(عبدالعزيز)
09-09-2005, 11:08 AM
الفصل الأول :الغريب ..
لم تكن قرية (أورال) تكاد ذكر بين القرى التي يزخر بها وادي (فارون) العظيم....فمع ضخامة وطول ذلك الوادي ...كان من الطبيعي أن تملأه القرى ... مثل قرية (مولدي) و (ميسيد) ...والتي لا تقارن معهما قرية (أورال) الصغيرة ... فلن ترى فيها روعة الطبيعة ولا تحضر المدن .. بل هي مجموعة من البيوت الضئيلة ذات الدور الواحد وعددها لا تتعدى العشرين منزلا .. ويصلها طريق ضيق مليئ بأشجار (الرياف ) ...بينما يطل عليها جبل (ألاكار) الذي لا يقربه أحد لضخامته ووعورة الطريق الموصل اليه ...
لكن كل هذه الأسباب لم تمنع ذلك الغريب من القدوم إلى القرية عبر طريقها الوحيد ...كان ماشيا ..لأنه ما من دابة تستطيع حمل جسده العملاق ... فقد كان طوله قدر رجلين بالغين .. من فوق ساقيه الضخمة المغطاة بحذاء يصل إلى الركية .. ويحيط بخصره العريض حزام محكم ...بينما يرتدي عباءة بينة اللون ... لف بها جسده الذي يقع تحت رأسه الكبير ...واختفى فمه مع اللحية والشارب الكثين ..مع العينين الحادتين ... وثبت فوق رأسه خوذة ثقيلة ... لا يستطيع حملها جسد غير جسده ... وفوق ذلك ...كان يتوكأ على فأس ذو حدين ... طوله يكاد يصل إلى رقبته ... ليلمع تحت لهيب شمس الصيف الحارقة ..
كانت خطواته ذات وقع قوي ... لكن أحدا لم يسمعها لخلو الطريق من المارة ...حتى وصل إلى مدخل القرية ...
لوحة مهترئة ...كتب عليها بخط بدائي : (أورال) ... وتقع تحتها بوابة من عارضين من الخشب ... كانت ضيقة نسبيا ... فلا يمكن لعربة خيل أن تدخلها ...
مشى الغريب من تحتها بعدما انحنى قليلا ... وأخذ يتأمل القرية باهتمام ...
كل ما كان أمامه هو بعض البيوت الصغيرة ... يتوسطها بيت يبدو لزعيمهم أو حاكمهم ... وتطل كلها على ساحة صغيرة ....تناثرت فيها أوراق الأشجار ... تحركها النسائم الخفيفة ...
لكن الطريق كان خاليا ... فالناس كلهم كانوا في بيوتهم ...هاربين من أشعة الشمس ... عندها توجه الغريب نحو أحدى الأشجار ... ووضع فأسه بجانبها ...ثم جلس تحت ظلها مستندا ...ولولا قوة الشجرة لانهارت ...
نزع خوذته من على رأسه ...ليظهر شعر رأسه الكثيف ... وأدخل يده في ملابسه ليخرج زجاجة من الماء .. شربها في جرعة واحدة .. ثم وضعها على الارض بجانبه .. وأغمض عينيه ..محاولا النوم ...
لكنه لم يرتح .. لان صوتا ما بدأ في الظهور ...كان صوت يشبه اصطدام الحديد او ما شابه .. فتطلع يمنة ويسرة ..ليرى شابا بدا انه في السادسة عشر من عمره ... يرتدي ملابسا متسخة ... وشعره المنكوش وحالته الرثة توحي انه كان في عمل شاق .. اتجه إلى الغريب وقال في دهشة متطلعا إلى جسده الضخم ...:
ــ هل ..أستطيع طلب بعض المساعدة ؟
نظر اليه الغريب في برود ..ثم قال :
ــ على الرحب والسعة ..
ويا لدهشة الشاب ... فمع القسوة البادية على وجه الغريب ...الا إن ابتسامة أبوية ظهرت على وجهه ... فقام من مكانه وأمسك بخوذته وفأسه ..ثم سار خلف الشاب الذي كان يرتجف من الدهشة ..حتى دخل معه إلى غرفة صغيرة أشبه بورشة حدادة ..
أشار الشاب إلى قطعتين حاميتين من حديد ..:
ــ هذا السيف ..حاولت تلحيمه منذ فترة لكنه شديد القوة .. هلا ساعدتني بعد اذنك ..
ابتسم الغريب ثم مد يده إلى السيف المكسور ..واخذ يضرب ويضرب ...حتى استطاع أن يلحمه ..عندها قال الشاب بفرح :
ــ كيف أستطيع أن اشكرك ؟..
ــ لا شكر على واجب يا ..
ارتبك الشاب ومد يده مصافحا .. :
ــ( كادي) ...(كادي ساوجل )..انت ؟
غاصت يده في يد الغريب الضخمة ..الذي قال .. :
ــ يمكنك أن تدعوني (روداس) ..
بدت الابتسامة على كل منهم .. قال الشاب :
ــ الليلة هناك مأدبة عند الزعيم .. يمكنني أن اعرفه عليك ..
ــ لابأس ..حتى ذلك الوقت سأحاول النوم تحت الشــ..
قاطعه قائلا :
ــ لا ابدا .. يمكنك المبيت في منزلي ...
ــ ووالداك ؟
بدا عليه الحزن قائلا ..:
ــ أسكن فيه لوحدي ... والدتي في (مولدي ) مع زوجها ..أما ابي فلم اره في حياتي ..
بدا الحرج على(روداس) .. فقال :
ــ لا بأس ..يمكنني الذهاب عندك ...
اتجه وراءه حتى وصل إلى منزله .. كان في طرف القرية .. كوخ صغير من غرفة واحدة .. دخله (روداس) بصعوبة .. ثم استلقى على ظهره وغط في نوم عميق ..
لم تكن قرية (أورال) تكاد ذكر بين القرى التي يزخر بها وادي (فارون) العظيم....فمع ضخامة وطول ذلك الوادي ...كان من الطبيعي أن تملأه القرى ... مثل قرية (مولدي) و (ميسيد) ...والتي لا تقارن معهما قرية (أورال) الصغيرة ... فلن ترى فيها روعة الطبيعة ولا تحضر المدن .. بل هي مجموعة من البيوت الضئيلة ذات الدور الواحد وعددها لا تتعدى العشرين منزلا .. ويصلها طريق ضيق مليئ بأشجار (الرياف ) ...بينما يطل عليها جبل (ألاكار) الذي لا يقربه أحد لضخامته ووعورة الطريق الموصل اليه ...
لكن كل هذه الأسباب لم تمنع ذلك الغريب من القدوم إلى القرية عبر طريقها الوحيد ...كان ماشيا ..لأنه ما من دابة تستطيع حمل جسده العملاق ... فقد كان طوله قدر رجلين بالغين .. من فوق ساقيه الضخمة المغطاة بحذاء يصل إلى الركية .. ويحيط بخصره العريض حزام محكم ...بينما يرتدي عباءة بينة اللون ... لف بها جسده الذي يقع تحت رأسه الكبير ...واختفى فمه مع اللحية والشارب الكثين ..مع العينين الحادتين ... وثبت فوق رأسه خوذة ثقيلة ... لا يستطيع حملها جسد غير جسده ... وفوق ذلك ...كان يتوكأ على فأس ذو حدين ... طوله يكاد يصل إلى رقبته ... ليلمع تحت لهيب شمس الصيف الحارقة ..
كانت خطواته ذات وقع قوي ... لكن أحدا لم يسمعها لخلو الطريق من المارة ...حتى وصل إلى مدخل القرية ...
لوحة مهترئة ...كتب عليها بخط بدائي : (أورال) ... وتقع تحتها بوابة من عارضين من الخشب ... كانت ضيقة نسبيا ... فلا يمكن لعربة خيل أن تدخلها ...
مشى الغريب من تحتها بعدما انحنى قليلا ... وأخذ يتأمل القرية باهتمام ...
كل ما كان أمامه هو بعض البيوت الصغيرة ... يتوسطها بيت يبدو لزعيمهم أو حاكمهم ... وتطل كلها على ساحة صغيرة ....تناثرت فيها أوراق الأشجار ... تحركها النسائم الخفيفة ...
لكن الطريق كان خاليا ... فالناس كلهم كانوا في بيوتهم ...هاربين من أشعة الشمس ... عندها توجه الغريب نحو أحدى الأشجار ... ووضع فأسه بجانبها ...ثم جلس تحت ظلها مستندا ...ولولا قوة الشجرة لانهارت ...
نزع خوذته من على رأسه ...ليظهر شعر رأسه الكثيف ... وأدخل يده في ملابسه ليخرج زجاجة من الماء .. شربها في جرعة واحدة .. ثم وضعها على الارض بجانبه .. وأغمض عينيه ..محاولا النوم ...
لكنه لم يرتح .. لان صوتا ما بدأ في الظهور ...كان صوت يشبه اصطدام الحديد او ما شابه .. فتطلع يمنة ويسرة ..ليرى شابا بدا انه في السادسة عشر من عمره ... يرتدي ملابسا متسخة ... وشعره المنكوش وحالته الرثة توحي انه كان في عمل شاق .. اتجه إلى الغريب وقال في دهشة متطلعا إلى جسده الضخم ...:
ــ هل ..أستطيع طلب بعض المساعدة ؟
نظر اليه الغريب في برود ..ثم قال :
ــ على الرحب والسعة ..
ويا لدهشة الشاب ... فمع القسوة البادية على وجه الغريب ...الا إن ابتسامة أبوية ظهرت على وجهه ... فقام من مكانه وأمسك بخوذته وفأسه ..ثم سار خلف الشاب الذي كان يرتجف من الدهشة ..حتى دخل معه إلى غرفة صغيرة أشبه بورشة حدادة ..
أشار الشاب إلى قطعتين حاميتين من حديد ..:
ــ هذا السيف ..حاولت تلحيمه منذ فترة لكنه شديد القوة .. هلا ساعدتني بعد اذنك ..
ابتسم الغريب ثم مد يده إلى السيف المكسور ..واخذ يضرب ويضرب ...حتى استطاع أن يلحمه ..عندها قال الشاب بفرح :
ــ كيف أستطيع أن اشكرك ؟..
ــ لا شكر على واجب يا ..
ارتبك الشاب ومد يده مصافحا .. :
ــ( كادي) ...(كادي ساوجل )..انت ؟
غاصت يده في يد الغريب الضخمة ..الذي قال .. :
ــ يمكنك أن تدعوني (روداس) ..
بدت الابتسامة على كل منهم .. قال الشاب :
ــ الليلة هناك مأدبة عند الزعيم .. يمكنني أن اعرفه عليك ..
ــ لابأس ..حتى ذلك الوقت سأحاول النوم تحت الشــ..
قاطعه قائلا :
ــ لا ابدا .. يمكنك المبيت في منزلي ...
ــ ووالداك ؟
بدا عليه الحزن قائلا ..:
ــ أسكن فيه لوحدي ... والدتي في (مولدي ) مع زوجها ..أما ابي فلم اره في حياتي ..
بدا الحرج على(روداس) .. فقال :
ــ لا بأس ..يمكنني الذهاب عندك ...
اتجه وراءه حتى وصل إلى منزله .. كان في طرف القرية .. كوخ صغير من غرفة واحدة .. دخله (روداس) بصعوبة .. ثم استلقى على ظهره وغط في نوم عميق ..