المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : >> هذي الشطارة



خليج TV
04-05-2005, 02:21 PM
الشــطــارة



"مجلة الدفاعية " الدفاعية – حزيران / يونيو – تموز / يوليو 2004 العدد 53



ليس أشطر من الدولة العبرية في وضع حلول تكنولوجية لمشاكلها السياسية عميقة الجذور في الشرق الأوسط .

في بداية التأسيس اعتمدت الحلول التوراتية وهربت من الحلول السياسية .

ولما اشتد ساعدها بدأت تعتمد الحلول العسكرية كبديل للحلول السياسية ,وعندما انتهت مرحلة الحلول العسكرية , دخلت على الفور في الحلول التكنولوجية :

بدلاً من الانسحاب من الضفة تقيم جدار فصل فيه المستشعرات والكاميرات التلفزيونية والحرارية والأسلاك الشائكة الكهربائية الإلكترونية كافية .

وبدلاً من تهدئة الفلسطينيين بإعطائهم الأمل في دولة خاصة بهم , تقوم شركات مثل : "البت سيستمز" و "IAI " و "IMI" و "تاديران" و " رافيل" و "ITL" و "إلوب" وغيرها من الشركات الدفاعية الإسرائيلية , باختراع واستنباط أدوات قتل وتدمير الفلسطينيين , لا تخطر على بال أحد.

والسؤال الذي يطرح الآن :

أيهما أفضل دولة على درجة عالية من الشطارة في خوض المعارك ؟

أم دولة تعتمد الحلول السياسية التاريخية وفق المبادئ الأخلاقية الإنسانية ؟

إسرائيل تعتقد أن ما يطالب به العرب من دولة فلسطينية أو استرجاع للقدس والمسجد الأقصى والجولان ومزارع شبعا ينبغي أن ينالوه بالحرب لا بالسياسة والتظاهرات والحجارة .

فهي ليست مضطرة إلى التنازل خصوصاً أنها تملك أكفأ قوات مسلحة بالمعايير العلمية , وصناعات دفاعية متطورة تدعم القدرة العسكرية , وقاعدة من المهندسين والعلماء والباحثين والإداريين هي الأكثف في العالم (( يقال أنها تضم نصف مليون شخص)), وقاعدة اقتصادية متقدمة حجمها 122 مليار دولار وتصدر بضائع وسلع بـ 28 مليار دولار سنوياً وتستورد بمبلغ 30 مليار دولار , ومعدل دخل للفرد يبلغ 19 ألف دولار سنوياً .

زخم النمو في القدرات العسكرية والبشرية والاقتصادية في إسرائيل يجعل هذه الدولة بحاجة إلى التوسع ويتم ذالك عبر قناتين :

تعزيز القدرة العسكرية والاقتصادية الإسرائيلية , وخفض القدرات العسكرية والاقتصادية العربية .

ما نراه على الساحة العربية عمليات خفض قدرات سياسية وعسكرية واقتصادية وبشرية لمجمل الدول العربية.

ومن يقول غير ذالك , كمن يضحك على نفسه , والأمر بحاجة إلى التأمل .



ـــــــــــــــــــــــــــــــ



ومع ذلك , هناك من يقول أن العالم العربي يخوض معركة تاريخية , على أفضل ما يكون خوض المعارك :

في فلسطين , والعراق , ولبنان .

لقد حقق العرب انتصاراً تاريخياً في لبنان على إسرائيل , وقبل ذالك على قوات حلف شمال الأطلسي التي حللت بلبنان بعد الاجتياح مباشرة في عام 1982 .

يخشى أن يكون هذا الكلام نوعاً من تعزية النفس وإن كان يرتكز على أرض صلبة .

فمعايير اليوم غيرها بالأمس .

ذلك أن قوة الأمة , أي أمة , هي بمدى استيعابها للتكنولوجيا , وانخراطها في التصنيع والتصميم والتطوير ومساهمتها الفعالة بالتجارة الدولية , والتصدير , والانضمام إلى منظمة التجارة العالمية , والتعاون الاقتصادي والعسكري مع الإقليم , وجذب الاستثمارات المحلية والدولية.

في العالم العربي استيعاب التكنولوجيا ليس هدفاً ولا حتى وسيلة , والانخراط في التصنيع والتصميم والتطوير أمر غير وارد لأن أموال الموازنات تنصب على دعم اللحوم والسمون والألبان و الأجبان والخبز في خطأ تاريخي يتكرر كل عام , وبما أن دعم البطون لا العقول هو عنوان المرحلة , فإنه سيتعذر بناء قاعدة اقتصادية منتجة , وبالتالي لن يستطيع العرب المساهمة الفاعلة في التجارة الدولية , عبر التصدير , ولا في استقطاب رؤوس الأموال العربية والعالمية .

لذلك اقتضى الأمر تجنيد الكتاب لمهاجمة العولمة ومنظمة التجارة الدولية وكل الشراكات بما في ذالك شراكة العرب مع العرب .



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وتهزم إسرائيل عندما تخرج الجامعات العربية مهندسين ميكانيك وبترول ومعادن , أكثر مما تخرج "علماء" في القانون و "البزنس" والهندسة المعمارية وغيرها من عناوين البطالة .

كلما خرجت الجامعات محامين ومهندسي عمار واقتصاديين وعلماء اجتماع وخبراء لغات وأطباء غير ماهرين , شعرت إسرائيل بالارتياح .

لكنها تموت غيظاً إذا رأت خريجين في الكيمياء والهندسة الصناعية والميكانيكية والفيزياء وغيرها .

ويجن جنونها إذا ما انتقل هؤلاء إلى مرحلة الابتكار والتصميم والتجارب والإنتاج , وليس أمامها لجبه ذلك سوى تغييب العقل تغيباً تاماً ...

ــــــــــــــــــــــــــــــ



على الجهة المقابلة , تستمر إسرائيل بالشطارة في التحايل على الحلول السياسية الجذرية مع العرب .

لكن للشطار غلطة .وغلطة الشاطر بألف غلطة عربية .

فمتى تحين اللحظة التاريخية .؟ حتى الآن لا يبدو أنها وشيكة الوقوع إلى أن يصحح العرب أخطاءهم المفاهيمية ويلتحقون بالقرن العشرين ليستطيعوا القفز إلى القرن الحادي والعشرين .

إنتهى



" الدفاعية "



ودمتم سالمين
:)