المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسالة من الرئيس مبارك للمصريين..



forbidden
27-06-2005, 10:03 PM
أيها المواطنون،
في نفسي شحنة من القرف والاشمئزاز والتقزز تكفي لأن أحرق لكم بلدكم، وأجعل كنانة الله في أرضه مقبرة جامعة، وأدفن تحت ترابها كل أفراد هذا الشعب الذي لا يزال مترددا وخائفا ومفزوعا عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن كرامته ووطنه ومستقبل أولاده!
سبعون مليونا أو أكثر من النفوس البشرية التي استخلفها الله على الأرض، ونفخ فيها الروح، وكَرّمها على كثير ممن خلق تكريما تقف عاجزةً أمامي وأنا شاحبُ الوجه، مريضُ الجسد، مُهتاجُ النفس، لامساً أطراف عزرائيل وهو يقترب مني لينقلني لعالم السكون قبل أن يُخرج لي ربُ العزة كتاباً ألقاه منشوراً يوم الحشر العظيم.

ماذا دهاكم أيها المصريون؟
هل صحيح أنني أملك سحرا يجعل المصريين يستعذبون الهوان، ويبتهجون بالذُل، ويبررون جرائم ربع قرن كدت أُفرّغ وطنكم من خيراته، ومصارفَه من أموالكم، ويومياتكم من كل ذرة كرامة تقاتل دونها معظم شعوب العالم وأنتم لا تتحركون.
يبدو أنني سمعت صوتا ساخرا يقول بأننا نعارض، ونتظاهر، ونتحدى بصدورنا أجهزة أمنك وحمايتك!
هل تعتبرون خروج ألف أو ألفين أو خمسة آلاف من المحتجين يتظاهرون لساعتين أو أكثر عملا يؤدي إلى الاطاحة بي وبأسرتي وبرجالي وبأعواني؟
أشعر بقشعريرة ما قبل هدم المعبد على رؤوس القائمين فيه، وتنتابني نفس مشاعر الأسياد وهم يديرون وجوههم ترفعا أن تلتقي أعينهم بأعين عبيدهم.
سألتكم في رسالة مفتوحة سابقة إن كان المطلوب مني أن آمر باغتصابكم واحدا تلو الآخر لعلكم تثورون وتغضبون لكرامتكم ولو مرة يتيمة، وها هي أوامري يتم تنفيذها بانتهاك كرامة بناتكم وزوجاتكم في مظاهرات واحتجاجات متواضعة وبسيطة لا تحرك ساكنا، تماما كما أمرت بانزال كل أنواع المذلة والاهانة والضرب والركل والتعذيب في السجون والمعتقلات وأقسام الشرطة حتى وصل الأمر لأن يسكب ضابط شرطة كيروسينا على جسد مواطن مصري ثم يشعل فيه النار، وكانت تلك الفاجعة ترمز إلى قيمتكم كحشرات في عهدي، ومع ذلك ظللتم على عهدي بكم، تلتمسون في الثقافة الفئرانية السلامة والأمن.

أنا أعلم أنكم تحملون لي كراهية شديدة، لكنني لا أبكي أنا أو ابني على الحب، ولا نكترث لسخرياتكم ونكاتكم وعشرات المواقع على الانترنيت واجتماعات المعارضة المصرية وأقلام حادة تغرز أسنانها في نظامي المهتريء.
إلى متى سأظل هاربا في شرم الشيخ ولا أستطيع التجول في العاصمة أو المكوث يوما أو بعضَ يومٍ في قصر العروبة أو قصر عابدين؟
أغلب الظن أن عودتي ستكون عنوانا جديدا لفترة يضطر فيها مَلَكُ الموت أن يعمل أوفرتايم في أم الدنيا، وحتى لو أعلن متزلفو السلطة التشريعية ومنافقوها تحت قبة البرلمان أنهم يرشحون ابني جمال ليذيقكم بعض ما لم تقم به أجهزة حمايتي، وقطعا لن تكون هناك منافسة في ظل تغيير المادة 76 التي بصقت من خلالها على كل نضالاتكم منذ عصر النهضة إلى الآن، إلا أن غضبي على جبنكم لا يزال يثير في نفسي مشاعر البغضاء والكراهية والحقد عليكم، وسترون في السنوات الست القادمة ما لم يدر بذهن أكثركم تشاؤما.
الكلمة المقدسة التي تحرك الضمائر، وتنتفض لها النخوة الأصيلة، والتي كانت تعبيرا عن النبل والفروسية والايمان لم تعد تجد لها طريقا لضمائركم أو تحرك الرغبة في الدفاع عن الكرامة.

ربع قرن تحولت فيه مصر إلى ذيل ركب الحضارة، ومر على سجوني نصف مليون مواطن، وأحتفظ في أحط الظروف المهينة في معتقلاتي بخمسة وعشرين ألفا، وجعلت مليونين منكم سكانا للمقابر ومثلهم لعشش الصفيح وأمرت أعواني أن ينهبوا ما أمكنهم من قوت أولادكم، ورفضتُ أيَّ مشروعات قومية للقضاء على الفقر والمرض والبطالة والبلهارسيا والغلاء والفساد، وأحسنتُ اختيار النصابين والمحتالين والفاشلين ليظلوا بجانبي في الاقتصاد والزراعة والري والمصارف والعقارات والادارة.
جيشكم الوطني ينتظر منكم انتفاضة أو عصيانا مدنيا حتى يقف بجانبكم دفاعا عنكم وعن كرامته.
أجهزة الأمن وكبار رجال المخابرات يتعاطفون سرا، وأحيانا باشارات جهرية، مع المتظاهرين لكي تصل الرسالة إليكم واضحة بأنهم سينضمون لانتفاضة الشعب، ومع ذلك لم تحركوا ساكنا.
سعيت لخلق فتنة بين مسلميكم وأقباطكم في قوانين وممارسات ظالمة، ورفضت المواطنة الكاملة لأقباط الوطن حتى تشتعل شرارة الغضب وتكون حجة لي بأن الغرب يتربص بنا، ولكنكم لم تنتبهوا.
أراكم بدأتم تستخدمون كلمة العصيان المدني تهديدا ووعيدا، فيؤيده حمدين صباحي ومجدي أحمد حسين والدكتور محمد عباس والدكتور محمد مهدي عاكف وعبد الحليم قنديل وضياء الدين داود والمستشار طارق البشري، كما فشلت الدعوة التي أعد لها رئيس تحرير طائر الشمال لخمسة أشهر ورفضتها كل قوى المعارضة والفضائيات، وها أنا أنتظر غضبة واحدة منكم، جماعة أو جماعات متحدة، لكنكم تبحثون في الفواجع عن أمل، وبين لصوص زمني عن الشرف، وفي أدنى الوسائل غير الأخلاقية التي مارسها رجالي عن ذرة أمل في التصحيح والتغيير.

حتى هذه الرسالة التي تنطق بالحقيقة وتصدم ضمائركم بواقعكم وتُخْجِل شرفكم المختبيء خوفا ورعبا، سترفض معظمُ المواقع على الانترنيت نشرها، وسيتلقى صاحبها كعادتكم حزمة من السخرية والتهكم والتهديدات والاستخفاف لأنكم أقل شأنا من أن تكونوا تحت حذائي.
ربما تدافعون عن كرامتكم ضد كاتب الرسالة، لكنكم ستلتزمون صمت القبور الأبدي عندما يتعلق الأمر بصفعي إياكم على أقفيتكم، والغريب أن مصريين كثرا سيقرأون تلك الرسالة ولا ينثرون بعدها كلمة غضب واحدة، وربما ينتفضون دفاعا عن كفي الغليظة أو حذائي أو سوطي أو لذة الهوان التي يستعذب ويبتهج ويغتبط ويفرح ويسعد بها ولها أكثر من سبعين مليونا من الصامتين .
أيها المصريون،
هل تناهت إلى أسماعكم تهديدات بعض من بلطجية نظامي الذين يقولون بأن عدم استمرار الرئيس مبارك سيؤدي إلى أنهار من الدماء؟
ألم تشعروا لبرهة واحدة بخوف على بلدكم؟
ألا تعرفون ماذا أستطيع أن أفعل لأظل أنا أو ابني سيدا عليكم لعدة عقود قادمة؟
هل سأترككم تزيحونني ، وتحاكمونني، وينكشف المستور في كارثة وطنكم؟
سأجعل مصركم مقبرة تكون عبرة لكل المترددين في الدفاع عن كرامتهم.
وإن غدا لناظره لقريب.

white-sox
27-06-2005, 11:31 PM
ربنا علي الظالم