المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأخلاق أحكام شرعية لا صفات أخلاقية فحسب



rajaab
16-09-2005, 05:19 PM
يحرم على المسلم أن يحكِّم في أفعاله غير الحكم الشرعي



قال الله تعالى: (ألم ترَ إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً). وقال تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلّموا تسليما). وقال عز وجل: (وما آتاكم الله فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب).

بهذا الدليل يثبت وجوب تقيد المسلم بالحكم الشرعي وتحريم أن يحكّم المسلم غير الحكم الشرعي في أي أمر من الأمور. فالله تعالى أمر المسلمين بأن يأخذوا ما أتاهم به رسول الله مما فرضه الله عليهم أو ندبه أو أباحه لهم وأمرهم أن ينتهوا عما نهاهم عنه مما حرمه عليهم أو كرهه لهم. فكل طلب جاء به الرسول من عند الله وجب التقيد به سواء أكان طلب فعل كالفروض والمندوبات أو طلب ترك كالمحرمات والمكروهات أو تخيير بين الفعل والترك كالمباحات وكله يدخل تحت قوله: (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) لأن (ما) من صيغ العموم فهي عامة فيما وردت به وهو الأحكام الشرعية، لأن الآية نزلت في تقسيم الفيء على المهاجرين دون الأنصار، أي في حكم من الأحكام الشرعية، فموضوعها حكم شرعي ثبت بفعل الرسول وجاءت بصيغة العموم (وما آتاكم) (وما نهاكم) فهي تعُم جميع الأحكام الشرعية. وإذا قرنت هذه الآية بقوله تعالى: (فليحذَر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) فإنه يدل على أن الأمر في قوله: (فخذوه) و(انتهوا) للوجوب، ولذلك كان فرضاً على كل مسلم أن يأخذ الحكم الشرعي وأن يتقيد به. هذا وحده كافٍ لأن يدل على تحريم أخذ غير الحكم الشرعي، لأن مفهوم (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) أن ما لم يأت به الرسول وما لم ينهَ عنه لا يجوز أن يُلتفت إليه. علاوة على أن أخذ غير ما أتى به الرسول والانتهاء عن غير ما نهى عنه هو مخالفة عن أمر الرسول أي مما طلبه لأن الأمر معناه الطلب.

وقد أكد القرآن هذا المعنى بشكل جازم في نفيه الإيمان الكامل ممن يحكِّم غير الرسول أي غير شريعة الإسلام باعتبارها رسالة الرسول، ونعى على الذين يريدون أن يتحاكموا لغير ما جاء به الرسول من شريعة الإسلام، وجعل أحكامهم لغيره احتكاماً إلى الطاغوت وذمهم على ذلك.

فقد أخرج ابن أبي حاتم والطبراني بسند صحيح عن ابن عباس قال: كان أبو برزة الأسلمي كاهناً يقضي بين اليهود فيما يتنافرون فيه، فتنافر إليه ناس من المسلمين فأنزل الله (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا) الآية، مما يدل بشكل صريح على أن الرجوع إلى غير الأحكام الشرعية يعتبر رجوعاً إلى الطاغوت، وقد قال عنه الله إن الشيطان يريد أن يضل من يفعله.

ثم لم يكتف القرآن بذم من يحكِّم غير الأحكام الشرعية بل نفى كمال الإيمان عمن لا يرضى بالحكم الشرعي، فقد اختصم يهودي ومنافق فدعا المنافق إلى كعب بن الأشرف ليحكم بينهما ودعا اليهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأتيا النبي فقضى لليهودي، فلم يرضَ المنافق. وهذا لم يحصل منه إلاّ لأنه منافق.

وقد قال الله: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكِّموك فيما شجر بينهم)، ثم لم يكتفِ بمجرد التحكيم بل اشترط الرضا بالحكم فقال: (ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما) مما يدل على أنه لا يكفي التقيد بالحكم الشرعي خوفاً من السلطان كما فعل المنافق بل لا بد أن يرتاح المسلم للحكم الشرعي وأن يسلِّم به تسليماً تاماً.

ولذلك يحرم على المسلم أن يحكِّم في أفعاله كلها غير الحكم الشرعي، فيحرم عليه أن يحكِّم القوانين، كما يحرم عليه أن يحكِّم العادات والتقاليد والأعراف، ويحرم عليه أن يحكِّم العقل كما يحرم عليه أن يحكِّم المصلحة، لأن الله عيّن الجهة التي يجب أن يحكِّمها المسلم في أفعاله، وهي ما أتى به الرسول، واعتبر التحكيم لغيره تحكيماً إلى الطاغوت.

ولذلك كان التحكيم إلى المصلحة أو العقل أو الأعراف والعادات كالتحكيم إلى القوانين وسائر أحكام الكفر، كله تحاكم إلى الطاغوت.

فنبه المسلمين إلى أنهم مجبورون على الرجوع إلى الحكم الشرعي وتحكيمه وحده في أفعالهم لأن تقيدهم به فرضٌ عليهم كفرض الصلاة ثابت بالدليل القطعي الثبوت القطعي الدلالة، ونحذرهم من التحاكم لغير الحكم الشرعي لأنه تحاكم إلى الطاغوت وتحكيم لأحكام الكفر.

rajaab
16-09-2005, 05:25 PM
الأخلاق أحكام شرعية لا صفات أخلاقية فحسب



قال الله تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظم لعلكم تذكّرون). وصحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله يحب معالي الأخلاق ويكره سفاسفها)، وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنما بُعثتُ لأتمّم مكارم الأخلاق). هذه النصوص تدل على أن الأخلاق من أحكام الإسلام، فالآية دلت على أحكام معينة من الأخلاق وهي أن الله أمر بالعدل والإحسان وصلة الأرحام ونهى عن المحرمات والمنكرات والعدوان على الناس. والأحاديث دلت على الأخلاق بوجه عام. والخُلق هو الصفة التي تصبح للإنسان حتى تكون سجية له وعادة، قال تعالى: (إنْ هذا إلاّ خُلق الأولين) أي سجية الأولين وعاداتهم. وهذه الصفة إن كانت حسنة فهي خُلق حسن وإن كانت سيئة فهي خُلق سيئ. ويطلق الخُلق ويراد به الدين، قال تعالى مخاطباً الرسول صلى الله عليه وسلم: (وإنك لعلى خُلق عظيم) أي على دين عظيم، لأن سياق الآية يعيّن أنه الدين إذ هي (ن والقلم وما يسيطرون، ما أنت بنعمة ربك بمجنون، وإن لك لأجراً غير ممنون، وإنك لعلى خُلق عظيم، فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون. إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين)، فالبحث هو أنهم قالوا إنه مجنون عن الرسالة التي جاء بها، فالموضوع هو الدين الذي جاء به وليست صفاته، فإنهم يعلمون قبل بعثه أنه أحسنهم صفات، ولذلك كان معنى الخُلق في الآية الدين. جاء في تفسير الجلالين (وإنك لعلى خُلق) دين (عظيم). والأخلاق مع كون الأحاديث جاءت تحث على الحَسَن منها بشكل عام وتَنهى عن السيئ منها بشكل عام ولكن النصوص الشرعية من الكتاب والسنة حين جاءت بالأحكام الشرعية التي تعتبر من الأخلاق كالعدل والإحسان وكالصدق وكالعفة والوفاء وغير ذلك لم تأت بها على أنها أخلاق فقط ولا قالت عنها إنها أخلاق فقط، لا صراحة ولا دلالة ولا إشارة، وإن كانت هي صفات حسنة أي أخلاقاً، وإنما جاءت بها أحكاماً شرعية، واعتُبرت من الأخلاق. فحين يُنظر إليها في التعليم والعمل يجب أن يُنظر إليها بأنها أحكام شرعية يكون المتصف بها ذا خلق حسن إن كانت مما أمر الله به وذا خلق سيئ إن كانت مما نهى الله عنه، ولا يجوز أن يُنظر إليها على أنها صفات خُلقية فحسب، لأن المسلم مخاطَب بالأحكام الشرعية ولو كانت هذه الأحكام أخلاقاً، وليس هو مخاطَباً بالصفات فقط بوصفها أخلاقاً فحسب، ولأن كونها حسنة أو سيئة مرتبط بالشرع أي بالنص الشرعي الذي جاء بها وليس في نفس الصفة. والله تعالى أمر بالصدق ونهى عن الكذب باعتباره حكماً شرعياً يجب التقيد به لا باعتباره صفة حسنة يجب الاتصاف بها، أي لا باعتباره خُلقاً فقط، وأمر بالرحمة باعتبارها حكماً شرعياً لا باعتبارها صفة حسنة فحسب، أي لا باعتبارها خُلقاً فقط، بدليل أنه أجاز الكذب في الحرب، حكماً شرعياً، وبدليل أنه أمر بالشدة مع الكفار (أشداء على الكفار) ونهى عن الرحمة في عقاب الزاني (ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله)، فلو كان الأمر بالصدق والنهي عن الكذب والأمر بالرحمة أمراً بالصفات فقط أي أمراً بالأخلاق فقط لما جاز الكذب بحال من الأحوال ولما جازت الشدة وأقره بحال من الأحوال لأن الصفة لم تتغير، ولكنه لمّا كان حكماً شرعياً لفعل معين فإنه يتعلق بالفعل حسب نص الشرع، ولذلك كان الكذب في أحوال حراماً وفي أحوال أخرى مباحاً، وكانت الرحمة في أحوال مأموراً بها وفي أحوال أخرى منهياً عنها، ولهذا لا يجوز أن تُجعل الأحكام الشرعية أخلاقاً فقط ويؤمَن بها كأخلاق فقط، بل يجب أن تبقى أحكاماً شرعية كما وردت ونؤمن بها كأحكام شرعية باعتبارها أخلاقاً، لا كأخلاق فقط. وإذا أمر بها كأخلاق فقط لا كأحكام شرعية فإنه لا يكون أمراً بالشرع بل أمراً بالأخلاق فقط ولا فرق في ذلك بين الأحكام الشرعية المتعلقة بالسلوك الشخصي كالعفة أو المتعلقة بالسلوك مع الغير كالوفاء، فكلها يجب أن يؤمر بها كأحكام شرعية ولا يصح أن يؤمر بها كأخلاق فقط أي كصفات حسنة فحسب. وكذلك يُنهى عنها كأحكام شرعية لا كأخلاق سيئة فحسب. حتى أن المسلم إذا صدق باعتبار الصدق صفة حسنة فحسب لا كحكم شرعي لا يثاب على صدقه لأنه لم يعمل بحكم الله وإنما عمل بما يراه صفة حسنة، بخلاف ما لو صدق لأن الله أمر بالصدق أي باعتبار الصدق حكماً شرعياً فإنه يثاب على تقيده بالحكم الشرعي.

وليحذر المسلمون كل الحذر من القيام بأعمالهم على اعتبار أنها أخلاق فقط أو من الدعوة إلى مكارم الصفات باعتبارها أخلاقاً فقط، فإنهم إن فعلوا ذلك لا يكونون قد عملوا بالحكم الشرعي أو دعوا إلى أحكام الله. علاوة على أن ذلك يجعل عملهم وعمل الكفار واحداً ويجعل دعوتهم ودعوة الكفار دعوة واحدة. فالكفار يمجّدون الخُلق الحسن لأنه صفة حسنة ويدعون للخُلق الحسن لأنه صفة حسنة وهم يقومون بذلك رجاء السمعة الحسنة أو لما في هذا من نفع لا لأن الله أمرهم به، وأمّا المسلم فلا يحل له أن يفعل ذلك بل يجب أن يتصف بمكارم الأخلاق لأن الله أمر بها أي باعتبارها أحكاماً شرعية ليس غير ولا يجوز له غير ذلك لأن الأخلاق في الإسلام أحكام شرعية لا صفات أخلاقية فحسب.

الزنكلوني افندي
17-09-2005, 02:39 AM
بارك الله فيك

salafeee
17-09-2005, 08:31 AM
نعم اخى نريد ان نكون كما وصف رسولنا القدره
كان خلقه القران فمالنا نكون قولا دون عمل
اسال الله ان نتخلق بخلق الدين عباده لا عاده

rajaab
17-09-2005, 04:05 PM
جزاكم الله خيرا
وأسال الله لي ولجميع المسلمين التوفيق بإتباع الاحكام الشرعيه