alka2ed_saddam
27-04-2005, 05:29 PM
السبيل 26/4/2005
«الخروج من الجحيم»، ليس عنوانا لفيلم من إنتاج هوليوود الأمريكية، إنما هو لسان حال من كُتبت له النجاة من معتقل أبو غريب وغيره من المعتقلات التي تنتشر على أرض العراق، على الرغم من محاولة الإدارة الأمريكية إظهار السجون بمظهر أفضل في أعقاب فضيحة التعذيب الأخيرة في «أبو غريب» التي سربتها وسائل إعلام أمريكية، حيث تفيد تقارير جديدة باستمرار حالات التعذيب وإساءة معاملة المعتقلين كان آخرها تقرير «الرابطة العراقية لحقوق الإنسان في العراق» الذي كشف عن بعض ما يعانيه السجناء في محافظة الديوانية جنوب العراق، وقالت إن معظم الإفادات التي تؤخذ من المسجونين تؤخذ قسرا وبالقوة وتنتزع «تحت التعذيب الشديد» في حين أكدت مصادر طبية من دائرة صحة الديوانية حدوث «حالات تسمم، جراء الأغذية الرديئة التي أثيرت حولها اشكالات شرعية وصحية كانت نتائجها وآثارها واضحة على السجناء.
وفي ظل هذه الأجواء التقت «السبيل» أحد المعتقلين العراقيين السابقين وقد كتبت له حياة جديدة بعد خروجه من سجن أبو غريب، حيث يروي تفاصيل جديدة عن طبيعة السجن وما يلاقيه المعتقلون من معاملة سيئة؛ وغيرها من التفاصيل.
بداية: هل تحدثنا عن تاريخ سجن ابو غريب وما هي صورته الآن في اذهان العراقيين؟
- سجن ابو غريب هو سجن قديم منذ ايام صدام حسين، وكان يتخذ كسجن للمجرمين وأصحاب السوابق والمحكومين بجرائم قتل، وفي ايام النظام الأخيرة تم الافراج عن جميع السجناء وبقي السجن فارغاً الى ان جاءت قوات الاحتلال الامريكية بعد ان كانوا قد تحدثوا بأنهم لن يستخدموا السجون، لكن سرعان ما هيؤوا السجن مرة ثانية واستخدموه كمعتقل للعراقيين الشرفاء، بمعنى ان خيرة الناس الآن هم نزلاء ابو غريب، اي تبدلت الحالة، حيث تجد فيه ائمة المساجد واهل دين واطباء ومهندسين وضباط كبار وشيوخ عشائر من مختلف طبقات المجتمع ونساء كذلك، وانا شاهدت بعيني امرأة مع ابنتها التي لم تتجاوز 12 سنة خلال اقتيادي للتحقيق.
ماذا عن مساحة السجن وعدد المعتقلين فيه ونوعياتهم وكيف تصفه من الداخل؟
- السجن ليس كما يتصوره الناس سجناً صغيراً، وانما هو منطقة كبيرة وحسب تقديري يبلغ الف دونم بالقياس العراقي حيث يبلغ الدونم 2500 متر مربع، وهناك معسكرات في السجن ومطار جوي ومستشفى ويحوي كتيبة هندسية امريكية وفيه كذلك مخيمات للمعتقلين، والسجن يقع بين الطريق القديم من بغداد الى الفلوجة وبين الطريق السريع الحديث من بغداد الى الفلوجة ثم الانبار فعمان.
بخصوص اعداد السجناء عندما كنت موجوداً في السجن هناك 15000 من مناطق اخرى، وعندما يصبح هناك ضغط في الاعداد يضطرون الى اخراج بعض المعتقلين او نقلهم الى البصرة. وبطبيعة السجن كل شخص يدخل السجن يحمل رقماً لا يعطونه لسجين اخر، وفي الوقت الذي كنت فيه كان الرقم بحدود 160 الف بمعنى دخل وخرج من السجن 160 الف سجين. ويحوي السجن كل الفئات العمرية ومن كل المستويات من الشباب في عمر (17) او (18) سنة حتى كبار السن من اعمار (80) او (85) سنة كذلك يوجد معاقون على كراس متحركة، وهنا اذكر ان احد السجناء سأل احد الحراس عن احد المعاقين لماذا اتوا به، فاجاب ان المعاق رأسه يعمل ويخطط، وهناك في السجن اشخاص مجانين.
ماذا بخصوص الهجمات التي يتعرض لها السجن من قبل المقاومة؟
- الهجوم الذي نعرفه هو الذي حدث مؤخرا وأسفر عن مقتل عدد كبير من جنود الاحتلال، لكن هنا أشير إلى أن القوات الأمريكية تعمد أحيانا إلى قصف مخيمات السجناء داخل المعتقل من خارج السجن لتشويه صورة المقاومة، ففي أحدى المرات تساقطت القذائف على خيام المعتقلين، وتبين لاحقا من خلال الضباط السابقين في الجيش العراقي والمعتقلين في السجن أن هذه القذائف هي أمريكية.
ماذا تحدثنا عن تجربة النساء في ابو غريب؟
- بالنسبة للنساء تقوم سلطات الاحتلال بوضعهن في ادارة السجن وكثيراً ما كان يتم وضع من سيحقق معهم من السجناء الرجال مع النساء في الزنازين ذاتها وللاسف يكون الكل عراة حيث يتم صف الرجال والنساء بصفوف متقابلة، وعندما يحين وقت الطعام يعطون الطعام لاحد السجناء ليوزعه بدوره على السجناء الاخرين من النساء والرجال وهو ما يحدث حرجاً وألماً في النفس حتى انه في احد الايام اخذ احد السجناء بالصراخ على احدى النساء حتى يضطر الحرس ليضربوه ليخلص المرأة من هذا الموقف، وهذا ما حصل.
صف لنا يوماً قضيته في ابو غريب، وما هي سمات هذا اليوم؟
- في البداية يبدأ اليوم بالنسبة للسجناء بأذان الفجر ويتجمع المصلون في منطقة حيث يتحول السجن لمدرسة اسلامية، تبدأ الدروس بعد صلاة الفجر الى ما بعد صلاة العشاء، دروس في العقيدة والتفسير وفي الفقه وفي اللغة حيث ان اغلب السجناء اصحاب تخصصات كائمة المساجد والمدرسين.
وفي الساعة السابعة صباحاً يبدأ بجمع السجناء لغرض احصائهم والتأكد من اعدادهم، حيث يقوم احد الحرس بالصراخ بالسجناء (Cowboy) اي يا رعاة البقر، ويتم جمع السجناء في الساحة ويبدأ عدّهم على الارقام، بعد ذلك يعود السجين اما الى سجنه او الى حلقة الدرس، وعند الساعة الحادية عشرة تقريباً يتم توزيع وجبة طعام رديئة جداً عبارة عن رغيفين صغيرين من الخبز لا تشبع طفلاً اضافة الى كأس من الارز مضافاً اليه قليلاً من المرق، حيث يتم توزيع الوجبة الثانية بعد المغرب او بعد العشاء وهي وجبة اردأ من الاولى، وهنا اشير الى ان المتعهد بتموين السجن للمعتقلين والقوات الامريكية هو شخص قطري للاسف، حيث فهمنا من المترجمين ان المتعهد يشتري الطعام بعشرة دولارات للسجين الواحد ومن ثم يبعيها لمتعهد عراقي ثانوي بقيمة أقل، ومسألة تموين القوات الامريكية مسألة تؤثر في نفسيات السجناء حيث لاحظنا مثلاً ان الخبز يتم احضاره من شركة المطاحن الكويتية اضافة الى العصائر والفاكهة، حتى ان المياه المعدنية التي يشربونها تحمل اسم «ماء مكة» والتي يستخدمها السجانون في تعذيب السجناء من خلال تبريد الماء ثم سكبه على المعتقلين في الشتاء القارص.
وماذا عن تجربتك الاعتقالية؟
- اعتقلت لمدة ثلاثة شهور بتهمة ضرب قوات الاحتلال، حيث تم استدعائي انا وشخص آخر لمركز الشرطة وطلب منا التعاون معهم بأن نطلب من الناس حماية الطريق العام الذي تمر به قوات الاحتلال الامر الذي رفضناه وبعد فترة جاءت الشرطة العراقية اصطحبونا للمركز حيث تم تسليمنا لقوات امريكية كانت متواجدة هناك، ومن ثم تم نقلنا لأحد السجون جنوب بغداد يخضع لإدارة بولندية، وبقينا مقيدي الايدي لمدة ثمانية ايام متواصلة حتى انه عندما كنا نذهب لقضاء الحاجة او حتى للصلاة نبقى مقيدي الايدي.
ثم بعد هذه الفترة تم نقلنا الى سجن ابو غريب، وهناك تغيرت المعاملة بشكل كبير، حيث شاهدنا عبارة تقول «لا تتحرك، سوف تتعرض للقتل» وفي البداية لم نكن ندري اننا في سجن كنا معصوبي الاعين، ويتم بالطبع التفتيش الدقيق، كأنك لم تأت اصلاً من سجن ومن ثم تم ادخالنا الى الزنازين داخل ادارة السجن، حيث رأينا ان في كل غرفة ما بين 20-30 معتقلاً وعرفنا بعد ذلك ان هذه الزنازين هي للتحقيق، واعطانا الحرس بطانيتين من اردأ النوعيات مع العلم ان الجو في ذلك المكان بارد جداً، بالاضافة الى ان الشخص عندما يريد ان يستحم يتم توجيهه الى صنابير مياه في الهواء الطلق في ظل جو ممطر ودرجة حرارة منخفضة.
بعد انفضاح امر السجن، تحدث الامريكيون عن تحسن المعاملة في السجن، ما صحة هذه المعلومات؟
- صراحة للامانة بعد الضجة الاعلامية التي حدثت قام الامريكيون فقط بتحسين نوعية الطعام والاهتمام بالنظافة بشكل اكبر فقط، اما بالنسبة للمعاملة فقد بقيت سيئة ولم يتغير عليها شيء، وما زالت العقوبات الفردية والجماعية موجودة حيث يتم تعريض السجناء لعقاب جماعي بادخال كلاب بوليسية الى مخيمات السجناء ويطلقون الرصاص المطاطي احياناً على المعتقلين بسبب وبدون سبب.
هناك تقارير تتحدث عن سجون اخرى منتشرة في العراق يتعرض فيها السجناء لذات المعاملة في ابو غريب ما صحة ذلك؟
- هناك نماذج اتعس من ابو غريب وبادارة عراقية - امريكية، بمعنى انها تدار من اشخاص ظاهرياً هم من الشرطة العراقية لكن في الاصل هم عملاء لوكالة المخابرات الامريكية الـ(CIA)، وحسب معرفتنا هناك في جنوب بغداد «سجن معمل اللحوم» بالجمهورية، كذلك سجن معسكر طارق بالفلوجة وايضاً هناك سجن المحاويل وسجن مديرية الشرطة بالحلة وفيه مئات المعتقلين وكل انواع التعذيب تمارس فيه.
وايضاً هناك سجن بوكا في البصرة، وبالمناسبة سمي هذا السجن بهذا الاسم نسبة لاحد الضباط الامريكيين واسمه بوكا وكان قد قتل في وقت سابق، وهذا السجن للاسف كذلك يموّن بالكامل من دولة عربية شقيقة، حتى ان مولدات الكهرباء يوردها احد المتعهدين اللبنانيين.
في مسألة الاعتقال، لوحظ ان قوات الاحتلال عندما تحضر لاعتقال الرجال ولا تجدهم تقوم باعتقال النساء كوسيلة ضغط ماذا عن هذه التجربة؟
- نعم هذا حصل قبل فترة عندما كنت موجوداً في منطقة المتاجر حيث قامت قوات الاحتلال باعتقال الام والاخت، وثم كتابة عبارة وتعليقها على باب المنزل تقول «اذا كنتم كما تقولون انكم مسلمون وتغارون على شرفكم، سلّموا انفسكم لقاء الافراج عن امكم واختكم»، وفي هذه الحالة ربما يسلم المطلوب نفسه ليفرج عن امه واخته، وقد لا يتم ذلك، حيث اعتقلت اخت احد المطلوبين، وعندما ذهب ليسلم نفسه قالوا له انهم نقلوا اخته لمعسكر آخر.
في ظل هذه الاوضاع، كيف ينظر لقوات الحرس الوطني او الشرطة والجيش خصوصاً مع استمرار الهجمات التي تستهدفهم؟
- الحرس الوطني بالاصح هو حرس امريكي بعد ان عجزت القوات الامريكية عن تنفيذ الكثير من المهام، وهو جيش تابع للجيش الامريكي ويستخدم لحماية المعسكرات الامريكية حتى يكونوا في الواجهة في حين تعرض هذه المعسكرات لهجمات والهجمات تنفذ ضد المتعاونين منهم مع الاحتلال فقط ودليل ذلك ان شرطي المرور الذي ينظم السير لا يتعرض لاعتداء.
هل هناك اقبال من قبل العراقيين على الانضمام لهذه القوات؟
- هناك اسباب كثيرة تدعو الناس للانضمام لهذه القوات، او في هذا الحرس لهذا السبب، اضافة الى ان اخرين هم بالاصل متعاونون حيث معظمهم من اصحاب الاسبقيات والمجرمين.
ماذا عن ما نشاهده على بعض الفضائيات العراقية مؤخراً من اعترافات الاشخاص بالقيام بعمليات ضد قوات الشرطة؟
- بالنسبة لهذه القنوات المعروفة عندنا ان ادارتها هي ادارة امريكية اضافة الى طاقم من الامريكيين والعراقيين المتعاونيين، وبما انهم فشلوا عسكرياً لجؤوا الى الاعلام، حيث يحضر شخص ما بالضغط والاجبار او الاغراء ويقولون له يجب ان تعترف هذه الاعترافات التي تريدها مقابل الافراج عنه لاحقاً، وتقوم بهذه الامور عادة قوات الشرطة، وبعد ان يتم تصويره بالاعترافات يسلم للقوات الامريكية مرفق بالادلة كالاسلحة وغيرها. ووصل الحال الى اجبار بعض اصحاب السوابق وتصويره على انه ذو علاقة بالمقاومة مع العلم انه معروف في منطقة مثلاً باختطاف الفتيات والسرقة، ويقال له بأن يعترف امام التصوير انه يقوم بالاغتصاب بالتعاون مع امام المسجد الفلاني، وهذا شيء طبعاً غير معقول ولا ينطلي على احد وطبعاً هذه محاولات لتشويه الاشخاص المطلوبين لا سيما ائمة المساجد، وكثيراً ما يتم اقتحام المساجد واعتقال المصلين ويحدث ان تسرق التبرعات من داخل المسجد على ايدي هذه القوات.
ماذا عن وضع العرب حالياً في العراق ووضع السجناء منهم في ابو غريب وغيره؟
- اسوق اليك مثلاً قريباً اعتقل 20 سائقاً اردنياً ومنذ 20 يوماً لا يعلم عنهم شيء وكذلك العرب حالياً يعاملون بطريقة قاسية بوصفهم ارهابيين وكذلك الطلاب العرب في الجامعات معرضون للاعتقال ومعاملة الحرس الوطني للعرب سيئة جداً.
وفي ابو غريب هناك سجناء عرب، ولهم معاملة خاصة بمعنى انها اقسى، حيث يؤخذ للتحقيق اكثر من مرة في الاسبوع ويعرض عليهم احياناً التعاون مع الاحتلال مقابل الافراج عنه، اغلب الذين كانوا موجودين في ابو غريب هم من طلاب الجامعات ومنهم من اعتقلوا على الحدود.
«الخروج من الجحيم»، ليس عنوانا لفيلم من إنتاج هوليوود الأمريكية، إنما هو لسان حال من كُتبت له النجاة من معتقل أبو غريب وغيره من المعتقلات التي تنتشر على أرض العراق، على الرغم من محاولة الإدارة الأمريكية إظهار السجون بمظهر أفضل في أعقاب فضيحة التعذيب الأخيرة في «أبو غريب» التي سربتها وسائل إعلام أمريكية، حيث تفيد تقارير جديدة باستمرار حالات التعذيب وإساءة معاملة المعتقلين كان آخرها تقرير «الرابطة العراقية لحقوق الإنسان في العراق» الذي كشف عن بعض ما يعانيه السجناء في محافظة الديوانية جنوب العراق، وقالت إن معظم الإفادات التي تؤخذ من المسجونين تؤخذ قسرا وبالقوة وتنتزع «تحت التعذيب الشديد» في حين أكدت مصادر طبية من دائرة صحة الديوانية حدوث «حالات تسمم، جراء الأغذية الرديئة التي أثيرت حولها اشكالات شرعية وصحية كانت نتائجها وآثارها واضحة على السجناء.
وفي ظل هذه الأجواء التقت «السبيل» أحد المعتقلين العراقيين السابقين وقد كتبت له حياة جديدة بعد خروجه من سجن أبو غريب، حيث يروي تفاصيل جديدة عن طبيعة السجن وما يلاقيه المعتقلون من معاملة سيئة؛ وغيرها من التفاصيل.
بداية: هل تحدثنا عن تاريخ سجن ابو غريب وما هي صورته الآن في اذهان العراقيين؟
- سجن ابو غريب هو سجن قديم منذ ايام صدام حسين، وكان يتخذ كسجن للمجرمين وأصحاب السوابق والمحكومين بجرائم قتل، وفي ايام النظام الأخيرة تم الافراج عن جميع السجناء وبقي السجن فارغاً الى ان جاءت قوات الاحتلال الامريكية بعد ان كانوا قد تحدثوا بأنهم لن يستخدموا السجون، لكن سرعان ما هيؤوا السجن مرة ثانية واستخدموه كمعتقل للعراقيين الشرفاء، بمعنى ان خيرة الناس الآن هم نزلاء ابو غريب، اي تبدلت الحالة، حيث تجد فيه ائمة المساجد واهل دين واطباء ومهندسين وضباط كبار وشيوخ عشائر من مختلف طبقات المجتمع ونساء كذلك، وانا شاهدت بعيني امرأة مع ابنتها التي لم تتجاوز 12 سنة خلال اقتيادي للتحقيق.
ماذا عن مساحة السجن وعدد المعتقلين فيه ونوعياتهم وكيف تصفه من الداخل؟
- السجن ليس كما يتصوره الناس سجناً صغيراً، وانما هو منطقة كبيرة وحسب تقديري يبلغ الف دونم بالقياس العراقي حيث يبلغ الدونم 2500 متر مربع، وهناك معسكرات في السجن ومطار جوي ومستشفى ويحوي كتيبة هندسية امريكية وفيه كذلك مخيمات للمعتقلين، والسجن يقع بين الطريق القديم من بغداد الى الفلوجة وبين الطريق السريع الحديث من بغداد الى الفلوجة ثم الانبار فعمان.
بخصوص اعداد السجناء عندما كنت موجوداً في السجن هناك 15000 من مناطق اخرى، وعندما يصبح هناك ضغط في الاعداد يضطرون الى اخراج بعض المعتقلين او نقلهم الى البصرة. وبطبيعة السجن كل شخص يدخل السجن يحمل رقماً لا يعطونه لسجين اخر، وفي الوقت الذي كنت فيه كان الرقم بحدود 160 الف بمعنى دخل وخرج من السجن 160 الف سجين. ويحوي السجن كل الفئات العمرية ومن كل المستويات من الشباب في عمر (17) او (18) سنة حتى كبار السن من اعمار (80) او (85) سنة كذلك يوجد معاقون على كراس متحركة، وهنا اذكر ان احد السجناء سأل احد الحراس عن احد المعاقين لماذا اتوا به، فاجاب ان المعاق رأسه يعمل ويخطط، وهناك في السجن اشخاص مجانين.
ماذا بخصوص الهجمات التي يتعرض لها السجن من قبل المقاومة؟
- الهجوم الذي نعرفه هو الذي حدث مؤخرا وأسفر عن مقتل عدد كبير من جنود الاحتلال، لكن هنا أشير إلى أن القوات الأمريكية تعمد أحيانا إلى قصف مخيمات السجناء داخل المعتقل من خارج السجن لتشويه صورة المقاومة، ففي أحدى المرات تساقطت القذائف على خيام المعتقلين، وتبين لاحقا من خلال الضباط السابقين في الجيش العراقي والمعتقلين في السجن أن هذه القذائف هي أمريكية.
ماذا تحدثنا عن تجربة النساء في ابو غريب؟
- بالنسبة للنساء تقوم سلطات الاحتلال بوضعهن في ادارة السجن وكثيراً ما كان يتم وضع من سيحقق معهم من السجناء الرجال مع النساء في الزنازين ذاتها وللاسف يكون الكل عراة حيث يتم صف الرجال والنساء بصفوف متقابلة، وعندما يحين وقت الطعام يعطون الطعام لاحد السجناء ليوزعه بدوره على السجناء الاخرين من النساء والرجال وهو ما يحدث حرجاً وألماً في النفس حتى انه في احد الايام اخذ احد السجناء بالصراخ على احدى النساء حتى يضطر الحرس ليضربوه ليخلص المرأة من هذا الموقف، وهذا ما حصل.
صف لنا يوماً قضيته في ابو غريب، وما هي سمات هذا اليوم؟
- في البداية يبدأ اليوم بالنسبة للسجناء بأذان الفجر ويتجمع المصلون في منطقة حيث يتحول السجن لمدرسة اسلامية، تبدأ الدروس بعد صلاة الفجر الى ما بعد صلاة العشاء، دروس في العقيدة والتفسير وفي الفقه وفي اللغة حيث ان اغلب السجناء اصحاب تخصصات كائمة المساجد والمدرسين.
وفي الساعة السابعة صباحاً يبدأ بجمع السجناء لغرض احصائهم والتأكد من اعدادهم، حيث يقوم احد الحرس بالصراخ بالسجناء (Cowboy) اي يا رعاة البقر، ويتم جمع السجناء في الساحة ويبدأ عدّهم على الارقام، بعد ذلك يعود السجين اما الى سجنه او الى حلقة الدرس، وعند الساعة الحادية عشرة تقريباً يتم توزيع وجبة طعام رديئة جداً عبارة عن رغيفين صغيرين من الخبز لا تشبع طفلاً اضافة الى كأس من الارز مضافاً اليه قليلاً من المرق، حيث يتم توزيع الوجبة الثانية بعد المغرب او بعد العشاء وهي وجبة اردأ من الاولى، وهنا اشير الى ان المتعهد بتموين السجن للمعتقلين والقوات الامريكية هو شخص قطري للاسف، حيث فهمنا من المترجمين ان المتعهد يشتري الطعام بعشرة دولارات للسجين الواحد ومن ثم يبعيها لمتعهد عراقي ثانوي بقيمة أقل، ومسألة تموين القوات الامريكية مسألة تؤثر في نفسيات السجناء حيث لاحظنا مثلاً ان الخبز يتم احضاره من شركة المطاحن الكويتية اضافة الى العصائر والفاكهة، حتى ان المياه المعدنية التي يشربونها تحمل اسم «ماء مكة» والتي يستخدمها السجانون في تعذيب السجناء من خلال تبريد الماء ثم سكبه على المعتقلين في الشتاء القارص.
وماذا عن تجربتك الاعتقالية؟
- اعتقلت لمدة ثلاثة شهور بتهمة ضرب قوات الاحتلال، حيث تم استدعائي انا وشخص آخر لمركز الشرطة وطلب منا التعاون معهم بأن نطلب من الناس حماية الطريق العام الذي تمر به قوات الاحتلال الامر الذي رفضناه وبعد فترة جاءت الشرطة العراقية اصطحبونا للمركز حيث تم تسليمنا لقوات امريكية كانت متواجدة هناك، ومن ثم تم نقلنا لأحد السجون جنوب بغداد يخضع لإدارة بولندية، وبقينا مقيدي الايدي لمدة ثمانية ايام متواصلة حتى انه عندما كنا نذهب لقضاء الحاجة او حتى للصلاة نبقى مقيدي الايدي.
ثم بعد هذه الفترة تم نقلنا الى سجن ابو غريب، وهناك تغيرت المعاملة بشكل كبير، حيث شاهدنا عبارة تقول «لا تتحرك، سوف تتعرض للقتل» وفي البداية لم نكن ندري اننا في سجن كنا معصوبي الاعين، ويتم بالطبع التفتيش الدقيق، كأنك لم تأت اصلاً من سجن ومن ثم تم ادخالنا الى الزنازين داخل ادارة السجن، حيث رأينا ان في كل غرفة ما بين 20-30 معتقلاً وعرفنا بعد ذلك ان هذه الزنازين هي للتحقيق، واعطانا الحرس بطانيتين من اردأ النوعيات مع العلم ان الجو في ذلك المكان بارد جداً، بالاضافة الى ان الشخص عندما يريد ان يستحم يتم توجيهه الى صنابير مياه في الهواء الطلق في ظل جو ممطر ودرجة حرارة منخفضة.
بعد انفضاح امر السجن، تحدث الامريكيون عن تحسن المعاملة في السجن، ما صحة هذه المعلومات؟
- صراحة للامانة بعد الضجة الاعلامية التي حدثت قام الامريكيون فقط بتحسين نوعية الطعام والاهتمام بالنظافة بشكل اكبر فقط، اما بالنسبة للمعاملة فقد بقيت سيئة ولم يتغير عليها شيء، وما زالت العقوبات الفردية والجماعية موجودة حيث يتم تعريض السجناء لعقاب جماعي بادخال كلاب بوليسية الى مخيمات السجناء ويطلقون الرصاص المطاطي احياناً على المعتقلين بسبب وبدون سبب.
هناك تقارير تتحدث عن سجون اخرى منتشرة في العراق يتعرض فيها السجناء لذات المعاملة في ابو غريب ما صحة ذلك؟
- هناك نماذج اتعس من ابو غريب وبادارة عراقية - امريكية، بمعنى انها تدار من اشخاص ظاهرياً هم من الشرطة العراقية لكن في الاصل هم عملاء لوكالة المخابرات الامريكية الـ(CIA)، وحسب معرفتنا هناك في جنوب بغداد «سجن معمل اللحوم» بالجمهورية، كذلك سجن معسكر طارق بالفلوجة وايضاً هناك سجن المحاويل وسجن مديرية الشرطة بالحلة وفيه مئات المعتقلين وكل انواع التعذيب تمارس فيه.
وايضاً هناك سجن بوكا في البصرة، وبالمناسبة سمي هذا السجن بهذا الاسم نسبة لاحد الضباط الامريكيين واسمه بوكا وكان قد قتل في وقت سابق، وهذا السجن للاسف كذلك يموّن بالكامل من دولة عربية شقيقة، حتى ان مولدات الكهرباء يوردها احد المتعهدين اللبنانيين.
في مسألة الاعتقال، لوحظ ان قوات الاحتلال عندما تحضر لاعتقال الرجال ولا تجدهم تقوم باعتقال النساء كوسيلة ضغط ماذا عن هذه التجربة؟
- نعم هذا حصل قبل فترة عندما كنت موجوداً في منطقة المتاجر حيث قامت قوات الاحتلال باعتقال الام والاخت، وثم كتابة عبارة وتعليقها على باب المنزل تقول «اذا كنتم كما تقولون انكم مسلمون وتغارون على شرفكم، سلّموا انفسكم لقاء الافراج عن امكم واختكم»، وفي هذه الحالة ربما يسلم المطلوب نفسه ليفرج عن امه واخته، وقد لا يتم ذلك، حيث اعتقلت اخت احد المطلوبين، وعندما ذهب ليسلم نفسه قالوا له انهم نقلوا اخته لمعسكر آخر.
في ظل هذه الاوضاع، كيف ينظر لقوات الحرس الوطني او الشرطة والجيش خصوصاً مع استمرار الهجمات التي تستهدفهم؟
- الحرس الوطني بالاصح هو حرس امريكي بعد ان عجزت القوات الامريكية عن تنفيذ الكثير من المهام، وهو جيش تابع للجيش الامريكي ويستخدم لحماية المعسكرات الامريكية حتى يكونوا في الواجهة في حين تعرض هذه المعسكرات لهجمات والهجمات تنفذ ضد المتعاونين منهم مع الاحتلال فقط ودليل ذلك ان شرطي المرور الذي ينظم السير لا يتعرض لاعتداء.
هل هناك اقبال من قبل العراقيين على الانضمام لهذه القوات؟
- هناك اسباب كثيرة تدعو الناس للانضمام لهذه القوات، او في هذا الحرس لهذا السبب، اضافة الى ان اخرين هم بالاصل متعاونون حيث معظمهم من اصحاب الاسبقيات والمجرمين.
ماذا عن ما نشاهده على بعض الفضائيات العراقية مؤخراً من اعترافات الاشخاص بالقيام بعمليات ضد قوات الشرطة؟
- بالنسبة لهذه القنوات المعروفة عندنا ان ادارتها هي ادارة امريكية اضافة الى طاقم من الامريكيين والعراقيين المتعاونيين، وبما انهم فشلوا عسكرياً لجؤوا الى الاعلام، حيث يحضر شخص ما بالضغط والاجبار او الاغراء ويقولون له يجب ان تعترف هذه الاعترافات التي تريدها مقابل الافراج عنه لاحقاً، وتقوم بهذه الامور عادة قوات الشرطة، وبعد ان يتم تصويره بالاعترافات يسلم للقوات الامريكية مرفق بالادلة كالاسلحة وغيرها. ووصل الحال الى اجبار بعض اصحاب السوابق وتصويره على انه ذو علاقة بالمقاومة مع العلم انه معروف في منطقة مثلاً باختطاف الفتيات والسرقة، ويقال له بأن يعترف امام التصوير انه يقوم بالاغتصاب بالتعاون مع امام المسجد الفلاني، وهذا شيء طبعاً غير معقول ولا ينطلي على احد وطبعاً هذه محاولات لتشويه الاشخاص المطلوبين لا سيما ائمة المساجد، وكثيراً ما يتم اقتحام المساجد واعتقال المصلين ويحدث ان تسرق التبرعات من داخل المسجد على ايدي هذه القوات.
ماذا عن وضع العرب حالياً في العراق ووضع السجناء منهم في ابو غريب وغيره؟
- اسوق اليك مثلاً قريباً اعتقل 20 سائقاً اردنياً ومنذ 20 يوماً لا يعلم عنهم شيء وكذلك العرب حالياً يعاملون بطريقة قاسية بوصفهم ارهابيين وكذلك الطلاب العرب في الجامعات معرضون للاعتقال ومعاملة الحرس الوطني للعرب سيئة جداً.
وفي ابو غريب هناك سجناء عرب، ولهم معاملة خاصة بمعنى انها اقسى، حيث يؤخذ للتحقيق اكثر من مرة في الاسبوع ويعرض عليهم احياناً التعاون مع الاحتلال مقابل الافراج عنه، اغلب الذين كانوا موجودين في ابو غريب هم من طلاب الجامعات ومنهم من اعتقلوا على الحدود.