المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أبناء الآخرة >> مع عده مواضيع



ammari77
07-05-2005, 04:42 PM
التوبة والمغفرة
http://www.aljamaa.com/ar/images/vide.gifhttp://www.aljamaa.com/ar/images/vide.gifالصلاة تغفر الذنب
* عن أنس – رضي الله عنه- قال:
كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم، فجاءه رجل، فقال:
يا رسول الله، إني أصبت حدا، فأقمه علي.
قال: ولم يسأله عنه، فحضرت الصلاة، فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة؛ قام إليه الرجل، فقال:
يا رسول الله، إني أصبت حدا، فأقم فيّ كتاب الله.
قال: أليس قد صليت معنا؟
قال: نعم.
قال: فإن الله قد غفر لك ذنبك. أو قال: حدّك.
(متفق عليه)

مغفرة الذنب يوم القيامة
* قال أبو هريرة –رضي الله عنه-:
يُدني الله العبدَ يوم القيامة، فيضع عليه كنفه، فيستره عن الخلائق كلها، ويدفع إليه كتابه في ذلك السِّتر، فيقول:
اقرأ يا ابن آدم كتابك.
فيقرأ، فيمر بالحسنة، فيبيض لها وجهه، ويسر بها قلبه، فيقول الله: أتعرف يا عبدي؟
فيقول: نعم.
فيقول: إني قبلتها منك.
فيسجد، فيقول:
ارفع رأسك، وعُد في كتابك. فيمر بالسيئة، فيسود لها وجهه، ويَوجل منها قلبه، وترتعد منها فرائصه، ويأخذه من الحياء من ربه ما لا يعلمه غيره، فيقول الله:
أتعرف يا عبدي؟
فيقول: نعم يا رب.
فيقول: إني قد غفرتها لك.
فيسجد، فلا يرى منه الخلائق إلا السجود، حتى ينادي بعضهم بعضا: طوبى لهذا العبد الذي لم يعص الله قط. ولا يدرون ما قد لقي فيما بينه وبين ربه عز وجل مما قد وقَفَه عليه.
(جامع العلوم والحكم، لابن رجب الحنبليّ: 2/201-202)

الكبيرة والاستغفار
* رُوي عن ابن عباس –رضي الله عنهما- أنه قال:
لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار.
(جامع العلوم والحِكَم، لابن رجب الحنبليّ: 2/198)

فضل البكاء في المغفرة
* قال عطيَّةُ العوفيُّ:
بلغني أنه من بكى على خطيئته؛ محيت عنه، وكتبت له حسنة.

* وقال بشر بن الحارث:
بلغني عن الفُضَيل بن عياض، قال:
بكاء النهار يمحو ذنوب العلانية، وبكاء الليل يمحو ذنوب السر.
(جامع العلوم والحِكَم، لابن رجب الحنبليّ: 2/200)

العمل على المغفرة
* قال بعضهم لرجل:
هل أذنبت ذنبا؟
قال: نعم.
قال: فعلمت أن الله كتبه عليك؟
قال: نعم.
قال: فاعمل حتى تعلم أن الله قد محاه.
(جامع العلوم والحِكَم، لابن رجب الحنبليّ: 2/185)

الخوف من الله مغفرة
* عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أسرف رجل على نفسه، فلما حضره الموت، أوصى بنيه إذا مات فحرقوه، ثم اذروا نصفه في البر ونصفه في البحر، فوالله لئن قدر الله عليه، ليعذبنه عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين.
فلما مات، فعلوا ما أمرهم. فأمر الله البحر فجمع ما فيه، وأمر البر فجمع ما فيه، ثم قال له:
لِم فعلت هذا؟
قال: من خشيتك يا رب، وأنت تعلم.
فغفر له.
(متفق عليه)

بين ذل المعصية وعز التوبة
* روي عن أبي جعفر السائح، قال:
كان حبيب أبو محمد تاجرا يُكري الدراهم، فمر ذات يوم؛ فإذا هو بصبيان يلعبون، فقال بعضهم لبعض:
قد جاء آكل الربا.
فنكس رأسه، وقال:
يا رب، أفشيت سري إلى الصبيان.
فرجع، فجمع ماله كله، وقال:
يا رب إني أسير، وإني قد اشتريت نفسي منك بهذا المال، فأعتقني.
فلما أصبح، تصدق بالمال كله، وأخذ في العبادة.
ثم مر ذات يوم بأولئك الصبيان، فلما رأوه؛ قال بعضهم لبعض:
اسكتوا، فقد جاء حبيب العابد.
فبكى، وقال:
يا رب أنت تذم مرة، وتحمد مرة، وكله من عندك.
(جامع العلوم والحِكَم، لابن رجب الحنبليّ: 2/157-158)

ظهور أثر الذنب في الوجه
* قال أبو عمرو بن عُلوان:
خرجت يوما إلى سوق الرَّحبة في حاجة، فوقعت عيني على امرأة مُسفرة، من غير تعمد، فألححت بالنظر، فاسترجعت، واستغفرت الله، وعدت إلى منزلي، فقالت لي عجوز:
سيدي! مالي أرى وجهك أسود.
فأخذت المرآة، فنظرت، فإذا وجهي أسود، فرجعت إلى سري أنظر من أين دهيت، فذكرت النظرة، فانفردت في موضع أستغفر الله، وأسأله الإقالة أربعين يوما، فخطر في قلبي أن زر شيخك الجُنيد، فانحدرتُ إلى بغداد، فلما جئتُ الحجرة التي هو فيها، طرقت الباب، فقال لي:
ادخل يا أبا عمر، تذنب في الرحبة، ونستغفر لك ببغداد.
(طبقات الشافعية، للإمام السبكيّ: 2/262)

ammari77
07-05-2005, 04:47 PM
صفة الصلاة
http://www.aljamaa.com/ar/images/vide.gifhttp://www.aljamaa.com/ar/images/vide.gif1- حديث أبي حميد الساعدي:

عن أبي حميد الساعدي أنه قال وهو في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهم أبو قتادة: "أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: ما كنت أقدم منا له صحبة، ولا أكثرنا له إتيانا؟ قال بلى، قالوا: فاعرض، فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائما، ورفع يديه حتى يحاذي بها منكبيه، ثم يكبر، فإذا أراد أن يركع، رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ثم قال الله أكبر، وركع.
ثم اعتدل فلم يصوب رأسه ولم يقنع(1)، ووضع يديه على ركبتيه ثم قال: سمع الله لمن حمده، ورفع يديه واعتدل، حتى يرجع كل عظم في موضعه معتدلا.
ثم هوى إلى الأرض ساجدا ثم قال: الله أكبر، ثم ثنى رجله وقعد عليها، واعتدل حتى يرجع كل عظم في موضعه ثم نهض.
ثم صنع في الركعة الثانية مثل ذلك، حتى إذا أقام من السجدتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، كما صنع حين افتتح الصلاة ثم صنع ذلك، حتى إذا كانت الركعة التي تنقضي فيها صلاته آخر رجله اليسرى، وقعد على شقه متوركا(2) ثم سلم. قالوا صدقت، هكذا صلى صلى الله عليه وسلم(3).
وروى مالك بن الحويرث أن رسول عليه الصلاة والسلام قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي".
2– كيفية الصلاة:

بعد أن يحقق المصلي شروط الصلاة يكبر تكبيرة الإحرام وجوبا، قائلا: "الله أكبر" رافعا يديه، مفرجا أصابعه، محاذيا، بإبهاميه حذو منكبيه واضعا كفه اليمنى على اليسرى تحت صدره.
وينظر المصلي إلى موضع سجوده، ثم يقرأ دعاء الاستفتاح(4)، ويتعوذ، ويسمي ثم يقرأ الفاتحة، ويؤمِّن بعد قراءة "الضالين"، ويقرأ ما تيسر من القرآن.
ثم يكبر للركوع مع ابتداء الانحناء وينهيه بانتهائه رافعا يديه عند الجمهور، آخذا ركبتيه بيديه مطمئنا، مفرجا أصابعه، باسطا ظهره مستقيما غير رافع الرأس ولا خافضه، ناصبا ساقيه، مجافيا مرفقيه عن جنبيه، قائلا ثلاثا أو أكثر: "سبحان ربي العظيم وبحمده".
ثم يرفع رأسه من الركوع قائلا: "سمع الله لمن حمده" ويقول المأموم سرا ربنا ولك الحمد رافعا يديه مطمئنا حال الاعتدال. ثم يهوي للسجود واضعا ركبتيه، ثم يديه، ثم جبهته، وأنفه، ويقدم يديه عند المالكية، ناصبا قدميه، موجها أصابعهما نحو القبلة، مجافيا بطنه عن فخذيه، وعضديه عن جنبيه، واضعا كفيه حذو منكبيه ناشرا أصابعهما مضمومة للقبلة معتمدا عليهما مطمئنا في سجوده قائلا: "سبحان ربي الأعلى وبحمده" ثلاثا فأكثر. ثم يرفع رأسه مكبرا، ويجلس بين السجدتين مطمئنا، مفترشا رجله اليسرى ويجلس عليهما ناصبا رجله اليمنى، واضعا يديه على فخذيه قائلا: "ربي اغفر لي وارحمني واهدني وارقني واجبرني واعف عني وعافني" ثم يكبر للسجود، ويسجد السجدة الثانية كالأولى. ثم يكبر عند النهوض للركعة الثانية معتمدا بيديه على الأرض، فإذا استوى قائما لم يقرأ الاستفتاح بالاتفاق، مبسملا قارئا الفاتحة وما تيسر من القرآن.
ثم يركع ويسجد في الركعة الأولى، وليقنت في صلاة الصبح قبل الركوع عند المالكية، ويجوز بعده وفي الوتر في جميع السنة عند الحنابلة، فإذا أتم السجدة الثانية من الركعة الثانية جلس للتشهد الأول مفترشا عند الجمهور، موجها أصابعه نحو القبلة، واضعا يديه على فخذيه، باسطا اليسرى، قابضا ما عدا السبابة في اليمنى مع تحريكها من أول التشهد عند المالكية أو الإشارة عند "لا إله" ثم وضعها عند "إلا الله "، ثم يقرأ التشهد بأي صيغة أراد من الصيغ المسنونة إلى قوله صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، ويضم في التشهد الأخير الصلاة الإبراهيمية. ويتورك،ويدعو بما شاء، ثم يسلم عن يمينه وشماله في الصلاة الثنائية قائلا: "السلام عليك ورحمة الله وبركاته".
فإن كانت الصلاة ثلاثية، أتى بركعة ثالثة، ثم يتشهد و يسلم، وإن كانت رباعية، أتى بركعتين، ثم يتشهد ويسلم، ولا يقرأ غير الفاتحة في الفريضة في الركعتين الثالثة والرابعة.
3- مبطلات الصلاة:

1- ترك النية.
2- ترك ركن أو شرط من شروط الصلاة عمدا.
3- ترك ركن سهوا حتى سلم وطال تركه عرفا.
4- زيادة ركن فعلي عمدا كركوع أو سجود بخلا ف زيادة ركن قولي كالقراءة.
5- زيادة التشهد بعد الركعة الأولى عمدا في حالة الجلوس.
6- القهقهة عمدا أو سهوا.
7- تعمد أكل ولو لقمة بمضغها أو شرب ولو قل.
8- الكلام عمدا لغير إصلاح الصلاة.
9- التصويت عمدا.
10- النفخ بالفم عمدا.
11- القيء عمدا ولو كان قليلا.
12- السلام عمدا حال الشك في تمام الصلاة.
13- طروء ناقض للوضوء أو تذكره.
14- كشف العورة المغلظة أو شيء منها.
15- طروء نجاسة على المصلي أو علمه بها أثناء الصلاة.
16- الفعل الكثير الذي ليس من جنس الصلاة عمدا أو سهوا.
17- طروء شاغل عن إتمام فرض كاحتباس بول أو غثيان.
18- تذكره أولى الصلاتين المشتركتين في الوقت في الصلاة الثانية كالظهر والعصر. فإذا كان يصلي العصر فتذكر أنه لم يصلي الظهر، بطلت صلاته.
19- الردة.
20- ترك ثلاث سنن من سنن الصلاة سهوا مع ترك السجود لها حتى سلم وطال الأمر عرفا.
21- تذكر المتيمم الماء في صلاته.
22- صلاة الفريضة في جوف الكعبة أو على ظهرها.
وهناك مبطلات أخرى أوصلها المالكية إلى ثلاثين، وبعضها كالمتداخل.
4- بعض المعاني الباطنية التي يتحقق بها روح الصلاة:

يقول أبو محمد عبد الجليل الأندلسي القصري السبتي في كتابه شعب الإيمان في شعبة الصلاة الخامسة: "وتأدية الصلاة وإقامة ركوعها وسجودها وتلاوتها ظاهر الإسلام، ما روح الصلاة وفهم معانيها، ففي مقامي الإيمان والإحسان فإن أولها بعد التطهير والنظافة والدخول على الملك، الانتهاض إلى موضوع الصلاة، وهي البقعة المقدسة من مسجد مبني وغير مبني، فالمراد بالانتهاض والمشي انتهاض القلب والباطن ودخوله إلى عالم الملكوت وخروجه، عن عالم الدنيا حتى يدخل إلى معبد الملائكة الذي وجب الإيمان بهم في العالم المقدس الذي ليس فيه ما يشغل عن الصلاة.
ثم القيام إلى الصلاة والمراد قيام القلب إلى أعلى عليين بين يدي الله تعالى، ثم رفع اليدين، والمراد به التخلي عن جميع الأشياء مع الفقر والفاقة إلى الله تعالى، ثم إحضار النية، والمراد بها التقرب إلى الله بالصلاة، و إخراج ما في القلب سوى من أقبل عليه، وذلك إشراف على من توجه إليه وغيبه عن غيره. فإذا أشرف على المطلوب يرفع الحجب الشاغلة عن القلب، فيقول: الله أكبر من أن يقبل على غيره أو يلتفت له، من أجل ما عرف من جلالة القدر أخذ في الثناء على الله بالفاتحة فيقول: "الحمد لله" الذي هو على ما هو عليه" رب العالمين " أي سيد العالمين، فتتجلى له صفة السيادة لله …، ويناجيه بكلامه فيفهم من كلامه ومحادثته مع الله بفاتحة الكتاب والسورة، ما يوجب له الخضوع بين يديه فيركع لزيادة التعظيم …، فيقول: "الله أكبر" منحطا للركوع، أي أكبر مما وقع في نفسه من تعظيمه.
والمراد من ركوع الجسد خضوع النفس والروح في مقام الإيمان والإحسان بين يدي كبرياء الجليل العظيم.. ولذلك أمر أن يقول في ركوعه: "سبحان ربي العظيم ، لما شاهد من معنى التعظيم الذي خضع له فيرفعه الله تعالى بكرمه إلى حالته الأولى التي هرب منها إلى الركوع لأنه لما تواضع لله…، رفعه الله إليه، فإذا رفعه إليه شاهد العبد نعمة الله عليه في رفعه فيبتدئ بالحمد والثناء فيقول: "سمع الله لمن حمده. ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه"، فيجد في وقوفه طمأنينة وحلاوة المزيد والنعمة التي رفعه الله بها، وهي استدعاؤه إلى القيام، فخر ساجدا شاكرا لما أولاه، فيضع وجهه على الأرض ظاهرا، و نفسه وروحه تحت الثرى الذي ليس وراءه في السفل منتهى إلا نفوس العارفين والأولياء.
فإذا وضع في السجود نفسه أسفل من كل سفل بالمعنى الذي هو الذل، شاهد من سفله عُلى ربه فقال: "سبحان ربي الأعلى". فاستدعاه ربه للرفع والقرب من البعد.
ومعنى التسبيح في الركوع والسجود تنزيه المركوع له والمسجود له من حالة الركوع و السجود، أي سبحان من هو بخلاف حالة الركوع والسجود، فلما استدعاه للرفع بين السجدتين، قعد بالعجز بين يديه، لأنه لم يطق القيام لما شاهد في السجود من الإجلال والإعظام فقعد بين يديه بالسكينة والعجز … وأقر بالعجز له، يقول في قعوده بين السجدتين: "رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم وأنت الأعز الأكرم " فيجد رحمة الله قد غشيته، والمغفرة قد غمرته، لأنه تجلى له بالوصف الزائد على الوصف الأول من أجل أن الرحمة مقرونة بالضعف ومسرعة إلى الاستكانة، فزاد سجودا آخر بحكم وصف آخر، فعاد بالتواضع الذي هو المراد من السجود، حتى لو وجد أن يضع نفسه في أسفل سافل مما وضعها فيه لوضعها، وقد وجد الله مع كل رفع وخفض…
ثم يدعو ربه إلى الاقتراب منه وهو معنى القيام إلى الركعة الثانية فيجري له ما جرى له في الأول لكن بحكم الزيادة.
فإذا فرغ من الإقرار والشهادة بكل ما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام من الإيمان بالغيوب، والدعاء والسؤال، فعند ذلك تمت له النعم بتمام الصلاة وكمالها، ووجب التحلل منها بتمامها فأمر بالخروج إلى عالم الحس والملك فعند ذلك قال: "السلام عليكم"، لأنه كان في الحضرة العلية خارجا عن عالم الحس مودعا له كما قال محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صل صلاة مودع".
أي لأنه خارج على هذا العالم إلى الحضرة العلية فإذا قام على هذا العالم وشاهد من حوله من الأملاك والإنس قال: "السلام عليكم".
فيسلم على من بيمينه وشماله، وحل له ما حرم عليه قبل ذلك، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: "تحريمها التكبير وتحليلها التسليم".

وقد أجمل الإمام الغزالي هذه المعاني في الإحياء في ستة أمور:(5)
الأول: حضور القلب، وهو أن يفرغ القلب عن غير ما هو ملابس له و متكلم به.
الثاني: التفهم، وهو معنى وراء حضور القلب، فقد يكون القلب حاضرا مع اللفظ ولا يكون حاضرا مع معنى اللفظ، فاشتمال القلب على العلم بمعنى اللفظ هو المراد بالتفهم، وهو مقام يتفاوت الناس فيه.
الثالث: التعظيم، استحضار عظمة من يقف بين يديه.
الرابع: الهيبة، وهي زائدة على التعظيم، بل هي عبارة عن خوف منشؤه التعظيم، فالهيبة خوف مصدره الإجلال.
الخامس: الرجاء فهو أمر زائد أيضا على ما سبق فكم من ملك يعظمه الناس ويهابونه ولكن لا يرجون مثوبته، فالعبد يرجو بصلاته ثواب الله ويخاف بتقصيره عقابه.
السادس: الحياء، وهو أمر زائد أيضا لأن مستنده استشعار تقصير وتوهم ذنب.أما الرجاء فسببه معرفة لطف الله عز وجل وكرمه وعميم فضله وإحسانه ولطائفه وباستشعار التقصير في العبادة وعلم بالعجز تقوى المعرفة بعيوب النفس وآفاتها.
ولحضور هذه المعاني أسباب فحضور القلب سببه الهمة، فلا علاج لحضور القلب إلا بصرف الهمة إلى الصلاة كلية.
والتفهم يكون بإدمان الفكر وصرف الذهن عما سوى الصلاة. أما التعظيم فيتولد عن معرفتين. أولا معرفة جلال الله وعظمته، ثانيا معرفة حقارة النفس وخستها.


الهوامش:
(1) لم يبالغ في خفضه أو رفعه.
(2) التورك القعود على الورك الأيسر، والوركان فوق الفخذين.
(3) رواه الخمسة إلا النسائي.
(4) دعاء الاستفتاح: "سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك، ولا إله غيرك" رواه مسلم.
(5) إحياء علوم الدين 1/191.

ammari77
07-05-2005, 04:50 PM
أبناء الآخرة
http://www.aljamaa.com/ar/images/vide.gifhttp://www.aljamaa.com/ar/images/vide.gifعجيب هذا الزمان المتسارع الذي لا تعرف عجلته التوقف أبدا، ولا تكل أبدا عن المسارعة بوثيرة لافتة للانتباه … وما تبقيه من أثر سوى ذكريات وسابق أعمال مضت، وغصص في الحلوق وآلام محفورة في الأنفس إذا كان القلب ضامرا من الإيقان بالحياة الآتية. فإذا تعلق القلب بمجريات الأحداث المقبلة الماضية في الزمن بدون توطد على الجَلَد والصبر والاقتحام أصيب بالتهالك والتفتت والذوبان… فتجد صاحبه صريعا معلولا منهكا قد اصفر لونه وفارقته الابتسامة وزالت عنه نفحة السعادة … فلا ريب أن الالتجاء بالقوي سبحانه قوة للمستضعف في المجابهة والعراك ضد تصايف الزمان وتغيره، وضد مكائد الذين تحكموا في رقاب الناس وأرزاقهم …
ولن يستطيع المرء الباحث عن رحاب السعادة النفسية أن يلج حماها ما لم يثق بذاته، وينخلع عن معاطف الضعف والجبن والخور ويدرأ عنه المثبطات والمنغصات التي قد تحزنه وتزعزع ثقته بذاته، وهذه الثقة ليست أصيلة متجذرة في أعماق النفس الانسانية بل هي تربية مكتسبة، إذ الخافقون الذين تركوا أثرا خالدا في هذه الأرض، لم يصلوا إلى ذاك المستوى السامق من الرجولة والفحولة والعزم الأكيد والهمة الخارقة إلا بعد الاستناد على عقائد وقيم ركزت في نفوسهم فغدوا بها صفوة الناس ولب السواد ، ولولا تلك القيم المنغرسة لما استوت ذاتهم على محجة الريادة والاستباق … والملاحظ أن الذين وهبت لهم الحياة ونصروا وسعدت بهم الانسانية قديما أناس لم يلتصقوا بأوهاق الأرض وجواذبها ولم يحصروا جل همهم وغالب اهتمامهم في سويعات هذه الحياة الزائلة، بل كانت هممهم مستشرفة الخلود والأبد والسعادة المطلقة بعد الموت، لذا تجد أولئك السادة عاملين للحياة الآتية الأخروية، زاهدين في العراك واقتناص الشهوات العابرة في الأرض، بل تلفاهم مترفعين عن السفاسف والمصالح الذاتية التي ظنها الأغمار أس التحرك الانساني …
فما أحوجنا إذن أن نبحث عن سبل النقلة من الأرض إلى رحاب الغيب، وعن العيش في ذاك العالم … عالم الحقيقة المغفلة، عالم انطمست معالمه في ما حرره غالب الكتاب وحتى الذين ظنوا أنفسهم كتابا ودعاة إسلاميين، إنه عالم الآخرة الذي يعتبر لب المقاصد العملية وما يستشرفه الذكي اللبيب في تحركه، إذ استشعار العيش الأبدي هناك بعد الحساب، ضابط حتما لسلوك الإنسان وتعامل البشر في في هذه الحياة الدنيا …
لكن الآخرة والإيقان بها لم يكن تذويبا لفعل الانسان في الأرض أومانعا لكي يتحرك المرء إيجابيا فيها، ولم يفض هذا الإيمان إلى انزواء في الأديرة أواستعلاء عن هموم الأمة الجماعية، بل إن اليقين في الآخرة فعل قوي للإصلاح وبناء الأنفس والدول، ودافع قوي لسولك طريق الرشد والصلاح وصحبة الأخيار، ومن ثم كان المجددون الأتقياء قمما في العرفان والإحسان، ومغيرين واقعهم ومطهرينه من علله وأمراضه الناخرة، مستصحبين الحكمة والرحمة واجتلاب مصالح الخلق.
والحقيقة التي أستشعرها من أعماق نفسي وأوقن بها قطعا أن أناس الاخرة هم أمل هذه الأمة ورجالاتها المنوطة بهم عملية الإنهاض والتغيير والتجديد والإسعاد، أما الترابيون الماديون فلا ريب أن يكونوا أسباب ازدياد الشرخ والتقويض والهدم والشقاء المروع للمجتمع الإنساني.

ammari77
07-05-2005, 04:53 PM
سبقوني بسعادات الآخرة
http://www.aljamaa.com/ar/images/vide.gifhttp://www.aljamaa.com/ar/images/vide.gifلو لم يكن الحساب لكان ما يفوت من الدرجات العلا في الجنة، وما يرد على القلب من التحسر على تفوتها لحظوظ حقيرة خسيسة لا بقاء لها هو أيضا عذاب، وقس به حالك في الدنيا إذا نظرت إلى أقرانك وقد سبقوك بسعادات دنيوية كيف يتقطع قلبك عليها حسرات، مع علمك بأنها سعادات منصرمة لا بقاء لها، منغصة بكدورات لا صفاء لها، فما حالك في فوات سعادة لا يحيط الوصف بعظمتها، وتنقطع الدهور دون غايتها

لا يبقى مع العبد عند الموت إلا ثلاث صفات: صفاء القلب، أعني طهارته من الأدناس، وأنسه بذكر الله تعالى وحبه لله عز وجل.
وصفاء القلب وطهارته لا يحصلان إلا بالكف عن شهوات الدنيا، والأنس لا يحصل إلا بكثرة ذكر الله تعالى والمواظبة عليه، والحب لا يحصل إلا بالمعرفة، ولا تحصل معرفة الله إلا بدوام الفكر. وهذه الصفات الثلاث هي المنجيات المسعدات بعد الموت.
أما طهارة القلب عن شهوات الدنيا فهي من المنجيات إذ تكون جنة بين العبد وبين عذاب الله كما ورد في الأخبار: "إن أعمال العبد تناضل عنه، فإذا جاء العذاب من قبل رجليه جاء قيام الليل يدفع عنه، وإذا جاء من جهة يديه جاءت الصدقة تدفع عنه". أخرجه الطبراني. ولأحمد من حديث أسماء بنت أبي بكر: "إذا دخل الإنسان قبره، فإن كان مؤمنا أحزبه عمله الصلاة والصيام" الحديث، وإسناده صحيح.
وأما الأنس والحب فهما من المسعدات، وهما موصلان العبد إلى لذة اللقاء والمشاهدة، وهذه السعادة تتعجل عقيب الموت إلى أن يدخل أوان الرؤية في الجنة فيصير القبر روضة من رياض الجنة، وكيف لا يكون القبر عليه روضة من رياض الجنة ولم يكن له إلا محبوب واحد، وكانت العوائق تعوقه عن دوام الأنس بدوام ذكره ومطالعة جماله، فارتفعت العوائق وأفلت من السجن، وخُلِّيَ بينه وبين محبوبه فقدم عليه مسرورا سليما من الموانع، آمنا من العوائق، وكيف لا يكون محب الدنيا عند الموت معذبا ولم يكن له محبوب إلا الدنيا، وقد غصب منه وحيل بينه وبينه، وسدت عليه طرق الحيلة في الرجوع إليه! ولذلك قيل ما حال من كان له واحد غيب عنه ذلك الواحد.
وليس الموت عدما إنما هو فراق لمحاب الدنيا وقدوم على الله تعالى، فإذا سالك طريق الآخرة هو المواظب على أسباب هذه الصفات الثلاث؛ وهي الذكر والفكر والعمل الذي يفطمه عن شهوات الدنيا، ويبغض إليه ملاذها ويقطعه عنها. وكل ذلك لا يمكن إلا بصحة البدن، وصحة البدن لا تنال إلا بقوت وملبس ومسكن، ويحتاج كل واحد إلى أسباب؛ فالقدر الذي لا بد منه من هذه الثلاثة، إذا أخذه العبد من الدنيا للآخرة لم يكن من أبناء الدنيا وكانت الدنيا في حقه مزرعة للآخرة، وإن أخذ ذلك لحظ النفس وعلى قصد التنعم صار من أبناء الدنيا والراغبين في حظوظها، إلا أن الرغبة في حظوظ الدنيا تنقسم إلى ما يُعرض صاحبها لعذاب الآخرة، ويسمى ذلك حراما، وإلى ما يحول بينه وبين الدرجات العلا ويعرضه لطول الحساب، ويسمى ذلك حلالا. والبصير يعلم أن طول الموقف في عرصات القيامة لأجل المحاسبة أيضا عذاب.
"فمن نوقش الحساب عذب" متفق عليه. ومن حديث عائشة: إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حلالها حساب وحرامها عذاب" أخرجه ابن أبي الدنيا والبيهقي. وقد قال أيضا: "حلالها عذاب إلا أنه عذاب أخف من عذاب الحرام". بل لو لم يكن الحساب لكان ما يفوت من الدرجات العلا في الجنة، وما يرد على القلب من التحسر على تفوتها لحظوظ حقيرة خسيسة لا بقاء لها هو أيضا عذاب، وقس به حالك في الدنيا إذا نظرت إلى أقرانك وقد سبقوك بسعادات دنيوية كيف يتقطع قلبك عليها حسرات، مع علمك بأنها سعادات منصرمة لا بقاء لها، منغصة بكدورات لا صفاء لها، فما حالك في فوات سعادة لا يحيط الوصف بعظمتها، وتنقطع الدهور دون غايتها. فكل من تنعم في الدنيا ولو بسماع صوت من طائر، أو بالنظر إلى خضرة، أو شربة ماء بارد، فإنه ينقص من حظه في الآخرة أضعافه. وهو المعني بقوله صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه: "هذا من النعيم الذي تسأل عنه". ولذلك قال عمر رضي الله عنه: "اعزلوا عني حسابها" حين كان به عطش فعرض عليه ماء بارد بعسل، فأداره في كفه ثم امتنع عن شربه.
فالدنيا قليلها وكثيرها، حرامها وحلالها ملعونة إلا ما أعان على تقوى الله، فإن ذلك القدر ليس من الدنيا. وكل من كانت معرفته أقوى وأتقن، كان حذره من نعيم الدنيا أشد. حتى إن عيسى عليه السلام وضع رأسه على حجر لما نام، ثم رماه إذ تمثل له إبليس وقال: "رغبت في الدنيا". وحتى إن سليمان عليه السلام في ملكه كان يطعم الناس لذائذ الأطعمة وهو يأكل خبز الشعير، فجعل الملك على نفسه بهذا الطريق امتهانا وشدة، فإن الصبر على لذائذ الأطعمة مع القدرة عليها ووجودها أشد، ولهذا "روي أن الله تعالى زوى الدنيا عن نبينا صلى الله عليه وسلم فكان يطوي أياما". أخرجه محمد بن خفيف في شرف الفقراء.
ومن حديث عمر بن الخطاب قال: "قلت: يا رسول الله، عجبا لمن بسط الله لهم الدنيا وزواها عنك". الحديث، وهو من طريق إسحاق مُعَنعَناً. وللترمذي وابن ماجه من حديث ابن عباس "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبيت الليالي المتتابعة طاويا وأهله"، "وكان يشد الحجر على بطنه من الجوع". ولهذا سلط الله البلاء والمحن على الأنبياء والأولياء، ثم الأمثل فالأمثل، كل ذلك نظرا لهم وامتنانا عليهم ليتوفر من الآخرة حظهم، كما يمنع الوالد الشفيق ولده لذة الفواكه، ويلزم ألم الفصد والحجامة شفقة عليه، وحبا له لا بخلا عليه. وقد عرفت بهذا أن كل ما ليس لله فهو من الدنيا، وما هو لله فذلك ليس من الدنيا. فإن قلت فما الذي هو لله؟ فأقول: الأشياء ثلاثة أقسام: منها مالا يتصور أن يكون لله؛ وهو الذي يعبر عنه بالمعاصي والمحظورات، وأنواع التنعمات في المباحات، وهي الدنيا المحضة المذمومة، فهي الدنيا صورة ومعنى، ومنها ما صورته لله ويمكن أن يجعل لغير الله، وهو ثلاثة: الفكر والذكر، والكف عن الشهوات. فإن هذه الثلاثة إذا جرت سرا ولم يكن عليها باعث سوى أمر الله واليوم الآخر، فهي لله وليست من الدنيا. وإن كان الغرض من الفكر طلب العلم للتشرف به، وطلب القبول بين الخلق بإظهار المعرفة، أو كان الغرض من ترك الشهوة حفظ المال، أو الحمية لصحة البدن والاشتهار بالزهد، فقد صار هذا من الدنيا بالمعنى وإن كان يظن بصورته أنه لله تعالى.
ومنها ما صورته لحظ النفس، ويمكن أن يكون معناه لله، وذلك كالأكل والنكاح وكل ما يرتبط به بقاؤه وبقاء ولده، فإن كان القصد حظ النفس فهو من الدنيا، وإن كان القصد الاستعانة به على التقوى فهو لله بمعناه وإن كانت صورته صورة الدنيا. قال صلى الله عليه وسلم : "من طلب الدنيا حلالا مكاثرا مفاخرا لقي الله وهو عليه غضبان، ومن طلبها استعفافا عن المسألة وصيانة لنفسه جاء يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر" أخرجه أبو نعيم في الحلية والبيهقي في الشعب.
فانظر كيف اختلف ذلك بالقصد، فإذا الدنيا حظ نفسك العاجل الذي لا حاجة إليه لأمر الآخرة ويعبر عنه بالهوى، وإليه الإشارة بقوله تعالى: (ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى). ومجامع الهوى خمسة أمور وهي:
ما جمعه الله تعالى في قوله: (إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد). والأعيان التي تحصل منها هذه الخمسة سبعة، يجمعها قوله تعالى: (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا). فقد عرفت أن كل ما هو لله فليس من الدنيا، وقدر ضرورة القوت وما لا بد منه من مسكن وملبس هو لله إن قصد به وجه الله، والاستكثار منه تنعم وهو لغير الله.
وبين التنعم والضرورة درجة يعبر عنها بالحاجة، ولها طرفان وواسطة؛ طرف يقرب من حد الضرورة فلا يضر، فإن الاقتصار على حد الضرورة غير ممكن. وطرف يزاحم جانب التنعم ويقرب منه، وينبغي أن يحذر منه. وبينهما وسائط متشابهة، ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، والحزم في الحذر والتقوى، والتقرب من حد الضرورة ما أمكن اقتداء بالأنبياء والأولياء عليهم السلام، إذ كانوا يردون أنفسهم إلى حد الضرورة، حتى إن أويسا القرني كان يظن أهله أنه مجنون لشدة تضييقه على نفسه، فبنوا له بيتا على باب دارهم، فكان يأتي عليهم السنة والسنتان والثلاث لا يرون له وجها. وكان يخرج أول الأذان ويأتي إلى منزله بعد العشاء الآخرة، وكان طعامه أن يلتقط النوى، وكلما أصاب حشفة خبأها لإفطاره، وإن لم يصب ما يقوته من الحشف باع النوى واشترى بثمنه ما يقوته. وكان لباسه مما يلتقط من المزابل من قطع الأكسية، فيغسلها في الفرات ويلفق بعضها إلىبعض ثم يلبسها فكان ذلك لباسه. وكان ربما مر الصبيان فيرمونه ويظنون أنه مجنون، فيقول لهم: يا إخوتاه إن كنتم ولا بد أن ترموني فارموني بأحجار صغار، فإني أخاف أن تدموا عقبي فيحضر وقت الصلاة ولا أصيب الماء. فهكذا كانت سيرته. ولقد عظم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره فقال: "إني لأجد نفس الرحمن من جانب اليمن" إشارة إليه رحمه الله. ولما ولي الخلافة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: "أيها الناس من كان منكم من العراق فليقم، قالوا: فقاموا، فقال: اجلسوا إلا من كان من أهل الكوفة، فجلسوا. فقال: اجلسوا إلا من كان من مراد، فجلسوا. فقال: اجلسوا إلا من كان من قرن، فجلسوا كلهم إلا رجلا واحدا. فقال له عمر: أقَرنِيٌّ أنت؟ فقال: نعم، فقال: أتعرف أويس بن عامر القرني؟ فوصفه له. فقال: نعم، وما ذاك تسأل عنه يا أمير المؤمنين، والله ما فينا أحمق منه، ولا أجن منه، ولا أوحش منه، ولا أدنى منه. فبكى عمر رضي الله تعالى عنه، ثم قال: ما قلت ما قلت، إلا لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومُضَر".
ومن حديث أبي أمامة: "يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من ربيعة ومضر" وإسناده حسن، وليس فيه ذكر لأويس بل في آخره. فكان المشيخة يرون أن ذلك الرجل عثمان بن عفان. فقال هرم بن حيان: لما سمعت هذا القول من عمر بن الخطاب فقدمت الكوفة، فلم يكن لي هم إلا أن أطلب أويسا القرني وأسأل عنه، حتى سقطت عليه جالسا على شاطيء الفرات نصف النهار يتوضأ ويغسل ثوبه، فعرفته بالنعت الذي نعت لي، فإذا رجل لحيم شديد الأدمة، محلوق الرأس، كث اللحية، متغير جدا، كريه الوجه، متهيب المنظر، قال: فسلمت عليه فرد علي السلام، ونظر إلي فقلت: حياك الله من رجل. ومددت يدي لأصافحه فأبى أن يصافحني، فقلت: رحمك الله يا أويس وغفر لك، كيف أنت رحمك الله؟ ثم خنقتني العبرة من حبي إياه ورقتي عليه، إذ رأيت من حاله ما رأيت حتى بكيت وبكى، فقال: وأنت فحياك الله يا هرم بن حيان، كيف أنت يا أخي؟ ومن دلك علي؟ قال: قلت: الله.

مصدر المقال :إحياء علوم الدين للإمام الغزالي رحمه الله

ابو خالد
07-05-2005, 05:02 PM
السلام عليكم

الاخ الكريم
اولا : اهلا بك معنا تفيد وتستفيد باذن الله تعالى
وبارك الله فيك ولك اخى الفاضل اتمنى لو اطلعت على قوانين القسم اخى
تم دمج مواضيعك الزائده عن الحد المسموح به وذلك لانها المره الاولى نرجوا عدم التكرار
ودوما ننتظر جديدك ومشاركتك الفعاله بيننا لك السلام والتحيه