المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دروس من حياة الامام الشهيد حسن البنا ( عظماء فى التاريخ )



sheko0o
16-08-2005, 01:02 AM
بقلم: د. محيي حامد ("]دروس من حياة الإمام البنا[/url]



د. محيي الدين حامد[/color] ("]إخوان أون لاين - 14/02/2005


http://www.n0f.net/uploads/08-15-05~44444.jpg
[url=")




في يوم 12 فبراير 1949م رحل الإمام حسن البنا ولقي ربه شهيدًا، ولقد ظن الأعداء أنه بقتله ستنتهي جماعة الإخوان، ولكنها لم تكن دعوة حسن البنا، ولكنها دعوة الله، فاستمرت وقويت وتعمقت جذورها واشتد ساقها وامتدت فروعها، ولقد ظلَّت دعوةُ الإخوان المسلمين تعمل وتجاهد على الساحة المحلية والعالمية، وتسعى لتحقيق الغاية والأهداف التي قامت من أجلها، والتي حددها الإمام البنا في قوله: "أيها المسلمون: عبادة ربكم والجهاد في سبيل التمكين لدينكم وإعزاز شريعتكم هي مهمتكم في الحياة، فإن أديتموها حق الأداء فأنتم الفائزون...".

ولذا جدير بنا ونحن نعيش ذكرى استشهاد الإمام البنا أن نستخلص الدروس والمعاني التربوية، ونعمل على تحقيقها في أنفسنا وفى واقع الأمة الإسلامية.



1- استشعار المسئولية والغيرة على الدين

لقد كان الإمام البنا يستشعر عظم المسئولية والأمانة التي تقع على عاتق كل الدعاة والمصلحين الغيورين على دينهم في ظل حالة الضعف التي تمر بالأمة الإسلامية منذ سقوط الخلافة الإسلامية، ولهذا كان نداء الإمام البنا : "علينا أن نُوقظ الأمة من غفلتها، وأن نقف أمام هذه الموجة المادية الطاغية، ونستعيد مجد الإسلام..."، "شاءت الظروف أن نواجه أغاليط الماضي، وأن يكون علينا: رأب الصدع.. وجبر الكسر.. وإنقاذ أنفسنا وأبنائنا.. واسترداد عزتنا ومجدنا.. وإحياء حضارتنا وتعاليم ديننا.. وأن نعمل على إنقاذ الأمة من الخطر المحدق بها".



لقد تملَّك الإسلام على كيانه كله وتحرك به وله، ويبدو هذا الأمر واضحًا في تلك المشاعر والأحاسيس التي ذكرها الإمام البنا في مذكراته: "كنا نسهر الليالي الطوال نبكي على ما آل إليه حال الأمة"، إنَّ الشعور بالمسئولية هو الذي جعل الإمام البنا وإخوانه يفكرون ويعملون بكل جد واجتهاد في تأسيس هذه الدعوة المباركة التي عمَّت ربوع الأرض، وكان لها أثرها العظيم في كثيرٍِ من الأقطار، ومن هنا نُدرك أهمية استشعار عظم المسئولية والأمانة التي في أعناقنا تجاه أمتنا الإسلامية وجميع المسلمين في بقاع الأرض، ونعلم أنَّ الله سائلنا عمَّا ما قدمنا لنصرة هذا الدين العظيم.



2- الإيمان العميق والاتصال الوثيق بالله

ولقد أهتم الإمام البنا بالزاد الروحي مقتديًا في ذلك برسول الله- صلى الله عليه وسلم-، وكانت حياته ترجمة عملية للداعية الموصول بالله، المؤمن بفكرته وعقيدته، والمخلص لها، وكان لسان حاله يقول: "إنما تنجح الفكرة إذا قوي الإيمان بها، وتوفر الإخلاص في سبيلها، وازدادت الحماسة لها، والاستعداد للتضحية والعمل لتحقيقها"، وكان من أقواله: "اعلموا أنَّ أسلافكم الكرام لم ينتصروا إلا بقوة إيمانهم، وطهارة نفوسهم، وذكاء أرواحهم، وعملهم على عقيدة واقتناع، فاختلطت عقيدتهم بنفوسهم، واختلطت نفوسهم بعقيدتهم، فأصبحوا هم الفكرة، والفكرة هم"، وكان الشعار الذي رفعه الإمام البنا هو لنكن: "رهبانًا بالليل، فرسانًا بالنهار".



3- التربية والتكوين

ولقد حَرِصَ الإمامُ البنا على تربيةِ وتكوينِ جيلٍ يؤمن بتعاليم الإسلام، ويعمل على تحقيقه في واقع الأمة، ولقد أوضح الإمام البنا ذلك بقوله: "يجب أن تكون دعامة النهضة التربية فتُربَّى الأمة أولاً، وتفهم حقوقها تمامًا، وتتعلم الوسائل التي تنال بها هذه الحقوق، وتربى على الإيمان بها" وقال: "التربية والإعداد أساس النجاح قبل المال والعتاد، فإن الدعوات عمادها الإيمان قبل المال، وإذا وجد المؤمن الصحيح وجدت معه وسائل النجاح جميعًا"، ولهذا حرص الإمام البنا على انتقاء الأفراد وإعدادهم وفقًا للبرامج التربوية والوسائل العملية التي تحقق ذلك، فأسس نظام الأسر، ونظَّم الكتائب وكوَّن فرق الرحلات والمعسكرات وغيرها من الوسائل التي تربَّى الأفراد على منهج الإسلام فهمًا وسلوكًا وتطبيقًا، ولذا نجح الإمام البنا في أن يصنع من أصحابه وتلامذته نماذج عملية تُذكِّر الناسَ بعهود الصحابة والتابعين.


http://www.n0f.net/uploads/08-15-05~ikh180.jpg
الإمام الشهيد حسن البنا


وكان من توجيهات الإمام البنا لإخوانه: "العمل مع أنفسنا هو أول واجباتنا، فجاهدوا أنفسكم واحملوها على تعاليم الإسلام وأحكامه، ولا تتهاونوا معها في ذلك بأي وجه من الوجوه، أدوا الفرائض، وأقبلوا على الطاعة، وفروا من الإثم، وتطهروا من العصيان، وصلوا قلوبكم ومشاعركم دائمًا بالله".



4- التنظيم الدقيق

وكما كان الإمام البنا عبقريًا في البناء والتربية، كان أيضًا عبقريًا في التنظيم والإدارة، وكان حريصًا على وضع الهياكل والنظم واللوائح التي تنظم هؤلاء الأفراد وتجعل منهم نسيجًا قويًا، يعمل بكل حب وانسجام دون تنازعٍ أو فرقةٍ أو خلاف، بل بالوحدة والترابط والتآلف، ولقد مرت الدعوة بمحن شديدة وقاسية، وخرجت منها أشد عودًا وأقوى تأثيرًا، بفضلٍ من الله أولاً، ثم بما كان عليه هذا البناء من التكوين والتنظيم الدقيق، مما كان له أثرٌ كبيرٌ في استمرار هذه الدعوة إلى وقتنا هذا مع استمرار العطاء، ولله الفضل والمنة.


5 - العمل المتواصل والجهاد المستمر

لقد كان الإمام البنا رجل العمل والجهاد والتضحية، وفي هذا يقول الإمام البنا: "رجل القول غير رجل العمل، ورجل العمل غير رجل الجهاد، ورجل الجهاد فقط غير رجل الجهاد المنتج الحكيم الذي يؤدى إلى أعظم الربح بأقل التضحيات".



"إن ميدان القول غير ميدان الخيال.. وميدان العمل غير ميدان القول.. وميدان الجهاد غير ميدان العمل.. وميدان الجهاد الحق غير ميدان الجهاد الخاطئ".. "ليس مع الجهاد راحة حتى يضع النضال أوزاره، وعند الصباح يحمد القوم السري"، "لا نهوض لأمة بغير خُلُق- فإذا استطاعت الأمة أن تتشبع بروح الجهاد والتضحية وكبح جماح النفس والشهوات أمكنها أن تنجح"، ومن هذا نستشعر قيمة العمل المتواصل الدءوب، والسير في طريق الجهاد الحق.



6- صفاء النفس والقدرة على جمع القلوب


ولقد تميز الإمام البنا بخاصية تأليف الرجال، والاستحواذ على أفئدتهم، ولقد وهبه الله صفاء النفس، وقوة التأثير، والقدرة على جمع القلوب، ويصفه الأستاذ حسن الهضيبي- رحمه الله- بقوله: "انقضى وقت طويل دون أن ألتقي به، ولما أذن الله بذلك والتقينا فإذا تواضع جم، وأدب لا تكلف فيه، وعلم غزير، وذكاء فريد، وعقل واسع ملم بالشئون جليلها وحقيرها، وآمال عراض، كل ذلك يحفه روح ديني عاقل، لا تعصبَ فيه ولا استهتار، وأُقسم أني التقيت به وعاشرته، فما سمعتُ منه كلمةً فيها مغمز في عرضِ أحد أو دين أحد، حتَّى من أولئك الذين تناولوه بالإيذاء والتجريح في ذمته ودينه، وكان في ذلك ملتزمًا حد ما أمره الله".



7- الحرص على وحدة المسلمين

لقد دعا الإمام البنا إلى نبذ الخلافات الفرعية بين المسلمين، وضرورة اجتناب التعصب؛ لأن الاجتماع على الأصول خير من الاختلاف حول الفروع، ويقول الإمام البنا: "لسنا حزبًا سياسيًّا، وإن كانت السياسة من صميم فكرتنا، ولكننا أيها الناس فكرة وعقيدة، ونظام ومنهج، لا يحده موضع، ولا يقيده جنس، ولا يقف دونه حاجز جغرافي، ولا ينتهي، بأمر الله، حتى يرث الله الأرض ومَن عليها؛ لأنه نظام رب العالمين، ومنهاج رسوله الأمين".



8- الحرص على البذل و العطاء والتضحية

لقد ظلَّ الإمام البنا يعيش طوال حياته عيشة الكفاف ليس له دخل إلا وظيفته، وكان يجوب جميع المحافظات والقرى والنجوع يبلغ دعوة الله، يُعطي من وقته وماله وجهده، وكان من توفيق الله له أن يختم له بالشهادة في سبيله، وبذلك تكتمل لديه جوانب التضحية المتعددة، فهنيئًا لمَن وفقهم الله ليكونوا شهداء في سبيل إعلاء كلمة ونصرة دينه.



9- التوازن بين الأصالة والتجديد

لقد استطاع الإمام البنا أن يرفع راية التجديد في الإسلام منذ الأربعينيات، وأن يُحوِّل رسالة الإسلام من مجرد أفكار وآراء تتناولها الكتب والمجلدات إلى واقع حي، وإلى حركة إسلامية تعيشها المجتمعات الإسلامية، وكان حريصًا على احترام الأئمة والمجتهدين والعلماء من السلف الصالح، ونادى بضرورة أخذ ما يُناسب العصر، وفتح باب الاجتهاد، ولهذا وضع الإمام البنا الأصول العشرين التي تعين كل مسلم على الفهم الصحيح المتوازن لهذا الدين دون إفراط أو تفريط.



10 - القوة النفسية العظيمة والهمة العالية

لقد كان الإمام البنا صاحب همة عالية وقوة نفسية عظيمة، وكان من كلماته: "إنَّ تربية الأمم وتكوين الشعوب ومناصرة المبادئ، تحتاج من الفئة التي تريد ذلك إلى قوة نفسية عظيمة تتمثل في إرادة قوية لا يتطرق إليها ضعف، ووفاء لا يعدو عليه تلون أو غدر، وتضحية عزيزة لا يحول دونها طمع أو بخل، وإيمان بالمبدأ ومعرفة به، يعصم من الخطأ فيه أو الانحراف عنه أو المساومة عليه أو الخديعة بغيره"، ولقد تعرَّض الإمام البنا لكثير من الضغوط ومحاولات التضييق، ولكنه كان صاحب إرادة قوية استطاعت أن تواجه هذا كله بعزيمةٍ وهمة عالية.



ولقد رسم الإمام البنا صورة المجاهد قولاً وحققها عملاً وواقعا، فقال: "أتصور المجاهد شخصًا أعد عدته، وأخذ أهبته، وملك عليه الفكر نفسه، فهو دائم التفكير، عظيم الاهتمام، على قدم الاستعداد أبدًا، إذا دُعِيَ أجاب، غدوه ورواحه، حديثه وكلامه، جده ولعبه، لا يتعدى الميدان الذي أعدَّ نفسه له، ترى في بريق عينيه، وتقرأ في قسمات وجهه، وتسمع من فلتات لسانه، ما يدلك على ألم دفين في صدره"، هكذا عاش الإمام البنا حياة المجاهد حتى لقي ربه شهيدًا.



لقد رحل الإمام البنا، وسيبقى في قلوبنا بالرابطة القلبية، وفي أروحنا بالتربية الروحية، وفي عقولنا بالإفادة العلمية، وفي واقعنا ومستقبلنا بما وضعه من أسس في التربية والتكوين والدعوة والحركة والتنظيم.



إننا ما أحوجنا إلى أن نعيش حياة المجاهدين، وأن يختم لنا بالشهادة في سبيل الله، وهذا يتطلب منا همة عالية، ونفس صافية، وصدق مع الله، وعمل دءوب حتى نلقى الله، ونحن أوفياء لديننا ولدعوتنا.

اللهم ارزقنا عيشة السعداء، وميتة الشهداء، والفوز بالجنة والنجاة من النار.



http://www.n0f.net/uploads/08-15-05~albana2.jpg