المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إباع الشباب : أحلامي للشاعر منصور سعد السرهيد - الكويت، د.عبد الكريم محمد حسين



الناقد العربي
12-07-2005, 06:22 AM
إبداع الشباب


أحلامي للشاعر منصور سعد السرهيد – الكويت

قدم إلى مكتبي بقسم اللغة العربية فتى رزين المحيا، قوي الفكرة، حسن البيان، فقال: أنا يا أستاذي طالب من طلابك، وعندي ديوانية للأدب العربي، وقد قوي عزم الشباب على أن تكون ضيفها في الأسبوع القادم، فإن لم تستطع، فلك أن تحدد الوقت المناسب، ونحن بانتظارك، وكان ذلك يوم: 22/ 5/ 1999م.

وأردف دعوته الكريمة بديوان شعر أحبُّ إليَّ من حمر النعم، فقلبت الأوراق، وعظمت بعيني كلماته في الحياة وفي الديوان، غير أن الرحلة كانت في خواتيمها، وكانت نوازع الحنين إلى الوطن ( سورية العزيزة) تقتات فؤادي، وتوهن بالشوق عظمي.. فتلقيت ديوانه بيد الشكر، وبشرته أنه شاعر لأول قراءة ولمحة هناك، فهل تجدون في مجموعته الشعرية ما وجدت، وإليكم صورة الديوان من غلافه الداخلي:

شعر منصور سعد السرهيد


أحلامي

الكويت – دار قرطاس، ط1، 1999م

في المجموعة ستة وعشرون نصاً شعرياً مبنياً على التفعيلة ، وموزوناً ، وأحياناً مقفى، و النصوص تحمل أجنحة البشرى، وتطرب متلقيها بفضاء شعري رحباً في معانيه، وجيزاً في صياغته ومبانيه، كأنه مسافر يجمع حقائبه على صدى أغانيه، فيلتفت مرة إلى حاضره، وأخرى إلى مستقبله، وثالثة إلى ماضيه، وتظل أحلامه دوماً تناغيه، فكأنها ببعدها وقربها دوماً تناجيه، وحسبك أن في هذه المجموعة قوله:


مـــا بــــالُ مَـــيَّـــةَ لَـــمْ تَـــنْـــزِلْ بـِــوَاديــنا


وَلَــمْ تَصِـــلـــنا وكـــــانَ الــوَصْلُ يـَـــكــفــينا

ألــم تَــــرَ الحـُــبَّ فـــي عَــيــنيْ أخي وَلـَـــهٍٍ

فَـــأَعْــرَضَتْ جــانــبــاً عَـــنَّــا لِــتُــرْدِيــنــا

كَــــأنَّـــمــا (( مَــيُّ )) لَـــمْ تَــلْمَــسْ جوانحنا

وَلَــمْ تُـحِـــسَّ بــنــارِ الشَّـــوقِ تَـــكويـــنــا


إن القلب يرقص طرباً لطرب الفتى منصور، وإن العقل يعجب بهذا الوعي اللغوي، إذ قال: ( ولم تصلنا وكان الوصل يكفينا ) فجعل الفعل وصل متعدياً إلى الضمير، ولم يقل: لم يصل إلينا؛ لأن ذلك من الوصول[ بلوغ الغاية المحسة ] لا من الوصل، فالقلب ( العقل ) يطاول فضاء علم الفتى بلغة العرب، وبمقدار هذا الإعجاب أود له لو عاد الفعل ( حس أو أحس ) في العربية وتبصر بتصاريفه في حال جزمه، ولو قال: ولم تُــدِلَّ بنار الشوق...) كان أحسن، على أن هذا الوجه سيغير توجه المعاني ، وسيجعل معنى البخل لصيقاً بها، ويجعل الاكتواء بنار الشوق جزءاً من أحلام الفتى، ويجعلها تكويه ببخلها......الخ

وفي القصيد تناص بمجمل شعر ذي الرمة متغزلاً بمي، وفي قافيتها حنين إلى نونية ابن زيدون: / أضحى التنائي بديلاً من تدانينا*وناب عن طيب لقيانا تجافينا ) فهو مرة يعارض بأشعاره شعر ذي الرمة، وأخرى يعارض قافية ابن زيدون ويركب بحره البسيط، وهو من ملوك الشعر..فالمجموعة بشرى بشعر أظنه الآن استوى على الجودي، وأرخى ذوائب الشعر متدلية على تجاربه الشعورية في الحياة، وأطلق أشرعة سفن الحياة للرياح التي جعلها الله بشرى بين يدي رحمته، فبورك شعرك يا منصور، ودمت ودامت ديوانية الأدب والشعر في بيتك يا ولدي. أكتب إليك وعنك، وأنا في الشام خالياً من مظنة نفاق الوافدين، وحراً من قيود الضيافة العربية في بلاد العرب في الكويت، وما منعني من زيارتك سوى خشيتي من اتهامي بالمجاملة أو المحاباة، وأنا ابن قاض من قضاة البدو.