المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التبيان في كفر من أعان الأمريكان!!!



أبومصعب المهاجر
11-05-2005, 02:02 AM
التبيان في كفر من أعان الأمريكان!!!









بسم الله الرحمن الرحيم

القسم الأول

التبيان في كفر من أعان الأمريكان

كتبه: ناصر بن حمد الفهد

تقديم
سماحة الشيخ / حـــمــــود بــن عـقـلاء الـــشـــعـيـبي رحمه الله

فضيلة الشيخ / سـلـيـمــان بــن نـــاصر العـــلــــــــوان

فضيلة الشيخ / عــــلي بــــن خـــضــيــر الـــخــضيـــر


شعبان 1422
· قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله (ت 1206) في نواقض الإسلام: (الناقض الثامن : مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين ، والدليل : قوله تعالى ( وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)).
· وقال العلامة ابن حزم رحمه الله ( ت 456 ) في (المحلى 5 / 419) : (قال تعالى : )وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ )(الأنفال: من الآية60) ، ففرض علينا إرهابهم , ومن أعانهم بما يحمل إليهم فلم يرهبهم ; بل أعانهم على الإثم والعدوان ).

! ! ! !

· وقال ابن القيم رحمه الله (ت 751) في (إعلام الموقعين 2/121) : (وأي دينٍ ، وأي خيرٍ ، فيمن يرى محارم الله تنتهك ، وحدوده تضاع ، ودينه يترك ، وسنة رسول الله e يرغب عنها ، وهو بارد القلب ، ساكت اللسان ، شيطان أخرس , كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق ؟! , وهل بلية الدين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ورياساتهم فلا مبالاة بما جرى على الدين ؟ , وخيارهم المتحزن المتلمظ , ولو نوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه في جاهه أو ماله بذل وتبذل ، وجد واجتهد , واستعمل مراتب الإنكار الثلاثة بحسب وسعه ، وهؤلاء - مع سقوطهم من عين الله ومقت الله لهم - قد بلوا في الدنيا بأعظم بلية تكون وهم لا يشعرون , وهو موت القلوب ; فإنه القلب كلما كانت حياته أتم كان غضبه لله ورسوله أقوى , وانتصاره للدين أكمل) .

· وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ رحمه الله (ت 1293) في سكوت علماء زمانه عن فتنة ترققها فتنة اليوم (الدرر 8/372) :

( وأكثرهم يرى السكوت عن كشف اللبس في هذه المسألة ، التي اغتر بها الجاهلون ، وضل بها الأكثرون ، وطريقة الكتاب والسنة وعلماء الأمة تخالف ما استحله هذا الصنف من السكوت ، والإعراض في هذه الفتنة العظيمة ، وإعمال ألسنتهم في الاعتراض على من غار لله ولكتابه ولدينه . فليكن منك يا أخي طريقة شرعية ، وسيرة مرضية ، في رد ما ورد من الشبه ، وكشف اللبس ، والتحذير من فتنة العساكر ، والنصح لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ، وهذا لا يحصل مع السكوت ، وتسليك الحال على أي حال ، فاغتنم الفرصة ، وأكثر من القول في ذلك ، واغتنم أيام حياتك ، فعسى الله أن يحشرنا وإياك في زمرة عساكر السنة والقرآن ، والسابقين الأولين ، من أهل الصدق والإيمان) .


بسم الله الرحمن الرحيم

تقديم
سماحة الشيخ / حمود بن عقلاء الشعيبي حفظه الله تعالى

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :

فقد اطلعت على كتاب : (التبيان في كفر من أعان الأمريكان) لفضيلة الشيخ : ناصر بن حمد الفهد - حفظه الله تعالى - فوجدته من أحسن الكتب في بيان هذه المسألة ، حيث اجتهد - وفقه الله - في جمع الأدلة وتوضيحها في هذه المسألة العظيمة اليوم ؛ وهي كفر وردة من أعان وظاهر الأمريكان كما عنون - جزاه الله خيراً - بذلك كتابه .

ولا شك أن هذه المسألة إجماعية وفاقية , وكان من الأمر العجيب ومن غربة الدين أن تكون هذه المسألة الواضحة وضوح الشمس مجال جهل أو التباس أو تمييع عند بعض العلماء فضلاً عن غيرهم ولا حول ولا قوة إلا بالله .

ولذا فإنني أنصح جميع الطبقات من علماء وطلبة علم ودعاة وشباب الصحوة بقراءة هذا الكتاب واقتنائه وجعله سلاحاً يستفاد منه في مواجهة بعض الأقوال والآراء والتيارات المشبوهة اليوم التي يراد منها أن تروج وأن تستحوذ على أفكار الناس .

ولا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق منصورة تجاهد وتصاول ضد الباطل وأتباعه . والله ناصر جنده وحزبه ، قال تعالى ( وإن جندنا لهم الغالبون ) , وقال تعالى ( و العاقبة للمتقين ) , وقال تعالى ( وأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ) .

وإني أحث إخواننا العلماء خاصة أن يتقوا الله في هذه الأزمنة وأن يقوموا بما أوجب الله عليهم من الصدع بالحق والبيان للناس في الأمور المهمة والخطيرة ( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ) , وقال تعالى ( فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ) ، وأن يجاهدوا بالكلمة والبيان والفتوى ولا يراعوا في ذلك هوى حاكم ، ولا دنيا زائلة ( وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) .

والشيخ ناصر الفهد - وفقه الله - له جهود مباركة ، فقد ساهم وجاهد - وفقه الله - في مناصرة الحق وأهله ، ودفع الباطل وأهله ، وتصدى لهم في كتب ورسائل كثيرة معروفة ، نسأل الله أن يكتب له الأجر والمثوبة وأن يثبته على ذلك .

نسأل الله تعالى أن ينصر المجاهدين في كل مكان ، وأن يخذل الكافرين وأعوانهم في كل مكان ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


أملاه :

أ.حمود بن عقلاء الشعيبي رحمه الله
5 / 8 / 1422 هـ

تقديم
فضيلة الشيخ / سليمان بن ناصر العلوان حفظه الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم ، لقد حفلت الشريعة الإسلامية بنصوص قطعية تفرض مناصرة المسلمين المظلومين وحماية أعراضهم وأموالهم وقد جاء هذا في إطار الضروريات الخمس التي اتفقت عليها الشرائع وهي الدين والنفس والعقل والمال والعرض .

قال تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) (التوبة: من الآية71).

وروى البخاري ومسلم من طريق الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن النبي e قال : (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه ).

وقال e : انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً ، فقال رجل : يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوماً ، أفرأيت إن كان ظالماً كيف أنصره ؟ قال : تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره . رواه البخاري من حديث أنس ، ومسلم من حديث جابر .

وهذه النصرة من محاسن الإسلام ، وباب من أبواب الجهاد قال تعالى (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) (لأنفال: من الآية72). وفي ذلك تقوية لعرى المحبة ، وتثبيت للذين آمنوا فلا مجال للتخاذل والبطالة والقعود مع الخالفين .

ولقد عز الإسلام وأهله وقامت دولتهم وعظم أمرهم وخافهم عدوهم حين قويت أواصر المحبة بينهم ونصر بعضهم بعضاً .

وقد شبه النبي e المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم بالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى لـه سائر الجسد بالسهر والحمى . جاء هذا عنه في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير .

وجاء في صحيح مسلم ( المسلمون كرجل واحد ، إن اشتكى عينه اشتكى كله ، وإن اشتكى رأسه اشتكى كله ) .

والإسلام يدعو إلى توحيد هذا الإخاء القائم على صفاء العقيدة والمحبة ، ويحارب التخاذل والتنازع الذي يمزق الأمة ويجّرها إلى الذل والعار .

وفي عصرنا الحاضر تحالفت جحافل الكفر ورؤوس الشياطين أمريكا وبريطانيا وحلفاؤهم على حرب الإسلام وأهله في طالبان وبلاد إسلامية أخرى تحت غطاء أو مسمى حرب الإرهاب .

ونحن المسلمين في العالم كله فرض علينا ( كل على قدر طاقته ) مناصرة إخواننا المجاهدين في سبيل الله بالمال والنفس واللسان قال تعالى (انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (التوبة:41) .

ولا يجوز التخاذل عن نصرة المسلمين المستضعفين فذلك خزي وعار وظلم .

وأما مناصرة الكفار على المسلمين بأي نوع من أنواع النصرة فهي : النفاق والردة عن الدين ؛ قال تعالى (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ، الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) (النساء:139).

وقال تعالى) وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ). أي كافر مثلهم ، ولا يختلف في ذلك أهل العلم.

فحذار حذار من مناصرة الكفار على المسلمين بأي نوع من أنواع النصرة ، فهذا : كفرٌ ، ونفاقٌ ، ومرضٌ في القلوب ، وفسقٌ . وليس من شروط الكفر أن تكون مظاهرته للكفار محبة لدينهم ورضى به ، فهذا الشرط ليس بشيء ؛ لأن محبة دين الكفار والرضى به كفر أكبر بإجماع الناس دون مظاهرتهم على المسلمين فهذا مناط آخر في الكفر . ولو زعم المظاهر محبة الدين وبغض الكفار والمشركين فإن كثيراً من الكفار والمرتدين لم يتركوا الحق بغضاً له ولا سخطاً لدينهم وإنما لهم عرض من عروض الدنيا فآثروه على الدين قال تعالى (ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) (النحل:107) .

وفي صحيح مسلم من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول صلى الله عليه وسلم قال ( بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا ) .

والفتوى الجائرة الصادرة من بعض المنهزمين في جواز مشاركة الجنود المحسوبين على الإسلام العاملين في الحكومة الأمريكية في قتال المجاهدين الأفغان هي أبعد ما تكون عن فقه الإسلام وروح الإيمان ولا تمت إلى الحقيقة بصلة ، ولا هي مبنية على قواعد فقهية وأصولية ، وهي مخالفة لسبيل المؤمنين ؛ فإن المسلمين متفقون على أن من أعان كافراً على مسلم فإنه فاعل لناقض من نواقض الإسلام .

وتبرير هذا بالإكراه غير صحيح ؛ لأنه ليس دم المقتول بأرخص من دم القاتل ، ولا دم القاتل بأغلى من دم المقتول .

وقد اتفق الفقهاء على أنه لو أكره رجلُُ ُ رجلاً على قتل مسلم معصوم الدم فإنه يحرم عليه قتله ، فليس لمسلم أن يحمي نفسه عن القتل في سبيل إراقة دماء الآخرين ، قال تعالى ( وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقّ) (الأنعام: من الآية151) . وقال تعالى (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء:93) .

وقد قررت هذه المسألة في موضع آخر وأشرت إلى مهمات المسائل في هذا الباب .

والآن بين يديّ كتاب نفيس اسمه ( التبيان في كفر من أعان الأمريكان ) لفضيلة الشيخ ناصر بن حمد الفهد - وفقه الله وزاده علماً وعملاً - ، حذر فيه المسلمين أن يكونوا عوناً لليهود والنصارى على إخوانهم المسلمين . وقد جمع نفسه وبذل جهده في بيان حكم هذه المسألة ، وحرص على جمع كلام الأئمة المتقدمين منهم والمتأخرين ليكون المسلم على بصيرة من دينه ، وأنه لا نزاع في ردة المظاهرين للكفار على المسلمين .

وقد جاء في هذا العلق الثمين : مباحث مفيدة ، وفوائد فريدة ، ومعاني كبيرة ، ولا سيما نصرته لأهل التوحيد ، والإنصاف لهم من أهل الشقاق والنفاق . وهذه النصرة باب من أبواب الجهاد وعلامة من علامات الإيمان . فلله در هذا الشيخ ، ونعمَّا ما كتبت يداه ، فهو جدير بحفاوة أهل العلم وطلاب الحق . فإلى الكتاب محققاً عقيدة وفقهاً على طريقة من مضى من أئمة الهدى وأهل العلم والتقى ، والحمد لله رب العالمين .

قاله

سليمان بن ناصر بن عبد الله العلوان

10 / 8 / 1422

تقديم
فضيلة الشيخ / علي بن خضير الخضير حفظه الله تعالى

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على من اصطفى وبعد :

فقد قرأت كتاب (التبيان في كفر من أعان الأمريكان ) لفضيلة الشيخ : ناصر بن حمد الفهد - وفقه الله وثبته - فوجدته كتاباً رائعاً متقناً في بابه ، يكتب بماء الذهب كما يقال ، خصوصاً الأبواب أو الفصول التالية :

1- المبحث الثاني من الفصل الأول : حيث ذكر فيه نبذة عن طالبان من حيث تطبيق دولة طالبان - وفقها الله - للشريعة الإسلامية وإقامة الشعائر الإسلامية الظاهرة ومحاربة الكفر والشرك والفسق بأدلة واضحة .

2- المبحث الثالث من الفصل الأول : الأدلة على الحملة الصليبية ، حيث ذكر أدلة خاصة على أن ما تقوم به أمريكا اليوم ومعها التحالف هي حرب صليبية ضد الإسلام والمسلمين وذكر ثلاثة عشر دليلاً واقعياً على ذلك ، الواحد منها يكفي فما بالك بها مجتمعة .

3 ـ المبحث السادس من الفصل الثاني : وهي الأدلة من التاريخ والواقع والتي تدل بوضوح على أن مظاهرة الكفار ردة وكفر ، وذلك بناء على وقائع تاريخية وقعت لأناس قاموا بمظاهرة كفار على مسلمين فأفتى العلماء في تلك الوقائع التاريخية برده وكفر من ظاهر بعينه ، وذكر أربع عشرة حادثة تاريخية كل واحد منها تشبه ما حصل في هذه الأحداث المعاصرة ، وكأن التاريخ يعيد نفسه كما يقال , ويلحق بهذه الوقائع التاريخية ما وقع في الأزمنة التي في القرن الماضي حيث أعان بعض الزائغين والمنافقين الكفار أيام الاستعمار العسكري فأفتى علماء قد عاصروا تلك الوقائع كما ذكر ذلك في فقرة ( سابعاً من كلام المتأخرين من أهل العلم ) .

4 ـ الفصل الثالث : وهو فصل الرد على الشبهات التي أثيرت حول موضوع إعانة الأمريكان ، وهي ثمان شبهات ، استعرضها ثم رد عليها بردود جيدة مباركة نافعة لمن ألقى السمع وهو شهيد , خصوصاً ما يتعلق بشبهة قصة حاطب رضي الله عنه ، و أن طالبان دولة ظالمة ، أو مشركة .

وكنت قبل قراءة هذا الكتاب العظيم في بابه أعد لإخراج بيان توضيحي ضد فتاوى بعض المعاصرين من أهل التلبيس والضلال ، حيث أفتى للمسلمين العسكريين الأمريكيين العاملين في الجيش الأمريكي ( الصليبي ) بجواز أن يشاركوا ضد المسلمين من أجل الوطنية والجنسية وأن يقلّلوا مجال اشتراكهم في أقل ما يمكن زعموا ! هذه ملخص فتواهم .

فوجدت الشيخ ناصر الفهد حفظه الله في هذا الكتاب تطرّق لهذه المسألة في الشبهة الثالثة صـ 81ــ ، حيث تكلم عن من قال من علماء الضلالة في المنتسبين للإسلام من العسكريين الأمريكان وسوّغ فعلهم بشبه باطلة ، وسوف أذكر إن شاء الله أولاً ما ذكره الشيخ ناصر الفهد في هذا الباب متناثراً في كتابه ، ثم زيادة ما تيسر على ذلك :

لكن قبل الإجابة عن ذلك نذكر جواباً مجملاً عاماً لدحض شبهتهم وهو :

أنه إذا كان من أعان الأمريكان من المسلمين والعرب خارج أمريكا يدخل في حكم المظاهرة وأنه كافر مرتد ، فما بالك فيمن خرج معهم في عسكرهم وهو منتسب للإسلام لكن خرج بدافع الوطنية والجنسية الأمريكية وساعدهم ؟ فإنه أولى في الدخول في هذا الحكم ، وكل دليل من آية أو سنة أو إجماع في من أعان أمريكا وهو لم يتجنس بجنسيتها ولم يكن تحت حكمها ، فمن كان متجنساً بجنسيتها فهو أولى بكل دليل .

أما الأدلة الخاصة التي ذكر الشيخ ناصر الفهد وفقه الله فهي :

1 ـ قال تعالى ( ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ....الآية ) قال الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ في هذه الآية : " فإذا كان من وعد المشركين في السر بالدخول معهم ونصرهم والخروج معهم إن جلوا نفاقاً وكفراً وإن كان كذباً ، فكيف بمن أظهر ذلك صادقاً؟ " اهـ في الدرر 8/138 . فكيف إذا خرج معهم في عسكر الأمريكان وهم من الذين كفروا من أهل الكتاب بحكم أنه أمريكي وشارك معهم ؟.

2- ما ذكره الشيخ ناصر الفهد في الدليل الثالث عشر في قصة الرجل العابد الذي استجاب لبني عمه وقومه لما طلبوا منه أن يدعو على موسى عليه الصلاة والسلام ( وهذا اختصار للدليل وإلا فهو مبسوط في الدليل الثالث عشر ) .

وجه الدلالة : أن هذا الرجل انسلخ من الدين لما أعان قومه وبلدته على موسى ومن معه ولو بالدعاء وهؤلاء أعانوا قومهم الأمريكان ضد المؤمنين فالجامع واحد وقياس الشبه ظاهر .

3- ما ذكره في في المبحث الثالث من الأدلة المتعلقة بالسنة في الدليل الثاني في قصة العباس رضي الله عنه حيث خرج مع قريش وتحت رايتها وفي صفها وعسكرها ضد المؤمنين فعامله الرسول معاملة الكفار في المال والأسر ، وقال له : ظاهرك علينا ، فحكم عليه بظاهره وألحقه بالمشركين , والقصة مبسوطة في موضعها .

وهؤلاء ظاهرهم أنهم مع الأمريكان في عسكرهم فيُعاملون معاملة الكفار في الظاهر ويُلحقون بهم في المال والدماء والأسر , فكيف يدعي أهل الضلال والالتباس أنه يجوز لهم ذلك ؟ وما وجه الجواز ؟ .

4- ما ذكره أيضاً من قصة النفر من المسلمين الذين قاتلوا مع المشركين وتحت رايتهم وفي صفّهم وعسكرهم في معركة بدر ضد المؤمنين فأنزل الله فيهم ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم - إلى أن قال – فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا ) مع أن العباس وأولئك النفر من المسلمين الذين شاركوا مع الكفار كانوا مكرهين فكانت المعاملة حسب الظاهر , فما بالك بالمنتسبين للإسلام ممن يحمل الجنسية الأمريكية وهو ضمن الجيش الأمريكي فهو لا يخرج عن حالين :

أ - إما أن يكون خرج مكرهاً فحكمه حكم أولئك حسب الظاهر .

ب - أو يكون مختاراً فهذا أشد وأعظم في الحكم .

5 ـ ما ذكره من حديث أبي داود عن سمرة مرفوعاً ( من جامع المشرك وسكن معه فهو مثله ) , فما بالك إذا نصر وأعان مع المساكنة والتجنس بجنسيتهم مختاراً .

ومثله حديث ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين ظهراني المشركين ) رواه أبو داود والترمذي عن جرير فكيف بمن أعان وناصر مع التجنس بجنسيتهم ؟

6 ـ ما ذكره في المبحث الرابع : في قصة خالد بن الوليد مع مجاعة بن مرارة الحنفي الذين اتبع مسيلمة الكذاب فقد اعتبره خالد في حكم المرتدين لأن ظاهره كان معهم ، مع أن مجاعة ادعى الإسلام وأنه لم يرتد ولم يقبل ذلك خالد , ووجه الدلالة : أن هؤلاء المسلمين الأمريكيين بالجنسية المشاركين مع الجيش الأمريكي ضد المسلمين هم مثل مجاعة في الظاهر وإن ادعوا الإسلام .

7 ـ ما ذكره في الدليل الرابع من المبحث الرابع : في حال المرتدين الذين شاركوا في جيش مسيلمة وسجاح وطليحة ومانعي الزكاة واعتبرهم الصحابة مرتدين حسب ظاهرهم ومشاركتهم في جيش المرتدين ، بل إن بعضهم شارك حمية وليس بغضاً في الإسلام ولا من أجل كفر مسيلمة بل حمية ونخوة ، وكذا هؤلاء شاركوا حمية من أجل الجنسية الأمريكية لأنهم أمريكيون , فكيف يفتي من أفتى بجواز قتالهم في عسكر الأمريكيين من أجل الحمية التي تمثل اليوم الوطنية والجنسية فهذا مصادمة صريحة للنصوص والعياذ بالله .

8 ـ ما ذكره في المبحث السادس : في الوقائع التاريخية أكبر دليل على أن من ساعد الكفار وكان ضمن عسكرهم أن حكمه حكمهم مثل فتوى محمد رشيد رضا فإنها نص في الموضوع ص 79 .

9 ـ وعلى فرض أنه لا يلحقهم شئ من أسماء الوعيد فإن قتل مسلم من مسلم من أجل أن يدفع عن نفسه القتل لا يجوز لو كان مكرهاً ، قال تعالى (ولا تعتدوا إن اللَّه لا يحب المعتدين) وقال صلى الله عليه وسلم ( لا ضرر ولا ضرار ) فكيف إذا كان غير مكره ؟ . فأقل ما يُقال في اشتراكهم في الجيش الأمريكي أنه محرم ، وخلاف هذا القول يُضاد الإجماع . فكيف يكون مباحاً !

أما قول القائل : إن لهم أن يشاركوا في الخدمات أو التمويل أو أي عمل بعيد عن القتال والمعركة ؟ .

فالجواب : أن كل هذا سواء ، فإن المساعد له حكم المباشر بالإجماع , وقال ابن حزم لمن لحق بالكفار محارباً للمسلمين قال : فإن كان معيناً للكفار بخدمة أو كتابة فهو كافر . (المحلى) , وقوله (خدمة) : هي ما قالوا في التموين ونحوه .

وقد ذكر هذه المسألة الشيخ ناصر في في مبحث القياس ، ونقل الأدلة في أن الردء والمساعد له حكم المباشر وهي مسألة إجماعية .

وبعد هذا فلا أجد ما أزيد به بعد تلك الأدلة الواضحة إلا أن أذكر وجه الدلالة فقط مع جمعها في مكان واحد ، وهي تدل على أن المنتسبين للإسلام من الأمريكيين الذين يقاتلون مع الجيش الأمريكي ضد المسلمين أنهم أولى بالحكم ممن أعان الأمريكان بالمال أو الرأي أو أي مساعدة وهو لم يشترك معهم في عسكرهم وجيشهم ولم يكن ضمن رعاياهم آخذاً جنسيتهم , ووجه الدلالة هي دلالة قياس الأولى ومفهوم الموافقة أو ما يسمى ( من باب أولى ) .

وأخيرا في هذه المسألة : إن التجنس بجنسية الكفار من غير إكراه بل كان مختاراً طائعاً ثم العمل بمقتضى هذه الجنسية الكافرة من الدفاع عن الوطن الكافر وأهله وغيرها من القوانين هذا كفر لا عذر فيه بالتأويل ولا الجهل ؛ لأنه من الطاعة في التشريع ومن الطاعة في التحليل والتحريم ، وهو بهذا اتخذهم أرباباً ، ولا عذر في ذلك قال تعالى ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) وحديث عدي بن حاتم رضى الله عنه معروف وفيه ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) قال الشيخ أبا بطين تعليقاً على هذا الحديث : (ذمهم الله وسماهم مشركين مع كونهم لم يعلموا أن فعلهم هذا عبادة لهم فلم يُعذروا بالجهل )الدرر 10/394.393 )

وهي من الطاعة في الكفر قال تعالى ( إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزّل الله سنطيعكم في بعض الأمر ) والأمر الذي أطاعوهم فيه هنا هو المشاركة في قتال إخوانهم المسلمين من أجل الوطنية والخدمة العسكرية .

ومنه قوله تعالى ( وإن أطعتموهم إنكم لمشركون ) حيث أطاعوهم في حل الميتة أي حل ما حرم الله ، وهؤلاء العسكر المسلمين في الجيش الأمريكي أطاعوهم في حل قتال المسلمين المضادين للقانون الأمريكي الذي يوجب القانون الأمريكي وحامل الجنسية الأمريكية المساعدة في التصدي له .


أما ما يتعلق بمسألة التأويل والجهل والعذر بهما لمن كان عائشاً بين المسلمين وضمن أمكنة العالم الإسلامي والعربي في باب المظاهرة والإعانة للكفار الأصليين فإن الأدلة السابقة تدل على ذلك ، وهذه المسألة ترددت في الآونة الأخيرة وسئلنا كثيراً عن عارض التأويل والجهل في مسألة المظاهرة والتولي في مساعدة الكفار الأصليين ومن فعل ذلك متاولاً أو جاهلاً هل يعذر؟.

أبومصعب المهاجر
11-05-2005, 02:03 AM
أما الجواب على ذلك فعلى النحو الآتي :

أولا :

1ـ ومن الأدلة عموم الآيات والأحاديث الدالة على كفر من لم يكفر بالطاغوت ومن لم يبغضه ومن لم يعاد المشركين والكفار مثل قوله تعالى ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) وقوله ( فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى ) وقوله ( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا ) وعموم حديث ( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه ) .

2 ـ في حرب المرتدين فإنه يقيناً كان فيهم من هو من العامة ومن غُرر به وجهل ذلك وقاتل مع المرتدين وظاهرهم وأعانهم ، ومع ذلك لم يفرق الصحابة بين من كان عالماً عامداً ومن كان متأولاً جاهلاً ، بل ساروا فيهم سيرة واحدة من قتلهم وتكفيرهم وسبي نسائهم وأطفالهم والشهادة على قتلاهم بالنار كما صح عن أبي بكر رضي الله عنه ، قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في المرتدين أتباع مسيلمة وغيرهم : وقد أجمع العلماء أنهم مرتدون ولو جهلوا ذلك .أ.هـ الدرر 8/118 .

3 ـ النفر الذين قاتلوا مع قريش وتحت رايتها ضد المسلمين في غزوة بدر كانوا مكرهين كما جاء عن بعض أهل العلم . والعباس ادعى الإكراه ومع ذلك لم يقبل منه ذلك بل كانت المعاملة حسب الظاهر . فإذا لم يعتبر الإكراه وهو عذر قوي فكيف يعتبر التأويل والجهل وهو عذر أضعف منه وأقل ؟ .

4 ـ قال عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ في توضيح كلام ابن تيمية : إن الأمور التي هي مناقضة للتوحيد والإيمان بالرسالة فقد صرح رحمه الله ( أي ابن تيمية ) في مواضع كثيرة بكفر أصحابها وقتلهم بعد الاستتابة ولم يعذرهم بالجهل .أ.هـ منهاج التأسيس صـ101ــ , والدرر 10/432, 433. ووجه الدلالة : أن معاداة الكفار وبغضهم ومناصرة المسلمين من مسائل التوحيد وضدها من المناقض للتوحيد وهذا لا يعذر فيه بالجهل ولا التأويل كما قال ابن تيمية .

5 ـ وقال عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ : والعلماء رحمهم الله تعالى سلكوا منهج الاستقامة وذكروا باب حكم المرتد ولم يقل أحد منهم أنه إذا قال كفرا أو فعل كفراً وهو لا يعلم أنه يضاد الشهادتين أنه لا يكفر بجهله , الدرر 11/479,478 . ووجه الدلالة : أن مظاهرة الكفار على المسلمين مما يضاد الشهادتين ولا عذر فيه بالتأويل ولا الجهل . والتأويل فرع من الجهل .

6 قال الشيخ سليمان بن عبد الله ( إن النطق بالشهادتين من غير معرفة معناها ولا عمل بمقتضاها من التزام التوحيد وترك الشرك والكفر بالطاغوت فإن ذلك غير نافع بالإجماع ) في كتابه التيسير . ووجه الدلالة : أن مظاهرة الكفار على المسلمين من الإيمان بالطاغوت ووجودها ضد الإيمان بالله .

7 ـ قال ابنا الشيخ محمد بن عبد الوهاب ( حسين وعبد الله ) : فمن قال لا أعادي المشركين ، أو عاداهم ولم يكفرهم ، أو قال لا أتعرض أهل لا إله إلا الله ولو فعلوا الكفر والشرك وعادوا دين الله ، أو قال لا أتعرض للقباب فهذا ( لا يكون مسلماً بل هو ممن قال الله فيهم ( ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض - إلى قوله – حقا ) , والله أوجب معاداة المشركين ومنابذتهم وتكفيرهم . أ.هـ الدرر 10/139هـ,140هـ .

قال عبد الرحمن بن حسن : فلا يتم لأهل التوحيد توحيدهم إلا باعتزال أهل الشرك وعداوتهم . الدرر 11/434 . ومن حارب مع الكفار فإنه لم يعتزلهم فيلحقه الاسم .

ووجه الدلالة من رقم6,7 : أن من ظاهر النصارى وأعانهم فهو منهم لأنه لم يعادهم ولم يبغضهم بل ظاهره يحب نصرتهم ولذا أعانهم وفي هذه المسألة لا يعذر فيها المكره فما بالك بالمتأول والجاهل الذي يعيش بين المسلمين . بل هو معرض منافق .

8 ـ وأخيراً : فإن المظاهرة من أصل التوحيد ، وهي أعظم أصول البراء والكفر بالطاغوت ، ومن أعظم أصول ملة إبراهيم ؛ وهي بغض الكفار ومعاداتهم ، وعليه فإن إعانتهم ومساعدتهم على المسلمين تدل على أمرين خطيرين :

أ ـ زوال الموالاة للمؤمنين : بدليل أنه يعين عليهم ويساعد على قتلهم وكسرهم وإذلالهم

ب ـ زوال البراءة من الكفار : فإن مساعدة الكفار دليل على موالاتهم وتعظيمهم ونصرتهم وإعزازهم بما فيه إذلال للمسلمين وتسلط عليهم .

وبذلك فقد انهدم عنده هذان الأصلان , وهذان الأصلان لا يعذر فيهما بالجهل ولا التأويل.

ونقل أبا بطين من كلام ابن تيمية (إن الأمور الظاهرة التي يعلم الخاصة والعامة من المسلمين أنها من دين الإسلام مثل الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له ومثل معاداة اليهود والنصارى والمشركين ومثل تحريم الفواحش والربا والخمر والميسر ونحو ذلك فيكفر مطلقاً ــ أي لا يعذر بالجهل ولا التأويل ــ ) ملخصاً من الدرر 10/372-373 . وهذا نقل واضح ومن أهم النقول عندنا في أن معاداة اليهود والنصارى والمشركين من المسائل الظاهرة التي لا يعذر فيها بالجهل ولا التأويل لمن كان عائشاً بين المسلمين في العالم الإسلامي والعربي ، وقال عن ابن تيمية : (ما ظهر أمره وكان من دعائم الدين من الأخبار والأوامر فإنه لا يعذر ) الدرر 10/388.

وممن أفتى أيضاً بعدم العذر بالتأويل والجهل في مسألة مظاهرة الكفار وإعانتهم على المسلمين لمن كان عائشاً بين المسلمين :

أ ـ ابن كثير حيث قال : في قوله تعالى ( فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة ... الآية ) قال ( 2/69 ) وقوله ( فترى الذين في قلوبهم مرض ) أي شك وريب ونفاق ( يسارعون فيهم ) أي يبادرون إلى موالاتهم ومودتهم في الباطن والظاهر ( يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة ) أي يتأولون في مودتهم أنهم يخشون أن يقع أمر من ظفر الكافرين بالمسلمين فتكون لهم أياد عند اليهود والنصارى فينفعهم ذلك ) أ.هـ

ب ـ الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ .

ج ـ وحمد بن عتيق : فقد أفتيا حينما هجمت جيوش المشركين على أراضي نجد وساعدهم من ساعدهم من قبائل نجد ومدنها أفتيا بكفر وردة من أعان . وكل واحد منهم ألف كتاباً في هذه الواقعة ولم يعذرا بالجهل والتأويل .

د ـ أحمد شاكر : حيث أفتى بكفر وردة من أعان الإنجليز من المسلمين العائشين في ديار الإسلام فقال : أما التعاون مع الإنجليز بأي نوع من أنواع التعاون قل أو كثر فهو الردة الجامحة والكفر الصراح لا يقبل فيه اعتذار ولا ينفع معه تأويل , وقد نقل نصها الشيخ ناصر الفهد في كتابه هذا .

ولا يعني ذكر هؤلاء فقط أن المسألة فيها خلاف وأن هناك غيرهم ممن لم يقل بها أو سكت عنها ؟ فليس كذلك ؟ بل المسألة إجماعية لكن ذكر بعض أفراد الإجماع يؤكد الإجماع ولا ينقضه .

ثانياً :

قياس الأولى :

أي مفهوم الموافقة الذي هو أولى منه ، وسوف نذكر أدلة هي في أمور أقل من أصل الولاء والبراء والكفر بالطاغوت ومع ذلك لا عذر فيها للجاهل والمتأول إذا كان عائشاً بين المسلمين وفي ديار العالم الإسلامي والعربي وهي كالتالي :

1 ـ قال الشافعي رحمه الله ( العلم علمان : علم عامة لا يسع بالغاً غير مغلوب على عقله جهله ؛ مثل الصلوات الخمس ، وأن لله على الناس صوم شهر رمضان ، وحج البيت إذا استطاعوه ، وزكاة في أموالهم ، وأنه حرم عليهم الزنا والقتل والسرقة والخمر ، وما كان في معنى هذا مما كلف العباد أن يعقلوه ويعلموه ويعطوه من أنفسهم وأموالهم ، وأن يكفوا عنه ما حرم عليهم منه ، وهذا الصنف كله من العلم موجود نصاً في كتاب الله موجوداً عاماً عند أهل الإسلام ينقله عوامهم عمن مضى من عوامهم يحكونه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يتنازعون في حكايته ولا وجوبه عليهم ، وهذا العلم الذي لا يمكن فيه الغلط من الخبر والتأويل ولا يجوز فيه التنازع ) الرسالة ص 359،357 .

ووجه الدلالة : أن علم العامة وهو ما يعرفه العامة لا عذر فيه لمن عاش مع العامة والمسلمين ومن ذلك أصل الدين وهو التوحيد وموالاة المسلمين والكفر بالطاغوت .

2 ـ قال صاحب المغني في كتاب الزكاة فيمن أنكر وجوبها (وإن كان مسلماً ناشئاً ببلاد الإسلام بين أهل العلم فهو مرتد تجري عليه أحكام المرتدين ) ، وقال ابن أبي عمر في الشرح الكبير فيمن جحد الصلاة ( وإن كان ممن لا يجهل ذلك كالناشئ بين المسلمين في الأمصار لم يُقبل منه ادعاء الجهل وحكم بكفره لأن أدلة الوجوب ظاهرة ) . فإذا كان ذلك في الصلاة والزكاة لا يعذر فما بالك بما هو أعظم من الصلاة والزكاة من أصل الدين وهو التوحيد وموالاة المسلمين والكفر بالطاغوت .

3 ـ وحكى ابن تيمية اتفاق الصحابة والأئمة أن من جحد وجوب الواجبات الظاهرة المتواترة كالصلاة والصيام والحج أو جحد تحريم المحرمات الظاهرة المتواترة كالفواحش وجحد حل بعض المباحات الظاهرة المتواترة كاللحم فهو كافر مرتد يستتاب فإن تاب وإلا قتل وإن أضمر ذلك كان زنديقاً منافقاً) الفتاوى 11/405 . فلم يعذره في الأركان الأربعة فكيف بأولها وهو أعظمها ؟ . وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب ( ابن تيمية لا يعذر في المسائل الظاهرة ) الدرر9/405 .

4 ـ قال ابن تيمية في شرح العمدة ص51 (فيمن جحد وجوب الصلاة بجهل أنه يُعرّف كحديث العهد ومن نشأ في بادية هي مظنة الجهل وإن عاند كفر ، وقال : إن هذا أصل مطرد في مباني الإسلام الخمسة ، وفي جميع الأحكام الظاهرة المجمع عليها ، وأما الناشئ في ديار الإسلام ممن يُعلم أنه قد بلغته هذه الأحكام فلا يُقبل قوله أنه لم يعلم ذلك ) بتصرف . ووجه الدلالة : واضح هنا كالذي قبله .

5 ـ قال أبا بطين في نقله عن ابن تيمية في الدرر10/368 إن كلامه رحمه الله يدل على أنه يعتبر فهم الحجة في الأمور التي تخفى على كثير من الناس وليس فيها مناقضة للتوحيد والرسالة.

ثالثاً :

دلالة قياس الشبه :

نقول لمن قيّد ذلك بعدم التأويل ما حكم من لم يوال المؤمنين ولم يحبهم بل عاداهم وأبغضهم فهل هذا يكون مسلماً ؟ وهل يعذر بالتأويل ؟

فإذا كان الجواب بالنفي فإن ضده مثله في الحكم وهي إعانة الكفار ونصرتهم ومحبتهم كذلك لا عذر بالتأويل لأن الموالاة والمعاداة ضدان لا يجتمعان ولا يرتفعان

قال ابن تيمية : في الفتاوى 7/17 على قوله تعالى ( وترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون , ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ) قال : فدل على أن الإيمان المذكور ينفي اتخاذهم أولياء ويضاده ولا يجتمع الإيمان واتخاذهم أولياء في القلب ، ودل ذلك على أن من اتخذهم أولياء ما فعل الإيمان الواجب من الإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه ومثله قوله تعالى ( لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) فإنه أخبر في تلك الآيات أن متوليهم لا يكون مؤمناً وأخبر هنا أن متوليهم هو منهم فالقرآن يصدق بعضه بعضا . أ.هـ

وقال ابن القيم : وقد حكم الله تعالى بأن من تولاهم فإنه منهم ولا يتم الإيمان إلا بالبراءة منهم والولاية تنافي البراءة فلا تجتمع الولاية والبراءة أبدا . أ.هـ أحكام أهل الذمة 1/242 وكتابه (التبيان) هذا.

وقال المناوي : قال الزمخشري : فإن موالاة الولي وموالاة عدوه متنافيان . أ. هـ فيض القدير 6/111 (التبيان).

وقال البيضاوي : فإن موالاة المتعاديين لا يجتمعان .

رابعاً :

الوقائع التاريخية : التي ذكرها الشيخ ناصر الفهد في كفر من أعان الكفار ووجه الدلالة فيها : أنهم أجروها على معينين لأن المسؤول عنهم معينون ، فأفتوا بكفرهم ولم يفرقوا . والتعيين دليل عدم العذر بالجهل والتأويل ولو كان فيه تفريق لما أجروه على معين دون استفصال ، وهذا ظلم ومجازفة وتعدي ومثله الاستتابة فإن من قيل فيه يستتاب فهذا دليل على إجراء الاسم عليه من ردة وغيرها ولا يقال يستتاب إلا لمعين .

انتهى القسم الأول

أبومصعب المهاجر
11-05-2005, 02:05 AM
بسم الله الرحمن الرحيم







القسم الثاني



التبيان في كفر من أعان الأمريكان



كتبه: ناصر بن حمد الفهد



خامساً :



ثم يقال أخيراً لمن قيد المظاهرة والإعانة للكفار لمن كان من المسلمين يعذر بالجهل أو التأويل عليك الدليل في ذلك . لأنه خلاف الأصل وخلاف العموم .



ومثل هذه الشبهة ، شبهة أخرى خطيرة مثلها وهي ربط المظاهرة بالاعتقاد وأنه لا يكفر حتى يعتقد . وهذا إرجاء وكفى . فإن الحكم أو الاسم إذا علق بالعمل والأمر الظاهر في الأدلة ثم صرف إلى الاعتقاد فهذا هو أصل الإرجاء الخبيث .



ومن شبه المرجئة اليوم هو تقييد المظاهرة ببغض الإسلام أو لأجل كفرهم فيقول : إنه إذا ظاهر الكفار بغضاً للإسلام ، أو ظاهر الكفار من أجل كفرهم هذا الذي يكفر ، وما عداه فلا . وهذا قول باطل ، ومصادم للنصوص :



قال تعالى ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) ووجه الدلالة : أنه علق وربط الحكم بالفعل وهو توليهم ، والتولي : فعل ظاهر ، وتعليقه بالاعتقاد عموماً أو بمسائل معينة منه ؛ كبغض الإسلام أو من أجل كفرهم ونحوه تعليق بما لم يعلق الله به .



الدليل الثاني : ما سبق ذكره من قصة العباس والنفر من المسلمين الذين شاركوا ضد المسلمين في غزوة بدر فلم يستفصل الرسول صلى الله عليه وسلم منهم ولم يقل هل تعتقد ذلك أم لا ؟ بل عُلق الحكم بالعمل الظاهر فقال : ظاهرك علينا .



الدليل الثالث : إطلاقات أهل العلم وهي كثيرة جداً تفوق الحصر ، وكلهم بالإجماع لم يقيدوا ذلك بالاعتقاد في هذه المسألة ، ولا كانوا يسألون من فعل ذلك ما هو اعتقادك . وفي الحديث ( من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد ) بل هذا بدعة ورثها مرجئة اليوم عن مرجئة الأمس.



بل إن المسلمين لو ظاهروا أو استعانوا بالكفار الأقوياء الذين يدهم ظاهرة وحاربوا مسلمين ليس بغضاً للإسلام ولا من أجل كفر الكافر ولا نية اعتقاد فاسد ، بل ظاهروا الكفار أو استعانوا بهم لمقصد حسن عندهم لكانت هذه مظاهرة بالإجماع خصوصاً إذا جمعوا مع ذلك مدح الكفار ، كأن يقولوا : إنهم أهل عدل وإنصاف كما يُقال اليوم في مدح أمريكا بأنهم أهل عدل وإنصاف ويحملون لواء العدل ورفع الظلم ونحو ذلك ، قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: لو نقدر أن السلطان ظلم أهل المغرب ظلماً عظيماً في أموالهم وبلادهم ومع هذا خافوا استيلاءهم على بلادهم ظلماً وعدواناً ورأوا أنهم لا يدفعونهم إلا باستنجاد الفرنج وعلموا أن الفرنج لا يوافقونهم إلا أن يقولوا نحن معكم على دينكم ودنياكم وهو الحق ودين السلطان هو الباطل وتظاهروا بذلك ليلاً ونهاراً مع أنهم لم يدخلوا في دين الفرنج ولم يتركوا الإسلام بالفعل لكن لما تظاهروا بما ذكرنا ومرادهم دفع الظلم عنهم هل يشك أحد أنهم مرتدون في أكبر ما يكون من الكفر والردة إذ صرحوا أن دين السلطان هو الباطل مع علمهم أنه حق وصرحوا أن دين الفرنج هو الصواب اهـ تاريخ نجد ص 267 .



فمقصدهم دفع ظلم السلطان لكن استعانوا بالفرنج ومدحوهم بأنكم أهل عدل وفيكم خير كثير وأهل ديمقراطية ( وهذا هو دين الفرنج ) ، وانظر نقل الإجماع على كفرهم .



وقال أيضا : أترى أهل الشام ( أي معاوية ومن معه ) لو حملهم مخالفة علي بن أبي طالب على الاجتماع بهم ( أي بالغالية الذين حرقهم علي بن أبي طالب لما أشركوا ) والاعتذار عنهم ( أي الاعتذار عن الذين أشركوا ) والمقاتلة معهم لو امتنعوا أترى أحداً من الصحابة يشك في كفر من التجأ إليهم ولو أظهر البراءة من اعتقادهم وإنما التجأ إليهم وزين مذهبهم لأجل الاقتصاص من قتلة عثمان فتفكر في هذه القضية فإنها لا تبقى شبهة إلا على من أراد الله فتنته اهـ تاريخ نجد ص 338 .



ومن جهة دلالة النظر والقياس يدل على ذلك ، فإنه لا يجوز لكي نزيل ظلماً وقع علينا أن نزيله بكفر ونفاق . ومعلوم أن الظلم الذي وقع مثلا وتنزلاً ( إن صح أنه ظلم ) أكثر ما يُقال فيه : إنه ضرورة ، والضرورات تبيح المحرمات بشرطه ، ولكن لا تبيح الكفر والردة هذا خلاف النصوص وخلاف الإجماع .



ويدل على هذا الكلام السابق أيضاً : قوله تعالى (والفتنة أكبر من القتل ) وقال تعالى (والفتنة أشد من القتل ) قال ابن كثير في تفسير هذه الآية : قال أبو العالية ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك والربيع بن أنس : الشرك أشد من القتل . وكفر أمريكا والقضاء على من يحكم الشريعة أشد من قتل الأبرياء كما يقولون !.



وقال ابن تيمية في الفتاوى 14/476: ( إن الشرك ، والقول على الله بغير علم ، والفواحش ما ظهر منه وما بطن ، والظلم ، لا يكون فيها شئ من المصلحة ) فكيف يُقال إن التحالف مع العلمانية فيه مصلحة ؟.



وقال في الفتاوى 14/477 ( وما هو محرم على كل أحد في كل حال لا يباح منه شئ ؛ وهو : الفواحش ، والظلم ، والشرك ، والقول على الله بلا علم ).



وقال في الفتاوى 14/470-471: ( إن المحرمات منها ما يُقطع بأن الشرع لم يُبح منه شيئاً لا لضرورة ولا غير ضرورة ؛ كالشرك ، والفواحش ، والقول على الله بغير علم ، والظلم المحض ، وهي الأربعة المذكورة في قوله تعالى (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله مالا تعلمون ) فهذه الأشياء محرمة ، في جميع الشرائع وبتحريمها بعث الله جميع الرسل ولم يُبح منها شيئاً قط ولا في حال من الأحوال ولهذا أنزلت في هذه السورة المكية ) . فالموالاة للكفار محرمة في كل وقت ولا يبيحها الضرورة كما يدعون !



وأخيراً : فإنني أدعو إخواني المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن يساعدوا حكومة طالبان المسلمة وفقها الله ، وأن يعينوها بما يستطيعون بالمال والنفس والرأي والمشورة والفتاوى من علماء الأمة وأهل الصحافة والإعلام والقلم فيجب عليهم المساعدة والإعانة بما يستطيعون عبر وسائل الإعلام ، وكذا المنتديات عبر شبكة الإنترنت عليها أن تساهم في هذا الواجب العيني ، وكذا الدعاء والقنوت لهم في هذه النازلة العظيمة والتضرع إلى الله في نصرتهم وهزيمة عدوهم وعدونا.



وأن يتقي الله الجميع في خذلانها وترك نصرتها ، قال تعالى ( وان استنصروكم في الدين فعليكم النصر ) قال تعالى ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) قال تعالى ( ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان ) وفي الحديث ( المسلم أخو المسلم ) .



والجهاد اليوم واجب وفرض عين بما يقدر ويستطيع ، والآيات التي صيغتها الأمر في باب الجهاد كثيرة معلومة منها قوله تعالى ( كتب عليكم القتال وهو كرة لكم ) . ولأن هذه حرب صليبية مستهدف فيها الإسلام في كل مكان خصوصاً من كان من المجاهدين والقائمين بهذا الدين والمتصدين للكفار من كل جنس . فلا بد أن نهب جميعاً للدفاع عن بيضة الدين وحوزة الإسلام .



والمجاهدون اليوم هم كتيبة الإسلام وعزهم عز للإسلام وذلهم وكبتهم والقضاء عليهم فيه خطر على الإسلام علماً بأن الله ناصر دينه ولا تزال طائفة من هذا الأمة منصورة ، والله حافظ دينه . ودولة طلبان هي الباب اليوم وكسر هذا الباب ثلمة عظيمة على المسلمين له ما بعده ، فالله الله يا أخواني لشد المئزر وبذل الوسع ( وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) .





كتبه / علي بن خضير الخضير
6/8/1422هـ

أبومصعب المهاجر
11-05-2005, 02:08 AM
مقدمة المؤلف
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :

فقد خلق الله الإنس والجن ، وأرسل الرسل ، وشرع الشرائع ، وأنزل الكتب ، لتوحيده سبحانه فلا يشرك معه غيره ؛ كما قال تعالى )وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ )(النحل: من الآية36) ، فلا تصح عبادة الله سبحانه إلا باجتناب الطاغوت والبراءة منه ، وهذا هو مقتضى كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) (1) ، فلا تصح موالاة إلا بمعاداة ؛ كما قال تعالى عن إمام الحنفاء إبراهيم عليه السلام : )قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ ، أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ ، فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ) (الشعراء:75-77) ، فلم تصلح لخليل الله هذه الموالاة إلا بتحقيق هذه المعاداة ، فإن ولاية الله لا تصح إلا بالبراءة من كل معبود سواه ، قال تعالى )قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) (الممتحنة:4) ، وقال تعالى )وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ، إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ ، وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الزخرف :26-28) ، أي : جعل هذه الموالاة لله ، والبراءة من كل معبود سواه ، كلمة باقية في عقبه ، يتوارثها الأنبياء وأتباعهم ، بعضهم عن بعض ، وهي كلمة (لا إله إلا الله) ، وهي التي ورثها إمام الحنفاء لأتباعه إلى يوم القيامة ، وهى الكلمة التي قامت بها الأرض والسماوات ، وفطر الله عليها جميع المخلوقات ، وعليها أسست الملة ، ونصبت القبلة ، وجردت سيوف الجهاد ، وهى محض حق الله على جميع العباد ، وهى الكلمة العاصمة للدم والمال والذرية في هذه الدار ، والمنجية من عذاب القبر وعذاب النار ، وهى المنشور الذي لا تدخل الجنة إلا به ، والحبل الذي لا يصل إلى الله من لم يتعلق بسببه ، وهى كلمة الإسلام ، ومفتاح دار السلام ، وبها انقسم الناس إلى شقي وسعيد ، ومقبول وطريد ، وبها انفصلت دار الكفر عن دار الإسلام ، وتميزت دار النعيم من دار الشقاء والهوان ، وهى العمود الحامل للفرض والسنة ، ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة .

فإذا علمت – أخي المسلم – أهمية هذه الكلمة ، فاعلم أن لها نواقض تبطل مفعولها ، وتجعل وجودها كالعدم ، لذلك فأهم ما على المسلم معرفته هو (التوحيد) لتحقيقه ، و (نواقض التوحيد) ليسلم له توحيده مما يزيله .

وإن الأحداث التي حصلت في (أمريكا) يوم الثلاثاء وهي ما تسمى بـ(أحداث 11 سبتمبر) قد محصت الناس ، وأظهرت مدى الخلل الذي يعانيه بعض المسلمين في أمور (التوحيد) ، ومدى غفلتهم عن ركني ملة إبراهيم (الولاء والبراء) ، ومدى ركونهم إلى الكفار ، ومحبتهم الدنيا ، وغفلتهم عن الآخرة ، كما أظهرت من يبتغي بعلمه وجه الله والدار الآخرة ، ممن يبتغي بعلمه حطام الدنيا ، كما كشفت عن المنافقين ، وأظهرت كيد الكافرين ، ولله الأمر من قبل ومن بعد .

وبين يديك – أيها الأخ الكريم – رسالة في مسألة عظيمة من مسائل التوحيد ، رأيت بعض الناس غافلين عنها ، أو متغافلين ، وهي مسألة تولي الكفار ومظاهرتهم على المسلمين ، وهي ناقض من نواقض التوحيد ، تهدمه من أساسه ، وتنقضه من أصله ، وتجعل عمل العبد هباء منثوراً ، فرأيت إبراء للذمة ، ونصحاً للأمة ، وتحذيراً من الوقوع في فتنة تأييد أئمة الكفر (أمريكا وأحلافها) على المسلمين ، كتابة هذه الأوراق ، وقد جعلتها على ثلاثة فصول :

الفصل الأول : الحملة الصليبية ضد الإسلام :

وتحته ثلاثة مباحث :

المبحث الأول : نبذة عن (أمريكا) :

المبحث الثاني : نبذة عن (طالبان) :

المبحث الثالث : الأدلة على الحملة الصليبية :

الفصل الثاني : الأدلة على كفر من أعان (أمريكا) في هذه الحملة :

وتحته تمهيد وثمانية مباحث :

المبحث الأول : الدليل من الإجماع .

المبحث الثاني : الأدلة من الكتاب .

المبحث الثالث : الأدلة من السنة .

المبحث الرابع : الأدلة من أقوال الصحابة .

المبحث الخامس : الأدلة من القياس .

المبحث السادس : الأدلة(1) من التاريخ .

المبحث السابع : الأدلة من أقوال أهل العلم .

المبحث الثامن : الأدلة من أقوال أئمة الدعوة النجدية .

الفصل الثالث : الرد على الشبه التي أثيرت حول هذا الموضوع :

وقد ذكرت ثمان شبهات :

الشبهة الأولى : قصة حاطب بن أبي بلتعة .

الشبهة الثانية : قصة أبي جندل بن سهيل .

الشبهة الثالثة : أن تحالف المسلمين مع الصليبيين مثل (حلف الفضول) .

الشبهة الرابعة : وجود إكراه في هذا الأمر .

الشبهة الخامسة : أن إعانة الكفار على قسمين .

الشبهة السادسة : أن طالبان ومن معهم (ظالمون) .

الشبهة السابعة : أن (طالبان) دولة مشركين .

الشبهة الثامنة : الاستدلال بقوله تعالى (إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق) .

وختمت هذه الأوراق بما يجب على المسلم عمله في هذه الفتنة .

وأخيراً : فإنني أشكر المشايخ الفضلاء الذين تكرموا بقراءة هذا الكتاب وقدموا له ، جزاهم الله خيراً ، وأحسن إليهم ، ونفع بعلمهم الأمة(2) .

كما أسأل الله سبحانه أن يجعل ما كتبته خالصاً لوجهه الكريم ، وأن ينفع به من قرأه .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

كتبه

ناصر بن حمد الفهد – الرياض – رجب 1422


الفصل الأول

الحملة الصليبية ضد الإسلام

سأذكر في هذا الفصل ما يثبت أن هذه الحملة التي تقودها (أمريكا) إنما هي (حملة صليبية) تريد بها ضرب الإسلام ، و سأقسم هذا الفصل إلى ثلاثة مباحث :

المبحث الأول : نبذة عن (أمريكا) .

المبحث الثاني : نبذة عن (طالبان) .

المبحث الثالث : الأدلة على أن هذه الحملة صليبية ضد الإسلام .

المبحث الأول
نبذة عن (أمريكا)

والكلام على فساد أمريكا يطول ، وسأتكلم عليها من جهتين ، فسادها في نفسها ، وإفسادها في الأرض :

أما الجهة الأولى : وهو فسادها في نفسها :

فـ(أمريكا) رأس الكفر والإلحاد ، وأصل الفساد والانحلال ، وبلاد العهر والفجور ، والفواحش والمنكرات ، قد عشش عليها الشيطان ، وضرب فيها قبابه .

أكثر دول العالم في عدد : دور الدعارة ، واللواط ، والسحاق ، وأندية العري ، وحمل السفاح ، ومواليد الزنا ، وزنا المحارم ، وجرائم الأخلاق ، وقنوات الانحلال ، وشرب الخمور ، وأندية اللهو والميسر والرقص والفسق ، وسأذكر فيما يلي قليلاً من الإحصائيات تشير إلى ما ذكرت – مع العلم أن هذه الإحصائيات قديمة – :

1- فيها أكثر من 20 مليون شاذ جنسياً(1) . (المجتمع 350/15)

2- يباع فيها أكثر من 5000 طفل كل سنة ( المجتمع 249/44) .

3- حوالي ثلث المواليد هناك من الزنا ( المجتمع 10/14) ، واللاتي يلدن سفاحاً من المراهقات فقط أكثر من نصف مليون مراهقة سنوياً (المجتمع 648/53).

4- من كل 20 شخصاً في أمريكا يوجد لقيط واحد (المجتمع 209/12) .

5- قتل فيها أكثر من 15 مليون طفل من خلال الإجهاض القانوني (المجتمع 625/35)

6- تعتبر مدينة سان فرانسيسكو عاصمة (اللوطية) ، ويمثلون ربع ناخبي المدينة (المجتمع637/32) .

7- فيها نحو من 100 مليون من المدمنين على شرب الخمر (المجتمع 199/42) .

8- تنتج شركات الخمور في أمريكا ما قيمته أكثر من 24 ملياراً من الدولارات (المجتمع157/30).

وأما الجرائم فيها فأكثر من أن تحصر ، ومن ذلك :

1- في إحصائيات الحكومة الأمريكية بلغ عدد الجرائم عام 2000 حوالي 26 مليون جريمة.

2- وفي إحصائيتهم للجرائم عام 1999 كان ما يلي :

1) كل 3 ثوان يحصل جريمة على ممتلك (عقار) .

2) جريمة سرقة كل 15 ثانية .
3) جريمه بشعه كل 22 ثانية .
4) جريمة قتل كل 34 ثانية .
5) جريمة اغتصاب كل 6 دقائق .
6) جريمة اعتداء جسدي كل 34 ثانية.

وما ذكرته هنا شيء يسير جداً من فساد هذه الدولة الكافرة .

وإذا علمت – أخي المسلم – أن الله سبحانه ذكر ما ذكر عن قوم لوط ، فقال تعالى عنهم )أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ )(العنكبوت: من الآية29) ، وأكثر ما وجدت من سردٍ للمنكرات التي كان عليها قوم لوط هو ما رواه ابن عساكر بسنده (تاريخ دمشق 50/ 321) عن أبي أمامة قال : كان في قوم لوطٍ عشر خصال يعرفون بها : لعب الحمام ، ورمي البندق ، والمكاء ، والخذف في الأنداء ، وتبسيط الشعر ، وفرقعة العلك ، وإسبال الإزار ، وحبس الأقبية ، وإتيان الرجال ، والمنادمة على الشراب .

وإذا قرنت هذه العشر بجانب الأرقام الفلكية للفساد الأمريكي تبين لك الفرق العظيم ، وأن فساد أمريكا قد زاد على فساد قوم لوط بأضعافٍ مضاعفة.

وإذا علمت أن الله سبحانه عاقب قوم لوطٍ بعقوبة لم يعاقب بها أحداً غيرهم ، فقال تعالى عنهم )قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ ، لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ ، مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ) (الذريات:34) ، وقال تعالى )فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ) (هود:82) ،وقال تعالى )وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ) (القمر:37) ، وقال تعالى )فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ) (الحجر:73) ، فعاقبهم الله سبحانه على منكراتهم بأن طمس على أعينهم ، وأخذتهم الصيحة ، وجعل أرضهم عاليها سافلها ، وأمطر عليهم حجارة من سجيل .

فما ظنك بالعقوبة التي تستحقها (أمريكا) ؟.

وهل تستحق – مثل هذه البلاد – أن يبكي عليها أحد من ذوي الإيمان ؟.


الجهة الثانية : إفسادها في الأرض :

فـ(أمريكا) لو كان فسادها قاصراً عليها لكانت تستحق من العقوبات الإلهية الشيء العظيم ، فكيف وقد تعدى فسادها إلى غيرها ، فعاثت في الأرض فساداً .

فأصل الفساد الأخلاقي والانحلال في كثير من المجتمعات كانت أمريكا تقف وراءه :

1- فبانكوك (عاصمة الفساد الجنسي في العالم) كان الوجود العسكري الأمريكي العامل الرئيس في تفشي الفساد والانحلال فيها (المجتمع 248 / 8) .

2- وأكبر مصدر للأفلام الخبيثة في العالم هي (هوليود) – عاصمة السينما – في (أمريكا) .

3- وأكبر دولة من حيث عدد قنوات (الجنس) ، والمواقع الإباحية في (الإنترنت) هي (أمريكا) .

4- وأكبر الشركات المصدرة للخمور والدخان توجد في (أمريكا) .

5- وأكبر مصانع الأسلحة التي يقتتل بها البشر توجد في (أمريكا) .

وغير ذلك من أسباب نشر الفساد والرذيلة في المجتمعات .

أبومصعب المهاجر
11-05-2005, 02:09 AM
وأما جرائمها بحق البشر الآخرين من غير المسلمين فكثيرة جداً ، إليك بعضاً منها :

1- قاموا بإبادة ملايين الهنود الحمر – يصل عددهم في بعض الإحصائيات إلى أكثر من مائة مليون – وهم السكان الأصليون لأمريكا .

2- وقاموا بإبادة كثير من الأفارقة في تجارة الرقيق – يصل عددهم في بعض الإحصائيات إلى ملايين – .

3- في ليلة من ليالي عام 1944 – في الحرب العالمية الثانية – دمرت 334 طائرة أمريكية ما مساحته 16 ميلاً مربعاً من طوكيو ، بإسقاط القنابل الحارقة ، وقتلت 100 ألف شخص ، وشردت مليون نسمة ، ولاحظ أحد كبار جنرالاتهم بارتياح أن الرجال والنساء والأطفال اليابانيين قد أحرقوا ، وتم غليهم وخبزهم حتى الموت، وكانت الحرارة شديدة جداً حتى أن الماء قد وصل في القنوات درجة الغليان وذابت الهياكل المعدنية وتفجر الناس في ألسنة من اللهب ، وتعرضت أثناء الحرب حوالي64 مدينة يابانية ، فضلاً عن هيروشيما وناغازاكي ، إلى مثل هذا النوع من الهجوم ، ويشير أحد التقديرات إلى مقتل زهاء 400 ألف شخص بهذه الطريقة .

4- وبين عامي 1952 و 1973 : ذبحت الولايات المتحدة في تقدير معتدل زهاء عشرة ملايين صيني وكوري وفيتنامى ولاووسي وكمبودي .

5- و بحلول منتصف عام 1963 سببت حرب فيتنام : مقتل 160 ألف شخص ، وتعذيب وتشويه 700 ألف شخص ، واغتصاب 31 ألف امرأة ، ونزعت أحشاء 3000 شخص وهم أحياء ، وأحرق 4000 حتى الموت ، وهوجمت 46 قرية بالمواد الكيماوية السامة .

6- وأدى القصف الأمريكي لهانوي وهايفونغ في فترة أعياد الميلاد وعام 1972 : إلى إصابة أكثر من 30 ألف طفل بالصمم الدائم .

7- وقتل الجيش الأمريكي المدرب في غواتيمالا أكثر من 150 ألف فلاح بين عامي 1966 و 1986.



وأما جرائمها بحق المسلمين والمنتسبين إلى الإسلام فكثيرة جداً ، ولو أردنا تفصيلها لخرجنا عن موضوعنا ، ولكننا نشير إلى إحصائيات يسيرة تشير إلى ما وراءها :

1- قتل أكثر من مليون طفل عراقي بسبب قصف القوات الأمريكية للعراق وحصارها الظالم له خلال عشر سنوات (1).

2- أصيب الآلاف من الأطفال الرضع في العراق بالعمى لقلة الإنسولين .

3- هبط عمر العراقيين 20 سنة للرجال ، و11 سنة للنساء ، بسبب الحصار والقصف الأمريكي .

4- أكثر من نصف مليون حالة وفاة بالقتل الإشعاعي .

5- وقتل الآلاف من الشيوخ والنساء والأطفال الفلسطينين بالسلاح الأمريكي .

6- وقتل الآلاف أيضاً من اللبنانيين واللاجئين الفلسطينين في المجازر التي قامت بها إسرائيل بحماية أمريكية .

7- بين 1412 – 1414 : قتل الجيش الأمريكي الآلاف من الصوماليين أثناء غزوهم للصومال .

8- 1419 : شنت أمريكا هجوماً بصواريخ كروز على السودان وأفغانستان ، دمروا خلاله مصنعاً سودانياً للدواء ، وقتل أكثر من مائتين .

9- قتلت إسرائيل بمباركة أمريكا أكثر من 17000 شخص في غزوها لجنوب لبنان.

10- وقتل عسكريو أندونيسيا أكثر من مليون شخص بدعم من أمريكا .

11- تسبب حصارهم لأفغانستان في قتل أكثر 15000 طفل أفغاني .

هذا غير المجازر التي باركها الأمريكان في الشيشان والبوسنة ومقدونيا وكوسوفا وكشمير والفلبين وجزر الملوك وتيمور وغيرها من أراضي الإسلام .

و لو حلف حالف بأنه ما حصلت – في السنوات الأخيرة – مجزرة لقوم من المسلمين ، أو تشريد لهم ، أو احتلال لأرضهم ، إلا ووراءها أيدٍ أمريكية ، فإنني لا أظنه يحنث ، والله المستعان .

وأخيراً :

فإن من نعم الله التي لا تعد ولا تحصى أن جعل قيادة هذا التحالف الكافر بيد هذه الدولة الظالمة حتى يستبين الطريق ولا يلتبس على أحدٍ ممن يريد الحق ، فتاريخها مليء بالظلم والخبث والفساد والإفساد ، وملفها الأسود معروف لكل الناس ، وهذا مما يجعل الحق أشد وضوحاً ، ولله الحمد والمنة .


المبحث الثاني

نبذة عن (طالبان)

لاشك أن شعب (أفغانستان) كغيره من الشعوب من حيث تعدد العقائد والمناهج ، ففيهم الجهلة ، وفيهم المتعلمون ، وفيهم السنة ، وفيهم أهل البدع ، وقد عانت بلاد الأفغان من الحروب وويلات الشيوعيين ، ثم تلا ذلك حروب الأحزاب وما ترتب على ذلك من قتل و تشريد الآلاف من المسلمين ، وساهم هذا كله في تفشي الجهل والأمية بينهم ، وحين نتكلم في هذا الفصل على (طالبان) لا ننفي وجود المنكرات هناك ، ولا ندعي أنها سالمة من البدع ، فهي دولة تحكم عدداً من الأعراق والأجناس ، بل و (طالبان) أنفسهم متعددو التوجهات ، ففيهم من يميل لأهل الحديث ، وفيهم من يميل للصوفية ، وفيهم المتعصب ، وفيهم المعتدل ، لذا فنحن لا نزعم هنا أنها ليس عليها أخطاء في المنهج ، ولكننا نقصد هنا بيان صدق حكومة (طالبان) في تطبيق الشريعة وفرضها على البلاد ، وأن الساعي للكمال ليس كالمبتعد عنه ، وناشد الإصلاح ليس كالمفسد ، ومريد الخير ليس كالمعرض عنه ، ومحب الشريعة وأهل الإسلام ليس كالمحارب لهم – وسيأتي مزيد بيان لهذا إن شاء الله تعالى في مناقشة الشبهة السابعة – .

ولا شك أن المراقب لأفغانستان بعد قيام حكومة (طالبان) يرى أن راية الإسلام ترتفع يوماً بعد يوم ، وأنهم يسيرون من الحسن إلى الأحسن ، فقد طبقت الشريعة الإسلامية ، وأقيمت الحدود ، وأمنت السبل(1) ، ومنعت المنكرات ، وقضي على كثير من مظاهر الفساد ، وكنا لا نزال نسمع عبر وسائل الإعلام المعادية أخباراً عنهم تثلج صدور المؤمنين ، وسأذكر فيما يلي – باختصار – تاريخ قيام (طالبان) وأعمالها الجليلة في تطبيق الشريعة الإسلامية:

لقد كان سبب نشوء حركة طالبان في أول عام 1415هـ على أثر بعض جرائم قطع الطريق واختطاف عدد من النساء ، على مرأى من ( الملا محمد عمر زعيم حركة طالبان ) ، مما دعاه مع بعض طلبة العلم إلى أن يقاتلوا بأنفسهم قطاع الطرق ومحاولة إقامة الحدود ، فقضوا عليهم في (قندهار) وما حولها ، ثم بدأوا بالتوسع في مطاردة قطاع الطرق واللصوص حتى أقاموا محكمة شرعية في قندهار ، ففر اللصوص وتفشى الأمن وانطلق الناس لشؤون حياتهم ، ثم قاموا بإدخال الولايات الأفغانية ، الولاية بعد الأخرى ، تحت حكمهم ، حتى سقطت كابل بيدهم في تاريخ 14/5/1417، بعدما أسقطوا قبلها كل الولايات الجنوبية والشرقية والغربية ، ودخل تحت حكم الطلبة من الولايات سلماً خلال سنة واحدة 20 ولاية من أصل 31 ولاية ، وجميع فتوحاتهم في البداية كانت سلماً لأن الشعب الأفغاني يعرف قادة الطلبة بعلمهم ، وكان معهم كبار علماء أفغانستان وهو الأمر الذي دعا الأفغان جميعاً أن ينظموا إليهم لأول وهلة . ثم بدأ زحفهم على الشمال – الذين يدعمهم الكفار كالروس والهنادكة – حتى بقي لهم 4% فقط من مجموع أرض أفغانستان .

وكان من أعمال الطلبة عندما جاءوا تطبيق الشريعة الإسلامية على كل شبر سيطروا عليه في أي مكان ، وكان من قراراتهم :

1. سحب جميع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من أيدي القبائل التي كانت تستخدمها في النزاعات القبلية ويستخدمها بعضهم في السطو وقطع الطرق .

2. عملوا على إخراج نجيب وأخيه من مقر الأمم المتحدة في كابل الذي كان لاجئاً فيه وأقاموا عليه حد الردة.

3. قاموا بهدم جميع الأصنام التي كانت أمام الفنادق في كابل خاصة أمام فندق الانتركونتننتل .

4. أسسوا المحاكم الشرعية في جميع الولايات التابعة لهم .

5. أسسوا وزارة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهذه الوزارة لها صلاحيات واسعة جداً ، وفي جميع المجالات ، ولها أعمال جليلة منها :

§ عملت على ضرب الجزية على الكفار ، وأطلقوا عليهم اسم أهل الذمة ، وألزموهم بأن يتميزوا بإشارات تميزهم عن المسلمين .

§ وعملت على الاهتمام بأمر الصلاة وإلزام الناس بها ، وإغلاق المحلات بعد الآذان .

§ وعملت الوزارة على منع كل مظاهر الفسوق والكفر ، فأغلقت محطة التلفزيون في كابل وقطعت البث التلفزيوني ، و أسلمت الإذاعة وأسمتها إذاعة الشريعة ، و دمرت جميع محلات المعازف والأغاني ، و منعت دخول أشرطة الأغاني وعزرت كل من يهربها ، و أحالت دور السينما إلى قاعات للمحاضرات .

§ ومنعت حلق اللحى ، ومنعت محلات حلاقتها.

§ و عملت على منع خروج النساء إلا بالحجاب ، ولا السفر إلا بمحرم ، و أخرجت جميع العاملات في الأماكن المختلطة من النساء ، وتم منع الأجنبيات من دخول البلد .

§ و منعوا دخول المجلات والصحف التي فيها مفاسد .

§ كما عملت الوزارة على محاربة المخدرات بشكل متدرج حتى تم القضاء على زراعتها في صيف عام 1420 حيث أصدرت لجنة الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات بياناً نشر في وسائل الإعلام تحت عنوان ( أفغانستان خالية من المخدرات ) وجاء فيه أن لجنة دولية زارت أفغانستان للتأكد من عدم وجود زراعة المخدرات وزارت هذه اللجنة 1271موقعاً كانت تزرع فيه المخدرات فوجدت أن المخدرات قد استبدلت بمحاصيل زراعية مختلفة ، كما ذكر (مركز الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات) في بيانه الصادر في 15 أكتوبر من 2001 أن نسبة زراعة الأفيون قد انخفضت بنسبة 94% في المناطق الخاضعة لسيطرة طالبان. وترجع الأمم المتحدة السبب إلى الأوامر الصارمة التي أصدرها قائد الحركة الملا محمد عمر بتحريم زراعة الأفيون في المناطق الخاضعة لحكمه. وقد ذكر المركز أيضاً أن أغلب الأفيون الصادر من أفغانستان فينتج حالياً في المناطق الخاضعة لسيطرة حزب التحالف الشمالي .

§ كما عملت أيضاً على تكسير جميع الأصنام الأثرية الموجودة في المتاحف ، وعملت على هدم جميع الأصنام الكبار وخاصة تمثالي بوذا في باميان – على الرغم من معارضة العالم لها –.

§ وقررت أيضاً منع التقاط الإنترنت بسبب ما فيها من فساد .

§ وعملت على إزالة بعض المشاهد التي على القبور ، ومنعت الناس من مظاهر الشرك التي كانت تعمل عندها ، وقد وضعوا سياجاً حول بعض المقابر ، وعلقوا لوحات مكتوب عليها آداب الزيارة الشرعية لها.

6. وفي نظام التعليم أغلقت مدارس البنات لأنهم يقولون نحتاج إلى وقت لكي نعد مدرسات صالحات نثق بهن لتربية بنات المسلمين ، والجدير بالذكر أن مقرر العقيدة لديهم في جميع المراحل هو كتاب العقيدة الطحاوية ، ومن المواد المهمة لديهم مادة الجهاد وفقهه .

وكانت إمارة (طالبان) الدولة الوحيدة التي تعترف بحكومة المجاهدين الشيشان وقد دعمتهم بكل ما تستطيع وفتحت أراضيها لهم .

هذا ملخص لأعمال هذه الإمارة خلال ست سنوات فقط من توليها الحكم في بلاد الأفغان ، فقارن بينها وبين حال رأس الكفر (أمريكا) !!.

ولاشك أن مثل هذه الأعمال تقض مضاجع الكفار من صليبين وغيرهم الذين لا يريدون إقامة دولة إسلامية ، فسعوا في حربها منذ ظهور تطبيقها للشرع :

فقاموا بحصار ظالم لها ، قتل بسببه أكثر من 15000 طفل أفغاني .

وقاموا بدعم قوات تحالف الشمال المعارض لحكومة طالبان .

وقامت أمريكا بضربها بصواريخ كروز عام 1419 .

ثم جاءت فرصة (الحملة الصليبية ) الشاملة الآن ، وهي ما سنتكلم عليه في المبحث التالي .

--------------------------------------------------------------------------------

(1) ما بعد هذا مأخوذ – بتصرف – من كلام لابن القيم رحمه الله في (الجواب الكافي) .

(1) لا أعني بالأدلة هنا وفي المبحثين التاليين المعنى الاصطلاحي المعروف عند الأصوليين ، وإنما أريد بها ذكر الأدلة من التاريخ و كلام أهل العلم على صحة هذا القول ، فالمباحث الخمسة الأولى لتأصيل هذه المسألة شرعاً ، والمباحث الثلاثة الأخيرة لإثبات تقرير أهل العلم لها على النحو الذي قررناه.

(2) وأحب أن أنبه إلى أنني أضفت شبهتين ليستا في المسودة التي قرأها هؤلاء المشايخ – حفظهم الله – وهما : الشبهة الثالثة ، والشبهة الثامنة .

(1) عدد الشواذ (اللوطية ، والسحاقيات) في (أمريكا) أكثر من سكان (أفغانستان) مجتمعين !!! .

(1) وقد رفع أحد المحامين النصارى الأمريكيين دعوى على (جورج بوش) الأب يطالب فيها بمحاكمته على أنه مجرم حرب ، بسبب ما أحدثه في (العراق) من قتل وتدمير !! .

(1) وهذا من الأعاجيب ، فبلاد الأفغان من أوعر بلاد العالم من حيث التضاريس وكثرة الجبال ، والأسلحة منتشرة بين الشعب ، وكثر قطاع الطرق مع حكم الشيوعية ثم اقتتال الأحزاب بينهم ، ومع ذلك استطاعت (طالبان) القضاء عليهم ونشر الأمن في فترة وجيزة ، وهذا جزاء من يطبق شرع الله سبحانه.

انتهى القسم الثاني

ابو عبد العراقي
20-05-2005, 03:37 PM
بارك الله فيكم على هذا التبيان الجميل وجزاكم الله خيرا ..
ونسأل الله العزيز القدير ان ينصرنا ويصلحنا واياكم على القوم الكافرين والظالمين والمنافقين
انه على كل ئي قدير

ابو عبد العراقي
20-05-2005, 04:02 PM
جزاك الله خيرا على هذا التوضح الجميل

نسأل الله العلي القدير رب العرش العظيم ان ويصلحنا و ينصرنا واياكم على القوم الظالمين والكافرين والمنافقين ..
انه سبحانه على كل شئ قدير

أبومصعب المهاجر
20-05-2005, 09:08 PM
بارك الله فيكم على هذا التبيان الجميل وجزاكم الله خيرا ..


ونسأل الله العزيز القدير ان ينصرنا ويصلحنا واياكم على القوم الكافرين والظالمين والمنافقين
انه على كل ئي قدير

وفيك بـــــــارك الله أخي الفاضل

ناصر الجهاد
22-05-2005, 12:57 AM
جزاك الله كل خير أخي المهاجر.