مشاهدة النسخة كاملة : روضة وبستان في حفظ القرآن
motasem-sh
20-08-2005, 03:17 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني الكرام أقدم لكم هذا الموضوع الذي أعتبره تتمة لموضوعي السابق الذي وضعته من أجل حفظ القرآن الكريم ...
قمت في هذا الموضوع بوضع طرق حفظ القرآن الكريم وقواعدها وبرامج عملية في عمليه الحفظ وقمت بوضع مقالات عن فضل الحفظ وعن أهميته كما قمت بوضع بعض الروابط لأمور ضروريه للقارىء والحافظ كمتن الشاطبية مثلا . صحيح إنو الموضوع كبير لكن خيره أكبر
أرجو من الله سبحاه وتعالى أن يعيننى على ماهو خير لنا في دنيانا وآخرتنا.
أخي أبو البراء أنا وضعت هذا الموضوع في منتدى التسجيلات والصوتيات الاسلامية والمنتدى الاسلامي العام حتى تعم الفائدة فأرجو منك أن تعذرني .... وتحياتي الحارة لك.
نرجو من الإخوة الكرام عدم الرد حتى نهاية الموضوع
بَدَأْتُ بِبِسْمِ اْللهُ فيِ النَّظْمِ أوَّلاَ تَبَارَكَ رَحْمَاناً رَحِــــــــــــــيماً وَمَوْئِلاَ
وَثَنَّيْتُ صَلَّى اللهُ رَبِّي عَلَى الِرَّضَا مُحَمَّدٍ الْمُهْدى إلَى النَّاسِ مُرْسَلاَ
الباب الأول - حفظ القرآن الكريم - الشيخ محمد الدريش
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد -
فقد كانت البشرية تعيش في تخبط وتيه وتُوزِّع ولاءاتها بين طواغيت وأصنام، وبين كهان ومشعوذين، قد أسلمت يدها كالأعمى لهؤلاء يقودونها أينما أرادوا وكيفما شاءوا.
فجاء الله تبارك وتعالى بهذا الكتاب هادياً ومبشراً ونذيراً للناس، ((كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد. الله الذي له مافي السموات ومافي الأرض وويل للكافرين من عذاب شديد)) (إبراهيم1-2).
جاء هذا الكتاب المبين فنقل الله به الناس من الجاهلية والشرك إلى الهداية والتوحيد، من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وتحولت تلك الأمة التي تحمله من أمة لا تُذْكر إلا مثالاً على الهمجية والتخلف، إلى أمة تأخذ بزمام البشرية أجمع لتقودها لسعادة الدارين.
وما هي إلا سنوات وانطلق حملة هذا الكتاب يجوبون الديار، ويقطعون الفيافي حاملين رسالة التوحيد ومشعل الهداية للبشرية أجمع، وهاهي قبورهم المتناثرة هنا وهناك تبقى شاهداً على هذه الحقيقة.
ودار الزمان دورته، وأصبح الأمر كما قال الشاعر-
ومافتيء الزمان يدور حتــى مضى بالمجد قوم آخرونــا
وأصبح لايرى في الركب قومي وقد عاشوا أئمته سنينــا
وآلمني وآلم كل حـــــر سؤال الدهر أين المسلمونا
واليوم وقد بدأت بشائر النور تلوح في الأفق، يشعر جيل الصحوة وحاملو الراية أن عنوان فلاحهم، وأمارة استقامة منهجهم، ودليل سيرهم على خطا الرعيل الأول في الإقبال على كتاب الله.
فبدأ الشباب يتوافدون على حفظ القرآن والإقبال على تلاوته وتدبره، وهي خطوة رائدة بإذن الله تحتاج إلى من يدفعها لتبذل المزيد، ولمن يقول لأولئك الذين لما يلحقوا بالقافلة بادروا ففي الأمر متسع، وهلموا قبل أن يفوت الأوان.
وتأتي هذه الرسالة -وهي الرابعة ضمن رسائل للشباب- علها أن تساهم في دفع المسيرة، وتوجيه الشباب نحو مزيد من الإقبال على كتاب الله وتعاهده، وأن تكون معيناً ومثبتاً لأولئك الذين سلكوا هذا الطريق.
وفيها تحدثت عن فوائد حفظ القرآن الكريم، وبعض النماذج من أخبار الحفاظ، وختمتها بوصايا عاجلة لحملة كتاب الله، ولم أتحدث فيها عن طرق الحفظ ووسائله، فهذا الجانب قد تحدث عنه كثير من الكتَّاب.
والله أسأل أن يرزقني الإخلاص في القول والعمل، وأن يبارك في هذا الجهد إنه سميع مجيب،،،
لماذا نحفظ القرآن؟
لماذا نحفظ القرآن؟ سؤال لا يطرحه مسلم جاد إلا من باب الرغبة في التعرف على فضائل هذا العمل وآثاره ليزداد رغبة وحماسة؛ ذلك أن قضية فضيلة حفظ القرآن مقررة لدى كل مسلم بداهة، بغض النظر عن موقعه في سلم الثقافة، وعن مدى تدينه واستقامته.
وهاهي محاولة لحشد بعض الفضائل والمزايا لحفظ القرآن الكريم، سواء ما دلت عليها النصوص الشرعية صراحة، أو كان ذلك مما يفهم من عموم النصوص وقواعد الشرع.
1 - حفظ القرآن هو الأصل في تلقيه
لقد وصف الله تبارك وتعالى هذا القرآن بقوله ((بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم)) (العنكبوت49) وقال تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم -كما في الحديث القدسي-«إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك، وأنزلت عليك كتاباً لا يغسله الماء، تقرأه نائماً ويقظان»(رواه مسلم).
قال النووي«فمعناه محفوظ في الصدور لا يتطرق إليه الذهاب بل يبقى على مر الزمان».
ومن لطائف الاستدلال في ذلك ما استدل به أبو الفضل الرازي فقال«ومنها أن الله عز وجل لم ينزله جملة كغيره من الكتب، بل نجوماً متفرقة مرتلة ما بين الآية والآيتين والآيات والسورة والقصة، في مدة زادت على عشرين سنة، إلا ليتلقوه حفظاً، ويستوي في تلقفه في هذه الصورة الكليل والفطن، والبليد والذكي، والفارغ والمشغول، والأمي وغير الأمي، فيكون لمن بعدهم فيهم أسوة في نقل كتاب الله حفظاً ولفظاً قرناً بعد قرن وخلفاً بعد سلف».
2 - القرآن مصدر التلقي عند الأمة
القرآن الكريم دستور الأمة، فإليه الحكم والتحاكم، ومنه الاستمداد والتشريع، وما من صغيرة أو كبيرة إلا ونبأها في هذا الكتاب العزيز ((وما كان ربك نسياً))(مريم64)، وهو مع ذلك الضياء الذي تحمله الأمة لسائر الناس لتؤدي رسالتها، خير أمة أخرجت للناس، شهيدة عليهم في الدنيا والآخرة، فلا يصير المرء مسلماً إلا بالإيقان أنه من عند الله، والخضوع والاستسلام له، فإذا كان هذا شأن القرآن في حياة الأمة، فما بالك بشأن من يحفظه ويعنى به؟
3 - حفظ القرآن فرض كفاية على الأمة
صرح بعض أهل العلم أن حفظ القرآن الكريم واجب على الأمة فإن قام بذلك قوم وإلا سقط الإثم عن الباقين.
قال بدر الدين الزركشي«قال أصحابنا تعلم القرآن فرض كفاية، وكذلك حفظه واجب على الأمة، صرح به الجرجاني في الشافي والعبادي وغيرهما».
4 - التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم
لقد جعل الله تبارك وتعالى للأمة في محمد صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة ((لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً))(الأحزاب21).
ويتعبد المسلم لربه تبارك وتعالى في البحث والتعرف على سنة النبي صلى الله عليه وسلم وعلى ما كان يفعل في أموره وأحواله، ومن ثم التأسي بها واتباعها.
وحفظ كتاب الله تبارك وتعالى فيه من التأسي به صلى الله عليه وسلم ؛ إذ كان صلى الله عليه وسلم يحفظه ويديم تلاوته ومعارضة جبريل به، وقد نبه على هذا المعنى أبو الفضل الرازي المقريء فقال«فمنها ما لزم الأمة من الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في جلي أمر الشرع وخفيه، قولاً وفعلاً، على الوجوب أو الندب إلى أن يقوم دليل على أنه كان -عليه السلام- مخصوصاً به من قوله أو فعله، فلما وجدنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حافظاً بجميع ما نزل عليه من القرآن، ومأموراً بقراءته، حتى أنه -عليه السلام- من شدة تمسكه بحفظه كان يعرض على جبريل -عليهما السلام- في كل سنة مرة واحدة، وفي السنة التي قبض فيها عرض عليه -عليهما السلام- مرتين، وكان يعرض على أصحابه ويعرضون عليه، ويعجل به ليستكثر منه، لئلا ينسى ولحرصه عليه، فنهي عنه بقوله تعالى ((ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه)) (طه114) وبقوله عز وجل ((لا تحرك به لسانك لتعجل به)) (القيامة16) وأمر بالترتيل، وأمن مما كان يصده عن ذلك وهو خشية النسيان والتفلت منه بقوله تعالى ((سنقرئك فلا تنسى))(الأعلى6) علمنا أن الأمة لزم حفظه مع الإمكان و
ثم قال بعد أن ذكر وجوهاً أخرى «غير أني أتقدم عليه بسند ما تقدم من قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وعرضه على غيره، وعرض الصحابة رضي الله عنهم بعضهم على بعض، ففي جميع ذلك مستدل أنه من الله سبحانه وتعالى دعا به إلى حفظه، وعطف على العمل بما فيه، وأن لا يسع أحد أن يتخلف عن حفظه أو تحفظه، وتلاوته على الدوام إلا عن عذر ظاهر».
مجالس حفظ القرآن
لئن كان الناس يفتخرون بمجالس تصلهم بقوم ذوي شأن لدى الناس، أو تحقق لهم مطالب يسعون إليها، فأولئك الذين يجلسون في مجالس حفظ كتاب الله تبارك وتعالى أولى بذلك وأسعد، ذلك أنهم كما أخبر صلى الله عليه وسلم «...وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه »(رواه مسلم).
فهي فضائل أربع يدركها هؤلاء-
1 - نزول السكينة من الله تبارك وتعالى.
2 - غشيان الرحمة، ورحمة الله قريب من المحسنين ومن عباده الصالحين، وما أفقر العبد لرحمة الله، أليس في دعائه كثيراً ما يقول يا أرحم الراحمين؟ فهاهو باب الرحمة مفتوح فبادر بولوجه علَّ الله أن يرحمك.
3 - أن تحفهم الملائكة وهم عباد الله المكرمون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
4 - أن يذكرهم الله فيمن عنده، فأين هذا مما يسعى إليه بعض الناس أن يذكره أحد الأكابر أو يثني عليه، فأي فضيلة للعبد أسمى وأعلى من أن يذكره الله تبارك وتعالى فيمن عنده.
وثمة فضائل ومناقب أخرى لهذه المجالس جاءت في سائر النصوص-
5 - فمنها أن هذه المجالس غالباً ما تكون في بيوت الله تبارك وتعالى، وقد أثنى الله على من يعمرها بالعبادة ((في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تهليهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار. ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب))(النور36-38).
وأخبر صلى الله عليه وسلم عن شأن المساجد فقال« أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها»(رواه مسلم).
6 - كثيراً ما يجلس القارئ في هذه المجالس بعد أداء الفريضة، وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وحث عليه، وأخبر أن صاحبه تصلي عليه الملائكة «فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه، اللهم صل عليه، اللهم ارحمه»(رواه البخاري).
7 - وهي مجالس روادها من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، الذين رفع الله شأنهم، وأعلى ذكرهم في الدنيا والآخرة.
8 - ورد فضل الاجتماع على الذكر والعلم، ومن ذلك الحديث الطويل في شأن الملائكة الذين يتتبعون مجالس الذكر.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم« إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادواهلموا إلى حاجتكم، قال فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، قال فيسألهم ربهم وهو أعلم منهم ما يقول عبادي؟ قالوا يقولون يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك، قال فيقول هل رأوني؟ قال فيقولون لا، والله ما رأوك، قال فيقول وكيف لو رأوني؟ قال يقولون لو رأوك كانوا أشد لك عبادة، وأشد لك تمجيداً وتحميداً، وأكثر لك تسبيحاً، قال يقول فما يسألوني؟ قال يسألونك الجنة، قال يقول وهل رأوها؟ قال يقولون لا والله يا رب ما رأوها، قال يقولفكيف لو أنهم رأوها، قال يقولون لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصاً، وأشد لها طلباً، وأعظم فيها رغبة، قال فمم يتعوذون؟ قال يقولون من النار، قال يقولوهل رأوها؟ قال يقولون لا والله يا رب ما رأوها، قال يقول فكيف لو رأوها؟ قال يقولون لو رأوها كانوا أشد منها فراراً وأشد لها مخافة، قال فيقولفأشهدكم أني قد غفرت لهم، قال يقول ملك من الملائكة فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة قال هم ا
ولاشك أن أفضل الذكر والعلم تلاوة كتاب الله وحفظه والوقوف عند حدوده ومعانيه.
وتأمل كيف غفر الله لهذا الذي لم يكن منهم، إنما جاء لحاجة فجلس، لتجد فيه إجابة على سؤال كثير ممن يشتكي من ضعف النية، أو التقصير، أو أنه يفعل بعض الذنوب في الخلوات، فيدعوه ذلك للتفكير في مفارقة الجلساء الصالحين الأخيار.
يتبع .......
motasem-sh
20-08-2005, 03:22 PM
تتمة......
إلى المحاضن التربوية
وبعد هذا السرد لهذه الفوائد التي تتأتى لحافظ القرآن الكريم والمشتغل به نتساءل أين الشباب عن العناية بهذا القرآن، وأين جيل الصحوة عن حفظه وتدارسه؟
وما حجم حفظ القرآن ضمن برامجنا التربوية؟ أليس أولى من كثير مما ينشغل به الشباب اليوم؟ ولماذا لا يصبح حفظ القرآن والعناية بتعلمه أساس برامجنا ومنطلقها، أما حين يكون جزءاً منها فأحسب أننا لم نقدره حق قدره.
ومع عتبنا على إخواننا الذين يقصرون في هذا الأمر ولا يولونه حق رعايته فإننا نشد بأيدي أولئك الذين جعلوا مبدأ التربية والتوجيه حفظ القرآن الكريم، ونرى أنها بداية بإذن الله تؤذن بالسير على منهج سلف الأمة، إذ كان هذا شأنهم وديدنهم.
وعلى المدى الأوسع حين ننقل الطرف إلى مقاعد الدراسة فإننا نشارك الأديب مصطفى صادق الرافعي شكواه وهمه إذ يقول «نحن نأسف أشد الأسف وأبلغه بل أحراه أن يكون هماً يعتلج في الصدر ويستوقد في الضلوع إذ نرى نشء هذه الأيام قد انصرفوا عن جمع القرآن واستيعابه وأحكامه قراءةً وتجويداً، فلا يحفظون منه إن حفظوا إلا أجزاء قليلة على أنهم ينسونها بعد ذلك، ثم يشب أحدهم كما يشب قرن الماعز نبت على سواء، ولا يثبت على التواء، ويخرج وقد عق لغته وأنكر قومه، وانسلخ من جلدته واستهان بدينه وخرج من آدابه، ولا يستحي من ذلك أن يقول هاأنذا فاعرفوني».
وإنه لمما يبعث على الأسى ويحز في قلب كل مسلم غيور أن نرى فئاماً من خريجي الجامعات، بل وربما حملة الشهادات العليا في العالم الإسلامي اليوم لا يجيدون تلاوة كتاب الله، فضلاً عن حفظ شيء منه، وكم نسبة الذين يتجاوز حفظهم الجزء الأخير من القرآن الكريم في خريجي الجامعات في العالم الإسلامي اليوم؟
أليس من الجدير بالعناية أن يتنادى المربون وأصحاب الشأن في الأمة الإسلامية اليوم إلى كلمة سواء تعيد الاعتبار لكتاب الله عز وجل في برامج التعليم.
فهلا كانت هناك خطوةٌ لتقرير قدر من القرآن على الطلاب والطالبات، وهل كل ما يدرسه أولئك أهم وأحوج من القرآن الكريم؟
ولقد أثبتت الدراسات العلمية المعاصرة أن حفظ القرآن في المراحل الأولية من التعليم له أثره على ملكات ومهارات مهمة يحتاج إليها التلميذ.
ففي دراسة أجراها الدكتور سعد المغامس أظهرت نتائج الدراسة أن تلاوة القرآن الكريم وحفظه ودراسته أسهمت في تنمية مهارات القراءة والكتابة لدى تلاميذ الصف السادس الابتدائي مما مكن التلاميذ في مدارس تحفيظ القرآن الكريم من الحصول على درجات أعلى من متوسط أقرانهم في مدارس التعليم العام، حيث أظهرت الدراسة أنه توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسط درجات تلاميذ الصف السادس من مدارس تحفيظ القرآن، ومتوسط درجات تلاميذ مدارس التعليم العام لصالح تلاميذ مدارس تحفيظ القرآن، وذلك من خلال اختبارات القراءة والكتابة التي أعدها الباحث، وكذلك من واقع درجات التلاميذ في سجلات المدارس التي اعتمد عليها في نجاحهم من الصف الخامس إلى الصف السادس».
وفي دراسة أخرى أجرتها د. هاتم ياركندي أظهرت نتائج الدراسة« وجود فروق دالة إحصائياً بين مجموعة طالبات تحفيظ القرآن الكريم، وطالبات الصف الرابع في المدارس العادية في مهارتي القراءة والإملاء لصالح طالبات تحفيظ القرآن الكريم».
والمربون اليوم إذ يدعون إلى إعادة الاعتبار لمادة القرآن الكريم فليس ذلك لأنه يزيد من مهارات معينة للتلاميذ، بل لأنه دستور الأمة وأولى ما تعنى بتعلمه وتعليمه.
الحـفظ بين العزيمة وهم الطريقة
يحرص كثير من الشباب حين يدرك فضل حفظ القرآن على تحقيق هذا الأمر، بل إن المسلم يحمل هذا الشعور ابتداءً دون أن يحدَّث بفضل حفظ القرآن، وما من مسلم أياً كان إلا ويتمنى أن يكون قد حفظ القرآن، بغض النظر عن جدية هذه الأمنية وتفاوتها.
حينها يتساءل الشاب كثيراً ما الطريقة المثلى لحفظ كتاب الله؟ كيف أحفظ القرآن؟ أريد الحفظ فما السبيل؟... وهي تساؤلات جادة يبحث فيها صاحبها عن إجابة تعينه على بلوغ هذا الهدف وتحقيقه، ويشعر أن إجابة هذا السؤال تحل له اللغز الذي حيره كيف يحفظ القرآن، فقد سعى وحاول ولكن..؟ ومن ثم يدعوه ذلك إلى التفتيش والسؤال عن طرق الحفظ معتقداً أنه سيجد الإجابة الشافية، وسيجد الحل لهذا اللغز المحير.
إنه ومع التسليم بأن هناك ضوابط مهمة تعين الحافظ على سلوك هذا الطريق، وأن الجهل بها قد يضيف عليه أعباءً من الوقت والجهد، وقد يتسبب ذلك في ضياع جزءٍ من وقته سدى، إلا أن العامل الأساس والأهم ليس هو هذا، وستبقى مسؤولية الجهل والإخلال بها محصورة في دائرة التأخر أو ضعف الحفظ، أما أن تكون هي وحدها التي تملك الحل السحري فهذا أمر لا يمكن.
أرأيت رجلاً يقف أسفل جبل شاهق ويراد منه أن يصعده راجلاً فيتساءل عن الطرق الموصلة إلى القمة، فيُعطى خارطة دقيقة أتراه يستطيع ذلك دون أن يكون لديه همة عالية وعزيمة جادة تدفعه لتحمل المصاعب؟
وحين تقدم قائمة محددة بتكاليف إقامة مشروع اقتصادي وخطوات ذلك، فلن تفيد هذه القائمة من لا يملك القدرة أو الاستعداد للتفرغ لهذا المشروع والقيام به.
كذلك حفظ كتاب الله تبارك وتعالى طريق فيه نوع من الطول والمشقة، ويحتاج ممن يريد سلوكه إلى همة وعزيمة، وجد وتحمل، يحتاج إلى أن يخصص له جزءاً من وقته لا يصرفه لغيره، وأن يعيد ترتيب أولوياته ليكون هذا المشروع في مقدمتها، وأن يعطيه بعد ذلك الفترة الزمنية الكافية.
وهذا لا يعني أن نهمل العناية بالطريقة المناسبة والأسلوب الأمثل، والاستنارة بتجارب الآخرين، لكن ذلك كله إنما يأتي بعد أن يملك المرء النية الصادقة، والعزيمة الجادة، والهمة العالية ويبدأ الخطوات العملية.
من سير الحفاظ وأخبارهم
يدرك المسلم بفطرته فضل حفظ القرآن وعلو منزلة حامله، وحشد النصوص والفضائل مما يرسخ هذا المعنى ويزيده.
وحين يضاف لذلك النماذج الواقعية العملية تزيد من يقين المرء بقدرته على تحويل هذه المعاني إلى واقع ملموس، وليس أدل على ذلك من عناية القرآن الكريم والسنة النبوية بإيراد القصص والنماذج للاعتبار والاتعاظ والتأسي.
وهذه طائفة يسيرة من سير الحفاظ وأخبارهم علها أن تكون منارة ومثلا يحتذى للجيل.
من أخبار الشباب والغلمان
كان عمرو بن سلمة -رضي الله عنه- وهو من صغار الصحابة حريصاً على تلقي القرآن، فكان يتلقى الركبان ويسألهم ويستقرئهم حتى فاق قومه أجمع، وأهَّله ذلك لإمامتهم، ولنستمع لذلك من روايته -رضي الله عنه- إذ يقول«كنا على حاضر فكان الركبان -وقال إسماعيل مرةالناس- يمرون بنا راجعين من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدنو منهم فأسمع حتى حفظت قرأناً، وكان الناس ينتظرون بإسلامهم فتح مكة، فلما فتحت جعل الرجل يأتيه فيقول يا رسول الله، أنا وافد بني فلان وجئتك بإسلامهم، فانطلق أبي بإسلام قومه فرجع إليهم، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «قدموا أكثركم قرأناً» قالفنظروا وإني لعلى حِواء عظيم، فما وجدوا فيهم أحداً أكثر قرأناً مني، فقدموني وأنا غلام...(رواه أحمد).
ويتساءل الشاب اليوم وهو يرى هذا النموذج، فقد كان هذا الصحابي الشاب -رضي الله عنه- حريصاً على حفظ القرآن وتعلمه، ولم يتح له ما أتيح لنا اليوم من وسائل وإمكانات، فليس أمامه حلقة لتحفيظ القرآن، ولا تسجيلات أو مقرئ متفرغ، بل إن القرآن ليس مجموعاً له في مصحف يقرأه ويحفظ منه، ومع ذلك يبلغ هذا المبلغ رضي الله عنه.
ونلمس الحرص نفسه عند زيد بن ثابت -رضي الله عنه- فيأتي قومُه إلى النبي صلى الله عليه وسلم مفاخرين بما حصَّل صاحبهم، يحدثنا عن ذلك فيقول إن قومه قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم هذا غلام من بني النجار معه مما أنزل الله عليك بضع عشرة سورة فأعجب ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وقال «يا زيد، تعلم لي كتاب يهود؛ فإني والله ما آمن يهود على كتابي» قال زيد فتعلمت كتابهم ما مرت بي خمس عشرة ليلة حتى حذقته، وكنت أقرأ له كتبهم إذا كتبوا إليه، وأجيب عنه إذا كتب(رواه البخاري وأحمد).
وآخر أيضاً جاوز العاشرة بقليل وهو البراء بن عازب -رضي الله عنه- يقول« فلم يقدم علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قرأت سوراً من المفصل ».
وعبدالصمد بن عبدالرحمن بن أبي رجاء البلوي (ت 619هـ) روى عن أبيه القرآن تلاوة، وسمع منه عدة كتب، ومات أبوه وله نحو من عشر سنين.
وعلي بن هبة الله الجميزي (ت 649هـ) حفظ القرآن وهو ابن عشر سنين.
ومجد الدين ابو البركات ابن تيمية (ت 652هـ) حفظ القرآن وتفقه على عمه الخطيب فخر الدين، ثم رحل في صحبة سيف الدين ابن عمه وهو مراهق.
زيد بن الحسن تاج الدين الكندي ت(613هـ)، قرأ القرآن تلقيناً على أبي محمد سبط الخياط وله نحو من سبع سنين وهذا نادر -كما قال الذهبي- وأندر منه أنه قرأ بالروايات العشر وهو ابن عشر حجج.
أبو شامة (ت 665هـ) قرأ القرآن صغيراً، وأكمل القراءات على شيخه السخاوي وعمره سبعة عشر عاماً.
أبو بكر بن عمر بن مُشَبَّع المِقصّاتي (ت 713هـ) قرأ القرآن وهو دون العشرين.
حمزة بن حبيب الإمام المقرئ (ت 158هـ)، قال عن نفسه «ولدت سنة ثمانين، وأحكمت القراءة ولي خمس عشرة سنة».
خلف بن هشام بن ثعلب الإمام الحافظ الحجة شيخ الإسلام (ت 229هـ) خرج من بغداد وعمره (19) عاماً لم يخلف فيها أقرأ منه.
مكي بن أبي طالب العلامة المقرئ ولد سنة (355هـ) وقرأ بالقراءات على ابن غلبون سنة (376هـ) أي حين كان عمره (21) سنة.
أبو علي الأهوازي المقرئ المحدث ولد سنة (362هـ) عني من صغره بالروايات والأداء قرأ لقالون سنة (378هـ) أي حين كان عمره (16) سنة.
أبو بكر النقاش المقرئ المفسر أحد الأعلام، المولود سنة (266هـ) عني بالقراءات من صغره، فقرأ على الحسن بن عباس بن أبي مهران الرازي سنة (285) ، وذلك حين كان عمره (19) عاماً.
ومنهم الإمام النووي فقد ذكر عنه شيخه يسين بن يوسف المراكشي قال رأيت الشيخ وهو ابن عشر سنين بنوى والصبيان يكرهونه على اللعب معهم وهو يهرب منهم ويبكي لإكراههم ويقرأ القرآن في تلك الحال، قال فوقع في قلبي محبته، وكان قد جعله أبوه في دكان فجعل لا يشتغل بالبيع والشراء عن القرآن، قال فأتيت معلمه فوصيته به، وقلت له إنه يرجى أن يكون أعلم أهل زمانه وأزهدهم، وينتفع الناس به، فقال لي أمنجم أنت؟ فقلت لا وإنما انطقني الله بذلك، قال فذكر المعلم ذلك لوالده فحرص عليه إلى أن ختم القرآن وقد ناهز الحلم».
وحين يقف الشاب على مثل هذه النماذج تعلو همته وتزداد، ويسعى للتأسي بهم واللحاق بركبهم، ويشعر أنه حين يقبل على كتاب الله تبارك وتعالى كما أقبلوا يقفز حاجز الزمن ليشعر أنه وإياهم في درب واحد؛ فمن أحب قوماً حشر معهم، ومن تشبه بقوم فهو منهم.
ويتساءل حينها أين ما أرى عليه بعض أترابي الذين فتنوا بنجوم اللهو والعبث، وسعوا للتشبث بما هم عليه - مما أنا عليه من التأسي بهؤلاء؟
motasem-sh
20-08-2005, 03:24 PM
تتمة ....
وصايا لحملة القرآن
الوصية الأولى
ألا سأل أحدكم نفسه هذا السؤال لماذا أحفظ القرآن؟ ألأني صحبت قوماً يحفظون فحفظت معهم؟ أم لأني درست في مدرسة تحفيظ القرآن؟ أم ليقال حافظ؟ أم لأن والدي ألزمني بذلك. فهلا حرصنا على تصحيح النية، واستصحاب الإخلاص لله وحده.
عن إياس بن عامر قال أخذ علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بيدي ثم قال«إنك إن بقيت سيقرأ القرآن ثلاثة أصناف، فصنف لله، وصنف للجدال، وصنف للدنيا، ومن طلب به أدرك»(أخرجه الدارمي).
الوصية الثانية
إن من أعظم حقوق كتاب الله دوام التلاوة، وتكرار القراءة، وكثيراً ما يصف الله عباده المتقين بأنهم يتلون كتابه حق تلاوته ((إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور)) (فاطر29). ((ليسوا سواءً من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله ءاناء الليل وهم يسجدون. يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين. وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين))(آل عمران112-115).
الوصية الثالثة
لقد ضرب لكم النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً بصاحب الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «تعاهدوا القرآن فو الذي نفسي بيده لهو أشد تفصياً من الإبل في عقلها»(رواه البخاري)
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه صلى الله عليه وسلم قال «إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت»(رواه البخاري ومسلم).
فالله الله في تعاهد ما حفظتموه، وإياكم أن تفرطوا بهذه النعمة التي حباكم الله تبارك وتعالى إياها.
الوصية الرابعة
لقد قرأتم في كتاب الله ((كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته))(ص29) ((أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها))(محمد24)، فتدبر القرآن والعمل به هو الأساس، وإياكم أن يقف همكم عند مجرد إقامة حروفه.
الوصية الخامسة
يفتن كثير من الشباب بالشهوات، ويخرون صرعى أمام دواعي الفتنة، والإغراء التي عمت وطمت في هذا العصر، أما أنتم فلكم شأن آخر
أحدهم إن أحس فراغاً صار يفكر في شهوته قد شغلته المجلة الهابطة والفيلم الساقط والنظرة الآثمة، وأنت إن وجدت الفراغ قرأت القرآن، فمصحفك في صدرك تتلوه أينما كنت، وهو تتعلق نفسه بفتاة وربما بغلام، وهذا عنوان موت القلب، وعلامة العطب والخذلان عافانا الله وإياكم، أما أنت فتتعلق همتك، ونفسك للاقتداء بأنبياء الله، ومن قص الله عليك قصتهم في كتابه، وهو يفتن بالغانيات من أبناء الدنيا، أما أنت فقد عقدت العزم على خطبة الحور العين الكواعب الأبكار فتأيمت مما حرم الله عليك لتظفر بها في دار البقاء والنعيم.
فكن أيماً مما سواها فإنها لمثلك في جنات عدن تأيم
الوصية السادسة
لقد رفع الله الناس في هذه الدنيا منازل ورتب ((وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ))(الأنعام165). ((أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سُخرياً)) (الزخرف32) وها أنتم ترون الناس حولكم وقد حازوا من الدنيا إلى رحالهم ماحازوا الشرف، المال، الجاه، التفوق، وأنتم -شأنكم شأن سائر البشر -قد تمتد أعينكم إلى ماهم فيه، لكنكم حين تتذكرن أنكم قرأتم في كتاب الله وصيته لنبيه ((ولاتمدن عينيك إلى مامتعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتهم فيه ورزق ربك خيرٌ وأبقى)) (طه131) تزهدون بما هم عليه وترضون بمنزلتكم العالية (أهل الله وخاصته).
motasem-sh
20-08-2005, 03:26 PM
الباب الثاني - القاعد الذهبية لحفظ القرآن الكريم - الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق
القرآن كتاب الله الخالد المعجز المنزل على عبده ورسوله وخاتم رسله محمد صلى الله عليه وسلم والذي أذن الله بحفظه من أن يغير أو يبدل، أو يزاد فيه، أو ينقص منه: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } وهو الكتاب الذي بين أيدينا في مشارق الأرض ومغاربها، الكتاب الذي تلقاه الرسول من جبريل، وجبريل من رب العزة تبارك وتعالى، والذي علمه رسوله الله إلى أصحابه الأطهار، وحمله الدين السفرة البررة الكرام، والذي جمعه الصديق بإشارة الفاروق، ودونه ذو النورين عثمان، وأجمعت الأمة المسلمة عليه.
هذا الكتاب هو دستور المسلمين وشريعتهم وصراطهم المستقيم، وحبل الله المتين، وهدايته الدائمة وموعظته إلى عباده، آية صدق رسوله الباقية إلى آخر الدنيا، وهو سبيل عز المسلمين في كل العصور والدهور، ولما كان القرآن كذلك تعبدنا الله بتلاوته، وجعل خيرنا من تعلمه وعلمه، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من قرا حرفاً واحداً منه كان له به عشر حسنات. (رواه الترمذي والدارمي وصححه الألباني في الصحيحة 2327).
وان من قرأ وهو يتعتع فيه فله أجران، ومن كان ماهراً به كان من السفرة الكرام البررة من الملائكة يوم القيامة (متفق عليه)، وأن قارئ القرآن الحافظ له يقال له يوم القيامة: {اقرأ وأرق ورتل كما كنت ترتل في دار الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها} (رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني في صحيح الجامع 8122)
فلا يزال يرقى في منازل الجنة حتى ينتهي آخر حفظه، وهذه منزلة عظيمة ليست لأحد إلا لحافظ القرآن.
ولما كان هذا فضل حفظ القرآن فإني أحببت أن أضع بين يدي إخواني بعض القواعد العامة التي تساعدهم في حفظ القرآن ولينالوا هذه المنزلة العظيمة أو بعضهاً منها، وما لا يدرك كله فلا بأس بإدراك بعضه أو جله، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.
القاعدة الأولى: الإخلاص
وجوب إخلاص النية، وإصلاح القصد، وجعل حفظ القرآن والعناية به من أجل الله سبحانه وتعالى والفوز بجنته وحصول مرضاته، ونيل تلك الجوائز العظيمة لمن قرأ القرآن وحفظه، قال تعالى: {فاعبد الله مخلصاً له الدين، ألا لله الدين الخالص}. وقال تعالى: {قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين}.. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [قال الله تعالى "أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه} (رواه مسلم)
فلا أجر ولا ثواب لمن قرأ القرآن وحفظه رياء أو سمعة، ولا شك أن من قرأ القرآن مريداً الدنيا طالباً به الأجر الدنيوي فهو آثم.
القاعدة الثانية: تصحيح النطق والقراءة
أول خطوة في طريق الحفظ بعد الإخلاص هو وجوب تصحيح النطق بالقرآن، ولا يكون ذلك إلا بالسماع من قارئ مجيد أو حافظ متقن، والقرآن لا يؤخذ إلا بالتلقي، فقد أخذه الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أفصح العرب لساناً من جبريل شفاهاً، وكان الرسول نفسه يعرض القرآن على جبريل كل سنة مرة واحدة في رمضان، وعرضه في العام الذي توفي فيه عرضتين. (متفق عليه)
وكذلك علمه الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه شفاهاً وسمعه منهم بعد أخذ القرآن مشافهة من قارئ مجيد، وتصحيح القراءة أولاً بأول، وعدم الاعتماد على النفس في قراءة القرآن حتى لو كان الشخص ملماً بالعربية وعليماً بقواعدها، وذلك إن في القرآن آيات كثيرة قد تأتي على خلاف المشهور من قواعد العربية.
القاعدة الثالثة: تحديد نسبة الحفظ كل يوم
يجب على مريد حفظ القرآن أن يحدد ما يستطيع حفظه في اليوم: عدداً من الآيات مثلاً، أو صفحة أو صفحتين من المصحف أو ثمناً للجزء وهكذا، فيبدأ بعد تحديد مقدار حفظه وتصحيح قراءته بالتكرار والترداد، ويجب أن يكون هذا التكرار مع التغني، وذلك لدفع السآمة أولاً، وليثبت الحفظ ثانياً. وذلك أن التغني بإيقاع محبب إلى السمع يساعد على الحفظ، ويعود اللسان على نغمة معينة فتتعرف بذلك على الخطأ رأساً عندما يختل وزن القراءة والنغمة المعتادة للآية، فيشعر القارئ أن لسانه لا يطاوعه عند الخطأ، وأن النغمة اختلت فيعاود التذكر، هذا إلى جانب أن التغني بالقرآن فرض لا يجوز مخالفته لقوله صلى الله عليه وسلم: [من لم يتغن بالقرآن فليس منا] (رواه البخاري)..
القاعدة الرابعة: لا تجاوز مقررك اليومي حتى تجيد حفظه تماماً:
لا يجوز للحافظ أن يتنقل إلى مقرر جديد في الحفظ إلا إذا أتم تماماً حفظ المقرر القديم وذلك ليثبت ما حفظه تماماً في الذهن، ولا شك إن ما يعين على حفظ المقرر أن يجعله الحافظ شغله طيلة ساعات النهار والليل، وذلك بقراءته في الصلاة السرية، وإن كان إماماً ففي الجهرية، وكذلك في النوافل، وكذلك في أوقات انتظار الصلوات، وفي ختام الصلاة، وبهذه الطريقة يسهل الحفظ جداً ويستطيع كل أحد أن يمارسه ولو كان مشغولاً بأشغال كثيرة لأنه لن يجلس وقتاً مخصوصاً لحفظ الآيات وإنما يكفي فقط تصحيح القراءة على القارئ، ثم مزاولة الحفظ في أوقات الصلوات، وفي القراءة في النوافل والفرائض وبذلك لا يأتي الليل إلا وتكون الآيات المقرر حفظها قد ثبتت تماماً في الذهن، وإن جاء ما يشغل في هذا اليوم فعلى الحافظ ألا يأخذ مقرراً جديداً بل عليه أن يستمر يومه الثاني مع مقرره القديم حتى يتم حفظه تماماً.
القاعدة الخامسة: حافظ على رسم واحد لمصحف حفظك
مما يعين تماماً على الحفظ أن يجعل الحافظ لنفسه مصحفاً خاصاً لا يغيره مطلقاً وذلك أن الإنسان يحفظ بالنظر كما يحفظ بالسمع، وذلك أن صور الآيات ومواضعها في المصحف تنطبع في الذهن مع كثرة القراءة والنظر في المصحف فإذا غير الحافظ مصحفه الذي يحفظ فيه، أو حفظ من مصاحف شتى متغيرة مواضع الآيات فإن حفظه يتشتت، ويصعب عليه الحفظ جداً، ولذلك فالواجب أن يحافظ حافظ القرآن على رسم واحد للآيات لا يغيره.
يتبع ........
motasem-sh
20-08-2005, 03:33 PM
تتمة .....
القاعدة السادسة: الفهم طريق الحفظ:
من أعظم ما يعين على الحفظ فهم الآيات المحفوظة ومعرفة وجه ارتباط بعضها ببعض.
ولذلك يجب على الحافظ أن يقرأ تفسيراً للآيات التي يريد حفظها، وأن يعلم وجه ارتباط بعضها ببعض، وأن يكون حاضر الذهن عند القراءة وذلك لتسهل عليه استذكار الآيات، ومع ذلك فيجب أيضاً عدم الاعتماد في الحفظ على الفهم وحده للآيات بل يجب أن يكون الترديد للآيات هو الأساس، وذلك حتى ينطلق اللسان بالقراءة وإن شت الذهن أحياناً عن المعنى وأما من اعتمد على الفهم وحده فإنه ينسى كثيراً، وينقطع في القراءة بمجرد شتات ذهنه، وهذا يحدث كثيراً وخاصة عند القراءة الطويلة.
القاعدة السابعة: لا تجاوز سورة حتى تربط أولها بآخرها
بعد تمام سورة ما من سور القرآن لا ينبغي للحافظ أن ينتقل إلى سورة أخرى إلا بعد إتمام حفظها تماماً، وربط أولها بآخرها، وأن يجري لسانه بها بسهولة ويسر، ودون إعناء فكر وكد في تذكر الآيات، ومتابعة القراءة، بل يجب أن يكون الحفظ كالماء، ويقرأ الحافظ السور دون تلكؤ حتى لو شت ذهنه عن متابعة المعاني أحياناً، كما يقرأ القارئ منا فاتحة الكتاب دون عناء أو استحضار، وذلك من كثرة تردادها، وقراءتها، ومع أن الحفظ لكل سور القرآن لن يكون كالفاتحة إلا نادراً، ولكن القصد هو التمثيل، والتذكير بأن السورة ينبغي أن تكتب في الذهن وحدة مترابطة متماسكة، وألا يجاوزها الحافظ إلى غيرها إلا بعد اتقان حفظها.
القاعدة الثامنة: التسميع الدائم
يجب على الحافظ ألا يعتمد على حفظه بمفرده، بل يجب أن يعرض حفظه دائماً على حافظ آخر، أو متابع في المصحف، حبذا لو كان هذا مع حافظ متقن، وذلك حتى ينبه الحافظ بما يمكن أن يدخل في القراءة من خطأ، وما يمكن أن يكون مريد الحفظ قد نسيه من القراءة وردده دون وعي، فكثير ما يحفظ الفرد منا السورة خطأ، ولا ينتبه لذلك حتى مع النظر في المصحف لأن القراءة كثيراً ما تسبق النظر، فينظر مريد الحفظ المصحف ولا يرى بنفسه موضع الخطأ من قراءته، ولذلك فيكون تسميعه القرآن لغيره وسيلة لاستدراك هذه الأخطاء، وتنبيهاً دائماً لذهنه وحفظه.
القاعدة التاسعة: المتابعة الدائمة
يختلف القرآن في الحفظ عن أي محفوظ آخر من الشعر أو النثر، وذلك أن القرآن سريع الهروب من الذهن، بل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [والذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها] (متفق عليه)
فلا يكاد حافظ القرآن يتركه قليلاً حتى يهرب منه القرآن وينساه سريعاً، ولذلك فلا بد من المتابعة الدائمة والسهر الدائم على المحفوظ من القرآن، وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: [إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت] (متفق عليه) وقال أيضاً: [تعاهدوا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصياً من الإبل في عقلها] (متفق عليه)
وهذا يعني أنه يجب على حافظ القرآن أن يكون له ورد دائم أقله جزء من الثلاثين جزءاً من القرآن كل يوم، وأكثره قراءة عشرة أجزاء لقوله صلى الله عليه وسلم: [لا يفقه القرآن في أقل من ثلاث] (رواه أبو داود بهذا اللفظ، وأصله في الصحيحين من حديث عبدالله بن عمرو)
وبهذه المتابعة الدائمة، والرعاية المستمرة يستمر الحفظ ويبقى، ومن غيرها يتفلت القرآن.
القاعدة العاشرة: العناية بالمتشابهات
القرآن متشابه في معانيه وألفاظه وآياته. قال تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله}.
وإذا كان القرآن فيه نحواً من ستة آلاف آية ونيف فإن هناك نحواً من ألفي آية فيها تشابه بوجه ما قد يصل أحياناً حد التطابق أو الاختلاف في حرف واحد، أو كلمة واحدة أو اثنتين أو أكثر.
لذلك يجب على قارئ القرآن المجيد أن يعتني عناية خاصة بالمتشابهات من الآيات، ونعني بالتشابه هنا التشابه اللفظي، وعلى مدى العناية بهذا المتشابه تكون إجادة الحفظ، ويمكن الاستعانة على ذلك بكثرة الاطلاع في الكتب التي اهتمت بهذا النوع من الآيات المتشابهة ومن اشهرها:
1) درة التنزيل وغرة التأويل – بيان الآيات المتشابهات في كتاب الله العزيز – للخطيب الإسكافي.
2) أسرار التكرار في القرآن – لمحمود بن حمزة بن نصر الكرماني.
القاعدة الحادية عشر: اغتنم سني الحفظ الذهبية
الموفق حتماً من اغتنم سنوات الحفظ الذهبية من سن الخامسة إلى الثالثة والعشرين تقريباً فالإنسان في هذه السن تكون حافظته جيدة جداً بل هي سنوات الحفظ الذهبية فدون الخامسة يكون الإنسان دون ذلك وبعد الثالثة والعشرون تقريباً يبدأ الخط البياني للحفظ بالهبوط ويبدأ خط الفهم والاستيعاب في الصعود، وعلى الإنسان أن يستغل سنوات الحفظ الذهبية في حفظ كتاب الله أو ما استطاع من ذلك. والحفظ في هذا السن يكون سريعاً جداً، والنسيان يكون بطيئاً جداً بعكس ما وراء ذلك حيث يحفظ الإنسان ببطء وصعوبة، وينسى بسرعة كبيرة ولذلك صدق من قال: "الحفظ في الصغر كالنقش في الحجر، والحفظ في الكبر كالنقش على الماء"..
فعلينا أن نغتنم سنوات الحفظ الذهبية، إن لم يكن في أنفسنا ففي أبنائنا وبناتنا.
يرجى عدم الرد
motasem-sh
20-08-2005, 05:14 PM
الباب الثالث - كيف تحفظ القرآن الكريم - الدكتور علي عمر بادحدح
الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نستهديه و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له. نحمده هو أهل الحمد و الثناء فله الحمد في الأولى و الآخرة و له الحمد على كل حال و في كل آن، نصلي و نسلم على خاتم الرسل و الأنبياء نبينا محمد بن عبد الله و على آله و صحابته و من اتبع هداه و اقتفى أثره إلى يوم الدين و عنا معه بعفوك و رحمتك يا أرحم الراحمين.
أما بعد، أيها الأخوة الكرام و الأحبة سلام الله عليكم و رحمته و بركاته، ابتداءً أقول انه ليس في هذا الدرس وصفة سحريه يمكن بتطبيقها أن تحفظ القرآن بصورة لم تكن تتخيلها أو تتوقعها، و لكن هذا الدرس فيه خلاصة تجارب عمليه وهو في الحقيقة يركز على مضمون هذا العنوان أي كيف تحفظ القرآن الكريم بصورة عامه لجميع الناس مع التفاوت الذي قد يكون يختلف فيه بعضهم عن بعض. نريد في هذا المجلس أن نركز على الإجابة على هذا السؤال، كيف تحفظ القرآن؟
و سنعرض فيه إلى خمسة جوانب:
أولا: الأسس العامة
ثانيا: الحفظ
ثالثا: المراجعة
رابعا: الروابط و الضوابط
خامسا: اختلافات و فروق
أولا: الأسس العامة
أولا الأسس العامة التي لا غنى لك عنها و لا مجال لتطبيق ما بعدها إلا بها، و في غالب الظن أنه لا نجاح إلا بتأملها و تحقيقها، و هي أمور كثيرا ما نتذكرها و نذكر بها، و هي أسس ينبغي ألا نغفل عنها في هذا الموضوع و في غيره.
أولا: النية الخالصة
فنحن نعلم أن مفتاح القبول و التيسير إخلاص القصد لله عز و جل، و أن كل عمل يفتقر إلى الإخلاص لا يؤتي ثمرته و إن آتى بعض ثماره فإن عاقبته في غالب الأحوال تكون فجة و ثماره تكون مرة أضف إلى أنه يحرم من أعظم ما يتأمله المرء و هو القبول عند الله عز و جل و حصول الأجر و الثواب. فلذلك الإسلام في كل عمل لكي يسهل ويعان المرء عليه هو أن يخلص لله عز و جل.
ثانيا: السيرة الصالحة
يقول جل و علا ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ البقرة 282- ونعلم جميعا ما يؤثر عن الشافعي من قوله " شكوت الى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي و أخبرني بأن النور علم و نور الله لا يؤتاه عاصي " و نعلم ما أثر لابن مسعود رضي الله عنه " إن الرجل ليحرم العلم بالذنب يصيبه "، فنحن نعلم أن الحفظ على وجه الخصوص يحتاج إلى إشراقة قلب و إلى توقد ذهن و المعصية تطفئ نور القلب و يحصل بها التبلد بالعقل و يحرم بها العبد من التوفيق أيضا. فإذاً لا بد أن نستعين على طاعة الله بطاعة الله و أن نجعل طريقنا إلى نيل بعض هذه الأمور من الطاعات و المندوبات و المسنونات و أمور الخير أن نجعل طريقنا إليها طاعة لله سبحانه و تعالى ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ البقرة 282- نتيجة عملية تلقائية لأن القلب يشرق حينئذٍ بنور الإيمان، و النفس تطمئن إلى ما حباها الله عز و جل من السكينة و الطمأنينة فيتهيأ الإنسان حينئذٍ لهذا العمل العظيم حفظ القرآن الكريم.
ثالثا: العزيمة الصادقة
فإن المرء الذي يعتريه الوهن و يعترضه الخور و يغلب على حياته الهزل و يميل في كثير من أموره إلى الكسل فإنه لا يمكن أن يُعول عليه. و لا يُظن أنه يصل إلى النتيجة المرجوة في حفظ كتاب الله عز و جل. فهذا أمر يحتاج أن يشمر عن ساعد العزم و لا بد له أن يقلل من أمور الراحة فيخفف من نومه و يزيد من عمله و يكثر من قراءته و غير ذلك من الأمور التي لا بد لها من همه و عزيمة صادقه قوية ماضية لا تستسلم عند أول عارض من العوارض، و لا تقف عند أول عقبة من العقبات.
رابعا: الطريقة الصائبة
و هي جزء مما سيأتي حديثنا عنه، غير أني أريد أن أشير إلى أن بعض الأخوة عندما يسمع حسا على حفظ القرآن أو يتشوق إلى ذلك يبدأ بحماسة مندفعة بداية غير صحيحة غالبا ما تُسلمه إلى العجز و الكسل أو تصدمه بعدم القدرة على الاستمرار. كمن يبدأ مخلطا سورة من هنا و سورة من هنا، و جزءا منفرداً. أو مقاطع متقطعة و هو يرغب بعد ذلك أن يصل بينها و أن يصل بها إلى حفظ القرآن الكريم كاملا، فغالبا ما يتشوش مثل هذا العمل، و غالبا ما ينقطع عنه، و كثيرا ما يفتقد ما حفظ منه، و ذلك لأن الجزء الواحد أو القطعة الواحدة لا تغري المرء إذا كانت منفصلة بأن يحافظ عليها، لأنها وحدها وليس لها ارتباط بما قبلها و لا بعدها، و إن كان في ذلك خير و لا شك، و ليس في هذا الكلام ما نريد به أن نصرف أحدا أن يحفظ سورة بعينها أو بعض السور بعينها أو الأجزاء بعينها كاملة. و لكننا نتحدث عن من يريد أن يحفظ حفظاً كاملا على طريقة صائبة، و من ذلك أيضا أن بعض الناس يبدأ و يشرع دون أن يستشير و أن يسأل من حفظ قبله أو من هو مشتغل بالتحفيظ و التدريس في هذا الميدان فكما أنك تحتاج إلى المشورة في أي عمل من أعمال الدنيا أو إلى مدخل من مداخل العلوم و الدراسة التي يدرسها كثير من الناس فأنت بحاجة إلى هذا في هذا الأمر أيضا.
و من ذلك أيضا البرنامج الواضح عندما نقول أن هناك طريقة صائبة فإنها هي التي تحفظ بإذن الله تلك العزيمة التي تستمر و تمشي وتمضي عندما يكون هناك برامج و مراحل نقطة بعد نقطة، مرحله بعد مرحله. أما خطة عشواء أما أجزاء متقطعة، أما مراحل منفصلة، فإن ذلك في غالب الأمر لا يصل إلى مبتغاه
خامسا: الاستمرارية المنتجة
فهذا أمر قد يطول أمده و زمانه و قد يعظم جهده و البذل لأجل الوصول إليه، فإن كنت قصير النفس فإنك في غالب الأمر لا تبلغ الغاية، تحتاج إلى استمرار يثمر و ينتج بإذن الله عز وجل. وحديث النبي عليه الصلاة و السلام يحضرنا في هذا المقام عندما } سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أحب إلى الله قال أدومها وإن قل وقال اكلفوا من الأعمال ما تطيقون – رواه البخاري{ . فقليل دائم خير من كثير منقطع. لا تبدأ البداية الكبيرة التي قلنا عنها ثم تنقطع أو لا تبدأ ولو بداية يسيره ثم تتوقف، و كما أثر أيضا عن الأجر و الفضل الذي يكون للحال المرتحل كما سئلوا عن الحال للمرتحل قيل هو الذي يختم القرآن ثم يشرع فيبدأ به من جديد، فهنالك استمرارية و اتصال و دوام، استمرار هو الذي تحصل به نتيجة بإذن الله عز و جل.
فإذاً لابد من نية و سيرة وعزيمة و طريقة واستمرارية، هذه أسس لا بد منها قبل أن نبدأ أو أن نشرع فيما يتعلق بالتفصيل و التفريغ.
يتبع .......
motasem-sh
20-08-2005, 05:15 PM
تتمة .....
ثانيا: الحفظ
الأمر الثاني الحفظ، وهو جوهر هذا الموضوع، و الحديث فيه عن الطريقة وعن الشروط اللازمة، و العوامل المساعدة، و نبدأ بالطريقة.
أولا: الطريقة
من خلال التجربة ومن خلال ما نرى من عمل كثير من طلاب التحفيظ و الحافظين يمكن أن نرى أو نلقي الضوء على طريقتين اثنتين.
الطريقة الأولى
إحداهما طريقة الصفحة، نعني بذلك أن يقرأ مريد الحفظ الصفحة كاملة من أولها إلى آخرها قراءة متأنية، صحيحة، ثلاث أو خمس مرات بحسب ذاكرة الإنسان وقدرته على الحفظ، فإذا قراها هذه المرات الثلاث أو الخمس قراءة فيها استحضار قلب وتركيز الذهن و العقل و ليس مجرد قراءة لسان فقط كلا، إنما قد جمع قلبه وفكره لأنه يريد من هذه القراءة أن يحفظ.
فإذا أتم الثلاث أو الخمس أغلق مصحفه، و بدأ يسمع صفحته، و قد يرى بعضكم أن هذا لن يتم أو لن يستطيع حفظها بقراءة الثلاث أو الخمس، أقول نعم. سيكون قد حفظ من أولها و مضى ثم سيقف وقفة، أن يفتح مصحفه و ينظر حيث وقف فيستعين، و يمضى مغلقا مصحفه، ثم سيقف ربما وقفة ثانية، أو ثالثة، ثم ليعد تسميع الصفحة.
ما الذي سيحصل !، الموضع الذي وقف به أولا لن يقف فيه ثانيه، لأنه سيكون قد نقش في ذاكرته و حفر في عقله، فستقل الوقفات. و غالبا من خلال التجربة سيسمع المرة الأولى ثم الثانية و في الغالب أنه في الثالثة يأتي بالصفحة محفوظة كاملة بعد أن يقوم بمجموع ما قرأه ثمان مرات، ثلاث أو خمس في القراءة الأولية المركزة، ثم يبدأ بالخطوة الثانية بتسميع هذه الصفحة و سيقف كما قلت بعض الوقفات في أول مرة و في المرة الثانية و في الغالب أنه في الثالثة لا يقف.
ماذا يصنع في الخطوة الثالثة، أن يكرر التسميع الصحيح الذي أتمه في المرة الأخيرة ثلاث مرات تقريبا. فحينئذ يكون مجموع ما قرأ به هذه الصفحة في ذلك الوقت تسع مرات أو أحد عشر مرة.
إذاً يقرأ الصفحة قراءة مركزة صحيحه ثلاث أو خمس مرات ، ثم يسمعها في ثلاث تجارب أو ثلاث محاولات. ثم يضبطها في ثلاث تسميعات. و بذلك سوف تكون الصفحة محفوظة حفظا جيدا متينا مكينا إن شاء الله.
ما مزية هذا الحفظ أو هذه الطريقة، مزيتها أنك لا تتتعتع أو تتوقف عندما تصل الصفحات بعضها ببعض بعد ذلك. لأن بعض الاخوة يحفظ آنفا آية منفصل بعضها عن بعض، ما الذي يحصل ؟ عند كل آخر آية يقف حمار الشيخ في العقبة، و يحتاج إلى دفعة فتعطيه أول كلمة من الآية التي بعدها فينطلق كالسهم حتى يبلغ آخر الآية التي بعدها ثم يحتاج إلى توصيلة أخرى و هكذا. أما الصفحة فهي كاللوح أو كالقالب يحفظها في قلبه و يرسمها في مخيلته، و يتصورها أمامه من مبدئها إلى منتهاها ويعرف غالبا عدد آياتها، آية كاملة صفحة كاملة بعض الصفحات آيتين وبعضها ثلاث و بعضها آيات كثيرة ليس بالضرورة تصورها و لكن هذه الطريقة تجعله ، أولا يأخذ الصفحة كاملة بلا توقف يستحضرها تصورا فيعينه ذلك على حفظها ثم يتصورها كما قلت هل هي في الصفحة اليمنى أو اليسرى، بأي شيء تبتدئ و بأي شيء تنتهي وتحكم بإذن الله عز وجل إحكاما جيداً.
الطريقة الثانية
طريقة الآيات أو الآية، لا بأس بها و إن كنت أرى الأولى أفضل منها. ما هي هذه الطريقة، أن يقرأ الآية مفردة قراءة صحيحه مرتين أو ثلاث مرات، نفس الطريقة، لكن بآية واحده و طبعا لما كانت آية لا نحتاج أن نعيدها من ثلاث إلى خمس، مرتين فقط أو ثلاث ثم يسمع هذه الآية، ثم يمضى إلى الآية الثانية فيصنع بها صنيعه بالأولى، لكنه بعد ذلك يسمع الأولى و الثانية، ثم يحفظ الثالثة بالطريقة نفسها، يقرأها ثم يسمعها منفردة ثم يسمع الثلاث من أولها الأولى ثم الثانية ثم الثالثة، ثم يمضي إلى الرابعة إلى آخر الصفحة.
ثم يكرر تسميع الصفحة ثلاث مرات. وحذار في هذه الطريقة أن ترى أن الآية الأولى قد أكثرت من ذكرها فلا عازة لتكرارها، بعضهم إذا بلغ نصف الصفحة قال النصف الأول مضبوط فلا يحتاج إذا حفظ الآية في النصف الثاني أن يعيد النصف الأول إلى الأخير. هنا لا يقف حمار الشيخ في العقبة في منتصف الصفحة و ثق من هذا تماما وجربه تراه شاهدا على كلامي. لا بد كل آية تحفظ في الصفحة أن تعاد من الأول إلى حيث بلغ، حتى يتم الصفحة ثم يأتي بها ثلاث مرات تسميعا كاملا.
تختلف هذه الطريقة عن الأولى أنها أبطأ في الغالب. أبطأ في الوقت فالصفحة في الطريقة الأولى تستغرق بالمعدل نحو عشرة دقائق، قد يقول قائل العشر قليلة، أقول عشر دقائق إذا كان يريد أن يحفظ أما إذا كان ينظر في الغادين و الرائحين و المتشاكلين و المتضاربين و يسمع هنا و.. هذا ولا مئة دقيقة و لا عشرة أيام يحفظ فيها شيء. أما الثانية فهي أبطأ و الغالب أنها تستغرق نحو خمس عشرة دقيقة لأنه سيكرر كثيرا.
أما من حيث التطابق فآخر الأمر أنه سيحفظ الصفحة كاملة و لكن هذه الطريقة أضعف إذا لم يصل الآية بالآية سيكون هناك ذلك التوقف الذي أشرت إليه، إذا هذه الطريقة من حيث الأصل حفظ الصفحة أو حفظ الآية و في آخر الأمر ستعود النتيجة إلى حفظ الصفحة.
أنتقل إلى النقطة الثانية وهي نقطة مهمة مكملة و هي الشروط اللازمة.
يتبع ......
motasem-sh
20-08-2005, 05:18 PM
تتمة .....
ثالثا العوامل المساعدة
ننتقل إلى العوامل المساعدة. التي تساعدك على هذا و هذا .
أولا: القراءة في النوافل
النوافل الرواتب خمس في حد التقدير في الحد الأدنى لمن لا يزيد، ماذا نقرأ فيها غالبا ، كل واحد سيجيب إجابة واحدة سورة الإخلاص، الكافرون ، الكوثر . نريد الصفحة الجديدة أن تسمعها خمس مرات في هذه الصلوات الخمس أو في هذه الرواتب الخمس. الصفحة عندما تقسمها قسمين، سورة الضحى و ألم نشرح تقريبا في هذا الحديث، فلا تفصل صلواتك عن قراءاتك و حفظك، هذا من أهم العوامل المساعدة أن تغتنم النوافل بإخلاص في حفظ و مراجعة و تثبيت هذا الحفظ.
ثانيا: القراءة في كل آن
وخاصة في انتظار الصلوات، ما الفرق بين هذه و تلك؟ في كل آن عندما تذهب لموعد وغالبا تأتي و لا يأتي من واعدته إلا متأخرا فليكن ديدنك أن تكرر حفظك و أن يكون مصحفك في جيبك. الصلوات كثيرا ما نأتيها و قد كبر الإمام، لو قدمنا خمس دقائق قبل كل صلاة لكان عندنا خمس صلوات، خمس مجالس يمكن أن نكرر فيه صفحة الحفظ أو أن نربط بعض الصفحات، أو أن نراجع بعض ما سنذكره في شأن المراجعة. هذا لابد أن يكون لنا اهتمام به و أن نضعه في أذهاننا و تصوراتنا.
ثالثا: قراءة المحراب
القراءة الفاحصة التي تفحصك و تمحصك، هل حفظت حفظا صحيحا! هل حفظت حفظا متينا ! إنها قراءة المحراب. أن تتقدم إماما في الصلاة أو أن تؤم الناس إذا تيسر لك ذلك أو إذا وجدت لك الفرصة أو إذا قدمت، اقرأ في المحراب ما حفظته، فإن كنت مطمئنا مستطيعا للقراءة دون تلكأ و لا تخوف و لا توقف فهذا مما يعين لأن قراءتك في الناس غير، إذا أخطأت ركعت، و إذا أخطأت في الركعة الثانية انتقلت إلى سورة أخرى، أما المحراب فغالبا ما يمحصك و يفحصك فحصا جيدا فاحرص عليه إن كنت إماما أن تجعل من حفظك في صلاتك و قراءتك.
رابعا: سماع الأشرطة القرآنية المجودة
و هذه نعمة من نعم الله عز وجل علينا، أنك يمكن أن تسمع الحفظ الجديد و القديم في كل يوم في أثناء مسيرك في سيارتك أو قبل نومك في بيتك اجعل شريط القرآن دائم التكرار. و لا يكن ذلك عفوا و ليكن ذلك بطريقة منهجية، بمعنى أنك عندك في هذا الأسبوع سورة معينة للمراجعة تريد أن تجعله ديدنك خلال هذا الأسبوع. و أن تجعل أيضا شريط الحفظ الجديد أيضا ديدنك هذا الأسبوع، ليس كيفما اتفق و حسب الحاجة، لا، افعل ذلك ضمن البرنامج الذي تكمل فيه حفظك و مراجعتك فإن هذا من أعظم الأمور المعينة المساعدة، لأنك ستسمع القراءة الصحيحة و ستعيدها و تكررها، و ستسمعها بحسن التجويد و الترتيل فذلك من أهم العوامل المساعدة.
خامسا: الالتزام بمصحف واحد للحفظ
وهذا أيضا من الأمور التي يوصى بها و يحرص عليها كثيرا ، لابد أن تأخذ لك مصحفا واحدا تحفظ عليه قدر استطاعتك من أول المصحف إلى آخره، لأن التغيير تشويش، أنت عندما تلتزم المصحف الواحد غالبا ما ينقذح في ذهنك صورة الصفحة مبدأ السورة في الصفحة و مبدأ الجزء في تلك الصفحة وأين تنتهي و كم عدد الآيات فيها فذلك يثبت الحفظ عندك ويجعلك أقدر على أن تواصل و أن تربط و أن تمضي إن شاء الله مضيا جيدا سريعا وقويا. أما إذا حفظت يوما هنا فهذه الصفحة تبدأ بالسورة وفي مصحف آخر السورة بدايتها في مكان آخر ، لا تستفيد من هذه الفائدة التي هي إحدى الفوائد التي سنذكرها فيما يأتي من الحديث. إذن المصحف الواحد يعين و أجود المصاحف ما يسمى مصحف رأس الآية الذي يبدأ بآية و ينتهي بآية، ليس في صفحة جزء من الآية و تكملتها في الصفحة التي بعدها أو وراءها ، لأنك كما قلنا اجعل قدرك أو حفظك هو الصفحة، مقياسك صفحة ، إما أنك ستحفظ في اليوم صفحة أو أكثر، تلك الصفحة هي اللوح الذي يعينك بإذن الله عز و جل .
سادسا: استعمال أكبر قدر ممكن من الحواس
وهو من أهمها و آخرها، و هذه من الناحية العلمية معلوم أن استخدام حاسة واحدة يعطي نتيجة بنسبة معينة، فإذا استخدمت للحفظ أو في هذا العمل حاستين زاد استيعابك و فهمك و حفظك له، و إذا استعملت ثلاثة حواس زاد، إذا استخدمت أربع زاد.
كيف نستخدم الحواس ؟ بعض الأخوة يقرءون كما يقولون يقرأ بعينه، هذه تضعف حفظك. اقرأ بعينك و بلسانك، ارفع صوتك يتحرك اللسان وتسمع الآذان، ثم إذا استطعت و هذا لا شك أنه فيه صعوبة لكن فيه قوة و متانة وهو أمر الكتابة، إذا حفظت صفحتك فاكتبها ولو على غير الرسم، كتابة لتثبيت الحفظ ، فإن الكتابة من أقوى ما يثبت الحفظ تثبيتا راسخا لا ينسخ بإذن الله عز و جل. و نحن نعلم شأن الكتاتيب التي تسمى كتاتيب، و التي بعض الناس يقول زمن الكتاتيب و طريقة الكتاتيب، وكأنه أمر فيه تخلف و هو في حقيقة الأمر من أجود و أمتن و أحسن ما يمكن عليه الحفظ.
وأذكر لكم هذه التجارب تعرفونها خاصة في بلاد المغرب العربي وفي بلاد أفريقيا لازالوا في موريتانيا و غيرها لازالوا بهذه الطريقة. أنا ذهبت مرة إلى المغرب و ذهبت إلى بعض المساجد ووجدت الطلاب كل معه لوحه من الخشب يكتب عليه، فإذا كتب هذا اللوح يظل يردده حتى يحفظه، ثم عندهم هناك سطول من الماء يغمس فيها لوحه فيه ويكون قد ثبت في ذهنه، فإذا محي من لوحه فلا يخشى بإذن الله عز وجل من ذهاب حفظه. فالكتابة أيضا أمر مهم ، وهناك نماذج كما قلت عندما ترى أمثال هؤلاء الذين يحفظون في الكتاتيب تعجب كأن عندك مسجلا، يقول اقرأ من آية كذا ينطلق المسجل ما شاء الله دون أن يخطئ، بل في تركيا عندهم مدارس لتحفيظ القرآن على النظام الداخلي، يدخل فيها الطالب ما يظهر لأهله إلا في آخر الأسبوع لمدة سنتين كاملتين، لكن يحفظ حفظا عجيبا و إن شئت قل أعجب من العجيب أولا بأرقام الآيات بمواضيعها بترتيبها، يمكن إذا جئت بالآية لا يأتيك بالتي بعدها، بل يأتيك بالتي قبلها، و ممكن إذا جئته بالآية و قلت أنك تريد نظائرها قرأ لك هذا الموضع و أتمه ثم جاءك بموضع آخر من سورة أخرى و أتمه، يعنى حفظ في غاية القوة و المتانة .
هذا ما يتعلق بالحفظ.
يتبع .....
motasem-sh
20-08-2005, 05:21 PM
تتمة ....
ثالثا: المراجعة
القسم الثالث المراجعة، وهي من تمام الحفظ، فلا حفظ بلا مراجعة، و ليس هناك مراجعة أصلا من غير حفظ. هناك أسس ثلاثة قبل أن ندخل في طريقة المراجعة.
الأسس
أولا : التعاهد الدائم
ولست كما قلت معنيا بأن نذكر النصوص في تفلت القرآن و ما أخبرنا به نبينا على الصلاة السلام ( تعاهدوا هذا القرآن فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها ) رواه مسلم ، وقال ( تعاهدوا هذه المصاحف وربما قال القرآن فلهو أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم من عقله ) رواه أحمد ، تعاهدوا القرآن فإنه أشد تفصيا ، إلى غير ذلك من الأحاديث لكن أقول أن القرآن قال الله عز و جل في وصفه ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ القمر 17- ، لكن جُعل من خصائصه أنه سريع التفلت، لماذا ؟
حكمة من الله عز وجل، من أراد أن يحفظ القرآن هكذا ليتباهى به، أو يحفظه ليأخذ به جائزة، فهذا لا بأس يحفظ ثم ينسى، أما من يريد أن يحفظ القرآن حفظا لله عز وجل ثم ينتفع به في عبادته و تعليمه و إلى آخره، فإنه لا بد أن يبقى معه و بقائه معه هو التأثير الإيجابي العملي السلوكي فإن الأمر ليس يتعلق فقط بالحفظ نحن اليوم نركز على هذه المعاني لأننا نهدف إلى هدف معين نريد طريقة الحفظ أما بقية الأمور فليست في معزل عن هذا.
ثانيا : لا بد من المقدار الكبير
المقدار الكبير، من يريد أن يراجع صفحة باليوم هذا لا تعد مراجعة و لا ينتفع بها إلا في دائرة محدودة جدا.
ثالثا: استغلال المواسم
مثل موسم رمضان هو موسم المراجعة الأكبر، فقد كان النبيrيلتقي جبريل في رمضان ويتدارسان القرآن معا في كل رمضان حتى إذا كان عام في العام الأخير تدارسه معه مرتين، فهذه النوافل تجمع و تفيد بإذن الله عز و جل.
أما الطريقة فأحب أن أشير إلى أمر مهم جدا إذا اعتبرنا المراجعة هي عبارة عن وقفات و محطات فأحسب أنها لا تفيد، يعنى أمضي لأحفظ خمسة أجزاء ثم أقف للمراجعة، هذه بالنسبة للتجربة أرى أنها كالذي يحرث في الماء، خاصة إذا كانت طريقته في الحفظ أيضا ليست محكمة وجيدة. لا بد أن تكون المراجعة جزءا لا يتجزأ من الحفظ، فكما تحفظ كل يوم تراجع كل يوم، لا تقل لي ليس عندي في هذه الأيام مراجعة أو المراجعة ستكون في الشهر القادم أو بعد شهرين، هذا لا سيما في البدايات لا يمكن أن يثمر ولا ينفع في غالب الأحوال، لا بد أن تكون المراجعة جزء قصير.
الطريقة
ويمكن أن نشير إلى أمرين مهمين في مسألة الطريقة.
أولا: تسميع أربعة صفحات من الحفظ الجديد
عند تسميع كل صفحة جديدة لا بد من تسميع أربعة صفحات من الحفظ الجديد قبلها. يعنى يسمع خمس صفحات، في اليوم التالي ماذا سيصنع، سيحفظ صفحة جديدة سيسمعها و معها أربعة صفحات من التي قبلها وستكون صفحة الأمس معها، صفحة الأمس ستكرر خمس مرات، فهذا أولا جزء المراجعة المبدئي الذي هو للحفظ الجديد، يحتاج إلى صيانة باستمرار، مثل أي شيء تترك صيانته يبدأ يتسرب إليه الخلل، إذا أولا مع كل صفحة جديدة يسمع أربع صفحات من الجديد قبلها، هذا سيجعل الصفحة الجديدة تسمع خمس مرات، قبل أن ينتقل قبل ذلك إلى صفحة سادسة وسيعيد قبلها أربع فلن تكون الأولى منها.
ثانيا: أن يسمع في كل يوم عشر صفحات من القديم
وكما قلت ليس هذا صعبا أو محالا إذا استغل مشيه بسيارته و صلاته في نوافله و قراءته في نوافله و غير ذلك مما أشرت إليه من سماعه لأشرطة، فيتحقق له ذلك بإذن الله دون عناء كبير المهم النية و العزيمة إلى آخر ما ذكرنا في الأسس العامة هذا يضبط لنا الأمر خاصة في البداية، ثم ماذا يحصل نتيجة لهذا، في البداية أيه الإخوة قد يكون مثل هذا الأمر فيه بعض الصعوبة أو يحتاج لبعض الوقت، لكن مالذي يحصل بعد هذا أيه الأخوة، الذي يحصل الست قد اشترطت عليكم أن تكون حفظ الصفحة الأولى مثل حفظ الفاتحة، فإن طبقتم ذلك ثم قرأتموها خمس مرات في نوافلكم ، ثم كانت ضمن الصفحات الخمس التي تسمع في الأيام التي بعدها، فماذا سيكون شأن هذه الصفحة، هل تراك عندما تراجعها ستحتاج إلى جهد أو إلى عناء، أنت ستتلوها كما تتلو فاتحة الكتاب ، و أنت تمشي و أنت تجلس و أنت تنتظر و أنت تقوم و في وقت من الأوقات، إذا ماذا يحصل، المراجعة إذا أتقناها بهذه الطريقة تصبح شيئا لا يشكل عبئا و لا يحتاج وقتا في الوقت نفسه.
فلو تصورت أنك بدأت الحفظ حديثا، فحفظت الصفحة الأولى، ثم جئت باليوم التالي و حفظت الصفحة الثانية، و بذلك تسمع الصفحتين معا حتى إذا جئت إلى اليوم الخامس سمعت الصفحات الخمس، ثم إذا جئت إلى اليوم العاشر سمعت العشر، و بذلك تمضى إلى نهاية الجزء عشرين صفحة، ماذا سيكون، ستكون الصفحة الأولى قد مرت بك نحوا من ثلاثين مره ، فإذا مشيت على هذه الطريقة، إذا جئت إلى الجزء الثاني و الثالث لن يكون الجزء صعبا عليك، و لن تحتاج أن تقول إذا لابد أن أتوقف الآن حتى أراجع ذلك الجزء، هذا التوقف و الوقفات الطويلة للمراجعة هي حفظ جديد. كثيرا ما يصنع ذلك طلبة التحفيظ، يمضى خمسة أجزاء ثم يقول أقف للمراجعة، ووقفته للمراجعة حفظ جديد يحفظها مرة ثانيه ثم لا يحكمها ويمضى خمسة أخرى ثم يقول أرجع و هو كما قلت إنما يحرث في الماء فلينتبه لذلك.
العوامل المساعدة
عوامل مساعدة للمراجعة كما قلت، بعضها مما ذكرت:
أولاً: الإمامة في الصلاة
الإمامة في الصلوات هذا أمر مهم كما ذكرت سابقا.
ثانيا: العمل بالتدريس في مجال التحفيظ
إذا حفظت و أتممت و ختمت لا شك أن هذا مهم جدا، يعينك كثيرا، إذا صرت مدرسا للتحفيظ بعد أن تحفظ، هذا يسمع لك الجزء الأول، و هذا في الخامس، وذاك في العاشر. إرتبط بالقرآن و تسميعه كثيرا.
ثالثا: الاشتراك في برامج التحفيظ
عندما تكون منفردا يختلف الوضع، و لكن عندما تكون مع اثنين أو ثلاثة، أو في حلقة هذا يُسمع و هذا يُسمع و هذا يَسمع لك و أنت تَسمع له سيكون هناك روح من الجد و قدرة على المواصلة في هذا الباب.
رابعا: قيام الليل و القراءة فيه
وهو من الأمور النافعة المفيدة التي قل من يأخذ بها إلا من رحم الله، قيام الليل و الإفاضة فيه. وقد أفاض النووي رحمة الله عليه في التبيان في هذا الباب و كما قلت لا أريد أن نتفرع إلى ذكر الفضائل أو المزايا فإن قراءة القرآن في الليل فيها الهدوء و السكينة و استحضار القلب و اجتماع الفكر إضافة إلى ما يفتح الله عز و جل به عليك و أنت تعبده و الناس نائمون إلى غير ذلك، هذا أمر واضح جدا.
هذا ما يتعلق بالمراجعة.
يتبع .....
motasem-sh
20-08-2005, 05:25 PM
رابعا: الروابط و الضوابط
القسم الرابع الروابط و الضوابط. كيف نربط بين الآيات و السور، بعض الناس كثيرا ما يشكون من هذه المشكلة ، خاصة الذين لم يأخذوا بهذه الطرق و لم ينتظموا و يستمروا ، يقول أنا أحفظ و عندي قدرة أن أحفظ في الليلة الواحدة ما شاء الله لي أن أحفظ، لكن المسألة فيها متشابهات و هناك أمور تختلط و السور بعضها البعض، و يسأل عن هذا الأمر. أقول، أولا قبل أن ندخل في التفصيلات، الحفظ لا يتعلق بالروابط و الضوابط و حفظ المتشابهات و غيرها. الحفظ يعتمد على ما ذكرت من حسن الطريقة الصحيحة و من دوام المراجعة المكثفة، لأنه ما المقصود بالحفظ؟ الحفظ أصلا هو عملية ذهنية يمكن فصلها نظريا عن أي شيء آخر، يمكن فصلها عن الفهم، فأنت تستطيع أن تحفظ مالا تفهم، و يمكن فصلها نظريا عن العمل فأنت تستطيع أن تحفظ مالا تعمل به، وهو عملية ذهنية آلية.
مما يذكر في ترجمة أبي العلاء المعري الشاعر، أنه كان وقّاد الذهن سريع الحفظ، حتى إنه كان يحفظ أي شيء يسمعه، فقيل إنه اختلف روميان بينهما وتصايحا في أمر من الحقوق، فاختلفا إلى من يحكم بينهما، فقال لهما هذا الذي يحكم هل شهد أحد غيركما حواركما وخصامكما، قالوا لا لكن كان إلى جوارنا رجل أعمى - وهو أبو العلاء، الذي يسمى رهين المحبسين - فجيء به، قال إني لما لا أعرف رطنهما لكن الأول قال كذا و كذا و الثاني قال كذا و كذا، مثلا كأنهم اثنين يتكلمان باللغة الإنجليزية وهذا حفظ ما قال هذا و ما قال هذا، أما ما هذا الذي قاله ما معناه لا يدري، هو يحفظ.
إذا فلا تتعلم في الحفظ أنك تريد أن تنظر إلى الضوابط و المتشابهات، و يأخذ بعض الأخوة الكتب ما الفرق بين هذه الآية هذا نعم لا بأس لكن ليس هو الأساس، الأساس أن تحفظ ، الحفظ الذي هو التسميع الذي هو التكرار الذي هو إدمان القراءة و التلاوة و التسميع و المراجعة هذا الذي يتحقق به الفرد، هذه أمور أخرى لاحقه و تابعة و من باب النافلة و الزيادة ليست هي أصلا في هذا و لكنها في الوقت نفسه معينة ومفيدة و مكملة و متممة فلا تعتمد عليها و لكن استأنس بها.
وهذه متفرقات حقيقة حول الروابط و الضوابط، هناك متشابهات الله عز وجل يقول ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا ﴾ الزمر 23 - أي في بعض معاني التفسير أنه يشبه بعضه بعضا، و نحن نعلم أن هناك آيات مكرره وآيات متشابهة لا يختلف بعضها عن بعض في حرف واحد وهذا من إعجاز القرآن وسَعة و دِقة معانيه وفيه كلام طويل عند أهل العلم، لكن لنأخذ بعض الملامح في مسائل المتشابهات لعلها أن تعين، إضافة أريد أن أشير إلى أن هذه الروابط و الضوابط تعتمد على كل أحد في نفسه، فأنت قد تجعل لنفسك ضابطا ليس لي، فأنا قد أكون قد ضبطت هذه الصفحة أو هذه السورة في تصور معين وأنت ضبطتها في تصور آخر، أي في ضبط المعنى، أما الحفظ فكله واحد.
من ذلك على سبيل المثال.
أولا: المنفردات و الوحدات
وهنالك رسالة صغيره بهذا العنوان، أي هناك آيات متشابهة لكن واحدة منها كانت بصيغة معينة، تعرفها حتى تعرف أن ما سواها متطابق وهى الوحيدة التي انفردت بذلك، مثل كما في قوله عز وجل ﴿ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ﴾ البقرة 173- هذه في البقرة لوحدها مع التقديم به لغير الله وفي باقي القرآن إما في المائدة 3 وفي الأنعام 145 و في النحل 115 ﴿ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ﴾ ، فقط في البقرة ﴿ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ﴾. هذه لا تقل لي ستجعلني أحفظ. لا، هي بعد أن تحفظ خذ هذه العلامة فإذا جئت و أنت تقرأ في البقرة في الصلاة و غيرها القاعدة في ذهنك فإذا وصلت لها قدمت به و مضيت وأنت مطمئن، لا متشككا هل هذه كذا أو كذا.
من المنفردات أيضا، الآيات التي في بنو إسرائيل ﴿ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ ﴾ البقرة 61- إلى آخره قوله تعالى ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ ﴾ تجد النبيين في أكثرهم و تجدها الأنبياء في آل عمران 112 ﴿ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ ﴾ وحدها، وهكذا تجد المنفردات يمكن أن تميزها حتى تضبط أو تتم الحفظ و تتقنه بعد حفظك له إن شاء الله.
هناك أيضا مواطن متشابهات كثيرة بعد أن تحفظ لك أن تصنع الروابط و الضوابط بنفسك، خذ الآيات التي فيها متشابهات و ضعها أمام عينيك و اجعل لها رابطا بحسب ما ترى.
أمر إبليس بالسجود ﴿ إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ﴾ البقرة 34، ﴿ إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ﴾ الأعراف 11 ، ضعها أمامك و ميز بينها بأي تمييز تراه يفيدك و يثبت في ذهنك وليس هناك من شرط في هذا. إذاً الأمر واسع.
ثانيا: مسألة المتشابهات و ضبطها في الكتب
هناك كتب قام بها العلماء في ضبط هذه المتشابهات، ما معنى في ضبطها يعنى أنهم جاءوا لك بالآية و شبيهها في موضع واحد، ونبهوا أن الفرق بين هذه و هذه هو هذا الحرف أو هذه الكلمة أو هذا التقديم أو هذا التأخير ، إذا في كونها جُمعت بين مكان واحد فهذا يساعدك على أن تستوعبها و أن تجعل هناك فرقا بينها، إضافة إلى أن العلماء صنف بعضهم في هذه المتشابهات معلقا على الاختلاف بينها في المعاني، فإذا عرفت المعنى لا شك أنه سيثبت لك الفرق بين هذه الآيات و هذه الآية، على سبيل المثال قد ذكرت ذلك بالمناسبة في درس " جولة في المصادر القرآنية" عندما تكلمنا على الكتب التي فيها بيان لاختلاف المعاني بالنسبة للآيات المتشابهة منها " فتح الرحمن في كشف ما يلتبس من القرآن" و منها " درة و التأويل و غرة التنزيل" إلى غير ذلك مما سأذكر منه الآن، أقول هذه الكتب عندما تعرف هذه الكلمة و أن هناك مشابها لها ولكن في اختلاف، وهذا الاختلاف جيء به لغرض هذا المعنى كذا و كذا، هذا يثبت في ذهنك الفرق بين هذا و هذا ، و هو أمر مهم جدا . أضرب مثال، في قصة زكريا عليه السلام وقصة مريم في سورة آل عمران، في الأولى قال ﴿ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ آل عمران 40 - و في قصة مريم قال ﴿ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ﴾ آل عمران 47 - لم قال هناك يفعل و لم قال هنا يخلق، هناك زكريا الزوج موجود و المر أه موجودة اللهم كبر السن فلأمر ليس مثل قصة مريم امرأة بلا زوج قال ﴿ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ﴾ فهنا تستطيع أن تفرق بالمعنى بين هذه القصة و تلك القصة فيثبت في ذهنك أن قصة زكريا فيها ﴿ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ ﴾ و في قصة مريم (﴿ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ ﴾ وهكذا.
هناك كتب كما قلت منها " درة التنزيل و غرة التأويل في بيان الآيات المتشابهات من كتاب الله العزيز " للخطيب الكافي، منها " أسرار التكرار في القرآن " للإمام محمود بن حمزة الكرماني ، و منها " متشابه القرآن" لأبي حسين ابن المنادى، و منها " منظومة هداية المرتاب وغاية الحفاظ و الطلاب " للإمام الشيخ أبى بطر فيها بعض هذه المتشابهات.
و لنأخذ أمثلة مما قد تضبطه بنفسك و تضع له قاعدة وحدك دون غيرك، المسألة واسعة.
مثلا في آل عمران في الآية 176 و 177، و 178 فيها ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾،﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾،﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ اجمعها في كلمة عام، العين عظيم، و الألف أليم ، و الميم مهين، تنضبط معك، فإذا جئت إلى هذه الصفحة انطلقت و أنت مطمئن لا خوف عليك أن تخلط بين هذه و تلك.
مثال أيضا آخر، في المائدة، ﴿ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ -62 ﴾ بعده مباشرة ﴿ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ -63﴾ بعدها في الصفحة التي بعدها ﴿ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ -79﴾ ، اجمعها في كلمة عصف، الأولى عين يعملون و الثانية طاء يصنعون و الثالثة فاء يفعلون، أيضا تنضبط معك و تبقى في ذهنك ولا إشكال فيها بإذن الله عز وجل.
ومثلا ﴿ فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ ﴾ الصافات 98- و ﴿ وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ ﴾ الأنبياء 70- ميز بينها الصافات فيها الفاء ، نفس كلمة الصافات فيها حرف الفاء فاجعل فيها "فأرادوا" ، و أيضا فيها فاء في "الأسفلين" فإذا الفاء في الصافات في هذا المعنى، و تبقى الأنبياء بالواو و بالأخسرين بدل الأسفلين.
وهكذا قس على هذا أمورا كثيرا تستطيع أن تجعلها على هذا النسق ، و مثل أيضا ﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ﴾ الإسراء 89- و قوله عز وجل ﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ﴾ الكهف54. الأولى في الإسراء فيها حرف السين فقدم ما فيه السين " الناس" و قل ﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ ﴾ ، و الثانية في الكهف فيها فاء فقدم ما فيه الفاء و قل ﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ ﴾.
وهكذا ضوابط معينه ممكن أن تستفيد منها، أيضا تقديم اللهو و اللعب ﴿الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ﴾ الأعراف 51، ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ﴾ العنكبوت 64- قال أحدهم ضابطا لها "و قدم اللهو على اللعب في الأعراف قل و العنكبوت يرضى فيه" .
يعنى أي بيت أي كلمات تضبطها بعض الحروف أي شيء من هذا. هناك أيضا مثل " الرجفة مع الدار " و " الصيحة مع الديار" قاعدة عامه ( فأخذتهم الرجفة ) سيكون الكلام في دارهم، ( فأخذتهم الصيحة ) سيكون الكلام في ديارهم. وهكذا ستجد أنواعا كثيرة في هذا الجانب.
ثالثا: فهم المعاني و تأملها
مما يساعد على الربط و الضبط أيضا، كيف أيه الأخوة الأحبة، مثلا موضوع السورة، خاصة السور غير السور الطوال، موضوعها قد يساعدك على أن تتصور التدرج في هذا الموضوع. بدأ الله عز و جل مثلا في سورة الرعد في الآيات التي في السماوات من عظيم خلقه ثم الآيات التي فيها الأرض ثم بعد ذلك انتقل إلى موقف الكفار من هذه الآيات و أنهم كفروا بالله عز و جل ثم انتقل إلى إقرار آخر في علم الله عز وجل، يعني يمكن إذا قرأت ما يعرف بمقاصد السور أن تتصور هذه السورة بمقاطعها و أجزائها فتعينك على تصور تسلسلها.
بعض السور أيضا يعينك أنها القصص الطويلة، القصص الطويلة مثل قصة يوسف ، سورة كاملة إذا عرفت القصة و تسلسلها طبعا لن تقفز من حدث إلى حدث و تأتي بآيات قبل الحدث الأول، إذا كنت تعرف القصة و عرفت مضامينها. و قلت القصص الطويلة مثل قصة يوسف و قصة موسى في بعض المواقع يمكن تصور القصة أن يعين على الربط بين آياتها ويعين ذلك أيضا في مثل السور التي فيها قصص لعدد أو لكثير من الرسل و الأنبياء مثل قصة هود و قصة الأعراف و الأنبياء، حاول أن تعرف أو أن تكتب قصص الأنبياء مرتبة، نذكر مثلا في الأعراف قصة نوح ثم عاد ثم صالح ثم إلى آخره. فاعرفها حتى إذا انتهيت من قصة النبي الأول وأنت تقرأ عرفت أن بعده النبي الثاني فتبدأ بوقفة تحتاج إلى دفعه، فاجعل دفعتك ذاتية دون أن تحتاج إلى من يدفعك أو من يلقنك.
أيضا الأجزاء و الأرباع أيها الأخوة و السور، مبدأ السورة، مطلع الجزء، بداية الحزب أو الربع، مهم جدا و يوفيه. فأنت تجعل لكل ربع مضمونه، مثلا أن تقول الربع الأول في البقرة طبعا سيكون محفوظ، فيه قصة آدم و الملائكة، الربع الثاني قصة بني إسرائيل و فرعون، الربع الثالث قصة البقرة، تجعل لكل ربع مثلا تصورا معينا أو مضمونا معينا تجعله حاضرا في ذهنك هذا الربط بالمعنى و فيه صعوبة لكنه في الغالب مع المراس يتولد عندك شيئ من هذا الربط.
رابعا: الربط العام
الضبط المقصود، الرابع و الأخير الربط العام، أن نربط الآيات بطريقة الحفظ التي ذكرناها، و نربط السور و الأجزاء و نعرف ترتيب السور و ترتيب الأجزاء و مطالعها هذا يتم كذلك بالطريقة التي أشرنا إليها في الحفظ و في المراجعة
خامسا: اختلافات و فروق
أخيرا النقطة الخامسة من نقاط الدرس وهي الفروقات و الاختلافات. لا شك أن الذي ذكرناه قواعد عامة و أن الناس يتفاوتون في السن و في الحفظ و في سعة الوقت و في القدرة على الاحتمال ونحو ذلك، هذا كله وارد في هذا الباب، لكنني قد ذكرت ما أحسب أنه يصلح للجميع، و لذلك كان بعض الأخوة يتصور أن الدرس سيكون عن حلقات التحفيظ و الطالب في التحفيظ و القدر الذي يأخذه في الحلقة و كذا، قد نجعل هذا جزءا من حديث الدرس القادم إن شاء الله تعالى.
و قد أردت أن يكون التركيز في هذا على معنى الحس بحثا مجردا لأي أحد كبيرا كان أو صغيرا، موظفا أو طالبا بحلقة أو بغير حلقة، منفردا أو مع مجموعه، يمكن أن يفيده مما ذكرت من هذه المعلومات و الطرق و الملامح السريعة التي أشرت عليها. لكنني أيضا أقول لهذه الفروقات جوانب منها.
أولا: السن
الحفظ في الصغر كالنقش في الحجر، فاحفظ و أنت صغير إن استطعت، أما إذا كنت قد كبرت فلن تستطيع أن تصغر نفسك، لكن عوض ذلك في أبنائك، و انتفع بهم إن شاء الله، و الحفظ في الصغر كما قلت حفظ لذات الحفظ أو لمضمون الحفظ، لن أقول للصغير متشابهات لأنه لا يدرك هذا المعنى، لن أستطيع أن أشرح له معاني الآيات و تفسيرها هو سيحفظ حفظا و يرسم رسما، هذا الحفظ هو الحفظ القوي المتين، كما يحصل الآن مثلا في دراسات المعاهد الإسلامية على المناهج القديمة خاصة الأزهر و غيره، يحفظون في الأزهر في الابتدائية - هم عندهم على النظام القديم أربع سنوات ابتدائية ثم أربع سنوات متوسط - يحفظون في الابتدائية أربع سنوات ألفية ابن مالك، كل سنة يحفظون مئتين و خمسين بيت يحفظها الطالب لا يفهم منها شيئا و لا يعقل منها شيئا، فإذا دخل المتوسط كان المنهج المقرر شرح ألفية ابن مالك.
لا تقل لي في مسألة الحفظ ما يقوله لا أقول التربويون، لأن التربويون الحقيقيون لا يقولون هذا، أن الحفظ مسألة غير تربوية و بعض الناس يقول لماذا نرهق أبنائنا بالحفظ في المدارس الابتدائية، و أحدهم كتب في إحدى الجرائد قائلا من قال لكم إن السور القصيرة سهلة الحفظ، يقول بعض السور القصيرة من أصعب ما يمكن حفظه، طبعا هو يتحدث عن نفسه و الله أعلم، أما الله عز و جل قال ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ القمر 17 .
فالحفظ هو الأساس في العلم، ليس وحده و لكن هو الأساس في المدخل، تريد أن تفهم، كيف تفهم مالا تحفظ!. تريد أن تستشهد، كيف تستشهد بما لا تحفظ ! تريد أن تدلل، كيف تدلل على مالا تحفظ !، إلى آخر ذلك الحفظ أمر أساسي و لا بد منه، إذا أول شيء في الفروق و الاختلافات مسألة السن فاحرص على هذا الشيء.
ثانيا: الأوقات و الشواغل
اختر الوقت الصافي، الذي فيه صفاء من وجهين،
أولا صفاء الكوادر و الشواغل، بمعنى أنك لا تنصرف به عن شيء.
ثانيا أن يكون صافيا خالصا لفترة الحفظ، لا تجمع معه شيء غيره، لا تحفظ و أنت تريد الحفظ، تحفظ و تأكل، تحفظ و تجيب على التلفون تحفظ و.... لا تفعل ذلك أبدا. اجعل حفظك صافيا في وقته للحفظ و بعيدا عن الشواغل في هذا الوقت، وهذه الأوقات تتفاوت بين الناس لكن أفضل وقتين فيما يرى و الله أعلم في الواقع في حياة الناس، قبل النوم و بعد الفجر.
قبل النوم لن يكون عندك أحد و لن يأتيك أحد، و إن كان الناس كثير منهم تعودوا على الإزعاج و غير ذلك، و لكنه أهدى الأوقات. و بعد الفجر أيضا أهدئها و أعونها على الحفظ.
ثالثا: البرمجة
الأمر الثالث الناس تكون في أشغالهم و وظائفهم و لكن هناك أمر لا بد منه البرمجة، ما يكون عندك من أمر له أهمية ضعه في برنامجك، كما أنه لا تتصور أن يمضي يومك دون أن تصلي الفرائض الخمس، أو أن يمضي يومك دون أن تنام، أو دون أن تأكل، أو عند بعض الناس دون أن يفعل شيئا من الأشياء التي تعودها، فاجعل أنه لا يمضي وقتك و يومك إلا و فيه في البرنامج جزء ووقت لهذا الأمر، يقل أو يكثر ليس مهما لكنه لا بد أن يثبت، يقل و يقصر نعم لكن لا يزول بل يثبت، و هكذا سنجد هذا واضحا بينا.
وأخيرا أذكر بعض الأمور الواقعية، فليس هذا الكلام نظريا، و لا خياليا بل هو واقعيٌ في أعظم سور الواقعية، و أذكر لكم بعض الأمثلة من المعاصرين و القدماء.
أما القدماء فقد ذكر الذهبي في معرفة القراء الكبار، ذكر عن أحد المتَرجمين من القراء أنه حفظ القرآن في سن سنين يعني في الخامسة، قال وجمع القراءات في العاشرة، قال و هذا قل في الزمان مثله، و هذا يحصل و يقع و تجد و الحمد لله هذه الأمور واضحة.
الشيخ الدوسري عليه رحمة الله، في ترجمته المطبوعة في كتاب ترجمة حياة الشيخ الدوسري، قال و حفظت القرآن في شهرين، اعتزلت فيها الناس و أغلقت علي مكتبي و لم أكن أخرج إلا للصلاة.
و أنا أذكر لكم قصة رجل أعرفه و هو لا يزال موجودا بيننا أختم به الدرس، هذا شاب أصله من السودان كان والده يدرس في أمريكا وولد هو في أمريكا، فصار مستحقا للجنسية الأمريكية، ودرس هناك المرحلة الأولى الجامعية و أخذ الماجستير في الهندسة و شرع أيضا في مرحلة الدكتوراه، و كان في المسجد أو المركز الإسلامي الذي هو فيه بعض إخواننا ممن يسكنون معنا في هذا الحي وهو ممن يحفظ أكثر القرآن و يجوده و قراءته جميلة، فكان يؤم فيهم بالصلاة، فلفت نظره، يقول ما كنت قد سمعت قراءه بمثل هذه الجودة و الحلاوة، ثم سألت فقيل أن هذا يحفظ عشرين أو خمسة و عشرين، ففكرت أنا مسلم و لا أحفظ القرآن و أحسن قراءة القرآن، فعزمت أن أحفظه، فماذا صنع، أوقف دراسته و أخذ إجازة، و جاء إلى المملكة متفرغا للحفظ، يقول يريد أن يحفظ و أن يتعلم بعض الأمور من الحديث و بعض العلوم الإسلامية، وجاء إلي مرسلا من هذا الأخ الذي هو جار لنا فوجدت عنده همة و عزيمة عالية، فذهب إلى مكة في الحرم متفرغا و للترتيب مع بعض المدرسين لعلهم أيضا أعانوه في ذلك، فأتم الحفظ في مئة يوم يعنى ثلاثة أشهر و عشرة أيام في الحرم، أغلب وقته متفرغا لهذه في الحرم و يمكث فيه الوقت الطويل، ثم جاء إلى هنا مرة أخرى فطلب أن يلتحق بمدرس أو محفظ حتى يراجع و يسمع الختمة عشر و عشرين مرة، فألحقته بأحد حلقات واحد من المدرسين الجيدين و بمدرس آخر للتجويد فهو الآن يسمع وهو مواظب و منتظم لا يغيب يوما واحدا، و ما جاء إلا لهذا و ما فرغ وقته إلا لهذا و ما قطع دراسته إلا لهذا. إذا المسألة إن شاء الله بالنية و العزيمة و الله يبارك ويوفق و يعين
يرجى عدم الرد
motasem-sh
20-08-2005, 05:26 PM
الباب الرابع - طرق إبداعية لحفظ القرآن - الدكتور يحيى الغوئاني
القواعد العامة لحفظ القرآن الكريم :
القاعدة الأولى :
1) الإخلاص سر الفتح :
إذا عمل الإنسان وبذل الجهد وطبق ما يلزم تطبيقه وأتقن البرمجيات ولكن لم يكن هناك إخلاص في عمله أولم يكن هناك توكل على الله تعالى ، يكون العمل ناقصاً ... لذلك نجد كثيرا من المصلحين الغربيين من المكتشفين من الذين نفعوا البشرية بأفكارهم ولكنهم فقدوا الإخلاص النابع من الإيمان بالله تعالى ، نجدهم انتحروا وبكل بساطة .. ولذلك علينا أن نتذكر قوله تعالى : ( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) إذاً هم سعوا واجتهدوا ولكن سعيهم ضلّ بسبب فقدانهم للإيمان والإخلاص ..
ونحن نحمد الله كثيرا على منة الإيمان والإسلام . فالإسلام الذي ميّز امتنا جعلنا نصبغ كل ما نأخذه من الغرب من برمجيات وتكنولوجيا بصبغة الإسلام ونلبسها بروحانية الإيمان ولذلك نحن نؤمن بأن كل عمل لا يقوم على الإخلاص فهو على جرف هار..
الإخلاص له زرّ في القلب وفي أي لحظة وبدون أن يراك أحد اضغط هنا على القلب وقل في نفسك ( الإخلاص .. الإخلاص .. الإخلاص) ( ثم انطلق إلى القاعدة الثانية ) .
الحقيقة يا أخواني أن موضوع الإخلاص يحتاج إلى محاضرات طويلة وأمثلتها كثيرة جدا منها قصة الإمام النووي والإمام الشاطبي قصة النووي والإمام أحمد أيضا ) مؤلف المنظومة المشهورة الشاطبية في القراءات السبع .. تفكر في إخلاصه العجيب : كان يطوف بها حول الكعبة مئات بل آلاف المرات ويقول : يا رب إن كنت قد قصدت بها وجهك فاكتب لها البقاء ... ولم يكتف بهذا بل كتبها في قرطاس ووضعها في قارورة وختم عليها وألقاها في البحر ثم دعا الله تعالى أن يبقيها إن كان يريد بها وجهه تعالى ... ودارت الأيام وإذا بصياد يصيد السمك ويرى القارورة بين السمك فيفتحها ، فيجد بها ورقة بها قصائد في القراءات .. فيقول في نفسه : والله لا يعلم بها إلا الإمام الشاطبي .. سأذهب إليه وأسأله عنها وحينما دخل على الإمام وذكر له ما وجد في البحر قال له الإمام : افتحها واقرأ ما فيها .... فبدأ الصياد يقرأ :
بـــدأت باســم الله فــي النظم أولا *** تبــارك رحمـــان الرحيــــم موئـــلا
وثنيت صلى الله ربي على الرضــا *** محمد المهدي إلى النـــاس مرســلا
وإذا بالصياد يقرأ والإمام الشاطبي يبكي وحكى له قصة القصيدة ( اللهم ربي ارزقني الإخلاص) ، ولذلك نجد الآن وفي كل مكان من طلاب علم القرآن يحفظونها ، وهي مشهورة تذهب إلى اندونيسيا .. الهند .. مصر ، الشام ، تركيا ، وفي كل مكان لأن صاحبها أخلص في عمله إذاً الخلاصة للقاعدة الأولى : ( ما قصد به وجه الله تعالى ، لابد أن يبقى )
القاعدة الثانية :
2) الحفظ في الصغر كالنقش على الحجر :
اعترض أحد الحاضرين وقال إن هذه القاعدة سلبية ، فأجابه الشيخ الفاضل قائلاً : ستجد بعد قليل كيف أن الإيجابيات ستضيء من جوانب هذه القاعدة.
نرجع إلى هذا القول المأثور .. ( الحفظ في الصغر كالنقش على الحجر والحفظ في الكبر كالكتابة على الماء ) هذه نشأت من أصل قاعدة ربانية موجودة في الكون مسلّمة لاشك فيها ، أن الصغير يحفظ أكثر من الكبير.. القاعدة تكون كما يأتي :
الإنسان عندما يولد يكون الحفظ عنده في القمة ، ولكن فهمه لاشيء ، فالفهم قليل جداً ، والحفظ يرتفع جداً وكلما كبر كلما ارتفع الفهم وقلّ الحفظ وهكذا بمرور السنوات .. سنوات الطفولة والشباب .. حتى يصل إلى سن العشرين إلى الخامسة والعشرين تقريبا .. يتساوى عنده الحفظ والفهم ، ثم يبدأ يقل الحفظ أكثر ويزداد الفهم أكثر .. هل يموت الحفظ أخيرا ؟؟؟؟؟ لا لا يموت لأن حجيرات الدماغ الخاصة والمسئولة عن الحفظ لا يمكن أن تموت حتى بعد المائة .. إذاً القانون السائد كلما كبر الإنسان قلّ الحفظ ....ولكن ماذا يخرق هذا القانون ؟؟؟؟ هناك شيء اسمه العامل الخارجي .. إذا وجد فانه يضرب جميع القوانين ، فيصبح الحفظ بعد الأربعين سهلاً جدا جدا وهناك كتاب اسمه ( الفضل المبين على من حفظ القرآن بعد الأربعين) ما هو هذا العامل الخارجي ؟؟
هذا العامل هو : الرغبة .. التصميم .. الإرادة .. العزم .. قوة الهمة .. الهمة العالية .. ، إذا وجدت هذا في نفسك فإنه يشعل العزيمة والقوة لتنفيذ ما يريد ..وهناك عندي أكثر من ثمانين اسماً حفظوا القرآن بعد سن الأربعين والخمسين والسبعين ...؟!!
يتبع .......
motasem-sh
20-08-2005, 05:28 PM
تتمة ........
أمثلة على العامل الخارجي :
إذا وقفت على رجلك ثلاث ساعات مثلا .. تتعب صح ؟ .. طيب إذا وقفت 4 أو 5 ساعات .. لا تستطيع صح..؟؟ بس إذا قلت لك إن تقف 8 ساعات .. مستحيل صح ؟؟؟ لكن مالذي يدفع مغنيا أن يقف على خشبة المسرح 14 ساعة متتالية وهو يغني ، وذلك ليدخل اسمه في موسوعة جينيس للأرقام القياسية ..( عامل خارجي )
مسابقة حصلت حول أكل طبق من الصراصير مقابل إعطاء مال بشرط أن تقرمشه تحت أسنانك !! وتقرظه فلم يقم احد .. إلاّ بعد أن رفعت المكافئة إلى مبلغ خيالي أكثر من 500ألف دولار قام رجل .. قال أنا آكله . واعتبر نفسي أنني آكل فستق .. ( عامل خارجي ) !!!!!!
قصة أم طه التي حفظت القرآن تؤكد ذلك ... ( سأروي لكم القصة آخر المحاضرة )
سأل الشيخ الحضور .. إذا عرضت على أحدكم أن يقف خمس ساعات , وبعدها عرضت عليه أن أعطيه 10آلاف دولار مقابل أن يقف ساعة إضافية .. هل يفعل ..؟ أجاب الحضور بل نقف ساعتين إضافيتين .. فعلق : أرأيتم ..هذا هو العامل الخارجي .. تحدّي ..
نرجع إلى الموضوع السائد أن الإنسان إذا حفظ القرآن وهو صغير فقد اختلط بلحمه ودمه ، كيف ذلك ؟؟
أنا أودع القرآن عند حفظه في حجيرات دماغي ، وعندما أكبر تكبر كذلك حجيرات دماغي ، تكبر وهي حافظة للقرآن، فيبقى .. والسؤال المهم من أي سنّ يجب أن يكون التلقين ؟؟؟؟؟؟؟
إذا استطاعت الأم أن تحرص أن تفتح المسجل دائما وجنينها في بطنها في الأشهر الأخيرة فلتفعل وبعد أن يولد الطفل ، دائما أسمعيه القرآن الكريم ، اجعليه يراك تقرئين القرآن الكريم ، تذكرين الله تعالى ، ستجدين النتيجة طيبة بإذن الله تعالى ... ولكن .. احذري .. احذري أختي المؤمنة أن تقهريه قهراً فكرة الإجبار خاطئة تماماً ..
لنأخذ هذا المثال ... معي قطعة من الحلوى لذيذة جداً جداً , وهي من النوع الفاخر الغالي الثمن .. وجئت من خلف ابني وفاجأته وقلت افتح فمك لأضع الحلوى فيه .. ماذا تتوقعون أن يفعل ؟؟؟ أول حركة يتراجع ويغلق فمه .. لا يستقبل ولا بد أن، يعمل حركة معاكسة .. القاعدة هي :
لا تضع قطعة الحلوى مباشرة في فم الطفل .. تعني لا تدفع طفلك إلى حب العلم .. الصدق .. الخلق الطيب....لا تأمره بهذا أولا ... حببه إليه ..
لا تضعها مباشرة في فمه وإنما أمامه .. شوقه إليها تشويقا .. على مبدأ ( ما بال أقوام ) .
لقد وقعت أنا في هذا الخطأ وكان عندي شريط كاسيت وكنت أرغب من قلبي أن يسمعه ابني عاصم في السيارة ، وفي الطريق إلى المدرسة وفي السيارة ، قلت له : اسمع هذا الشريط يا عاصم . الذي حدث أنه بدأ يقرأ اللوحات على جانبي الطريق .. ويشغل نفسه .. وأنا أقول له : عاصم أسمع .. وهو يشغل نفسه ويتعمد ذلك ، وأنا كنت حريصا على أن يسمع الشريط ، وبعد ذلك صرخت وقلت له : يا بابا هذا شريط قرآن اسمعه .. ثم التفتت لخطئي ... أنني أريد أن اسمعه الشريط بطريقة خاطئة .. فلم يسمع الشريط .. بعد فترة حملت معي شريط آخر ولم أتكلم فسألني ما هذا قلت له قرآن يا ابني وقال : بابا ما هذا الشريط .؟؟ قلت له " بعدين تعرف " .. ركبنا في السيارة قال عاصم : بابا أضع الشريط في المسجل .؟؟ قلت له : لا لا تضعه بعدين تعرف .. أوصلته إلى المدرسة وعنده ملف مفتوح وهو يفكر به .. ، افتحوا ملفات عند أبنائكم واتركوهم يفكرون .. قولوا لهم ماذا فعلت حليمة السعدية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تكملوا الشرح خلوهم يفكرون ويعيشون في الخيال ، وكذلك في الحلقة القرآنية افتح للطلاب ملفا واتركهم يفكرون فيه .. المهم ما فتحت الشريط .. رجعت إليه بعد الظهر ركب السيارة وكنت قد فتحت الشريط وهو لطفل قارئ اندونيسي وصوته جميل جدا .. يقرأ القرآن وبعده بثوان أغلقت المسجل: بابا ليش أغلقت المسجل خليه .. قلت له طيب بعدين .. أنت كيف حالك اليوم بالمدرسة .. وبدأت اشغله ..وهو يجيب بسرعة ويلح عليّ أن افتح الشريط .. وأنا أشغله .. وتعلق قلبه بالشريط .. وبعد ذلك أسمعته , وأعجبه .. وبعد ذلك استأذنني أن يأخذه معه إلى البيت ليكمله .. هكذا ..
جرب أنك تجبر أبنك على شيء معين .. وفي اليوم التالي جرّب أن تشوّقه لنفس الشيء بطريقة التحبيب والترغيب ... وسترى النتيجة ..
الحفظ في الصغر كالنقش على الحجر .. والحفظ في الكبر ممكن إذا وجد الحافز والعامل على ذلك...
في السودان ، وكنت أتكلم عن الذين حفظوا القرآن الكريم بعد الأربعين قالوا الآن هنا يوجد الشيخ مكين حافظ القرآن الكريم وهو أميّ لا يقرأ ولا يكتب فناديته وقال " لي أسأل أي سؤال وأقرأ أي آية وأخطأ أي خطأ وأنا أكتشف لك ذلك .. " ، فوالله أنا ارتبكت كيف أخطأ بالآية ؟ ..
فطلبت من شخص جالس أن يعطيه آية .. فقرأها وأخطأ فيها .. وأخذ الشيخ مكين يبين له الخطأ والأحكام ، قلت له ما شاء الله عليك .. احكي لنا قصتك .. قال : " أنا نظرتَ إلى نفسي وقلتَ : ((ملاحظة :أهل السودان يتكلمون عن أنفسهم بالمخاطب نظرتَ وأكلتَ وهكذا )) وقلتَ يا مكين كيف تأتي يوم القيامة وأنت مليء بالذنوب .. فذهبتَ إلى المسجد وجلستَ مع حلقة الأطفال وبدأتَ أردد معهم وأسمعهم وبقيت كذلك حتى حفظت القرآن الكريم كاملا " تصوروا وبعد الستين سنة وبإتقان ، والقصص عديدة بهذا الموضوع ومنها قصة أم طه ...
يتبع .......
motasem-sh
20-08-2005, 05:29 PM
تتمة ......
القاعدة الثالثة :
3) اختيار وقت الحفظ :
إذا تغدى الإنسان وملأ بطنه وشرب من المشروبات الغازية .. كيف يستطيع الحفظ .. لا يمكن أبدا !!!!
فالذهن مشغول والدم كله موجه إلى المعدة لعملية الهضم .. وأهمل الدماغ , فلن تستطيع أن تحفظ .. أو لن يتركز الحفظ أبدا ... وإنما وقت الحفظ هو وقت السحر قبيل الفجر .. يقول الإمام ابن جماعة .. أحد علماء الإسلام المربّين الرائعين في رسالة ماجستير له بعنوان ( فنّ التعليم عند ابن جماعة ) يقول : " أجود الأوقات للحفظ الأسحار ، وأجودها للبحث الأبكار ، وللتأليف وسط النهار ، وللمراجعة والمطالعة الليل ".
الآن لو تساءلنا لماذا يكون وقت الأسحار أفضل الأوقات للحفظ ؟؟؟؟؟؟
لو رسمنا خطا بيانياً للقلب هكذا .. في فترة الصباح يتحرك الدماغ طوال النهار .... أي مشكلة , خطأ ، راحة ، فنجان قهوة ، الدماغ شغّال بين حالات راحة وعصبية وتعب .. كل الحوادث تجد الصورة للخط البياني للدماغ وعند النوم هكذا مثلا ...
يخزن هذه الأحداث وهذا الجدول البياني في الليل يبدأ العقل اللاوعي بترتيبها وأنت نائم على حجيرات ...
يضع النظير مع نظيره والشبيه مع شبيهه ، فيضع العصبية مع بعض .. والراحة مع بعض والألم مع بعض ، وما يتعلق بأمر النساء وكل شيء ... مثل الكومبيوتر .. وهو نظام عجيب .. يرتب لي الحجرات ولكن مالذي يفيدني هذا في الحفظ ؟؟؟؟؟؟؟؟
يفيدني أن الإنسان عندما يستيقظ في السحر يكون الدماغ جاهزا للحفظ ويقول لك تفضل أعطني المعلومات .. أما في آخر النهار إضافة إلى الشواغل الكثيرة ، تأتي وتدخل عليها الحفظ ... ستجد الصعوبة في الحفظ أو يكون غير جيد ..أو يأخذ وقت أطول وتركيز أكثر ... أما في السحر .. وهو شيء مجرب ..هو أفضل الأوقات .. وهو الثلث الأخير من الليل .. ولابد أن يسبقه نوم ، لأنه إذا لم يسبق هذا الوقت النوم يشعر الإنسان بالتعب الشديد ، فالعقل اللاواعي يعمل طوال الليل ...
فمن مميزات العقل الواعي انه يهدأ ليلاً ويرتاح ، أما العقل اللاواعي فلا ينام ولا يرتاح .. شغّال طول الوقت .. ليلا ونهاراً ، وهو لا يفرق بين الخيال
والواقع ، ولذلك حينما أقول لك تخيّل أنك حافظ القرآن الكريم ..وحققته ... العقل اللاواعي يصدق .. عندما تقول : أنا الآن أحقق حفظ القرآن الكريم أو أن أنال شهادة الماجستير وبتفوق ... يقول لك العقل اللاواعي أنا حاضر وأنا عبدك المطيع .. سأسخر لك كل قواك الداخلية لتحقيقها .. أما إذا قلت لا لا يمكن .. ذلك صعب .. فالعقل اللاواعي يصدق ذلك .. ويقول لك حاضر ... خلاص .. بإرادتك .. نام قد ما تقدر .. أنا عبدك المطيع .. كما تريد أكون أنا ..
هناك تشبيه جميل .. يشبهون العقل اللاواعي والعقل الواعي بالهندي والفيل ... الذي يأمره .. فيأتمر بأمره ...
الفيل ضخم جدا والهندي وزنه ستون أو خمسون كيلو.. يلاعبه ...يقول له اجلس على منضدة... يجلس الفيل على المنضدة .. ويقول له ارفع خرطومك .. يرفع خرطومه .. يقول له افعل كذا وافعل كذا .. ويفعل الفيل ما يأمره الهندي .. والهندي هو العقل الواعي ..أعطي عقلك اللاواعي رسالة أنك ستحفظ .. هو سيقول لك بأمرك أنا حاضر ...الآن سنبدأ ..
(( حينما سئل الشيخ كم ساعة تكون قوة العقل على الاستيعاب والحفظ ؟؟ قال 4 أو 6 أو 8 للناجحين .. وبراحة تامة )) .
إذا استطاع العقل أن يتحكم بالطاقة الجسدية والنفسية ويوجهها عند ذلك تستطيع أن تعمل كل شيء ، العقل اللاواعي يتحكم بحسب ما يدخله العقل الواعي إليه من معلومات .. ( الحقيقة أن الحواس كثيرة فهناك حواس لازالت تكتشف ، منها حاسة الاتجاه .. فلو أني رميت لك القلم هكذا ستمسكه بأقل من لحظة .. كيف تمسكه؟ بحاسة الاتجاه ، كذلك إذا قلت لك أكتب رقم الهاتف دون أن تنظر إلى مكان القلم في جيبك .. ستمّد يدك وتمسك بالقلم دون نظر ودون تفكير .. وتخرج القلم .. كله بحاسة الاتجاه ) .
الآن الكومبيوتر مثلا ، تدخل إليه المعلومات : أنا كسلان ...أنا غضبان .. أنا زعلان .. أنا قلق .. وبعدين اطلب منه أن يعطيك المعلومات التي أعطيته إياها .. هل سيعطيك مثلا .. أنا مسرور ؟؟ أو أنا سعيد .. غير ممكن .. سيعطيك ما أدخلته .. لذلك بعض الناس عند العصبية تطلع منه العجائب ويفتح قاموس الحيوانات الأليفة وغير الأليفة .. من عقله اللاواعي ..والأطفال يحفظون ويأخذون من آباءهم .. وإذا كان الطفل مؤدب جدا جدا.. يقول لك انتظر يا أبي عندما أكبر .. سأعامل أولادي كما عاملتني بالضبط .. وسأقول لهم كذا وكذا ... هكذا العقل اللاواعي يعمل .. يحفظ ويحفظ ويخزن .. مثل الكومبيوتر .. لذلك عليّ أن أحرص ألا أتكلم مع أولادي إلا بالإيجابيات ..والكلام الطيب ..
وينشأ ناشئ الفتيان فينا ****** على ما كان عودّه أبوه
يتبع ....
motasem-sh
20-08-2005, 05:30 PM
تتمة .....
القاعدة الرابعة :
4) اختيار مكان الحفظ : كـــيـــف ؟؟؟
عليّ أن أحفظ القرآن الكريم في المكان الذي احفظ فيه عيني وأذني ولساني .. إخواني : الحقيقة أن منافذ الذاكرة ثلاثية .. لو أن عندي حوضا للماء وفيه ثلاث مصبات تصب فيه .. من أماكن متفرقة ، فإذا فتحت المصبّات الثلاثة بالماء ، يمتلئ الحوض ماءً ، وإذا فتحتها باللّبن يمتلئ لبناً ، وإذا بالعصير .. الخ وهكذا ، وكذلك قلبك .. حوض مداخله ومصبّاته العين والأذن واللسان ، فكل ما يدخل عن طريقها إلى القلب يمتلئ به ، فإذا دخلت المعاصي .. نكت في القلب نكته سوداء .. وإن كانت طاعات .. يمتلئ القلب نوراً وهكذا ...
فإذاً علينا أن نحفظ في المكان الذي نحفظ فيه سمعنا من الغيبة . ألسنتنا من النميمة .. وأبصارنا مما حرم الله تعالى .. ومن اللطائف في اختيار مكان الحفظ .. أنني وجدت في تركيا في بعض المراكز لتحفيظ القرآن الكريم ، غرفا صغيرة جدا ، مترين في مترين ، بناها العثمانيون القدامى .. ولها سقف عالي للتهوية ، قالوا إنها مخصصة للمتسابق للمراجعة .. وللذي عليه ورد معين يريد أن ينهيه ، وحينما دخلت وجدت أحد الأخوة يراجع القرآن الكريم فيها .. قال هنا نركز على الحفظ .. وهذه فكرة قديمة من 400 سنة تقريبا .. وفي الحرم لازالت هناك غرف صغيرة موجودة .. ومن الأشياء الطريفة أيضا أنك يجب أن تحفظ ولا يوجد أمامك مرآة : لماذا؟؟؟؟
لئلا تنشغل ، فإذا بدأت بالحفظ : بسم الله الرحمن الرحيم .. نظرت إلى المرآة وقلت لنفسك والله إن الشيب قد كثر .. ما عاد ترضى بي أم العيال ... أو تنظر إلى قميصك ، إلى لباسك ... أو .. أو .. فيشغلك الشيطان ..
قد يسمح وينصح بالمرآة في جانب آخر وذلك لتذكر وتعلم أحكام التجويد .. في بعض المراكز ينصح المدرّب الناجح والمحفظ لتلقي أحكام التجويد يقول الشيخ انظر إلى شفتيك وفرق بين انطباقهما وانضمامهما وكذلك الإشمام والروم ، ويقول امسك المرآة وانظر كيف تطبق أحكام التجويد .. وبهذه المناسبة أذكر أن أحد الطلاب جاء ليدرس أحكام التجويد وهو يدرس في بريطانيا فقال نحن ندرس في معهد اللغات معهد الصوتيات في الدراسات العليا قال نحن ندرس اللغة والمرآة عند المشرف يقول للطالب انظر إلى المرآة وانظر إلى شفتيك والفك وتعلم كيف تنطق .. فقلت له أننا بحمد الله نهتم بهذا العلم منذ فترة طويلة ...
القاعدة الخامسة :
القراءة المجودة والمنغمة :
التجويد يثبت الحفظ بطريقة أقوى وأوسع فمن خلال تتبعي للعديد من المدارس والطلاب ، يأتيني الكثير من الإشكالات في الحفظ يقول أخ : يا شيخ أنا احفظ وأنسى ، فاسأله كيف حفظت؟؟ فالأكثرية يقولون أننا نحفظ بقراءة عادية ( كأنه يقرأ كتاب عادي ) ..وهذا خطأ .. القراءة الاعتيادية جدا للقرآن الكريم لا تصح ، ينبغي لي أن أجمل صوتي وأنغمه ...
أبو موسى الأشعري رضي الله عنه كان يقرأ القرآن الكريم والرسول صلى الله عليه وسلم يستمع إليه ، فسّر بقراءته فالتفت إليه أبو موسى وقال :
يا رسول الله استمعت إليّ؟ قال : نعم لقد أوتيت مزمارا من مزامير أبي داود . قال :" لو أعلم أنك تستمع إلىّ لحبرته لك تحبيراً"( لقرأته لك أجمل وأحلى من ذلك ) ..
إذاً إذا أردت أن تحفظ فاقرأ بالحد الأدنى من مخارج الحروف من الغنة والإدغام والمد والذي يعتبر تركه لحنا جليا .. القراءة السريعة تسمى هذربة .. الحفظ الجيد أن نظهر المدود والغنة وبعض مخارج الحروف المهمة ثم النغمة .. كل ذلك سيثبت الحفظ .. الدماغ يرتاح على النغم والإيقاع ...
كل إنسان حينما يقرأ ( اقرأ بسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ...) القلقلة الموجودة في الآيات ( إق) أول الآية وأخرها تحس ببهاء الآية وجمال الآية، والآية التي بعدها نجد أن الجرس الإيقاعي أو الإعجاز الإيقاعي تؤثر وتؤدي إلى تسهيل الحفظ فالإنسان مفطور على النغم ، كل واحد ، الأعرابي ..الرجل.. المرأة في مطبخها نجدها تدندن بنشيد أو آيات ...الخ ما سرّ ذلك ؟؟؟
إن الجنين حينما كان في بطن أمه كان رأسه قريبا من قلب أمّه الذي يدق دقات منتظمة طوال تسعة أشهر , بم بم ... بم بم بم ... بم بم .. المشيمة تنقل صوت دقات القلب بطريقة عجيبة إلى الطفل كأنها تهدهده ، تسكته ، تعطيه النغم ، تعطيه الراحة النفسية فهو يعيش على هذا الإيقاع بم بم بم .. بم بم .. وعندما يولد الطفل عندما يبتعد عن أمه ، يبكي ، وحينما يقترب منها ويسمع دقات قلبها يهدأ وكلما ابتعد عن قلبها يبكي ويصيح : " أرجعوني إلى المكان إلي يريحني "
فكل واحد منا شاء أم أبى يحب أن يسمع ولكن علينا أن نعلم أن هناك خطوط حمراء وخطوط خضراء هذا في الشرع .. تمتع بالطرب في حدود الخطوط الخضراء .. فإذا تجاوزت شرعنا وديننا هذا لا يجوز .. وأنتم تعرفون حكم الخطوط الحمراء...
* الخلاصة والقصد من كل هذا أنه إذا أردت أن تحفظ القرآن الكريم فاحفظه بنغم فطري و إيقاع يثبت الحفظ ، إذا ذهبنا إلى أي قرية في العالم ، سبحان الله ، وقلنا لطفلة صغيرة إقرأي الفاتحة ، تقول: "بسم الله الرحمن الرحيم ..." بنغمة مميزة ومعروفة... من أين جاءت بها ؟؟ يقرأها بغير القراءة العادية وغير الأداء الاعتيادي لجميع القراءات ..
هذا الرجل الذي درس الصوتيات في احد معاهد الدراسات في بريطانيا والذي تكلمنا عنه عند استعمال المرآة في تعلم اللغة ، هو يدرس صوتيات اللغة العربية فطرح فكرة مع أسرته أن يسجل لهم أصوات عربية من أناس عرب مختلفين .. مثقفين وعامة وعاديين جداً ، وسيضع نصوصا مختلفة ، من بينها نصوصا قرآنية ، فوجد أن الناس يقرأ ون الآيات القرآنية بطريقة مجودة ونغمة مختلقة عن باقي النصوص ولها إيقاع خاص ، غير باقي الإيقاعات ، سجل ذلك بأجهزة دقيقة وذهب إلى أستاذه المشرف عليه غير المسلم ، قال له : " أنظر هذه لغة عربية وهذه لغة عربية ولكن هذه تختلف بالقراءة عن تلك " قال له الأستاذ : " عجيب هذا الكلام ، هل هذا الاختلاف صدر من واحد أو اثنين من المسلمين ؟؟ "
قال له : " أغلب المسلمين هكذا فالمسلم إذا قرأ الشعر ، الجريدة ، الأخبار ، المجلة .. يقرأها بطريقة معينة ، إذا جاء إلى آية قرآنية يقرأها بتجويد بغنة بإدغام " قلت له : " هذا البحث إذا طورته وخدمته خدمة عميقة سيقدم للغرب حقيقة أن القرآن متميز بكل شيء حتى بصوتياته وبحروفه وطريقة أدائه المتوارث"
فتعجب الأستاذ وقال : " كيف تأخذونها " قلت : " هذه الطريقة يأخذها التلميذ والطالب عن شيخه والشيخ عن شيخه والشيخ عن شيخه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذه ميزة القرآن العظيم عندما ينبغي أن يقرأ على شيخ وقد شرحت له فكرة السند أكثر وقلت له أخبر أستاذك هذا (بيّن له) وقل له أن هذا القرآن ينبغي أن يقرأ على الشيوخ ولا يصرح ولا يجاز بأنه يستحق أن يعلم القرآن إلا بشروط منها أنه عليه أن يقرأ القرآن غيباً من أوله إلى أخره بطريقة معينة على شيخ متقن فيسمع الشيخ كامل قراءته ثم يقول له لقد استمعت إلى قراءتك وبما أنها متقنة فقد أجزتك بقراءته كما أجاز لي شيخي الذي أجازه شيخه فلان ابن فلان وهكذا السند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه ميزة لا توجد إلا في القرآن الكريم فكان هذا الكلام مبهراً جدا للأستاذ بل حتى هو انبهر عندما علم من بعض المسلمين أن هناك سند متصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
ولم يصدق . وللسند أنواع منها من يصل إلى 30 درجة ومنها من يصل إلى 35 درجة ، ومنها 32 ومنها 28 شخص ، وهذا أعلى الأسانيد وأعلى من هذا 27 اليوم في العالم ,,
يوجد شخص واحد في العالم حسب علمي ( والكلام للشيخ الغوثاني ) اليوم بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم 26 قارئ والناس يرحلون إليه ويقرأون عنده شهراً كاملا ويؤشر على الإجازة وهو الشيخ ( بكري الطرابيشي ) وهو في دمشق أحيانا يأتي إلى دبي ، وهذا الرجل بينه وبين الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم 26 شخص ، ولكن الذين بينهم 27 هم كثر ، منهم الشيخ أحمد عبد العزيز الزيات من مصر وعمره أكثر من 90 سنة وهو مريض فأدعو له بالشفاء ..
يتبع .......
motasem-sh
20-08-2005, 05:32 PM
تتمة .....
القاعدة السادسة:
الاقتصار على طبعة واحدة من المصحف ولا يغيره :
وهذا المصحف الأفضل أن يبدأ بآية في أول الصفحة وينتهي بآية في أخرها .. وهذا مصحف مجمع الملك فهد هو المنتشر .. حافظ على المصحف المحدد ، ولا يشتت الآيات وإذا اضطرت بعض أخواتنا أن يقرأن من كتب التفسير لعذر أقول لها اختاري التفسير الذي يكون بداخله المصحف نفس الطبقة التي تحفظيها حتى لا تشتت الآيات ..
القاعدة السابعة :
تصحيح القراءة مقدّم على الحفظ :
إذا أردت أن تحفظ الآيات عليك أن تقرأها على شيخ متقن الحفظ ولا تعتدّ بنفسك فلا بد أن يكون لك أخطاء ، والتصحيح له طريقتان فإمّا أن تصحح القرآن كاملا من أوله إلى أخره وهذه الطريقة لا يسمح للطالب فيها أن يبدأ بالحفظ ،عليه أن يقرأ وتصَحّح القراءة ثم في السنة الثانية يبدأ ، الطريقة الثانية أنك تبدأ فقط بتصحيح ما تريد أن تحفظه وتصحيح التلاوة يجعل الطالب يحفظ أسرع بكثير من الذي لا يصحّح قبل الحفظ ثم أنك عندما تصحّح الحفظ تحفظ بما لا يقل عن 30 % من الصفحة قبل الحفظ مجرد التصحيح يفتح ذهنك وبحضور الشيخ ، فيتجاوز 30% من الصفحة فيبقى عليك 70% هذا على الطريقة الثانية ..
أما على الطريقة الأولى فالطالب حينما يبقى مع القرآن سنة كاملة يقرآ يصحح وبوجود شيخه فتكون هناك نسبة من المحفوظ ... أنا أذكر أن والدي رحمة الله عليه قد قرأ القرآن على الطريقة الأولى صححّه عند الشيخ من أوله إلى أخره والمرحلة الثانية وقف لم يكمل الحفظ ولكنه يصحح أي آية ويعرف تقريبا كل آية في أي سورة ولكنه حفظ حوالي 40 % .
في الجلسة الخاصة للنساء سألت إحدى الحاضرات عن استخدام بعض الكلمات النابية والنبرات المؤذية مع بناتها بنية التخويف أو إجبارهن على الحفظ ، فأجابها الشيخ الفاضل بأن الكلمات السلبية في الحقيقة غير مستحسنة ويجب أن تحاول مع بناتها بالطريقة الإيجابية والتشخيصية وقال أن الشخصية نوعان إحداها مرجعيتها داخلية والثانية خارجية فالأولى لا تستجيب إلا لنفسها ولا يهمها قول الآخرين فتعمل الذي تريده ويرضيها هي ، أما الثانية عكس ذلك .. عليك أن تتعلمي كيف تنوعين وتغيرين التعامل مع أولادك تعلمي كيف تسيطرين على المواقف وذلك بممارسات مختلفة حسب المواقف ..
إحدى الحاضرات سألت عن طريقة ناجحة لتعليم غير العربيات وتحفيظهن القرآن الكريم مع صعوبة اللفظ عندهن فقال الشيخ حفظه الله بأن الصبر مهم في هذه المهمة ويجب تعليم الألف باء أولا ثم مخارج الحروف ثم بعد ذلك نبدأ بالتحفيظ .. مع ذلك أقول لك يا أختي وأنت تعلمين أولادك دائما تذكري الرسائل الخمس للعقل اللاواعي وأعطيهم الثقة بالنفس وكرريها دائما ... ووفقكن الله تعالى لما يحبه ويرضاه ولما يخدم الإسلام والمسلمين ..
القاعدة الثامنة :
عملية الربط مقدم على الحفظ :
الربط مهم جدا في كل جزء من أجزاء السورة ، أي ربط الآيات بالمعاني .. مثلا ربط الآية بخيال ، جائز كما قلت ضمن الدائرة الخضراء ( يجعلون أصابعهم في آذانهم ..) جاز لك أن تتخيل كافرا يضع إصبعيه في أذنه كلما سمع القرآن هكذا ..( يكاد البرق يخطف أبصارهم ) لك أن تتخيل كافراً يخفه البرق الصورة تسمح بذلك ( ويوم يعض الظالم على يديه ..) صورة تتخيلها .. بلغة مؤثرة لك أن تربطها بطريقة ما .. ما دام النص يعطيني خيال أوسع ..
لكن لا يجوز أن تربطها بأشياء غير محلها ، مثلا ذلك الشاعر الذي قال حينما نزل ضيفاً عند شخص فأجلسهم في سطح المنزل فجاعوا فجلب لهم الماء وكلما ازدادوا جوعا يرسل لهم ماء فقام أحدهم كان شاعرا فقال :
أبات الضيوف على سطحهم وبــــات يريهم نـجوم السمـــا
وقــد قطع الجــوع أمــعاءهم وإن يستغيثوا يغاثوا بمــــــــا
هذه الآية لا ينبغي وضعها هنا فهو أراد أن ينكت .. وهذه خاصة بالكافرين .. فلا ينبغي ربط الآية في غير محلها .. لأن الضيوف مؤمنون والآية خاصة بالكفار ..
من الطُرف أن أحدهم جمع مجموعة في مطعم وجاء لهم بخروف مشوي وقال لهم لا أسمح لأحدهم أن يمد يده إلى الطعام إلا بعد أن يأتي بآية يقرأها وتكون مناسبة لما يأخذ ، فقال أحدهم( فك رقبة ) وأخذ الرقبة .. والثاني قال ( والتفت الساق بالساق ) وهم على الفخذ .. أما الثالث فقال ( حتى إذا ركب السفينة خرقها ) .. هذا لا يجوز .. لا ينبغي التلاعب بالقرآن ..
الربط البصري : ربط اسم الآيات رسم الكلمات ، مثلا ( وهو على كل شيء قدير ) الذي شخصيته بصرية يركز على شكل المصحف والآيات ،أما السمعي فيركز على صوت القارئ ..وهكذا
يتبع ......
motasem-sh
20-08-2005, 05:35 PM
تتمة .......
القاعدة التاسعة :
الـتــكــرار :
عملية التكرار تحمي الحفظ من التلفت والفرار..، التكرار نوعان :
أولهما : بمعنى امرار المحفوظ على القلب سرّاً.
الثاني : التكرار الصوتي وبطريقة مرتفعة يوميا.
التكرار يجب أن يكون من وجهة نظري خمس مرات على الأقل ، بعض الشيوخ يوصي طلابه أن يكرر الدرس خمسين مرة ... ذكر أحد العلماء عن طالب أمره شيخه أن يكرر الدرس ثمانين مرة .. فأخذ يكرر ويكرر .. فحفظ بعد عشر مرات. ولكن كرر وكرر لان شيخه أمره بذلك .. وإذا بعجوز جارة له تنادي من وراء السور .. يا غبي أنا حفظت الدرس وأنت ما حفظته ، قال لها : ماذا افعل ... الشيخ أمرني أن أكرره ثمانين مرة ، قال لها إذا حفظتيه فاذكريه ، فقرأت له الدرس كامل.. بعد أسبوع ناداها .. يا عمتي إقرأي الدرس الذي قرأ تيه قبل أسبوع .. قالت : أي درس ؟؟ أنا لا أدري ما تعشيت أمس .. لقد نسيته ! ، قال لها لكني لم أنس .. بسبب التكرار ... حتى لا يصيبني ما أصابك أكرره كثيرا ..
هناك نظرية تقول : إذا حفظت حفظا .. يوضع في ملفات مؤقتة ثم بعد ذلك ينزل إلى الملفات الثابتة في اليوم الثاني أو الثالث ..
من خلال تجربة أحدى الأخوات من أبو ظبي تتضح لنا هذه النظرية :
هذه الأخت حفظت في اليوم أكثر من تسع صفحات .. وكتبتها غيبا .. فوجئت عصر ذلك اليوم أنها لم تستطيع قراءتها .... فاكتأبت وقالت قضيت أكثر من ساعتين بالحفظ وجئت عصرا فلم أتذكر منها شيئا : قلت لها لا تحزني اقر أيها غدا وستتذكرينها .. لأنها الآن في الملفات المؤقتة في الذاكرة القصيرة .. فاصبري عليها وغدا راجعيها ستجدين أنها قد ثبتت في الذاكرة الدائمة ، وفعلا بعد مراجعتها قالت أنها فعلا تركزت عندي بعد المراجعة..
فمن ترك التكرار نسي ..
إذاُ التكرار للقرآن الكريم هو أساس كل شيء ..
ومن الأشياء المهمة أنك في البداية تشعر بصعوبة .. الشيخ إبراهيم الذي حفظ القرآن في 55 يوما كان يراجع في اليوم ثلاثة أجزاء ثم أصبح الأمر سهلا عليه فراجع خمسة .. ثم عشرة .. ثم يقول أنا أراجع في اليوم 15 جزء بسهولة وراحة .. لأنه تعود التكرار والمراجعة .. عود نفسك على التكرار بدون ملل...
القاعدة العاشرة :
الحفظ اليومي المنتظم خير من الحفظ المتقطع : لــمــاذا ؟
لان هناك حجيرات في الدماغ مسئولة عن الحفظ فعندما تبدأ بعملية الحفظ ربما تشعر ببعض التعب ... ولكن لماذا ؟
لأن هذه الحجيرات في دماغك تعاتبك وتقول لك "أهكذا هجرتني هذه المدة الطويلة والآن تطالبني بالحفظ ؟!! أين كنت منذ زمن طويل ؟؟!!
ربما تعاندك في البداية ولكن في اليوم الثاني والثالث والرابع تستجيب لك ...ابدأ بالقليل بعد التعود على الحفظ ، وبعد استجابة الحجيرات لك زود قليلاً الكمية
أحد الأخوة كان يقول : لا أستطيع الحفظ أبداً ، فحاول معه المشرف على المركز قال له : ألا تستطيع أن تحفظ سطراً واحداً كل يوم ؟ قال نعم أستطيع .. واستمر في حفظ سطر واحد كل يوم حتى زاده إلى سطرين ثم ثلاثة ثم أربعة ثم نصف صفحة ... وهكذا .. النجاح يولد النجاح .. ابدأ بالصغير ثم تصل إلى الكبير..
إذا داومت على الحفظ تتنشط الذاكرة ، وقد تجد طريقة في الحفظ أفضل ومناسبة لك .. بعض العلماء قالوا لا مانع إذا أعطى الحافظ لنفسه استراحة يوم أو يومين إذا وجد نفسه قد تعب من الحفظ ..
أيضا عليك أن تعطي لنفسك جائزة إذا أنجزت شيئا في الحفظ مثلاً: أنهيت حفظ سورة البقرة لا مانع من أن تكتب شهادة شكر وتقدير لنفسك ( أشكرك يا طموح ..... يا متفائل .. عسى الله أن يسهل عليك سورة آل عمران ..) هكذا ..
تخيل نفسك شخصاً آخر يهنئك على الإنجاز ويبارك لك ما قدمته..
* سئل الشيخ : ماذا عن العقاب ؟ أجاب :" بعض السلف كان يعاقب نفسه إذا اغتاب أحدا صام يوماً ... فتعودت نفسه على الصوم ... فقال : وجدت
نفسي تعودت على الصوم ووجدت أن الصوم قد هان عليّ ، فقلت إن اغتبت مسلماً سأدفع ديناراً ، فصعب عليّ فتركت الغيبة؟؟!!!! "
ما رأيك بهذه الفكرة ؟؟؟!
عندما تشكر نفسك وبصوت عالٍ تجد أن عقلك اللاواعي يتنشط ، وينجز نفس الإنجاز بطريقة أسرع ..
هل سمعت بإبراهيم الفقي ؟؟؟؟ أحد المدربين العالميّين قال أنه بدأ حياته بكندا ... وكان يعمل غاسل صحون في فندق ... وكان عنده تصميم أنه يصبح في يوم من الأيام مدير أحد الفنادق الكبيرة ... وبعد سنوات أصبح مديرا لأحد الفنادق الكبرى في كندا .. فيقول : لمّا تسلمت إدارة الفندق .. في الصباح لم يهنئني أحد على المنصب الجديد .. فرحت و اشتريت بوكيه ورد وكتبت بطاقة تهنئة وكتبت بنهايتها اسمي .. ووضعته في المكتب أمامي ..
، فجاء أحد زملائه يزوره ، فنظر إلى الورد وقال : من الذي أرسل لك هذه التهنئة ؟؟؟ وعندما نظر إلى البطاقة قرأ الاسم .. إبراهيم ؟؟ فقال مين إبراهيم ..
قلت له : أنا .. فتعجب وذهب إلى زملائه وقال لهم يجب علينا أن نبارك له .. يقول وبعد فترة بسيطة امتلأت الغرفة بالورود .. والتهاني ..
أسئلة جانبية :
1)) سئل الشيخ الفاضل عن أيام الامتحانات هل من بأس إذا ترك الطالب الحفظ والمراجعة نهائيا وانشغل بالامتحانات هل يؤثر على حفظه ؟
فأجاب بارك الله فيه : لا بأس من ذلك لأن الذاكرة لازالت تعمل ، فلا بأس أن يتفرغ للامتحانات ولكن لابد من مراجعة ولو نصف ساعة أو ربع ساعة فلا يقطع الصلة بالقرآن الكريم ، وحتى لو عشر دقائق ، وهذه الدقائق لا تلهيه عن الدراسة بل على العكس تعطيه نشاطا وقوة روحانية عجيبة للاشتياق للدراسة ، فهذه تعتبر فترة الراحة له ، حتى النظر في المصحف وفتحه فقط يعطيه الأجر ولكن الحفظ يوقفه ...
من الأشياء المهمة في هذا الموضوع أن لا تحفظ وقت الضجر والملل .. انتبه لأن الحفظ ينسى في هذا الوقت ، وحتى إذا كنت تحاضر .. وأحسست بالملل بدأ يسري في نفوس المحاضرين ، فأوقف المعلومات وابدأ بحكاية قصة أو طرفة أو موقف طريق تذكره .. لأن العقل أمام أكبر المحاضرين يستمع بفعالية لمدة عشرين دقيقة بعدها يبدأ بالعد التنازليّ فلا بد أ، تغيّر النعمة تفتح له ملفا ثانياً ، ثم بعد ذلك تعود إلى موضوعك الأساسي ... لابد من التنشيط..
2)) سئل الشيخ عن الطالب بهاء الدين الخطاب :
قال : بهاء الدين الخطاب قابلته قبل أربع سنوات وكان عمره ثمان سنوات ، كان يحفظ 21 جزء ، كانت أمه تعمل مساعدة لطبيب وكان يأتي معها بعض الأيام ، وفي أحد الأيام رآه الطبيب وسأله عن اسمه وعمره وحفظه.. وأعطاه لوحة مكتوب فيها أسماء الله الحسنى وقال له احفظها وارجع غداُ وسمعّها لي ، ففوجئ الطبيب أنه قد حفظها في اليوم الثاني كاملة .. ، قال : أعطيته جزء عمّ وقلت له إذا حفظته لك مكافأة ، فحفظها في فترة وجيزة جداً ، فاستمر على هذه الطريقة بشكل مدهش حتى حفظ 21 جزء وكان عمره ثمان سنوات قبل 4 سنوات ، وعندما قابلته أعطيته كتابي كيف تحفظ القرآن الكريم وأرشدت شيخه أن يحفظه أرقام الآيات .
قال الشيخ الغوثاني تجربة عجيبة جداً قبل أربع سنوات لم يكن أحد من البلاد العربية يحفظ الأرقام بهذا العمر وقد رأينا الطفل الطبطبائي الذي حفظ الأرقام بشكل عجيب وعمره سبع سنوات حتى كلامه كان بالقرآن حينما سئل عن المباراة المقامة في ذلك الوقت بين إيران وأمريكا من تتوقع أن يغلب ؟ قال : ( غلبت الروم في أدنى الأرض ) سألوه أيضا ما شعورك وأنت بين هذا الجمع الكبير والجميع يستمع إليك ؟ قال: ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) حينما جلس عند النساء أيضاً سألوه ما شعورك وأنت تقرأ عليهن . قال : ( فتبسم ضاحكاً من قولها ) .. مع أنه لا يفهم التكلم باللغة العربية .. ويتكلم بلغة الإشارات يقول أبوه .. لقد اكتشفت لغة خاصة بيني وبين ابني ، لقد حفظ الأرقام .. وأرقام الصفحات .. والأحزاب والأرباع وحفظ الشاطبية بالقراءات كلها وحوالي 400 بيت من ألفية ابن مالك رحمه الله ويحفظ أكثر رياض الصالحين وكل ذلك ولم يبلغ السنة العاشرة من عمره ، الصيف الماضي كان هناك اختبار له وحوله أكثر من 220 حافظ ، يقول الشيخ يحيى : أمسكت المصحف أعلى صفحة 100 قلت اقرأ الآية من صفحة 100 فقرأها ... وقلت له اقفز خمس صفحات إلى الأمام وإذا به يقرأ قبل أن اقلب الصفحات الخمس !!!!!!! ، قلت له ارجع عشرة صفحات .. وإذا به يقرأ قبل أن أصل إليها !!!!!! ,, وكل ذلك مع أرقام الآيات .. سبحان الله ذاكرة عجيبة أسرع من الكومبيوتر فعلاً .. كذلك إذا سألنا عن أي موضوع تجده يسرد لك جميع الآيات المتعلقة بهذا الموضوع .. مثلاً الصبر .. جميع الآيات التي تتعلق بالصبر يذكرها لك بالترتيب .. وهكذا ، مشاء الله عليه
ويرجع الشيخ حفظه الله إلى المحاضرة : هل يمكن من أبناءنا من يستطيع الحفظ هكذا .. نعم إذا وجد من يهتم به طبعا ليس بالصعب يا أخي ...
اعترض أحد الحاضرين وقال : ما أظن هذا إلاّ معجزة أو موهبة ، ذلك فضل من الله يؤتيه من يشاء ، ما أظن أن ذلك إلا توفيقا من الله تعالى ..
أجابه : نعم صحيح ذلك ولكن وجد من يلقنه ومن يعلمه .. يوجد الكثيرين مثله .. ولكن إذا وجد من يعلمهم ويرشدهم ويكتشف مواهبهم .. طبعا إضافة إلى توفيق الله عز وجل ..
القاعدة الحادية عشر:
الحفظ البطيء الهادي أفضل من السريع المندفع :
البطيء معناه أن تحرك العين يميناً ويساراً ببطء شديد كأنك تصور بكاميرا فيديو تنظر هكذا على المصحف يميناً ويساراً .. ركّز على الآيات والأسطر
التي ستحفظها حتى أن بعض البصريين ينصح أن يضع ورقة على النص حتى لا تنتبه لغير المحفوظ .. أنظر إلى الآيات ثم أغمض عينيك مباشرة واقرأ ، لا تنظر إلى السقف والشبابيك والستائر والأنوار و... الخ .. لأنك ستحفظ أشكالاً ثانية غير الآيات..
وهذا خاص بالبصريين ولعل منهم الإمام الشافعي رحمه الله كان يغطي الصفحة الثانية لئلا يحفظها.. ( ساعة من تركيز خير من أسبوع من الفوضى ...) مهم جداً .
القاعدة الثانية عشر :
التركيز على المتشابهات يرفع الالتباس:
أفضل طريقة لحفظ المتشابهات وحتى تتركز في ذهنك أن تقرأ على شيخ تكون له خبرة بالمتشابهات في باقي الآيات .. مثال على المتشابهات :
( يقتلون النبيين بغير الحق )
( يقتلون الأنبياء بغير حق )
الأولى في سورة والثانية في سورة أخرى ... ونتساءل .. لماذا ذكرت بلفظين مختلفين ... فعمل الشيخ الحافظ هو توضيح ذلك للطالب حتى يسهل عليه الحفظ بدون أن يخلط بينها.. هناك كتب بهذا المجال منها :
البرهان في متشابه القرآن ... للكرماني .
فتح الرحمن ... للقاضي زكريا الأنصاري
ويوجد كتب اهتمت بالمتشابه بدون تعليل كثيرة منها : عنوان الرحمن في حفظ القرآن .. لأبي ذر القلموني .
تنبيه الحفاظ إلى متشابه الألفاظ ... محمد عبد العزيز .
متشابهات القرآن .... مصطفى الملائكة .
وكتب عديدة في هذه المواضيع ويوجد أيضاً منظومات شعرية كثيرة منها: منظومة متشابهات القرآن ... للدمياطي ..
وأجودها للسخاوي موجودة في المنتدى من أرادها فليطبعها ويأخذها ... تحتاج المتشابهات إلى ربط ، كل إنسان له عملية وطريقة خاصة به .. بالمعنى .. أو بالحروف مثلا :
( يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم ) ..
هنا حرف الزاي .. يزكيهم ، العزيز ..
أيضا ( فضلاً من ربهم ورضوانا ) وفي آية أخرى ( فضلاً من الله ورضواناً) الآية الأولى في المائدة والأخرى توجد في سورتي الحشر والفتح
نقول حرف الراء في كلمة ربهم يأتي في ترتيب الأحرف الأبجدية قبل اللام الموجودة في الآية الأخرى في كلمة الله ... يعني حسب الترتيب .. ستأتي الآية الأولى في سورة المائدة التي أيضا ترتيبها في القرآن قبل سورتي الفتح والحشر ...وهكذا ..
القاعدة الثالثة عشر :
ضرورة الارتباط بالشيخ المعلم
الذي يربطك عقلياً وتربوياً وعلمياُ ويعطيك أصول علم التجويد .. وتلتزم معه بطريقة معينة في الحفظ .. حتى لا يتشتت ذهنك من شيخ إلى آخر ومن طريقة إلى أخرى ...
القاعدة الرابعة عشر:
تركيز النظر أثناء الحفظ على الآيات لتنطبع على صفحات الذهن ، هناك فرق بين هذه القاعدة وبين قاعدة الحفظ البطيء الهادي
ما نقصد به من هذه القاعدة هو التركيز العميق ، اجعل عينيك تشبع من القرآن ....أولاً أجعلها كاميرا .. ثم بعد ذلك .. قرب الصورة أكثر لكي تدخلها في العمق ..
القاعدة الخامسة عشر:
اقتران الحفظ بالعمل ولزوم الطاعات وترك المعاصي .. وأضيف بيتاً من الشعر معروف تأكيدا على هذه القاعدة عندما قال الشافعي رحمه الله :
شكوت إلى وكيع سوء حفظي ***** فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرنـــي بـأن العـلم نـــــورٌ***** ونور الله لا يؤتى لعاصـي
القاعدة السادسة عشر :
المراجعة :
الناس نوعان : إما حفاظ للقرآن كاملاً ، وإما حافظين لأجزاء محددة
الحفظ الجزئي يحتاج إلى قراءته دوماً .. بحيث لا يمر عليك الأسبوع إلا وقد مررت على كل حفظك ... خذ هذه قاعدة لك ..
وأما حفاظ القرآن الكريم كاملاً فلهم عدة أساليب في المراجعة منها :
التسديس : وهو أن تقسم القرآن الكريم كل يوم ستة أجزاء ,, أو التسبيع : له بيت شعر : بكرٌ عقودٌ يونسُ سبحانا **** الشعرا يقطين ق بانا
( حفظت هذا البيت من شيخ موريتاني )
يوم السبت : بكر وهي سورة (البقرة) ... إلى عقود وهي (المائدة)
يوم الأحد عقود وهي (المائدة) ... إلى ( يونس)
الاثنين (يونس) ..... إلى سبحانا وهي (الإسراء)
الثلاثاء (الإسراء) .... إلى (الشعراء )
الأربعاء (الشعراء) ... إلى يقطين وهي (الصافات)
الخميس من (الصافات) .... إلى (ق)
والجمعة من (ق) .... إلى آخر القرآن
نتمنى من الحفاظ والحافظات أن يتواصلوا ويتابعوا معاً مراجعة القرآن الكريم ... يتصل الحافظ بأخيه ويقول له اليوم الأربعاء .. المفروض أن نبدأ بالشعراء .. أين وصلت بالتلاوة ؟؟؟ وهكذا ... يجب علينا أن نتواصل حتى يذكر بعضنا بعضاً
من سورة البقرة ... إلى العقود 106 صفحة
من العقود إلى يونس 105 صفحة .. خمس أجزاء
ثم الباقي كله اقل من ذلك ...
القاعدة السابعة عشر:
الفهم الشامل يؤدي إلى الحفظ المتكامل وهو فهم معنى الآيات فهماً بحيث يؤدي إلى ترابط المعنى .
القاعدة الثامنة عشر :
قوة الدافع وصدق الرغبة في الحفظ .
القاعدة التاسعة عشر :
الالتجاء إلى الله بالدعاء وطلب العون منه .. عامل مهم لتسهيل حفظ القرآن فلا ننسى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال لمعاذ : "والله إني لأحبك يا معاذ .. فلا تنسى إن تقول دبر كل صلاة ، اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" .
يتبع ....
motasem-sh
20-08-2005, 05:37 PM
تتمة ....
التاءات الخمس :
هي ملخص الطريقة المثلى لحفظ القرآن الكريم ..
إذا كان عندك محاضرة أو درس في مراكز التحفيظ ، يمكنك أن تشرح لهم طريقة التاءات الخمس :
1) التهيئة النفسية : عليك أن تهيئ نفسك من الليل إذا أردت أن تحفظ القرآن الكريم وقبل أن تنام هيئ نفسك .. برمج نفسك وقل غداً أريد أن استيقظ الساعة الثالثة فجراً واحفظ كذا وكذا ..
- من التهيئة النفسية أن تختار المصحف المحبب لديك الأنيق المميز الذي ترتاح نفسك له ، وأنصح إخواني المؤمنين أن يهدوا بعضهم بعضا المصاحف المميزة وأن يكتبوا إهداء عليها ... وقد أهديت مصحفاً لأحد الأخوة فيقول لي ..كلما فتحت المصحف .. رأيت الإهداء فكان حافزاً لي أن استمر في الحفظ ... وقد حفظ القرآن الكريم كاملاًً .. ويقول لا يمكن أن أغيره أبدا
2) التسخين : أنت في الصباح حين تسخن السيارة قبل أن تذهب إلى عملك قد تحتاج إلى دقائق ليصل الزيت في مجاري الموتور بشكل جيد .. فنحن في دماغنا نحتاج إلى عملية تسخين من 6- 8 دقائق .. اقرأ شيئا من الحفظ الماضي .. أو على الحاضر كرره بصوت مرتفع هذا العمل يعطيك تشويقاً أكثر لتحفظه ...
تحضرني الآن قصة بهذا الخصوص : قصة الحكيم الهندي والكأس وكذلك قطعة الحلوى عندما تضعها في فم الطفل مباشرة دون تشويق .. شوّق دماغك على الحفظ .. راجع من الماضي 6 دقائق سخّن .. ثم سخّن .. كالعضلات .. مرّنها ثم ابدأ بالحفظ فإذا حفظت مباشرة قد يكون الدماغ غير مرتاح .. متعب...لا تحفظ وأنت متعب أبدا ...
3) التركيز : بعد التسخين وكما قلنا التركيز نوعان ..
أ - أفقي
ب – بؤري
4) التكرار وقد سبق ذكره
5 ) الترابط ..
نرجع إلى قصة الهندي الحكيم مع الكأس :
يروى أن شخصاً أراد أن يحصل على فائدة واحدة تفيده في حياته كلها .. فذكروا له حكيماً هندياً ينفعه بذلك .. فسافر من بلد إلى بلد .. ومن قرية إلى قرية يسال عنه .. إلى أن وصل إلى الحكيم .. دقّ باب بيته استقبلته عجوز قالت له تفضل .. دخل الرجل إلى غرفة الاستقبال .. وانتظر ساعة .. ساعتين .. ثلاثة . .. ما هذا ؟؟؟؟؟!!!! إلى العصر .. !! دخل الهندي وسلم عليه ببرود وجلس وسكت .. وسكت !!!! والضيف يفكر كيف يبدأ ،
والهندي ساكت ! ثم بدأ الرجل فقال : جئت من بلاد بعيدة لأحصل منك على حكمة تنفعني في الحياة .. قال الهندي طيب .. وسكت ... ثم سكت .. !!!! ثم قال الهندي : تشرب شاي ؟؟؟! قال الرجل على الفور نعم أشرب .. المسكين منذ ثلاث ساعات لم يضع في فمه شيء .. بعد قليل جاء الهندي بصينية فيها إبريق شاي وكأس وبدأ يصب في الكأس ويصبّ .. امتلأ الكأس والهندي يصبّ ويصبّ .. امتلأت الصينية .. والهندي يصب !!! فاض الشاي على المنضدة .. واستمر بالصبّ!! حتى نزل إلى الأرض .. فجأة قال الضيف .. بس ...... يكفي ايش هذا .. حكيم ولا مجنون ؟؟؟؟!!!! قال الهندي متسائل : يكفي ؟ .. قال الضيف نعم . وهنا قال الهندي ؟
انظر يا بنيّ .. إذا أردت أن تستفيد من هذه الحياة ينبغي أن تكون كأسك فارغة ، أرأيت الكأس كيف امتلأت وفاضت .. فأنا حين تأخرت عليك امتلأت كأسك .. ولم تستطيع أن تستقبل مني أي شيء .. فإذا أردت أن تستفد من أي شيء فرغ قلبك من الشواغل .. لتضع محله الفائدة .. فرغ قلبك من حقد النفس .. من الأفكار السلبية..
فإذا حضرت محاضرة .. وأنت فيها .. امتلأت نفسك بالمعلومات والأفكار التي أتتك منها .. ويجب أن تفرغ كأسك لتستوعب .. وإلا سيفيض الكلام إلى الأطراف كما فاض الشاي من الكأس .. فلا تستفيد منه .. وإذا أحس المحاضر أن الكؤوس بدأت تمتلئ .. فليتوقف عن إعطاء المعلومات .. وليحاول أن يفرغها بطريقة معينة .. نكتة مثلاً .. طرفة ..قصة .. تنفس عميق ..
قصة أم طه الأردنية مع حفظ القرآن الكريم وعمرها سبعون سنة
امرأة أردنية تعيش في مدينة الزرقاء وتعمل خياطة وهي أمية ولا تقرأ ولا تكتب كلمتني في الهاتف عن قصتها مع القرآن الكريم أنها أمية لا تقرأ ولا تكتب ..
وذات يوم طلبت من إحدى الفتيات اللواتي يترددن عليها أن تعلمها كيفية كتابة لفظ الجلالة قالت لي أريد أن أتعلم اسم ربي كيف يكتب وبالفعل تعلمت وأصبحت أتتبع لفظ الجلالة في القرآن من أوله إلى أخره وأعجبتني الفكرة وأحسست بمشاعر عالية جدا ..
فطلبت من الأخت أن تعلمني الحروف وتعلمت التهجي والتحقت بمركز لتحفيظ القرآن وبدأت أقرأ بالتهجي من المصحف واستمريت إلى أن ختمت القرآن كاملا
لم اصدق نفسي بعد كل هذا العمر أنني أصبحت قارئة ثم أقمت حفلة كبيرة لجميع الأخوات بمناسبة انتهائي من قراءة القرآن واهدوني كتابك كيف تحفظ القرآن وهذا الكتاب فجر عندي الرغبة في الحفظ حيث علمت منكم أن من لديه الهمة يمكن له أن يحفظ ولو كان فوق الأربعين .. فبدأت حفظ القرآن الكريم وأحسست بسعادة عجيبة جدا ..
وأنا الآن أحفظ 15 خمسة عشر جزءً وأخذت تدعو لي دعوات مباركات جزاها الله خيراً ووفقها كان هذا في صيف عام 2001 م ..
ودعوت الله لها وقلت بإذن الله ستكونين من الحفاظ .. فقالت : الله يسمع منك يا رب وقد وصلني خبر منذ مدة قريبة أن أم طه قد حفظت كامل القرآن الكريم والحمد لله ..
قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا ونسأل الله تعالى أن يرزق الجميع هذه الهمة العالية بالمناسبة لقد حكيت قصة أم طه في أكثر من دورة
فكان لها صدى كبير عن الأخوات وقالوا : ما دام أم طه وهي في السبعين من عمرها حفظت القرآن وحنا وش ورانا .
motasem-sh
20-08-2005, 05:40 PM
الباب الخامس - كيف تحفظ القرآن في سنة - جمال عبد الرحمن الجماز
هناك طرقاً متنوعة تعين الإنسان على حفظ القرآن الكريم، ولكن عليك بالأساس:
أولاً: اعلم أن حفظ كتاب الله _تعالى_ طريق فيه نوع من الطول والمشقة، ويحتاج ممن يريد سلوكه إلى همّة وعزيمة، وجد وتحمّل، يحتاج إلى أن تخصِّص له جزءاً من وقتك لا تصرفه لغيره، وأن تعيد ترتيب أولوياتك، ليكون مشروع حفظ القرآن الكريم في مقدمتها، وأن تعطيه بعد ذلك المدة الزمنية الكافية ولو أكثر من سنة.
ثانياً: عليك العناية بالطريقة المناسبة، والأسلوب الأمثل، عليك الاستنارة بتجارب الآخرين، عليك بالاستشارة لكبار الحفاظ ممن تعرف.
وألفت نظرك أخي الكريم إلى أن الحفظ الأمثل، هو الغاية، ولو تم خلال سنتين فهو خير لك من حفظه في سنة واحدة، وقد أخللت بكثير من الغايات والأهداف.
ومن العوامل المساعدة على حفظ كتاب الله _تعالى_ ما يلي:
1- اجعل نيتك صادقة، فالحفظ عبادة، ومتى أخلصت فيه، كما لو أردتَ بحفظك التوفيق للعلم النافع والعمل الصالح، قُبِل وتمت بركته، وإن أردتَ بحفظك الشهادة أو الوظيفة أو بليغ العبارة، ضاع منك وخسرت، وربما لا تدرك شيئاً مما أردت.
2- ادع الله دائماً، إذ هو سلوتك، ويحصل به كل خير لك، وإذا ألححت الدعاء بتيسير الحفظ، وجدتَ ثمرته في بركة الوقت وتسهيل الحفظ.
3- احذر من الوقوع في المعاصي، قال وكيع بن الجراج _رحمه الله_: "ترك المعاصي ما جربت مثله للحفظ".
4- اقرأ في سير السلف، كيف كان حالهم مع القرآن، وكيف كانت هممهم العالية في الحفظ والفهم والعمل.
5- احرص على إثارة الدافع الذاتي لديك، تعرّف على منزلة القرآن ، وفضل حفظه، وما أعده الله _جل وعلا_ لك ولأهلك من الرفعة والسؤدد والسعادة في الدنيا، والأجر والكرامة في الآخرة.
6- اختر المكان المناسب، كالمساجد والغُرَف، وكل مكان بعيد عن الملهيات، واترك كل ما يشغل قلبك.
7- استعن بزميل لك، تُراجع عليه ويُراجع عليك، ويشجع كل منكما الآخر، واحذر أن تكون أحاديثكما أطول من مراجعتكما.
8- يجب أن تحفظ على يد قارئ متقن، فإن لم يتيسّر، فاطلب أجود الناس قراءة وحفظاً، وإذا أتممتَ الحفظ، فاعرضه على قارئ متقن يحمل إجازة في رواية أو قراءة أو القراءات حتى يجيزك للإقراء، ولو في رواية.
9- اجعل طبعة المصحف التي تحفظ عليها واحدة، ولا تنوّع في الطبعات؛ ليزداد حفظك رسوخاً في ذهنك.
10- رتِّل القرآن وترسَّل، ولتكن قراءتك على تمهّل، فإنه أعون على فهمه وحفظه.
11- افهم الآيات التي ترغب حفظها، حتى يكون الجهد الذي ستبذله قليلاً، ويبقى في الذهن طويلاً.
12- استذكر وكرر دائماً، ماشياً وراكباً وقائماً وقاعداً ومضطجعاً أو في الصلاة أو ضحى الجمعة، فالحفظ المفيد يحصل بالتكرار، ويساعدك على جودة التذكر في المستقبل.
13- عوِّد نفسك التدرج في الحفظ، فلا تحفظ فوق طاقتك فتترك الحفظ، واعلم أن القرآن الكريم نزل مُفرّقاً ليسهل فهمه وحفظه.
14- خصِّص وقتاً يناسبك للحفظ كل يوم، ولا تتركه أبداً، كالساعة أو الساعتين مثلاً، واحفظ فيها ما شئت، ربع حزب أو أقل أو أكثر.
15- خصِّص وقتاً للمراجعة، ولا تجعلها في فراغك أبداً، ولتكن يوماً في الأسبوع، وإذا لاحظت أن حفظك مهزوزاً ضعيفاً فخصِّص يومين كل أسبوع، ثم واصل الحفظ.
16- اعلم أنه لا بد مع الحفظ مراجعة، فالحفظ والمراجعة أمران متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر، ولو أنك حفظت بدون مراجعة وأتممت حفظ القرآن في سنة أو أقل، فستعلم بعد حين أنك لم تحفظ القرآن، وعليك وعلى أمك السلام.
17- إذا أتممت حفظ القرآن فعلك بمراجعته دائماً، ولو كل شهرين مرة.
18- راجع القرآن الكريم، وإذا أردت أن تعرف قوة حفظك فابدأ بالطريقة التالية:
19- طريقة (فمي مشوق)، وبها تستطيع مراجعة القرآن في سبع ليال، وهي السنّة: الفاء للفاتحة، الميم للمائدة، الياء ليونس، الميم لمريم، الشين للشعراء، الواو للصافات، القاف لقاف، وهي كما يلي:
- اليوم الأول: من أول الفاتحة إلى أول المائدة.
- اليوم الثاني: من أول المائدة إلى أول يونس.
- اليوم الثالث: من أول يونس إلى أول مريم.
- اليوم الرابع: من أول مريم إلى أول الشعراء.
- اليوم الخامس: من أول الشعراء إلى أول الصافات.
- اليوم السادس: من أول الصافات إلى أول ق.
- اليوم السابع: من أول ق إلى آخر المصحف.
20- فإن لم تستطع، فراجع كل يوم جزءاً، وبها تستطيع مراجعته كل شهر مرة.
21- فإن لم تستطع، فراجع كل يوم نصف جزء، وبها تستطيع مراجعته كل شهرين مرة.
22- فإن لم تستطعن فعليك بحفظ القرآن مرة أخرى.
وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين
الرجاء عدم الرد
الباب السادس - نحو منهجية لحفظ القرآن - فيصل البعداني
انتشرت الصحوة الإسلامية المباركة في عصرنا، وأصبحت نتائجها ظاهرة لكل أحد، ولعل من بعض ثمارها المباركة عودة كثير من شباب الأمة إلى القرآن الكريم قراءة وحفظاً، ونظراً لسلوك كثير من أولئك مسلكاً غير مـنهجي أثناء مرحلة الحفظ، مما يؤدي إلى سوء الحفظ سواء أكان ذلك من حيث النطق أو الاستـيـعاب لكامل ما يحفظ، أو استقرار الحفظ وثباته في الذهن، بالإضافة إلى عدم مواصلة الكثـيـر منهم للحفظ والتوقف بعد ابتداء المشوار، أو حتى عدم الابتداء من الأصل مع وجود رغبة صادقة، وحرص أكيد للتشرف بحفظ القرآن الكريم. ولقد بادرت في كتابة هذه السطور علـهـــا أن تفـيــــد الراغبين في حفظ كتاب الله الكريم، وقد حاولت الاستفادة من أصحاب الخبرة في هذا المجـــال رجاء أن يكون الطرح أكثر فائدة وواقعية، وقد قمت بتقسيم الموضوع إلى ثلاثة أقسام كالتالي:
أولاً : ما ينبغي فعله لمن أراد حفظ القرآن الكريم قبل أن يحفظ.
ثانياً : خطوات عملية مقترحة لحفظ القرآن الكريم.
ثالثاً : ما يفعله الحافظ بعد أن يحفظ.
يتبع ........
motasem-sh
20-08-2005, 05:42 PM
تتمة ....
وإليك قارئي الكريم التفصيل والبيان :
ما ينبغي فعله لمن أراد حفظ القرآن الكريم قبل أن يحفظ :
1- الإخلاص لله تعالى:
لا يخفى أن الإخلاص وإرادة وجه الله تعالى شرط لصحة العمل وقـبـولــــه إن كان عبادياً محضاً كالصلاة والصيام والطواف..الخ، كما أنه شرط للثواب ونيل الأجر في الأمور المباحة كالأكل والشرب وحسن المعاشرة للناس... الخ. وبما أن قراءة القرآن وحـفـظـه مـــن الأمور العبادية المحضة فإنها لا تقبل عند الله تعالى إلا بالإخلاص، وهي داخلة في مـثـل قـوله تعالى ((فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً))(1) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(1))، وقـولـــه تعالى في الحديث القدسي (أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)(2) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(2)).
2- استشعار عظمة القرآن الكريم ومعرفة منزلته :
ومن الأمور التي تحقق ذلك :
* تذكر أن القرآن كلام الله تعالى ((فَأجرْه حتى يسمع كلام الله))(3) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(3))وعظمته مأخوذة من عظمة الله، ولا أعظم من الله، وبالتالي فلا أعظم ولا أقدس من كلامه سبحانه.
* إدراك الأمر الذى نزل من أجله القــرآن، وهو هداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور ((ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين))(4) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(4))، ((شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان))(5) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(5)).
* من عظمة القرآن عظمة الشهر الذي أنزل فيه القرآن (شهر رمضان)، فهو أفضل الشهور، وعظمة الليلة التي أنزل فيها القرآن (ليلة القدر)، فهي خير الليالي، وعظمة الرسول الذي أنزل عـلـيــه الـقـــرآن فهو إمام الأنبياء والمرسلين وسيد ولد آدم ولا فخر، وعظمة معلمه ومتعلمه حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيان أفضليتهما (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)(6) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(6)) , وفي رواية (إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه)(7) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(7)).
* وصف الله تعالى لـــه بالعظمة في مثل قوله تعالى ((ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم)(8) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(8))، ويكفي هذا في بيان مقدار عظمته وجلاله.
3- إدراك فضل أهل القرآن وعظم ثوابهم :
وقد جاء بيان ذلك في كثير من النصوص ومنها :
* ما رواه عمر رضي الله عـنـــه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين)(9) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(9)).
* ما جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله بـــه حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول »ألم حرف ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)(10) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(10)).
* عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن في الصفة فقال: أيكم يحــب أن يـغــــدو كل يوم إلى بطحان أو العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين(11) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(11))في غير إثم ولا قطع رحم , فقلنا : يا رسول الله، نحب ذلك، قال : أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلِّم أو يقــرأ آيـتـيـن من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين وثلاث خير له من ثلاث وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل) (12) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(12)).
* عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : (اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه) (13) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(13)).
* عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها)(14) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(14)).
* عن أبي مسعود الأنصاري قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)(15) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(15)).
* عن عائشة رضي الله عنها عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : (مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة، ومثل الذي يقرأ القرآن وهو يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران)(16) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(16)).
* عن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:(المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب، والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالتمرة طعمها طيب ولا ريــح لــهـــا، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كالريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كالحنظلة طعمها مر أو خبيث وريحها مر)(17) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(17)).
4- معرفة أن الشارع قد حث على قراءة القرآن والاستماع إليه في نصوص منها:
(أ) في القراءة :
قوله تعالى ((إن الذين يتلون كتاب الله وأقـامـــوا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور))(18) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(18))، وقوله -صلى الله عليه وسلم- (اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه)(19).
(ب) في الاستماع :
قوله تعالى ((وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون))(19) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(19)). قال الليث بن سعد: (يقال ما الرحمة إلى أحد بأسرع منها إلى مستمع الـقـــرآن لقوله تعالى ((وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون))، ولعل من الله واجبة)(20) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(20)).
5- إدراك من أراد الحفظ الهدف من قراءة القرآن وحفظه :
ويمكن أن يحصل ذلك عن طريق استشعار الأمور التالية :
* ما يقع من تحصيل الأجور العظيمة الواردة في النصوص، ومنها ما سبق بيانه.
* قراءة لتنفيذ الأوامر وتطبيق التعاليم الواردة فى الآيات.
* قراءة التصورات الصحيحة الصائبة حيث أن القرآن الكريم هو المصدر الوحيد لتصوراتنا لقوله تعالى ((ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شىء))(21) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(21)).
6- التنبه إلى سهولة القرآن لمن اراد حفظه :
لقــوله تعالى ((ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر))(22) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(22))، قال القرطبي - رحمه الله تعالى - عن هذه الآية »أي سهلناه للحفظ وأعنا عليه من أراد حفظه فهل من طالب لحفظه فيعان عليه«(23) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(23)).
7- ضرورة وجود العزيمة الصادقة :
وذلك عند الابتداء في الحفظ والاستمرار على ذلـك، إذ بدونـهـــا يخور العبد ويتهاون ولا يتجاوز الأمر كونه مجرد أمنية وحلم يقظة، ويمكن أن يوجد الإنسان هذه العزيمة الصادقة بمعـرفـتــــه لعظمة القرآن ومكانة أهله، والفضل الجزيل لقارئه ومستمعه إذ أن النصوص الواردة في ذلك تحث المسلم وتدفعه بشدة إلى تكوين رغبة جادة في قرارة نفسه على الحفظ والمواصلة.
8- التقليل من المشاغل والاكتفاء بالحفظ وبذل الجهد في ذلك :
قال الله تعالى ((والـــذين جاهدوا فينا لَنهديَنَهُم سُبُلَنَا)) (24) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(24))، ومعروف أنه من سار على الدرب وصل، ومن جد وجد، ومن زرع حصد، ومما يعرفه الناس عن النملة أنها تحاول الرقي إلى مـكـــان مرتفع وقد تفشل في الوصول إلى غايتها وتسقط، ولكنها لا تكل أو تمل وتبذل جهداً مضاعفاً إلى أن يتكلل جهدها بالنجاح، وهذا هو ما ينبغي فعله لمن أراد حفظ القرآن.
9- تفريغ وقت يومي للحفظ :
سواء أكان ذلك بعد الفجر أو بعد العصر أو بعد المغرب... إلخ، كل حسب ما يناسبه. وكون مكان الحفظ في المسجد أولى لـقـوله -صلى الله عليه وسلم- فـي الحديث الذي سبق (... أفلا يغدو أحدكــــم إلى المسجد)(12) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(12))، ومعلوم أن الجو في المـسـجد مهيأ لهذا الأمر، وغيره ليس مثله. وكونه مع مجمــوعة أفضل لحديث أبي هريرة قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-(وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم الـسـكـيـنـة وغشيتهم الرحمة وحفتهم المــلائكة وذكرهم الله فيمن عنده)(25)، ولأن الجماعة عنصر مساعد ومشجع والإنسان قد يصاب بكسل وفتور فتدفعه الجماعة إلى المواصلة، ولذا قيل (الصاحب ساحب).
10- اختيار شيخ مجيد للتلقي عليه :
ولذا قرر أهل العلم أنه لا يصح التعويل في قراءة القرآن الكريم على الـمصاحف وحدها بل لابد من التلقي على حافظ متقن متلق عن شيخ، ولذا قال سليمان بن موسى »كان يقال : لا تأخذوا القرآن من الصحفيين« (26) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(26))، وقال سعيد التنوخي »كان يقال : لا تحملوا العلم عن صحفي ولا تأخذوا القرآن عن مصحـفــــي« (27) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(27))، ولكون قراءة القرآن مـبـناها على التلقي والسماع جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقول : (والله لقد أخذت من في رسول الله بضعاً وسبعين سورة)« (28) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(28))، وذكر ابن حجر في الفتح بيان كيفية أخذ عبد الله لبقية القرآن فقال : ( زاد عاصم عن بدر عن عـبـــد الله : »وأخـــذت بـقــيــــة الـقـــرآن عـن أصحابه«)(29) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(29))، ولأهمية التلقي في تعلم القرآن نجد أن بعض الصحابة كانوا يوجـهـــون طلابهم إلى ضرورة التلقي عن المتلقي، فعن معد يكرب قال : »أتينا عبد الله فسألناه أن يقرأ علـيـنـا : طـسـم الـمائتين فقال : ما هي معي ولكن عليكم مَن اخذها من رسول الله -صلى الله عـلـيـه وسـلــم- خباب بن الأرت قـال : فـأتـيـنـا خباب بـن الأرت فـقـرأهــا علينا« (30) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(30))، بل إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعارض جبريل بالقرآن كل عام مرة وعام وفاته مرتين(31) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(31))، وكان يأمر أصحابه بالتلقي فيقول (اقرأوا القرآن من أربعة نفر : من ابن أم عبد ومن أبي بن كعب ومن سالم مولى أبي حذيفة ومن معاذ بن جبل)(32) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(32)).
11- اختيار مصحف معين في الحفظ حتى ترسخ مواضع الآيات في الذهن ولا يكون هناك تشتت..
12- الحـرص على الابتداء في الحفظ من آخر المصحف وبخاصة صغير الـســن أو ضعيف العزيمة، حتى يشعر أنه قد أنجز شيئاً في فترة وجيزة، حيث أن السور أكثر عـــدداً وأقل صعوبة ولديه خلفية عنها عن طريق مقررات القرآن في المدارس النظامية.
13- دعـــاء الله تعالى بالتوفيق والتمكين من الحفظ واللجوء إليه في ذلك لأن حفظ القرآن الكريم منة من الله وهبة.
يتبع ......
motasem-sh
20-08-2005, 05:45 PM
تتمة .....
خطوات عملية مقترحة لحفظ القرآن الكريم :
1- تحديد مـقـــدار معين لحفظه في جلسة واحدة في حدود طاقة القارئ وينبغي له أن لا يزيد كمية المقدار كثيراً في أيام حماسه وبخاصة في بداية الحفظ، حتى لا يكل أو يمل أو يصاب بالإحباط حين لا يستطيع المحافظة على ذلك المقدار، وبالتالي يؤدي ذلك إلى تركه الحفظ بالكلية، بل عليه أن يربي نفسه على المرونة في تحديد المقدار جاعلاً نصب عينيه أن أهم قضية هي الاستمرار اليومي في الحفظ لا غير.
2- قراءة المقدار الـمـعـيــن على الشيخ المختار من المصحف قبل مباشرة الحفظ وتلزم هذه الخطوة إذا كان القارئ لا يجيد قراءة الرسم العثماني.
3- قراءة القارئ المقدار المـحــــدد للـحـفـظ من المصحف بينه وبين نفسه لإصلاح النطق في الكلمات التي لم يجد قراءتها.
4- أن يحفظ القارئ المقطع آية آية، ويقوم بربط الآية الثانية بالتي تليها وإذا كانت الآية الواحدة تقل عن سطر فآيتين آيتين بحيث لا يـتـم الــــزيادة على سطرين أو ثلاثة في المرة الواحدة.
5- أن يرفع الصوت بتوسط أثناء الحفظ لأن خفض الـصـــوت يـكـسـل القارئ ورفعه جداً يتعبه ويؤذي من حوله، هذا في الأصل أما لو كان خاشعاً، خالي الذهن وخفض صوته فلا بأس لكن لابد من القراءة باللسان، أما إمرار العين بدون تحريك اللسان فلا.
6- نطق الآيات أثناء الحفظ بترتيل وتمهل، والحرص على عدم إغـفـــال أحكام التجويد أثناء القراءة امتثالاً لقوله تعالى ((ورتل القرآن ترتيلاً))(33) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(33)) واهتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في تركه تحريك لسانه استعجالاً به بعد نزول قوله تعالى ((لا تحـــــرك به لسانك لتعجل به))(34) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(34))، ولأن هذا هو هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في تعليمه القرآن لأصحابه، قال الله تعالى ((وقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكث))(35) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(35)). ولقد سئل أنس بن مالك : كيف كانت قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال : »كانت مدّاً ثم قرأ:(بسم الله الرحمن الرحيم) يمد ببسم الله، ويمد بالرحمن، ويمد بالرحيم« (36) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(36))، وهذا ا لأمر كان ديدن كبار الصحابة، ولذا قال ابن عباس راداً على أبي حجر حين قال لـــه: إني سريع القراءة وإني أقرأ القرآن في ثلاث : »لأن أقرأ البقرة في ليلة فأدبرها وأرتلها أحب إليَّ من أن أقرأ كما تقول«،وفي رواية »أحب إليَّ من أن أقرأ القرآن أجمع هذرمةً« (37) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(37))، ولا شــــــك أن الترتيل أثناء الحفظ يعين على تدبر الآيات والتفكر في معانيها مما يعني جمع القارئ بين حفظ الآيات والفهم مبدئياً لمعناها، وهو مما يعمق الحفظ ويقويه أيما تقوية.
7- أن يُسمِّع على نفسه المقدار المعين حفظه بعد إنهائه له.
8- أن يقوم بقراءة المقدار المحفوظ من المصحف بعد تسميعه على نفسه للتأكد من سلامة الحفظ وعدم تجاوزه لبعض الآيات أو الكلمات أو الخطأ في الشكل.
9- أن يقوم بتسميع ما حفظ على شيخه المختار ولا بد من ذلك.
10- يفضل ربط المقدار المحفوظ من سورة ما قسمت إلى مقاطع بما حفظ من أول الـســورة يومياً ليتم الربط بين المقاطع المحفوظة، وهذا أمر لا دخل له في
برنامج الحافظ للمراجعة.
ما يفعله الحافظ بعد أن يحفظ :
1- الخوف من الوقوع في الرياء :
والـريــــاء في موضوعنا : طلب الحافظ للجاه والمنزلة في نفوس الخلق بإظهاره لهم إكماله لحفظ الـقـــرآن، أو جودة حفظه وحسن أدائه، وهو ضرب من الإشراك، ولذا قال رسول الله-صلى الله عـلـيــه وسلم-: (إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا : وما الشرك الأصغر يا رســــول الله. قال : الرياء يقول الله عز وجل - يوم القيامة إذا جزى العباد بأعمالهم - : اذهـبـوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء)(38) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(38))، والمرائي بالقرآن معرض نفسه للعقوبة الشديدة الواردة في حديث أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : (إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه... ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال : فما عملت فيها؟ قال : تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار)(39) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(39)). والواجب على مريد النجاة الحرص على الإخلاص واستمرار سلامة القصد والنية.
2- الحذر من الغفلة عن العمل بالقرآن والتأدب بآدابه والتخلق بأخلاقه :
لأن القرآن إنما أنزل ليعمل به، ويتخذ نبراساً ومنهاج حياة، قال ابن مسعود رضي الله عنه »أنزل القرآن ليعملوا به فاتخذوا دراسته عملاً، إن أحدكم ليقرأ القرآن من فاتحته إلى خاتمته ما يسقط منه حرفاً، وقد أسقط العمل به« (40) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(41))، وقال بعض أهل العلم : »إن العبد ليتلو القرآن فيلعن نفسه وهو لا يعلم، يقول : ألا لعنة الله على الظالمين، وهو ظالم نفسه، ألا لعنة الله على الكاذبين، وهو منهم« (40) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(40))، وقال أنس رضي الله عنه : »رب تال للقرآن والقرآن يلعنه« (4).
3- الخشية من العجب بالنفس والتعالي على الخلق :
فالعجب استعظام النفس لـما بذلت من أسباب لتحصيل حفظ القرآن الكريم والله تعالى هو الهادي إلى ذلك والمعين على تسـهـيـلــه وتحققه، ولولا إحسانه وفضله لما تمكن العبد من حفظ القرآن أو بعضه، والواجب بدلاً مــــن ذلك شكر الله تعالى على نعمته بمعرفتها حق المعرفة وإسناد الفضل إليه سبحانه وحده لا شريك له في تحققها، والتعالي على الخلق هو التكبر عليهم واعتقاد العبد بلوغه مرتبة في الكمال لم يبلغها من حوله فيتجه إلى احتقارهم وتجهيلهم، ومن هذه حاله ينسى ما ورد مــــن النصوص في التحذير من مثل ذلك، ومنها قوله تعالى في الحديث القدسي : (الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار)(41) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(41))، وقوله -صلى الله عليه وسـلــم- (لا يدخــــل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)(42) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(42))..
4- تذكر النصوص الآمرة بتعهد القرآن والمحذرة من نسيانه :
وردت نصوص كثيرة تحث على تعاهد القرآن وتحذر من هجره ونسيانه ومنها :
* عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسـلـــم- قال : (إنما مثل صـاحـب الـقـــرآن كـمـثــل صاحب الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطـلـقـهـمـا ذهبت)(43) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(43)).
* وعن عبد الله قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (بئس ما لأحدهم أن يقول نسيت آية كيت وكيت، بل نسي واستذكر القرآن فإنه أشد تفصياً(44) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(44))من صدور الرجال من النعم)(45) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(45)).
* وعن أبي موسى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : (تعاهدوا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصياً من الإبل في عقلها)(46) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(46)).
وبسبب هذه النصوص ومثيلاتها تحدث أهل العلم عن الزمن الذي لا يشرع للعبد تجاوزه سواء أكان من حيث القلة أو الكثرة في قراءة القرآن الكريم فأقل زمن يستحب قراءة القرآن فيه على المختار ثلاثة أيام لقوله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه عنه عبد الله بن عمرو: (لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)(47) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(47)).
ولذا كان معاذ بن جبل يكره أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث(48) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(48))وكان ابن مسعود يقول: (اقرؤوا القرآن في سبع ولا تقرؤوه في أقل من ثلاث)(49) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(49)).
والحكمة - والله أعلم - في عـــــدم مـشـروعية قراءته في أقل من ثلاث أن لا تؤدي سرعة القراءة إلى قلة الفهم والتدبر أو الملل والتضجر أو الهذرمة وعدم إتقان النطق، وما ثبت عن السلف من قراءته في أقل من ذلك فهو محمــول إما على أنه لم يبلغهم في ذلك حديث من مثل الحديث السابق، أو أنهم كانوا يفهمون ويتفكرون فيما يقرءونه مع هذه السرعة(50) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(50))، أو أن ذلك كان في فترة حماس وكثرة نشاط أو وقت فاضل كرمضان ونحوه فأرادوا استغلاله لا أن يكون ذلك عادة لهم في سائر العمر.
وأما أوسع زمن جاءت النصوص مبينة مشروعية قراءة القرآن فيه فأربعون يوماً كما ورد فى حديث عبد الله بن عمرو أنه سأل النبي-صـلـى الله عليه وسلم-: في كم يقرأ القرآن؟ قال:(فى أربعين)(51) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(51))، ولذا قال إسحاق بن راهويه : (ولا نحـب لـلــرجل أن يأتي عليه أكثر من أربعين ولم يقرأ القرآن لهذا الحديث)(52) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(52))، وقال أيضاً : (يكــــره للرجل أن يمر عليه أربعون يوماً لا يقرأ فيها القرآن)(53) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(53)).
5- نسيان القرآن سببه الذنوب والمعاصي :
جاءت الكثير من النصوص التي تجعل ذنوب العبد سبباً لما يصيبه من مصـائــب وبـلايـــا والـتـــي من أعظمها ولا شك نسيان القرآن الكريم، ومما جاء في ذلك قوله-صلى الله عليه وسلم-: (لا يصيب عبداً نكبة فما فوقها أو دونها إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر)(54) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(54))، وقد كان هذا الأمر جلياً في أذهان السلف، ولذا قال الضحاك مزاحم : (ما من أحد تعلم القرآن فنسيه إلا بذنب يحدثه لأن الله تعالى يقول : ((وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم)) (55) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(55))، وإن نسـيـان الـقــــرآن من أعظم المصائب) (56) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(56))، بل إنهم - رحمهم الله تعالى- كانوا يقفون موقفاً صارماً ممــن هـــــذه حاله كما جاء من طريق ابن سيرين بإسناد صحيح في الذي ينسى القرآن كيف أنهم كانوا يكرهونه ويقولون فيه قولاً شديداً(57) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(57))، وقد ذكر القرطبي - رحمه الله - سبب تلك الكراهية وذلك الموقف الشديد فقال : (من حفظ القرآن أو بعضه فقد علت رتبته بالنسبة إلى من لم يحفظه، فإذا أخل بهذه المرتبة الدينية حتى تزحزح عنها ناسب أن يعاقب على ذلك، فإن تَرْك معاهدة القرآن يفضي إلى الرجوع إلى الجهل والرجوع إلى الجهل بعد العلم شديد)(58) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(58)).
بل إن بعضهم يعده ذنباً كما روى أبو العالـيــة عن أنس موقوفاً (كنا نعد من أعظم الذنوب أن يتعلم الرجل القرآن ثم ينام عنه حتى ينساه)(59) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(59)).
قــال ابن كثير - رحمه الله - :"وقد أدخل بعض المفسرين هذا المعنى في قوله تعالى ((ومن أعــرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لم حشرتني أعمـى وقد كنت بصيراً * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى))(60) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(60))، وهذا الذي قـالـه وإن لم يكن هو المراد جميعه فهو بـعـضـــــه، فـإن الإعراض عن تلاوة القرآن، وتعريضه للنسيان، وعدم الاعتناء به فيه تهاون كبير وتفريط شديد نعوذ بالله منه"(61) (http://saaid.net/Quran/10.htm//l(61)).
6- كيف تكون المراجعة؟
لا شك أن الطريقة الأسلم للمراجعة هي تخصيص وقت كاف غـيــــر وقت الحفظ يقرأ فيه المرء ما يفتح الله تعالى عليه فيه، ولكن نظراً لعدم قدرة كثير من الناس على تخصيص وقت معين لذلك فيمكن استخدام الطرق التالية :
(أ) - القراءة في السنن الرواتب غير راتبة الفجر تكون خمسة أثمان، في كل ركعتين ثمن.
- في ركعتي ما قبل العصر تكون ثمناً واحداً.
- في الصلوات المفروضة وقيام الليل تكون ثمنين.
وعلى هذا فالحد الأدنى في اليوم الواحد يكون جزءاً كاملاً من القرآن الكريم.
(ب) القراءة في الصلاة النافلة من غير الرواتب، وفي السيارة،. وبين الأذان والإقامة وأثناء الذهاب للدراسة أو العمل والعودة من ذلك... إلخ من حالات الإنسان المناسبة.
(جـ) الجلوس بعد الفجر ولو قليلاً للقراءة بحيث يلزم الإنسان نفسه أن يقرأ في ذلك الوقت شيئاً من القرآن الكريم ولو ثمناً واحداً.
(د) يمكن لأصحاب الهمم العالية استخدام طريقة (فمي مشوق) وهي طريقة كان يستخدمها بعض مشايخ الإقراء في أرض الكنانة بحيث أن الحافظ يستطيع مراجـعـــة القرآن كاملاً في أسبوع واحد وبيانها كالتالي :
- الفاء من (فمي مشوق) للفاتحة والميم للمائدة والياء ليونس والميم لمريم والـشـيــن للشعراء والواو للصافات والقاف لسورة ق.
- فيكون المقدار في اليوم الأول من أول (الفاتحة) إلى أول (المائدة).
- وفي اليوم الثاني من أول (المائدة) إلى أول (يونس)
- وفي اليوم الثالث من أول (يونس) إلى أول (مريم).
- وفي اليوم الرابع من أول (مريم) إلى أول (الشعراء).
- وفي اليوم الخامس من أول (الشعراء) إلى أول (الصافات).
- وفي اليوم السادس من أول (الصافات) إلى أول (ق).
- وفي اليوم السابع من أول،(ق) إلى آخر المصحف الشريف.
(هـ) على من حفظ شيئاً من القرآن الكريم دون عشرة أجزاء أن لا يمر عليه خمـســة عشر يوماً دون إتمام مراجعته.
والله نسأل للجميع التوفيق والسداد.
motasem-sh
20-08-2005, 05:46 PM
الهوامش للباب السابق:
(1) سورة الكهف:110. (2) مسلم 2289/4 ح 2985. (3) سورة التوبة:6.
(4) سورة البقرة:2. (5) سورة البقرة:185. (6) البخاري مع الفتح 9/ 74 ح 5527.
(7) البخاري مع الفتح 9/ 74 ح 5528. (8) سورة ا لحجر:78. (9) مسلم 1/ 559 ح 817.
(10) الترمذي 5/ 75 ح 2915 وصححه الألباني في صحيح الجامع. 5/345 ح 6345.
(11) كوماوين : الكوماء من الابل عظيمة السنام طويلته، قاله ابن منظور في اللسان 12/ 529.
(12) مسلم 1/ 552 ح 803. (13) مسلم 1/ 553 ح 854.
(14) أبو داود 2/ 53 ح1464، وقال الألباني في صحيح أبي داود 275/1 ح 1350 "حسن صحيح ".
(15) مسلم 1 / 465 ح 673. (16) البخاري مع الفتح 8/ 691 ح 937 4.
(17) البخاري مع الفتح 9/ 100 ح 5059. (18) سورة فاطر:29.
(19) سورة ا لأعراف:204. (20) التذكار في أفضل الأذكار، 91.
(21) سورة النحل:89، قال ابن سعدي في تفسيره حولها 4/ 230 (وقوله : ((ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء)) في أصول الدين وفروعه وفي أحكام الدارين وكل ما يحتاج إليه العباد فهو مبين أتم تبيين بألفاظ واضحة ومعان جليلة). ولا يخفى أن السنة جاء الأمر بالأخذ بها في القرآن في نحو قوله تعالى في سورة الحشر (7) ((وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا))، فالعمل بها عمل بالقرآن.
(22) سورة القمر:17. (23) الجامع لأحكام القرآن 17/ 134.
(24) سورة العنكبوت:69. (25) مسلم 4/ 2547 ح 2699.
(26) تصحيفات المحدثين للعسكري 1/6 (27) المصدر السابق 1 / 7.
(28) البخاري مع الفتح 9/ 46 ح 5000. (29) فتح الباري 9 / 48.
(30) المسند بتحقيق شاكر 6/ 34، وقال الشيخ أحمد شاكر "إسناده صحيح ".
(31) انظر حديث أبي هريرة في البخاري مع الفتح 9/ 43 ح 4998.
(32) مسلم 4/ 1913 ح 2464. (33) سورة المزمل:4.
(34) سورة القيامة:16، وانظر في الشاهد منها هنا تفسير ابن كثير
(35) سورة الإسراء:106. (36) البخاري مع الفتح 9/91 ح 5046.
(37) فضائل القرآن لابن كثير (75).
(38) أحمد5/ 428، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 1/ 17.
(39) مسلم 3/1513 ح 1905. (40) تهذيب موعظة المؤمنين 1 / 75.
(41) أبو داود 4/ 350 ح 4090، وصححه الألباني في صحيح الجامع 4/ 114 ح 4187.
(42) مسلم1 /93 ح 91. (43) البخاري مع الفتح 9/ 79 ح 5031.
(44) قال ابن حجر في الفتح 9/ 81 تفصياً : أي تفلتاً وتخلصاً.
(45) البخاري مع الفتح 9/ 79 ح 5532. (46) البخاري مع الفتح 9/ 79 ح 5033.
(47) أبو داود 2/ 116 ح 1394، وصححه الألباني في صحيح الجامع 6/ 242 ح 7620.
(48) ذكره ابن كثير في فضائل القرآن (80 ) وقال صحيح.
(49) ذكره ابن حجر في الفتح 9/ 97 وقال هو عند سعيد ابن منصور بإسناد صحيح.
(50) انظر فضائل القرآن لابن كثير 82.
(51) الترمذي 5/ 197 ح 2947 وحسنه الألباني في صحيح الجامع 1/ 37 ح 1165
(52) انظر جامع الترمذي 5/ 197. (53) فضائل القرآن لابن كثير 70.
(54) الترمذي 5/ 377 ح 3252، وحسنه الألباني في صحيح الجامع 4/ 240 ح 7609
(55) سورة الشورى:30. (56) فضائل القرآن (70). (57) فتح الباري 9 / 86.
(58) المصدر السابق 9/ 86. (59) المصدر السابق 9/ 86، وقال ابن حجر " وإسناده جيد".
(60) سورة طه:124 -126. (61) فضائل القرآن لابن كثير(69).
* التقسيم المشهور في المصحف العثماني أن يقسم المصحف إلى ثلاثين جزءا، ويقسم الجزء إلى حزبين والحزب إلى أربعة أرباع، فيكون الجزء ثمانية أرباع
يرجى عدم الرد
motasem-sh
20-08-2005, 05:47 PM
الباب السابع - أخلاق أهل القرآن - الشيخ فائز شيخ الزور
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين . .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. أما بعد
قال الله تعالى : " إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا "
سئلت أم المؤمنين السيدة عائشة الصديقة بنت الصديق ـ رضي الله عنها وعن أبيها ـ عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : ( كان خلقه القرآن ) .
قـال بشر بن الحارث : سمعت عيسى بن يونس ( ت 187 هـ ) يقول :
إذا ختـمَ العبدُ قبّـل الملَك بين عينيـه ، فينبغي له أن يـجعلَ القرآن ربيعـاً لقلبه ، يَعْمُـرُ ماخرِبَ من قلبِـهِ ، يتـأدبُ بـآدابِ القرآن ،ويتخلّـقُ بأخلاقٍ شريفةٍ يتميّـز بـها عن سائرِ النّاس ممن لايقرأ القرآن .
فـأول ماينبغـي له أن يستعملَ تقوى الله في السّـرّ والعلانية : باستعمال الورع في مطعمـه ومشربه ومكسبـه ، وأن يكونَ بصيـراً بزمانه وفساد أهلـه ، فهو يـحذرهـم على دينـه ؛ مقبلاً على شـأنه ، مهموماً بـإصلاح مافسد من أمره ، حافظـاً للسانـه ، مميِّـزاً لكلامه ؛ إن تـكلّم تكـلّم بعـلم إذا رأى الكلامَ صواباً ، وإن سكت سكت بعلـم إذا كان السكوت صـواباً ، قليـلَ الـخوض فيمـا لايعنيـه : يـخاف من لسانه أشدّ ممـا يـخاف من عدوّه ، يـحبس لسانـه كـحبسه لعدوّه ، ليـأمن شـرّه وسوءَ عاقبتِـه ؛ قليلَ الضّـحك فيما يضـحك منه النّـاس لسـوء عاقبـة الضّـحك ، إن سُـرَّ بشـيءٍ مما يوافقُ الـحقَّ تبسَّـم ، يـكره الـمزاح خوفـاً من اللعب ، فـإن مـزح قال حقـاً ، باسطَ الـوجه ، طيّـب الكلام ، لايـمدحُ نفسه بـما فيه ، فكيف بـما ليس فيـه ، يـحذر من نفسه أن تـغلبـه على ما تهوى مما يُسـخط مولاه ، ولايغتـابُ أحداً ولايحقر أحداً ، ولايشمـت بـمصيبة ، ولايبغي على أحـد ، ولايـحسده ، ولايسـيءُ الظـنّ بـأحدٍ إلا بـمن يستحق ؛ وأن يكون حافظـاً لـجميع جوارحـه عمّـا نُهـي عنه ، يـجتهد ليسـلمَ النّـاسُ من لسانه ويده ، لايظلم وإن ظُلـم عفـا ، لايبغي على أحد ، وإن بُغـي عليه صبـر ، يكظم غيظـه ليرضـي ربّـه ، ويغيظَ عدوّه . وأن يكون متواضعاً في نفسه ، إذا قيـل له الـحق قَبِـله من صغيـرٍ أو كبير ، يطلب الرفعـة من الله تعالى لامن الـمخلوقين .
وينبغي أن لايتـأكلَ بـالقرآن ولايـحبّ أن تُقضى له به الـحوائج ، ولايسعى بـه إلى أبناء الـملوك ، ولايـجالس الأغنياء ليكرموه ، إن وُسِّـع عليـه وسَّـع ، وإن أمسِـك عليه أمسَك . وأن يُـلزم نفسه بِـرَّ والديه : فيخفضُ لهما جناحـه ، ويخفصُ لصوتهما صوتـه ، ويبذل لهما ماله ، ويشكر لهما عند الكبـر . وأن يـصلَ الرحم ويكره القطيعـة ، مَن قطعه لـم يقطعـه ، ومن عصى الله فيه أطاع الله فيه ، مَن صحِبـه نفعـه ، وأن يكون حسن الـمجالسة لمن جالس ، إن علّـم غيره رفق بـه ، لايعنّف من أخطأ ولايـخجله ، وهو رفيقٌ في أموره ، صبورٌ على تعليـم الخير ، يـأنس بـه المتعلـم ، ويفرح به المـجالس ، مـجالسته تفيد خيـراً .
عن عبد الله بن عمـر – رضي الله عنهما - : " كنّا صدرَ هذه الأمّـة ، وكان الرجـل من خيـار أصـحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مامعـه إلا السّـورة من القرآن أو شبـه ذلك ؛ وكان القرآن ثقيـلاً عليهم ، ورُزقوا العمـل بـه . وإنّ آخـر هذه الأمّـة يُخفّف عليهم القرآن حتّى يقـرأ الصّبـيّ والأعجمـيّ ، فلايعملون بـه " .
وعـن مجاهد – رضي الله عنه _ في قـوله تعـالى " يتلونـه حـقّ تلاوتـه " : " يعملون بـه حـقَّ عملـه " .
وعن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه - : " ينبغـي لـحامل القرآن أن يُعرف بليلـه إذا النـاسُ نـائمون ، وبنـهاره إذا النـاسُ مُفطرون ، وبـورعه إذا النـاس يـخلطون ، وبتواضعـه إذا النـاسُ يـختالون ، وبـحزنه إذا النـاسُ يفرحون ، وببكائـه إذا النـاسُ يضحكون ، وبصـمته إذا النـاسُ يـخوضون " .
وعن الفضيل بن عيـاض – رحمه الله تعالى - : " حـامل القرآن حـامل رايةِ الإسلام .. لايينبغي لـه أن يلغـو مع مـن يـلغو ، ولايسهـو مع مـن يسهـو ، ولايلهـو مع مَن يلهـو "
جعلنا الله تعالى ممن يتأدب بآداب القرآن ، ويتخلق بأخلاقه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
motasem-sh
20-08-2005, 05:49 PM
الباب الثامن - لم لا تنال الشرف والرفعة ؟ - الشيخ محمد السويئم
نعم لم لا تنال الشرف و الرفعة ؟!
بل و العز في الدنيا .. و المكانة العالية في الجنة.. لِمَ لا تحرص على حفظ كتاب الله ؟!!
لِمَ لا تسعى إلى إتقانه و ضبطه ؟!!
لِمَ تتكاسل و تتقاعس عنه ؟!
ألهذا الحد بلغ منك الكسل و الدعة إلى تركه و الزهد عنه ؟ّ!
الله أكبر .. ألم تحلم ولو يوماًُ في أن تكون من حملة هذا الكتاب العظيم ؟!!
كم لك من الأجور .. وكم لك من الثواب .. بل وكم و كم من الحسنات تكسبها بمجرد أن تحفظ هذا الكتاب الكريم
لعلي أذكر لك بعضاً من فضائله و شيئاً مما يُعطاه حامله..
أولاً / رفع الدرجات في الجنة:
عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (يقال لصاحب القرآن قرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها)"رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه الألباني"
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:(الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق فله أجران)"متفق عليه"
ثانياً/ الفوز بالشفاعة:
فعن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال:سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول :(اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه)"رواه مسلم"
ثالثاً/ القرب من الله :
فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:( إن لله أهلين من الناس). فقيل: من أهل الله منهم؟ قال: (أهل القرآن هم أهل الله وخاصته)"رواه الإمام أحمد وابن ماجه وصححه الألباني"
رابعاً/ الفوز برضى الله تبارك وتعالى :
فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- :(يجيء القرآن يوم القيامة فيقول: ياربِّ حلّه، فيلبس تاج الكرامة، ثم يقول: ياربِّ زده. فيلبس حُلة الكرامة. ثم يقول: ياربِّ ارض عنه. فيرضى عنه. فيقال له: اقرأ وارق وتزاد بكلِّ آية حسنة)"رواه الترمذي والحاكم وحسنه الألباني"
إذن
فسابق أخي .. واجتهد .. و خذ الأمر بعزيمة لا تقبل الركون و الدعة
وهيا فلتبدأ بصدق نية و إخلاص لله عز و جل..
وبعد هذه الكلمات اليسيرة ..
إسأل نفسك.. لم لا أكون من حفاظ كتاب الله ؟!!
motasem-sh
20-08-2005, 05:50 PM
الرجاء عدم الرد
الباب الثامن - لماذا نحفظ القرآن - الشيخ محمد صالح المنجد
1- التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم : فقد كان عليه الصلاة والسلام يحفظه، ويراجعه مع جبريل عليه السلام ومع بعض أصحابه.
2- التأسي بالسلف: قال ابن عبد البر: (طلب العلم درجات ورتب لا ينبغي تعديها، ومن تعداها جملة فقد تعدى سبيل السلف رحمهم الله، فأول العلم حفظ كتاب الله عز وجل وتفهمه... ا هـ )
3- حفظه ميسر للناس كلهم، ولا علاقة له بالذكاء أو العمر، فقد حفظه الكثيرون على كبر سنهم. بل حفظه الأعاجم الذين لا يتكلمون العربية، فضلاً عن الأطفال.
4- حفظ القرآن مشروع لا يعرف الفشل ... كيف؟!حين يبدأ المسلم بحفظ القرآن الكريم بعزيمة قوية ثم يدب إليه الكسل والخمول فينقطع عن مواصلة الحفظ، فإن القدر الذي حفظه منه لا يضيع سدى، بل إنه لو لم يحفظ شيئاً فإنه لن يحرم أجر التلاوة، فكل حرف بعشر حسنات.
5- حملة القرآن هم أهل الله وخاصته كما في الحديث، وكفى بهذا شرفاً.
6- حامل القرآن يستحق التكريم، ففي الحديث (إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه ... الحديث) فأين المشمرون؟
7- الغبطة الحقيقية تكون في القرآن وحفظه، ففي الحديث (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله الكتاب وقام به آناء الليل ... الحديث).
8- حفظ القرآن وتعلمه خير من متاع الدنيا، ففي الحديث (أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين، وثلاث خير من ثلاث، وأربع خير من أربع ومن أعدادهن من الإبل) وتذكر أن الإبل في ذلك الزمان أنفس المال وأغلاه.
9- حافظ القرآن هو أولى الناس بالإمامة، ففي الحديث (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله) وتذكر أن الصلاة عمود الدين وثاني أركان الإسلام.
10- حفظ القرآن الكريم رفعة في الدنيا والآخرة، ففي الحديث (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين).
11- حافظ القرآن يقدم في قبره، فبعد معركة أحد وعند دفن الشهداء كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع الرجلين في قبر واحد ويقدم أكثرهم حفظاً.
12- وفي يوم القيامة يشفع القرآن لأهله وحملته، وشفاعته مقبولة عند الله تعالى، ففي الحديث (اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه). فهنيئاً لمن يشفع له هذا الكتاب العظيم في ذلك اليوم العصيب.
13- حفظ القرآن سبب للنجاة من النار، ففي الحديث (لو جعل القرآن في إهاب ثم ألقي في النار ما احترق) رواه أحمد وغيره. ويقول أبو أمامة: إن الله لا يعذب بالنار قلباً وعى القرآن.
14- إن حفظه رفعة في درجات الجنة، ففي الحديث (يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارقى ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها). قال ابن حجر الهيتمي: الخبر خاص بمن يحفظه عن ظهر قلب، لأن مجرد القراءة في الخط لا يختلف الناس فيها.
15- حافظ القرآن مع السفرة الكرام البررة، ففي الحديث – واللفظ للبخاري - : (مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة) فيا له من شرف أن تكون مع من قال الله فيهم { فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ } (عبس من الآية 13 :16) .
16- حافظ القرآن أكثر الناس تلاوة له، فحفظه يستلزم القراءة المكررة، وتثبيته يحتاج إلى مراجعة دائمة، وفي الحديث (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها).
17- حافظ القرآن يقرأ في كل أحواله، فبإمكانه أن يقرأ وهو يعمل أو يقود سيارته أو في الظلام، ويقرأ ما شياً ومستلقياً، فهل يستطيع غير الحافظ أن يفعل ذلك؟
18- حافظ القرآن لا يعوزه الاستشهاد بآيات القرآن الكريم في حديثه وخطبه ومواعظه وتدريسه، أما غير الحافظ فكم يعاني عند الحاجة إلى الاستشهاد بآية، أو معرفة موضعها.
فهل بعد هذا نزهد في حفظ ما نستطيع من كتاب الله ؟!
الباب التاسع - برنامج عملي لحفظ القرآن
نوع البرنامج
العمل المطلوب
الزمن التقديري
ملاحظات
البرنامج اليومي
1- حفظ صفحة واحدة يوميا
60 دقيقة
نصف صفحة بعد الفجر ونصف صفحة في المساء
2- مراجعة الصفحات الخمس السابقة لصفحة الحفظ غيبا .
20 دقيقة
3- الالتزام بقراءة المحفوظ في الصلوات والنوافل
البرنامج الأسبوعي
في كل جمعة يراجع الجزء الذي تم حفظه خلال الأسبوع .
يمكن تخصيص يوم إجازة مثل الخميس او أي يوم منتصف الأسبوع دون أن يؤثر ذلك على برنامج الحفظ .
المحصلة : إذا التزم القارئ بالبرنامج السابق بدقة وانتظام ، مع التعويض عن كل واجب يفوته فإنه سيحفظ القرآن كاملا بإذن الله خلال سنتين ونصف .
motasem-sh
20-08-2005, 05:55 PM
الباب العاشر - برنامج احتساب مدة حفظ القرآن الكريم اعتمادا على قدرة الحفظ اليومي للآيات
إضافة عملية ميسرة لتمهيد الطريق الطويل إلى الجنة ؟
إذا حفظت من القرآن الكريم في اليوم ( آية واحدة فقط ) تحفظ القرآن كله
في مدة 17 سنة و7 أشهر و9 أيام
وإذا حفظت في اليوم 2 آية تحفظه في 8 سنوات و9 أشهر و18 يوماً
وإذا حفظت في اليوم 3 آيات تحفظ القرآن في 5 سنوات و10 اشهر و13 يوماً
وإذا حفظت في اليوم 4 آيات تحفظ القرآن في 4 سنوات و 4 اشهر و 24 يوماً
وإذا حفظت في اليوم 5 آيات تحفظ القرآن في 3 سنوات و6 اشهر و 7 أيام
وإذا حفظت في اليوم 6 آيات تحفظ القرآن في 2 سنتين و 11 شهرا و 4 أيام
وإذا حفظت في اليوم 7 آيات تحفظ القرآن في 2 سنتين و 6 اشهر و 3 أيام
وإذا حفظت في اليوم 8 آيات تحفظ القرآن في 2 سنتين و 2 شهر و 12 يوماً
وإذا حفظت في اليوم 9 آيات تحفظ القرآن في 1 سنة و 11 شهراً و 12 يوماً
وإذا حفظت في اليوم 10 آيات تحفظ القرآن في 1 سنة و 9 أشهر و 3 أيام
وإذا حفظت في اليوم 11 آية تحفظ القرآن في 1 سنة و 7 أشهر و 6 أيام
وإذا حفظت في اليوم 12 آية تحفظ القرآن في 1 سنة و 5 أشهر و 15 يوما
وإذا حفظت في اليوم 13 آية تحفظ القرآن في 1 سنة و 4 أشهر و 6 يوما
وإذا حفظت في اليوم 14 آية تحفظ القرآن في 1 سنة و 3 أشهر فقط 0
وإذا حفظت في اليوم 15 آية تحفظ القرآن في 1 سنة و 2 شهر و 1 يوماً
وإذا حفظت في اليوم 16 آية تحفظ القرآن في 1 سنة و 1 شهر و 6 أيام
وإذا حفظت في اليوم 17 آية تحفظ القرآن في 1 سنة و 10 أيام0
وإذا حفظت في اليوم 18 آية تحفظ القرآن في 11 شهر و 19 يوماً
وإذا حفظت في اليوم 19 آية تحفظ القرآن في 11 شهر و 1 يوماً0
وإذا حفظت في اليوم 20 آية تحفظ القرآن في 10 شهر و 16 يوماً
وإذا حفظت في اليوم 1 وجه تحفظ القرآن .. في 1 سنة و8 شهر و12 يوماُ
وإذا حفظت في اليوم 2 وجه تحفظ القرآن .. في 10 أشهر و 6 أيام فقط
لا تنسى أن كل حرف تنطقه عند قراءة القرآن الكريم بحسنة ، وتكتب عشر
حسنات ! .. ففي ( بسم الله الرحمن الرحيم ) مثلاً 19 حرفاً .. تحتسب
بـ 190 حسنة ! .. فقط عند التسمية 190 حسنة .. فكيف بالآيات ، والتكرار
التلقائي مع الحفظ وبعد الحفظ ؟. ( حقاً فرصة العمر ) .. لأن بعض
الموازين يوم الحساب قـد لا تحتاج إلا لحسنة واحدة لتترجح كفة حسناتها
على كفة سيئاتها فينفتح الطريق بفضل الله ورحمته إلى الجنة ! . لا
حرمنا الله الطريق الآمن إليها . رزقنا الله جميعاً عونه وتوفيقه
والصدق والإخلاص والقبول ، وحسن العاقبة .. اللهم آمين
الباب الحادي عشر -
قمت في هذ الباب بوضع عدد من الروابط لعدد من الكتب الأمور التي تهم القارىء والحافظ كمتن الشاطبية مثلا والتي أنشدها القارىء مشاري بن راشد العفاسي كما قمت بوضع شرحها حتى يتسنا لسامعها وقارئها فهمها أرجو من الله أن تنفعنا . ( يمكنك تحميل الملف بالضغط على اسم الملف فقط )
الشاطبية (http://www.qurankareem.info/a/shatebeyah.zip) ويحتوي على النص الكامل لمتن الشاطبية في القراءات السبع .****
**** شرح الشاطبية (http://www.qurankareem.info/a/shrhSHATEBEYAH.ZIP) - هذا كتاب شرح الشاطبية المسمى: إبراز المعاني من حرز الأماني في القراءات السبع ، للإمام الشاطبي المتوفي سنة 590هـ ، تأليف : الإمام : عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم ، المعروف بـ : أبي شامة، المتوفي سنة 665هـ. (هو عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي شهاب الدين المعروف بأبي شامة، لشامة كبيرة كانت فوق حاجبة الأيسر، شيخ الإقراء في زمانه، وحافظ العلماء، توفي سنة 665هـ. انظر ترجمته في شذرات الذهب 5/318).
**** مفردات ألفاظ القرآن الكريم - للأصفهاني (http://www.qurankareem.info/a/Asfahany.zip)- قال مؤلفه : "وقد استخرت الله تعالى في إملاء كتاب مستوف فيه مفردات ألفاظ القرآن على حروف التهجي، فنقدم ما أوله الألف، ثم الباء على ترتيب حروف المعجم، معتبرا فيه أوائل حروفه الأصلية دون الزوائد، والإشارة فيه إلى المناسبات التي يبين الألفاظ المستعارات منها والمشتقات حسبما يحتمل التوسع في هذا الكتاب".
**** نص القرآن الكريم بالرسم العثماني (http://qurankareem.info/a/othmanyQuran.zip)ويحتوي على مصحف كامل بالرسم العثماني - وليس الإملائي - بما وهو يوافق مصحف المدينة النبوية (http://www.qurancomplex.com/)من حيث الرسم والضبط وعلامات الوقف ، وهو رائع في البحوث والكتب التي تستشهد كثيرا بالآيات القرآنية عند الذين يكتبون على برنامج وورد حيث يمكن النسخ واللصق والتحرير والتكبير والتصغير وغير ذلك، وهذا النص مجلوب بواسطة برنامج مصحف النشر المكتبي لدي شركة حرف (http://www.harf.com/)، ويجب تركيب الخطوط العثمانية (file:///C:/Documents%20and%20Settings/motasem/Desktop/a/OthmanyFonts.zip) الموجودة في الرابط التالي وهي مهمة جدا ، وبدون تركيب هذه الخطوط لن يظهر النص سليما في برنامج وورد.
**** الخطوط العثمانية (http://qurankareem.info/a/OthmanyFonts.zip)من هنا يمكنك تحميل الخطوط العثمانية.
**** بعض فضائل القرآن الكريم (http://www.qurankareem.info/a/fadhaylqur.zip)ويحتوي على آيات كريمة وأحاديث شريفة توضح وتبين بعض فضائل القرآن الكريم.
انتهى الموضوع
أعرف أنني أطلت الموضوع كثيرا ولكن بيان أهمية الحفظ و الطرق المثلى له تحتاج لهذا الشرح والتفصيل .
أرجوكم اعذروني .....
أرجو قراءة الموضوع بتروي مع أنه طويل ويمكنك تقسيمه على دفعات ...
أرجو تثبيت الموضوع لأنه برأيي مهم ... سواء في منتدى التسجيلات أو المنتدى العام
في انتظار ردودكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم في الله motasem - sh
أبو البراء
20-08-2005, 07:49 PM
بارك الله فيك ويتضح تعبك في الموضوع لكن إن أردت مرة أخرى وضع موضوع كهذا في الطول فعليك إخباري قبل كتابته لأوفر لك خدمة تساعد في جعل الموضوع أكثر تناسقا.
motasem-sh
21-08-2005, 12:06 AM
بارك الله فيك ويتضح تعبك في الموضوع لكن إن أردت مرة أخرى وضع موضوع كهذا في الطول فعليك إخباري قبل كتابته لأوفر لك خدمة تساعد في جعل الموضوع أكثر تناسقا.
مشكور أخي أبو البراء .....
لكن هل يمكن إعطائي هذه الخدمة وأنا مستعد إنو عيد الموضوع بشكل كامل عندي نسخة منه ولن أتعذب مرة أخرى
أرجو منك توفير هذه الخدمة لي لأنه يهمني أن يكون الموضوع أكثر تناسقا مثل ماقلت ... ;)
أبو البراء
21-08-2005, 09:04 AM
تابع الرسائل الخاصة كما أن الكلام لجميع الأعضاء من أراد منهم كتابة موضوع طويل كهذا يتعدى العشرين ألف حرف.
motasem-sh
21-08-2005, 03:21 PM
مشكور أخي أبو البراء عذبتك معي.....
أبو البراء
21-08-2005, 04:28 PM
لا يوجد تعب بارك الله فيك بل والله إنها راحتي.
جميع حقوق برمجة vBulletin محفوظة ©2025 ,لدى مؤسسة Jelsoft المحدودة.
جميع المواضيع و المشاركات المطروحة من الاعضاء لا تعبر بالضرورة عن رأي أصحاب شبكة المنتدى .