المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تـــــــراقـــــص الــحـــيـــــــات



حكيم القبيلة
18-07-2005, 09:34 PM
تراقص الحيات



لقد بدأ يميز بعض الأشياء من حوله و يتمتم ببعض الكلامات التي يسمعها من والديه و أقاربه..،و إستطاع أن يمشي عدة خطوات دون أن يقع ،

ولقد كانت من أكثر الأشياء التي شدت إنتباهه وأثارت إعجابه وجود صندوق صغير موجود في غرفة المعيشة يخرج من واجهته ألوان جذابة و أضواء متباينة ينظر الكبار لهذا الصندوق بإهتمام شديد ويجتمعون حوله بين الحين و الأخر ..،

وفي مرة جلس الطفل بطبعه للتقليد و تطلعه لمعرفة ماذا يفعل الكبار بدأ ينظر إلى واجهة الصندوق محاولا أن يتلقى شيء يفهمه فوجد أناس مثل الذي يرى من حوله ولكن بحجم أصغر وطبيعة مختلفة فإنهم لا يخرجون من هذا الصندوق و عندما حاول الإقتراب منه و لمس شاشته و العبث في أزراره وجد صوتا عاليا من خلفه .،(!!) إذا بأمه توجه إليه الكلام بزعيق شديد يميز بينه كلمة (..لا ...)و قد تعود لهذه اللفظة أنها نهي أو توبيخ على فعل قبيح يأتيه ، فعلم أن هذا الشيء هام لا يمكن له العبث به كألعابه و بدأ يعلم بعد ذلك أن هذا الصندوق مخصص للمشاهدة فقط ..،

وكبر الطفل و تعلم الكلام و بدأ قلبه يتعلق بهذا الصندوق الصغير الذي عرف إسمه بالتلفزيون ..،

وكان يجلس أمامه بالساعات بعدما فهم بعض ما فيه وصارت تشده بعض أفلام الكارتون و أنغام صاخبة أخرى و صور تتحرك لا يفهم عنها الكثيرلكنها تعجبه ،(!!!) لقد وجد بنات يتراقصن كالحيات في لقطات سريعة متتالية فأعجبه شكلهن و حركاتهن الغريبة و مع الوقت عرف طريق الريموت كنترول و أصبح يقلب بين القنوات و يتابع تلك المخلوقات العجيبة التي أحب أن يراى حركاتها و يسمع أصواتها الناعمة و المسلية أيضا ، فأضافها إلى سلسلة محبوباته بين توم & جيري و ميكي ماوس و بطوط وزيزي ..، لكن كان يميزها شيء جديد و مبهر و غريب يجعله يتطلع إلى ما هية الكيان الأنثوي الذي وجده بصورة غريبة و جديدة هذه المرة ...،

صورة تتعمد فيها النساء إظهار مواضع معينة من أجسادهن ، في مناطق كان يعلم عيب كشفها وإثم إظهارها و على ذلك يتعمد هؤلاء النسوة إظهراها و التركيز على تحريكها و التراقص و التباهي بها مع ملاحظته إهتمام الرجال بالنظر إليها و تناول هذا الجسد الجميل سواء باللمس أو التقبيل أو على الأقل النظرات المنبهرة التي توضح له ميل عجيب بين هذا الجنس الناعم و جنس الرجال الذي يرى نفسه ينتمي إليه ..،

فثمت علاقة جديدة بين هاذين الجنسين غير علاقة الأمومة و الأخوة التي لم يكن يعلم غيرها قبل ، فهناك شيء جديد و غريب إكتشفه عن طبيعة هذه العلاقة بين هذين الجنسين المختلفين في هذا الصندوق العجيب .،و مع الوقت بدأ يشعر بميل إلى هذا الجنس الأخر في صورته الجديدة دون إدراك لحقيقة هذه العلاقة و طبيعة المعاملات حولها .،

و تعاقب البلاء عليه عندما بدأ يشعر بهذا الميل في هذا السن المبكر دون أن يستطيع إشباعه أو حتى فهم غايته ..،

فقد شعر بميل إلى زميلته في المدرسة التي كانت مختلطة في هذا السن و يتطلع أيضا إلى النظر إلى مفاتنها كما كان ينظر في التلفاز إلى تلك الحيات التي تتراقص ، لكنه شعر بحرج بسبب صراعه بين الفطرة السليمة و نفسه النقية و هذه الأفعال الخبيثة الغريبة عليه التي يشعر بخساستها و دنائتها..،

لكن رغبته القوية هو زملائه الأولاد الذين بدورهم مروا بنفس المراحل دفعتهم ليتكلمون عن حبهم وميلهم إلى هذا الجنس الأخر ..،

وإذا بأحد أصدقائه يحكي له كيف يستطيع أن يرى مفاتن البنت التي يحبها دون أن تشعر فيقذف بشيء من أدواته أسفل الدكة ثم ينزل ليلتقطها و ينظر بين أقدمها ليرى ما يريد ..،(!!)

و على الجانب الأخر البنات أيضا قد مروا بمراحل مشابهة كان فارسها ذالك الصندوق العجيب و لكن قد يمنعهم في السعي إلى ميلهم شيء من الحياء الذي يغلب على طبيعتهن و مع ذلك فالحياء لا يتماسك كثيرا أمام هذا الكم الهائل من الأفعال الخليعة التي يرونها و تخدش الحياء بل تريق دمه و تذبحه بسكين الفجور البارد ..،

فليس غريب أن تجد في هذا السن علاقة حب بين طفلين في العاشرة من العمر ، ولكن لسنهم الصغير قد لا تتعدي فيه العلاقة لمسة يد أو تقبيل فيه،و العجب العجاب أن يصل إلى هذا الحال أطفال في سن العاشرة ..(!!) ،

ولازال صاحبنا في حيرة من أمره و قد إنزلق شيء فشيء إلى دوامة من الألام و الصراعات و مشاعر مكبوتة لا يعرف لها تصريف أو غاية أو حقيقة تستطدم مع قيود الواقع من عقوبات يضعها المجتمع لأفعال قد حث عليها و أقر بها من قبل في تناقض غريب يجعله أكثر تشتتا و ألما و حيرة غير ما قد يلاقيه من صعوبات و هجران من الحبيب الذي يجهل كيفية للتعامل معه و التوفيق بينه و بين رغباته لتحقيق هدفه في مجاراة هذا الميل و الوصول إلى مشاعر متبادلة مع من أحبه هذا ويزداد هذا الألم و العذاب مع خبرته القليلة بل المعدومة في هذه الأمور .

غير تصارعه الدائم مع نفسه في ظل تشتت وجدانه بين نداءات الفضيلة التي توافق فطرته ونداءات الرذيلة التي تناقضها و تدنسها .،

و كانت له علاقة حب قبَل فيها يد محبوبته ..، و وصلت الأمور إلى أسوء حتى صارت تراوده في أحلامه مدرسته في المدرسة التي تلبس الجيب القصير – الميكروا جيب- و الملابس الضيقة التي تظهر مفاتنها و تتشباه فيها إلي حد كبير مع زي العاهرات و ممارسات مهنة البغاء من الكاسيات العاريات لكنها مدرسة أطفال في مدرسة إبتدائي.(!!)،

وبعد أن أخذ الأجازة سافر مع أهله الذين إعتادوا الذهاب إلى مدينة ساحلية ليقضون فترة فيها للإستجمام و الترفيه و البعد عن صخب المدينة يصطفون فيها على الشواطيء للعلب و المرح و السباحة ..،

و هذه المصايف السافرة فيها ما فيها من عري و فجور إنضم بالضرورة إلى لستة سوداء تتراكم في ذاكرة هذا الطفل المسكين و تزيد من حاله و همه سوءاً فوق سوء ..،

وذات ليلة من ليالي الفجر و السفور كانت حفلة ماجنة تقيمها فرقة موسيقية ساقطة وكانت القاعة مليئة بالرجالات الخرعين و النساء الخرعات الكاسيات العاريات من المصطفين و الزائرين و العازفين ..،

بينما صديقنا الصغير يجلس في ركن من القاعة بالقرب من أهله ينظر لهذه الأحوال العجيبة حوله في صمت ،..

إذا بحدث يهز أشجانه و يحرك مشاعره بل يرجها رجا في زلزال عنيف لم يعرف مثله من شدته قبل ..،

فقد صعدت إلى خشبة المسرح بنت فاتنة على حال سيىء من الملبس و المنظر كانت قد شدت إنتباه من قبل على شاطيء الفساق و هي لم تكن راقصة تعمل بأجر ولكنها زائرة مثله جائت مع أهلها لنفس الغرض الذي أتى من أجله ..،

ورقصت الفتاة على أنغام الموسيقى تراقص الحيات الذي كانت أشباحه في خياله منذ أن بدأت عيناه ترى النور بسبب هذا الصندوق الخبيث الملعون الذي أيقظ في نفسه من العذاب ألوان كان في غنى عنها ..،

هنا بدأ الأمر يزداد تعقيدا وتأزما ،و تعلق قلب هذا المسكين بهذه الحية السامة ولكن لا سبيل له إلى وصالها بل لا يعرف الهدف من ذلك أصلا .(!!)،

فتعذب كالعادة و كان في كل مرة يخسر أكثر من التي قبلها

و يزداد العذاب أكثر من ذي قبل

فقد كان يجابه من حوله أحداث غريبة على فطرته وطفولته مناقضة لبراءته ونقاء مهجته ،تجعله يتألم بشدة من ضراوة الصراع الذي بدأ مبكرا جدا على سنه وعقله و فهمه ..(!!)،

ولكن ليس غريبا أن يحدث كل هذا في ذاك الزمان العجيب الذي من شدة فتنه المضلة طالت سطوتها النفوس الصغيرة التي لم تخرج من جحرها بعد...!!، ليأتي وقت تضمحل فيه الفضيلة و تتعاظم الرذيلة و تحترق فطرة الطفل السليمة أمام عينه يوما بعد يوم وهو مسكين يتخبط في صراعات لم تعقلها نفسه أو تدركها حساباته السازجة بعد، لتصير حياته بالتدريج من صحة إلى مرض و من طهارة إلى دناسة كلما إشتد الصراع و تلطخت الفطرة بعفن الشهوات..،

فالفطرة السليمة تدنس بالبيئة الفاسدة التي يتلقى عنها هذا الصغير لتذبح بسكين بارد براءة قلبه النادرة..،و تتحول الطفولة باكرا إلى هموم تتزياد في إطراد رهيب،

لا يتحملها سنه أو قواه الضعيفة و خبرته الضئيلة ، ليفاجئ بسيل من شهوات جامحة و مشاعر غريبة تقطع نفسه وتدفعه إلى خيالات ورغبات أوقظت قبل موعدها بسنين طويلة ..

إنه لشيء مرعب حقا أن يحدث كل هذا لطفل صغير عمره لم يتجاوز العقد الواحد..،

و لو شققت عن قلبه لوجدت معركة ضارية تشيب لها النواصي و يعجب لها مؤرخوا الأحداث و كاتبوا حكايات الناس ، عن هذا الزمن العجيب الذي أكثر أهله لم يرحموا حتى صغارهم .، (!!)

و إلى حديث أخر إن شاء الله عن هذا الزمان العجيب

كتبه أخوكم / حكيم القبيلة

Mr. KaJo
18-07-2005, 10:17 PM
مشكور أخوي حكيم ...

بداية طيبة ما شالله ..

ننتظر منك كل جديد ومفيد وما قصرت .

فان دام
19-07-2005, 10:55 AM
موضوع مميز وممتع ..
وياليت تتواصل بمواضيع مثل هذه ..
مشكور ..

bosson
19-07-2005, 05:21 PM
فعلا انه لشيء مخيف اخي حكيم القبيله :( , ليت كل الناس يفكرون كما تفكر

ويخافون على اطفالهم من ذلك الصندوق الفاسد كما تفعل .. بارك الله فيك اخي

موضوعك متميز حقا ورائع بمعنى الكلمه ..نترقب جديدك ;)