Cancer
08-06-2005, 01:39 AM
http://www.facets.org/Images/nausicaa.jpg
ناويشكا: وادي الرياح ( 1982م )
كعادته دائماً يرحل بنا مايازاكي إلى عوالمه المتخيلة ، حيث للأساطير نكهة أخرى ، وللقصة مسار جديد ، لا نلبث لحظات في طريق استكشافها ، حتى نضحي أفراداً من تلك العوالم الرائعة .
أحد الملامح التي يتميز بها فن مايازاكي عن غيره ، هو قدرته العجيبة على صنع ذلك الخيط الوهمي الفاصل ، بين الرهبة والارتياح للمخلوقات التي تتجسد في عوالم الخيال ، حيث تتجاذب شخصيات البشر قوالب الخير والشر ، وتبقى سائر الكائنات معرضة لهذه القوالب ، التي غالباً تعود بالأثر الأكبر على الإنسان الذي طالما كان ساعياً في خراب أرضه ، كما تخبرنا بذلك أغلب أعمال هاياو مايازاكي .
ناويشكا فتاة نشأت وترعرعت في "وادي الرياح" ، إحدى الممالك التي بقيت بعد الدمار الذي حاق بالأرض بعد أحداث التلوث التي أصابت العالم قبل عشرة قرون ، حيث تشبع الهواء بالسموم القاتلة والتي قضت على العديد من البشر ، لكن وادي الرياح يبقى منطقة آمنة بسبب الرياح التي تهب عليه مما يشتت آثار الغازات السامة التي تأتي من البحر الفاسد .
ناويشكا منشغلة بالبحث عن حل لمشكلة الهواء السام ، تنتقل عبر مناطق مختلفة لتكتشف ما يمكن أن يساعدها في بحثها ، ممتطية طائرة هوائية صغيرة الحجم تنطلق بقوة دفع ذاتية ، هي أحد أجمل اختراعات مايازاكي .
ناويشكا تعلم أن هذا الهدوء الذي يوحي به الجو المحيط هو جو مزيف ، وبخاصة مع الأطماع التي تتجاذب الممالك الأخرى كمملكة "تولمكيا" بقيادة أميرتها كوشانا ، التي تهاجم مملكة "بيجيتي" لتسرق منها آخر آلهة الحرب ، والذين كان لهم أثر كبير في الدمار الذي يعيشه العالم اليوم .
تسقط الطائرة التي تقل ذلك السلاح الأخير الذي تسعى به تولمكيا للسيطرة على الممالك الأخرى ، لشن حرب على الحشرات الضخمة ومخلوقات البحر الفاسد وعلى رأسها فصيلة الـ "ماهو" أكبر فصائل عالم السموم ، وتحتل الجيوش المسلحة لتولمكيا وادي الرياح ليتم فيه إتمام عملية استفاقة إله الحرب الأخير .
الكثير من الأحداث الدامية تتسارع ، وناويشكا تتعرض لمواقف فادحة ، من الممكن أن تجعلها رهينة اليأس والقنوط ، لكن الحلم الذي كان يروادها منذ طفولتها ، وإيمانها بإمكانية التعايش مع المخلوقات الأخرى وتطهير الأرض بالسلام ودون إراقة دم واحدة ، يبقى الأمل قوياً لإنهاء أغلب المواقف بهدوء وحكمة كما تخبر بذلك الأسطورة القديمة ، عن الرجل الذي يرتبط بالحبال الزرقاء ويمشي في وادي الذهب ، لينشر السلام.
http://homepage.mac.com/merussell/iblog/B835531044/C969231614/E1237322703/Media/nausicaa.jpg
مايازاكي وفكرة التسامح ، علاقة مبكرة ظهرت في جل أعماله المتوالية ، منذ ظهور أولى أعماله المميزة "وادي الرياح" ، إلى أسطورته "الأرواح الضائعة" ، لكنه لا يرى بإمكانية أن تمر الأحداث بصور براقة مزيفة ، فهناك الكثير من الدمار والأموات ، لكن المحصلة لهذا الصراع تبقى على العكس زاهية وحقيقية ، لا تبدو بعيدة عن المعايشة في عالم اليقظة ، الذي يبدو أحياناً أسوأ من تخيلات مايازاكي وكوابيسه .
إن تحقيق مايازاكي لـ"وادي الريح" في مرحلة مبكرة من مسيرته كان بالغ التأثير والقوة ليبقى ذلك التحقيق واضحاً في أعماله الكبرى ، فنحن نرى ظلال شخصية ناويشكا في الشخصيات الذكورية أو الأنثوية كـ "أشيكاتا" أو الأميرة "مونونوكي" وغيرها ، لكن مايازاكي يؤكد عبر الكثير من المشاهد أن هذا التشابه ليس عيباً ، فبيئة الظروف هي المؤثرة وليست ريشة الرسام أو قلم السيناريست .
كازو كوماتسوبارا ، تاكاشي ناكامورا ، كازويوشي كاتاياما ، هيداكي آنو و تاكاشي واتانبي فريق الرسم المذهل الذين قاموا بعمل غير اعتيادي ، لتحقيق هذا العالم الجبار ، ضمن تخطيط المدرسة التي يحرص مايازاكي على ألا تخرج رسومه عن تيارها ، وهو ثبات يتميز به هذه المخرج الستيني الذي ما يزال وثلة باقية من المخرجين حريصون على العمل ضمن معايير معينة تمكنه من الاستمرار بالعطاء المتميز ، وأمل لنا بأن مستقبل الرسوم المتحركة اليابانية ما يزال يخبئ لنا الكثير .
جو هيسايشي يدير الموسيقى باقتدار ، حسب المشاهد وحسب الأحداث ، لا تخطئ الأذن طبقته ، فقد رافق مايزاكي في أعمال كثيرة مثل "لابوتا" ، " جاري توتورو" ، " الأميرة مونونوكي" و "الأرواح الضائعة" .
مايازاكي في حبس للأنفاس يبقيك مصدوماً ومشدوداً لكي ترى أحد الأساطير تتحقق ، في حين يروادك شعور بغرابة التواصل ، لكن شعور الغرابة هذا يتلاشى ليتحول إلى ارتباط وثيق بواقع الحياة والكون والإنسان ، يقودك به مايازاكي عبر ساعتين ، هما وقت قصير لكي تلبس قناعاً تتنتفس به فكرة جديدة تنعشها الرياح في وادي الحياة .
http://www.engl.polyu.edu.hk/1999it1/07ViennaCheng/nausicaa3.jpg
.. Cancer ..
.. الدمام ..
.. 01 - 05 - 1426 هـ ..
ناويشكا: وادي الرياح ( 1982م )
كعادته دائماً يرحل بنا مايازاكي إلى عوالمه المتخيلة ، حيث للأساطير نكهة أخرى ، وللقصة مسار جديد ، لا نلبث لحظات في طريق استكشافها ، حتى نضحي أفراداً من تلك العوالم الرائعة .
أحد الملامح التي يتميز بها فن مايازاكي عن غيره ، هو قدرته العجيبة على صنع ذلك الخيط الوهمي الفاصل ، بين الرهبة والارتياح للمخلوقات التي تتجسد في عوالم الخيال ، حيث تتجاذب شخصيات البشر قوالب الخير والشر ، وتبقى سائر الكائنات معرضة لهذه القوالب ، التي غالباً تعود بالأثر الأكبر على الإنسان الذي طالما كان ساعياً في خراب أرضه ، كما تخبرنا بذلك أغلب أعمال هاياو مايازاكي .
ناويشكا فتاة نشأت وترعرعت في "وادي الرياح" ، إحدى الممالك التي بقيت بعد الدمار الذي حاق بالأرض بعد أحداث التلوث التي أصابت العالم قبل عشرة قرون ، حيث تشبع الهواء بالسموم القاتلة والتي قضت على العديد من البشر ، لكن وادي الرياح يبقى منطقة آمنة بسبب الرياح التي تهب عليه مما يشتت آثار الغازات السامة التي تأتي من البحر الفاسد .
ناويشكا منشغلة بالبحث عن حل لمشكلة الهواء السام ، تنتقل عبر مناطق مختلفة لتكتشف ما يمكن أن يساعدها في بحثها ، ممتطية طائرة هوائية صغيرة الحجم تنطلق بقوة دفع ذاتية ، هي أحد أجمل اختراعات مايازاكي .
ناويشكا تعلم أن هذا الهدوء الذي يوحي به الجو المحيط هو جو مزيف ، وبخاصة مع الأطماع التي تتجاذب الممالك الأخرى كمملكة "تولمكيا" بقيادة أميرتها كوشانا ، التي تهاجم مملكة "بيجيتي" لتسرق منها آخر آلهة الحرب ، والذين كان لهم أثر كبير في الدمار الذي يعيشه العالم اليوم .
تسقط الطائرة التي تقل ذلك السلاح الأخير الذي تسعى به تولمكيا للسيطرة على الممالك الأخرى ، لشن حرب على الحشرات الضخمة ومخلوقات البحر الفاسد وعلى رأسها فصيلة الـ "ماهو" أكبر فصائل عالم السموم ، وتحتل الجيوش المسلحة لتولمكيا وادي الرياح ليتم فيه إتمام عملية استفاقة إله الحرب الأخير .
الكثير من الأحداث الدامية تتسارع ، وناويشكا تتعرض لمواقف فادحة ، من الممكن أن تجعلها رهينة اليأس والقنوط ، لكن الحلم الذي كان يروادها منذ طفولتها ، وإيمانها بإمكانية التعايش مع المخلوقات الأخرى وتطهير الأرض بالسلام ودون إراقة دم واحدة ، يبقى الأمل قوياً لإنهاء أغلب المواقف بهدوء وحكمة كما تخبر بذلك الأسطورة القديمة ، عن الرجل الذي يرتبط بالحبال الزرقاء ويمشي في وادي الذهب ، لينشر السلام.
http://homepage.mac.com/merussell/iblog/B835531044/C969231614/E1237322703/Media/nausicaa.jpg
مايازاكي وفكرة التسامح ، علاقة مبكرة ظهرت في جل أعماله المتوالية ، منذ ظهور أولى أعماله المميزة "وادي الرياح" ، إلى أسطورته "الأرواح الضائعة" ، لكنه لا يرى بإمكانية أن تمر الأحداث بصور براقة مزيفة ، فهناك الكثير من الدمار والأموات ، لكن المحصلة لهذا الصراع تبقى على العكس زاهية وحقيقية ، لا تبدو بعيدة عن المعايشة في عالم اليقظة ، الذي يبدو أحياناً أسوأ من تخيلات مايازاكي وكوابيسه .
إن تحقيق مايازاكي لـ"وادي الريح" في مرحلة مبكرة من مسيرته كان بالغ التأثير والقوة ليبقى ذلك التحقيق واضحاً في أعماله الكبرى ، فنحن نرى ظلال شخصية ناويشكا في الشخصيات الذكورية أو الأنثوية كـ "أشيكاتا" أو الأميرة "مونونوكي" وغيرها ، لكن مايازاكي يؤكد عبر الكثير من المشاهد أن هذا التشابه ليس عيباً ، فبيئة الظروف هي المؤثرة وليست ريشة الرسام أو قلم السيناريست .
كازو كوماتسوبارا ، تاكاشي ناكامورا ، كازويوشي كاتاياما ، هيداكي آنو و تاكاشي واتانبي فريق الرسم المذهل الذين قاموا بعمل غير اعتيادي ، لتحقيق هذا العالم الجبار ، ضمن تخطيط المدرسة التي يحرص مايازاكي على ألا تخرج رسومه عن تيارها ، وهو ثبات يتميز به هذه المخرج الستيني الذي ما يزال وثلة باقية من المخرجين حريصون على العمل ضمن معايير معينة تمكنه من الاستمرار بالعطاء المتميز ، وأمل لنا بأن مستقبل الرسوم المتحركة اليابانية ما يزال يخبئ لنا الكثير .
جو هيسايشي يدير الموسيقى باقتدار ، حسب المشاهد وحسب الأحداث ، لا تخطئ الأذن طبقته ، فقد رافق مايزاكي في أعمال كثيرة مثل "لابوتا" ، " جاري توتورو" ، " الأميرة مونونوكي" و "الأرواح الضائعة" .
مايازاكي في حبس للأنفاس يبقيك مصدوماً ومشدوداً لكي ترى أحد الأساطير تتحقق ، في حين يروادك شعور بغرابة التواصل ، لكن شعور الغرابة هذا يتلاشى ليتحول إلى ارتباط وثيق بواقع الحياة والكون والإنسان ، يقودك به مايازاكي عبر ساعتين ، هما وقت قصير لكي تلبس قناعاً تتنتفس به فكرة جديدة تنعشها الرياح في وادي الحياة .
http://www.engl.polyu.edu.hk/1999it1/07ViennaCheng/nausicaa3.jpg
.. Cancer ..
.. الدمام ..
.. 01 - 05 - 1426 هـ ..