~*~سحابة صيف~*~
06-08-2005, 10:05 AM
فتاة الليل
مكتترة الجسم .. متوسطة الطول .. ذات بشرةةقمحية.. لها شفتان دسمتان وأنفا كالسيف.. عيونها واسعة حتى لكأنها تأخذ جزأ كبيراىمن وجهها ..
رغم حالة الفقر المدقع الذي تحياه مع أسرتها إلا أنها تعشق الطيب .. فلا تخلو حجرتها من زجاجة ماء ورد تقتصد في استعماله, وعلبة بخور محلية الصنع .. وزجاجتي عطر صغيرتين من العطور التقليدية .. عود وعنبر.. أهديتإيا هما من إحدى الجارات .. هذه " مّي " التي لا تخلو عيناها من الكحل .. ولا يخلو شعرها – والذي تُخرج مقدمته – من دهن الزيت.
سالم زوجها صياد فقير .. الذي إنبسط عليه الرزق من حصاد صيد باعه في السوق بعدما يُبقي لعائلته الشيءاليسير.
ويشتري ببعض ربحه أساسيات الحياة اليومية.. لسالم ومّي عشر من الأولاد أكبرهم زهرة .. وأصغرهم ريحانة .. والأوسط بين هذه وتلك من الذكور .. اتخذت مّي مكانها بين الجارات .. فقد اعتدن على اللقاء كل صباح .. وعلا صوتها بين الحاضرات .. تمّيل هذه بضحكات عالية .. وتلقي كلمة بذيئة لتلك .. وهكذا أيامها دواليك.
أسرفت مّي في الضحك هذا اليوم .. كما تمادت الكلمات سقما وهي تعلق على جاراتها.. وهن يتغامزن ويضحكن .. وانتهت القهوة الصباحية على أمل لقاء جديد.. عادت مّي لبيتها لتستعد لطهي الغداء .. لكنها لم تجد السمكات التي اعتاد زوجها وضعها في الطبخ .. وطال الانتظار .. ومضت الساعات ثقيلة الخطى.. الهواجس تعبث بمّي .. فتمد موجا وتبتلع آخر .. ولما تجاوز الصبر حدوده .. خرجت لتخبر الجيران.. علها تجد جوابا لحيرة أسئلة تدور في حناياها تحرقها بالعذاب..
خرج رجال القرية وشبابها لاستطلاع الخبر .. ولكن لا جواب.. توارت الشمس بعد أن ودعت القرية لتستريحمن عناء يوم طويل.. وحملت ما تبقى من نور .. سالم لم يعد .. عاد حطام قاربه بعد أنضمه البحر في صدره العميق لينقله إلى عالم الغيب.
فقدت مّي وأبنائها العائل الوحيد بعد الله.. فلفهم الأسى .. وغابت البسمات لتتحول إلى الأشجان دونها .. واستبدلت بالعبرات.. بالأمس كان البحر هو الأمل والرجاء .. واليوم ترنو إليه العيون مقرحة المدامع .. نظرات العذاب والشقاء تسائل أمواجه .. هناك الحبيب ساكن .. ولم يجد من ينقذه .. فلا مفر من القدر .. لن يعود ذلك الحبيب .. ستسأل عنه الشمس وتفتقده النجوم .. عاد قاربه محطم الأجزاء .. أما هو.. فقد ضم الآمال في صدره .. وطوى كل الأحلام .. وهناك في بيته المتصدع الجدران شبكة ترجو إصلاحها .. وإزار .. وقميص .. هناك مرآة مكسورة .. كان سالم ينظر فيها إلى شعرات الشيب التي بدت تغزولحيته وشعر رأسه.. ظلت المرآة تنتظر ليطل بوجهه النحيل .. وهناك الأفراح ماتت فيقلوب الصغار .. وحالة البؤس تزداد يوما إثر يوم .. رغم نوال المحسنين.. والبحرقبالة الدار .. تناجيه الأرواح أن رحماك .. وتحترق قلوب من يعي رحيله إلى دارالقرار.
انتهت العدة .. لكن الأحزان لم تنته .. وطوت الأيام دورتها لتجدد دورات من الحياة أخرى .. ولم يبق من زاد الأيام إلا العذاب .. ونفد الصبر .. نظرت مّي في ليلة أطل القمر بدرا ينير الكون إلى أبنائها النيام تفكر في طريق يسد جوعتهم ويكسوعورتهم .. وقلّبت الأمور ظاهرا وباطنا .. واهتدت بفكرها العليل إلى طريق رأته الأيسر في الدروب .. والأملأ للجيوب..
يتبع...
مكتترة الجسم .. متوسطة الطول .. ذات بشرةةقمحية.. لها شفتان دسمتان وأنفا كالسيف.. عيونها واسعة حتى لكأنها تأخذ جزأ كبيراىمن وجهها ..
رغم حالة الفقر المدقع الذي تحياه مع أسرتها إلا أنها تعشق الطيب .. فلا تخلو حجرتها من زجاجة ماء ورد تقتصد في استعماله, وعلبة بخور محلية الصنع .. وزجاجتي عطر صغيرتين من العطور التقليدية .. عود وعنبر.. أهديتإيا هما من إحدى الجارات .. هذه " مّي " التي لا تخلو عيناها من الكحل .. ولا يخلو شعرها – والذي تُخرج مقدمته – من دهن الزيت.
سالم زوجها صياد فقير .. الذي إنبسط عليه الرزق من حصاد صيد باعه في السوق بعدما يُبقي لعائلته الشيءاليسير.
ويشتري ببعض ربحه أساسيات الحياة اليومية.. لسالم ومّي عشر من الأولاد أكبرهم زهرة .. وأصغرهم ريحانة .. والأوسط بين هذه وتلك من الذكور .. اتخذت مّي مكانها بين الجارات .. فقد اعتدن على اللقاء كل صباح .. وعلا صوتها بين الحاضرات .. تمّيل هذه بضحكات عالية .. وتلقي كلمة بذيئة لتلك .. وهكذا أيامها دواليك.
أسرفت مّي في الضحك هذا اليوم .. كما تمادت الكلمات سقما وهي تعلق على جاراتها.. وهن يتغامزن ويضحكن .. وانتهت القهوة الصباحية على أمل لقاء جديد.. عادت مّي لبيتها لتستعد لطهي الغداء .. لكنها لم تجد السمكات التي اعتاد زوجها وضعها في الطبخ .. وطال الانتظار .. ومضت الساعات ثقيلة الخطى.. الهواجس تعبث بمّي .. فتمد موجا وتبتلع آخر .. ولما تجاوز الصبر حدوده .. خرجت لتخبر الجيران.. علها تجد جوابا لحيرة أسئلة تدور في حناياها تحرقها بالعذاب..
خرج رجال القرية وشبابها لاستطلاع الخبر .. ولكن لا جواب.. توارت الشمس بعد أن ودعت القرية لتستريحمن عناء يوم طويل.. وحملت ما تبقى من نور .. سالم لم يعد .. عاد حطام قاربه بعد أنضمه البحر في صدره العميق لينقله إلى عالم الغيب.
فقدت مّي وأبنائها العائل الوحيد بعد الله.. فلفهم الأسى .. وغابت البسمات لتتحول إلى الأشجان دونها .. واستبدلت بالعبرات.. بالأمس كان البحر هو الأمل والرجاء .. واليوم ترنو إليه العيون مقرحة المدامع .. نظرات العذاب والشقاء تسائل أمواجه .. هناك الحبيب ساكن .. ولم يجد من ينقذه .. فلا مفر من القدر .. لن يعود ذلك الحبيب .. ستسأل عنه الشمس وتفتقده النجوم .. عاد قاربه محطم الأجزاء .. أما هو.. فقد ضم الآمال في صدره .. وطوى كل الأحلام .. وهناك في بيته المتصدع الجدران شبكة ترجو إصلاحها .. وإزار .. وقميص .. هناك مرآة مكسورة .. كان سالم ينظر فيها إلى شعرات الشيب التي بدت تغزولحيته وشعر رأسه.. ظلت المرآة تنتظر ليطل بوجهه النحيل .. وهناك الأفراح ماتت فيقلوب الصغار .. وحالة البؤس تزداد يوما إثر يوم .. رغم نوال المحسنين.. والبحرقبالة الدار .. تناجيه الأرواح أن رحماك .. وتحترق قلوب من يعي رحيله إلى دارالقرار.
انتهت العدة .. لكن الأحزان لم تنته .. وطوت الأيام دورتها لتجدد دورات من الحياة أخرى .. ولم يبق من زاد الأيام إلا العذاب .. ونفد الصبر .. نظرت مّي في ليلة أطل القمر بدرا ينير الكون إلى أبنائها النيام تفكر في طريق يسد جوعتهم ويكسوعورتهم .. وقلّبت الأمور ظاهرا وباطنا .. واهتدت بفكرها العليل إلى طريق رأته الأيسر في الدروب .. والأملأ للجيوب..
يتبع...