اركان ed
10-04-2005, 11:31 AM
الـقـومـيـة
مسألة المساواة والكرامة أو ما يسمى " حقوق الإنسان " , ويكفي أن الله تبارك وتعالى منّ على البشرية جمعاء ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم وبهذا الدين العظيم الذي حررها من العبودية لغير الله وعلمها حقيقة المساواة بين البشر وأن التفاضل لا يكون إلا بالتقوى .
(( القومية ))
لقد نشأت مخالفة لما ذكر الله تبارك وتعالى ولما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالقومية أو الوطنية أو القبلية أو الحزبية أو النعرات العرقية أو الطائفية أو ما أشبه ذلك كلها يجمعها أنها تنافي وتخالف هذا الأصل العظيم – التفاضل بين الناس بالتقوى - . وإذا أردنا أن نرجع إلى تاريخ القومية القديم فإننا نجد أكثر الناس غلواً في القومية وفي العنصرية - ولا يزالون إلى اليوم - هم اليهود . ربما يكون لليهود السبق وتعليم غيرهم من الأمم التعصب العرقي الذميم المغالى فيه جداً ، فإن الأمم الأخرى وإن كانت كل أمة تتعصب لقوميتها إلا أنها لم تبلغ حداً يفوق اليهود ، وإنما أكثر الأمم قوميةً ظهرت تبعاً لليهود كما حدث للقومية النازية في ألمانيا أو الفاشية في إيطاليا ، فهي ظهرت متأثرة بالفكر اليهودي .
واليهود هم أكثر الناس عنصرية وقومية وذكر الله تبارك وتعالى عنهم ما يدل على ذلك في القرآن في مواضع كما قال الله عز وجل : { وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحبائه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق } يدعون أنهم أبناء الله وأحباؤه ويدعي اليهود أنهم شعب الله المختار , وأيضاً كما ذكر الله عز وجل بأنهم قالوا : { ليس علينا في الأميين سبيل } ، { ومنهم من تأمنه بدينار لا يؤده إليك } . فيرون استحلال أموال غير اليهود وأن أموال الأميين هي حلال لليهود !
وهذه القومية عند اليهود إنما جاءتهم من فهم باطل للتوراة وتحريف لبعض نصوصها ، أو من ابتداعهم في الكتاب الكبير الذي ابتدعوه واتبعوه أكثر من التوراة وهو ما يسمى " التلمود " .
ومن آثار هذه القومية والعنصرية اعتقادهم أنه لا يمكن أن يكون نبيٌ إلا من بني إسرائيل , وكان ذلك من جملة أسباب كفرهم برسالة محمد صى الله عليه وسلم أنه من الأميين ! ولهذا نجد في سورة الجمعة بين الله تبارك وتعالى تفضله وإنعامه على الأميين { هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين } , ثم بين لماذا هذا التفضيل وهو أن اليهود لا يستحقونه { مثل الذين حمّلوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً } . فهذا الفضل من الله تبارك وتعالى على الأميين هو بحكمته ، فهو الذي اختارهم لحكمة يعلمها , وأما أولئك فنـزع منهم النبوة لأن حالهم أصبح مثل هذا المثل السيء - كمثل الحمار يحمل أسفارا – فنـزعت منهم النبوة . فهم يرون أنهم أحق الناس بالنبوة وأن لا نبوة في غيرهم , ووصل بهم الحد إلى اعتقاد أن أي إنسان غير يهودي سواء كانت نصرانياً أو مسلماً أو من أي دين آخر فهم إنما خُلِقُوا ليكونوا كالحمير لليهود يركبهم شعب الله المختار ! بل يعللون خلقة الله سبحانه وتعالى لغير اليهود على شكل اليهود فيقولون : هذا من فضل الله على اليهود حتى يستطيعوا استخدامهم وإلا فهم في الحقيقة كالحمير والبغال والجمال وغيرها من الحيوانات لكن الله سبحانه وتعالى خلقهم على صورة اليهود ليستطيع اليهود أن يستخدموهم كما يشاؤون , فهم وأموالهم حلال لهم ولا حرج عليهم في شيء من ذلك !
فلذلك كما قلنا إما أنها نصوص حرفت من التوراة أو أنها مما وضعه الأحبار والرهبان في التلمود . وهذا ما بينه الله تبارك وتعالى - وهو معلوم بالتواتر - أنهم حرفوا التوراة , ومن جملة ما حرفوا أن الله سبحانه وتعالى أمر الناس في الوصايا العشر التي أنزلها في التوراة بأن يقوموا بالقسط وأن يوفوا الكيل والميزان وأن لا يزنوا وأن لا يسرقوا ... فحور اليهود ذلك وحرفوه : لا تزني أي باليهودية , ولا تسرق مالاً أي لا تسرق مال اليهودي , ولا تقتل النفس أي لا تقتل اليهودي وهكذا . حرفوا ذلك ليصبح خاصاً باليهود أما غير اليهود فجاء التلمود وأكمل في هذا فيقول : " إذا وقع أممي ( أي غير يهودي ) في حفرة فلا تنقذه منها بل إن استطعت فألقِ عليه حجراً حتى لا يخرج ، إذا وقع في حفرة أو غرق في ماء أو سقط في أي مكان فلا نتقذه أبداً لأنه عدو لك " فالتفضيل تحول إلى عداوة شديدة مقيتة لأن التلمود كتب في بابل - في العراق - التي كانت مقر حكم الفرس الذين سبوا اليهود إلى بابل ، فاليهود في ظل ظروف الأسر وضيقه كان عندهم شعور بالاستعلاء وأن الله اصطفاهم واختارهم وأن هؤلاء وثنيون مشركون ، فكتبوا التلمود في ظل هذه الظروف فكانت فيه روح الاستعلاء والكبر واحتقار جميع الشعوب والعداوة لهم .. فأي انسان من غير اليهود لا حرمة له عندهم مثلما أنهم كانوا لا يرون أي حرمة أو تقدير لهؤلاء الذين أسروهم وقهروهم وسلبوهم ملكهم وآذوهم وعذبوهم . فالنفس الانتقامية لدى اليهود هي التي كتبت هذا التلمود , وعندما تحرروا من الأسر البابلي ودخلوا وانتشروا في أوروبا وغيرها كان النصارى يضطهدونهم اضطهاداً شديداً لأنهم يعتبرونهم قتلة المسيح ، والمسيح عند النصارى هو الرب ، فهؤلاء قتلة الرب الذين صلبوه وقتلوه وكذبوه .. فأخذ النصارى يتفننون في تعذيب اليهود فازداد اقتناع اليهود بما في التلمود . وكانوا يكتبون عبارات شنيعة جداً في المسيح عليه السلام لكن لا يضعونها لأن التلمود كتاب سري وهو في الأصل كتاب سري لا يطلع عليه غير اليهود ، ومع ذلك كانوا يكتبون هذه العبارات ويضعون مكان اسم المسيح علامات أو نقاط حتى لا يذكروه , لكن الحبر عندما يقرأه عليهم يقول المقصود ( المسيحيين أو المسيح ) ثم عمم بعد ذلك على غير النصارى في خارج أوروبا .
بهذه الروح كان اليهود ولا يزالون ينظرون إلى غيرهم من الشعوب , ولهذا لا يرون لأي أمة فضل عليهم مهما أعطتهم وأنفقت عليهم ووقفت معهم لأن هذه الأمة وما ملكت هي ملك لليهود أصلاً ، فمهما فعل معهم الناس أو أسدوا إليهم بمعروف فالفضل لا يزال لهم لأنهم هم الأصل ومن عداهم فلا قيمة له .
تعلم من هذا الفكر اليهودي القوميون الغلاة في أوروبا وأهمهم النازيون , لكن قبل أن نتكلم عن هذا الفكر نرجع إلى أصل وجود فكرة القومية في أوروبا فهي تسبق النازية وتسبق التأثير الواضح لليهود , وذلك أن القومية لم تكن معروفة في أوروبا على الإطلاق إنما كان العالم فيما يسميه المأرخون " القرون الوسطى " كان الأصل فيه هو الدين , وكانت القاعدة في التعامل هي الدين , وكان الإنسان يسأل أكثر ما يسأل عن دينه ، فهو إما مسلم وإما نصراني وإما يهودي وإما مجوسي ....... الخ , أما العصبيات والعنصريات فلها اعتبار ثانٍ يأتي بعد الدين ، وكان ذلك في أوروبا وفي الشرق وفي كل مكان حتى ظهرت أول ما ظهرت الفكرة القومية .
ظهرت هذه الفكرة بشكل وطني وذلك بظهور الثورة الفرنسية التي يزعم الغربيون أنها مفتاح الحرية ومشرق النور وفجر المساواة والعدالة والحضارة الحديثة , فعندما ظهرت الثورة الفرنسية لم يكن لها أي طابع ديني وإنما كانت وطنية تقول أن الناس جميعاً متساوون في الوطنية ، فلا ينظر إلى أديانهم ولا إلى عقائدهم ومللهم . هذه فكرة كانت جديدة على الناس سواء في بلاد الغرب أو الشرق لأن الناس إنما يتفاضلون بحسب الدين , وكل إنسان يرى أنه أفضل من غيره ديناً ، ومهما كان المخالف له في الدين فإنه يحتقره . لكن هؤلاء المفكرين الذين وضعوا أفكار الثورة الفرنسية كانوا معادين للدين لأسباب ولظروف خاصة ، فكانوا يأخذون من الفكر اليوناني القديم ومن الأفكار التي ظهرت في أوروبا ونمت وترعرعت شيئاً فشيئاً بعد ظهور حركة الإصلاح الديني ( وهذه نأتيها إن شاء الله عندما نتحدث عن النازية ) , فعندما كان هذا الفكر بعيدا عن الدين جمعوا الأمة كما يزعمون على أساس وطني .
هناك دول " الوطنية " و " القومية " فيها شيء واحد ، وهناك دول ومجتمعات القومية فيها أوسع وأعم من الوطنية ، وأوضح مثال الدول العربية . الدول العربية " الوطنية " فيها أضيق من مفهوم " القومية " ، فهناك مثلا وطنية مصرية ووطنية عراقية ووطنية سورية , هذه كلها وطنيات لكن يجمعها قومية واحدة هي القومية العربية . لكن بعض الدول قوميتها هي وطنيتها مثل ألمانيا واليابان وفرنسا ، فهم شعب يعيش على أرض واحدة ويتكلم لغة واحدة في مكان واحد وله تاريخ واحد فقوميته هي وطنيته .
ظهرت وترعرعت الوطنية مختلفة ومندمجة مع القومية ، فيمكن أن تعتبر الثورة الفرنسية ثورة وطنية أو ثورة قومية . ثم نشأت بعد ذلك القوميات الأخرى في أوروبا وارتبطت بالحروب الدينية , وأول ما تفتتت أوروبا تفتتت على يد حركة الإصلاح الديني ( مارتن لوثر ) و ( كالفن ) ومن كان معهم ، هؤلاء ابتدعوا الدين الذي يعتبرونه تصحيحاً للنصرانية وهو البروتستانتية ، ومعنى البروتستانت : المحتجون أو المعارضون .. معارضون لمن ؟ للبابا زعيم الكاثوليك في روما ومحتجون عليه وعلى ما أحدث في الدين من بدع وأرادوا تصحيح الدين .. لكن إلى أي مدى صححوا ؟ لم يأتوا إلى القضايا الأساسية , فلم يصلحوا التثليث ليصبح توحيداً ، لم يصححوا اعتقاد أن المسيح ابن الله ويقولون أنه عبد الله ورسوله وغير ذلك من الأمور . ولكنهم اعترضوا عليه في أمور كثيرة من أهمها توسط رجل الدين بين العبيد وبين الله تبارك وتعالى ، فالكاثوليك يقوم دينهم على هذا التوسط فرجل الدين هو الواسطة ، فلا يمكن الاستغفار إلا عن طريقه ولا يمكن الصدقة إلا عن طريقه ! حتى أنه يباشر كثيرا من الطقوس وأمور الناس عند الموت وعند الميلاد وعند الزواج , وأمور كثيرة لابد أن يقوم بها القديس وإن لم تفعل لأي انسان فإنه يعد محروماً من الجنة ! ومن ذلك احتكارهم لقراءة وتفسير الانجيل فلا يمكن لأحد أن يقرأ الانجيل أو أن يفسره إلا رجال الدين ، ويقرأونه باللغة القديمة وليس باللغات المعاصرة واللهجات المحلية التي كانت في أوروبا .
وعندما ظهرت حركة مارتن لوثر أحدثت انفجارا قوياً وعنيفاً جداً في هذه التركيبة التي كانت أوروبا بأجمعها مجتمعة عليها ، وقد تأترت تأثراُ واضحاً بالإسلام والمسلمين نتيجة الحروب الصليبية لما وجدوا أن المسلمين يقرأون كتاب الله كما يشاء ويعبد الله سبحانه وتعالى ليس بينه وبين الله واسطة ، فوجدوا أنهم يمكن أن يعبدوا الله تبارك وتعالى بغير توسط من أحد , فاجتهد أناس قبل ( لوثر ) في زحزحة هذه التقاليد القديمة التي نشأ عليها الغربيون ، فنشأت حركة يسموها " حركة تحطيم الصور والتماثيل " وأخذوا يحطمون الصور والتماثيل في كثير من أنحاء أوروبا ويقولون أن هذه وثنية لأنه في التوراه مكتوب ( لا تعمل صنماً ولا ترسم صورةً ولا تعبد وثناً ) , فقالوا هذا ليس من الدين في شيء .
وهكذا ظهرت حركات من هذا النوع إلى أن بلغت القمة في حركة " مارتن لوثر " الذي كان ألمانياً فترجم الإنجيل إلى اللغة الألمانية وجعل كل إنسان يقرأ الإنجيل ويتعبد كما يشاء ولا يراجع أي قسيس , وأصبحوا يعتقدون كفر الكاثوليك الذين في أوروبا ، والبابا في المقابل يعتقد أن البروستانت كفار ، وحرم كل منهما الزواج من الآخر فلا يجوز للبروتستانتي أن يتزوج كاثوليكية ولا يجوز للكاثوليكية أن تتزوج من بروتستانتي والعكس ، فصارت بينهما العداوة الشديدة للدين . ولأن لوثر لم يضع منهجاً دقيقاً ومنضبطاً بقدر ما وضع خروجا عن البابوية ، فقد خرجت فرق وطوائف كثيرة تحت الشعار نفسه وخالفته وخالفت البابا .
القومية الألمانية تمحورت حول البروتستانتية عقيدةً والشعب الألماني قوميته ، أما الفرنسيون وهم الأعداء لهم في تلك المرحلة فإنهم بقوا على دين الكاثوليك وهم إلى اليوم كذلك فدينهم الكاثوليكية تبعاً للبابا , ولكن عندما ظهرت الثورة الفرنسية أصبحت دعوتهم لا دينية فثاروا على البابا ولكن ثورة غير دينية ، فبقي عندهم الدين في حدوده المعينة التي رسموها له والتي لا يتدخل فيها في شؤون الحياة , فمجال الدين ( الكنائس وما يتعلق بها ) أعطوها حرية وبقيت علىمذهب الكاثوليك . فهنا نشأ الصراع والتنافس الشديد في أوروبا بين هاتين الدولتين وبين غيرها من الدول فيما بعد ، وارتبطت القومية بالدين أيضاً وأصبح كل منهم يمثل شيئاً واحدا .
الانجليز أخذوا العقيدة البروتستانتية وادعوا القومية الانجليزية وانتشروا وتمددوا في أنحاء كثيرة من العالم خارج بلادهم ، فأصبحت العداوة بين الألمان والانجليز عداوة قومية محضة مع أنهم في الدين سواء ، أما الفرنسيون فإنهم كانت العداوة بينهم مختلفة ولهذا نجد أن هذه الدول الثلاث قل أن تتفق في تاريخها , وهذا غير الحروب والخلافات والشحناء بينها ، فإذا اتفقت منها اثنتان فهما ضد الثالثة غالباً .
نشأت وترعرعت الأفكار القومية في كل دولة من هذه الدول فأصبح لكل دولة شعراؤها وشعاراتها ورموزها وتاريخها ومفاخرها وهكذا ، وابتعدت كل واحدة عن الأخرى ابتعاداً شديداً بعد أن كانت أوروبا قبل الثورة الفرنسية وقبل حركة مارتن لوثر كلها أمة واحدة يجمعها دين واحد ، فتشعبت تشعباً شديداً .
في هذه الفترة كان العالم الإسلامي كله أو على الأقل ما يوازي منه أوروبا - الذي هو منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط - تحت حكم الدولة العثمانية ولم يكن يعرف المسلمون أي شيء عن الفكرة القومية ولا الوطنية إلى أن ظهرت في مصر . ظهرت الوطنية المصرية والافتخار لمصر ولأمجاد مصر وبالفراعنة وما قبل الفراعنة تأثراً بالذين ابتعثوا لفرنسا وتأثروا بفكرة الوطنية الفرنسية . ونشأت في مصر دعوة قوية جداً إلى الوطنية حتى كانت كل الأحزاب على اختلافها تدعوا أو تفخر بالوطنية . حزب الوفد - وسعد زغلول - كان وطنياً , وكذلك مصطفى كامل كان وطنياً جداً رغم عداوته لسعد زغلول ورغم ما عنده من مسحة إسلامية لكن كان هو الذي يقول ( لو لم أكن مصرياً لتمنيت أن أكون مصرياً ) . أحمد شوقي ، حافظ ابراهيم ، وغيرهم من الشعراء كانوا شعراء وطنيون قلّ أن تجد لهم شيئا من الشعر الذي يفتخر بالعرب أو بالعالم الاسلامي إلا أحياناً , إنما الأصل عندهم في الفخر هو بالوطنية ونوع من الامتزاج بالقومية لكن لم تظهر ملامحه ولم تتضح في تلك المرحلة .
ثم ظهرت فكرة القومية العربية والقومية التركية . القومية العربية أول من دعى إليها وأظهرها كقومية عربية هم النصارى العرب ، وهؤلاء النصارى أكثرهم في بلاد الشام ، أما الأقباط الذين كانوا في مصر فلم يكونوا يفكرون في قومية عربية بل ولا حتى في وطنية مصرية إنما كان همهم هو التبعية للغرب وللمستعمر .
مسألة المساواة والكرامة أو ما يسمى " حقوق الإنسان " , ويكفي أن الله تبارك وتعالى منّ على البشرية جمعاء ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم وبهذا الدين العظيم الذي حررها من العبودية لغير الله وعلمها حقيقة المساواة بين البشر وأن التفاضل لا يكون إلا بالتقوى .
(( القومية ))
لقد نشأت مخالفة لما ذكر الله تبارك وتعالى ولما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالقومية أو الوطنية أو القبلية أو الحزبية أو النعرات العرقية أو الطائفية أو ما أشبه ذلك كلها يجمعها أنها تنافي وتخالف هذا الأصل العظيم – التفاضل بين الناس بالتقوى - . وإذا أردنا أن نرجع إلى تاريخ القومية القديم فإننا نجد أكثر الناس غلواً في القومية وفي العنصرية - ولا يزالون إلى اليوم - هم اليهود . ربما يكون لليهود السبق وتعليم غيرهم من الأمم التعصب العرقي الذميم المغالى فيه جداً ، فإن الأمم الأخرى وإن كانت كل أمة تتعصب لقوميتها إلا أنها لم تبلغ حداً يفوق اليهود ، وإنما أكثر الأمم قوميةً ظهرت تبعاً لليهود كما حدث للقومية النازية في ألمانيا أو الفاشية في إيطاليا ، فهي ظهرت متأثرة بالفكر اليهودي .
واليهود هم أكثر الناس عنصرية وقومية وذكر الله تبارك وتعالى عنهم ما يدل على ذلك في القرآن في مواضع كما قال الله عز وجل : { وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحبائه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق } يدعون أنهم أبناء الله وأحباؤه ويدعي اليهود أنهم شعب الله المختار , وأيضاً كما ذكر الله عز وجل بأنهم قالوا : { ليس علينا في الأميين سبيل } ، { ومنهم من تأمنه بدينار لا يؤده إليك } . فيرون استحلال أموال غير اليهود وأن أموال الأميين هي حلال لليهود !
وهذه القومية عند اليهود إنما جاءتهم من فهم باطل للتوراة وتحريف لبعض نصوصها ، أو من ابتداعهم في الكتاب الكبير الذي ابتدعوه واتبعوه أكثر من التوراة وهو ما يسمى " التلمود " .
ومن آثار هذه القومية والعنصرية اعتقادهم أنه لا يمكن أن يكون نبيٌ إلا من بني إسرائيل , وكان ذلك من جملة أسباب كفرهم برسالة محمد صى الله عليه وسلم أنه من الأميين ! ولهذا نجد في سورة الجمعة بين الله تبارك وتعالى تفضله وإنعامه على الأميين { هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين } , ثم بين لماذا هذا التفضيل وهو أن اليهود لا يستحقونه { مثل الذين حمّلوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً } . فهذا الفضل من الله تبارك وتعالى على الأميين هو بحكمته ، فهو الذي اختارهم لحكمة يعلمها , وأما أولئك فنـزع منهم النبوة لأن حالهم أصبح مثل هذا المثل السيء - كمثل الحمار يحمل أسفارا – فنـزعت منهم النبوة . فهم يرون أنهم أحق الناس بالنبوة وأن لا نبوة في غيرهم , ووصل بهم الحد إلى اعتقاد أن أي إنسان غير يهودي سواء كانت نصرانياً أو مسلماً أو من أي دين آخر فهم إنما خُلِقُوا ليكونوا كالحمير لليهود يركبهم شعب الله المختار ! بل يعللون خلقة الله سبحانه وتعالى لغير اليهود على شكل اليهود فيقولون : هذا من فضل الله على اليهود حتى يستطيعوا استخدامهم وإلا فهم في الحقيقة كالحمير والبغال والجمال وغيرها من الحيوانات لكن الله سبحانه وتعالى خلقهم على صورة اليهود ليستطيع اليهود أن يستخدموهم كما يشاؤون , فهم وأموالهم حلال لهم ولا حرج عليهم في شيء من ذلك !
فلذلك كما قلنا إما أنها نصوص حرفت من التوراة أو أنها مما وضعه الأحبار والرهبان في التلمود . وهذا ما بينه الله تبارك وتعالى - وهو معلوم بالتواتر - أنهم حرفوا التوراة , ومن جملة ما حرفوا أن الله سبحانه وتعالى أمر الناس في الوصايا العشر التي أنزلها في التوراة بأن يقوموا بالقسط وأن يوفوا الكيل والميزان وأن لا يزنوا وأن لا يسرقوا ... فحور اليهود ذلك وحرفوه : لا تزني أي باليهودية , ولا تسرق مالاً أي لا تسرق مال اليهودي , ولا تقتل النفس أي لا تقتل اليهودي وهكذا . حرفوا ذلك ليصبح خاصاً باليهود أما غير اليهود فجاء التلمود وأكمل في هذا فيقول : " إذا وقع أممي ( أي غير يهودي ) في حفرة فلا تنقذه منها بل إن استطعت فألقِ عليه حجراً حتى لا يخرج ، إذا وقع في حفرة أو غرق في ماء أو سقط في أي مكان فلا نتقذه أبداً لأنه عدو لك " فالتفضيل تحول إلى عداوة شديدة مقيتة لأن التلمود كتب في بابل - في العراق - التي كانت مقر حكم الفرس الذين سبوا اليهود إلى بابل ، فاليهود في ظل ظروف الأسر وضيقه كان عندهم شعور بالاستعلاء وأن الله اصطفاهم واختارهم وأن هؤلاء وثنيون مشركون ، فكتبوا التلمود في ظل هذه الظروف فكانت فيه روح الاستعلاء والكبر واحتقار جميع الشعوب والعداوة لهم .. فأي انسان من غير اليهود لا حرمة له عندهم مثلما أنهم كانوا لا يرون أي حرمة أو تقدير لهؤلاء الذين أسروهم وقهروهم وسلبوهم ملكهم وآذوهم وعذبوهم . فالنفس الانتقامية لدى اليهود هي التي كتبت هذا التلمود , وعندما تحرروا من الأسر البابلي ودخلوا وانتشروا في أوروبا وغيرها كان النصارى يضطهدونهم اضطهاداً شديداً لأنهم يعتبرونهم قتلة المسيح ، والمسيح عند النصارى هو الرب ، فهؤلاء قتلة الرب الذين صلبوه وقتلوه وكذبوه .. فأخذ النصارى يتفننون في تعذيب اليهود فازداد اقتناع اليهود بما في التلمود . وكانوا يكتبون عبارات شنيعة جداً في المسيح عليه السلام لكن لا يضعونها لأن التلمود كتاب سري وهو في الأصل كتاب سري لا يطلع عليه غير اليهود ، ومع ذلك كانوا يكتبون هذه العبارات ويضعون مكان اسم المسيح علامات أو نقاط حتى لا يذكروه , لكن الحبر عندما يقرأه عليهم يقول المقصود ( المسيحيين أو المسيح ) ثم عمم بعد ذلك على غير النصارى في خارج أوروبا .
بهذه الروح كان اليهود ولا يزالون ينظرون إلى غيرهم من الشعوب , ولهذا لا يرون لأي أمة فضل عليهم مهما أعطتهم وأنفقت عليهم ووقفت معهم لأن هذه الأمة وما ملكت هي ملك لليهود أصلاً ، فمهما فعل معهم الناس أو أسدوا إليهم بمعروف فالفضل لا يزال لهم لأنهم هم الأصل ومن عداهم فلا قيمة له .
تعلم من هذا الفكر اليهودي القوميون الغلاة في أوروبا وأهمهم النازيون , لكن قبل أن نتكلم عن هذا الفكر نرجع إلى أصل وجود فكرة القومية في أوروبا فهي تسبق النازية وتسبق التأثير الواضح لليهود , وذلك أن القومية لم تكن معروفة في أوروبا على الإطلاق إنما كان العالم فيما يسميه المأرخون " القرون الوسطى " كان الأصل فيه هو الدين , وكانت القاعدة في التعامل هي الدين , وكان الإنسان يسأل أكثر ما يسأل عن دينه ، فهو إما مسلم وإما نصراني وإما يهودي وإما مجوسي ....... الخ , أما العصبيات والعنصريات فلها اعتبار ثانٍ يأتي بعد الدين ، وكان ذلك في أوروبا وفي الشرق وفي كل مكان حتى ظهرت أول ما ظهرت الفكرة القومية .
ظهرت هذه الفكرة بشكل وطني وذلك بظهور الثورة الفرنسية التي يزعم الغربيون أنها مفتاح الحرية ومشرق النور وفجر المساواة والعدالة والحضارة الحديثة , فعندما ظهرت الثورة الفرنسية لم يكن لها أي طابع ديني وإنما كانت وطنية تقول أن الناس جميعاً متساوون في الوطنية ، فلا ينظر إلى أديانهم ولا إلى عقائدهم ومللهم . هذه فكرة كانت جديدة على الناس سواء في بلاد الغرب أو الشرق لأن الناس إنما يتفاضلون بحسب الدين , وكل إنسان يرى أنه أفضل من غيره ديناً ، ومهما كان المخالف له في الدين فإنه يحتقره . لكن هؤلاء المفكرين الذين وضعوا أفكار الثورة الفرنسية كانوا معادين للدين لأسباب ولظروف خاصة ، فكانوا يأخذون من الفكر اليوناني القديم ومن الأفكار التي ظهرت في أوروبا ونمت وترعرعت شيئاً فشيئاً بعد ظهور حركة الإصلاح الديني ( وهذه نأتيها إن شاء الله عندما نتحدث عن النازية ) , فعندما كان هذا الفكر بعيدا عن الدين جمعوا الأمة كما يزعمون على أساس وطني .
هناك دول " الوطنية " و " القومية " فيها شيء واحد ، وهناك دول ومجتمعات القومية فيها أوسع وأعم من الوطنية ، وأوضح مثال الدول العربية . الدول العربية " الوطنية " فيها أضيق من مفهوم " القومية " ، فهناك مثلا وطنية مصرية ووطنية عراقية ووطنية سورية , هذه كلها وطنيات لكن يجمعها قومية واحدة هي القومية العربية . لكن بعض الدول قوميتها هي وطنيتها مثل ألمانيا واليابان وفرنسا ، فهم شعب يعيش على أرض واحدة ويتكلم لغة واحدة في مكان واحد وله تاريخ واحد فقوميته هي وطنيته .
ظهرت وترعرعت الوطنية مختلفة ومندمجة مع القومية ، فيمكن أن تعتبر الثورة الفرنسية ثورة وطنية أو ثورة قومية . ثم نشأت بعد ذلك القوميات الأخرى في أوروبا وارتبطت بالحروب الدينية , وأول ما تفتتت أوروبا تفتتت على يد حركة الإصلاح الديني ( مارتن لوثر ) و ( كالفن ) ومن كان معهم ، هؤلاء ابتدعوا الدين الذي يعتبرونه تصحيحاً للنصرانية وهو البروتستانتية ، ومعنى البروتستانت : المحتجون أو المعارضون .. معارضون لمن ؟ للبابا زعيم الكاثوليك في روما ومحتجون عليه وعلى ما أحدث في الدين من بدع وأرادوا تصحيح الدين .. لكن إلى أي مدى صححوا ؟ لم يأتوا إلى القضايا الأساسية , فلم يصلحوا التثليث ليصبح توحيداً ، لم يصححوا اعتقاد أن المسيح ابن الله ويقولون أنه عبد الله ورسوله وغير ذلك من الأمور . ولكنهم اعترضوا عليه في أمور كثيرة من أهمها توسط رجل الدين بين العبيد وبين الله تبارك وتعالى ، فالكاثوليك يقوم دينهم على هذا التوسط فرجل الدين هو الواسطة ، فلا يمكن الاستغفار إلا عن طريقه ولا يمكن الصدقة إلا عن طريقه ! حتى أنه يباشر كثيرا من الطقوس وأمور الناس عند الموت وعند الميلاد وعند الزواج , وأمور كثيرة لابد أن يقوم بها القديس وإن لم تفعل لأي انسان فإنه يعد محروماً من الجنة ! ومن ذلك احتكارهم لقراءة وتفسير الانجيل فلا يمكن لأحد أن يقرأ الانجيل أو أن يفسره إلا رجال الدين ، ويقرأونه باللغة القديمة وليس باللغات المعاصرة واللهجات المحلية التي كانت في أوروبا .
وعندما ظهرت حركة مارتن لوثر أحدثت انفجارا قوياً وعنيفاً جداً في هذه التركيبة التي كانت أوروبا بأجمعها مجتمعة عليها ، وقد تأترت تأثراُ واضحاً بالإسلام والمسلمين نتيجة الحروب الصليبية لما وجدوا أن المسلمين يقرأون كتاب الله كما يشاء ويعبد الله سبحانه وتعالى ليس بينه وبين الله واسطة ، فوجدوا أنهم يمكن أن يعبدوا الله تبارك وتعالى بغير توسط من أحد , فاجتهد أناس قبل ( لوثر ) في زحزحة هذه التقاليد القديمة التي نشأ عليها الغربيون ، فنشأت حركة يسموها " حركة تحطيم الصور والتماثيل " وأخذوا يحطمون الصور والتماثيل في كثير من أنحاء أوروبا ويقولون أن هذه وثنية لأنه في التوراه مكتوب ( لا تعمل صنماً ولا ترسم صورةً ولا تعبد وثناً ) , فقالوا هذا ليس من الدين في شيء .
وهكذا ظهرت حركات من هذا النوع إلى أن بلغت القمة في حركة " مارتن لوثر " الذي كان ألمانياً فترجم الإنجيل إلى اللغة الألمانية وجعل كل إنسان يقرأ الإنجيل ويتعبد كما يشاء ولا يراجع أي قسيس , وأصبحوا يعتقدون كفر الكاثوليك الذين في أوروبا ، والبابا في المقابل يعتقد أن البروستانت كفار ، وحرم كل منهما الزواج من الآخر فلا يجوز للبروتستانتي أن يتزوج كاثوليكية ولا يجوز للكاثوليكية أن تتزوج من بروتستانتي والعكس ، فصارت بينهما العداوة الشديدة للدين . ولأن لوثر لم يضع منهجاً دقيقاً ومنضبطاً بقدر ما وضع خروجا عن البابوية ، فقد خرجت فرق وطوائف كثيرة تحت الشعار نفسه وخالفته وخالفت البابا .
القومية الألمانية تمحورت حول البروتستانتية عقيدةً والشعب الألماني قوميته ، أما الفرنسيون وهم الأعداء لهم في تلك المرحلة فإنهم بقوا على دين الكاثوليك وهم إلى اليوم كذلك فدينهم الكاثوليكية تبعاً للبابا , ولكن عندما ظهرت الثورة الفرنسية أصبحت دعوتهم لا دينية فثاروا على البابا ولكن ثورة غير دينية ، فبقي عندهم الدين في حدوده المعينة التي رسموها له والتي لا يتدخل فيها في شؤون الحياة , فمجال الدين ( الكنائس وما يتعلق بها ) أعطوها حرية وبقيت علىمذهب الكاثوليك . فهنا نشأ الصراع والتنافس الشديد في أوروبا بين هاتين الدولتين وبين غيرها من الدول فيما بعد ، وارتبطت القومية بالدين أيضاً وأصبح كل منهم يمثل شيئاً واحدا .
الانجليز أخذوا العقيدة البروتستانتية وادعوا القومية الانجليزية وانتشروا وتمددوا في أنحاء كثيرة من العالم خارج بلادهم ، فأصبحت العداوة بين الألمان والانجليز عداوة قومية محضة مع أنهم في الدين سواء ، أما الفرنسيون فإنهم كانت العداوة بينهم مختلفة ولهذا نجد أن هذه الدول الثلاث قل أن تتفق في تاريخها , وهذا غير الحروب والخلافات والشحناء بينها ، فإذا اتفقت منها اثنتان فهما ضد الثالثة غالباً .
نشأت وترعرعت الأفكار القومية في كل دولة من هذه الدول فأصبح لكل دولة شعراؤها وشعاراتها ورموزها وتاريخها ومفاخرها وهكذا ، وابتعدت كل واحدة عن الأخرى ابتعاداً شديداً بعد أن كانت أوروبا قبل الثورة الفرنسية وقبل حركة مارتن لوثر كلها أمة واحدة يجمعها دين واحد ، فتشعبت تشعباً شديداً .
في هذه الفترة كان العالم الإسلامي كله أو على الأقل ما يوازي منه أوروبا - الذي هو منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط - تحت حكم الدولة العثمانية ولم يكن يعرف المسلمون أي شيء عن الفكرة القومية ولا الوطنية إلى أن ظهرت في مصر . ظهرت الوطنية المصرية والافتخار لمصر ولأمجاد مصر وبالفراعنة وما قبل الفراعنة تأثراً بالذين ابتعثوا لفرنسا وتأثروا بفكرة الوطنية الفرنسية . ونشأت في مصر دعوة قوية جداً إلى الوطنية حتى كانت كل الأحزاب على اختلافها تدعوا أو تفخر بالوطنية . حزب الوفد - وسعد زغلول - كان وطنياً , وكذلك مصطفى كامل كان وطنياً جداً رغم عداوته لسعد زغلول ورغم ما عنده من مسحة إسلامية لكن كان هو الذي يقول ( لو لم أكن مصرياً لتمنيت أن أكون مصرياً ) . أحمد شوقي ، حافظ ابراهيم ، وغيرهم من الشعراء كانوا شعراء وطنيون قلّ أن تجد لهم شيئا من الشعر الذي يفتخر بالعرب أو بالعالم الاسلامي إلا أحياناً , إنما الأصل عندهم في الفخر هو بالوطنية ونوع من الامتزاج بالقومية لكن لم تظهر ملامحه ولم تتضح في تلك المرحلة .
ثم ظهرت فكرة القومية العربية والقومية التركية . القومية العربية أول من دعى إليها وأظهرها كقومية عربية هم النصارى العرب ، وهؤلاء النصارى أكثرهم في بلاد الشام ، أما الأقباط الذين كانوا في مصر فلم يكونوا يفكرون في قومية عربية بل ولا حتى في وطنية مصرية إنما كان همهم هو التبعية للغرب وللمستعمر .