المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدبلوماسي الأمريكي كارتر يصدم عجوزًا أردنيًا بسيارته ويرفض إسعافه



النايم
20-09-2001, 09:45 PM
في تصرف ينم عن الأنانية التي يعرف بها و تطبع عليها الفرد الأمريكي و تكشف عن الاستهتار بالشعوب التي يتحكمون بغطرسة في سياستها فقد صدم الدبلوماسي الأمريكي كريس دايان كارتر بسيارته المسرعة، العجوز ألاردني أسعد الرمحي (65 عاما) الذي كان يخرج للتو من المسجد وألقى به على الأرض في حالة غيبوبة جراء الإصابة.

وما فعله كارتر كان بسيطا للغاية و شفافا في نفس الوقت.. ترجل من السيارة ونظر بعينيه لكتلة اللحم الآدمي التي تكومت أمام عجلاته، ثم غادر الموقع بيسر وسهولة تاركا فوق جسد الرجل المصاب والمغمى عليه بطاقة التعريف التي تحمل المعلومات التالية كريس دايان كارتي كارتر.. السفارة الأمريكية ... هاتف... .
ولم يفكر كارتر الموصوف من زملائه باعتباره موتوراً ولو للحظة واحدة بنقل المصاب لأقرب مستشفي ولم يكلف نفسه عناء طلب المساعدة، بل غادر المكان بكل ثقة تاركا الرمحي يواجه مصيره وهو بغيبوبة دائمة إستمرت منذ يوم وقوع الحادث في (/30 /4 2000) وهبوط عام في الوظائف الحيوية للجسم، وتهتك في الدماغ وكسور في الجمجمة ونزيف دموي في الدماغ.

وقبل ذلك حضر رجال الشرطة فتحروا وثيقة تؤكد ان سبب الحادث مخالفة السائق المجهول لإعطاء الأولوية للمشاة، ونقل الرجل المصاب لاقرب مستشفي تابع للقطاع الخاص لاسعافة لكن حالته السيئة متردية للغاية، وظروف عائلته الاقتصادية لا تسمح لها علي الإطلاق بعلاجه.

والمسألة لم تقف عند هذه الحدود توجه أبناء المصاب عدة مرات الي السفارة الأمريكية في محاولة لاقناعها بدفع تكاليف العلاج فرفضت بصورة قطعية دفع ولو فلس واحد، وإكتفت بتبرعات نقدية طفيفة قدمها زملاء كارتر.

السفارة أيضا لم تكتف بذلك فأرسلت للخارجية الاردنية توضيحا بعد مراسلتها رسميا أكدت فيه بأنها إتفقت مع عائلة المصاب علي ان تتوسط له لتلقي العلاج في مستشفي مدينة الحسين الطبية العسكري في عمان كبديل موضوعي عن قيامها بواجبها الانساني والقانوني.

ورغم عشرات الاستفسارات التي وصلتها رسميا رفضت السفارة الالتزام بأي شيء إزاء هذه القضية سواء أكان تكاليف العلاج التي زادت حتي الان فقط عن خمسين ألف دولار، أو حتي التعويص المناسب في مثل هذه الحالات.

أما كارتر مرتكب الجريمة والمخالفة فغاب عن الأنظار ويتردد انه يتنقل الان بسيارة تحمل لوحة محلية خشية تعرضه لأي مكروه، علما بان غالبية الدبلوماسيين الأمريكيين يتحركون بسيارات بلوحات محلية منذ إندلعت إنتفاضة الاقصي.

وقضية الرمحي أثارت الرأي العام المحلي، ووزارة الخارجية في عمان فتحت ملفا في القضية وتابعتها بالتفاصيل بعد ان أثارتها بشكل خاص صحيفة العرب اليوم المحلية التي تناكف السفارة الامريكية وتنشر كل يوم تفاصيل إضافية عن هذه القضية وتطوراتها، خصوصا وانها تكرس الصورة النمطية عند الجمهور عن الطريقة التي يتعامل بها الطاقم الدبلوماسي الأمريكي في عمان.

والرمحي شبه ميت الآن حسب اولاده، لكن الدائرة القانونية في وزارة الخـــارجية إعتذرت مسبقا عن القيام بأي إجراء قانوني ضــــد الدبلوماســــي كارتـــر بسبـــب حصانته الدبلوماسية المضمونة، ولا زالت السفارة تحتفط بكارتر ولا تنقل مقر عمله علي الأقل من باب الاحترام لمشاعر الرأي العام المحلي.

وكل ما قالت الخارجية أنها تستطيع فعله مساعدة عائلة المصاب علي رفع دعوي قضائية في أمريكا ضد الدبلوماسي كارتر حيث لا يحظي بالحصانة هناك خلافا لحصانته في عمان، ومن الواضح ان رفع العائلة لدعوي في عمان غير مفيد حتي في حالة صدور قرار بالتعويض، لان الحصانة نفسها تمنع السلطات القضائية المحلية من تنفيذ القرار في حالة صدوره.

لذلك فالحل الوحيد هو التحرك بإتجاه القضاء الأمريكي نفسه وهي مسألة معقدة جدا بالنسبة للعائلة الأردنية التي تبحث بإهتمام الان عن حقوقها الضائعة علي أعتاب دبلوماسي أمريكي متعجرف صدم مواطنا وإكتفي بوضع بطاقته علي جسد المصاب، لا لغرض مراجعته ولكن لغرض الإستفزاز كما تقول عائلة المصاب.

وحادث كارتر ليس وحيدا في سياق ذاكرة الأردنيين منذ سنوات طويلة حول تصرفات وأخلاقيات الدبلوماسيين الأمريكيين في عمان، فعشرات العائلات لا زالت تذكر إقتحام الدبلوماسيين لمنزل أحد المواطنين في منتصف الثمانينيات وإختطاف طفل أردني متنازع عليه من والده لمصلحة والدته الأمريكية.

وسبق ان دهس دبلوماسي أمريكي قبل أعوام قليلة طفلا أردنيا في منطقة الجنوب وتسبب في كسر ساقه ثم ولي هاربا دون أي محاولة لاسعافه والتجربة وحدها تثبت بان الدبلوماسيين الأمريكيين في عمان يتسببون كل عام بقصة مثيرة تعزز مشاعر الكراهية لبلادهم، وتثير إمتعاض كبار وصغار المسؤولين المحليين، كما تثير غضب الرأي العام وتجرح مشاعره.

وفي هذا الاتجاه لا تقف المسألة عند حدود حوادث السير فالنشطاء من الدبلوماسيين في القسم الإعلامي والسياسي في السفارة أثاروا العام الماضي الإرتياب والاستياء بسبب تدخلاتهم الكبيرة آنذاك في بعض القضايا المحلية الخلافية، ومارسوا سلوكا تحريضيا ضد بعض الشخصيات العامة والوطنية بحجة تأخر الاجراءات الإصلاحية السياسية التي يعتقد انها تدخل في النهاية في باب مشاريع العملية السلمية .

وفي العام الماضي ثار جدل كبير في الوسطين السياسي والحكومي حول المدي الذي يمكن ان يذهب إليه أفراد الطاقم الدبلوماسي الامريكي في التبشير بأفكارهم حول الاصلاح السياسي، او حول القضايا الخلافية ومنها توطين اللاجئين او تأهيلهم، او حول التحريض ضد خطط الحكومة وتوقع رحيلها، وخلق حالة إستقطاب حادة خصوصا في وسط الاعلاميين والصحافيين.

وجميع هذه الافكار كانت تطرح خلال دعوات خاصة ينظمها القسم الإعلامي في السفارة لبعض الاعلاميين والصحافيين، وهذه الدعوات أثارت انذاك إستياء السلطات الرسمية، وتوبع الموضوع ووجهت بعض الملاحظات لبعض الدبلوماسيين الذين ظهروا أكثر مما ينبغي في الحياة العامة وتجاوزوا الاعراف المتبعة وهم يدلون بآرائهم بقضايا محلية.

وبعد الشكاوي والملاحظات التي وجهت غابت إلي حد بعيد بعض النشاطات التحـــرشية لبعـــص الدبلوماسيين المزعجين، الذين طلبت بلادهـــم من بعضهم رسميا التوقف عن العمل بصورة مكشــــوفة إلي هذا الحد، لكن بعض النشاطات تعاود الظهــــور بين الحين والآخر لتساهم بدورها في تحديد صورة الدبلومــــاسي الأمريكي لدي المواطــــن الاردني وهــي صورة المتعــــجرف والمستهتر والذي يحشر نفسه في أشياء لا تخصه.