المرهوف
16-06-2005, 02:48 PM
أم إبراهيم الهاشمية ..
لها حكاية مشهــورة ..
حكاها جمـاعة منهم ..
أحمد بن جعفر بن اللبان رحمه الله ..
في كتابة المسمى :
[ تنبيه ذوي الأقدار على مسالك الأبرار ] .
قال : روي أنه كان بالبصرة نساء عابدات ..
وكانت منهن أم إبراهيم الهاشمية ..
فأغار العدو على ثغر من ثغور المسلمين ..
فانتدب الناس للجهاد ..
فقام عبدالواحد بن زيد البصري ..
في الناس خطيباً ..
فحضهم على الجهاد ..
وكانت أم إبراهيم هذه حاضرة في مجلسة ..
وتمادى عبدالواحد على كلامه ..
ثم وصف الحور العين ..
وذكر ما قيل فيهن وأنشد في صفة حوراء :
غــــادة ذات دلال ومــــــرح - - - يجد النـاعت فيها ما اقـترح
خلقـت من كل شـيء حسـن - - - طـيب فالليث فـيـها مطـــرح
زانهـا الله بوجــه جـمـعـــت - - - فيه أوصاف غريبات المـلح
وبعـين كحـلـها من غـنجـها - - - وبخــد مسـكه فـيــه رشـــح
ناعم تجــري على صفحـتـه - - - نضـرة الملك ولألاء الفـرح
أترى خـاطـبــها يسـمـعــهـا - - - إذ ندير الكأس طوراً والقدح
في رياض مـونق نرجـســه - - - كلـمـا هـب له الـريح نفــــح
وهي تدعـــوه بـود صـــادق - - - ملـئ القلـب به حـتى طفـــح
يا حبيـباً لست أهـوى غـيره - - - بالخــــواتيـم يتـم المفـتـــتح
لا تكــونن كـمــن جـــــد إلى - - - منتــهى حاجـتــه ثم جمـــح
لا فما يخطب مثلي من سها - - - إنمـا يخطـب مثـلي من ألح
قال : فماج الناس بعضهم في بعض ..
واضطرب المجلس ..
فوثبت أم إبراهيم من وسط الناس ..
وقالت لعبدالواحد :
يا أبا عبيد ..
ألست تعرف ولدي إبراهيم ..
ورؤساء أهل البصرة ..
يخطبونه على بنـاتهم ..
وأنا أظـن به علـيـهم ..
فقد والله أعجبتني هذه الجارية ..
وأنا أرضاها عرساً ولدي ..
فكرر ما ذكرت من حسنها وجمالها ..
فأخذ عبدالواحد في وصـف حـوراء ..
ثم أنشد :
تولّـد نـور النــــور من نــور وجــهها
فمازج طيب الطيب من خالص العطرِ
فلو وطئت بالنعـل منـها على الحصى
لأعشـبت الأقطــار من غـير ما قطــرِ
ولو شئت عقـد الخصــر منـها عقـدته
كغصن من الريحـان ذي ورق خضـرِ
ولو تفلـت في البحــر شهــد رضـابها
لطـاب لأهل الـبر شــرب من البحـــرِ
يكـاد اختـلاس اللحــظ يجــرح خــدها
بجارح وهـم القلب من خارج السـترِ
فاضطرب الناس أكثر ..
فوثبت أمر إبراهيم ..
وقالت لعبدالواحد :
يا أبا عبيد !
قد والله أعجبتني هذه الجارية ..
وأنا أرضاها عرساً لولدي ..
فهل لك أن تزوجه منها ..
وتأخذ منهي مهرها عشرة آلاف دينار ..
ويخرج معك في هذه الغزوة ..
فلعل الله يرزقه الشهادة ..
فيكون شفيعاً لي ولأبيه في القيامة .
فقال لها عبدالواحد :
لئن فعلتِ لتفوزن أنتِ وولدكِ ..
وأبو ولدك فوزاً عظيماً .
ثم نادت ولدها : يا إبراهيم ؟ ..
فوثب من وسط الناس ..
وقال لها : لبيك يا أماه ..
قالت : أي بني ..
أرضيت بهذه الجارية زوجة ..
ببذل مهجتك في سبيله ..
وترك العود في الذنوب ؟ ..
فقال الفتى : أي والله يا أماه ..
رضيت أي رضا ..
فقالت : اللهم إني أشهدك ..
إني زوجت ولدي هذا .. من هذه الجارية ..
ببذل مهجته في سبيلك ..
وترك العود في الذنوب ..
فتقبله مني يا أرحم الراحمين .
قال : ثم انصرفت ..
فجاءت بعشرة آلاف دينار ..
وقالت : يا أبا عبيد ..
هذا مهر الجارية تجهز به ..
وجهز الغزاة في سبيل الله ..
وانصرفت .
فابتاعت لولدها فرساً جيداً ..
واستجادت له سلاحاً.
فلما خرج عبدالواحد ..
خرج إبراهيم يعدو ..
والقراء حوله يقرءون :
{ إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة } .
قال : فلما أرادت فراق ولدها ..
دفعت إليه كفناً وحنوطاً ..
وقالت له : أي بني ..
إذا أردت لقاء العدو فتكفن بهذا الكفن ..
وتحنط بهذا الحنوط ..
وإياك أن يراك الله مقصراً في سبيله ..
ثم ضمته إلى صدرها وقبلت بين عينيه ..
وقالت : يا بني ..
لا جمع الله بيني وبينك ..
إلا بين يديه في عرصات القيامة .
قال عبدالواحد : فلما بلغنا بلاد العدو ..
ونودي في النفير ..
وبرز الناس للقتال ..
برز إبراهيم في المقدمة ..
فقتل من العدو خلقاً كثيراً ..
ثم أجمعوا عليه فقتل .
قال عبدالواحد : فلما أردنا الرجوع إلى البصرة ..
قلت لأصحابي : لا تخبروا أم إبراهيم بخبر ولدها ..
حتى ألقاها بحسن العزاء ..
لئلا تجزع فيذهب أجرها .
قال : فلما وصلنا البصرة ..
خرج الناس يتلقوننا ..
وخرجت أم إبراهيم فيمن خرج ..
قال عبدالواحد : فلما بصرت بي ..
قالت : يا أبا عبيد ..
هل قُبلت مني هديتي فأهنا ..
أو ردت علي فأعزى ؟ ..
فقلت لها : قد قبلت والله هديتك ..
إن إبراهيم حي مع الأحياء يرزق ..
قال : فخرت ساجدة لله شكراً ..
وقالت : الحمد لله الذي لم يخيب ظني ..
وتقبل نسكي مني .. وانصرفت .
فلما كان من الغد ..
أتت إلى مسجد عبدالواحد ..
فنادته : السلام عليك يا أبا عبيد .. بُشراك ..
فقال : لا زلت مبشرة بالخير ..
فقالت له : رأيت البارحة ولدي إبراهيم ..
في روضة حسناء .. وعليه قبة خضراء ..
وهو على سرير من اللؤلؤ ..
وعلى رأسه تاج وإكليل ..
وهو يقول لي :
يا أماه أبشري فقد قُبل المهر ..
وزفت العروس .
لها حكاية مشهــورة ..
حكاها جمـاعة منهم ..
أحمد بن جعفر بن اللبان رحمه الله ..
في كتابة المسمى :
[ تنبيه ذوي الأقدار على مسالك الأبرار ] .
قال : روي أنه كان بالبصرة نساء عابدات ..
وكانت منهن أم إبراهيم الهاشمية ..
فأغار العدو على ثغر من ثغور المسلمين ..
فانتدب الناس للجهاد ..
فقام عبدالواحد بن زيد البصري ..
في الناس خطيباً ..
فحضهم على الجهاد ..
وكانت أم إبراهيم هذه حاضرة في مجلسة ..
وتمادى عبدالواحد على كلامه ..
ثم وصف الحور العين ..
وذكر ما قيل فيهن وأنشد في صفة حوراء :
غــــادة ذات دلال ومــــــرح - - - يجد النـاعت فيها ما اقـترح
خلقـت من كل شـيء حسـن - - - طـيب فالليث فـيـها مطـــرح
زانهـا الله بوجــه جـمـعـــت - - - فيه أوصاف غريبات المـلح
وبعـين كحـلـها من غـنجـها - - - وبخــد مسـكه فـيــه رشـــح
ناعم تجــري على صفحـتـه - - - نضـرة الملك ولألاء الفـرح
أترى خـاطـبــها يسـمـعــهـا - - - إذ ندير الكأس طوراً والقدح
في رياض مـونق نرجـســه - - - كلـمـا هـب له الـريح نفــــح
وهي تدعـــوه بـود صـــادق - - - ملـئ القلـب به حـتى طفـــح
يا حبيـباً لست أهـوى غـيره - - - بالخــــواتيـم يتـم المفـتـــتح
لا تكــونن كـمــن جـــــد إلى - - - منتــهى حاجـتــه ثم جمـــح
لا فما يخطب مثلي من سها - - - إنمـا يخطـب مثـلي من ألح
قال : فماج الناس بعضهم في بعض ..
واضطرب المجلس ..
فوثبت أم إبراهيم من وسط الناس ..
وقالت لعبدالواحد :
يا أبا عبيد ..
ألست تعرف ولدي إبراهيم ..
ورؤساء أهل البصرة ..
يخطبونه على بنـاتهم ..
وأنا أظـن به علـيـهم ..
فقد والله أعجبتني هذه الجارية ..
وأنا أرضاها عرساً ولدي ..
فكرر ما ذكرت من حسنها وجمالها ..
فأخذ عبدالواحد في وصـف حـوراء ..
ثم أنشد :
تولّـد نـور النــــور من نــور وجــهها
فمازج طيب الطيب من خالص العطرِ
فلو وطئت بالنعـل منـها على الحصى
لأعشـبت الأقطــار من غـير ما قطــرِ
ولو شئت عقـد الخصــر منـها عقـدته
كغصن من الريحـان ذي ورق خضـرِ
ولو تفلـت في البحــر شهــد رضـابها
لطـاب لأهل الـبر شــرب من البحـــرِ
يكـاد اختـلاس اللحــظ يجــرح خــدها
بجارح وهـم القلب من خارج السـترِ
فاضطرب الناس أكثر ..
فوثبت أمر إبراهيم ..
وقالت لعبدالواحد :
يا أبا عبيد !
قد والله أعجبتني هذه الجارية ..
وأنا أرضاها عرساً لولدي ..
فهل لك أن تزوجه منها ..
وتأخذ منهي مهرها عشرة آلاف دينار ..
ويخرج معك في هذه الغزوة ..
فلعل الله يرزقه الشهادة ..
فيكون شفيعاً لي ولأبيه في القيامة .
فقال لها عبدالواحد :
لئن فعلتِ لتفوزن أنتِ وولدكِ ..
وأبو ولدك فوزاً عظيماً .
ثم نادت ولدها : يا إبراهيم ؟ ..
فوثب من وسط الناس ..
وقال لها : لبيك يا أماه ..
قالت : أي بني ..
أرضيت بهذه الجارية زوجة ..
ببذل مهجتك في سبيله ..
وترك العود في الذنوب ؟ ..
فقال الفتى : أي والله يا أماه ..
رضيت أي رضا ..
فقالت : اللهم إني أشهدك ..
إني زوجت ولدي هذا .. من هذه الجارية ..
ببذل مهجته في سبيلك ..
وترك العود في الذنوب ..
فتقبله مني يا أرحم الراحمين .
قال : ثم انصرفت ..
فجاءت بعشرة آلاف دينار ..
وقالت : يا أبا عبيد ..
هذا مهر الجارية تجهز به ..
وجهز الغزاة في سبيل الله ..
وانصرفت .
فابتاعت لولدها فرساً جيداً ..
واستجادت له سلاحاً.
فلما خرج عبدالواحد ..
خرج إبراهيم يعدو ..
والقراء حوله يقرءون :
{ إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة } .
قال : فلما أرادت فراق ولدها ..
دفعت إليه كفناً وحنوطاً ..
وقالت له : أي بني ..
إذا أردت لقاء العدو فتكفن بهذا الكفن ..
وتحنط بهذا الحنوط ..
وإياك أن يراك الله مقصراً في سبيله ..
ثم ضمته إلى صدرها وقبلت بين عينيه ..
وقالت : يا بني ..
لا جمع الله بيني وبينك ..
إلا بين يديه في عرصات القيامة .
قال عبدالواحد : فلما بلغنا بلاد العدو ..
ونودي في النفير ..
وبرز الناس للقتال ..
برز إبراهيم في المقدمة ..
فقتل من العدو خلقاً كثيراً ..
ثم أجمعوا عليه فقتل .
قال عبدالواحد : فلما أردنا الرجوع إلى البصرة ..
قلت لأصحابي : لا تخبروا أم إبراهيم بخبر ولدها ..
حتى ألقاها بحسن العزاء ..
لئلا تجزع فيذهب أجرها .
قال : فلما وصلنا البصرة ..
خرج الناس يتلقوننا ..
وخرجت أم إبراهيم فيمن خرج ..
قال عبدالواحد : فلما بصرت بي ..
قالت : يا أبا عبيد ..
هل قُبلت مني هديتي فأهنا ..
أو ردت علي فأعزى ؟ ..
فقلت لها : قد قبلت والله هديتك ..
إن إبراهيم حي مع الأحياء يرزق ..
قال : فخرت ساجدة لله شكراً ..
وقالت : الحمد لله الذي لم يخيب ظني ..
وتقبل نسكي مني .. وانصرفت .
فلما كان من الغد ..
أتت إلى مسجد عبدالواحد ..
فنادته : السلام عليك يا أبا عبيد .. بُشراك ..
فقال : لا زلت مبشرة بالخير ..
فقالت له : رأيت البارحة ولدي إبراهيم ..
في روضة حسناء .. وعليه قبة خضراء ..
وهو على سرير من اللؤلؤ ..
وعلى رأسه تاج وإكليل ..
وهو يقول لي :
يا أماه أبشري فقد قُبل المهر ..
وزفت العروس .