المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية الشيخ العودة: إطلاق الأسرى مكسب للمقاومة العراقية وإحراج للمحتلين



الزنكلوني افندي
26-05-2005, 12:01 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

بيان من الشيخ سلمان بن فهد العودة

بشأن إطلاق سراح الرهائن الرومانيين والذي تم استجابة لمناشدة فضيلته

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات, وبعد:

فقد كان سبباً للسرور والفرح أن أسمع بإطلاق سراح الثلاثة الرومانيين الإعلاميين المخطوفين في العراق, وزاد من فرحي أن يكون لمناشدتي السابقة (صدرت بتاريخ 7/4/1426هـ الموافق 15/5/2005م) أثر في هذا الإطلاق.

واستحضرت بين عيني قوله تعالى: { وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا } (32) سورة المائدة
فالحمد لله ثم الحمد لله.

وهي بادرة طيبة من هذه المجموعة التي اختطفتهم يستحقون عليها الشكر والإشادة والدعاء بالتوفيق.
ولقد سبق لمجموعات أخرى أن أطلقت رهائن أو مختطفين بناءً على مبادرات ذاتية أو مناشدات, كما في حال الرهائن الفرنسيين, وغيرهم.

بينما نجد الأسرى لدى المحتلين في سجون العراق وغوانتاناموا وأفغانستان وغيرها يحرمون من الحقوق الإنسانية, والمحاكمات العادلة, والاتصال بذويهم؛ وتفوح كل آن روائح الغدر والانتهاكات الإنسانية من الأدعياء.

وتتجاهل أذرعة هذه الإدارة جميع المناشدات الإنسانية والإسلامية والشعبية والرسمية ومن آخر ذلك قضية تدنيس المصحف لتحطيم نفسيات الأسرى.

مَلكْنا فكان العَفْو منَّا سَجيَّةً فحسْبُكُمُ هذا التَّفاوتُ بيْنَنا
فلمَّا ملكْتُمْ سالَ بالدَّمِ أبْطَحُ وكلُّ إِناءٍ بالذي فيهِ يَنْضَحُ

ومن كمال أداء حقهم وحق المقاومة العراقية أن أقول:

إن الله وعد المظلومين بالنصر في نص كتابه فقال سبحانه:

{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} (39) سورة الحـج

وفي السياق ذاته قال: { وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (40) سورة الحـج

وبين سبحانه أن النصر مرهون بأمور مستقبلية, وليس حاضرة فحسب فقال: {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} (41) سورة الحـج

وهو سبحانه أعلم بما يكون من الناس في مستقبل أيامهم من لزوم الطاعة لله ورسوله, أو الانجرار وراء الهوى ونزعات النفس ونزغات الشيطان.

لقد شكلت المقاومة العراقية عائقاً لتوسيع مشروع الاحتلال الأمريكي في المنطقة، وأجبرت الإدارة الأمريكية على إعادة حساباتها من جديد وهي التي كانت تظن أن غزو البلاد الإسلامية أشبه ما يكون برحلة سياحية!

ولا شك أن في المقاومة العراقية خليطاً من تيارات ومجموعات متنوعة المشارب والاتجاهات.
ومثل هذه المبادرة الطيبة نؤمل أن تكون خطوة صادقة متواصلة لعزل جميع الممارسات والتصرفات, والمجموعات التي تسيء للمقاومة, والعراق والعراقيين, وتأخذ البريء بذنب المجرم, وتقتل بمجرد الشبهة.

إن الشرع والعقل وحتى القانون الدولي يكفل للشعوب حق المقاومة للمحتلين بلا جدال, وفي الوقت ذاته فإن الأعمال العشوائية المجردة عن الضبط الشرعي التي تستخف بالدماء, وتؤجج نار الحرب الأهلية بين فئات الشعب العراقي هي مما حرمه الإسلام ونهى عنه وبالغ في النهي عنه، كما أن هذه الأعمال إنما تصب في صالح المحتل الذي يماطل في الخروج والانسحاب بحجة الخوف من تفاقم الوضع, وانفلات الأمن, ونشوب الحرب الأهلية.

وأهل العراق عامة, وأهل السنة خاصة؛ يعيشون وضعاً صعباً للغاية يتطلب الحكمة والروية والحصافة, وبعد النظر, وإيثار المصالح العليا والاستماع لصوت العقل, وعدم التعلق بالأماني التي تغر أصحابها.

ولا يخلو شعب العراق ولا غيره بحمد الله من العلماء والعقلاء والحكماء الذين يتوجب على الشباب الاستماع إليهم, والتشاور معهم, وحفظ مقامهم, والاستجابة لهم فبهم تقوم الحجة وبضوئهم يستنير الطريق.

إنني أناشد جماعات المقاومة كلها أن تؤثر مصلحة العراق وأهل العراق, ومستقبل العراق وأطفال العراق, وشيوخ العراق, وأن تدرك أن خلط الأوراق لا ينفع إلا الأعداء والخصوم. وبين أيدينا تجارب ماثلة للعيان في غير ما بلد إسلامي, أريقت فيها دماء زكية, وذهبت جهود هائلة أدراج الرياح؛ بسبب تغليب جانب القوة المجردة عن الرؤية والبصيرة وسيطرة النزعات الفردية, والتنافس الذي عابه الله تعالى على فئة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم:

{ مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ } (152) سورة آل عمران
وإذا كان الخصم يسعى لعزل المقاومة عالمياً بكل الوسائل, فإن وقود هذه المعركة العالمية يستمد من بعض الممارسات الميدانية التي تصدر من مجموعات تنسب للمقاومة, وهذه التصرفات تساهم في عزل المقاومة محلياً وعربياً وإسلامياً.

وما أحوج فئات المقاومة اليوم إلى ميثاق معلن تتعاهد عليه بما يرضي الله تعالى, ويحقق المصلحة, وتتواضع عليه المجموعات التي تقرأ الأحداث قراءة صحيحة, وتلتزم بالشرع وإن خالف أهواءها.
ليكون ذلك بإذن الله سبيلاً إلى تصحيح المسيرة, وتحقيق مرضاة الرب تبارك وتعالى, وحفظاً للإسلام وأهل الإسلام من سوء العاقبة, وعزلاً لكل من يريد أن يسيء إلى المقاومة وأهلها بالقول أو بالفعل.
ولعل من الحكمة أن يكون ثمت مطالب سياسية عادلة معلنة ومحددة تبين أن القتال ليس شهوة ولا هدفاً بذاته, وأن المقصود هو الحصول على الحقوق الشرعية وطرد المحتل عن البلاد.

اللهم خذ بنواصينا جميعاً لما فيه رضاك ومصلحة عبادك إنك أنت الجواد الكريم, وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

كتبه
سلمان بن فهد العودة
الاثنين 16/4/1426هـ