فراس القومي
09-07-2005, 12:00 AM
مقهى
أذكر عندما كنت مع رفاقي أو الشلة أضحك رامياً ورائي كل شيء حتى أولادي و أسرتي متناسياً أنني متزوج ذو ثلاثة أطفال وامرأة يفتحون فمهم إلى السماء .
في تلك اللحظة كنت أضحك عندما رميت تلك الطرفة في الهواء ... أضحك بصوت مرتفع .. ثم نردد أغنية شبابية .
اتفقنا أخيراً أنا ورفاقي على الذهاب إلى مقهى ( أبو عملة ) نريد أن ننفث ( الأرجيلة ) ونلعب ( برتية شدة )
ولا أخفي عليكم أنني عندما أسمع بهاذين الشيئين أنسى كل شيء حتى إنسانيتي .
دخلنا .. وجلسنا في وسط المكان نلعب وننفث ونضحك .
صوت قادم من الطاولة المجاورة :
- (( أف .. هي عيشة ... قطعة خبز لا يوجد عندنا في الثلاجة شو هالبلد يا )) .
لم أتمالك نفسي أبداً...رميت خرطوم الأرجيلة وصرخت :
- ( أوعك ) ... ولا كلمة .. هذه البلد التي تعيش فيها ليست بلدك وحدك بل هي لنا كلنا ... وبدلاً من الكلام الذي ليس له طعمة .. تحدث عن أشاء تفيد سمعة الوطن .
- هذا الذي ناقص .. يأتي إلى هنا يبيض علينا وطنيات .
بعدما قالها انصعقت بشدة ... ركضت نحوه .. هو قام مسرعاً وأضرمت المعركة .
أصبح انقسام في المقهى بين( يمين دستوري) و(يساري معارض)
وبدأ رشق العبوات المياه وخراطيم الأراجيل والكراسي ...
رفاقي وجدوا أن المعركة ليست لصالحهم وأرادوا الفرار وسحبوني من تحت أقدام ذلك الرجل قبل أن أموت .
ثم رموني أمام بيتي في الحارة ... بدأت أتلمس الباب وقد كان الوقت ليلا عندما وصلت قرعت الباب ففتحت لي زوجتي وزعقت ثلاث زعقات :
- ما بك يا رجَّالْ .. ذهبت بحال جيدة وما هذا الدم الذي يسيل من فمك ؟ لا تقل لي أن تشاجرت من أجل وطنياتك التي لا تطعمنا الخبز حتى !
- يا مرة .. كم قلت لك أنك جاهلة أدخلي وأكملي نومك قبل أن يستيقظ الأولاد هيا ... قومي .
- حاضر .. أمرك ... أصلاً هكذا أنتم الرجال دائما .
ثم قمت وغسلت وجهي عدة مرات بالماء عله يلتئم الجرح ... شعرت بعدها بالجوع وذهبت أفتش عن طعام هنا ... هناك .. تحت الطاولة ... لم أجد طعاما
فقلت في نفسي ليس لدي خيار سوى الأوراق والقصائد التي أكتبها أمتدح بها المسؤولين .
بدأت أمسك كل ورقة أعجنها جيدا مع أخرى ثم ألوكها
وعندما أردت بلعها لم أستطع وعلقت في حلقومي
ضربت بيدي على الأرض .. ذرفت عيناي .. عرق وجهي ... كدت أختنق
زوجتي سمعت صوتي وأسرعت إلي وهي تقول :
- شبك يا رجَّالْ .. تركتك بحال جيدة قبل أن أنام
لا تقل أنك فعلتها كعادتك .. أصلاً هكذا أنتم دوماً .
فراس القومي
---------------------------------
إن أجمل أثوابك قد نُسج في نول ذاتك الأخرى
وأطيب مآكلك تتناولها على مائدة ذاتك الأخرى
وأفضل سرير لراحتك هو في بيت ذاتك الأخرى
فقل لي بربك كيف تستطيع أن تفصل نفسك عن ذاتك الأخرى ؟
جبران خليل جبران
أذكر عندما كنت مع رفاقي أو الشلة أضحك رامياً ورائي كل شيء حتى أولادي و أسرتي متناسياً أنني متزوج ذو ثلاثة أطفال وامرأة يفتحون فمهم إلى السماء .
في تلك اللحظة كنت أضحك عندما رميت تلك الطرفة في الهواء ... أضحك بصوت مرتفع .. ثم نردد أغنية شبابية .
اتفقنا أخيراً أنا ورفاقي على الذهاب إلى مقهى ( أبو عملة ) نريد أن ننفث ( الأرجيلة ) ونلعب ( برتية شدة )
ولا أخفي عليكم أنني عندما أسمع بهاذين الشيئين أنسى كل شيء حتى إنسانيتي .
دخلنا .. وجلسنا في وسط المكان نلعب وننفث ونضحك .
صوت قادم من الطاولة المجاورة :
- (( أف .. هي عيشة ... قطعة خبز لا يوجد عندنا في الثلاجة شو هالبلد يا )) .
لم أتمالك نفسي أبداً...رميت خرطوم الأرجيلة وصرخت :
- ( أوعك ) ... ولا كلمة .. هذه البلد التي تعيش فيها ليست بلدك وحدك بل هي لنا كلنا ... وبدلاً من الكلام الذي ليس له طعمة .. تحدث عن أشاء تفيد سمعة الوطن .
- هذا الذي ناقص .. يأتي إلى هنا يبيض علينا وطنيات .
بعدما قالها انصعقت بشدة ... ركضت نحوه .. هو قام مسرعاً وأضرمت المعركة .
أصبح انقسام في المقهى بين( يمين دستوري) و(يساري معارض)
وبدأ رشق العبوات المياه وخراطيم الأراجيل والكراسي ...
رفاقي وجدوا أن المعركة ليست لصالحهم وأرادوا الفرار وسحبوني من تحت أقدام ذلك الرجل قبل أن أموت .
ثم رموني أمام بيتي في الحارة ... بدأت أتلمس الباب وقد كان الوقت ليلا عندما وصلت قرعت الباب ففتحت لي زوجتي وزعقت ثلاث زعقات :
- ما بك يا رجَّالْ .. ذهبت بحال جيدة وما هذا الدم الذي يسيل من فمك ؟ لا تقل لي أن تشاجرت من أجل وطنياتك التي لا تطعمنا الخبز حتى !
- يا مرة .. كم قلت لك أنك جاهلة أدخلي وأكملي نومك قبل أن يستيقظ الأولاد هيا ... قومي .
- حاضر .. أمرك ... أصلاً هكذا أنتم الرجال دائما .
ثم قمت وغسلت وجهي عدة مرات بالماء عله يلتئم الجرح ... شعرت بعدها بالجوع وذهبت أفتش عن طعام هنا ... هناك .. تحت الطاولة ... لم أجد طعاما
فقلت في نفسي ليس لدي خيار سوى الأوراق والقصائد التي أكتبها أمتدح بها المسؤولين .
بدأت أمسك كل ورقة أعجنها جيدا مع أخرى ثم ألوكها
وعندما أردت بلعها لم أستطع وعلقت في حلقومي
ضربت بيدي على الأرض .. ذرفت عيناي .. عرق وجهي ... كدت أختنق
زوجتي سمعت صوتي وأسرعت إلي وهي تقول :
- شبك يا رجَّالْ .. تركتك بحال جيدة قبل أن أنام
لا تقل أنك فعلتها كعادتك .. أصلاً هكذا أنتم دوماً .
فراس القومي
---------------------------------
إن أجمل أثوابك قد نُسج في نول ذاتك الأخرى
وأطيب مآكلك تتناولها على مائدة ذاتك الأخرى
وأفضل سرير لراحتك هو في بيت ذاتك الأخرى
فقل لي بربك كيف تستطيع أن تفصل نفسك عن ذاتك الأخرى ؟
جبران خليل جبران