار مبكر بسنوات القحط والجفاف التي ستمر بها مصر، اما رؤيا الانبياء عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام ، فهي ـ كما يقول شيوخنا وعلماؤنا الاجلاء ـ وحي من الله عزوجل الى انبيائه الكرام ، الذين يتصرفون على اساس ان هذا الحلم هو امر الهي واجب التنفيذ ، فسيدنا ابراهيم عليه السلام ، هم بذبح ابنه اسماعيل ، بناء على الرؤيا التي رآها في المنام ، كما جاء في القرآن الكريم .
غير أن وصف بعض الأحلام بأنها " أضغاث أحلام " يدل على عدم أهميتها أو علاقتها المباشرة بأحداث المستقبل .. وفي تعاليم الاسلام أيضا ما يشير إلي ضرورة الابتعاد عن التشاؤم نتيجة لبعض الأحلام المزعجة ، وعدم توقع حدوث مكروه نتيجة لذلك في المستقبل ، فالرسول عليه الصلاة والسلام يامر المسلم ان لا يذكر لمن حوله شيئا عن الاحلام الغامضة ، ذات المحتوى المزعج ، ناهيا عليه الصلاة والسلام ان يتحدث الانسان بتلاعب الشيطان به في منامه كما قال .
ويحاول الناس عادة ان يجدوا تفسيراً للأحلام التي يشاهدونها أثناء النوم ، ويريد البعض أن يعرف مغزى الأحداث والأشخاص والرموز التي يراها في أحلامه ، وأن يعلم شيئا عن علاقتها بحالته النفسية أو بحياته بصفة عامة ، والواقع أن التفسير العلمي للأحلام يجب أن يأخذ في الاعتبار أن الحلم يتضمن تكثيفاً في ظاهرة الزمان والمكان ، بمعنى أننا أثناء النوم يمكن أن نحلم في دقائق معدودة بإحداث تمتد على مدى سنين طويلة وتحدث في أماكن مختلفة ومتباعدة ، كما أن الانفعالات النفسية مثل القلق والخوف والاكتئاب والغضب قد تكون وراء محتوى الحلم من أحداث وشخصيات وأماكن ، وكلها تعني شيئاً محدداً بالنسبة لصاحب الحلم .
وتتميز الأحلام أيضاً بمسألة الرموز ، ففي حلم فرعون كانت البقرات السمان رمزاً لسنوات الرخاء ، والبقرات العجاف رمزاً لسنوات القحط ، وفى حلم يوسف عليه السلام كانت الكواكب كالشمس والقمر تمثل الاخوة والأبوين، واشهر مفسري الاحلام في تاريخنا .. ابن سيرين ، يعتمد الرموز ايضا في تفسير الاحلام ، مثل تفسيره للحلم الشهير الذي رآه الخليفة الاموي عبد الملك بن مروان عندما رأى في نومه انه يبول في الكعبة اربعة مرات ، فاستيقظ مرتاعا، ولكن ابن سيرين طمأنه بان تفسير هذا الحلم يعني ان اربعة من اولاده من صلبه سيلون الخلافة ويحكمون دولة الاسلام ، وهو ما حدث فعلا .
وهناك الكثير من المحاولات العلمية التي تجري الان لجمع أعداد كبيرة من الحالات ، كمحاولة للوصول إلى قاعدة عامة لتفسير الاحلام ، وان كان ذلك ما يزال ذلك حلما صعب التحقيق .. !!
تعتبر الأحلام ـ علميا ـ من الظواهر الصحية الهامة لاحتفاظ عقلنا بلياقته أثناء النوم حتى لا يتكاسل حين نعود إلى اليقظة ، كما انها ترتبط بالصحة النفسية والتوازن العقلي للمرضى والأصحاء على حد سواء ، حتى لو كانت مجرد أحلام غامضة ، فالحلم يمثل فرصة ثمينة لقراءة وفهم كثير مما يدور داخل العقل الباطن ، وقد كانت الموضوعات المتعلقة بظاهرة الأحلام ولا تزال ، محل اهتمام متزايد من جانب الأطباء النفسيين ، وقد اتجهت الأبحاث الان إلى إخضاع الأحلام إلى دراسات وتجارب علمية لكشف الكثير من الغموض الذي يحيط بكيفية وأسباب حدوث الأحلام أثناء النوم، حيث يتم في هذه التجارب متابعة أشخاص من المرضى والأصحاء أثناء النوم ، مع توصيل أقطاب ترصد نشاط العقل والجهاز العصبي خلال مراحل النوم على مدى ليلة كاملة أو أكثر، وقد تبين أن الأحلام تحدث خلال مراحل معينة من النوم ، متزامنة مع حركة العين السريعة، ومدتها 10 دقائق تقريباً ، تتكرر بعدل مرة كل 90 دقيقة ، ولعل ذلك هو السبب أننا نحلم بأشياء متعددة أثناء النوم ليلاً غير أننا لا نتذكر سوى آخر هذه الأحلام قبل أن نستيقظ في الصباح ..
ويتم الحلم عادة على أحد مستويين : المستوى الأول هو استدعاء بعض الأحداث التي مرت بنا خلال اليوم، أو الأشياء التي تشغل بالنا قبل النوم مباشرة ، أما المستوى الثاني فإنه أعمق من ذلك ، ويتضمن الأفكار والرغبات والصراعات الكامنة في العقل الباطن من قبل ، بحيث ان الأشياء التي تظهر في أحلامنا عادة هي تعبير عن رغبات مكبوتة لا نستطيع إظهارها للآخرين في الواقع ، أو بعض التطلعات والأمنيات التي ليس بمقدورنا الوصول إليها عملياً، وتكون الفرصة متاحة أثناء النوم للتنفيس عن هذه الأشياء ، وهى من محتويات العقل الباطن بما يحقق لنا الإشباع الذي نعجز عنه في الواقع أثناء اليقظة.
وفي حين تعتبر الأحلام عادة تعبيرا عن حالة الصحة النفسية المتوازنة ، يعاني بعض المرضى المصابين بالاضطرابات النفسية المختلفة مثل القلق والاكتئاب والفصام، كثيرا من هذه الاحلام ، فالكوابيس ( Nightmares ) هي إحدى الشكاوى الرئيسية لمرضى القلق ، حيث تحول نومهم إلى معاناة أليمة لأنها دائماً تدور حول أحداث مخيفة مزعجة ، وفي مرضى الاكتئاب أيضاً تحدث الكوابيس بصفة متكررة أثناء النوم ويكون محتواها في كل الأحوال أحداثا تبعث على الاكتئاب فيصحو المريض من نومه ويستقبل يومه وهو في أسوأ حالاته النفسية ، أما مرضى الفصام فتظهر في أحلامهم الأشباح والأصوات المخيفة التي تطاردهم أيضاً في حالة اليقظة .
ومن الحالات المرتبطة بالأحلام ما يطلق عليه " أحلام اليقظة " ، وهي حالة تشبه الحلم لكنها لا تحدث أثناء النوم ، حيث أن الشخص ينفصل عن الواقع إلى حالة من التخيل تشبه الحلم ، فيتصور نفسه وقد حقق الكثير من الإنجازات ، أو يتخيل أنه يتقمص أحد الشخصيات المرموقة ، ويعيش في هذا الجو منفصلاً عن الواقع والظروف المحيطة به لفترات متفاوتة ، والمشكلة هنا هي أن هذه الحالة تعيق الشخص عن أداء مسؤولياته وتضيع طاقاته ووقته ، وتحدث هذه الحالة بصفة متكررة في الطلاب الذين يستعدون للامتحان، وفى المراهقين والشباب ، والناس الذين يعيشون حياة قاسية يهربون منها الى عالم الخيال والاحلام ... احلام اليقظة .
اما عن علاقة الأحلام بالتنبؤ بالمستقبل ، فلا يستطيع أحد أن يعلم الغيب وأحداث المستقبل إلا الله سبحانه وتعالى.. لكن السؤال الذي يظل مطروحاً هو : ما هي العلاقة بين الحلم وبين الأحداث التي تقع في المستقبل؟
وربما كان مبعث هذا السؤال هو أن هناك الآلاف من الأحلام كانت تدور حول أحداث وقعت في المستقبل ، ويؤكد كثير من الناس أن الأحلام التي رأوها في نومهم تحققت في الواقع فيما بعد في أكثر من مناسبة ، والتفسير العلمي للأحلام التي تحمل بعض النبوءات لا يزال محل جدل، غير أن الحقيقة العلمية تؤكد أن هناك علاقة بين العقل الإنساني والبيئة المحيطة ، وان هذا العقل يتفاعل مع الآخرين في شعور عام وغامض يطلق عليه : " العقل الجمعي "، يتأثر بالأحداث العامة مثل حالة الحرب أو الرخاء ، وقد يستشعر حدوث بعض الأشياء نتيجة توارث خبرات الانسان وعلاقته بالزمان والمكان..
واشهر الاحلام في تاريخنا وتراثنا الاسلامي البهي هي الاحلام التي وردت في القران الكريم في قصة يوسف عليه السلام ، فكانت رؤياه وهو صغير السن حول ما تحقق فيما بعد مع أبويه وأخوته ، ثم حلم فرعون الرمزي بالبقرات السمان والبقرات العجاف الذي تم تفسيره كإنذار مبكر بسنوات القحط والجفاف التي ستمر بها مصر، اما رؤيا الانبياء عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام ، فهي ـ كما يقول شيوخنا وعلماؤنا الاجلاء ـ وحي من الله عزوجل الى انبيائه الكرام ، الذين يتصرفون على اساس ان هذا الحلم هو امر الهي واجب التنفيذ ، فسيدنا ابراهيم عليه السلام ، هم بذبح ابنه اسماعيل ، بناء على الرؤيا التي رآها في المنام ، كما جاء في القرآن الكريم .
غير أن وصف بعض الأحلام بأنها " أضغاث أحلام " يدل على عدم أهميتها أو علاقتها المباشرة بأحداث المستقبل .. وفي تعاليم الاسلام أيضا ما يشير إلي ضرورة الابتعاد عن التشاؤم نتيجة لبعض الأحلام المزعجة ، وعدم توقع حدوث مكروه نتيجة لذلك في المستقبل ، فالرسول عليه الصلاة والسلام يامر المسلم ان لا يذكر لمن حوله شيئا عن الاحلام الغامضة ، ذات المحتوى المزعج ، ناهيا عليه الصلاة والسلام ان يتحدث الانسان بتلاعب الشيطان به في منامه كما قال .
ويحاول الناس عادة ان يجدوا تفسيراً للأحلام التي يشاهدونها أثناء النوم ، ويريد البعض أن يعرف مغزى الأحداث والأشخاص والرموز التي يراها في أحلامه ، وأن يعلم شيئا عن علاقتها بحالته النفسية أو بحياته بصفة عامة ، والواقع أن التفسير العلمي للأحلام يجب أن يأخذ في الاعتبار أن الحلم يتضمن تكثيفاً في ظاهرة الزمان والمكان ، بمعنى أننا أثناء النوم يمكن أن نحلم في دقائق معدودة بإحداث تمتد على مدى سنين طويلة وتحدث في أماكن مختلفة ومتباعدة ، كما أن الانفعالات النفسية مثل القلق والخوف والاكتئاب والغضب قد تكون وراء محتوى الحلم من أحداث وشخصيات وأماكن ، وكلها تعني شيئاً محدداً بالنسبة لصاحب الحلم .
وتتميز الأحلام أيضاً بمسألة الرموز ، ففي حلم فرعون كانت البقرات السمان رمزاً لسنوات الرخاء ، والبقرات العجاف رمزاً لسنوات القحط ، وفى حلم يوسف عليه السلام كانت الكواكب كالشمس والقمر تمثل الاخوة والأبوين، واشهر مفسري الاحلام في تاريخنا .. ابن سيرين ، يعتمد الرموز ايضا في تفسير الاحلام ، مثل تفسيره للحلم الشهير الذي رآه الخليفة الاموي عبد الملك بن مروان عندما رأى في نومه انه يبول في الكعبة اربعة مرات ، فاستيقظ مرتاعا، ولكن ابن سيرين طمأنه بان تفسير هذا الحلم يعني ان اربعة من اولاده من صلبه سيلون الخلافة ويحكمون دولة الاسلام ، وهو ما حدث فعلا .
وهناك الكثير من المحاولات العلمية التي تجري الان لجمع أعداد كبيرة من الحالات ، كمحاولة للوصول إلى قاعدة عامة لتفسير الاحلام ، وان كان ذلك ما يزال ذلك حلما صعب التحقيق .. !!