المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف انهارت امريكا قراءة تاريخية للمستقبل



Abo_mariam
17-04-2005, 01:00 AM
ونحن نعيش اليوم (2015م) الذكري الخامسة لبدء سقوط وانهيار الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 2010م، نجد من المفيد التذكير بمسلسل الأحداث التي أدت إلي ذلك، والوقوف علي العبر والدروس المستفادة منها.

فمنذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، والأحداث تسير متسارعة، وغدت أمريكا أقل اتزانا، بحيث فتحت علي نفسها عدة جبهات في آن واحد، فمن بن لادن، إلي أفغانستان إلي العراق، فلبنان، وسورية، والسودان، ومصر، والسعودية، وغيرها، دون أن تحقق نصرا نهائيا في أي منها.

لقد كان سقوط بغداد في إبريل 2003 مقدمة لسقوط أمريكا، فقد حشدت الولايات المتحدة حوالي ربع مليون جندي في العراق والخليج العربي، نصفهم في الكويت والسعودية، وأخذ أسامة بن لادن يحث المسلمين في جزيرة العرب علي إخراج المشركين منها، ممثلين في أمريكا، وحلفائها، ولاقت دعوته تجاوبا بوتيرة متصاعدة تمثلت في هجمات علي القواعد العسكرية الأمريكية وعلي حراساتها السعودية والكويتية، وشهدت السعودية والكويت توترا أمنيا لم تشهداه من قبل.

لقد وضعت أمريكا نارها بجانب بترول العرب، فكان الحريق الذي عمّ وطم، فبدلا من أن تعمل السعودية والكويت علي إخراج الأمريكان بالتفاهم معهم، سمحت لهم بالتصرف وكأنهم في بلادهم. وقد تمادي الأمريكان ولم يحترموا مشاعر المسلمين في جزيرة العرب، بل أخذتهم العزة بالإثم وأرادوا إذلال العرب والمسلمين، فكانت ممارساتهم ناراً في هشيم العرب. فقد انتشر قريباً من مئة ألف من الجنود الأمريكان في عدة قواعد عسكرية في الجزء الشمالي الشرقي من السعودية، وأقاموا في قواعدهم عشر كنائس، وجلبوا سفناً من الخمر ولحم الخنزير، كما جلبوا سفينة من المومسات والمغنين لإحياء حفلاتهم، وانتشرت أخبار ذلك بين المسلمين مما زاد من ردات فعل الجماعات الإسلامية المناهضة للنظام السعودي، وغدت الحكومة السعودية في موقف لا تحسد عليه، ولم تجرؤ علي الطلب من الولايات المتحدة أن تكف عن هذه الممارسات أو تسحــــــب قواتها، فقد كانت تخشي من سيف أمريكا المسلط علي مناهــــج التعليم وطباعة القرآن الكـريم والتدخل في شؤونها الداخلية.

وفي الوقت نفسه كانت أخبار عمليات المقاومة الإسلامية في العراق ضد أمريكا وحلفائها، تخترق الآفاق، وتزيد المسلمين شعورا بأن الطريق إلي الحرية تمر عبر مقاومة أمريكا عسكريا، وزاد تعاطف المسلمين في السعودية مع المقاومة العراقية، فزادت من هجماتها علي المواقع الأمريكية والسعودية الحليفة لها، ولاقت تأييدا متصاعدا، ازداد معه حرج الحكومة السعودية والحكومات العربية الأخري، فأمريكا لم تع الدرس، أنها بوجودها في المنطقة تزيد من اشتعالها فتحرق الأخضر واليابس، وهي لا تريد الخروج من العراق كما لا تريد الخروج من السعودية والكويت ودول الخليج، وهي بذلك وفرت أهدافا سهلة ومتاحة للمقاومة الإسلامية، وزادت من حنق المسلمين عليها، ووفرت مجالا خصبا لانتشار أفكار أسامة بن لادن، والفكر الإسلامي عموما، فأقبل عليه الناس في كل مكان، وظهر وكأن أمريكا تحفر قبرها في أرض العرب.

لم تؤد هذه العمليات إلي إقلاع أمريكا عن سياساتها الاستفزازية، بل إن موظفيها في المدن السعودية طالبوا بتوفير سبل الراحة لهم كما هي موفرة للجنود الأمريكان في القواعد العسكرية، فغضت الحكومة السعودية الطرف عن كنائس صغيرة أقيمت في شقق وفيلات في الرياض والدمام وجدة، وغيرها، واشتغل بعض التجار السعوديين في جلب الخمور والمومسات من الهند وسيريلانكا والصين وأوروبا، بل تورطوا في الإيقاع بفتيات عربيات لإرضاء نزوة الأمريكان، الذين طمعوا في إذلال العرب. وقد تسربت هذه الأخبار وذاع صيتها، فهاجت نفوس العرب والمسلمين، فأمدوا العون للجماعات الإسلامية المناهضة للحكومة.

وفي موسم الحج لعام 1427هـ في أواخر ديسمبر 2006م، إلتفّ أربعون رجلاً حول رجل صالح، يُدعي محمد بن عبد الله القرشي، فوق جبل عرفة، وبايعوه أميراً عليهم.

كان محمد بن عبد الله رجلا في الأربعين من عمره، من أسرة مغمورة، نشأ وترعرع في المساجد وعلي موائد القرآن الكريم، وتأثر بما جري للمسلمين علي أيدي أمريكا وأتباعها من الحكام العرب، واستوعب الفكر الإسلامي النهضوي، وتأثر بدعوة أسامة بن لادن، وسمع وشاهد ما فعله الأمريكان بالمسلمين في العراق والسعودية وفلسطين وإندونيسيا وأفغانستان وغيرها، وأخذ علي نفسه الدعوة لطرد الأمريكان وتحكيم شرع الله في الأرض، وبثَّ دعوته تلك إلي بعض مَن لمس منهم التقوي والرجولة أثناء موسم الحج، فوافقوه علي دعوته وبايعوه علي المضي في هذه الطريق مهما كلفت من ثمن.

انتشر الأربعون في أرجاء السعودية ودول الجوار، وأخذوا ينظمون مقاومة ضد الأمريكان وأتباعهم علي أساس فكري إسلامي متين، وعملوا علي توحيد صفوف الجماعات الإسلامية في تلك البلدان، وساعدتهم الأحداث في ترويج دعوتهم، وتقبلها الناس بسرعة نظراً لما ملأ قلوبهم من حنق وحقد علي أمريكا المفسدة. وفي السعودية قويت شوكة دعاة إسقاط الأسرة المالكة، وساعدهم في ذلك الفساد الذي غرقت فيه الأسرة المالكة والقتال والشحناء التي دبت في أوصالها بعد موت الملك فهد، وتولي الأمير عبد الله مقاليد الحكم، حيث لم يرضِ ذلك فريقا من الأمراء فسعوا لاستبداله بأحدهم، ودبَّ صراع مرير بين أمراء الأسرة المالكة، وعاشـــــت البلاد أسـوأ فترات حكمها، وتهيأت الظروف للجماعات الإسلامية للتخلص منها.

اغتنم محمد بن عبد الله هذه الظروف ودعا أتباعه في كل مكان للالتقاء به في موسم الحج لعام 1429هـ في مطلع ديسمبر 2008م، بهدف التحرك للسيطرة علي الحكم إثر انتهاء موسم الحج، ووفق تدبير محكم، وبانتهاء مراسم الحج، كان أتباع القرشي قد سيطروا علي مقرات الحكومة في أرجاء السعودية، وأعلن نفسه أميراً علي البلاد. وفرَّ الملك عبد الله إلي قاعدة الظهران الأمريكية، واستنجد بأمريكا التي أعلنت حالة الاستنفار القصوي. وبإيعاز منها، عُقدت القمة العربية، التي أدانت الانقلاب الحاصل في السعودية، باعتباره انقلابا أصوليا سيُغرق المنطقة في مزيد من التطرف، وبدأ تكوين تحالف دولي جديد تقوده أمريكا علي نمط التحالف الذي قادته لغزو العراق من قبل.

الخطوة الأولي التي اتخذها الأمير محمد بن عبد الله القرشي، أنه أعلن عن وقف تصدير البترول إلي أن تخرج الولايات المتحدة من الأراضي السعودية قاطبة، وأعلن عن تغيير اسم المملكة لتصبح: (الإمارة الإسلامية)، ثم أرسل وفوده إلي حكام العرب والمسلمين يطلب منهم التحالف معه، فصدوه، فأرسل إلي الحركات الإسلامية في العالم فناصرته الحركات الإسلامية السنية في العراق، والإخوان المسلمون في البلاد العربية، وجماعة بن لادن، والحركة الإسلامية في كل من باكستان واندونيسيا وتركيا والشيشان، وغيرها، وجاءه مدد كثير، كما جنّدت هذه الحركات نفسها لمحاربة أعدائه من مواقعها.

طلبت الولايات المتحدة الأمريكية من حكام العرب والمسلمين التحالف معها كي لا تبدو معركتها حرباً بين المسلمين والمسيحيين، فقدمت البلاد العربية والإسلامية مجتمعة حوالي سبعــــين ألفاً من قواتها، وجمعت الولايات المتحدة ربع مليون من قواتها المنتشرة في العالم، وقدمت دول الاتحاد الأوروبي مئة وثلاثين ألفا، وفرض مجلس الأمن الدولي حصارا شاملا علي (الإمارة الإسلامية)، وأجاز مناصرة الملك عبد الله المخلوع باعتــباره صاحب الشرعية. ومما يُذكر في هذا السياق: أن تظاهــــرة عارمة خرجت في شوارع القاهرة، وقُمعت بعنف أدي لمقتل العشرات واعتقال الآلاف. كانت التظــــاهرة ضد فتوي شيخ الأزهر الشريف بأن الأمير القــــرشي خارج علي أحكام الشرع بتمرده علي ولي الأمر الملك عبد الله، وأجازت الفتوي اشتراك مصر في الحرب ضد القرشي، وهو ما أغضب الشارع المصري المتعاطف معه، وحدث مثل ذلك أو قريبا منه في عدد من البلدان العربية والإسلامية.

ووجهت الولايات المتحدة إلي القرشي إنذارا بضرورة تسليم نفسه قبل الخامس عشر من يناير عام 2010م، مع ضمانها له بإخضاعه لمحاكمة عادلة . ورفض القرشي الإنذار، وشرع في وضع الاستحكامات حول مكة المكرمة، التي اتخذها مقراً له منذ لحظة الإنذار، ووجه نداء إلي الشباب العربي والمسلم ذوي التخصصات التقنية المتقدمة لتقديم مساعداتهم العلمية لمواجهة الحلف الأمريكي. ومع اقتراب موسم الحج في أواخر نوفمبر 2009م، قررت البلاد الإسلامية في أكتوبر 2009م، عدم إرسال وفود الحجاج لذلك العام بحجة الوضع الأمني المتوتر في البلاد الحجازية. والواقع أنها خشيت من التحاق أعداد من الحجاج الشباب بالقرشي لمساندته، فتشكل أفغانا عربا جددا. أو خشيتها أن يتخذهم القرشي دروعا له، أو يحولوا دون تمكن الحلفاء من الإمساك بالقرشي أو القضاء عليه، وعلي كل قررت الدول الإسلامية منع الحجاج كلهم بمن فيهم كبار السن والنساء حتي يبدو الأمر وكأنه حرص علي حياتهم.

إلا أنه اجتمع علي جبل عرفة في ذلك الموسم للحج عدد قليل من أعلم وأتقي المسلمين، قد لبوا دعوة القرشي، فاجتمع له ثلاثمئة وأربعة عشر منهم، أراد أن يجأروا إلي الله بالدعاء من قلوب تقية خاشعة بأن ينصر الله الإسلام ويعز أهله، بينما انتشر جيش الإمارة الإسلامية والمتطوعون من البلاد الإسلامية حول مكة وضواحيها، لحمايتها. وقد تمكن التقنيون المسلمون الذين تطـــــوعوا لمساعدة القرشي من وضع تصور قابل للتنفيذ لاختراق شـــــبكة الاتصالات العسكرية التي تعتمدها أمريكا وحلفائها، بما يمكِّنهــــم من توجــيه أسلحة الدول المتحالفة ضد بعضها البعض، ووضع هذا التصور موضع التنفيذ.

وكانت الإشاعات قد تسربت بأن الأمريكان وحلفاءهم عازمون علي هدم الكعبة، وقد انتشرت تلك الإشاعات كالنار في الهشيم، فخرجت التظاهرات في أنحاء العالم الإسلامي تطالب حكوماتها بالعدول عن حلفها مع أمريكا، وتطالبها بالدفاع عن الكعبة ومقدسات المسلمين. بينما شرعت تلك الحكومات تؤكد باستمرار، وبصفتها شريك في الحلف ومطلعة علي خطط الحلفاء، أنها لن تؤذي الكعبة، ثم أوعزت إلي مشايخها ليؤكدوا عبر خطبهم وعبر الفضائيات، بأن الكعبة المشرفة قد هُدمت في التاريخ عدة مرات، وكانت إحداها علي يد الحجاج بن يوسف الثقفي، إلا أن عبد الملك بن مروان أعاد بناءها أفضل مما كانت عليه، وأنها تعرضت لزلازل كثيرة في التاريخ، وفي كل مرة هُدمت فيها كان يُعاد بناؤها من جديد. وكان ذلك توطئة ليتقبل المسلمون ما قد يحصل للكعبة.

لقد أوضحت الإدارة الأمريكية لحلفائها، وخصوصا من المسلمين، بأن القرشي لو لجأ إلي الكعبة والمسجد الحرام، فإنها لن تضمن سلامتهما من وقع القنابل التي ستستهدف القرشي وجيشه. وهكذا أقنعت حكام المسلمين بأن نواياها سليمة، في الوقت الذي أضمرت فيه أحقادا دفينة بالرغبة المسعورة في هدم الكعبة ونبش قبر الرسول محمد صلي الله عليه وسلم، تلك الرغبة التي لم يتمكن القائد البرتغالي (البوكيرك) من تحقيقها في مطلع القرن 16م. ولعل هذه الدول قد منعت حجاجها لذلك العام خشية أن تتحمل مسؤولية ما سيصيبهم.

ومع حلول أيام الحج لعام 1430هـ كان الحلفاء قد حشدوا أربعمئة وخمسين ألف جندي مزودين بمختلف أسلحة العصر، وبالأسطول السادس الأمريكي والغواصات القادرة علي حمل رؤوس نووية، واصطفت في البحر الأحمر قبالة جدة وشمالها، كما التفّ جيش الحلفاء حول مكة يملأون الطريق بين مكة والمدينة، ومكة والرياض، ومكة وعسير، وقامت مصر والأردن وعُمان بتموين القوات بالغذاء الطازج !، بينما لم تشترك إسرائيل في تلك الحملة لرغبة أمريكا في تقليص تأييد العرب والمسلمين للقرشي، واكتفت إسرائيل بحماية أمنها الداخلي وحدودها، حيث أعلنت حالة الطوارئ القصوي.

ويوم عرفة التاسع من ذي الحجة 1430هـ الموافق ليوم الخميس 26/11/2009 وقف الثلاثمئة وأربعة عشر عالماً من أعلم وأتقي المسلمين في العالم علي صعيد عرفة يدعون بدعاء واحد: اللهم اجعل من نصرك المسلمين آية تعزهم وتذل أعداءك ، وما أن غابت شمس ذلك اليوم العظيم، حتي سمع العالم أخبار صدْعٍ كبير، أصاب بالتحديد، وبدقة بالغة، المناطق التي احتشدت فيها جيوش وأساطيل الحلفاء، أدي لابتلاع الأرض لكل ما عليها، وغمرت مياه البحر كثير من هذه الشقوق العريضة، وقد أدت حركة مياه البحر إلي انجراف الأسطول السادس الأمريكي وغواصاته إلي بعض الشقوق الضخمة الناتجة عن الصدْع، وفي غضون ساعتين لم يبق من قوات الحلفاء الأربعمئة وخمسين ألفاً، أحدٌ فوق سطح الأرض، فقد خُسفت بهم جميعهم. وقد التقطت الأقمار الصناعية هذا المشهد لكنها لم تعرض منه علي الفضائيات سوي بضع ثواني.

وأمام هَوْل هذا الحدث الخطير، ومع صلاة فجر أول أيام عيد الأضحي المبارك، سجد جيش الإمارة الإسلامية والمتطوعون معهم والعلماء شكرا لله، وخرجت المسيرات الضخمة في العالم الإسلامي تطالب بسقوط أنظمتها الحاكمة، وتقدَّم هذه المسيرات علماء من الحركات الإسلامية يبشرون بالمهدي المنتظر، ويدعون شعوبهم لمبايعة الأمير محمد بن عبد الله القرشي إماماً للمسلمين، ونادي العلماء الذين وقفوا علي عرفة، بالقرشي خليفة للمسلمين في الأرض وإماماً مهدياً. وطفقت دول عربية تبايع المهدي وتنضم إليه، بدءاً بالعراق، فاليمن، فجميع إمارات الخليج العربي، والسودان. واستمرت التوترات والمظاهرات في عدد من البلدان العربية والإسلامية حتي تمكنت من إسقاط النظام في مصر، ونادت الجماهير بقيادة الإخوان المسلمين في مصر لتولي قيادة الدولة، وباشروا بدورهم مبايعة المهدي وإعلان مصر ولاية تابعة له، وكذلك في العديد من الدول.

وقد تباينت الآراء في تفسير ما حدث لأمريكا وحلفائها، فمن قائل أن مجموعة التقنيين الذين استعان بهم القرشي قد تمكنوا بالفعل من اختراق شبكة اتصالات الحلفاء ووجهوا أسلحتهم ضد بعضهم البعض، وقبل الموعد الفعلي لبدء الحرب. وقد أحدثت هذه الأسلحة صُدوعاً في الأرض لما تحمله من قنابل نووية صغيرة ومتوسطة. ومن قائل أن ذلك غضب الله ، فقد دافع الله عن بيته تماما كما فعل أيام غزو أبرهة الأشرم للكعبة فأهلك الله جيشه بالطير الأبابيل، وقد استشهد أهل هذا التفسير بحوادث تسونامي في جنوب شرق آسيا عندما وقعت قبل عشرة أعوام في 2005م. ولا عجب أن تحدث هذه الصدوع في منطقة حوض البحر الأحمر نظرا لكونها أساساً منطقة تشققات وصدوع، فالبحر الأحمر نفسه نشأ في القديم من صَدْع كبير ضرب المنطقة في عصور جيولوجية سابقة. ولعل الأرجح أن الله أراد أن يبارك جهود المسلمين الذين لم يتوانوا عن إعمال فكرهم وجهدهم لنصرة دينه والدفاع عن بيت الله الحرام، فعزز رميهم وتدبيرهم وضاعف من آثار كيدهم حتي ابتلعت الأرض مَن عليها من الحلفاء (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمي).

أما أمريكا وأوروبا، فقد أذهلها ما حدث، ولم تكد تصدق. وقد خرجت مئات ألوف الأهالي يبكون ويصرخون ويطالبون بسقوط إداراتهم الحاكمة. وما هي إلا أيام حتي علت في الولايات المتحدة دعوة إلي عدم خضوع الولايات للإدارة الأمريكية الفدرالية، التي أزهقت أرواح أبنائها وأهدرت أموالها ولم تحقق لهم الأمن، فأعلنت لوس أنجلوس، وفرجينيا، وفلوريدا، بدء حركة الاستقلال، وما هي إلا بضع شهور حتي بدأت ولايات أخري بالاستقلال والخروج من الاتحاد الفدرالي، وفي الوقت نفسه قررت الإدارة الأمريكية ضرب جدار عزلة علي الولايات المتحدة، والعودة لتطبيق مبدأ مونرو علي نطاق واسع، وهو المبدأ الذي أعلنه رئيس الولايات المتحدة الثالث جيمس مونرو في عام 1823م والذي يمنع تدخل أوروبا في أمريكا أو تدخل أمريكا في أوروبا. وقررت أمريكا ألا تتدخل في الشؤون الداخلية لدول العالم، مكتفية بعلاقات تكاملية سلمية وذات مصالح مشتركة. كما قررت سحب قواتها المنتشرة في أوروبا وآسيا وغيرها.

ومع مضي عام علي الحدث، تقلص عدد ولايات الاتحاد الفيدرالي الأمريكي إلي ثلاثين ولاية، وتراجعت قيمة الدولار الأمريكي، حيث أصبح يعادل نصف دينار عربي، وهي العملة الجديدة التي سكها المهدي بدءاً من محرم عام 1431هـ أواخر ديسمبر 2009م.

لقد أشار الكثير من علماء المسلمين والكُتّاب إلي أن ما حدث علي الأرض الحجازية كان مصداقا لحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله (ص): يغزو جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض، يخسف بأولهم وآخرهم. قلت: يا رسول الله! كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟ قال: يُخسفُ بأولهم وآخرهم،ثم يبعثون علي نياتهم (الحديث رقم 2159 من باب البيوع). وأكد العلماء أن ذلك يعني صدق الشائعات التي انتشرت قبل الخسف بأن أمريكا تهدف إلي هدم الكعبة، وهو ما نفته الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين، منعاً لوقوعها في الحرج أو جهلاً منها بطبيعة المخطط الأمريكي.

لقد تسارعت عجلة التنمية والتطوير في دولة الخلافة الإسلامية بقيادة محمد بن عبد الله المهدي، حتي اكتفت ذاتيا في مختلف مناحي الحياة، بما في ذلك صناعة السلاح والتكنولوجيا، وعملت علي إعادة صياغة العقل العربي والمسلم علي أسس جديدة، وأدت تلك الأحداث والخطوات التي تلتها إلي تغيير صورة المسلم في العقل الغربي، مما أدي إلي دخول الملايين من الناس في الإسلام. وفي المقابل تتالت الأزمات علي الولايات المتحدة، فما أن جاءت الذكري الخامسة لهزيمتها في الحجاز، إلا وعقدها مفروط، وأوضاعها الاقتصادية متردية للغاية، وتوقف دعمها لإسرائيل إلا من تبرعات المنظمات اليهودية في الولايات المستقلة عن الولايات المتحدة، وشعرت أوروبا أيضا أنها غير قادرة، وغير محتاجة لدعم بقاء إسرائيل، وشعرت إسرائيل أن عليها أن تتحمل منفردة عبء الدفاع عن نفسها في وسط محيط من أعدائها الذين غدت قوتهم في المنطقة لا يقف أمامها شيء.

وبعد، ألم يأنِ لمن ملأ القذي أعينهم ، من العلمانيين والشيوعيين العرب، أن يدركوا أن الله حق، وأن الإسلام هو الحل، وهم يرون دولة الخلافة الإسلامية تتقدم وتتفوق وتنتصر علي أعدائها، ألم يروا كيف نصر الله عباده المستضعفين، وقهر المتغطرسين بقوتهم الذين ظنوا أن بمقدورهم تحقيق كل ما يريدون، وظنوا أنفسهم منتصرين كما توهموا النصر في أفغانستان ثم العراق، فطوعت لهم أنفسهم أن يجتثوا شأفة الإسلام وقبلة المسلمين، فوجدوا الله لهم بالمرصاد فوفاهم حسابهم. إن المنطق يقول أن علي هؤلاء الذين علي قلوبهم غشاوة أن يعوا الدرس، ويثوبوا إلي رشدهم وليلحقوا بالمؤمنين قبل أن تأتيهم بغتة.

ثم ألم يأن للعالم الذي ساد في غيّه قرونا أن يصحو من غفلته ويدخل الإيمان في قلبه كما حصل مع الملايين الذين اعتنقوا الإسلام من لحظة الخسف. ماذا ينتظر العالم ليثوب إلي رشده ويدخلوا في دين الله أفواجا. لقد استبدل الله دول الاستكبار العالمي، بدولة الخلافة الراشدة، إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ الأعراف (128).


منقول