الناقد العربي
24-07-2005, 08:46 AM
العودة ظافراً، للمهندس: أيمن الحسن، تظهر في دمشق بعد نفاد طبعتها في الإمارات
د.عبد الكريم محمد حسين
تظهر مجموعة : العودة ظافراً، في دمشق بعد أن قاربت طبعتها الأولى في الإمارات على النفاد بل لعلها نفدتْ حقاً، وقد عاد المهندس أيمن إلى مجموعته ليعيد خلقها من جديد بإصلاح بعض الأخطاء فيها، فهل أفلح؟ وهل استطاع أن يصلح المجموعة؟ وهل يمكن إصلاح الأعمال الإبداعية إذا كشفت الأيام عن فساد هذه البقعة أو تلك منها؟ ألم يشكُ أبو حيان التوحيدي من هذه المسألة بقوله: لماذا صار إصلاح العمل الإبداعي أصعب على المؤلف من إبداعه أول مرة؟! ألم يفته الوقت؟ ألم تفته لحظة الإبداع؟ ألم تخمد قريحة الإبداع بزوال ضغط المناسبة التي حرضت عليه؟! فمن يستطيع أن يرد تلك اللحظة؟ ومن يقدر على إعادة موثبات القريحة إلى الوجود من جديد؟!!
تلك أسئلة توجبها قراءة الملحوظة التي تصدرت المجموعة القصصية التي جاءت هذه المرة من دمشق بعنوان: العودة ظافراً، للمهندس: أيمن الحسن، وقد طبعته دار النمير للطباعة والنشر،ط2، 2005م، وقد كرم زوجته ( انتصار بعلة) فجعل اسمها على المجموعة قريناً باسمه، ولم يكشف عن حدود إسهامها بالعمل، فهل شاركته في إعداد ( الشاي) مثلاً.
حوت المجموعة القصص الآتية: رحلة الأفعى، و وفاء، و القبلة المستعصية، وسيرة عكاز، والعودة ظافراً، ومبروكة والثأر العظيم، والقلب المحروق، والأخ الصغير، وانعتاق، وسلام على خط النار. فهو قد وسم المجموعة باسم قصة من قصصها.
وأود أن يلتفت المتلقي الكريم إلى أن عالم السرد القصصي المعاصر يتناول المسائل على وجه غرائبي أحياناً ليكشف الستر عن الأوضاع المتخلفة والأوجاع التي تعاني منها بعض طبقات المجتمع، ومن هذا المناخ السردي، تخيرت لكم المشهد الأول من ( رحلة الأفعى ) من أين بدأت؟ وكيف أثرت الخرافة في سير الشخصية؟!!
قال السارد القصصي في نصه: (( نظرت أم كهينٍ في فنجاني زمناً: - عندك طريق طويل. وأشارت بإصبعها إلى خطٍّ أبيضَ رفيعٍ، يمتد من قعر الفنجان. ثم أردفت: ولكن حذار يا بني. صمتت أم كهين ردحاً من الوقت؛ فجحظت عينايَ من الرعب ، وأنا أتابعها: هناك أفعى على الطريق.)) [ ص: 9]
تبصر خليلي المتلقي : باختيار اسم العرافة ( ولا معرفة ) أم كَهَيِّنٍ على لفظ أبناء البادية في الشام، وليس على التصغير الفصيح، وهي منسوبة إلى الكهانة إسناداً فرعياً لا صيغة صرفية، فهل كانت أم كهين هي الدنيا التي اكتسبت المعرفة من شهادتها على تجارب أبنائها – أبناء الحياة؟
وتبصر برحلة الحياة كيف تحولت خطاً أبيض رفيعاً، ولو قال: بخط نحيل لكان أحسن، وانظروا إلى الحياة التي ضاقت به فصار يراها فنجاناً ضيقاً، دروبها لا تكاد ترى بالعين. واستمع إليها تحذيره من تلك الأفعى المتربصة له في الطريق، والدنيا تحذر أهلها بلسان الاعتبار والحال وليس بلسان المقال.. واجعل نفسك في موضعه عقلاً ورؤية ، وانظر إلى أثر حديث أم كهين في رحلة الشخصية، فالأفعى، وليست الحية ذلك أن الحية حياة..فماذا كان ؟ وماذا في الحكاية؟ ذلك ما تجده بقراءة قصة الأفعى تامة، إذ اكتفيت بجزء من أجزائها على نية إثارة الموضوعات، وتشخيص الأوجاع، ورصد محطات التخلف، ومعرفة رموز الخوف لنصل منها إلى رتبة الطمأنينة، فهل من قارئ ناقد، والنقاد في أيامنا أعز من الكبريت الأحمر في عهد أبي عمرو بن العلاء؟!!!!
د.عبد الكريم محمد حسين
تظهر مجموعة : العودة ظافراً، في دمشق بعد أن قاربت طبعتها الأولى في الإمارات على النفاد بل لعلها نفدتْ حقاً، وقد عاد المهندس أيمن إلى مجموعته ليعيد خلقها من جديد بإصلاح بعض الأخطاء فيها، فهل أفلح؟ وهل استطاع أن يصلح المجموعة؟ وهل يمكن إصلاح الأعمال الإبداعية إذا كشفت الأيام عن فساد هذه البقعة أو تلك منها؟ ألم يشكُ أبو حيان التوحيدي من هذه المسألة بقوله: لماذا صار إصلاح العمل الإبداعي أصعب على المؤلف من إبداعه أول مرة؟! ألم يفته الوقت؟ ألم تفته لحظة الإبداع؟ ألم تخمد قريحة الإبداع بزوال ضغط المناسبة التي حرضت عليه؟! فمن يستطيع أن يرد تلك اللحظة؟ ومن يقدر على إعادة موثبات القريحة إلى الوجود من جديد؟!!
تلك أسئلة توجبها قراءة الملحوظة التي تصدرت المجموعة القصصية التي جاءت هذه المرة من دمشق بعنوان: العودة ظافراً، للمهندس: أيمن الحسن، وقد طبعته دار النمير للطباعة والنشر،ط2، 2005م، وقد كرم زوجته ( انتصار بعلة) فجعل اسمها على المجموعة قريناً باسمه، ولم يكشف عن حدود إسهامها بالعمل، فهل شاركته في إعداد ( الشاي) مثلاً.
حوت المجموعة القصص الآتية: رحلة الأفعى، و وفاء، و القبلة المستعصية، وسيرة عكاز، والعودة ظافراً، ومبروكة والثأر العظيم، والقلب المحروق، والأخ الصغير، وانعتاق، وسلام على خط النار. فهو قد وسم المجموعة باسم قصة من قصصها.
وأود أن يلتفت المتلقي الكريم إلى أن عالم السرد القصصي المعاصر يتناول المسائل على وجه غرائبي أحياناً ليكشف الستر عن الأوضاع المتخلفة والأوجاع التي تعاني منها بعض طبقات المجتمع، ومن هذا المناخ السردي، تخيرت لكم المشهد الأول من ( رحلة الأفعى ) من أين بدأت؟ وكيف أثرت الخرافة في سير الشخصية؟!!
قال السارد القصصي في نصه: (( نظرت أم كهينٍ في فنجاني زمناً: - عندك طريق طويل. وأشارت بإصبعها إلى خطٍّ أبيضَ رفيعٍ، يمتد من قعر الفنجان. ثم أردفت: ولكن حذار يا بني. صمتت أم كهين ردحاً من الوقت؛ فجحظت عينايَ من الرعب ، وأنا أتابعها: هناك أفعى على الطريق.)) [ ص: 9]
تبصر خليلي المتلقي : باختيار اسم العرافة ( ولا معرفة ) أم كَهَيِّنٍ على لفظ أبناء البادية في الشام، وليس على التصغير الفصيح، وهي منسوبة إلى الكهانة إسناداً فرعياً لا صيغة صرفية، فهل كانت أم كهين هي الدنيا التي اكتسبت المعرفة من شهادتها على تجارب أبنائها – أبناء الحياة؟
وتبصر برحلة الحياة كيف تحولت خطاً أبيض رفيعاً، ولو قال: بخط نحيل لكان أحسن، وانظروا إلى الحياة التي ضاقت به فصار يراها فنجاناً ضيقاً، دروبها لا تكاد ترى بالعين. واستمع إليها تحذيره من تلك الأفعى المتربصة له في الطريق، والدنيا تحذر أهلها بلسان الاعتبار والحال وليس بلسان المقال.. واجعل نفسك في موضعه عقلاً ورؤية ، وانظر إلى أثر حديث أم كهين في رحلة الشخصية، فالأفعى، وليست الحية ذلك أن الحية حياة..فماذا كان ؟ وماذا في الحكاية؟ ذلك ما تجده بقراءة قصة الأفعى تامة، إذ اكتفيت بجزء من أجزائها على نية إثارة الموضوعات، وتشخيص الأوجاع، ورصد محطات التخلف، ومعرفة رموز الخوف لنصل منها إلى رتبة الطمأنينة، فهل من قارئ ناقد، والنقاد في أيامنا أعز من الكبريت الأحمر في عهد أبي عمرو بن العلاء؟!!!!