rajaab
26-07-2005, 04:48 PM
الحُكْمُ الشَرْعِيُّ
هُوَ خِطَابُ الشَارِعِ المُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ العِبَادِ، وهُوَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَطْعِيَّ الثُبُوتِ كالقُرْآنِ الكَرِيمِ والحَدِيثِ المُتَوَاتِرِ، أَوْ ظَنِّيَّ الثُبُوتِ كالحَدِيثِ غَيْرِ المُتَوَاتِرِ: فإِنْ كَانَ قَطْعِيَّ الثُبُوتِ يُنْظَرْ، فإِنْ كَانَ قَطْعِيَّ الدِلالَةِ يَكُونُ الحُكْمُ الَّذِي تَضَمَّنَهُ قَطْعِيَّاً كَرَكَعَاتِ الفَرَائِضِ كُلِّهَا، فإِنَّهَا وَرَدَتْ في الحَدِيثِ المُتَوَاتِرِ، وكَتَحْرِيمِ الرِبَا وقَطْعِ يَدِ السَارِقِ وجَلْدِ الزَانِي، فإِنَّهَا أَحْكَامٌ قَطْعِيَّةٌ، والصَوَابُ فِيهَا مُتَعَيِّنٌ، ولَيْسَ فِيهَا إِلاَّ رَأْيٌ وَاحِدٌ قَطْعِيٌّ.
وإِنْ كَانَ خِطَابُ الشَارِعِ قَطْعِيَّ الثُبُوتِ ظَنِّيَّ الدِلالَةِ فإِنَّ الحُكْمَ الَّذِي تَضَمَّنَهُ ظَنِّيٌّ مِثْلُ آيَةِ الجِزْيَةِ، فإِنَّهَا قَطْعِيَّةُ الثُبُوتِ، ولَكِنَّهَا ظَنِّيَّةُ الدِلالَةِ في التَفْصِيلِ، فالحَنَفِيَّةُ يَشْتَرِطُونَ أَنْ تُسَمَّى جِزْيَةً، وأَنْ يُظْهَرَ الذِلُّ عَلَى مُعْطِيهَا حِينَ إِعْطَائِهَا. والشَافِعِيَّةُ لا يَشْتَرِطُونَ تَسْمِيَتَهَا جِزْيَةً، بَلْ يَصِحُّ أَنْ تُؤْخَذَ بِاسمِ زَكَاةٍ مُضَاعَفَةٍ، ولا ضَرُورَةَ لإِظْهَارِ الذُلِّ، بَلْ يَكْفِي الخُضُوعُ لأَحْكَامِ الإِسْلامِ.
أَمَّا إِنْ كَانَ خِطَابُ الشَارِعِ ظَنِّيُ الثُبُوتِ كالحَدِيثِ غَيْرَ المُتَوَاتِرِ، فيَكُونُ الحُكْمُ الَّذِي تَضَمَّنَهُ ظَنِّيَّاً، سَوَاءً أَكَانَ قَطْعِيَّ الدِلالَةِ كَصِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ فَإِنَّهَا ثَبَتَتْ بالسُنَّةِ، أَوْ ظَنِّيَّ الدِلالَةِ كَمَنْعِ إِجارَةِ الأَرْضِ فَإِنَّهُ ثَبَتَ بالسُنَّةِ.
وخِطَابُ الشَارِعِ يُفْهَمُ مِنْهُ الحُكْمُ الشَرْعِيُّ بِاجتِهَادٍ صَحِيحٍ، ولِذَلِكَ كَانَ اجتِهَادُ المُجْتَهِدِينَ هُوَ الَّذِي يُظْهِرُ الحُكْمَ الشَرْعِيَّ، وعَلَى ذَلِكَ فَحُكْمُ اللهِ في حَقِّ كُلِّ مُجْتَهِدٍ هُوَ مَا أَدَّى إِلَيْهِ اجتِهَادُهُ وغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ.
فالمُكَلَّفُ إِذَا حَصَلَتْ لَهُ أَهْلِيَّةُ الإجتهاد بِتَمَامِهَا في مَسْأَلَةٍ مِنَ المَسَائِلِ فَإِنْ اجتَهَدَ فِيهَا وأَدَّاهُ اجتِهَادُهُ إِلَى حُكْمٍ فِيهَا، فَقَدْ اتَّفَقَ الكُلُّ عَلَى أَنَّهُ لا يَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ مِنَ المُجْتَهِدِينَ، في خِلافِ ما أَوْجَبَهُ ظَنُّهُ، ولا يجوزُ لهُ تَرْكُ ظَنِّهِ إِلاَّ إِذَا تَبَنَّى الخَلِيفَةُ حُكْمَاً شَرْعِيَّاً، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ العَمَلُ بِمَا أَمْرَ بِهِ الخَلِيفَةُ، لأَنَّ ما أَدَّى إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ وغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ هُوَ حُكْمُ اللهِ في المَسْأَلَةِ وهُوَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، ولأَنَّ أَمْرَ الإِمَامِ يَرْفَعُ الخِلافَ. أَمَّا إِذَا لَمْ يَجْتَهِدْ مَنْ لَهُ أَهْلِيَّةُ الإجتهاد فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ مِنَ المُجْتَهِدِينَ، لأَنَّ إِجْمَاعَ الصَحَابَةِ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ للمُجْتَهِدِ أَنْ يَتْرُكَ اجتِهَادَهُ ويُقَلِّدَ غَيْرَهُ مِنَ المُجْتَهِدِينَ.
وأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ أَهْلِيَّةُ الإجتهاد فَهُوَ المُقَلِّدُ، وهُوَ قِسْمَانِ مُتَّبِعٌ وعَامِّيٌ فالمُتَّبِعُ هُوَ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مُحَصِّلاً لِبَعْضِ العُلُومِ المُعْتَبَرَةِ في الإجتهاد، فَإِنَّهُ يُقَلِّدُ المُجْتَهِدَ بَعْدَ أَنْ يَعْرِفَ دَلِيلَهُ، وحِينَئِذٍ يَكُونُ حُكْمُ اللهِ في حَقِّ هَذَا المُتَّبِعِ هُوَ قَوْلَ المُجْتَهِدِ الَّذِي اتَّبَعَهُ. وأَمَّا العَامِّيُّ فَهُوَ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مُحَصِّلاً لِبَعْضِ العُلُومِ المُعْتَبَرَةِ في الإجتهاد فَإِنَّهُ يُقَلِّدُ المُجْتَهِدَ دُونَ أَنْ يَعْرِفَ دَلِيلَهُ. وهذا العَامِّيُّ يَلْزَمُهُ تَقْلِيدُ قَوْلِ المُجْتَهِدِينَ والأَخْذُ بالأَحْكَامِ الَّتِي استَنبَطُوهَا، ويَكُونُ الحُكْمُ الشَرْعِيُّ في حَقِّهِ هُوَ الَّذِي إِسْتَنْبَطَهُ المُجْتَهِدُ الَّذِي قَلَّدَهُ. وعَلَى ذَلِكَ فالحُكْمُ الشَرْعِيُّ هُوَ الَّذِي إِسْتَنْبَطَهُ مُجْتَهِدٌ لَهُ أَهْلِيَّةُ الإجتهاد، وهُوَ في حَقِّهِ حُكْمُ اللهِ لا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُخَالِفَهُ ويَتَّبِعَ غَيْرَهُ مُطْلَقَاً، وكذَلِكَ هُوَ في حَقِّ مَنْ قَلَّدَهُ حُكْمُ اللهِ لا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُخَالِفَهُ.
والمُقَلِّدُ إِذَا قَلَّدَ بَعْضَ المُجْتَهِدِينَ في حُكْمِ حَادِثَةٍ مِنَ الحَوَادِثِ وعَمِلَ بِقَوْلِهِ فِيهَا، فلَيْسَ لَهُ الرُجُوعُ عَنْهُ في ذَلِكَ الحُكْمِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِهِ مُطْلَقَاً. وأَمَّا تَقْلِيدُ غَيْرِ ذَلِكَ المُجْتَهِدِ في حُكْمٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ لِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ إِجْمَاعُ الصَحَابَةِ مِنْ تَسوِيغِ استِفتَاءِ المُقَلِّدِ لِكُلِّ عَالَمٍ في مَسْأَلَةٍ. وأَمَّا إِذَا عَيَّنَ المُقَلِّدُ مَذْهَبَاً كَمَذْهَبِ الشَافِعِيِّ مَثَلاً وقَالَ أَنَا عَلَى مَذْهَبِهِ ومُلْتَزِمٌ لَهُ فَهُنَاكَ تَفْصِيلٌ في ذَلِكَ وهُوَ: إِنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ مِنَ المَذْهَبِ الَّذِي قَلَّدَهُ اتَّصَلَ عَمَلُهُ بِهَا فلَيْسَ لَهُ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ فِيهَا مُطْلَقَاً، وما لَمْ يَتَّصِلُ عَمَلُهُ بِهَا فَلا مَانِعَ مِنْ إِتِّبَاعِ غَيْرِهِ فِيهَا. وأَمَّا المُجْتَهِدُ فَإِنَّهُ إِذَا تَوَصَّلَ بِاجتِهَادِهِ إِلَى حُكْمِ مَسْأَلَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ ما تَوَصَّلَ إِلَيْهِ اجتِهَادُهُ فِيهَا وأَنْ يُقَلِّدَ غَيْرَهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ لِجَمْعِ المُسْلِمِينَ عَلَى رَأْيٍ وَاحِدٍ كَمَا حَصَلَ مَعَ عُثْمَانَ عِنْدَ بَيْعَتِهِ.
هُوَ خِطَابُ الشَارِعِ المُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ العِبَادِ، وهُوَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَطْعِيَّ الثُبُوتِ كالقُرْآنِ الكَرِيمِ والحَدِيثِ المُتَوَاتِرِ، أَوْ ظَنِّيَّ الثُبُوتِ كالحَدِيثِ غَيْرِ المُتَوَاتِرِ: فإِنْ كَانَ قَطْعِيَّ الثُبُوتِ يُنْظَرْ، فإِنْ كَانَ قَطْعِيَّ الدِلالَةِ يَكُونُ الحُكْمُ الَّذِي تَضَمَّنَهُ قَطْعِيَّاً كَرَكَعَاتِ الفَرَائِضِ كُلِّهَا، فإِنَّهَا وَرَدَتْ في الحَدِيثِ المُتَوَاتِرِ، وكَتَحْرِيمِ الرِبَا وقَطْعِ يَدِ السَارِقِ وجَلْدِ الزَانِي، فإِنَّهَا أَحْكَامٌ قَطْعِيَّةٌ، والصَوَابُ فِيهَا مُتَعَيِّنٌ، ولَيْسَ فِيهَا إِلاَّ رَأْيٌ وَاحِدٌ قَطْعِيٌّ.
وإِنْ كَانَ خِطَابُ الشَارِعِ قَطْعِيَّ الثُبُوتِ ظَنِّيَّ الدِلالَةِ فإِنَّ الحُكْمَ الَّذِي تَضَمَّنَهُ ظَنِّيٌّ مِثْلُ آيَةِ الجِزْيَةِ، فإِنَّهَا قَطْعِيَّةُ الثُبُوتِ، ولَكِنَّهَا ظَنِّيَّةُ الدِلالَةِ في التَفْصِيلِ، فالحَنَفِيَّةُ يَشْتَرِطُونَ أَنْ تُسَمَّى جِزْيَةً، وأَنْ يُظْهَرَ الذِلُّ عَلَى مُعْطِيهَا حِينَ إِعْطَائِهَا. والشَافِعِيَّةُ لا يَشْتَرِطُونَ تَسْمِيَتَهَا جِزْيَةً، بَلْ يَصِحُّ أَنْ تُؤْخَذَ بِاسمِ زَكَاةٍ مُضَاعَفَةٍ، ولا ضَرُورَةَ لإِظْهَارِ الذُلِّ، بَلْ يَكْفِي الخُضُوعُ لأَحْكَامِ الإِسْلامِ.
أَمَّا إِنْ كَانَ خِطَابُ الشَارِعِ ظَنِّيُ الثُبُوتِ كالحَدِيثِ غَيْرَ المُتَوَاتِرِ، فيَكُونُ الحُكْمُ الَّذِي تَضَمَّنَهُ ظَنِّيَّاً، سَوَاءً أَكَانَ قَطْعِيَّ الدِلالَةِ كَصِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ فَإِنَّهَا ثَبَتَتْ بالسُنَّةِ، أَوْ ظَنِّيَّ الدِلالَةِ كَمَنْعِ إِجارَةِ الأَرْضِ فَإِنَّهُ ثَبَتَ بالسُنَّةِ.
وخِطَابُ الشَارِعِ يُفْهَمُ مِنْهُ الحُكْمُ الشَرْعِيُّ بِاجتِهَادٍ صَحِيحٍ، ولِذَلِكَ كَانَ اجتِهَادُ المُجْتَهِدِينَ هُوَ الَّذِي يُظْهِرُ الحُكْمَ الشَرْعِيَّ، وعَلَى ذَلِكَ فَحُكْمُ اللهِ في حَقِّ كُلِّ مُجْتَهِدٍ هُوَ مَا أَدَّى إِلَيْهِ اجتِهَادُهُ وغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ.
فالمُكَلَّفُ إِذَا حَصَلَتْ لَهُ أَهْلِيَّةُ الإجتهاد بِتَمَامِهَا في مَسْأَلَةٍ مِنَ المَسَائِلِ فَإِنْ اجتَهَدَ فِيهَا وأَدَّاهُ اجتِهَادُهُ إِلَى حُكْمٍ فِيهَا، فَقَدْ اتَّفَقَ الكُلُّ عَلَى أَنَّهُ لا يَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ مِنَ المُجْتَهِدِينَ، في خِلافِ ما أَوْجَبَهُ ظَنُّهُ، ولا يجوزُ لهُ تَرْكُ ظَنِّهِ إِلاَّ إِذَا تَبَنَّى الخَلِيفَةُ حُكْمَاً شَرْعِيَّاً، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ العَمَلُ بِمَا أَمْرَ بِهِ الخَلِيفَةُ، لأَنَّ ما أَدَّى إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ وغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ هُوَ حُكْمُ اللهِ في المَسْأَلَةِ وهُوَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، ولأَنَّ أَمْرَ الإِمَامِ يَرْفَعُ الخِلافَ. أَمَّا إِذَا لَمْ يَجْتَهِدْ مَنْ لَهُ أَهْلِيَّةُ الإجتهاد فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ مِنَ المُجْتَهِدِينَ، لأَنَّ إِجْمَاعَ الصَحَابَةِ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ للمُجْتَهِدِ أَنْ يَتْرُكَ اجتِهَادَهُ ويُقَلِّدَ غَيْرَهُ مِنَ المُجْتَهِدِينَ.
وأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ أَهْلِيَّةُ الإجتهاد فَهُوَ المُقَلِّدُ، وهُوَ قِسْمَانِ مُتَّبِعٌ وعَامِّيٌ فالمُتَّبِعُ هُوَ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مُحَصِّلاً لِبَعْضِ العُلُومِ المُعْتَبَرَةِ في الإجتهاد، فَإِنَّهُ يُقَلِّدُ المُجْتَهِدَ بَعْدَ أَنْ يَعْرِفَ دَلِيلَهُ، وحِينَئِذٍ يَكُونُ حُكْمُ اللهِ في حَقِّ هَذَا المُتَّبِعِ هُوَ قَوْلَ المُجْتَهِدِ الَّذِي اتَّبَعَهُ. وأَمَّا العَامِّيُّ فَهُوَ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مُحَصِّلاً لِبَعْضِ العُلُومِ المُعْتَبَرَةِ في الإجتهاد فَإِنَّهُ يُقَلِّدُ المُجْتَهِدَ دُونَ أَنْ يَعْرِفَ دَلِيلَهُ. وهذا العَامِّيُّ يَلْزَمُهُ تَقْلِيدُ قَوْلِ المُجْتَهِدِينَ والأَخْذُ بالأَحْكَامِ الَّتِي استَنبَطُوهَا، ويَكُونُ الحُكْمُ الشَرْعِيُّ في حَقِّهِ هُوَ الَّذِي إِسْتَنْبَطَهُ المُجْتَهِدُ الَّذِي قَلَّدَهُ. وعَلَى ذَلِكَ فالحُكْمُ الشَرْعِيُّ هُوَ الَّذِي إِسْتَنْبَطَهُ مُجْتَهِدٌ لَهُ أَهْلِيَّةُ الإجتهاد، وهُوَ في حَقِّهِ حُكْمُ اللهِ لا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُخَالِفَهُ ويَتَّبِعَ غَيْرَهُ مُطْلَقَاً، وكذَلِكَ هُوَ في حَقِّ مَنْ قَلَّدَهُ حُكْمُ اللهِ لا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُخَالِفَهُ.
والمُقَلِّدُ إِذَا قَلَّدَ بَعْضَ المُجْتَهِدِينَ في حُكْمِ حَادِثَةٍ مِنَ الحَوَادِثِ وعَمِلَ بِقَوْلِهِ فِيهَا، فلَيْسَ لَهُ الرُجُوعُ عَنْهُ في ذَلِكَ الحُكْمِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِهِ مُطْلَقَاً. وأَمَّا تَقْلِيدُ غَيْرِ ذَلِكَ المُجْتَهِدِ في حُكْمٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ لِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ إِجْمَاعُ الصَحَابَةِ مِنْ تَسوِيغِ استِفتَاءِ المُقَلِّدِ لِكُلِّ عَالَمٍ في مَسْأَلَةٍ. وأَمَّا إِذَا عَيَّنَ المُقَلِّدُ مَذْهَبَاً كَمَذْهَبِ الشَافِعِيِّ مَثَلاً وقَالَ أَنَا عَلَى مَذْهَبِهِ ومُلْتَزِمٌ لَهُ فَهُنَاكَ تَفْصِيلٌ في ذَلِكَ وهُوَ: إِنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ مِنَ المَذْهَبِ الَّذِي قَلَّدَهُ اتَّصَلَ عَمَلُهُ بِهَا فلَيْسَ لَهُ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ فِيهَا مُطْلَقَاً، وما لَمْ يَتَّصِلُ عَمَلُهُ بِهَا فَلا مَانِعَ مِنْ إِتِّبَاعِ غَيْرِهِ فِيهَا. وأَمَّا المُجْتَهِدُ فَإِنَّهُ إِذَا تَوَصَّلَ بِاجتِهَادِهِ إِلَى حُكْمِ مَسْأَلَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ ما تَوَصَّلَ إِلَيْهِ اجتِهَادُهُ فِيهَا وأَنْ يُقَلِّدَ غَيْرَهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ لِجَمْعِ المُسْلِمِينَ عَلَى رَأْيٍ وَاحِدٍ كَمَا حَصَلَ مَعَ عُثْمَانَ عِنْدَ بَيْعَتِهِ.