ALcATRAZ
20-08-2005, 10:15 PM
هناك مدرسة طبية قديمة ترى أن المرض هو "نتيجة محاولة فاشلة للتكيف مع التغيرات القاسية" وحالياً أصبح واضحاً وجود علاقة بين المرض و"موقف معيشي متغير وصعب" ففي المواقف المهددة مثلاً لا تستجيب الأوعية الدموية في الجلد للإفرازات الاعتيادية الأمر الذي قد يسبب الأمراض الجلدية في الحالات المتكررة.. أيضا قد يصاب القلب وتتقرح المعدة إذا تكررت المواقف المهددة فيتصرف الجسم كما لو كان يستعد لاتخاذ موقف خطير فعلاً، أضف إلى ذلك لم يعد غريباً أن يصاب الموظفون بالشيخوخة المبكرة حال تقاعدهم رغم الفكرة السائدة بأن التقاعد المبكر راحة للجسم وسلامة من الارهاق، ومن الملاحظ ايضا ان الأزواج يموتون بنسبة أكبر قبل مرور سنة على موت زوجاتهم، وتزداد نسبة الأزمات القلبية وجلطات الدماغ للأثرياء بعد حالات الإفلاس والانهيار التجاري، وحين يشعر المرء أن هيبته في خطر أو أن مركزه الاجتماعي مهدد تستجيب الغدد الصماء (النخامية والدرقية..) كما لو أن الانسان يمر بمصائب محسوسة، كالحروب والمجاعة أو التعذيب..
بعد كل هذه الشواهد يصبح من غير الجائز إرجاع "المرض" إلى عامل واحد فقط.. فهناك احتمال كبير بأن تلعب الظروف القهرية دوراً أكثر خطورة من السبب المباشر للمرض نفسه.. وعليه قد يكون من الصواب أكثر محاولة التوفيق بين الواقع الاجتماعي والمسبب العضوي (مثل القول إن الجرثومة المعنية تسبب المرض الفلاني - فقط في حالة توفر الظروف السلبية الملائمة)؟!
وحسب علمي هناك دلائل تاريخية كثيرة تصب في هذا الاتجاه، فعلى سبيل المثال اقترن ارتفاع نسبة مرض السل في أوروبا بزيادة وتيرة التصنيع خلال القرن التاسع عشر، كما لوحظ ازدياد نسبة أمراض معينة بعد الحروب حين يتولد تغير اجتماعي واقتصادي عنيف يطال عامة الشعب، فخلال العام الأول لغزو النرويج أثناء الحرب العالمية الثانية زادت الاصابة بتضخم الدرقية بنسبة مائة في المائة، ومن اليابان تشير الدلائل إلى أن الذين خبروا كارثة القنبلة النووية - ولكن لم تصبهم أضرارها بشكل مباشر - كانت أعمارهم أقصر من غيرهم وماتوا كما يقول العامة "من اللي شافوه".
ولكن من جهة أخرى يجب أن نفرق بين المؤثرات النفسية - وتلك الحركية -.. فالمؤثرات النفسية تؤثر سلبا على مناعة الجسم إن كانت هي نفسها سالبة (مقلقة أو محزنة أو مهددة) في حين أن المؤثرات الحركية (كالرياضة وممارسة الهوايات) لها تأثير ايجابي وطيب على مقاومة الجسم للأمراض، ومن التجارب التي أجريت في مختبر كييف لمكافحة الشيخوخة أخضعت زمرتان من الفئران لنظام حياتي مختلف.. الأولى قيدت حركتها بشكل صارم، والأخرى ترك لها حرية الحركة واللعب، وبعد عدة أسابيع قل تناول الزمرة الأولى للغذاء، وضمرت عضلاتها، وظهرت عليها آثار الشيخوخة المبكرة وأصبح مسلكها رديئاً.. وبالمقابل أبدت الزمرة الثانية حيوية أكبر وصحة أوفر وتبين أنها عاشت فترة أطول من فئران الفئة الأخرى بنسبة (27%).
على أي حال دعوني أذكركم بأصل الموضوع وأقول باختصار: بأن الأمور التي اعتادها الانسان - حتى وإن كان بعضها غير صحي تماما - إلا أنها أقل مدعاة للاضطراب وظهور الأمراض من التغيرات الطارئة والمفاجئة.
مقال منقول بتصرف...للكاتب القدير فهد الأحمدي
بعد كل هذه الشواهد يصبح من غير الجائز إرجاع "المرض" إلى عامل واحد فقط.. فهناك احتمال كبير بأن تلعب الظروف القهرية دوراً أكثر خطورة من السبب المباشر للمرض نفسه.. وعليه قد يكون من الصواب أكثر محاولة التوفيق بين الواقع الاجتماعي والمسبب العضوي (مثل القول إن الجرثومة المعنية تسبب المرض الفلاني - فقط في حالة توفر الظروف السلبية الملائمة)؟!
وحسب علمي هناك دلائل تاريخية كثيرة تصب في هذا الاتجاه، فعلى سبيل المثال اقترن ارتفاع نسبة مرض السل في أوروبا بزيادة وتيرة التصنيع خلال القرن التاسع عشر، كما لوحظ ازدياد نسبة أمراض معينة بعد الحروب حين يتولد تغير اجتماعي واقتصادي عنيف يطال عامة الشعب، فخلال العام الأول لغزو النرويج أثناء الحرب العالمية الثانية زادت الاصابة بتضخم الدرقية بنسبة مائة في المائة، ومن اليابان تشير الدلائل إلى أن الذين خبروا كارثة القنبلة النووية - ولكن لم تصبهم أضرارها بشكل مباشر - كانت أعمارهم أقصر من غيرهم وماتوا كما يقول العامة "من اللي شافوه".
ولكن من جهة أخرى يجب أن نفرق بين المؤثرات النفسية - وتلك الحركية -.. فالمؤثرات النفسية تؤثر سلبا على مناعة الجسم إن كانت هي نفسها سالبة (مقلقة أو محزنة أو مهددة) في حين أن المؤثرات الحركية (كالرياضة وممارسة الهوايات) لها تأثير ايجابي وطيب على مقاومة الجسم للأمراض، ومن التجارب التي أجريت في مختبر كييف لمكافحة الشيخوخة أخضعت زمرتان من الفئران لنظام حياتي مختلف.. الأولى قيدت حركتها بشكل صارم، والأخرى ترك لها حرية الحركة واللعب، وبعد عدة أسابيع قل تناول الزمرة الأولى للغذاء، وضمرت عضلاتها، وظهرت عليها آثار الشيخوخة المبكرة وأصبح مسلكها رديئاً.. وبالمقابل أبدت الزمرة الثانية حيوية أكبر وصحة أوفر وتبين أنها عاشت فترة أطول من فئران الفئة الأخرى بنسبة (27%).
على أي حال دعوني أذكركم بأصل الموضوع وأقول باختصار: بأن الأمور التي اعتادها الانسان - حتى وإن كان بعضها غير صحي تماما - إلا أنها أقل مدعاة للاضطراب وظهور الأمراض من التغيرات الطارئة والمفاجئة.
مقال منقول بتصرف...للكاتب القدير فهد الأحمدي