تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قصة حلوه فيها عبره



abdullatief
15-07-2005, 09:08 PM
لقد وهب الله الإنسان قوة وإرادة وقدرة على التحدي كامنة في جسده، فعطاء الإنسان للبشرية وقدرته على هذه الاكتشافات والاختراعات دليل على ذلك ولا يتم ذلك إلا عندما يستنفر الإنسان قوة التحدي التي وهبها الله له.

وبين أيدينا هذه القصة خير دليل على ذلك وهي لطبيب عربي قضى في السجون بضع سنين وذلك بسبب حيازته وتعاطيه المخدرات وهو يظن أنه لا يقدر على مفارقتها أو لا يقدر على أن يعيش بدونها، ولكنه عندما جلس جلسة تفكر مع نفسه وتذكر طفولته عندما كان لاجئاً مع عشرات اللاجئين في أغوار الأردن حيث كانوا يشاركوا بعضهم البعض في الطعام حتى أنهم كانوا يقتسمون كسرة الخبز، كما كانوا يحلمون بالعودة إلى بيوتهم مرة أخرى، وكانت كلمات والد هذا الطبيب التي أوصاه بها قبل أن يموت تتردد في أذنيه دائماً وهي: إذا عدت .. فلا تترك دارك أبداً .. دعهم يقتلونك داخلها .. ولا تتركها أبدا. ومن حينها ترك مخيم الأغوار – في الأردن – واتجه إلى العاصمة عمان حيث سفح أحد جبال العاصمة الأردنية التي كانت يبيت فيها.

وقرر صاحبنا تحدي نفسه والتغلب عليها وعلى الظروف الصعبة رغم صغر سنه، ولكن كيف التحدي؟ ...

فحتى ينجح التحدى لابد أن يضع الإنسان لنفسه هدفاً يسعى لتحقيقه ويبحث عن الوسائل المناسبة التي تساعده لبلوغ هذا الهدف.

فنظر صاحبنا من حوله فقرر أن يكون إنساناً بارزاً لكي تسمع كلمته من قبل الناس، فوجد أن الناس يسمعون للعلماء فقرر أن يتفوق في دراسته حتى يصبح عالماً إذا تلكم سُمع له.

وبدأ رحلته التي تطلبت منه تضحيات كبيرة والتزام وتعب ونصب لأن كل هدف صعوباته ولا يبلغ الإنسان ما يريد إلا بمنازلة الصعاب.


لا تحسبن المجد تمراً أنت آكله ... لن تنال المجد حتى تلعق الصبرا

ولذلك كان يوم صاحبنا مشغولا حيث كان يستيقظ مبكراً لكي يصلي الصبح في جماعة وقبل أن تشرق الشمس ثم يذهب إلى عمله الذي يناسب سنه حيث كان يجمع الزجاجات الفارغة ويبيعها لكي يسعدها ثمنها على إكمال دراسته وأن يعيش منها.

ثم حصل صاحبنا على الثانوية بمشقة عظيمة ولكنه حلو هذا العمل أنساه مرارة التعب، وأصبحت أمامه فترة قادمة صعبة المنال تتمثل في الجامعة حيث أنه لا مال له يساعده على أن يدخلها وكان حلمه كلية الطب، فبعث برسالة إلى السيد ياسر عرفات شرح له فيها حالة فنالت القبول ووجد لنفسه مكاناًً في كلية الطب بجامعة القاهرة والتي أحبها حبا شديداً رغم ازدحامها المخيف وقسوتها وفقرها ولكن حبه لها جعل من ازدحامها مكاناً رحبا ومن قسوتها جمالاً وحنانا، ومن فقرها غنى يتمثل في أهلها الذين يتصفون بطيبة القلب فقرر البقاء بها حتى الموت.

ولكن ليست هي النهاية بل إن شئت قل إنها بداية مرحلة جديدة فبدأ الكفاح من جديد حتى يوفر لنفسه ما يساعده على إكمال دراسته وتدبير مصروفاته الخاصة ، فهو لن يعيش عيلة على أحد.

ورغم أن صاحبنا رجل يكابد الحياة فهو مع ذلك يذاكر بجدية ملفتة للنظر حتى يتفوق ويصل إلى هدفه الذي لمن ينساه، فأصبح طبيباً متفوقا، ووجد لنفسه مكاناً بين أطباء مصر رغم فائض العمالة المتخمة في مصر، وأراد أن يعف نفسه فتزوج من فتاة هي من بلده تعيش في مصر أيضا.

وبعد زواجه لم يتوقف حلم صاحبنا عند هذا الحد بل أراد أن يكمل دراسته ويحصل على الدكتوراه في الطب من الولايات المتحدة الأمريكية ولكن هذا يحتاج إلى أموال كثيرة ولكن يمكن له أن يوفرها في القاهرة، ففكر في الذهاب إلى أي دولة من دول الخليج لكي يعمل بها ولكن لم يحالفه الحظ، فذهب إلى الأردن ومن هناك سافر إلى دولة عربية خليجية بطريقة غير مشروعة حتى يتحصل على الأموال التي تساعده على إكمال دراسته وبالفعل حصل على ما يريد، وكان قد أتى بزوجته على إلى الدولة العربية فأعادها إلى القاهرة حيث والدها وسافر هو إلى الولايات المتحدة الأمريكية حتى يكمل دراسته، وهناك قد تعرف على صديق أمريكي معه في الكلية وكان هذا هو صديق السوء الذي جره إلى طريق الانحراف؛ تبدأ قصته معه عندما كان يذهب صاحبنا إلى الكلية مرهقا متعباً وكان يظهر عليه هذا التعب والإرهاق فأعطاه هذا الصديق حبوباً بيضا مهدئة – ولا أدري إذا أخذ الطبيب حبوباً وانخدع بها فكيف بالإنسان العادي – وبدأ يتعود صاحبنا على هذه الحبوب حيث كان لا يستطيع النوم بدونها وعندما بحث عن أصل هذه الحبوب وجدها حبوباً سامة مستحضر من نبات "الشليم"، ويطلق عليها حبوب الهلوسة وأن سبب بلاء هو عالم كيميائي ألماني اسمه "هوفمان" حيث كان يأتي من عمله مرهقا متعباً فقام بدراسة أحضر من خلالها هذا العقار وكان يأخذه على شكل حقن تشعره بالسعادة ونسيان الإرهاق ويغط في نوم عميق.

ويظل المدمن مع هذا العقار اللعين وإن لم يتوقف عنه يكون مصيره إما أن ينتحر وإما أن يموت فاختر لنفسك ميتة إن كنت ممن يأخذون هذا العقار (الهلوسة)، وشعر صاحبنا بالرعب عندما عرف هذا عن العقار وقرر أن يترك تناول هذا العقار اللعين ولكن إنها الغفلة التي تسقط الآمال والنسيان الذي ربما يضيع الإنسان، فلم يستطع أن يترك تناوله وبدلا من أن يعاتب صديقه طلب منه المزيد وكانت نتيجة ذلك أنه لم يكمل دراسته ولم يحصل على الدكتوراه التي يريد وعانى الكثير من أجلها، وكان ذلك لبعده عن الله وبعده عن مصاحبة الصالحين والانقياد وراء الأماني الفارغة ففي لحظة تذكر عندما كان يصلي الفجر في جماعة ثم يذهب إلى عمله في جمع الزجاجات الفارعة فعلم أن السعادة الحقيقة كل السعادة هي في القرب من الله والالتجاء إليه لا لغيره والمواظبة على قراءة القرآن


ولست أرى السعادة جمع مال ولكن التقي هو السعيد

وعاد صاحبنا إلى مطار القاهرة فقبل ترابها ولكنه رجل بخفي حنين وهذا ما جنته يداه ولكن وجد زوجته وولده وأخوتها فارتمى في أحضانهم ثم عادوا إلى البيت، وطبعا ما زال تأثير هذا العقار مستمراً معه فصدرت منه تصرفات غريبة لم يعلمها إلا من زوجته، وبعدها اجتمع أفراد أسرة زوجتي حتى يروا في أمري شيئاً ثم عرضوا على أما الطلاق (أي طلاق زوجتي مني) وفي هذا الحالة سوف يبلغون الشرطة عني وإما أن يعالج في إحدى المستشفيات وكانا حلان بالنسبة له حلوهما مر، حيث أنه لو طلق زوجته أبلغوا الشرطة ولو اتجه إلى العلاج لافتضح أمره – وهذا ما سوله له شيطانه – وتظاهر بقبوله الحل الأول، وبدل من أن يسعى معهم في العلاج فكر في فكرة شيطانية وهي أن يجر الآخرين في طريقه حتى يسكتوا عنه ومن يجر إن سوف يجر أقرب الناس إليه وهي زوجته فبدأ يضع لها الهيروين في الطعام حتى تعودت عليه ولكنها لما علمت صاحت في وجهه وخرجت غاضبة إلى بيت أهلها ومن ثم سمع بعيد خروجها جرس الباب يدق وفتح الباب فإذا به والجنود ممسكون به وأودعوه السجن.

وبعد انتهاء خطبة الجمعة في سجنه طلب هذا الطبيب من الشيخ أن يدعوا الله له بالشفاء وأن يدعوه سبحانه وتعالى أو يخرجه من كربه، ثم وجه نصيحة إلى كل الشباب في عالمنا العربي الذين ينخدعون بالمظاهر ويمشون وراء أصحاب السوء دون أدني تفكير، فها هو هذا الطبيب عندما صاحب الأمريكي دون أن يعرف سلوكه وعلم في النهاية أنه إسرائيلي (يهودي) ولم يعلم قول الرسول صلى الله عليه وسلم (ما اختلى يهودي بمسلم إلا وفكر في قتله) فمن منا يريد أن يصبح مثل هذا الطبيب، نعم طبيب ولكن ......






عبد اللطيف عادل العبد الرزاق