تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الصف الثاني عشر ( الثالث الثانوي ) تعليم.. بلا هويـــــة



Private Jeddawi
21-09-2005, 08:37 PM
إشكالية الهوية الوطنية في التعليم العام
الوطن الأجدر بالاحتفاء هل يعاني فيه التعليم من أزمة هوية؟
مع أنه يصف نفسه بأنه رجل تقليدي ومحافظ، إلا أنه يلجأ إلى كثير من (الحركات) غير التقليدية التي يريد بها أن يستخدم طريقة جديدة في تعليم ابنه (فيصل) البالغ من العمر 11 عاماً، كثيراً مما يجهل، خاصة وأن ابنه يستجيب انبهاراً، ويستفيد من كل ما يُطرح، فالأب يستخدم اللقطات التلفزيونية مثلاً لتعليم ابنه بعض الأمور، فمن خلال الإنترنت واختيار بعض القنوات أصبح لدى فيصل مواقف حية من الإرهاب ومن التطرف ومن احترام الوالدين، واحترام الكبار، ولكن الذي حدث أن موقفاً حوّل فيصل إلى معلم وناصح لوالده، وذلك حين ركب أبوه نغمة جوال تحمل عزف النشيد الوطني السعودي، الأمر الذي جعل ابنه يصرخ في وجهه بأن هذا لا يجوز لأنه يحمل أصواتاً موسيقية، ولأن هذا ما أكد عليه المعلم في الفصل أكثر من مرة، ولو أن البديل كان نشيداً أو قصيدة لكان أفضل.



ثلاثة معلمين تحدثت إليهم عن الوطنية في المدارس، الخطاب الوطني، والفعاليات ذات الأبعاد الوطنية، التي يمكن أن تطرحها المدارس، لكن حالة الاستغراب التي قوبل بها السؤال، كانت مثيرة إثارة أخرى، لا تقل عن إثارة الجواب لو كان نفياً، فقد كانوا يستفهمون عن معنى السؤال، والمراد منه، أحدهم ظن أنه سيلامس الجواب، فقال: تقصد التربية الوطنية؟





الحقيقة أني لا أقصد إلا ما لم يكن مطروحاً في أذهانهم، ولم يكن ذلك الاستغراب إلا دليلاً على شرعية وأهمية سؤال كهذا، ولم يكن كذلك إلا دليلاً على أن حالة الغياب التي عاشها الخطاب الوطني عن الفعاليات المدرسية هي التي حدت بالسؤال أن يكون محل استغراب هكذا، الآن، وخارج التعليم، أين هو الجهاز أو الإدارة أو النشاط المشغول بخلق خطاب وطني، أو على الأقل بتفعيل ما هو قائم من خطابات وطنية يدل عليها التاريخ واليوم، ولأن التصور الحكومي للوطنية لم يحدث أن كان في يوم قسرياً أو حاداً، بل كان وطنياً اجتماعياً أكثر من كونه وطنياً قيادياً، ثم إن الأجهزة والخطابات الحكومية والرسمية لم يحدث أن أخذت تسوق لحكومة أو لفرد بقدر ما هي تقدم صورة لوطن، إما من خلال منجزاته وتاريخه، أو من خلال رموزه الذين تغيب صفتهم الفردية أمام صفتهم الجماعية وما يمثلونه من اختصار لتاريخ ومراحل وإنجازات عظيمة، إن رجلاً كالملك عبدالعزيز، تختلط ذاته الفردية بالذات الجمعية التي يمثلها، فيتحول من فرد إلى أمة، ومن رجل إلى مشروع، وكل الرموز التي توالدت بعد ذلك تحولت إلى مشاريع، ومثلت كل فترة نقلة نوعية في عملية البناء الوطني، وهو ما ولد تراكماً ناصعاً من الفعل الوطني والتنموي الذي يشكل جزءاً من الخلفية الوطنية.

ليس ذلك فقط، بل هناك ما لا يمكن إغفاله فتأسيس هذا الوطن بحد ذاته يعتبر حدثاً مدنياً عالمياً والوحدة التي تمثل واحدة من أنجح تجارب التاريخ الحديث وما تبع ذلك من انتقال من المشتت إلى الواحد ومن الخامل والمتناحر وغير المؤثر إلى الحيوي، والفاعل سياسياً واقتصادياً وعالمياً. نحن إذن أمام تشكيل حقيقي لوطنية حقيقية انطلقت من مشروع واع ومن رؤى متحضرة، وليس هذا الحضور السعودي في العالم إلا نتيجة لأن الوعي الذي صاحب المشروع والهاجس البنائي والتنموي والحضاري كانت صفات حاضرة بقوة، في مرحلة التأسيس وفي كل الفترات التابعة لذلك.

هذه الأرض التي لم تكن شيئاً.. هي الآن شيء واسع وحقيقي ومتطور للغاية، لكن ما الخطاب المطروح الآن لتشكيل خلفية ثقافية تحتفي بهذا المشروع وتتخذ منه منطلقاً معرفياً وثقافياً ووطنياً، خاصة إذا علمنا أن النخب السياسية الواعية لا تسعى لتسويق نفسها وإنما تلح على المستوي الجمعي والوطني أكثر من إلحاحها على فردية ذواتها، لتظل صناعة الخطاب الوطني أمراً متروكاً للمؤسسات والفعاليات المدنية والتعليمية والإعلامية لا لتسوق الأفراد وإنما لتطرح عظمة هذا المشروع الذي قاده الأفراد وقاموا فيه بأدوار محورية،

ولأن الشكل الحديث للدولة والنظام والبلد المدني لابد أن يقيم معه من الأدبيات والنظم والتقاليد الدولية ما يمثل الصور الحديثة للتنظيمات السياسية من شعار وعلم، ونشيد وطني، ولحن خاص بالنشيد الوطني. وهذه المظاهر حين النظر إليها في السعودية فإنك تجدها متخلصة من أي شكل شخصي أو قائم على ثورات أو فترات عسكرة أو انقلابات أو استعمار أو غيره، بل هي خالصة للوطن، ومحتفية بصور الأمن والإيمان التي تمثل جزءاً من التضاريس السياسية الواضحة على الخارطة السعودية، لكن ما يبدو هو أن فيصل (طالب الصف الخامس الابتدائي) لديه تداخل حول ذلك.

هذا يحيل إلى الحديث عن التعليم كواحدة من أبرز المؤسسات الموكلة بصناعة خطاب وطني، وبثه داخل هذ الملايين من الطلاب والمتعلمين الذين ينتمون إلى هذه المؤسسة.

لكن هناك مشكلة ما في الخطاب الوطني الذي يفترض أن تضطلع به المؤسسة التعليمية، وهل توجد أي مؤسسة أخرى معنية بذات الشدة بمهمة كهذه؟

الجواب: لا، فالتعليم هو محور صناعة وتدويل وبث مثل هذه الأفكار الكبرى والتي تمثل حجر أساس في بناء الهوية الوطنية للشخصية السعودية.

ليس التعليم منهجاً فقط، ولا نشاطاً خارج المنهج، بل هو أجواء كاملة لها من التأثير والحيوية والتفرد ما لا يتوفر في بيئة أخرى، ولكي لا تقف المسألة كعثرة فإن مما يمكن أن يقال تقريراً هو أن المناهج لا تصنع الإرهاب، ولا يمكن لأحد أن يفترض ذلك، خاصة وأن الإرهاب - كما رأينا - يقتضي فيما يقتضي كفراً بكل ما تقدمه المؤسسات وعلى رأسها المؤسسات الرسمية، لكن الخلاف الذي يمكن الحديث حوله هو الجو المدرسي العام والأنشطة غير المنهجية والاجتهادات القادمة من أفراد أو تصورات تنتج عن قراءات لا قرار لها ولا مستند ولا قيمة معرفية واعية في 21 من الشهر الماضي التقى الملك عبدالله وفداً يضم وزير التربية والتعليم ونوابه وجمعاً من مسؤولي ومسؤولات التعليم في جميع المناطق، وبما أن الحديث لم يكن مجازياً فقد كان واضحاً يلامس ما يمكن أن يعلم الجميع أنه يمثل مشكلة، فلا يمكن تصوّر أن طفلاً يرفض السلام الملكي، أو يعود غاضباً إلى أمه ليقرّعها بسبب أن تشاهد التلفاز، أمور لا تدل على مشكلة لابد من التعامل معها قبل أن تستحفل، فقد تحدث الملك في لقائه مع مسؤولي التعليم وطالبهم بالعمل على (نبذ التشدد)، وبطبيعة الحال لا يمكن لأحد أن يتصور أن حديثاً كهذا يمكن أن يُلقى على عواهنه أو يمكن أن يُقال لو أن الوفد من وزارة الزراعة مثلاً، ولكن خادم الحرمين يعلم أن كثيراً من الاجتهادات والآراء المتشددة ربما وجدت في أجواء المدارس فرصة لتسويق أفكارها واجتهاداتها.

يعلم خادم الحرمين جيداً أن التشدد حين يكون في وسط غير جماهيري ربما يمثل مشكلة خاصة، ولكنه حين يكون في وسط كالمدرسة فإن خطره يصبح جميعاً، خاصة وأن المعلم يحظى بتصور من جميع تلاميذه بأنه قد لا يقول خطأ، واعتماده على سلطته التعليمية كمتحدث لسامعين، يتيح كثيراً لأفكاره أن تنتشر وتؤثر.

ولم يأت حديث خادم الحرمين الشريفين من فراغ، وإنما الجميع يعلم عن كثير من الحوادث التي تعيشها المدارس وكثير من الأجواء المتوترة التي تأتي بسبب محاولة البعض بسط اجتهاداتهم المتشددة وتسويقها بين الطلاب، وهي النقطة التي لم يغفلها خادم الحرمين وتناولها بوضوح تام: (لا نريد اجتهادات خارجة) لأن المشكلة ليست في الاجتهاد كصفة علمية والتي ربما كانت صفة حسنة، لكن حين تكون هذه الاجتهادات (خارجة) فإنها تخرج من صفتها الحسنة لتتحول إلى صفة مضللة وعابثة.

سابقاً ذكر الأستاذ فيصل بن معمر بأن الملك حين كان ولياً للعهد ومع اقتراب موعد الحوار الوطني الثالث الذي تناول قضايا المرأة، اقترح الجزء الثاني من محور اللقاء، وهو (علاقة التعليم بذلك) أي بقضايا المرأة، فالملك عبدالله لا يخفي اهتمامه الواسع والكبير بقضايا التعليم ومخرجاته، انطلاقاً من يقينه بأن الأفكار الكبرى والقيم الوطنية الخاصة بأي أمة لا يمكن أن تُطرح إلا من خلال التعليم، وبأن جزءاً كبيراً من بناء الشخصية الوطنية متعلق بأداء المؤسسات التعليمية، ولقاؤه وتوجيهاته الأخيرة دليل واضح على ذلك، يقول عبدالعزيز القاسم: هذه التوجيهات مؤشر على توجه سياسي وقيادي وستكون مجدية فور تحوّلها إلى سياسات وإلى أدوات عمل، وقرارات ميدانية.

زيارة حادة

بعد يومين من بداية الدراسة دخلت إلى مدرسة ثانوية، الأجواء لا تدل إلا على امتعاض من ترتيبات الأيام الأولى لبداية العام الدراسي، كنت أبحث عن بعض المناهج الدراسية، لم أحصل على ما أريد، حين جاء وقت الصلاة صعدنا إلى المصلى كان المنظر رائعاً ومربكاً للغاية، فالمسجد كان مسرحاً قديماً، لم يعد يُستخدم لأي نشاط مسرحي، ولكي لا يذهب الطلاب إلى مسجد الفناء تم اختيار المسرح ليكون مصلى، قبل الصلاة وقف أحد أساتذة التربية الإسلامية، وأخذ يقرّع الطلاب على عدم صمتهم واحترامهم لقداسة المكان، وأخذ يتحدث عن الاستعداد للعام الدراسي وابتعاء وجه الله وطلب الأجر من خلال طلب العلم، وبعد انتهاء الصلاة وقف مدرس آخر من ذات التخصص يتحدث عن إهدار الوقت ووجوب إخلاص النية في العلم والعمل.

المسجد/المسرح سابقاً، تعمر جدرانه القديمة ذات الطلاء المتسلخ من الأعلى لوحات ووسائل ايضاحية يعود تاريخ كتابة بعضها إلى 9 سنوات أو أكثر، كانت اللوحات تحمل آراء فقهية حول قضايا كالثياب الطويلة وسماع الموسيقى والتدخين وأخطار جوالات الكاميرا، وأصدقاء السوء، والغيرة على المحارم، وبجوار الباب تمتد لوحة طويلة كتبت عليها قصيدة رديئة فنياً عن (كوسوفا) وما يتعرض له المسلمون، (القصيدة تستصرخ المسلمين لقتال العدو وتصفهم بالجبناء والنيام) فيما عُلق بجوارها ملصق تهرأت بعض أطرافه لجندي وامرأة، يدل ما تبقى من الملصق على أن الصورة ربما كانت من فلسطين.

في الطريق إلى الخارج تستوقف أيضاً على أحد الجدران لوحة تحمل قصيدة فيها:



سأحمل روحي على راحتي

وألقي بها في مهاوي الردى

فإما حياة تسر الصديق

وإما مماتٌ يغيظ العدى

يطيب لسمعي صليل السيوف

ويبهج عيني مسيل الدما



ربما وأنت تغادر مدرسة كتلك، سيتوارد إلى ذهنك أنه لولا أنواع الشمغ التي على رؤوس المعلمين، وأحاديثهم، ولولا الكتب وما تحمله من شعار وزارة التربية والتعليم لاتجهت إلى تأويل لكي تتعرف على جنسية المدرسة، وأين تقع، فمنذ أن تدخل إلى غرفة المدير أو الوكلاء وحين تجول بالفصول وفي الممرات لا يوجد ما يدل على هوية المدرسة أو مكانها، في غرفة النشاط تقبع لوحة قديمة تستند إلى الجدار تحمل شعار الاحتفال بمئوية التأسيس العظيمة، وصورة الملك عبدالعزيز - رحمه الله -، عدا ذلك فكل ما في المدرسة ربما يشير إلى الأمة ومرادفاتها، يقول (سلطان اليحيا) (معلم) هذا شيء قليل جداً مما يحدث في بعض المدارس، وإذا كنت لم تر أي مظهر وطني في أنحاء المدرسة فهذا شيء طبيعي بالنسبة لفعالياتها، إنني أتذكر كثيراً من الاحتفالات والمناسبات التلعيمية التي تقام في المدارس، حيث يحدد نوع المسؤول الذي يحضر الحفل طبيعة الخطاب الذي سيُلقى، لقد دخلت ذات مرة في جدال مع معلم مادة العلوم، حدث ذلك يوم أن أجريت تعديلات تطويرية من الوزارة على مواد كالفقه والتوحيد، فذكرت أثناء النقاش بأن هذا أمر جيد لأن تطوير المناهج باستمرار أمر حيوي، وتفاجأت بردة فعله رغم بعد تخصصه وأخذ يحلف إيماناً مغلظة بأنه سيأخذ من وقته حصة ليسد الخلل الذي وقع نتيجة حذف أو تأجيل فقرة من المناهج المذكورة.

ليس سلطان وحده الذي يشعر بخطر ما يحدث، لكنه يتجاوز ذلك إلى الحديث عما يلقاه بعض المعلمين حين يبدون خلافاً في الرأي حول مسألة أو أخرى وكيف يتعرضون للشكاوى والمضايقات وربما التحقيق أحياناً إذا وجد الشاكي من يدعمه في إدارة الإشراف أو من المديرين، وما أكثرهم (يضيف سلطان).

يتذكر الجميع ما تناولته الصحف الشهر الماضي حول بعض الأحداث في مدارس منطقة الزلفي، بعد شهادات من الآباء وأولياء الأمور، وبعد أن نُشرت صور تُظهر أحد عناصر العملية الإرهابية التي قامت بتفجير مجمع غرناطة والحمراء في 12/مايو/2003م، وهو يقدم فقرات في حفل مدرسي، ويردد أناشيد وفقرات تحمل كثيراً من أفكار التطرف والتشدد، يرى الكاتب خالد الغنامي (معلم) أن المدارس قد انتشر فيها مجموعة من الصحويين والسروريين، والذين لا يؤمنون بفكرة الوطن، ويؤكد أن المعلمين الذين يجتهدون لإبراز الوطن يجدون معارضة أو لمزاً، إذا لم يكن منعاً وتثبيطاً، ليكون الخطاب السائد في التعليم هو الخطاب ذي الرؤية الأممية، وما كان يحدث في المدرسة المذكورة في الزلفي دليل واضح على ذلك.

ومؤخراً أيضاً بدأ الحديث عن السلام الملكي السعودي والذي اتضح أنه لا يردد في كثير من المدارس، بل يجد من لا يجيزه، وقد تنبهت بعض إدارات التعليم، كما حدث في إدارة تعليم الرياض، التي وجهت بالزام مدارس البنين والبنات بضرورة ترديد نشيد السلام الملكي.

هذا شيء يدعو للاستغراب، فلا يمكن لأحد أن يتخيل أن فعالية يومية يسيرة كهذه تعد من أخف المظاهر اليومية وأكثرها تلقائية، لا تُطبّق إلا بقرار إداري مع أنها قائمة في بنود العملية التعليمية، فما الذي دعا إلى ذلك؟ يبدو بأن تجاذباً يحدث بين ما هو وطني ومعتدل، وبين ما هو متشدد أو يحمل بقايا من فكر متشدد، فتحية العلم، والنشيد الوطني أمور لا يمكن لعاقل أن يتخيّل أنها قد تمس عقيدة أو تؤذي ديناً، إضافة إلى أن هذا الوطن ربما يمثل أحد أكثر الأوطان استحقاقاً لأن يُحتفى به دائماً، وإذا كان هذا الحال في التعليم وافترضنا أن جيلاً أو جيلين تخرجوا من المدارس في فترات كان الخطاب المهيمن في بعضها هو الخطاب المتشدد، فما لا يمكن قوله بالطبع أن ذلك قد خرّج متطرفين مثلاً، كلا لكن الخطورة في أنه على الأقل أوجد جيلاً خارج الخطاب الوطني، ويقول عبدالله المحسن: لقد عاشت المدارس أفكاراً إسلاموية غير صحيحة تتنافى مع ما عرفناه ويعرفه الجميع عن سماحة الإسلام وتحضره وإنسانيته، وهي خطابات بما أنها تعارض الصورة الحضارية للإسلام فبالتأكيد أنها تعارض الصورة المطروحة للوطن، ولقد حاولت مع زميلين لي أن نتحدث عن تحية العلم أو النشيد الوطني فوجدنا معارضة من بعض المعلمين ومن الإدارة.

لكن النشيد الوطني أو تحية العلم حين تكون مجرد فعل جامد غير مدعوم بخطاب وطني عن الحقوق والواجبات والمواطنة الحقةلا تؤدي إلى شيء، إنها تصبح - كما يرى عبدالعزيز القاسم - مجرد شكليات وأجساد لا أرواح فيها، لكن حتى هذه الأجساد وتلك الشكليات تجد من المعارضات ما يقف خلف غيابها، ويقول عبدالله المحسن: في حفل مدرسي تعرضنا لازدراء شديد عندما أدرجنا السلام الوطني كافتتاح لفعاليات الحفل، بالإضافة إلى أن الصور التي كانت ضمن احتفالية المئوية أو الأيام الوطنية وغيرها من المناسبات يتم ركنها أو طمسها، أو وضع خط في الصورة يفصل بين الرقبة والجسد.

مما يمكن أن يلفت النظر أكثر حين تدخل إلى مواقع الإنترنت الخاصة ببعض مدارس التعليم، فستجد قوائم طويلة من الروابط والأيقونات التي لن تختلف عن جولة تقوم بها داخل مبنى مدرسي، في موقع خاص بمدرسة ثانوية تجد رابطاً للقصص المؤثرة كما يسميها الموقع، وحين تدخل إليه ستجد العناوين التالية: قصة المكالمة الشيطانية - قصة الشرطيين اللذين تابا حين شاهدا إعدام سيد قطب - قصة فتاة روسية - امرأة في الجحيم - شاهد ما يحدث لفتياتنا ونحن نائمون - كيف يتوب والدك على يدك، بالإضافة إلى ركن خاص بالفتاوى، والأشرطة الوعظية، فيما يضم موقعاً لمدرسة متوسطة رابطاً كبيراً عنوانه: خاص للمتزوجين فقط، وموقع آخر يضع قائمة روابط مفيدة - حسب وصفه - تجد فيها وصلات لمواقع غاية في التطرف والتشدد والتهجم على الشخصيات العامة، ويقول سلطان اليحيا: كان لدى إحدى المدارس وصلة عنوانها: ادخل لترى.. غزوة منهاتن المباركة!!

تنفس صناعي

لم يشهد التعليم أي محاولة تنطلق من الشعور بأزمة في الخطاب الوطني عدا تلك التي قام بها وزير التربية والتعليم السابق الدكتور محمد الأحمد الرشيد. اقتراح ورؤية جاءت على خلفية بعض الأحداث التي مر بها الوطن، ومما أسفر عنه الاجتهاد إضافة مقرر دراسي للطلاب هو مادة (التربية الوطنية)، وتم إقرارها في مراحل تعليمية متعددة، ولكن الذي يجعلها أقرب إلى عملية تنفس صناعي تجرى لمريض يعاني آلاماً لا علاقة لها بالتنفس، هو ذلك الحال الذي بدأت به واستمرت عليه، فحين أقرت في العام 1417ه، كانت ملحقة بشعبة الاجتماعيات، ثم أصبحت عامة يمكن أن يدرسها أي معلم في المدرسة، ومنذ السنة الأولى لإقرارها لم يستطع المقرر أن يكسب احترام الطلاب فقد كان مجرد مادة زائدة لا قيمة لها لا في الدرجات ولا في الامتحان الذي يكون صورياً لا تقييم له فلا رسوب أو نجاح أو في المادة، مما أفقدها أي قيمة علمية فتحولت إلى قيمة مجازية وغير حقيقية، حتى إن كثيرا من المدارس تقوم بامتحان طلابها في هذه المادة قبل بداية الامتحانات الفعلية بأسبوع، ولا يقوم منهج التربية الوطنية على أي موضوعات أو قضايا فعلية عدا تلك التي تتقاطع كثيراً مع موضوعات في مقررات الجغرافيا والتاريخ وبعض المواد الدينية، فتجد دروساً عن اختيار الزوجة، حقوق الوالدين، صلة الرحم، أسلوب حل المشكلات، أهمية الوقت، تقنية الاتصال وأهميته، وقضايا حوق المواطن، وواجباته ومكانة المملكة ووجوب طاعة ولاة الأمر، والنتاج الوطني، وحتى هذه القضايا يتم تقديمها وفق رؤية أحادية وضيقة وبعيدة تماماً عن تصور المفهوم العصري للدولة والحاكم والمؤسسات والانتماء.

في كتاب التربية الوطنية للصف الثالث الثانوي باب عن الجهاد والدفاع الوطني، ويضم حديثاً عن مراتب الجهاد، يتحدث عن جهاد المنافقين وأهل المنكر، ويوضح عن المنافقين بقول: (حيث إنهم من أبناء جلدتنا) وهذا جزء من كثير من الآراء التي تحتاج إلى فحص وتدقيق خاصة وأن مادة التربية يفترض بها وبدهياً أن تراعي ذلك الرابط الأكبر بينها وبين أبناء جلدتها وهو هذا الوطن الكبير.

يريبك كذلك حين تبحث في أوراق الشعب التربوية الخاصة بالتربية الوطنية، وتقرأ ما أعدوا وما أنجزوا من برامج وأنشطة، إحدى الشعب جدولت إنجازاتها، بغرائب مثل: تصميم دفتر تحضير للمادة، إعداد مقترح للمادة، (والأدهى): إعداد نشرة عن الشيشان وما يتعرض له المسلمون هناك!! بالإضافة إلى إنجاز طريف وهو: جمع وترتيب التعاميم في ملزمة خاصة للعودة إليها عند الحاجة.

الآن.. لم يعد هناك من ينكر وجود أزمة خطاب وهوية في التعليم، ومع ما ولدته الأحداث الأخيرة وما كشفته من علل وإشكالات متعددة، يمكن القول: إن إصلاح التعليم سيكون وحده أهم وأكثر الخطوات حيوية في سبيل صناعة مستقبل سعودي مشرق.

إن حيوية التعليم في حياة الأمم تؤكد أنه حجر زاوية في بناء المستقبل الوطني، وفي تحويل الأفكار الوطنية الكبرى إلى مكوّنات في شخصية الفرد، ثم في الشخصية الجمعية للوطن، لكن الحلول التي لا تختلف عن حملات التطعيم لا يمكن أن تُجدي نفعاً إذا كانت المشكلة متعلقة بخطاب الهوية الذي يقدمه التعليم، وارتباكه بين ما هو وطني، وبين ما هو خارج من رؤى قد تكون متشددة أو مغالية، وفي حديث الملك عبدالله الأخير إشارة واضحة إلى مسألة التشدد تعني بأن حيزاً من الأزمة يتمثل في وجود رؤى متشددة واجتهادات خارجة عن المأمول وطنياً. وهي الأفكار التي ستسهم في حلحلة خطاب التشدد.
التحديات الراهنة والقادمة لا يمكن أن تتداخل معها الحلول اليسيرة، ووزارة التربية والتعليم من أبرز القطاعات التي ستخوض تحديات الحاضر والقادم، وحتى يكون الوطن والوطنية محوراً في الخطاب التعليمي، عدا ذلك فإن الدوائر ستظل تدور على نفسها، وسيظل أشقاء الصغير فيصل ممتثلين لذات الغضب الذي ربما يجاهرون به إذا عُزف السلام الملكي، لأن المعلم قال لهم ذلك. ..

تحيـــاتي ,,

C.RONALDO
23-09-2005, 01:12 PM
موضوووووووووووووووع رااااائع أخوي متيم ماشءالله عليك مبدع بالريااضة والدرااااسه يعطيك العافية


تحياتي \ كريستيانو رونالدو

Private Jeddawi
23-09-2005, 04:40 PM
موضوووووووووووووووع رااااائع أخوي متيم ماشءالله عليك مبدع بالريااضة والدرااااسه يعطيك العافية


تحياتي \ كريستيانو رونالدو


الله يخليك .. هذا من ذوقك ، تسلم ومشكور على المرور :)