Ibrahim
30-06-2005, 05:17 PM
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
ابتدع بعض أتباع الديانات المغايرة للإسلام مصطلحات وألقابا كهنوتية يخلعونها على علمائهم وكُهانهم، تعلي هذه الألقاب من شأن حامليها، وتميزهم عن باقي البشر، بل عن باقي أبناء دينهم أنفسهم، وتضعهم في مصاف تقارب الأنبياء، وربما تفوقها أحيانا في اعتقادهم!!.
ثم جاء الإسلام بعدله ومساواته ليسوي بين المؤمنين عامة بقوله: "إنما المؤمنون إخوة"، بل يسوي بين الناس كلهم بقوله: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا"، وجعل سبحانه وتعالى ميزان التفاضل الوحيد بين البشر هو تقواه عز وجل، حيث قال في تتمة الآية السابقة: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم".
ولكن يبدو أنه بطول الأمد على المسلمين، فعلوا ما أخبر صلى الله عليه وسلم أنهم سيفعلونه، فاتبعوا سَنَن من كان قبلهم، وجاء بعض مسلمي هذا الزمن وأخذوا يخلعون على أنفسهم وعلى بعضهم البعض ألقابا هي في ذاتها -أو في أصلها- لا تشي بشيء سلبي، ولكنها مع الوقت اكتسبت ما يمكن أن نسميه "قداسة وسموا"؛ مما جعل هذا الألقاب - عند البعض- تهب صاحبها العصمة من الخطأ، وتمنحه التميز عن سائر البشر. من هذه الألقاب الأكثر شيوعا: (أخ، أخت، ملتزم, مطوع , شيخ ,...).
وذاك الطرح له خطر عظيم على الفرد وعلى المجتمع، فهو يدفع الفرد إلى ضَرْب من التسامي الكاذب في بعض الأحيان، فيظن أنه لا يجوز له أن يخطئ أبدا، وإذا أخطأ فتلك هي الآزفة التي ليس لها كاشفة، وقد يدفعه ذلك بدوره إلى ضَرب آخر من ضروب النفاق والتصنع، فيغدو في حياته العامة مع الناس مُرتديا قناعا من الورع والتقوى، فإذا اختلى بنفسه أو انصرف لحياته الخاصة خَلَع هذا القناع أو سقط عنه، وأبان عن وجه آخر من التعدي على حدود الله وانتهاك حرماته.
أما على مستوى المجتمع، فإن ذلك التسامي المتصنع بارتداء ثوب العصمة يؤدي إلى فتنتين:
أولاهما: صد الناس عن سبيل الله، من حيث الظن بأن طريق الالتزام والتدين هذا هو طريق لا يستطيع أن يسلكه إلا أناس لهم قدرات وميزات خاصة تختلف عن باقي البشر، إذ يتكرس في أذهانهم أن التدين رهبنة واعتزال وتخل عن كل مُتع الحياة، وليس كل الناس يستطيعون ذلك بالطبع، فتفقد الدعوة بذلك نتاجا وفيرا، ونكون بذلك سببا في صدهم عن سبيل الله بغرس هذا المفهوم بداخلهم.
ثانيهما: الشك وفقد الثقة في التدين ذاته، اللذان يحدثان عندما يرى أفراد المجتمع أحدا ممن افترضوا فيهم العصمة وهو على خطأ ما أو معصية ما، ومَنْ منا لا يخطئ، ومَنْ مِنا لا يعصي؟!!.
والحل الوحيد الذي أراه للخروج من هذه الأزمة أن نعيش كما خلقنا الله عز وجل، وكما أراد لنا، بشرا، لا ملائكة، وكما كان صاحب الدعوة الأول وأول حامل للوائها محمد صلى الله عليه وسلم الذي كانت بشريته وإنسانيته من أخص ما يميزه، "هل كنتُ إلا بشرا رسولا"، "قل إنما أنا بشر مثلكم".
هكذا كان صلى الله عليه وسلم، وهكذا علم أصحابه أن يعيشوا حياتهم الطبيعية على سجيتهم وسط الناس، دون تكلف أو تمثيل أو تصنع، يقفون عند حدود الله ولا ينتهكون حرماته، ويحترمون شعائره وشرائعه، ولكنهم يختلطون بالناس ويبتسمون ويضحكون ويداعب بعضهم البعض، ولا يلغون الخطأ من قواميسهم ادعاء للعصمة، وإذا أخطئوا لا يجلدون ذواتهم، ولا يفقدون الثقة في أنفسهم وفي ربهم، بل يسارعون بالتوبة والاستغفار أيا كان الخطأ صغيرا أو كبيرا.
مقالة للداعية تهاني علي
سامحونا على الإطالة :)
ابتدع بعض أتباع الديانات المغايرة للإسلام مصطلحات وألقابا كهنوتية يخلعونها على علمائهم وكُهانهم، تعلي هذه الألقاب من شأن حامليها، وتميزهم عن باقي البشر، بل عن باقي أبناء دينهم أنفسهم، وتضعهم في مصاف تقارب الأنبياء، وربما تفوقها أحيانا في اعتقادهم!!.
ثم جاء الإسلام بعدله ومساواته ليسوي بين المؤمنين عامة بقوله: "إنما المؤمنون إخوة"، بل يسوي بين الناس كلهم بقوله: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا"، وجعل سبحانه وتعالى ميزان التفاضل الوحيد بين البشر هو تقواه عز وجل، حيث قال في تتمة الآية السابقة: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم".
ولكن يبدو أنه بطول الأمد على المسلمين، فعلوا ما أخبر صلى الله عليه وسلم أنهم سيفعلونه، فاتبعوا سَنَن من كان قبلهم، وجاء بعض مسلمي هذا الزمن وأخذوا يخلعون على أنفسهم وعلى بعضهم البعض ألقابا هي في ذاتها -أو في أصلها- لا تشي بشيء سلبي، ولكنها مع الوقت اكتسبت ما يمكن أن نسميه "قداسة وسموا"؛ مما جعل هذا الألقاب - عند البعض- تهب صاحبها العصمة من الخطأ، وتمنحه التميز عن سائر البشر. من هذه الألقاب الأكثر شيوعا: (أخ، أخت، ملتزم, مطوع , شيخ ,...).
وذاك الطرح له خطر عظيم على الفرد وعلى المجتمع، فهو يدفع الفرد إلى ضَرْب من التسامي الكاذب في بعض الأحيان، فيظن أنه لا يجوز له أن يخطئ أبدا، وإذا أخطأ فتلك هي الآزفة التي ليس لها كاشفة، وقد يدفعه ذلك بدوره إلى ضَرب آخر من ضروب النفاق والتصنع، فيغدو في حياته العامة مع الناس مُرتديا قناعا من الورع والتقوى، فإذا اختلى بنفسه أو انصرف لحياته الخاصة خَلَع هذا القناع أو سقط عنه، وأبان عن وجه آخر من التعدي على حدود الله وانتهاك حرماته.
أما على مستوى المجتمع، فإن ذلك التسامي المتصنع بارتداء ثوب العصمة يؤدي إلى فتنتين:
أولاهما: صد الناس عن سبيل الله، من حيث الظن بأن طريق الالتزام والتدين هذا هو طريق لا يستطيع أن يسلكه إلا أناس لهم قدرات وميزات خاصة تختلف عن باقي البشر، إذ يتكرس في أذهانهم أن التدين رهبنة واعتزال وتخل عن كل مُتع الحياة، وليس كل الناس يستطيعون ذلك بالطبع، فتفقد الدعوة بذلك نتاجا وفيرا، ونكون بذلك سببا في صدهم عن سبيل الله بغرس هذا المفهوم بداخلهم.
ثانيهما: الشك وفقد الثقة في التدين ذاته، اللذان يحدثان عندما يرى أفراد المجتمع أحدا ممن افترضوا فيهم العصمة وهو على خطأ ما أو معصية ما، ومَنْ منا لا يخطئ، ومَنْ مِنا لا يعصي؟!!.
والحل الوحيد الذي أراه للخروج من هذه الأزمة أن نعيش كما خلقنا الله عز وجل، وكما أراد لنا، بشرا، لا ملائكة، وكما كان صاحب الدعوة الأول وأول حامل للوائها محمد صلى الله عليه وسلم الذي كانت بشريته وإنسانيته من أخص ما يميزه، "هل كنتُ إلا بشرا رسولا"، "قل إنما أنا بشر مثلكم".
هكذا كان صلى الله عليه وسلم، وهكذا علم أصحابه أن يعيشوا حياتهم الطبيعية على سجيتهم وسط الناس، دون تكلف أو تمثيل أو تصنع، يقفون عند حدود الله ولا ينتهكون حرماته، ويحترمون شعائره وشرائعه، ولكنهم يختلطون بالناس ويبتسمون ويضحكون ويداعب بعضهم البعض، ولا يلغون الخطأ من قواميسهم ادعاء للعصمة، وإذا أخطئوا لا يجلدون ذواتهم، ولا يفقدون الثقة في أنفسهم وفي ربهم، بل يسارعون بالتوبة والاستغفار أيا كان الخطأ صغيرا أو كبيرا.
مقالة للداعية تهاني علي
سامحونا على الإطالة :)