المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رحل المعلم ورجل الأمن والزعيم الكبير



الككاو
04-08-2005, 06:20 AM
رحل المعلم ورجل الأمن والزعيم الكبير

المرحلة التي شهدت تاريخ خادم الحرمين الشريفين بتوليه الحكم، من أخطر التواريخ في المنطقة، ولأن المملكة احد أقطاب تحريك الأحداث، ومحور رئيسي على المستويات الاستراتيجية جغرافياً إذا علمنا أن حدودها البحرية فقط على الخليج قد تصل إلى ألف كيلو متر، وعلى البحر الأحمر ألفين وأربعمائة كيلو متر، وهي ميزة لا تتوفر للعديد من الدول المجاورة، هذا عدا دورها الروحي والاقتصادي..


في أجواء تلك المرحلة قاد المرحوم خادم الحرمين الشريفين طفرات كبيرة، في الداخل، حيث البناء التنموي الشامل في تأسيس الدولة الاقتصادية الهامة، وعربياً استطاع أن يواجه حروب الخليج ولبنان، وتوتر الأوضاع بين مختلف الدول، وإسلامياً كان دوره إنهاء أزمة الحرب الطويلة بين الأفغان والاتحاد السوفياتي، وحرب البلقان، التي شهدت مجازر المسلمين من قبل الصرب والانفتاح على ايران كدولة شقيقة، وتوظيف قدرات المملكة بمواجهة أخطر أزمة مع أمريكا بعد انفجار البرجين في نيويورك، والتعدي على البنتاغون، والتي كادت أن تقلب الصداقة التقليدية، إلى حرب مباشرة، لولا أن قيادتي البلدين وضعت الاحتمالات والنتائج في موازين التحليل المنطقي لتلك الأزمة من زواياها المختلفة، ومن ثم عودة العلاقة إلى طبيعتها بعد الفهم المشترك أن الإرهابيين هم من حاول دق اسفين بين البلدين كأحد أهدافهم، وتصوراتهم..

ثم لا ننسى كيف واجه المرحوم تدني مستويات أسعار النفط والحرب مع الدول المستهلكة، بخلق توازن لايضر بالمنتجين والمستهلكين، ولملمة شتات دول أوبك أن تفقد قدرتها على لعب دور متماسك بدلاً من التشتت والانقسام..

وإذا كان طبيعة المنطقة العربية عدم الاستقرار فقد كان اتفاق الطائف بين الفصائل اللبنانية نقطة تحول اساسية في القضاء على أخطر حرب أهلية، واعادة بناء دولة المؤسسات والتجانس الوطني..

هناك شخصيات يضعها التاريخ في قلب الأزمات، وهنا يصبح التصرف الخطأ خطراً مباشراً على القيادة ووطنها، وما واجهه خادم الحرمين الشريفين، وخاصة تلك الظروف غير المتوقعة، باحتلال الكويت، وتشريد شعبه، من قبل أن تتعافى دول الخليج من حرب عراقية، ايرانية، والتي وضعت المملكة أمام أخطر حالة اقتصادية حين تحملت عبء التكاليف لتحرير الكويت، وايواء الأخوة هناك، والمخاطر التي حولت المملكة رأس حربة أمام تهور القيادة العراقية وجنونها، في جعلها القاعدة الأساسية أمام طوفان انفعالي عربي، وقف بعضه في صف صدام ما شكل مأزقاً للأمة العربية بأسرها، وقد كشفت ضعف البنية القومية، وكيف أن اكتساح وطن من جذوره، والحاقه باسم «عودة الفرع إلى الأصل» كادت أن تفتح حروباً بين معظم الدول العربية، وهو ادراك جاء متأخراً عندما أصبحت الحقائق تكشف أن التهور ليس خطأ في تقدير متغيرات العصر، ورفض مثل هذا التصرف، وإنما بخلق أزمات لا تسمح الدول الكبرى أن تخل بحسابات مصالحها، وسط هذا كله استطاع المرحوم خادم الحرمين الشريفين أن يحافظ على وحدة وطنه، وأن يرفع سقف الثقة لدول الخليج، ويضع صدام حسين في حجمه الطبيعي ليبقى عنصراً مرفوضاً، ومحبوساً داخل مواقعه التي ينتقل اليهاً سراً في اجتماعاته، ومنامه، وأن يعيد سيرة التضامن العربي وفق منطق الأحداث لاقراراتها المتهورة..

يبقى من يتساءل، هل من تغير بطبيعة سياسة المملكة بعد فقدان أحد أركانها، سلباً، أم ايجاباً، عليه أن يقرأ تسلسل السلطة بدءاً من المؤسس العظيم، وحتى وصول خادم الحرمين الشريفين الجديد الملك عبدالله، وكيف أن الأمور تحسم في إطارها الطبيعي دون افتراق بين أبناء الأسرة الملكية، والدرع الوطني الواقي، الذي يعد الرصيد الأهم في صيانة وحدة الوطن في المبايعة الشعبية لكل القيادات السعودية.. جوهر الموضوع أن المملكة لم تدخل امتحاناً صعباً في انتقال السلطة وإنما أثبتت أن رواسخها أكبر من التخرصات، أو الاوهام التي تنسجها بعض الآراء والأفكار وهذا أحد مصادر قوتها وثباتها كقوة مركزية في محورها العربي والعالمي..

منقول من جريدة الرياض

ToTi the king
04-08-2005, 07:22 AM
الله يرحمه ........مشكور على الموضوع