المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الخروج من التيه(الشات) تأملات....



الحاظوي
26-06-2005, 09:26 AM
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد،

فهذا الموضوع عبارة عن عشر تأملات نتج عنها تألمات من خلال التجربة الشاتية المقصودة، والتي حاولت من خلالها النظر في واقع التشات العربي في الجملة خلال السنوات الماضية، والحكم على تلك التشاتات في الجملة وواقع التشات عموما يحتاج لتصور يقوم على التجربة العملية، وقد حصل هذا الأمر، فقمت بخوض غمار هذا البحر وعشت في لججه ما يقارب أربع سنوات عرفت من خلاله مدى خطورته من خلال تجاربي وتأملاتي فيه، وقد صغت هذه التأملات على النحو التالي:

التأمل الأول: الدخول إلى الشات بالصور البشرية:

لا يخفى على الجميع أن معظم الصور البشرية في التشااااات منتقاة، وعلى قدر من الجماااااال الدنيوي. والنفس البشرية تعشق الصور الحسنة، وقد ركب الله فيها هذه الجبلة، وذكر سبحانه وتعالى هذا الداء في القرآن عن طائفتين، هما: امرأة العزيز في عشقها يوسف لجماله، والطائفة الثانية هي: قوم لوط. حيث وقع في قلوبهم من عشق ووقع صور أضياااف لوط عليه السلاام ما جعلهم يطيشوون في تصرفهم، وقد وصف الله حالهم بقوله: (( لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون))، فهذا من العشق.

فحكااه سبحانه وتعالى عن طائفتين، عشق كل منهما ما حرم عليه من الصور، ولم يبال بما في عشقه من الضرر.

وهذا داء أعيا الأطباء دواؤه، وعز عليهم شفاؤه، وهو والله الداء العضال، والسم القتّال، الذي ما علق بقلب إلا وعز على الورى استنقاذه من إساره، ولا اشتعلت ناره في مهجة إلا وصعب على الخلق تخليصها من ناره، وهو أقسام ذكرها ابن القيم في كتابه: الجواب الكافي.

ونحن على يقين بأن هذه الصور في التشات لها تأثير لا ينكره إلا مكابر، والواقع والتجربة وإجماع العقلاء من زوار التشات على هذا، فتأثير الصورة الحسنة في النفس لا يخفى على أحد من ذوي العقل. فالصورة الحسنة لها قوة نفوذ في النفس البشرية المركبة من طبائع عدة منها حب الميل إلى النساء. وهذه الجبلة مما غرسها الله في أصل النفوس البشرية ابتلاءا واختبارا، وفاقا لقوله سبحانه وتعالى: (( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا)).

ومما يؤكد هذا:: أنك تجد الفتاة الداخلة بصورة من الصور اللافتة للنظر ترشق بكلماااات النداء من الذكور، وتلك الكلمااات محشوة بالعاطفة الذكرية المؤججة في النفس بفعل الحرارة الغريزية.

وهذه الحرارة الغريزية التي تنتشر آثارها في النفس فتزم صاحبها بزمام الشهوة إلى تلبية مطالبها، ومن تلك المطالب:

الحديث مع الجنس الناعم وخاصة الآتي يحملن الصور الملفتة للنظر. واستنطاق الجنس الناعم ليخفف من وطأة آثار تلك الحرارة الغريزية، وذلك بالكلمات المفعمة بالحب والعاطفة. مع احساس الرجل بحاجته إلى مثل هذه العاطفة الأنثوية، التي تخفف من وطأة تلك النار الملتهبة بفعل الشوق الجارف نحو الجنس الناعم.

لا أعتقد أن أحدا ينكر قوة الصورة الحسنة الأنثوية في النفوذ إلى النفس الذكرية وكذلك الصورة الحسنة الذكرية في النفوذ إلى النفس الأنثوية. ومما يدل أيضا على هذا:: الوجدااااان وما يشعر به الشاب والشابة أثناء الحديث العاطفي من تدفق اللذة في النفس والإحساس بنوع من الارتياح في الحديث مع الجنس الآخر.

قال ابن القيم رحمه الله: (( ليس في عشق الصور مصلحة دينية ولا دنيوية، بل مفسدته الدينية والدنيوية أضعاف أضعاف ما يقدر فيه من مصلحة، وذلك من وجوه....))، وهي باختصار: الاشتغال بذكر المخلوق وحبه عن الخالق. عذاب قلبه بمعشوقه. فإن من أحب شيئا غير الله عُذب به، ولا بد، كما قيل:

فما في الأرض أشقى من محب وإن وجد الهوى حلو المذاق

تـراه باكيـا في كل حـين مخـافة فـرقة أو لا شتياق

فيبكي إن نأوا شـوقا إليهم ويبكي إن دنوا خوف الفراق

فتسخن عينه عنـد الفـراق وتسخـن عينه عنـد التلاق



ومن آثاره السلبية: أن العاشق قلبه أسير في قبضة صاحب الصورة يسومه الهوان، ولكنه لسكرة العشق لا يشعر بمصابه، فقلبه كالعصفور في كف الطفل يورده حياض الردى، والطفل يلهو ويلعب، فيعيش العاشق للصورة والوهم(الذي كونه الشات) عيش الأسير الموثق.

ومن آثاره: الإدمان الشاتي طلبا لرؤية معشوقه ذي الصورة الحسنة، فيشتغل بذلك عن مصالح دينه ودنياه. فليس شيء أضيع لمصالح الدين والدنيا من عشق الصور. أما مصالح الدين فإنها منوطة بلم شعث القلب، وإقباله على الله، وعشق الصور أعظم شيء تشعبا وتشتيتا له. وأما مصالح الدنيا فهي تبع لمصالح الآخرة.

ومن آثاره: أن آفات الدنيا والآخرة أسرع إلى عشاق الصور من النار في يابس الحطب. وسبب ذلك: أن القلب كلما قرب من العشق وقوي اتصاله به بعُد من الله. فأبعد القلوب من الله قلوب عشاق الصور، وإذا بعُد القلب من الله طرقته الآفات من كل ناحية، وتولاه الشيطان.

ومن آثاره: أنه يفسد الذهن ويحدث الوساوس، وإفساد العقل من أعظم ما يصاب به البشر؛ لأن أشرف ما في الإنسان عقله، وبه يتميز عن سائر الحيوان. وهل أذهب عقل مجنون ليلى وأضر به إلا العشق؟.

ومن آثاره: إفساده للحواس، ففي الأثر: ((حبك الشيء يعمي ويصم)).

ومن آثاره: اشتغال النفس بتذكر محبوبها وتخيله بحيث لا يغيب عن خاطره، حتى تتعطل قوى تلك النفس، فيحدث من تعطلها من الآفات على البدن والروح ما يعسر دواؤه ويتعذر.

ولنعلم جميعا أن الداخل في الشيء لا يرى عيوبه والمفاسد التي أشرنا إليها، وكذلك الخارج من الشيء ولم يدخل فيه لا يرى عيوبه، وإنما يراها من وقع فيه ثم خرج منه.

انتهى هذا التأمل ولا يخفى عليكم ما فيه من تألم.................!!!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟. وسيأتي بعده التأمل الثاني.