المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شرح الحديث : بادروا ‏ ‏بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم



hadeeth_1424
26-07-2005, 05:30 AM
‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏‏أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال : ((‏‏ بادروا ‏ ‏بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ‏ ‏ويمسي كافرا ‏ ‏ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع أحدهم دينه ‏ ‏بعرض ‏ ‏من الدنيا )) أخرجه أحمد ومسلم والترمذي

‏قوله : ( بادروا ) ‏‏أي سابقوا وسارعوا ‏

‏( بالأعمال ) ‏‏أي بالاشتغال بالأعمال الصالحة ‏

‏( فتنا ) ‏‏أي وقوع فتن

‏( كقطع الليل المظلم ) ‏‏بكسر القاف وفتح الطاء جمع قطعة وهي طائفة . والمعنى كقطع من الليل المظلم لفرط سوادها وظلمتها وعدم تبين الصلاح والفساد فيها . وحاصل المعنى تعجلوا بالأعمال الصالحة قبل مجيء الفتن المظلمة من القتل والنهب والاختلاف بين المسلمين في أمر الدنيا والدين , فإنكم لا تطيقون الأعمال على وجه الكمال فيها , والمراد من التشبيه بيان حال الفتن من حيث إنه بشيع فظيع , ولا يعرف سببها ولا طريق الخلاص منها , فالمبادرة المسارعة بإدراك الشيء قبل فواته أو بدفعه قبل وقوعه ‏

‏( يصبح الرجل مؤمنا ) ‏‏أي موصوفا بأصل الإيمان أو بكماله ‏

‏( ويمسي كافرا ) ‏‏أي حقيقة أو كافرا للنعمة أو مشابها للكفرة أو عاملا عمل الكافر . وقيل المعنى يصبح محرما ما حرمه الله , ويمسي مستحلا إياه وبالعكس . ‏
‏قلت : وهذا المعنى الأخير اختاره الحسن البصري , وقد ذكره الترمذي في هذا الباب ‏

‏( يبيع أحدهم دينه ) ‏‏أي بتركه ‏

‏( بعرض ) ‏‏بفتحتين أي بأخذ متاع دنيء وثمن رديء . قال الطيبي رحمه الله : قوله يصبح استئناف بيان لحال المشبه , وهو قوله فتنا , وقوله يبيع إلخ بيان للبيان . ‏
‏وقال المظهر : فيه وجوه : ‏
‏أحدها أن يكون بين طائفتين من المسلمين قتال لمجرد العصبية والغضب , فيستحلون الدم والمال .
و ‏‏ثانيها أن يكون ولاة المسلمين ظلمة , فيريقون دماء المسلمين ويأخذون أموالهم بغير حق , ويزنون ويشربون الخمر , فيعتقد بعض الناس أنهم على الحق ويفتيهم بعض علماء السوء , على جواز ما يفعلون من المحرمات , من إراقة الدماء وأخذ الأموال ونحوها .
و ‏‏ثالثها ما يجري بين الناس مما يخالف الشرع في المعاملات والمبايعات وغيرها فيستحلونها .

من تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي