بنت الشيبه
08-07-2005, 11:48 AM
(رسالة في الأسماء والصفات)
لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
بعد البسملة والحمد لله:
الذي نعتقده وندين الله به، هو مذهب سلف الأمة وأئمتها من الصحابة والتابعين والتابعين لهم بإحسان من الأئمة الأربعة وأصاحبهم رضي الله عنهم.
وهو الإيمان بآيات الصفات وأحاديثها، والإقرار بها، وإمرارها كما جاءت من غير تشبيه ولا تمثيل، ولا تعطيل، قال الله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا}[ سورة النساء آية: 115].
وقدر الله لأصحاب نبيه، ومن تبعهم بإحسان، الإيمان، فعُلِم قطعاً أنهم المراد بالآية الكريمة، قال الله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ} [ سورة التوبة آية: 100] ، وقال الله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [ سورة الفتح آية: 18].
فثبت بالكتاب أن من اتبع سبيلهم فهو على الحق، ومن خالفهم فهو على الباطل، فمن سبيلهم في الاعتقاد: الإيمان بصفات الله وأسمائه التي وصف بها نفسه، وسمى بها نفسه في كتابه وتنـزيله، أو على لسان رسوله عليه الصلاة والسلام من غير زيادة عليها ولا نقصان منها، ولا تجاوز لها، ولا تفسير ولا تأويل لها، بما يخالف ظاهرها ولا تشبه بصفات المخلوقين، بل أمروها كما جاءت، وردوا علمها إلى قائلها ومعناها إلى المتكلم بها(1)، وأخذ ذلك الأخر عن الأول، ووصى بعضهم بعضاً بحسن الإتباع، وحذرونا عن إتباع طريق أهل البدع والاختلاف الذين قال الله فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [ سورة الأنعام آية: 159] ، وقال:{وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ][ سورة آل عمران آية: 105].
والدليل على أن مذهبهم ما ذكرنا أنهم نقلوا إلينا القرآن العظيم، وأخبار رسول الله عليه الصلاة والسلام، نقل مصدق لها، مؤمن بها، قابل لها، غير مرتاب فيها، ولا شاك في صدق قائلها، ولم يؤولوا ما يتعلق بالصفات منها، ولم يشبهوا بصفات المخلوقين، إذ لو فعلوا شيئاً من ذلك لنقل عنهم، بل زجروا من سأل عن المتشابه وبالغوا في كفّه تارة بالقول العنيف، وتارة بالضرب(2).
ولما سئل مالك رحمه الله عن الاستواء، أجاب بمقالته المشهورة، وأمر بإخراج الرجل.
وهذا الجواب من مالك في الاستواء شاف كاف في جميع الصفات، مثل النـزول والمجيء واليد والوجه، وغيرها.
فيقال في النـزول: النـزول معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وهكذا يقال في سائر الصفات، إذ هي بمثابة الاستواء الوارد به الكتاب والسنة.
وثبت عن الربيع بن سليمان قال: سألت الشافعي رضي الله عنه عن صفات الله تعالى، فقال: حرام على العقول أن تمثل الله، وعلى الأوهام أن تحُدّه، وعلى الظنون أن تقطع وعلى النفوس أن تفكر، وعلى الضمائر أن تتعمق، وعلى الخواطر أن تحيط، وعلى العقول أن تعقل، إلا ما وصف به نفسه على لسان نبيه عليه الصلاة والسلام اهـ.
وثب عن إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني أنه قال: إن أصحاب الحديث المتمسكين بالكتاب والسنة يصفون ربهم بصفاته التي نطق بها كتابه وتنـزيله، وشهد له بها رسوله صلّى الله عليه وسلّم على ما وردت به الأخبار الصحاح، ونقلته العدول الثقات، ولا يعتقدون بها تشبيها بصفات خلقه، ولا يكيفونها تكييف المشبهة، ولا يحرفون الكلم عن مواضعه تحريف المعتزلة والجهمية.
وقد أعاذ الله أهل السنة من التحريف والتكييف، ومنّ عليهم بالتفهيم والتعريف، حتى سلكوا سبيل التوحيد والتنـزيه، وتركوا القول بالتعطيل والتشبيه، واكتفوا في نفي النقائص بقوله عز وجل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}[COLOR] [ سورة الشورى آية: 11] ، وبقوله: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [ سورة الإخلاص: 3-4].
وثبت عن الحميدي شيخ البخاري وغيره من أئمة الحديث أنه قال: "أصول السنة: فذكر منها أشياء وقال: ما نطق به القرآن والحديث، مثل: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء} [ سورة المائدة آية: 64] ، ومثل: {وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [ سورة الزمر آية: 67] ، وما أشبه هذا من القرآن والحديث، لا نرده ولا نفسره، ونقف على ما وقف عليه القرآن والسنة.
ونقول: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} . ومن زعم غير هذا فهو جهمي.
فمذهب السلف - رحمة الله عليهم - إثبات الصفات، وإجراؤها على ظاهرها ونفي الكيفية عنها، لأن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، كما أن إثبات الذات إثبات وجود لا إثبات كيفية، ولا تشبيه، فكذلك الصفات، وعلى هذا مضى السلف كلهم.
ولو ذهبنا نذكر كل ما اطلعنا عليه من كلام السلف في ذلك لطال الكلام جداً، فمن كان قصده الحق، وإظهار الصواب اكتفى بما قدمناه. ومن كان قصده الجدال والقيل والقال، لم يزده التطويل إلى الخروج عن سواء السبيل والله الموفق اهـ.
نقلتها عن الشيخ العلامة محمد الجامي رحمه الله
والتعليقات هي للشيخ أمان رحمه الله
............................
(1): أي علم كيفيتها وكنهها: أما معناها اللغوي فمعروف من الوضع العربي للكلمة فمعاني الصفات معروفة، وإنما التفويض في الكيفية والكنه هذا الذي عليه سلف الأمة قديماً وحديثاً
(2): إشارة ما فعله عمر بن الخطاب حين ضرب صبيغ بن عسيل الذي كان قد شغل الناس بالسؤال عن المتاشابه مثل فواتح بعض السور، ثم نفاه إلى البصرة ونهي الناس عن مجالسته (صون المنطق للسيوطي).
المصدر / منتديات البرق السلفية
أختكمـ:kakashi0
لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
بعد البسملة والحمد لله:
الذي نعتقده وندين الله به، هو مذهب سلف الأمة وأئمتها من الصحابة والتابعين والتابعين لهم بإحسان من الأئمة الأربعة وأصاحبهم رضي الله عنهم.
وهو الإيمان بآيات الصفات وأحاديثها، والإقرار بها، وإمرارها كما جاءت من غير تشبيه ولا تمثيل، ولا تعطيل، قال الله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا}[ سورة النساء آية: 115].
وقدر الله لأصحاب نبيه، ومن تبعهم بإحسان، الإيمان، فعُلِم قطعاً أنهم المراد بالآية الكريمة، قال الله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ} [ سورة التوبة آية: 100] ، وقال الله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [ سورة الفتح آية: 18].
فثبت بالكتاب أن من اتبع سبيلهم فهو على الحق، ومن خالفهم فهو على الباطل، فمن سبيلهم في الاعتقاد: الإيمان بصفات الله وأسمائه التي وصف بها نفسه، وسمى بها نفسه في كتابه وتنـزيله، أو على لسان رسوله عليه الصلاة والسلام من غير زيادة عليها ولا نقصان منها، ولا تجاوز لها، ولا تفسير ولا تأويل لها، بما يخالف ظاهرها ولا تشبه بصفات المخلوقين، بل أمروها كما جاءت، وردوا علمها إلى قائلها ومعناها إلى المتكلم بها(1)، وأخذ ذلك الأخر عن الأول، ووصى بعضهم بعضاً بحسن الإتباع، وحذرونا عن إتباع طريق أهل البدع والاختلاف الذين قال الله فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [ سورة الأنعام آية: 159] ، وقال:{وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ][ سورة آل عمران آية: 105].
والدليل على أن مذهبهم ما ذكرنا أنهم نقلوا إلينا القرآن العظيم، وأخبار رسول الله عليه الصلاة والسلام، نقل مصدق لها، مؤمن بها، قابل لها، غير مرتاب فيها، ولا شاك في صدق قائلها، ولم يؤولوا ما يتعلق بالصفات منها، ولم يشبهوا بصفات المخلوقين، إذ لو فعلوا شيئاً من ذلك لنقل عنهم، بل زجروا من سأل عن المتشابه وبالغوا في كفّه تارة بالقول العنيف، وتارة بالضرب(2).
ولما سئل مالك رحمه الله عن الاستواء، أجاب بمقالته المشهورة، وأمر بإخراج الرجل.
وهذا الجواب من مالك في الاستواء شاف كاف في جميع الصفات، مثل النـزول والمجيء واليد والوجه، وغيرها.
فيقال في النـزول: النـزول معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وهكذا يقال في سائر الصفات، إذ هي بمثابة الاستواء الوارد به الكتاب والسنة.
وثبت عن الربيع بن سليمان قال: سألت الشافعي رضي الله عنه عن صفات الله تعالى، فقال: حرام على العقول أن تمثل الله، وعلى الأوهام أن تحُدّه، وعلى الظنون أن تقطع وعلى النفوس أن تفكر، وعلى الضمائر أن تتعمق، وعلى الخواطر أن تحيط، وعلى العقول أن تعقل، إلا ما وصف به نفسه على لسان نبيه عليه الصلاة والسلام اهـ.
وثب عن إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني أنه قال: إن أصحاب الحديث المتمسكين بالكتاب والسنة يصفون ربهم بصفاته التي نطق بها كتابه وتنـزيله، وشهد له بها رسوله صلّى الله عليه وسلّم على ما وردت به الأخبار الصحاح، ونقلته العدول الثقات، ولا يعتقدون بها تشبيها بصفات خلقه، ولا يكيفونها تكييف المشبهة، ولا يحرفون الكلم عن مواضعه تحريف المعتزلة والجهمية.
وقد أعاذ الله أهل السنة من التحريف والتكييف، ومنّ عليهم بالتفهيم والتعريف، حتى سلكوا سبيل التوحيد والتنـزيه، وتركوا القول بالتعطيل والتشبيه، واكتفوا في نفي النقائص بقوله عز وجل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}[COLOR] [ سورة الشورى آية: 11] ، وبقوله: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [ سورة الإخلاص: 3-4].
وثبت عن الحميدي شيخ البخاري وغيره من أئمة الحديث أنه قال: "أصول السنة: فذكر منها أشياء وقال: ما نطق به القرآن والحديث، مثل: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء} [ سورة المائدة آية: 64] ، ومثل: {وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [ سورة الزمر آية: 67] ، وما أشبه هذا من القرآن والحديث، لا نرده ولا نفسره، ونقف على ما وقف عليه القرآن والسنة.
ونقول: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} . ومن زعم غير هذا فهو جهمي.
فمذهب السلف - رحمة الله عليهم - إثبات الصفات، وإجراؤها على ظاهرها ونفي الكيفية عنها، لأن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، كما أن إثبات الذات إثبات وجود لا إثبات كيفية، ولا تشبيه، فكذلك الصفات، وعلى هذا مضى السلف كلهم.
ولو ذهبنا نذكر كل ما اطلعنا عليه من كلام السلف في ذلك لطال الكلام جداً، فمن كان قصده الحق، وإظهار الصواب اكتفى بما قدمناه. ومن كان قصده الجدال والقيل والقال، لم يزده التطويل إلى الخروج عن سواء السبيل والله الموفق اهـ.
نقلتها عن الشيخ العلامة محمد الجامي رحمه الله
والتعليقات هي للشيخ أمان رحمه الله
............................
(1): أي علم كيفيتها وكنهها: أما معناها اللغوي فمعروف من الوضع العربي للكلمة فمعاني الصفات معروفة، وإنما التفويض في الكيفية والكنه هذا الذي عليه سلف الأمة قديماً وحديثاً
(2): إشارة ما فعله عمر بن الخطاب حين ضرب صبيغ بن عسيل الذي كان قد شغل الناس بالسؤال عن المتاشابه مثل فواتح بعض السور، ثم نفاه إلى البصرة ونهي الناس عن مجالسته (صون المنطق للسيوطي).
المصدر / منتديات البرق السلفية
أختكمـ:kakashi0