Y a z e e d
30-03-2005, 05:49 PM
http://zidanff5.jeeran.com/logo21.jpg
" الموضوع السابق في السلسة : المقدمة ، و تاريخ موجز للعلم " (http://www.montada.com/showthread.php?t=359819)
الفصل الأول : رحـلة في عمق الـمادة
(1)
.
كان منهجُ البساطة سائداً منذ عهد أرسطو ، و يؤمن البعض بأن الطبيعة معّقدة و أن العقل البشري هو البسيط العاجز عن فهمها ، وأن النظريات البسيطة هي وصف قاصر لتلك الطبيعة العظيمة المعقدة ، والواقع أننا لا نملك أي سبيل لدحض ذلك الاحتجاج ولكن بإمكاننا أن نعتمد على سلسلة النجاحات الهائلة للنظريات القائمة على بساطة الكون ، و مثال ذلك النسبية ، و الانفجار العظيم ، والأوتار الفائقة - التي أتداولها في نهاية الباب- ..
في نهاية القرن التاسع عشر تم اكتشاف اثنين و تسعين عنصراً طبيعياً منها جوامد مثل الحديد و النحاس والفضة و الحديد و النيكل والبورون و الكبريت ، وبعضها غازات مصل الهيدروجين والهليوم و النيتروجين والكلور و النيون والزينون . وهناك عنصرين سائلين في الحرارة الطبيعية : الزئبق والبروم ، ولازال الاكتشاف مستمراً ولا نعلم توقفاً لهُ ويتم إنتاج عناصر كيميائية جديدة في المختبرات بأنصاف أعمار منخفضة المدى فِعلاً و هناك عناصر جديدة مثل : الفرانسيوم ، والآينشتاينيوم .. الخ.
وبعد اكتشاف تلك العناصر بدا واضحاً للعلماء أن الكون بحاجة إلى تبسيط أكثر أو انه مُعّقد إذ أن التعريف السائد للعصر في ذلك الوقت : مادة لا يمكن تحليلها إلى مكونات أبسط ، و لكن هذا التعريف صحيح نسبياً ، وسنعرف كيفية ذلك فيما بعد.
.
عام 1897 اكتشف ج. ج. طومسون وجود الإلكترون ، و اكتشف رذرفورد البروتون 1919 ( وذلك عن طريق تجربة جسيمات ألفا الشهيرة ) ، وفي سنة 1932م أكتشف شادويك النيوترون ، و بعد هذه الاكتشافات الثلاثة بدا للعلماء أن المادة وصلت إلى صورتها النهائية، ولا يمكن تبسيطها إلا وحدات أبسط ، فالمركبات تتكون من عناصر والعناصر تتركب من ذرات ، والذرات تتركب من نواة ( نيوترونات و بروتونات ) و إلكترونات تلّف حولها. و عادة منهجية بساطة المادة حينما أعتقد الكّل أن المادة عبارة عن ثلاث جسيمات ولا أكثر، أو أن هذا ما كان سائداً .
و تختلف العناصر باختلاف جسيماتها ، فالهيدروجين مثلاً مصنوع من بروتون واحد و إلكترون واحد ( وهذا تركيب أشهر نظائر الهيدروجين ) ويعد أبسط العناصر .و ذرة الأكسجين مثلاً يتركب من ثمانية بروتونات وثمانية نيوترونات و ثمانية إلكترونات . وذرة اليوارنيوم تتركب من نواة تحوي : 92 بروتون و 146 نيوترون. وبالطبع تتساوى البروتونات والإلكترونات ( ليتحقق تعادل الشحنة ) وبهذا الإلكترونات عددها 92 إلكتروناً .
http://zidanff5.jeeran.com/101.jpg
ذرة هيدروجين ( P بروتون في النواة ( الجسيم الوحيد ليها ) ، e إلكترون يدور حول النواة في المدار الأول .
.
في سنة 1932 م ، أي سنة اكتشاف شادويك للنيوترونات أكتشف كارل أندرسون anti-electron أو مضاد الإلكترون وسماه " بوزيترون " و يختلف البوزيترون ( والمشتق من كلمة- Positive - أي موجب ) عن الإلكترون في كونه موجباً أما شحنة الإلكترون فهي سالبة .
.
و عندما نذكر البوزيترون يجب أن نذكر لا يمكن أن يبقى البوزيترون موجوداً في بيئة عادية إذ أنه لا يلبث أن يصطدم بأحد الإلكترونات في الجو ، وباصطدام إلكترون ببوزيترون نحصل على أشعة جاما.
.
وقد توالت إكتشافات أضداد الجسيمات بعد ذلك وكلها أطلق عليها مسمى " أضداد " عدا البوزيترون و الذي أُستثني كونه أُستحدثَ قديماً .
.
المبدأ السائد الآن هو أن لكل جسيم جسيم مضاد ، و يمكن للأضداد أن تعيش طويلاً في الفضاء حيث تقل كثافة المادة أو في المعامل حيث تحشر مع أضداد مادة أخرى، و تتصادم مبيدةً بعضها و يمكن استخدام قانون ألبرت آينشتاين الشهيرة ( E=MC² ) أو ط = ك س² ، و ط تشير إلى الطاقة ( Energy ) أما ك فتشير إلى الكتلة ( Mass ) و س تشير إلى سرعة الضوء . وسرعة الضوء 300 مليون م\ث ، و تقاس الطاقة بالجول و الجول وحدة صغيرة وتّعد أقل من ربع الطاقة اللازمة لرفع جرام واحد من الماء درجة مئوية واحدة ( أي السعر ) و رغم ذلك فإن الناتج كمية ضخمة ، وٍسأتحدث عن التفاعلات النووية بتفصيل أكبر في الفصول القادمة .
.
وبمثل ما أن المادة تتحول إلى طاقة باصطدام الجسيم بضده فإن الطاقة يمكن أن تنتج المادة و كمية الطاقة اللازمة لإنتاج الجسيمات هي ذات الطاقة الناشئة عن تحولها. و الجسيمات ( كما تُباد ) تنشأ على شكل أزواج ، فيتشكل إلكترون و بوزيترون ، أو إلكترون وضده ، ونحو ذلك . و بذلك نستنج أن الطاقة و المادة شيء واحد وبذلك ندمج قانوني بقاء المادة و الطاقة ، إذ أن الصيّاغة القديمة لكل منهما خاطئة بهذا الاكتشاف ، إلا في حالة القول بأن المادة شكل من أشكال الطاقة ، والطاقة شكل من أشكال المادة ، و بذلك هنا شكلان لشيء واحد شكّل لغزاَ نناقشهُ فيما بعد .
.
و تتابعَ العلم ، فبعدَ أربعِ سنوات أُكتشف جسيم جديد أثقل من الإلكترون ب207 مرات و لو أنه سالب الشحنة مثله وسُمي الميون، و الحقيقة أن هذه المسميات صعبة قليلاً علينا العربْ وذلكَ بسبب أنها مشتقة من مسميات إغريقية ، وتستخدم هذه الرموز في الرياضيات كثيراً ولذلك تصبح غامضة قليلاً مثل : " ξ، ν، μ، ς، π، χ، φ " وسنستخدم هذه الرموز كثيراً في تعرفنا على الجسيمات حيث يفضلها الفيزيائيون كذلك.
.
و نلاحظ أن الميون أقل كتلةً من البروتون و النيوترون إذ تبلغ كتلتهما ( 1800 ضعف للإلكترون تقريباً ) و تتابعت الزيادات في الجسيمات و الأضداد ، و كان هناك عدة جسيمات افتراضية ، ومثال ذلك تجربة الفيزيائي النمساوي ولفجانج باولي و الذي أوضح أن هناك اضمحلالات إشعاعية تشير إلى وجود جسيم يخفي الكثير ( قد أخصص له جزءاً ميسوراً من هذا الباب لارتباطه بالكون ) ألا وهو :" النيوترينو " و لنحفظ هذا الاسم جيداً الآن و قد أكتشف النيوترينو نهائياً عام 1956 م .
" الموضوع السابق في السلسة : المقدمة ، و تاريخ موجز للعلم " (http://www.montada.com/showthread.php?t=359819)
الفصل الأول : رحـلة في عمق الـمادة
(1)
.
كان منهجُ البساطة سائداً منذ عهد أرسطو ، و يؤمن البعض بأن الطبيعة معّقدة و أن العقل البشري هو البسيط العاجز عن فهمها ، وأن النظريات البسيطة هي وصف قاصر لتلك الطبيعة العظيمة المعقدة ، والواقع أننا لا نملك أي سبيل لدحض ذلك الاحتجاج ولكن بإمكاننا أن نعتمد على سلسلة النجاحات الهائلة للنظريات القائمة على بساطة الكون ، و مثال ذلك النسبية ، و الانفجار العظيم ، والأوتار الفائقة - التي أتداولها في نهاية الباب- ..
في نهاية القرن التاسع عشر تم اكتشاف اثنين و تسعين عنصراً طبيعياً منها جوامد مثل الحديد و النحاس والفضة و الحديد و النيكل والبورون و الكبريت ، وبعضها غازات مصل الهيدروجين والهليوم و النيتروجين والكلور و النيون والزينون . وهناك عنصرين سائلين في الحرارة الطبيعية : الزئبق والبروم ، ولازال الاكتشاف مستمراً ولا نعلم توقفاً لهُ ويتم إنتاج عناصر كيميائية جديدة في المختبرات بأنصاف أعمار منخفضة المدى فِعلاً و هناك عناصر جديدة مثل : الفرانسيوم ، والآينشتاينيوم .. الخ.
وبعد اكتشاف تلك العناصر بدا واضحاً للعلماء أن الكون بحاجة إلى تبسيط أكثر أو انه مُعّقد إذ أن التعريف السائد للعصر في ذلك الوقت : مادة لا يمكن تحليلها إلى مكونات أبسط ، و لكن هذا التعريف صحيح نسبياً ، وسنعرف كيفية ذلك فيما بعد.
.
عام 1897 اكتشف ج. ج. طومسون وجود الإلكترون ، و اكتشف رذرفورد البروتون 1919 ( وذلك عن طريق تجربة جسيمات ألفا الشهيرة ) ، وفي سنة 1932م أكتشف شادويك النيوترون ، و بعد هذه الاكتشافات الثلاثة بدا للعلماء أن المادة وصلت إلى صورتها النهائية، ولا يمكن تبسيطها إلا وحدات أبسط ، فالمركبات تتكون من عناصر والعناصر تتركب من ذرات ، والذرات تتركب من نواة ( نيوترونات و بروتونات ) و إلكترونات تلّف حولها. و عادة منهجية بساطة المادة حينما أعتقد الكّل أن المادة عبارة عن ثلاث جسيمات ولا أكثر، أو أن هذا ما كان سائداً .
و تختلف العناصر باختلاف جسيماتها ، فالهيدروجين مثلاً مصنوع من بروتون واحد و إلكترون واحد ( وهذا تركيب أشهر نظائر الهيدروجين ) ويعد أبسط العناصر .و ذرة الأكسجين مثلاً يتركب من ثمانية بروتونات وثمانية نيوترونات و ثمانية إلكترونات . وذرة اليوارنيوم تتركب من نواة تحوي : 92 بروتون و 146 نيوترون. وبالطبع تتساوى البروتونات والإلكترونات ( ليتحقق تعادل الشحنة ) وبهذا الإلكترونات عددها 92 إلكتروناً .
http://zidanff5.jeeran.com/101.jpg
ذرة هيدروجين ( P بروتون في النواة ( الجسيم الوحيد ليها ) ، e إلكترون يدور حول النواة في المدار الأول .
.
في سنة 1932 م ، أي سنة اكتشاف شادويك للنيوترونات أكتشف كارل أندرسون anti-electron أو مضاد الإلكترون وسماه " بوزيترون " و يختلف البوزيترون ( والمشتق من كلمة- Positive - أي موجب ) عن الإلكترون في كونه موجباً أما شحنة الإلكترون فهي سالبة .
.
و عندما نذكر البوزيترون يجب أن نذكر لا يمكن أن يبقى البوزيترون موجوداً في بيئة عادية إذ أنه لا يلبث أن يصطدم بأحد الإلكترونات في الجو ، وباصطدام إلكترون ببوزيترون نحصل على أشعة جاما.
.
وقد توالت إكتشافات أضداد الجسيمات بعد ذلك وكلها أطلق عليها مسمى " أضداد " عدا البوزيترون و الذي أُستثني كونه أُستحدثَ قديماً .
.
المبدأ السائد الآن هو أن لكل جسيم جسيم مضاد ، و يمكن للأضداد أن تعيش طويلاً في الفضاء حيث تقل كثافة المادة أو في المعامل حيث تحشر مع أضداد مادة أخرى، و تتصادم مبيدةً بعضها و يمكن استخدام قانون ألبرت آينشتاين الشهيرة ( E=MC² ) أو ط = ك س² ، و ط تشير إلى الطاقة ( Energy ) أما ك فتشير إلى الكتلة ( Mass ) و س تشير إلى سرعة الضوء . وسرعة الضوء 300 مليون م\ث ، و تقاس الطاقة بالجول و الجول وحدة صغيرة وتّعد أقل من ربع الطاقة اللازمة لرفع جرام واحد من الماء درجة مئوية واحدة ( أي السعر ) و رغم ذلك فإن الناتج كمية ضخمة ، وٍسأتحدث عن التفاعلات النووية بتفصيل أكبر في الفصول القادمة .
.
وبمثل ما أن المادة تتحول إلى طاقة باصطدام الجسيم بضده فإن الطاقة يمكن أن تنتج المادة و كمية الطاقة اللازمة لإنتاج الجسيمات هي ذات الطاقة الناشئة عن تحولها. و الجسيمات ( كما تُباد ) تنشأ على شكل أزواج ، فيتشكل إلكترون و بوزيترون ، أو إلكترون وضده ، ونحو ذلك . و بذلك نستنج أن الطاقة و المادة شيء واحد وبذلك ندمج قانوني بقاء المادة و الطاقة ، إذ أن الصيّاغة القديمة لكل منهما خاطئة بهذا الاكتشاف ، إلا في حالة القول بأن المادة شكل من أشكال الطاقة ، والطاقة شكل من أشكال المادة ، و بذلك هنا شكلان لشيء واحد شكّل لغزاَ نناقشهُ فيما بعد .
.
و تتابعَ العلم ، فبعدَ أربعِ سنوات أُكتشف جسيم جديد أثقل من الإلكترون ب207 مرات و لو أنه سالب الشحنة مثله وسُمي الميون، و الحقيقة أن هذه المسميات صعبة قليلاً علينا العربْ وذلكَ بسبب أنها مشتقة من مسميات إغريقية ، وتستخدم هذه الرموز في الرياضيات كثيراً ولذلك تصبح غامضة قليلاً مثل : " ξ، ν، μ، ς، π، χ، φ " وسنستخدم هذه الرموز كثيراً في تعرفنا على الجسيمات حيث يفضلها الفيزيائيون كذلك.
.
و نلاحظ أن الميون أقل كتلةً من البروتون و النيوترون إذ تبلغ كتلتهما ( 1800 ضعف للإلكترون تقريباً ) و تتابعت الزيادات في الجسيمات و الأضداد ، و كان هناك عدة جسيمات افتراضية ، ومثال ذلك تجربة الفيزيائي النمساوي ولفجانج باولي و الذي أوضح أن هناك اضمحلالات إشعاعية تشير إلى وجود جسيم يخفي الكثير ( قد أخصص له جزءاً ميسوراً من هذا الباب لارتباطه بالكون ) ألا وهو :" النيوترينو " و لنحفظ هذا الاسم جيداً الآن و قد أكتشف النيوترينو نهائياً عام 1956 م .