المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خواطر و نثر الراحلةُ بغيرِ وداعِ... الراحلُ متوشحاً بالصمتِ



جِهَاد و كَفَى
26-07-2005, 11:22 AM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


أخوتي الأفاضل...


هاأنا أنشر اليوم خاطرتين في رثائي لأخوتي رحمهم الله رحمة واسعة و أسكنهم فسيح جناته




الراحلةُ بغيرِ وداعِ










"سارة , حبي في قلبك الصغيرِ


ماذا يمثلُ يا شذا الريحانِ"

كانت أمي تداعبها

و تبتسمُ لها في رحمةٍ و حنانِ

فتقولُ الصغيرةُ "يمثلُ يا أمي

حياتي و دنياي و كل ما في هذه الأكوانِ

حبك يا أماه هو نور العينانِ"

تضمها والدتي لصدرها

و كأنها تخشى عليها من غدرِ الزمانِ

تغدو و تلهو ثم تروحُ و تلعبً

في خفةٍ كمهرٍ لا يكفُ عن الدورانِ

و في السمرِ كانت تطربنا

بشدوها بأعذبِ الألحانِ

و كانت –و هي الصغيرة- تعجبني

و هي تتلو بضعَ آياتٍ حفظتها من القرآنِ

و كنت أسمعُ ضحكاتها تتعالى

فتضفي إشراقةً على جمالِ وجهها الفنانِ

قد كانت كائناً نورانياً

جعلت حياتنا مشرقة الألوانِ

لكن الصغيرة اختارت

أن ترحلَ عنا باستئذانِ

"صغيرتي لا ترحلي

و افعلي لي طيبَ الإحسانِ"

"لا ترحلي و تتركينا بعدكِ

تتلقفنا ظلماتُ الأحزانِ"

"لا ترحلي و تحرقي

بساتين قلوبنا بتلك النيرانِ"

لكنك رحلت و تركتيني

محطمةً في دربِ الآلامِ و الأشجانِ

أجثو و أضمك اصدري

في قوةٍ و عيناي تذرفان

أهدهدكِ كما كنتُ أفعلُ

لما كنت رضيعة من زمانِ

أمسحُ دماءً غطت

وجهُ الملاكِ الراحلِ باطمئنانِ

أخذتُ يدكِ الصغيرة و لثمتها

و بلَّتها بدموعي الحارةِ و أعلنتُ

رحيلك في أمانٍ و خضوعي في إذعانِ

أخذوك مني يا صغيرة

أخذوك مني يا أميرة

أخذوك مني يا سارة

فسقطتُ أنشدُ ترنيمةَ تحطم البنيانِ

سيفونية قديمة, صاغها قبلي كثير

محورها رحيل الأقرانِ

ثم العيش بعدها في حرمانِ

أنشودة الموتِ و الحياةِ اللذين لا ينتهيان

حبيبتي الصغيرة الشوق في فؤادي

يقتلني و يهدُ ما في الوجدانِ

أما وصل منك يأتي على النارِ

و يمحوها من كلِ مكانِ

أما رجاء منكِ يهدئُ اضطرابَ

قلبي و انشغالَ عقلي المحطمانِ

و أنى لكِ أن تذكريني

و أنتِ مقامك اليوم بين الجنانِ

و أنى لكِ أن تسألي عني

و أنتِ هناك سعيدة بجوارِ الرحمنِ

و أنى لي أن أخطرُ ببالكِ

و أنتِ تتمتعين هناك بالثمارِ الدواني

و أنى لي أطلب منكِ ذاك

و أنتِ في جوارِ أصحابِ الفرقانِ

صغيرتي

أميرتي

ملاكي الطهور

لا تذكريني

و حسبك أنكِ في جوارِ اللهِ

و في جوارِ رسول جاء بالقرآنِ

و حسبك أنني في حفظِ اللهِ المنَّانِ

جِهَاد و كَفَى
26-07-2005, 11:28 AM
الراحلُ متوشحاً بالصمتِ.

















قد كنتُ أبكي هناك


و هو يبتسمُ على السريرِ.

يسأله الوالدُ "عمار يا ولدي

أأنت يا بني بخيرٍ ؟؟!"

يجيبه و ابتسامته لا تبارحُ الوجهَ

و تعلو في إشراقةٍ و حبورِ.

"لله أحمد كلَ حالٍ

فلله –يا أبتاه- ترجعُ كل الأمورِ."

سكتَ يا أخيّ وحولك اجتمعوا

و قالوا "أسعفوه"لكنك رحلت

فقد كتبت عندَ اللهُ عهدك

و إنه لقدرك المقدورِ.

أنظرُ لوجهك, ترحلت عنه الروحُ

لكنه لازال بدراً يشعُ بالسرورِ.

أبتسم إليك

فكأنك بادلتني إياه بابتسامك المذكورِ.

بكيتك و هل يشفي حزني و انكساري

دموعي و لو جرت أنهاراً و بحوراً ذات هديرِ.

أما و الله إنه لا يكفي

لكنه يلهي و ليس هو بالشيء الكثيرِ.

أذكرُ يوماً رأيناك تبكي

فسألنا "لما" فقلت "أشتاقُ لصغيرتنا الوقورِ.

دنيتُ منك و قبلتُ جبينك

فإذا أنت يا أخيّ كأميرِ.

بالدمعِ قد غسلتك

فإذا به على وجهك لجيناً يتهادى في سكونٍ مكسورِ.

ثم نادوا "هاتوا الفتى الراحل عن الحياةِ

ليأخذ مكانه بين أصحابِ القبورِ."

فتركتهم ينزلوك منزل الظلمةِ

لكنك أضأته بما حواه فؤادك من النورِ.

عزوني فيك فبدوتُ لهم

صخرةً لم تلينْ في كسورِ.

فلما ذهبوا هدني ألمي

و تبعثرت أشلائي بنصلِ أحزاني

و ما هناك من مجيرِ.

سَجنت فؤادي و قالت

"أسيري..أسيري."

فجاء طيفٌ من موكبٍ في السماءِ

أغاثني و أزاح عني همي بتلك اليدِ الطهورِ.

أقولُ له"دعني لدموعي و ألمي المريرِ."

فرد علي بابتسامةٍ أعرفها

أعرفُ صاحبها ذا الوجه الأثيرِ.

فقلتُ "أنت هو؟؟!

أنت أخي الراحل متوشحاً بالصمتِ المبرورِ."

أجابني "هو أنا"

قالها و وجهه يشرقُ كسراجٍ منيرِ.

ثم قال لي "كلماتٌ يا أختي

جئت أبلغها لكِ و إني لكِ لبشيرِ."

"علام حزنك و أنتِ على سفرٍ

وأخيراً تجدينا في نهايةِ المسيرِ."

"هذا قدري و غداً يحينُ ميعادك

فكلنا على هذا الدربِ في مسيرِ

و إنه لنهايةِ المصيرِ."

"فاحتسبينا و قولي

لله أحمدُ كلَ حالٍ

فلله ترجعُ كلُ الأمورِ."

و عاد لعالمه العلوي ذاك السفيرِ.

تصبرتُ فعزائي فيك

أنك هناك في الجنانِ

يحوطك الرحمن بالأنهارِ و الطيورِ والعطورِ.

عزاني فيك

أثرك المحفورِ في ثنايا الصدورِ.

طر يا أخيّ في عالمِ الخلودِ

عالمك السرمدي الطهورِ.

و أنا سأغدو

في تلك الحياةِ بلا نفورِ.

و سأعملُ ليومِ اللقاءِ

بلا أدنى فتورِ.

يا ساكن العلا

سلام اللهِ ألقيه إليك

أبعثه بكلِ الحبِ و التقديرِ.

TRY NO RACE
26-07-2005, 11:48 AM
أسرتني كلماتك أختي وأخذت بي لعالم الحزن والآلام
لا تقلقي أو تجزعي فنائبات الدهر على كل البشر تدور
أعجز عن التعليق على الروائع ، كيف وهو رثاء !
لا أقول إلا اسأل الله أن يجمعكِ بهما بعد عمر طويل في أعلى عليين

حنـــظله
26-07-2005, 12:23 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



عظّم الله أجرك . وألهمك الصبر والسلوان

رحم الله أخوتك , وأدخلهم بإذنه في رحمته ورضوانه


وإنّا لله وإنا إليه راجعون

غالي الساهر
26-07-2005, 12:24 PM
تحياتي عزيزتي ..

كلمات كبيرة ولخاطرتك تنفجر العين من الالم دموعاً وحزناً

- يعطيك العافية على المجهود الكبير لتكون الخاطرة رائعة -


سلمت يداكِ

::
غالي الساهر

جِهَاد و كَفَى
26-07-2005, 12:59 PM
أسرتني كلماتك أختي وأخذت بي لعالم الحزن والآلام

لا تقلقي أو تجزعي فنائبات الدهر على كل البشر تدور
أعجز عن التعليق على الروائع ، كيف وهو رثاء !
لا أقول إلا اسأل الله أن يجمعكِ بهما بعد عمر طويل في أعلى عليين






السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


أخي الكريم


جزاك الله خيراً على مرورك الكريم و على ردك :) ... رحم الله أخوتي رحمة واسعة و رحم الله كل موتى المسلمين... سنذوق كلنا تلك الكأس... فاجعل ربي سعينا مشكورا... غفر الله لسارة أختي الصغيرة و لعمار أخي الأكبر

تقبل تحياتي

جِهَاد و كَفَى
26-07-2005, 01:04 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



عظّم الله أجرك . وألهمك الصبر والسلوان

رحم الله أخوتك , وأدخلهم بإذنه في رحمته ورضوانه


وإنّا لله وإنا إليه راجعون


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


أخي الكريم


جزاك الله خيراً على مرورك العطر :) ...

تقبل تحياتي

جِهَاد و كَفَى
26-07-2005, 01:19 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته



أخي الفاضل غالي الساهر


جزاك الله خيراً على مرورك الكريم :) ... لي رجاء صغير أن تتفضل و تدعوني اختك

تقبل تحياتي