المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ابت تيمية رحمه الله



الحاظوي
28-06-2005, 04:29 PM
شيخ الإسلام أحمد بن تيمية



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:

فهذه ترجمة مختصرة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، دفعنا إلى ذكرها حبنا له رحمه الله تعالى، وبعث الهمة في النفوس لطلب العلم والتشبه بالأماثل من سلف هذه الأمة، وإيجاد البديل في القدوة عند أبناء المسلمين الذين جعلوا قدواتهم، من سفهاء البشر من مغنين أو غيرهم من الساقطين. وهذا أوان الشروع في هذه الترجمة:


اسمه ونسبه

هو شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن عبدالله بن محمد الخضر بن محمد بن الخضر بن علي بن عبدالله بن تيمية الحراني ثم الدمشقي. وتيمية هي والدة جده الأعلى محمد . وكانت واعظة راوية.
ولد رحمه الله يوم الاثنين العاشر من ربيع الأول ، بحران سنة 661هـ ولما بلغ سبع سنوات من عمره انتقل مع والده إلى دمشق ، هربا من التتار .


نشأته

نشا في بيت علم وفقه ودين، فأبوه و أجداده وإخوانه وكثير من أعمامه كانوا من العلماء المشاهير، منهم جده الأعلى الرابع محمد بن الخضر، ومنهم عبدالحليم بن محمد بن تيمية، وعبدالغني بن محمد بن تيمية ، و حده الأدنى عبدالسلام بن عبدالله بن تيمية مجد الدين أبو البركات صاحب التصانيف التي منها : المنتقى من أحاديث الأحكام وقد قام الشوكاني بشرحه في كتابه "نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار"، والمجرد في الفقه والمسودة في الأصول وغيرها،وكذلك أبوه و أخوه عبدالرحمن وغيرهم.
وفي هذه البيئة العلمية الصالحة كانت نشأة هذا العالم الجليل الذي بدأ بطلب العلم على والده وعلماء بلاده أولا، فحفظ القرآن وهو صغير، ودرس الحديث والفقه و الأصول والتفسير، وعرف بالذكاء والفطنة وقوة الحفظ والنجابة منذ صغره، ثم توسع في دراسة العلوم وتبحر فيها، وأجتمعت فيه صفات المجتهد وأعترف له بذلك الداني والقاصي والقريب والبعيد وعلماء عصره.


خصاله

تميز شيخ الإسلام ابن تيمية بالإضافة إلى العلم والفقه في الدين و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بخصال حميدة فكان سخيا كريما، كثير العبادة والذكر والقرآن، وكان ورعا زاهدا متواضعا، ومع ذلك فقد كانت له هيبة عند السلطان وقصته مع سلطان التتار معروفه، كما عرف رحمه الله بالصبر وقوة الاحتمال في سبيل الله.


جهاده

جاهد شيخ الإسلام، فارس المعقول والمنقول، في الله حق جهاده، فقد جاهد بالسيف وحرضّ المسلمين على القتال بالقول و العمل، فقد كان يصول ويجول بسيفه في ساحات الوغى مع الفرسان والشجعان، والذين شاهدوه في القتال أثناء فتح عكا عجبوا من شجاعته وفتكه بالأعداء .
وقد قام بالدفاع عن دمشق عندما غزاها التتار، وحاربهم عند (شقحب) جنوبي دمشق وكتب الله هزيمة التتار، وبهذه المعركة سلمت بلاد الشام وفلسطين ومصر والحجاز.
وطلب من الحكام متابعة الجهاد لإبادة أعداء الأمة الذين كانوا عونا للغزاة، فأجج ذلك عليه حقد الحكام و حسد العلماء و الأقران ودس المنافقين والفجار، فناله الأذى والسجن والنفي والتعذيب فما لان و لاخضع .

وكانت كلمته المشهورة: "مايصنع أعدائي بي؟!! أنا جنتي وبستاني في صدري أنّى رحت، فهي معي لا تفارقني، أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة" وكان يقول في سجنه: "المحبوس من حبس قلبه عن ربه، والمأسور من أسره هواه".
أما جهاده بالقلم واللسان فإنه رحمه الله وقف أمام أعداء الإسلام من أصحاب الملل والنحل والفرق والمذاهب الباطلة والبدع كالطود الشامخ فقد تصدى للفلاسفة، والباطنية، والصوفية، والاسماعيلية والنصيرية والروافض، كما تصدى للملاحدة والجهمية والمعتزلة والأشاعرة ولا تزال بحمد الله ردود الشيخ سلاحا فعالا ضد أعداء هذا الدين العظيم على مر الدوام وذلك لأنها إنما تستند على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهدي السلف الصالح، مع قوة الاستنباط، وقوة الاستدلال و الاحتجاج الشرعي والعقلي، وسعة العلم التي وهبها الله له ولا تزال ردود الشيخ وكتبه هي أقوى سلاح بعد كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم للتصدي لهذه الفرق الضالة والمذاهب الهدامة .


مؤلفاته و إنتاجه العلمي

يعتبر شيخ الإسلام من العلماء الأفذاذ الذين تركوا تراثا ضخما ثمينا، لايزال العلماء والباحثون ينهلون منه وقد ألف ابن قيم الجوزية كتب ورسائل شيخه ابن تيمية التي قام بتأليفها وهي مطبوعة. وقد زادت مؤلفاته على ثلاثمائة مؤلف في مختلف العلوم، و منها ماهو في المجلدات المتعددة وهذه بعض مؤلفاته رحمه الله:

بيان موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول (طبع في 11 مجلدا). إثبات المعاد . ثبوت النبوات عقلا ونقلا . الرد على الحلولية والاتحادية . الاستقامة (في مجلدين). مجموع فتاوى ابن تيمية : جمعها عبدالرحمن بن قاسم وتقع في (37) مجلدا. إصلاح الراعي والرعية. منهاج السنة(في تسع مجلدات) .

الاحتجاج بالقدر . الإيمان. حقيقة الصيام. الرسالة التدمرية. الرسالة الحموية. شرح حديث النزول(نزول الله في الثلث الأخير من الليل). العبودية. المظالم المشتركة. الواسطة بين الحق والخلق. الفرقان بين أولياء الرحمن و أولياء الشيطان. الكلم الطيب. رفع الملام عن الأئمة الأعلام. حجاب المرأة ولباسها في الصلاة. قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة. الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح.


وفاة شيخ الإسلام

توفي شيخ الإسلام أحمد بن تيمية الحراني رحمه الله رحمة واسعة ليلة الاثنين العشرين من ذي القعدة سنة(728) وعمره (67) عاما وهو مسجون بسجن القلعة بدمشق وحضر جنازته جمهور كبير جدا يفوق العدد.

ولمن أراد الاستزادة و الإطلاع عن سيرة هذا الشيخ الكبير والعالم النحرير والحجة القوية فعليه بالعودة إلى الكتب التي أولفت عنه رحمه الله رحمة واسعة وهي كثيرة ومنها:

العقود الدرية في مناقب شيخ الإسلام أبن تيمية لتلميذه ابن عبدالهادي، 2 - الرد الوافر لابن ناصر الدين الدمشقي . 3 - الأعلام العلية في مناقب ابن تيمية للبزاز.4 - حياة ابن تيمية للبيطار. 5 - ابن تيمية للإستنبولي. وغيرها كثير .

أقوال العلماء في شيخ الإسلام ابن تيمية:

1ـ ( الحافظ ابن حجر العسقلاني ): حيث قال: (الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وقفت على هذا التأليف النافع والمجموع الذي هو للمقاصد التي جمع لأجلها جامع فتحققت سعة اطلاع الذي صنفه وتضلعه في العلوم النافعة بما عظمه بين العلماء وشرفه، وشهرة إمامة الشيخ تقي الدين أشهر من الشمس وتلقيبه بشيخ الإسلام في عصره باق إلى الآن على الألسنة الزكية ويستمر غدا كما كان بالأمس ولا ينكر ذلك إلا من(( جهل)) مقداره أو تجنب الإنصاف مما أكثر غلط من تعاطى ذلك وأكثر عثاره، فالله تعالى هو المسؤول أن يقينا شرور أنفسنا وحصائد ألسنتنا بمنه وفضله ولو لم يكن من الدليل على إمامة إلا ما نبه عليه الحافظ الشهير علم الدين البرزالي في تاريخه أنه لم يوجد في الإسلام من اجتمع في جنازته لما مات ما اجتمع في جنازة شيخ الإسلام تقي الدين وأشار إلى أن جنازة الإمام أحمد كانت حافلة جدا شهدها ما بين مئي ألوف ولكن لو كان بدمشق من الخلائق نظير من كان ببغداد بل أضعاف ذلك لما تأخر أحد منهم عن شهود جنازته.

وأيضا فجميع من كان ببغداد إلا الأقل كانوا يعتقدون إمامة الإمام أحمد وكان أمير بغداد وخليفة الوقت إذ ذاك في غاية المحبة له والتعظيم بخلاف ابن تيمية فكان أمير البلاد حين مات غائبا وكان أكثر من في البلد من الفقهاء فتعصبوا عليه حين مات محبوسا بالقلعة ومع هذا فلم يتخلف عن حضور جنازته والترحم عليه والتأسف عليه إلا ثلاثة أنفس تأخروا خشية على أنفسهم).

وقال: ( قال شيخ شيوخنا الحافظ المزي في ترجمة ابن تيمية: ( كان يستوعب السنن والآثار حفظاً إن تكلم في التفسير فهو حامل رايته أو أفتى في الفقه فهو مدرك غايته أو ذاكر في الحديث فهو صاحب علمه وذو روايته برز على كل أبناء جنسه) .

2. ( الإمام الذهبي ): قال ابن الوزير اليمني: :(( هذه ترجمة الإمام العلامة ابن تيمية من ((سير النبلاء )) للذهبي ، نقلتها إلى هنا لأني قد أكثرت عنه النقل في هذا الكتاب خاصة في هذا المجلد ، قال أبو عبدالله الذهبي فيه : الشيخ الإمام العالم المفسر الفقيه المجتهد الحافظ المحدث شيخ الإسلام ، نادرة العصر ، ذو التصانيف الباهرة ، والذكاء المفرط تقي الدين أبو العباس أحمد بن العالم المفتى شهاب الدين عبدالحليم ابن الإمام شيخ الإسلام مجد الدين أبي البركات عبد السلام مؤلف (( الأحكام )) ( يعني كتاب المنتقى ) ابن عبدالله بن أبي القاسم الحراني ….. إلى قوله : (سمع من فلان وفلان وخلق كثير، وأكثر وبالغ وقرأ بنفسه على جماعة، ونسخ عدة أجزاء و ((سنن أبي داود)) ونظر في الرجال والعلل وصار من أئمة النقد و من علماء الأثر مع التدين والذكر، والصيانة ، ثم أقبل على الفقه ودقائقه وقواعده، وحججه والإجماع، والاختلاف، حتى كان يقتضي منه العجب إذا ذكر مسالة من مسائل الخلاف ، ثم يستدل ، ويرجح ، ويجتهد ، وحق له ذلك ، فإن شروط الاجتهاد كانت قد اجتمعت فيه ، فإنني ما رأيت أحداً أسرع انتزاعاً للآيات الدالة على المسألة التي يوردها منه ولا أشد استحضاراً لمتون الأحاديث … صحيح أو إلى المسند … كأن الكتاب والسنن نصب عينيه ، وعلى طرف لسانه بعبارة رشيقة … آيات الله في التفسير والتوسع فيه لعلة … الديانة ومعرفتها ومعرفة أحوال الخوارج والروافض والمعتزلة … المبتدعة ، فكان لا يسبق فيه غباره ، ولا يلحق شأوه هذا … من الكرم الذي لم يشاهد مثله ، والشجاعة المفرطة التى يضرب بها المثل ، والفراغ عن ميلان النفس من اللباس الجميل ، والمأكل الطيب والراحة الدنيوية ، ولقد سارت بتصانيفه في فنون من العلم وألوان بعد تواليفه وفتاويه ( كذا ) في الأصول ، والفروع ، والزهد ، واليقين ، والتوكل ، والإخلاص ، غير ذلك تبلغ ثلاث مئة مجلد ، لا بل أكثر ، وكان قوالاً بالحق نهاءاً عن المنكر ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، ذا سطوة وإقدام وعدم مداراة للأغيار ، ومن خالطه وعرفه قد ينسبني إلى التقصير في وصفه ، ومن نابذه وخالفه ينسبني إلى التغالي … وعلى أني لا أعتقد فيه العصمة ، كلا فإنه مع سعة علمه وفرط شجاعته وسيلان ذهنه وتعظيمه لحرمات الدين ، بشر من البشر تعتريه حدة في البحث وغضب … يزرع له عداوة في النفوس ونفوراً عنه ، وإلا والله فلو لاطف الخصوم ، ورفق ، ولزم المجاملة ، وحسن المكالمة ، لكان كلمة إجماع ، فإن كبارهم وأئمتهم … خاضعون بعلومه وفقهه ، معترفون بشنوفه وكأنهم مقرون بندور خطئه ، لست أعني بعض العلماء الذين شعارهم وهجيراهم الاستخفاف به ، وافزجراء بفضله، والمقت له، حتى استجهلوه وكفروه ،ونالوا منه من غير أن ينظروا في تصانيفه، ولا فهموا كلامه ، ولا لهم حظ تام من التوسع في المعارف ، والعالم منهم قد ينصفه … بعلم، وطريق العقل السكوت عما شجر بين الأقران ، رحم الله الجميع .

وأنا أقل من أن ينبه على قدره كلمي ، أو أن يوضح بناءه قلمي ، وأصحابه وأعداؤه خاضعون بعلمه ، مقرون بسرعة فهمه ، وأنه بحر لا ساحل له ، وكنز لا نظير له ، وأن جوده حاتمي وشجاعته خالدية ، ولكن قد ينقمون عليه أخلاقاً وأفعالاً منصفهم فيها مأجور ، ومقتصدهم فيها معذور ، وظالمهم فيها مازور ، وغالبهم مغرور ، وإلى الله ترجع الأمور ، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك ، والكمال للرسل ، والحجة في الإجماع ، فرحم الله أمرأ تكلم بعلم ، وأمعن في مضايق أقاويلهم بتؤدة وفهم ، ثم استغفر لهم ووسع نطاق المعذرة ، وإلا فهو ممن لا يدرى أنه لا يدري .
وإن أنت عذرت كبار الأئمة في معضلاتهم ، ولم تعذر ابن تيمية في مفرداته ، فقد أققرت على نفسك بالهوى وعدم الإنصاف ، وإن قلت : لا أعذره لأنه كافر ، عدو الله ورسوله ، قال لك خلق من أهل العلم والدين : ما علمناه والله إلا مؤمناً ، محافظاً على الصلاة والوضوء وصوم رمضان ، معظماً للشريعة ظاهراً وباطناً ، لا يؤتي من سوء فهم ، بل الذكاء المفرط ، ولا من قلة علم فإنه بحر زخار ، بصير بالكتاب والسنة ، عديم النظير في ذلك ولا هو بملاعب بالدين ، فلو كان كذلك لكان أسرع شيء إلى مداهنة خصومه وموافقتهم ومناقضتهم ، ولا هو يتفرد بمسائل بالتشهي ، ولا يفتي بما اتفق ، بل مسائله المفردة يحتج لها بالقرآن أو بالحديث وبالقياس ، يبرهنها ، ويناظر عليها ، وينقل فيها الخلاف ، ويطيل البحث أسوة من تقدمه من الأئمة ، فإن كان قد أخطأ فيها فله أجر المجتهد من العلماء ، وإن كان قد أصاب فله أجران ، وإنما الذم والمقت لأحد رجلين : رجل أفتى في مسالة بالهوى ولم يبد حجة ، ورجل تكلم في مسألة بلا خميرة من علم ، ولا توسع في نقل فنعوذ بالله من الهوى والجهل .

ولا ريب أنه لا اعتبار بمدح خواصه والغلاة فيه ، فإن الحب يحملهم على تغطية هناته ، بل قد يعدونها له محاسن ، إنما العبرة لأهل الورع والتقوى من الطرفين الذين يتكلمون بالقسط ويقومون لله ولو على أنفسهم ، وآبائهم .

فهذا الرجل لا أرجو على ما قلته فيه دنيا ولا مالا ولا جاهاً بوجه أصلاً مع خبرتي التامة به ولكن لا يسعني في ديني ولا عقلي أن أكتم محاسنه ،وأدفن فضائله، وأبرز ذنوباً له مغفورة في سعة كرم الله وصفحة مغمورة في بحر علمه وجوده، فالله يغفر ويرضى عنه، ويرحمنا إذا صرنا إليه.

ومع أني مخالف له في مسائل أصلية وفرعية ، فقد أبديت آنفاً أن خطأه فيها مغفور ، بل يثيبه الله فيها على حسن قصده وبذل وسعه والله الموعد ، مع أني قد أوذيت لكلامي فيه من أصحابه …… فحسبي الله.

وكان الشيخ أبيض ، أسود الرأس واللحية ، قليل الشيب ، كأن عينيه لسانان ناطقان ، ربعه من الرجال ، بعيد ما بين المنكبين ، جهوري الصوت ، فصيحاً ، سريع القراءة ، تعتريه حدة ، ثم يقهرها بحلم واضح وصفح ، وإليه كان المتنهى في فرط الشجاعة والسماحة وقوة الذكاء ، ولم أر مثله في ابتهاله واستعانته بالله ، وكثرة توجهه . وقد تعبت بين الفريقين ، فأنا عند محبه مقصر ، وعند عدوه مسرف مكثر كلا والله. توفي إلى رحمه الله في ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وسبع مئة ، وصلى عليه بجامع دمشق عقيب الظهر ، وامتلأ الجامع بالمصلين كهيئة يوم الجمعة حتى خرج الناس لتشييعه من أربعة أبواب البلد ، وأقل ما قيل في عدد من شهده خمسون ألفاً وقيل أكثر من ذلك وحمل على الرؤوس إلى مقابر الصوفية ، ودفن إلى جانب أخيه الإمام شرف الدين رحمهما الله تعالى وإيانا . وقد صنف جماعة من الفضلاء له تراجم مطولة ورثي بقصائد كثيرة. انتهى .

3ـ الإمام السخاوي:

لم يزل يحتج بشيخ الإسلام ويعتمده في ترجيح درجة الأحاديث ويقول ( وناهيك بابن تيمية اطلاعاً وحفظاً أقر له بذلك الموافق والمخالف وكيف لا يعتمد كلامه في مثل هذا وقد قال عنه الحافظ الذهبي ـ ما رأيت أشد استحضاراً للمتون وعزوها منه كأن السنة بين عينيه وعلى طرف لسانه ).

وقد امتلأ كتابه ( المقاصد الحسنة ) بالاحتجاج بابن تيمية في نقده للأحاديث والروايات تصحيحا وتضعيفا .

4ـ ( الشيخ ابن عابدين صاحب الحاشية المشهورة ) ووصفه الشيخ ابن عابدين الحنفي بصفة ( الحافظ ).
5 ـ ( الشيخ ملا علي القاري ): حيث في معرض الثناء على الشيخ وتلميذه(ابن القيم): (ومن طالع كتاب مدارج السالكين تبين له أنهما من أكابر أهل السنة والجماعة ومن أولياء هذه الأمة ) .

6ـ( تقي الدين السبكي ): قال الحافظ ابن حجر: ( وكتب الذهبي إلى السبكي يعاتبه بسبب كلام وقع منه في حق ابن تيمية فكان من جملة جوابه ): (وأما قول سيدي الشيخ في حق ابن تيمية فالمملوك يتحقق كبير قدره وزخارة بحره وتوسعه في العلوم النقلية والعقلية وفرط ذكائه واجتهاده وبلوغه في كل من ذلك المبلغ الذي يتجاوز الوصف والمملوك يقول ذلك دائما وقدره ( أي قدر ابن تيمية ) في نفسي أكبر من ذلك وأجل مع ماجمعه الله له من الزهادة والورع والديانة ونصرة الحق والقيام فيه لا لغرض سواه وجريه على سنن السلف وأخذه من ذلك بالمأخذ الأوفى وغرابة مثله في هذا الزمان بل من أزمان ).

7-(ابن الزملكاني) الذي أؤذي بسبب انتمائه لابن تيمية وكان ذلك بإشارة من المنبجي المنتصر لعقيدة ابن عربي في وحدة الوجود وأدى إنكاره إلى النقمة عليه والوشاية به.

8ـ وابن دقيق العيد الذي قال لابن تيمية لما اجتمع به: ( ما أظن بقي يخلق مثلك ).
وختاما أرجو من الله العلي القدير أن يتغمد الشيخ بواسع رحمته، وأن يجزيه عن الإسلام والمسلمين كل خير، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وإلى لقاءآخر:ciao: .