المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماذا بعد الله .... وما هي حدوده



شويعر
08-09-2005, 07:35 PM
ربما حين يقرأ أحدكم هذا العنوان

يستعجب كثيراً

وسيرميني بالسباب واللعن ... وينعتني بالكفر كما يظن

لا والله ... أبداً

أشهد أن لا إله إلا هو الحق الواحد الجبار
ورسوله الأمي النبي الكريم الآخر المغوار

ولكن ...

وعلى طريق حياتي الطويلة

يتراود هذا السؤال أمامي

مراراً وتكراراً

فيوم سألني أخي الصغير

بهتّ.. واندهشت كثيراً

وما عدت أعرف ماذا أقول

فحين يسأل مثل هذا السؤال

طفل

وهذا الطفل البرئ يجهل تماماً

ولا يدرك أي معنى للكفر

فبالتأكيد سؤاله هذا

نابعٌ عن فكر معرفي فضولي بريئ

الفضول الطفولي

ولكن عقله الصغير

كان سهلاً للهروب بكل بساطة من الإجابة

***

ولكن هذا السؤال اللعين لم يفارقني أيضاً

لقد عاد يراودني مرة أخرى

حينما كنا في الفصل أنا وأصحابي

في الصف الثالث الابتدائي

وكل البراءة تشع من عيوننا

حينما سأل أحد أصدقائي المعلمة

(( أبلة .. شنوا فيه بعد الله ؟؟؟ ))

ولكن الولد المسكين لم يتلقى

غير اللكمة والرفسة والشلوت ....

رداً على سؤاله !!!

ولن أكذبكم الأمر إذا قلت

(( أنني كنت أود معرفة الإجابة ..)

ثم انتشرت في أنحاء المدرسة الفكرة بين الطلاب

ولكنهك جميعاً لم يجرؤوا أو يفكروا حتى ... في السؤال

بعد ما رأوه في وجه زميلهم الطفل البريء

قبل أن يفصل من المدرسة !!!

***

وتمر الأيام

وألتحق بالمرحلة المتوسطة (( الإعدادية ))

التي تكتظ بالمعلمين بدلاً من المعلمات الرقيقات

وفي حصة التربية الإسلامية

وقد كان معلمنا هو المدرس الأول للقسم

يشرح درس عن

عظمة خلق الله تعالى في الكون والبشر

حينما قام الطالب ...

الأكثر تهذيباً في فصول الثاني المتوسط كلها

ليستأذن الأستاذ بالس

فسمح له المعلم

وظل الفتى يتلعثم

إلى أن هدأ قليلاً ثم قال :

(( همممممم .. أستاذي .. يراودني سؤال غريب جداً وأود له جواباً .. وأرجوك ألا تخذلني ))

(( تفضل يا حبيبي .. تفضل .. قول ما بدك تقول ))

(( أستاذي العزيز .. ما .. ماذا بعد الله ))

وهنا بهت المدرس الأول

كما بهت مع أخي الصغير من قبل

واصفر وجهه .. واحمر

فهذا الطالب هو أحد أهذب طلاب المدرسة على الإطلاق

وحين يسأل ..

فيجب أن يجد جواباً لتساؤلاته

ويجب أن يجدها الوافية الكافية

فقال المعلم :

(( أستغفر الله العظيم .. أستغفر الله العظيم .. اجلس .. اجلس قبل أن أغير رأيي فيك وفي أخلاقك .. ))

فجلس الشاب .. في حينها

وهنا قام الطالب .. المتهور

المتسرع في كل أفعاله

الذي نشهد له جميعاً بالبغضاء والكره

وبدون استئذان

(( ليش ما تجاوب على السؤال .. ها .. ايه لأنك ما تعرف إجابة .. انت .......... ))

وهنا أمسك المعلم بهذا الطالب من قميصه ..

حتى كاد القميص يحترق في يده .. وذهب به لخارج الفصل

ولم يعد أي منهما حتى نهاية الحصة

وكل من الطلاب يود أن

يعرف ماذا جرى في الخارج

((وإجابة السؤال بينه وبين نفسه ))

ولكني كنت أعرف أن المعلم اتخذ من هذا الطالب المتهور

طوق النجاة من هذا السؤال الصعب

وظل الصف صامتاً مبهتاً هائماً في أفكاره

مع أننا كنا معتادين بين الحصص أن نرمي

بعضنا البعض بالعصائر

إلا أننا صرنا ..

كالأصنام الحجرية ..

لا نصدر أي أصوات ..

ولا نفع لنا ولا ضر .. !!!!!

***

وتمر الأيام

وأنا أحرز مراكزاً رائعة في دراستي الإعدادية (( المتوسطة ))

ثم ألتحق بالمرحلة الثانوية

التي كانت برأيي الحياة الحقيقية

حياة الرجال الكبار ..

ثم أدخل الصف الجديد في العام الجديد

وأسبق الآخرين في الحصول على الطاولة الأولى

الأقرب للمعلم

إلا أن طولي كان يمنعني أحياني

ويحدث المشاكل

ثم يدخل علينا معلم التربية الإسلامية

في الحصة الثانية

ويعرفنا عليه ...

ونحن كعادتنا نكره معلمين التربية الإسلامية

ولكن هذا .. كان مختلفاً تماماً

لقد كنا نلتفت حوله في كل فرصة (( وقت الاستراحة ))

ونظل نتكلم ونتسامر ونتعلم منه الكثير

وهو كان لا يبخل أبداً

لقد كان قريباً جداً إلينا

وكان يتحدث معنا في أدق التفاصيل والأشياء

.........................

نعم ..

ولهذا كان مختلفاً تماماً

فهو يعطينا كل ما نريده من معلومات بالطريق والمنهج الصحيح

ويأتي ذلك اليوم ..

وهو يشرح درس

الحلال والحرام في الإسلام ..

ثم يقف عنترة فجأة

ذلك الطالب الذي لطالما لقباه بذلك

لحبه العظيم المغمور بالأحاسيس والتقليد

لهذا الشاعر المقاتل الصنديد

ويقول :

بالسوري (( أستاز .. بدّي أسألك سؤال شوي صعب ))

بالمصري (( إسأل يا حبيبي .. وربنا يعينني على صعوبته ))

(( أستاذ .. شو الموجود بعد الله .. ))

وتوقعت كالعادة تلك الإجابات الصارخة ...

لمعلمي التربية الإسلامية السابقين ..

ولكن ليس هذا المعلم

اندهش قليلاً ثم قال :

(( امممممم ... غريب أن يصدر سؤال مثل هذا .. من فتى مسلم مثلك يا .. ، بس أنا حجاوبك

اسمع يابني ))

وهنا بزغت الأبصار وتمعنت العقول قبل العيون وتفتحت كل العقول الراسبة في الفصل منذ أعواااااااام مضت

وكان على رأس كل الرؤوس رأسي

(( الله سبحانه وتعالى .. خلق كل شيء .. وجعل لكل شيء حدوده .. وقدراته التي يفطنها ولا يعرف أكثر منها ...

وخلق الله الإنسان بحدود معبنة من القدرات الفكرية والعقلية .. القابلة للتنمية وليس التكبير ..

التي لا يزيد عنها أبداً

لذا فمن الصعب أن نعرف حدود قدرة الله وحده .. أو نعرف ما بعدها .. فهمت يا حبيبي ))

الطالب (( آآآ .. بـ .. بس أستازي انتا ما جاوبتني على سؤالي بعد ))

(( لا بل جاوبتك .. وذكروني أن نكرس حصة كاملة عن هذا الموضوع .. لنتناقش فيه

والآن دعونا نبدأ درسنا ))

.................

وهنا ..

أنا وقفت

لأول مرة في حياتي

وقفت

وقد تجمعت في عقلي فكرة واحدة

يجب أن أزيح هذا السؤال اللعين عن طريقي

يجب أن أبعده عن دربي

بأي طريقة

بعد كل هذه السنين من الهرب

يجب أن أقتله ..

(( أستاذي ... إن سمحت لي .. فأنا أستطيع الإجابة على هذا السؤال ))

وهنا سمعت الطالب الراسب من ورائي يقول

(( أهااا . ها قد جاء الفيلسوف ))

وسمعت ضحكتي استهزاء في زاوية الفصل

ووجدت المعلم معقود الحاجبين

حتى ظننت أنهما صارا حاجباً واحدا

المعلم (( نعم ؟؟؟!!! ...... تفضل ))

ولا تزال الضحكات من خلفي تتقهقه

أنا (( خلق الله الكون والحياة والملائكة والشياطين والجن والحيوانات والنباتات والبشر و.. و.. وأشياء أخرى لا نعرفها ..

وخلق كل منها في وقت معين

حسب ترتيب وتنسيق رباني عظيم ومتقن

وكان أول ما خلقه الله سبحانه

قبل أن يخلق النور والظلام

وقبل أن يخلق أي من الألوان ..

ولن يستطيع أحدنا أن تخيل ماذا غير النور والظلام .....

كان أول ما خلقه الله ..

هو القلم

وقال له اكتب ... (( الحديث الشريف ))

وقبل أن يخلق القلم ..

منطقياً ..

لم يكن هناك غير الله سبحانه وتعالى

النور الإلهي العظيم

ولم يكن خلق الكلام بعد ..

فلم تكن هناك كلمة

هولء أو ماء أو أرض أو سماء .. إلخ

لأنه لم تكن هناك أصلاً لتسمى

وبما أنه لم تكن هناك أي (( موجودات ))

فما الذي ستحاول أن تجد له الحدود ؟؟

ما الذي ستسعى لحصره وإجادة له كمية وقدرة وحجم ..

وكل هذه الصفات لم تكن خلقت بعد ..

والله سبحانه وتعالى لا يقدر على حصر حجمه

والعياذ بالله

شيء أبداًً

والتفكير صعب أن يصف الحال قبل القلم

وحضرك يا أستاذي .. قلت أن عقولنا صغيرة على أن ندرك هذه الأشياء ...

وبالفعل ......

ويمكن تشبيه الأمر

بالانسان والقطة

أو الانسان والعنكبوت مثلاً

فالانسان يسمع في الظلام الساكن

ما هو في حدود 200 متر تقريباً

أما عن العنكبوت

مع تكبيره حتى يصل حجمه في حدود حجم الانسان ..

وفي ضوضاء وضح النهار والازدحام الشديد

فإن سمعه يمكنه أن يعبر الـ 12 ميلاً تقريباً

مع العلم أن التشبيه هنا

لا يساوي الحقيقة أبداً

فهذا هو الله الخالق البارئ الجبار

وهذا نحن

البشر الصغير .. الضعيف ..

وهنا لجم الفصل كله بسلاسل من حديد ..

ولم أسمع ولا حرف واحد ..

ولم تنبت أي حركة

إلى أن اتخذ هذه المجازفة

زميلي الصومالي الأسمر الطويل

وربّت على كتفي وقال :

(( دعك منه .. فأنت حقاً فيلسوف ))

ووجدت المعلم يقول :

(( ما شاء الله .. كلامك صحيح .. وقابل للنقاش .. ولم تهين العظمة الإلهية مع أنك دخلت في أصغر التفاصيل ..))

واستمرت الحصة على ذلك ..

والتهاني والتبريكات ..

وعلى النقاش الهادئ الجميل

الموضعة حدوده

ولكني لم أكن معهم أبداً في الفصل ..

لقد كنت في سماء أفكاري أحلق

بعدما حلت عني ذرية هذا السؤال اللعين كلها

التي كانت كلما ظهرت ماتت .. ثم رجعت

الذرية التي .. لازمتني طفولتي

ومراهتي

وشبابي الجميل

وأنا أود معرفة إجابتها

في النهاية

لم أجد أي إجابة على السؤال ..

وأجبت أنا عليه بنفسي ...

ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ النهاية ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ

كل ما ورد في هذه القصة حقيقي

100%

ولكل حريته أن يصدق

أو

لا يصدق

أخوكم

شويعر الساحر

شويعر
10-09-2005, 01:47 AM
عجيب

لا أجد ولا رداً على قصتي

بينما توقعت العكس تماماً

شويعر