المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (( التـنـاقـض )) .. سرطان ينخر جوف المجتمع السعودي



vex
30-08-2005, 08:37 PM
نحن السعوديين أكثر شعوب الأرض تناقضا على الإطلاق ؛ مما أورث كثيرا منا مشكلات نفسية وانهزاما داخليا
أمام الثقافات الأخرى ، وجعلنا في كثير من الأحوال عاجزين تماما عن الإجابة على السؤال الكبير : من نحن ؟

وماهويتنا الحقيقية ؟

إن هذا التناقض المخيف بين معتقداتنا التي نؤمن بها وواقعنا الذي نعيشه كارثة حقيقية تنتظر منا سعيا حثيثا

لتقليص الفجوة وردم الهوة ..

ولكي يكون الكلام مفهوما ؛ هب أن فتى يافعا نشأ في عمق المجتمع السعودي ودرس في مدارسه وتلقى النسق

الاجتماعي المتعارف عليه في الابتعاد عن سياج العلاقات المحرمة ولكنه مالبث أن فتح عينيه على المسلسلة و

(الفيلم) وهما يسوغان العلاقة المحرمة ويفرضان نمطا اجتماعيا غريبا لا يعرفه الفتى بل درس وتعلم أن هذا من

أكبر الكبائر!!! وفوق هذا استمع للأغنية وإذا بها تحثه وتزين له ماتعلم أنه محرم ... ماالذي ينتج لنا من هذا الشاب

سوى حطام حائر متناقض متهالك..؟ زد على ذلك أن هذا الفتى المسكين يقع ضحية لوسائل الإعلام التي تمجد

مايجرمه التعليم والمساجد والأسر المحافظة وتنصب قدوات للمجتمع من خليط مزعج من المغنين والساقطين

وتورد له أخبارا عن أحط أهل الأرض من ممثلي(هوليود) وشواذ(سوهو)في سياق الإعجاب والتنويه .. كيف

سيعيش هذا الفتى؟؟ وماذا لو انهار أمام هذا الضغط الهائل واقترف الفواحش ؟ هل سيرحمه المجتمع إذا انفضح

أمره؟ إننا نقترف جناية كبرى في حق هذا الجيل حينما نجعله نهبا لهذه الصراعات وهو غض طري العود ..

إنني قد لا ألوم بعض غلاة العصرانيين الذين سبب لهم هذا التناقض الغريب خللا في عقولهم واضطرابا في

نفسياتهم مما جعلهم يتفوهون بما لم يجرؤ أبو لهب وأبوجهل عليه ؛إنهم نتاج هذا التناقض الذي يتلجلج بين

الانتماء الحقيقي للإسلام والانجراف مع طغيان المادية المعاصرة حتى أورث بعض أبنائه هذه العاهات الفكرية

التي لا يجمعها خيط فكري منتظم سوى العداوة لهذا المجتمع ودينه..

إننا يجب أن نحزم أمرنا بين انتماء حقيقي للإسلام داخل البلد وخارجه .. على ملأ أو فرادى.. أمام المسلمين أو

أمام الكفار ..أوذوبان كامل في هذا العصر.

إن هذه الانهزامية التي نرى عليها بعض السعوديين الذين ينزعون عن زوجاتهم وبناتهم لباس الطهر والحياء

والعفة خارج البلاد ثم إذا عادوا التزموا به - مظهر آخر من مظاهر التناقض الرهيب الذي نعيشه .

خذ مثلا آخر .. انظر في كثير من مثقفينا وأدبائنا الذين تمجدهم الصحف باعتبارهم يمثلون المجتمع السعودي

والثقافة السعودية ؛ لن تجد في كثيرمما يكتبون تمثيلا حقيقيا للمجتمع للسعودي .. بل سترى مجتمعا مصنوعا

يتزينون به أمام المثقفين العرب والأجانب يلتقي فيه النساء والرجال علنا في أماكن عامة ويعيش فيه الناس كما

يعيش الآخرون في أي مجتمع متحرر!!!(انظر -مثلا-:كتابات: سميرة بنت الجزيرة،تركي الحمد،عبدالله الجفري،رجاء

عالم..وهلم شرا) ولا أدري ماالعيب في هذا المجتمع حتى يستنكف كثير من المثقفين عن تقديمه للعالم !!!!

إنني أعزو كثيرا من الضعف الفكري والخواء الذي يعتري مشاركات بعض السعوديين في البرامج المباشرة إلى أن

هذا المشارك ضحية لهذا المجتمع الذي لم يحزم أمره في تحديد هويته وقوة موقفه في الانتماء لهذا الدين مع أنه

ينبغي أن يكون خلاف ذلك تماما؛ فهو يمثل بلاد الحرمين بكل زخمها القيمي وهو ابن للجيل الذي رباه الملك

المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود غفرالله له على الانتماء الراسخ لهذا الدين دون تردد أوضعف ..

إن حياتنا يجب أن تتكامل ؛ فما ندرسه في المدارس والجامعات وما نتلقاه في المساجد وما نتعارف عليه في

مجتمعاتنا وما يُعرض في وسائل إعلامنا وما يكتبه مثقفونا ومانخرج به للعالم واجهة حضارية لنا يجب وجوبا

قاطعا أن يكون متكاملا غير متناقض .. وإن لم نفعل فسنفقد أجيالنا في سراديب الحضارات ولن نكون شيئا

مذكورا .


أظن الداء كامنا في الإعلام الذي يعلب المشاعر ويقلب الحقائق .. وأكثر الناس تغلب عليهم ذهنية التلقي المطلق لمايعرض عليهم في وسائل الإعلام دون تمحيص ونقد .. ولهذا فالإعلام يشوه الواقع أمام الغرباء من جهة .. وهو من جهة يوجد هذا التناقض القاتل في نفوس الناس من خلال التأثير المباشر وغير المباشر.. ولهذا كله فإن دوائر التأثير وصناعة القرار في العالم الغربي المسيطر تهتم كثيرا بوسائل الإعلام في العالم الإسلامي وتحرص أن يتولاها من لايحمل استقلالا في فكره أو تميزا في علمه .. المهم أن يكون عبثي النزعة غربي الهوى.. ويمكنك أن تنظر في بعض الصحف التي يتولى رئاسة تحريرها أنصاف متعلمين ممن كان في أول أمره محررا رياضيا لا يفقه من الدنيا سوى (التسلل والهجمة المرتدة) وإذا به بين عشية وضحاها مفكر ومنظر ورئيس تحرير صحيفة كبرى !!! إن الإعلام يتحمل وزر هذا التناقض الكبير دون تقليل من أثر عوامل أخرى ..

شكرا لكم من الأعماق