H.A.M.M.O.D.I
26-06-2005, 08:39 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
رائعــة ..
~*¤®§(*§ اجاثا كريستي §*)§®¤*~ˆ°
¤©§][§©¤][موت السيده ماغينتي ][¤©§][§©¤
¨¨¨°~* الفصل الأول *~°¨¨¨
خرج هيركيول بوارو من مطعم فييل غراندمير الى سوهو , ورفع ياقة معطفه الى عنقه من قبيل الحذر لا من قبيل الحاجة , اذا ان الطقس لم يكن بارداً تللك الليلة . وكأن لسان حاله يقول : " ولكن المرء في مثل سني لا يجازف " .
كانت في عينيه سعاده ناعسه متأملة , وكانت وجه المأكولات البحريه في مطعم فييل غراندمير شهية .
ذاللك المطعم الصغير البسيط كان كسباَ بالنسبه لبوارو الذي راح يمرر لسانه على شفتيه متأملاً كالكلب الشبعان ثم أخرج منديلة من جيبه ومسح به شاربيه .
نعم , لقد تناول عشاءاً جيداً , فماذا يعل الان ؟ تباطأت سيارة أجرة كانت تمر بجانبه كأنها تدعوه للركوب . وتردد بوارو قليلاً ولكنه لم يصدر أي أشاره , فلماذا يستأجر سيارة ؟ انه سيصل الى بيته _ على ايه حال _ في وقت مبكر عن موعد نومه .
تمتم مخاطباً شاربه : " من المؤسف أن لا يستطيع المرء أن يأكل اكثر من ثلاث مرات في اليوم " .
ذللك أن الوجبه التي يتناولها الأنكليز مع الشاي عصراً كانت وجبة لم يستطع بوارو التألقم معها .
وكان يشرح ذللك قائلاً :" أن تناول أي شيئ عند الساعه الخامسة سيفقد المرء شهيته للعشاء , ويجب
أن لا ننسى أن وجبة العشاء هي وجبة اليوم الفاخرة ! "
ولم يكن أيضاً معتاداً على شرب قهوه الضحى . لا , بل كان يفضل مشروب الشكلاتة مع بعض المعجنات في وجبة الفطور , ثم يتناول الغداء في حدود الساعة الثانية عشر والنصف أن امكنه ذللك .
بشرط أن لا يتجاوز العشاء الساعة الواحدة . وأخيراً تأتي وجبة التتويج : العشااااء .
كانت تللك المواعيد هي لحظة الذروه في يوم هيركيول بوارو . كان رجلاً يأخذ حاجة معدته على محمل الجد , وها هو ذا يحصد ثمار ذللك في شيخوخته . لم يعد الطعام متعه جسدية فحسب بل اصبح عمليه بحث عقلية , لأانه كان _ بين الوجبات _ يبحث ويفتش عن مصادر جديده للطعام الشهي .
وكان مطلعم فييل غراند مير نتيجة احدى عمليات البحث التي قام بها , وقد حظي هاذا المطعم لتوه بقول بوارو ورضاه . والان بقي عليه _ وللأسف _ أن يقضي فتره المساء .
تنهد هيركيول بوارو , وفكر قليلاً لنفسه : لو أن هيستغنز كان كوجوداً فقط !
استغرق بسرور في ذكرياته مع صديقه القديم : أنه اول صديق لي في هذه البلاد ... ومازال اعز اصدقائي . صحييح انه كان يغضبني احياناً , ولكن هل أتذكر ذللك الان ؟ لا . انني لا اذكر الا تعجبه الساذج وتقديره - بفم مفتوح - لقدراتي ... البساطة التي كنت أضلله بها دون أن انطق بكلمه واحدة غير صحييحة , وحيرتة , ودهشتة الهائلة وهو يدرك _ في النهاية _ الحقيقة التي كانت واضحة جلية لي
منذ البداية . ااه ياصديقي العزيز ! ان نقطة ضعفي كانت دوماً حبي للمباهاة . تللك الصفة التي لم يفهمها
هستغنز أبداً . ولكن من الضروري جداً _ في الحقيقة _ أن يعجب رجلاً له مثل قدراتي بنفسة ... ومن
اجل ذللك لا بد له من محفز خارجي . أنيي لا أستطيع , لا أستطيع حقاً , الجلوس على كرسي طوال اليوم
وأنا أفكر كم انا مثير للأعجاب , فالمرء يحتاج الى لمسه أنسانية . يحتاج _ كما يقولون في هذه الأيام _الى التابع الذي تظهر بالنقيض مع عبقرية المرء .
تنهد هيركيو ل بوارو وانعطف الى شارع شافتسبري . أيقطع الشارع ويذهب الى ساحه ليستر ليقضي مساءه في احدى دور السينما ؟ هز رأسه بالنفي وهو متهجم قليلاً , أذ غالباً ماكانت السينما تثير غضبة
بسب ضعف حبكة أفلامها وقله الترابط المنطقي في حواراتها وحتى التصوير _ الذي كان الكثير يسهبون في امتداحه _ لم يبد في نظر هيركيول بوارو الا مجرد رسم لمشاهد وأشياء بحيث تبدو
مخالفه تماماً لحقيقتها في الواقع .
مر بوارو بجانب بائع صحف ووقف قليلاً يستعرض العناوين : (( نتيجة محاكمة كاغنتي . الحكم النهائي )) .
لم يثر ذللك اهتمامه , وتذكر _ بشكل مبهم _ فقره صغيرة قرأها في الصحف . لم تكن حاله قتل مثيره
فقد قتلت امرأه عجوز بائسة بضربه على رأسها من أجل جنيهات قليله , وكل ذللك جزء من الوحشية
الفظه القاية لهذه الأيام .
دخل بوارو الى ساحه المجمع الذي توجد به شقته . وكعادته , امتلأ قلبه للأستحسان للمجمع . وكان
فخوراً ببيته , ذللك البناء الرائع المتناسق . وحمله المصعد الى الطابق الثالث حيث توجد شقته الفاخره
المفروشه بكنبات مربعة الشكل وتحفيات مستطيلة بشكل صارم جداً . يمك القول _ بالفعل _ ان البيت
يخلو من اي شكل منحني .
وفيما هو يفتح الباب ويدخل الصاله المربعة البيضاء , تقدم خادمه جورج لاستقبالة قائلاً :" مساء الخير ياسيدس , يوجد ..... سيد ينتظر مقابلتك " . ثم قام بمساعه بوارو على خلع معطفه برفق .
انتبه بوارو لتلك الوقفة الخفيفة جداً قبل كلمه سيد . لقد كان جورج خبيراً باعتباره ممن يكنون تقديراً
مبالغاً به للمكانة الأجتماعية .
سألة بوارو : حقاً ؟ وماأسمه ؟
_ رجل يدعى السيد سبنس ياسيدي .
_ سبنس ؟
لم يعن هاذا الأسم شيئاً بالنسبة لبوارو لأول وهله , ومع ذللك أدرك أنه يجب أن يعني شيئاً .
وقف قليلاً أمام المراه ليعدل شاربية الى درجه الكمال , ثم فتح باب غرفة الجلوس ودخل . ونهض
الرجل الذي كان يجلس في احد الكنبات المربعه الكبيرة وقال : مرحباً ياسيد بوارو . أرجو أنك تتذكرني
, لقد مضى وقت طويل . أنا المفتش سبنس .
_ بالطبع !
صافحه بوارو بحراره . المفتش سبنس من شرطة كيلشستر . كانت تللك قضية مثيره جداً ... قبل زمن طويل كما قال سبنس .
عرض بوارو على ضيفة انواعاً مختلفة من المرطبات , عصير الرمان , أو شراب النعناع , او الكاكاو الحار ؟ وفي تللك اللحظه دخل جورج يحمل طبقاً عليه ابريق الشاي وقال : لعلك تفضل الشاي يا سيدي.
تهلل وجه المفتش سبنس الأحمر الضخم وقال : نعم . هاذا ما أفضلة .
وعندما قدم لسبنس كوب الشاي سكب بوارو لنفسه كأساً من شراب النعناع الأخضر الامع وقال : كم هو رائع منك أن تأتي لزيارتي . من أين جئت ؟
_ جئت من كيلشستر . سأتقاعد خلال سته أشهر , وقد استحق موعد تقاعدي عملياً قبل سنه ونصف ,
ولكنهم طلبوامني البقاء في الخدمه ففعلت .
قال بوارو بحراره : لقد كان قراراً حكيماً .... حكيماً جداً .
_ أحقاً ؟ أشك في ذللك . لست متأكداً من صحه قراري .
أصر بوارو قائلاً : بلى , لقد كنت حكيماً في قرارك . انك لا تتصور الساعات الطويلة التي ستقضيها
بممل وسأم .
_ اه سيكون لدي الكثير من الأعمال عندما أتقاعد , فقد انتقلنا الى بيت جديد في العام الماضي وفيه
حديقة لا بأس بها ولكنها مهمله الى حد معيب , ولم يسعفني الوقت _ بعد _ لأعتني بها بالشكل المناسب
_ اه , نعم , أنت ممن يحبون ترتيب الحدائق . أما أنا فقد قررت _ مره _ أن أعيش بالريف وأزرع الكوسا , ولكن محاولتي لم تنجح , ليس لدي الميل لذللك .
قال سبنس متحمساًُ : كان يجب أن ترى ثمار الكوسا التي أنتجتها العام الماضي , كانت عملاقه !
والأزهار ايضاً .. أنا مغرم بزراعتها , وسأحصل على ...
ثم توقف عن الحديث فجأه وقال : ليس هاذا ماجئت للحديث عنه .
_ نعم , نعم , لقد جئت لترى صديقاً قديماً لك , وهذا لطف منك . انني اقدر ذللك
_ أظن أن الأمر أكبر من ذللك ياسيد بوارو سأكون صادقاً معك , أني اريد شيئاً .
همهم بوارو بحذر : لعل بيتك مرهون ؟ وأنت تريد قرضاً ...
قاطعه سبنس بصوت مرتعب : يا الهي ! ليست المساله مسألة مال ! لا شيئ من هذا القبيل .
لوح بوارو بيديه معتذراً وقال ك أرجو المعذره .
_ سأخبرك مباشره . ان مجيئي الى هنا وقاحه , ولن أستغرب اذا ماأخرجتني مذموماً .
_ لن يكون ذم . أكمل .
_ انها قضيه ماغينتي . لعلك قرأت عنها ؟
هز بوارو رأسه بالنفي وقال : لم أقرأ عنها باهتمام . السيده ماغنتي ... امرأه عجوز في بيت أو دكان
.. وقد ماتت , نعم . كيف ماتت ؟؟
حملق سبنس في بوارو وقال : يا الهي ! ان هاذا يذكرني بالماضي . أمر غريب , ولم أفكر به حتى هذه اللحظه . _ عفواً ماذا تقول ؟
_ لا شيئ مجرد لعبه .. لعبه للأطفال كنا نمارسها ونحن أطفال .كنا نقف معاً في صف واحد ثم يسأل واحد ويجيب الاخر , وهذا تستمر الى النهايه . " ماتتت السيده ماغينتي " .. " كيف ماتت ؟ "
" متكئه على ركبه واحده كما أتكئ أنا " ثم يسأل السؤال الثاني :"السيده ماغنتي ماتت " .. " كيف ماتت " .. " ماده يدها كما أمدها أنا " . ثم نركع جميعاً رافعيين ايادينا اليمنى . ثم يأتي السؤال : " السيده ماغينتي ماتت " . " كيف ماتت " .. " هكذا " وهوب .. يسقط من في رأس الصف جانباً فنسقط
جميعاً معه حزمه العيدان !
ضحك سبنس بصوت عال على هذه الذكرى وقال : لقد رجعتني الى الأيام الخوالي فعلاً .
أنتظر بوارو بأدب . كانت تللك لحظه من اللحظات التي وجد فيها الأنكليز غير مفهومين رغم انه أمضى
نصف حياته في انكلترا . لقد كان يعلب العاباً كثره في طفولتة , ولكنه لم يشعر برغيه في التحدث عنها , ولا حتى بالتفكير فيها .
وعندما سيطر سبنس على أفعاله أعاد بوارو السؤال بأثر بسيط من السأم : كيف ماتت ؟
زالت اثار الضحك عن وجه سبنس وعاد الى طبيعته فجأه وقال : ضربت على موخره راسها بأداه ثقيلة حادة , وقد اخذت مدخراتها التي تبلغ ثلاثين جنيهاً بعد أن تم تفتيش غرفتها . كانت تعيش وحيده في بيت صغير , باستثناء مستأجر اسمه جيمس بنتلي ,
_ اه , نعم , بنتلي .
_ لم يقتحم البيت بالكسر والخلع , ولا اثار للعبث بالنوافذ والأقفال . كان بنتلي مفلساً , اذ فقد عمله , وتراكمت عليه عليه أجره شهرين . وقد عثر على الأموال مخبأه تحت حجر خلف المنزل , ووجدت على
كم ستره بنتلي بعض الدماء والشعر . وكان الدم من نفس زمره دم القتيله , وكان الشعر من شعرها .
ووفقاً لما قاله بنتلي في أول افاده له فأنه لم يقترب من الجثه ابداً , ولذلك لا يمكن أن يكون الدم والشعر قد جاء الى كمه بالمصادفه .
_ من الذي عثر عليها ؟
_ جاء الخباز اليها بالخبز في اليوم الذي يتقاضى فيه حسابه . وفتح له الباب جميس بنتلي وقال انه طرق باب غرفه نوم السيده ماغنتي فلم يرد عليه احد .. اقترح الخباز انها قد تكون أصيبت بسوء ،
فطلبا من صاحبة البيت المجاور أن تصعد وترى . لم تكن السيده ماغينتي في غرفه نومها , ولم تكن قد نامت على الفراش , ولكن الغرفة قد فتشت وقد تم خلع الالواح الخشبية عن أرضيتها . ثم فكروا بالنظر
في صاله الأستقبال , فوجدوها هناك ممده على الأرض , وانفجرت جارتها بالضراخ بأعلى صوت ها .
ثم أستدعي الشرطة بالطبع .
_ وهاكذا تم القبض على بنتلي وقدم للمحاكمة , أليس كذللك ؟
_ بلى , وقد انتهت القضية في المحكمة العليا بالأمس , وكانت قضية مباشره لا خلاف حولها . اجتمعت هيئه المحلفين لمده عشرين دقيقة فقط , وكان الحكم انه مذنب , وحكم عليه بالأعدام .
أومأ بوارو برأسه وقال : وبعد ذللك , وبعد صدور الحكم , ركبت القطار وجئت الى لندن لتقابلني . لماذا ؟
كان المفتش سنبس جالساً يتأمل كوب الشاي . مرر أصبعة على حافه الكوب ببطء وقال : لانني لا أحسب أنه أرتكب الجريمة !
................. يتبع
نهايه الفصل الأول
تعليقي .. في البدايه القصصه ممله قليلاً ولاكن كعادت اجاثا كريستي الغموض دائماً في البدايه
أتمنى ان تعجبكم الرواية ..
رائعــة ..
~*¤®§(*§ اجاثا كريستي §*)§®¤*~ˆ°
¤©§][§©¤][موت السيده ماغينتي ][¤©§][§©¤
¨¨¨°~* الفصل الأول *~°¨¨¨
خرج هيركيول بوارو من مطعم فييل غراندمير الى سوهو , ورفع ياقة معطفه الى عنقه من قبيل الحذر لا من قبيل الحاجة , اذا ان الطقس لم يكن بارداً تللك الليلة . وكأن لسان حاله يقول : " ولكن المرء في مثل سني لا يجازف " .
كانت في عينيه سعاده ناعسه متأملة , وكانت وجه المأكولات البحريه في مطعم فييل غراندمير شهية .
ذاللك المطعم الصغير البسيط كان كسباَ بالنسبه لبوارو الذي راح يمرر لسانه على شفتيه متأملاً كالكلب الشبعان ثم أخرج منديلة من جيبه ومسح به شاربيه .
نعم , لقد تناول عشاءاً جيداً , فماذا يعل الان ؟ تباطأت سيارة أجرة كانت تمر بجانبه كأنها تدعوه للركوب . وتردد بوارو قليلاً ولكنه لم يصدر أي أشاره , فلماذا يستأجر سيارة ؟ انه سيصل الى بيته _ على ايه حال _ في وقت مبكر عن موعد نومه .
تمتم مخاطباً شاربه : " من المؤسف أن لا يستطيع المرء أن يأكل اكثر من ثلاث مرات في اليوم " .
ذللك أن الوجبه التي يتناولها الأنكليز مع الشاي عصراً كانت وجبة لم يستطع بوارو التألقم معها .
وكان يشرح ذللك قائلاً :" أن تناول أي شيئ عند الساعه الخامسة سيفقد المرء شهيته للعشاء , ويجب
أن لا ننسى أن وجبة العشاء هي وجبة اليوم الفاخرة ! "
ولم يكن أيضاً معتاداً على شرب قهوه الضحى . لا , بل كان يفضل مشروب الشكلاتة مع بعض المعجنات في وجبة الفطور , ثم يتناول الغداء في حدود الساعة الثانية عشر والنصف أن امكنه ذللك .
بشرط أن لا يتجاوز العشاء الساعة الواحدة . وأخيراً تأتي وجبة التتويج : العشااااء .
كانت تللك المواعيد هي لحظة الذروه في يوم هيركيول بوارو . كان رجلاً يأخذ حاجة معدته على محمل الجد , وها هو ذا يحصد ثمار ذللك في شيخوخته . لم يعد الطعام متعه جسدية فحسب بل اصبح عمليه بحث عقلية , لأانه كان _ بين الوجبات _ يبحث ويفتش عن مصادر جديده للطعام الشهي .
وكان مطلعم فييل غراند مير نتيجة احدى عمليات البحث التي قام بها , وقد حظي هاذا المطعم لتوه بقول بوارو ورضاه . والان بقي عليه _ وللأسف _ أن يقضي فتره المساء .
تنهد هيركيول بوارو , وفكر قليلاً لنفسه : لو أن هيستغنز كان كوجوداً فقط !
استغرق بسرور في ذكرياته مع صديقه القديم : أنه اول صديق لي في هذه البلاد ... ومازال اعز اصدقائي . صحييح انه كان يغضبني احياناً , ولكن هل أتذكر ذللك الان ؟ لا . انني لا اذكر الا تعجبه الساذج وتقديره - بفم مفتوح - لقدراتي ... البساطة التي كنت أضلله بها دون أن انطق بكلمه واحدة غير صحييحة , وحيرتة , ودهشتة الهائلة وهو يدرك _ في النهاية _ الحقيقة التي كانت واضحة جلية لي
منذ البداية . ااه ياصديقي العزيز ! ان نقطة ضعفي كانت دوماً حبي للمباهاة . تللك الصفة التي لم يفهمها
هستغنز أبداً . ولكن من الضروري جداً _ في الحقيقة _ أن يعجب رجلاً له مثل قدراتي بنفسة ... ومن
اجل ذللك لا بد له من محفز خارجي . أنيي لا أستطيع , لا أستطيع حقاً , الجلوس على كرسي طوال اليوم
وأنا أفكر كم انا مثير للأعجاب , فالمرء يحتاج الى لمسه أنسانية . يحتاج _ كما يقولون في هذه الأيام _الى التابع الذي تظهر بالنقيض مع عبقرية المرء .
تنهد هيركيو ل بوارو وانعطف الى شارع شافتسبري . أيقطع الشارع ويذهب الى ساحه ليستر ليقضي مساءه في احدى دور السينما ؟ هز رأسه بالنفي وهو متهجم قليلاً , أذ غالباً ماكانت السينما تثير غضبة
بسب ضعف حبكة أفلامها وقله الترابط المنطقي في حواراتها وحتى التصوير _ الذي كان الكثير يسهبون في امتداحه _ لم يبد في نظر هيركيول بوارو الا مجرد رسم لمشاهد وأشياء بحيث تبدو
مخالفه تماماً لحقيقتها في الواقع .
مر بوارو بجانب بائع صحف ووقف قليلاً يستعرض العناوين : (( نتيجة محاكمة كاغنتي . الحكم النهائي )) .
لم يثر ذللك اهتمامه , وتذكر _ بشكل مبهم _ فقره صغيرة قرأها في الصحف . لم تكن حاله قتل مثيره
فقد قتلت امرأه عجوز بائسة بضربه على رأسها من أجل جنيهات قليله , وكل ذللك جزء من الوحشية
الفظه القاية لهذه الأيام .
دخل بوارو الى ساحه المجمع الذي توجد به شقته . وكعادته , امتلأ قلبه للأستحسان للمجمع . وكان
فخوراً ببيته , ذللك البناء الرائع المتناسق . وحمله المصعد الى الطابق الثالث حيث توجد شقته الفاخره
المفروشه بكنبات مربعة الشكل وتحفيات مستطيلة بشكل صارم جداً . يمك القول _ بالفعل _ ان البيت
يخلو من اي شكل منحني .
وفيما هو يفتح الباب ويدخل الصاله المربعة البيضاء , تقدم خادمه جورج لاستقبالة قائلاً :" مساء الخير ياسيدس , يوجد ..... سيد ينتظر مقابلتك " . ثم قام بمساعه بوارو على خلع معطفه برفق .
انتبه بوارو لتلك الوقفة الخفيفة جداً قبل كلمه سيد . لقد كان جورج خبيراً باعتباره ممن يكنون تقديراً
مبالغاً به للمكانة الأجتماعية .
سألة بوارو : حقاً ؟ وماأسمه ؟
_ رجل يدعى السيد سبنس ياسيدي .
_ سبنس ؟
لم يعن هاذا الأسم شيئاً بالنسبة لبوارو لأول وهله , ومع ذللك أدرك أنه يجب أن يعني شيئاً .
وقف قليلاً أمام المراه ليعدل شاربية الى درجه الكمال , ثم فتح باب غرفة الجلوس ودخل . ونهض
الرجل الذي كان يجلس في احد الكنبات المربعه الكبيرة وقال : مرحباً ياسيد بوارو . أرجو أنك تتذكرني
, لقد مضى وقت طويل . أنا المفتش سبنس .
_ بالطبع !
صافحه بوارو بحراره . المفتش سبنس من شرطة كيلشستر . كانت تللك قضية مثيره جداً ... قبل زمن طويل كما قال سبنس .
عرض بوارو على ضيفة انواعاً مختلفة من المرطبات , عصير الرمان , أو شراب النعناع , او الكاكاو الحار ؟ وفي تللك اللحظه دخل جورج يحمل طبقاً عليه ابريق الشاي وقال : لعلك تفضل الشاي يا سيدي.
تهلل وجه المفتش سبنس الأحمر الضخم وقال : نعم . هاذا ما أفضلة .
وعندما قدم لسبنس كوب الشاي سكب بوارو لنفسه كأساً من شراب النعناع الأخضر الامع وقال : كم هو رائع منك أن تأتي لزيارتي . من أين جئت ؟
_ جئت من كيلشستر . سأتقاعد خلال سته أشهر , وقد استحق موعد تقاعدي عملياً قبل سنه ونصف ,
ولكنهم طلبوامني البقاء في الخدمه ففعلت .
قال بوارو بحراره : لقد كان قراراً حكيماً .... حكيماً جداً .
_ أحقاً ؟ أشك في ذللك . لست متأكداً من صحه قراري .
أصر بوارو قائلاً : بلى , لقد كنت حكيماً في قرارك . انك لا تتصور الساعات الطويلة التي ستقضيها
بممل وسأم .
_ اه سيكون لدي الكثير من الأعمال عندما أتقاعد , فقد انتقلنا الى بيت جديد في العام الماضي وفيه
حديقة لا بأس بها ولكنها مهمله الى حد معيب , ولم يسعفني الوقت _ بعد _ لأعتني بها بالشكل المناسب
_ اه , نعم , أنت ممن يحبون ترتيب الحدائق . أما أنا فقد قررت _ مره _ أن أعيش بالريف وأزرع الكوسا , ولكن محاولتي لم تنجح , ليس لدي الميل لذللك .
قال سبنس متحمساًُ : كان يجب أن ترى ثمار الكوسا التي أنتجتها العام الماضي , كانت عملاقه !
والأزهار ايضاً .. أنا مغرم بزراعتها , وسأحصل على ...
ثم توقف عن الحديث فجأه وقال : ليس هاذا ماجئت للحديث عنه .
_ نعم , نعم , لقد جئت لترى صديقاً قديماً لك , وهذا لطف منك . انني اقدر ذللك
_ أظن أن الأمر أكبر من ذللك ياسيد بوارو سأكون صادقاً معك , أني اريد شيئاً .
همهم بوارو بحذر : لعل بيتك مرهون ؟ وأنت تريد قرضاً ...
قاطعه سبنس بصوت مرتعب : يا الهي ! ليست المساله مسألة مال ! لا شيئ من هذا القبيل .
لوح بوارو بيديه معتذراً وقال ك أرجو المعذره .
_ سأخبرك مباشره . ان مجيئي الى هنا وقاحه , ولن أستغرب اذا ماأخرجتني مذموماً .
_ لن يكون ذم . أكمل .
_ انها قضيه ماغينتي . لعلك قرأت عنها ؟
هز بوارو رأسه بالنفي وقال : لم أقرأ عنها باهتمام . السيده ماغنتي ... امرأه عجوز في بيت أو دكان
.. وقد ماتت , نعم . كيف ماتت ؟؟
حملق سبنس في بوارو وقال : يا الهي ! ان هاذا يذكرني بالماضي . أمر غريب , ولم أفكر به حتى هذه اللحظه . _ عفواً ماذا تقول ؟
_ لا شيئ مجرد لعبه .. لعبه للأطفال كنا نمارسها ونحن أطفال .كنا نقف معاً في صف واحد ثم يسأل واحد ويجيب الاخر , وهذا تستمر الى النهايه . " ماتتت السيده ماغينتي " .. " كيف ماتت ؟ "
" متكئه على ركبه واحده كما أتكئ أنا " ثم يسأل السؤال الثاني :"السيده ماغنتي ماتت " .. " كيف ماتت " .. " ماده يدها كما أمدها أنا " . ثم نركع جميعاً رافعيين ايادينا اليمنى . ثم يأتي السؤال : " السيده ماغينتي ماتت " . " كيف ماتت " .. " هكذا " وهوب .. يسقط من في رأس الصف جانباً فنسقط
جميعاً معه حزمه العيدان !
ضحك سبنس بصوت عال على هذه الذكرى وقال : لقد رجعتني الى الأيام الخوالي فعلاً .
أنتظر بوارو بأدب . كانت تللك لحظه من اللحظات التي وجد فيها الأنكليز غير مفهومين رغم انه أمضى
نصف حياته في انكلترا . لقد كان يعلب العاباً كثره في طفولتة , ولكنه لم يشعر برغيه في التحدث عنها , ولا حتى بالتفكير فيها .
وعندما سيطر سبنس على أفعاله أعاد بوارو السؤال بأثر بسيط من السأم : كيف ماتت ؟
زالت اثار الضحك عن وجه سبنس وعاد الى طبيعته فجأه وقال : ضربت على موخره راسها بأداه ثقيلة حادة , وقد اخذت مدخراتها التي تبلغ ثلاثين جنيهاً بعد أن تم تفتيش غرفتها . كانت تعيش وحيده في بيت صغير , باستثناء مستأجر اسمه جيمس بنتلي ,
_ اه , نعم , بنتلي .
_ لم يقتحم البيت بالكسر والخلع , ولا اثار للعبث بالنوافذ والأقفال . كان بنتلي مفلساً , اذ فقد عمله , وتراكمت عليه عليه أجره شهرين . وقد عثر على الأموال مخبأه تحت حجر خلف المنزل , ووجدت على
كم ستره بنتلي بعض الدماء والشعر . وكان الدم من نفس زمره دم القتيله , وكان الشعر من شعرها .
ووفقاً لما قاله بنتلي في أول افاده له فأنه لم يقترب من الجثه ابداً , ولذلك لا يمكن أن يكون الدم والشعر قد جاء الى كمه بالمصادفه .
_ من الذي عثر عليها ؟
_ جاء الخباز اليها بالخبز في اليوم الذي يتقاضى فيه حسابه . وفتح له الباب جميس بنتلي وقال انه طرق باب غرفه نوم السيده ماغنتي فلم يرد عليه احد .. اقترح الخباز انها قد تكون أصيبت بسوء ،
فطلبا من صاحبة البيت المجاور أن تصعد وترى . لم تكن السيده ماغينتي في غرفه نومها , ولم تكن قد نامت على الفراش , ولكن الغرفة قد فتشت وقد تم خلع الالواح الخشبية عن أرضيتها . ثم فكروا بالنظر
في صاله الأستقبال , فوجدوها هناك ممده على الأرض , وانفجرت جارتها بالضراخ بأعلى صوت ها .
ثم أستدعي الشرطة بالطبع .
_ وهاكذا تم القبض على بنتلي وقدم للمحاكمة , أليس كذللك ؟
_ بلى , وقد انتهت القضية في المحكمة العليا بالأمس , وكانت قضية مباشره لا خلاف حولها . اجتمعت هيئه المحلفين لمده عشرين دقيقة فقط , وكان الحكم انه مذنب , وحكم عليه بالأعدام .
أومأ بوارو برأسه وقال : وبعد ذللك , وبعد صدور الحكم , ركبت القطار وجئت الى لندن لتقابلني . لماذا ؟
كان المفتش سنبس جالساً يتأمل كوب الشاي . مرر أصبعة على حافه الكوب ببطء وقال : لانني لا أحسب أنه أرتكب الجريمة !
................. يتبع
نهايه الفصل الأول
تعليقي .. في البدايه القصصه ممله قليلاً ولاكن كعادت اجاثا كريستي الغموض دائماً في البدايه
أتمنى ان تعجبكم الرواية ..