شايف
25-09-2005, 05:38 PM
http://www.al-hesbah.org/uploads/besm.gif
الحمد لله الذي فرض على الأمة الجهاد ، وشرع لمجاهديها المقاتلة والاستشهاد ، والصلاة والسلام على قدوة أهل الجهاد ، وعلى آله وصحبه أولي العزة والأمجاد .
وبــعــد ، فقد كتبت في هذا الموضوع ـ أعني "ثقافة الاستشهاد" ـ منذ عدة سنوات في شبكتنا الحبيبة "شبكة الفجر"، وبينت في ثناياها أن الغرب عامة ، وأمريكا خاصة تجد في هذه "الثقافة" خطرا محدقا بها ، بل وأزعم أن هذه "الثقافة" تعد أكبر عقبة في طريق تحقيق طموحات غزو أمريكا للعالم الإسلامي ، وبسط سيطرتها على الثروات والعباد.
ولكن للأسف ضاعت هذه المقالات بإغلاق من لا خلاق له "شبكة الفجر"، ولكن ذكرني بهذا الموضوع مرة أخرى مقابلة صحفية أجرتها صحيفة "تايمز الأمريكية" مع أحد الأخوة الاستشهاديين من أهل الفلوجة ، فوجدت من الضروري إعادة تسليط الأضواء على هذا الموضوع الهام مرة أخرى؛ للتذكير بأهمية هذه "الثقافة"، ووجوب تنميتها بين أبناء الأمة بطريقة منضبطة سليمة، تحقق الأهداف، وتتجنب السلبيات، وفي ظل ذلك يمكننا قراءة الأحداث القادمة بشكل أفضل.
هذا وتجدر الإشارة إلى أني لست هنا بصدد بيان حكم القيام بـ "العمليات الاستشهادية" ؛ لأن هذه المسألة أُشبعت بحثا من جانب فقهاء وعلماء عصرنا، وهي بلا ريب جائزة شرعا ، بل أعتقد أنها من أفضل الأعمال الجهادية على الإطلاق، كيف لا وقد جسد فيها الاستشهادي أروع نماذج الإيمان اليقيني بالله تعالى، وإيثار الآخرة على الدنيا ، والتضحية بأعز ما يملكه الإنسان ـ روحه ـ في سبيل الله ، ونصرة دينه؟!!.
فالمجاهد في الصفوف الأمامية يقدم روحه لله على هامش نسبي من النجاة ، أما الاستشهادي ، فلا مجال له بهذا الهامش النسبي، فهو يضحي بروحه يقينا من أجل عقيدة راسخة في قلبه وعقله كرسوخ الجبال الشامخات، لا يمكن بأي حال من الأحوال زحزحتها إلا بطريقة واحدة ، وهي طريقة "غسل الأدمغة"، بثقافة معاكسة أو التشكيك في مشروعية العمل الاستشهادي، وهذا يطول شرحه ، ولعل الله ييسر وأفرد ذلك في مقال مستقل.
قال مقيده "محتسب" : أستهل هذا المقال بمخاطبة الأخوة الاستشهاديين ، فأقول ـ وبالله تعالى التوفيق ـ :
أخي الاستشهادي ! لك تحياتي وامتناني !!.
ولك تحية إجلال وإكبار ، من عامة المسلمين الأحرار ، فأنت أسطورة هذا الزمان ، وخير من جاهد في كل مكان!!.
أخي الاستشهادي ! لقد تقدمت يوم تراجع الناس !!.
وضحيت يوم أخذ المسلمون بأذناب البقر وطلب الزرع!!.
وفررت من الله إلى الله ، يوم فر الناس من الله إلى دنيا يصبونها أو امرأة ينكحونها!!.
فلك من أبناء أمتك الشكر والامتنان على ما تبذله من أجل نصرة الإسلام.
تعريف "العمليات الاستشهادية"
قال مقيده "محتسب" : لكون هذه المقالة تتناول "ثقافة الاستشهاد" ، فلزم في البداية تعريف المقصود بـ "العمليات الاستشهادية" في هذا المقام، وقد رأيت أن أعرفها بجملة مختصرة بأنها : "طلب الشهادة جزما بوسيلة شرعية تثخن في عدو الله ماديا ونفسيا".
فقيد "طلب الشهادة" ، هو احتراز من "العمليات الانتحارية"، التي يقوم بها البعض ، إما لمرض نفسي ، كالاكتئاب والانفصام، أو لغرض دنيوي ، كالانتقام والثأر ، أو لنصرة عقيدة باطلة، أو عرق أو أرض، كالعمليات الانتحارية لنمور التاميل، وحزب العمال الكردستاني.
فالشهادة عندنا ما قصد بها إعلاء كلمة الله تعالى ، وراية الإسلام، لا بقصد الدفاع عن وطنية أو قومية ، أو الانتقام والثأر لهوى النفس.
مع ضرورة التنبيه على أن الانتقام من الكافرين يتضمن معنى إعلاء كلمة الله؛ لأن الانتقام من الكفار لكفرهم هو بالمخالفة نصرة للإيمان.
وقيد "جزما" ، هو احتراز من عمليات الكمائن الجهادية التي تدور بين الكر والفر، فهذه لا تسمى عندنا "عمليات استشهادية".
وقيد "وسيلة شرعية" ، أي أن تكون بوسيلة جائزة شرعا تنكي في العدو ، ولا يتعدى أثرها إلى المسلمين الأبرياء على غلبة الظن، والترجيح .
فلا يجوز مثلا القيام بعملية استشهادية بقنبلة نووية في بلاد المسلمين بزعم ضرب تجمعات العلوج، ويدخل في هذا تحريم استخدام الغازات السامة ، والأسلحة البيولوجية في مدن المسلمين.
وقيد "تثخن في عدو الله ماديا أو نفسيا" ؛ لأن هذا هو الهدف الأساسي من وراء العمليات الاستشهادية.
أما الإثخان المادي للعمليات الاستشهادية، فهو ظاهر بانغماس الاستشهادي بين تجمعات الكفار ، وأخذ أرواحهم إلى جهنم وبئس القرار .
وهذا الإثخان يظهر بشكل فوري ، ولكن بأثر محدود .
وأما الإثخان النفسي للعمليات الاستشهادية ، وإن شئت فسميه "الإثخان المعنوي"، فأقصد به بث الفزع والرعب والرهبة في نفوس الكفار، وهذا أثره واسع جدا وعلى المدى البعيد.
وهذا الأخير "الإثخان المعنوي في العدو" هو محور حديثنا عن "ثقافة الاستشهاد".
"ثقافة الاستشهاد" بين الأمس واليوم
قال مقيده "محتسب" : البعض يظن أن "العمليات الاستشهادية" لم تُعرف إلا منذ عقود ؛ ولذلك صنفها البعض ضمن فقه النوازل.
والصحيح أنها معروفة منذ الصدر الأول ، ولكنها لم تأخذ هذه الصورة النمطية المعهودة (أعني الحزام الناسف ، أو السيارة المفخخة) إلا بعد أن اكتشاف "نوبل" التركيب الكيماوي للمتفجرات.
فقد كانت العمليات الاستشهادية تأخذ نمط إلقاء المسلم بنفسه بين أظهر الكفار، بحدهم وحديدهم، وهو يعلم بأنه بذلك هالك لا محالة.
ومن هذه العمليات المشهورة ما ذكره المؤرخون عن الصحابي الجليل البطل الكرار "البراء بن مالك" أخو خادم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ "أنس بن مالك" ، وذلك يوم اليمامة في حرب مسيلمة الكذّاب ، فعندما انتهت جيوش المسلمين إلى حائط (حديقة) محكمة الإغلاق ، قد تترس به الكفار ، فطلب "البراء" من أصحابه أن يحملوه على ترس على أسنة رماحهم ، ويلقوا به داخل هذا الحائط ، فاقتحم إليهم ، وشد عليهم ، وقاتل حتى افتتح باب الحديقة بعد أن قُطع جسده الطاهر يومئذ بضعة وثمانين جرحا، فكانت شهادته التي خلد التاريخ ذكراها.
فانغماسه ـ رضي الله عنه ـ بين أظهر الكفار بهذه الطريقة ، هي "عملية استشهادية" عظيمة، رغم أنف المفتين، والمفتونين؛ لأنه بإجماع العقلاء هالك لا محالة.
وذكر القرطبي في "تفسيره" 2/363 : "أن عسكر المسلمين لما لقي الفرس نفرت خيل المسلمين من الفيلة ، فعمد رجل منهم فصنع فيلا من طين ، وآنس به فرسه حتى ألفه ، فلما أصبح لم ينفر فرسه من الفيل [الحقيقي]، فحمل على الفيل الذي كان يقدمها، فقيل له : إنه قاتلك ؟! فقال : لا ضير أن أُقتل، ويفتح للمسلمين".
ولو ذهبت أتتبع قصص "العمليات الاستشهادية" منذ قديم الزمان لضاق بنا المكان ، ولكن فيما أشرت إليه يكفي لأهل الإيمان.
قال مقيده "محتسب" : نعود فنقول : وهكذا سارت العمليات الاستشهادية على هذا المنوال حتى ابتكر "نوبل" في نهاية (القرن 19) التركيبة الكيميائية للمتفجرات ، وتبع ذلك ابتكار الأخوين للطائرات.
وكان أول من استخدم الطائرات بطريقة "انتحارية" اليابانيون في الحرب العالمية، فقد كان الطيار إذا نفدت ذخيرته، انقض بطائرته على هدف عسكري أمريكي.
ولكن لم تكن هذه العمليات ظاهرة مقلقلة للجيش الأمريكي ؛ لأنها كانت بأوامر عسكرية، وبدافع عاطفي مبني على التضحية من أجل إمبراطور اليابان؛ لذلك كانت محدودة الأثر ، فكان بعض الطيارين اليابانيين يحتالون على الأوامر بإفراغ خزان وقود الطائرة ، ثم إسقاطها في الماء.
وحدثت كذلك "عمليات انتحارية" خلال الحرب العالمية الأولى والثانية ، ولكنها أيضا لم تكن ظاهرة مروعة، وإنما بدوافع انتقامية من الجيوش الغازية.
وفي زماننا الحديث استخدمت هذه الوسيلة ـ أعني استخدام المتفجرات في "عمليات انتحارية" ـ بشكل ملفت بين الحركات الثورية كـ "ثوار نمور التامين"، و"ثوار حزب العمال الكردستاني".
وبدأ حزب الله الرافضي باستخدامها أيضا منذ الثمانينات بشكل أكثر كثافة، وأذكر أني شاهدت أوائل هذه العمليات عندما قاد أحدهم سيارة مرسيدس بيضاء، ودخل في بناية متعددة الطوابق يسكنها المارينز الأمريكي في بيروت، ثم صارت تلك البناية كومة تراب، وكانت هذه العملية وقتئذ حديث الناس والإعلام.
ثم جاءت حماس والجهاد الإسلامي لتجعل من هذه العمليات "ثقافة استشهاد"، ومن خلالها حصدت رؤوس المئات ، فأثارت هذه "العمليات الاستشهادية" الرعب والرهبة في نفوس الصهاينة، فأخذت حكوماتهم في البحث عن وسيلة لردع ومجابهة هذه "الثقافة" الناشئة، والتي تهدد كيانهم بالزوال ، وسرعان ما ظهرت أثار هذه العمليات على المجتمع الصهيوني ، ومن ذلك:
1 ـ ظاهرة الهجرة المعاكسة، حيث هرب العديد من الصهاينة بسبب الرعب من "العمليات الاستشهادية" من فلسطين إلى أوروبا وكندا وأمريكا .
2 ـ هروب رؤوس الأموال الصهيونية إلى أوروبا وأمريكا .
3 ـ ظهرت عدة آفات اجتماعية وأمراض نفسية .
4 ـ انزواء الصهاينة إلى أعشاش وحظائر محصنة وتحت حراسة أمنية مشددة، حتى حدثني في التسعينات غزاوي بأن الفلسطيني يسرح ويمرح ، والصهيوني داخل مغتصبة في عشش كعشش الدجاج!!.
وبدأ عقلاء الصهاينة في البحث عن وسيلة فعالة لمجابهة الضيف الجديد ـ وأعني بذلك تنامي "ثقافة العمليات الاستشهادية"ـ ، فكانت بداية معالجتهم لهذه العقدة باقتراح هدم بيت عائلة الاستشهادي ، والنهاية بابتكار حخامي أحمق ، اقترح فيه دفن أشلاء الاستشهادي في جلد خنزير حتى لا يدخل الجنة !!!
ومع هذا ازدهرت التجارة مع الله عبر "العمليات الاستشهادية"، وازداد القلق الصهيوني يوما بعد يوم.
وقد لاحظت بعض الجماعات الإسلامية أثر "العمليات الاستشهادية"، فاقتبستها الجماعة الإسلامية في مصر على خجل في التسعينات، فنفذوا عملية بدراجة بخارية في موكب وزير الداخلية، وأظنه كان الملقب بشيخ العرب "عبد الحليم موسى"، ولكنه نجا منها.
واستمر نمو "ثقافة الاستشهاد" في عقول المجاهدين ، فقد وجدوا فيها السلاح الأمثل الذي لا يقهر ، ولا يجابه.
السلاح الذي أعجز عقلاء الغرب والشرق !! .
ثم كانت العملية الكبرى !! .
أضخم ، وأقوى ، وأكبر "عملية استشهادية" عرفها التاريخ ، وهي عملية 11 سبتمبر التي قام بها أكبر عدد من الاستشهاديين في وقت واحد ، وهم الـ 19 .
ومع قوة هذه العملية ، وما تضمنته من قفزة نوعية في "ثقافة الاستشهاد" ، لم يستوعب الأمريكان الدرس، ويتفرسوا في تبعات هذه القفزة!!
فأعمى الله بصيرتهم وبصائرهم ، فقد كان همهم الانتقام ، وتحقيق مخططات الاستيلاء على ثروات المسلمين ، والتعجيل بظهور مسيخهم الدجال!!.
فكان ما كان من غزوهم لبلاد الرافدين في زمن قياسي، وذهبت جعجعة البعث ، والقوميين العرب أدراج الرياح، وفي نشوة النصر ظهر كلب الأمريكان "جورج بوش" كالطاووس على ظهر البارجة الأمريكية يعلن الانتصار على المسلمين!!! وفات هذا البائس ما خبأ له في قادم الزمان، وأن أكبر "عملية استشهادية" في التاريخ ـ 11 سبتمبر ـ قد فجرت "ثقافة الاستشهاد" في عقول المسلمين عامة ، والشباب المسلم خاصة، لا قبل لأهل الأرض بها!!.
فلن تنفع معها لا القنابل النووية ، ولا الصواريخ الذكية .
ولن تنفع معها لا عمليات السيف والخنجر ، ولا أمواس الحلاقة!!
لقد فتح هؤلاء الحمقى سكان البيت الأسود على العالم أبواب جهنم من حيث لا يشعرون!!!.
زعموا أنها نزهة ، وهي كذلك نزهة ولكن ليست إلى منتزه ديزني ، ولا حدائق لندن ، ولا غابات الأمازون، ولكنها نزهة إلى الجهنم وبئس المصير ، من باب http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/start-icon.gif فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/end-icon.gif (الانشقاق:24).
نزهة يحتضنون فيها أسراب السيارات المفخخة ، والأحزام الناسفة.
نزهة من بهجتها ستفقدهم عقولهم وصوابهم، فيقتل بعضهم بعضا!!
نزهة رفعت معدلات طلاق جنودهم من 5, 1% ، إلى 6% !!.
نزهة جعلت جنودهم إما أشلاء ، أو معاقين ، أو مرضى نفسانيين!!
نزهة يا كلب الأمريكان "بوش" إلى مخيمات الاستشهاديين ، التي يُمرح فيها بأشلاء الكافرين ، كتب على منافذها بالخط العريض : أنتم لها أهلا ، ووطأها سهلا، ومخرجها عسيرا http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/start-icon.gif قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/end-icon.gif (آل عمران:12).
جذور "ثقافة الاستشهاد"
قال مقيده "محتسب" : لقد كان المنافقون من صهاينة العرب أكثر ذكاء من سيدهم بوش؛ عندما حذروه من تبعات غزوه لبلاد الرافدين؛ فقد رصدوا ظاهرة نمو "ثقافة الاستشهاد" بين الشباب المسلم، فأدركوا أن استثارة واستفزاز عمهم سام لهؤلاء الشباب سيجعل من عظامهم شظايا تدمر وتحرق الأخضر واليابس.
لقد أدرك هؤلاء من خلال إيحاءات بطانتهم الفاسدة من علماء السوء، وأنصاف العلماء بأن استفزاز الأمريكان للشباب المسلم لا ينحصر في هذه الفئة القليلة من المجاهدين السابقين الذي صالوا وجالوا على ثغور أفغانستان ، وجبهات الشيشان ، وساحات البوسنة، فهؤلاء قد شاخوا ، وأحالوا أنفسهم على التقاعد، ولكن أُس المصيبة التي ستقع على رؤوس الأمريكان وأذنابهم من المنافقين هي من تلك الفئة التي يصلحها الله في ليلة، الذين يمسون في الخمارات، ويصبحون في صفوف الجبهات!! http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/start-icon.gif فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/end-icon.gif (الحشر:2). فلم يعتبروا بالاستشهادي اللبناني "زياد الجراح"، الذي أمسى راقصا على ألحان عبد الوهاب ، وأصبح استشهاديا لا يهاب .
فيا عباد الصليب !!
ويا صهاينة العرب !!
ويا علماء السوء !!
أنتم لا تؤمنون ، ومن ثَم لن تفهموا !! إي والله لن تفهموا!! فقد ختم الله على قلوبكم ، وأعمى أبصاركم ليقضي الله أمرا كان مفعولا!!.
المسلم صاحب العقيدة الراسخة ليس حاله كحال أصحاب الضفائر في "كريات أربعة" الذين يتهربون من خدمة العلم الصهيوني.
المسلم صاحب العقيدة الراسخة ليس حاله كحال أصحاب الصلبان المعلقة على الأعناق، ويظهر التبتل والانقطاع عن الشهوات، وهو في الخفاء يتلاعب بأعراض الصبية والراهبات من وراء الجدران.
المسلم صاحب العقيدة الراسخة ليس حاله كحال أصحاب الكهانة والرهبنة الذي ينتظر من يضع اللقمة في أفواههم.
المسلم صاحب العقيدة الراسخة هو حفيد خالد بن الوليد الذي كتب إلى أهل المدائن يقول : "من خالد بن الوليد إلى مرازبة أهل فارس .
سلام على من اتبع الهدى .
أما بعد ، فالحمد لله الذي فض خدمتكم ، وسلب ملككم ، ووهن كيدكم ، وإنه من صلى صلاتنا ، واستقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا ، فذلك المسلم الذي له مالنا ، وعليه ما علينا .
أما بعد ، فإذا جاءكم كتابي ، فابعثوا إلي بالرهن ، واعتقدوا مني الذمة ، وإلا فوالذي لا إله غيره لأبعثن إليكم قوما يحبون الموت كما تحبون الحياة .
فهذه هي جذور الاستشهاديين أيها الناس ، تتلخص في عبارة سيف الإسلام ، وجدنا الهمام خالد بن الوليد : وإلا فوالذي لا إله غيره لأبعثن إليكم قوما يحبون الموت كما تحبون الحياة .
وها نحن نقول ونكرر ما قاله جدنا سيف الإسلام خالد بن الوليد : اخرجوا أيها الأمريكان من بلاد المسلمين ، وخلو بيننا وبين الصهاينة ، وإلا فوالذي لا إله غيره لينبعثن إليكم قوم من الاستشهاديين بسياراتهم المفخخة ، وأحزمتهم الناسفة إلى مضاجعكم في كل مكان من اليابان إلى شوارع وأزقة نيويورك وواشنطن يحبون الموت كما تحبون الحياة .
فالاستشهادي يعتبر يوم عمليته ، هو يوم مولده .
بل ويعتبره يوم زفافه .
بل ويعتبره يوم نجاته . يوم ينقسم الناس إلى فريقين لا ثالث لهما ، ذلك : http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/start-icon.gif يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/end-icon.gif (الشورى:7).
فـ "ثقافة الاستشهاد" أبرز محاسنها العلماء العاملين، وشنع بها من لا خلاق له ولا دين ، فلخص إمام المالكية "ابن العربي" محاسنها في "أحكام القرآن" 1/166، فقال : "والصحيح عندي جوازه ـ أي العمل الاستشهادي ـ؛ لأن فيه أربعة أوجه :
الأول ـ طلب الشهادة .
الثاني ـ وجود النكاية .
الثالث ـ تجرئة المسلمين عليهم .
الرابع ـ ضعف نفوسهم ؛ ليروا أن هذا صنع واحد ، فما ظنك بالجميع".
أما من لا خلاق له ولا دين ، فهم عباد الشهوات ، ومدمنو الرقص في الكباريهات ، فلا يعرفون من الحياة إلا هذه الفانية التي فيها يتمخطون ، وفي مراحيضها يتبرزون.
ينظرون للعمليات الاستشهادية بأنها عمليات انتحارية، وللمجاهد الاستشهادي بالأحمق والمجنون!!! سلفهم في ذلك قوم نوح http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/start-icon.gif كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/end-icon.gif (القمر:9).
ولسان حالهم يقول : http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/start-icon.gif أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/end-icon.gif (الصافات:16).
فسبحان من فرق بين معسكر أهل الإيمان ، ومعسكر أهل الكفر والخذلان، فوالله http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/start-icon.gif إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/end-icon.gif (الممتحنة:4).
الأمـجـاد في "ثــقـافة الاسـتـشـهاد"
قال مقيده "محتسب" : إن المستقرئ للرسم البياني للعمليات الاستشهادية يجده في تصاعد مطرد ، وقد قفز في العراق قفزة نوعية ، أشبهها بقفزة الزانة التي يعرفها الرياضيون ، والتي تتراوح مقاييسها بين (4 ـ 5 أمتار) ، فكأني بأهل الجبهات في أفغانستان ، والشيشان وفلسطين ، والعراق أقاموا مسابقة للعمليات الاستشهادية عن طريق القفز بالزانة، فسجل كل منهم بما فتح الله عليه، ثم جاء الحبيب والمجاهد الكبير الزرقاوي، فوثب بزانته وثبة عالية سجلت رقما قياسيا أبهر بها من قبله ، وأعجز بها من بعده، فطالت قفزته ناطحات السحاب!!!.
يظهر ذلك جليا من خلال عشرات العمليات الاستشهادية اليومية بشكل محير لأهل الإيمان ، ومصعق لأهل الكفر والخذلان.
ولذلك من يتأمل الفيلم الأخير لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين المسمى "ويكون الدين كله لله" يلحظ كيف غازل المجاهدون الأمريكان بإظهار أعداد الاستشهاديين، ومدى فرحهم بالانتساب لهذه الكتيبة، ثم تبع ذلك لقطات حية لعمليات نوعية، http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/start-icon.gif لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/end-icon.gif (الفتح:29) .
ففيلم "ويكون الدين كله لله" أراه عبارة عن حملة ترويجية للعمليات الاستشهادية، وهو بذلك يدخل مباشرة في الدعاية لـ "ثقافة الاستشهاد" التي نحن بصدد الحديث عنها.
الحمد لله الذي فرض على الأمة الجهاد ، وشرع لمجاهديها المقاتلة والاستشهاد ، والصلاة والسلام على قدوة أهل الجهاد ، وعلى آله وصحبه أولي العزة والأمجاد .
وبــعــد ، فقد كتبت في هذا الموضوع ـ أعني "ثقافة الاستشهاد" ـ منذ عدة سنوات في شبكتنا الحبيبة "شبكة الفجر"، وبينت في ثناياها أن الغرب عامة ، وأمريكا خاصة تجد في هذه "الثقافة" خطرا محدقا بها ، بل وأزعم أن هذه "الثقافة" تعد أكبر عقبة في طريق تحقيق طموحات غزو أمريكا للعالم الإسلامي ، وبسط سيطرتها على الثروات والعباد.
ولكن للأسف ضاعت هذه المقالات بإغلاق من لا خلاق له "شبكة الفجر"، ولكن ذكرني بهذا الموضوع مرة أخرى مقابلة صحفية أجرتها صحيفة "تايمز الأمريكية" مع أحد الأخوة الاستشهاديين من أهل الفلوجة ، فوجدت من الضروري إعادة تسليط الأضواء على هذا الموضوع الهام مرة أخرى؛ للتذكير بأهمية هذه "الثقافة"، ووجوب تنميتها بين أبناء الأمة بطريقة منضبطة سليمة، تحقق الأهداف، وتتجنب السلبيات، وفي ظل ذلك يمكننا قراءة الأحداث القادمة بشكل أفضل.
هذا وتجدر الإشارة إلى أني لست هنا بصدد بيان حكم القيام بـ "العمليات الاستشهادية" ؛ لأن هذه المسألة أُشبعت بحثا من جانب فقهاء وعلماء عصرنا، وهي بلا ريب جائزة شرعا ، بل أعتقد أنها من أفضل الأعمال الجهادية على الإطلاق، كيف لا وقد جسد فيها الاستشهادي أروع نماذج الإيمان اليقيني بالله تعالى، وإيثار الآخرة على الدنيا ، والتضحية بأعز ما يملكه الإنسان ـ روحه ـ في سبيل الله ، ونصرة دينه؟!!.
فالمجاهد في الصفوف الأمامية يقدم روحه لله على هامش نسبي من النجاة ، أما الاستشهادي ، فلا مجال له بهذا الهامش النسبي، فهو يضحي بروحه يقينا من أجل عقيدة راسخة في قلبه وعقله كرسوخ الجبال الشامخات، لا يمكن بأي حال من الأحوال زحزحتها إلا بطريقة واحدة ، وهي طريقة "غسل الأدمغة"، بثقافة معاكسة أو التشكيك في مشروعية العمل الاستشهادي، وهذا يطول شرحه ، ولعل الله ييسر وأفرد ذلك في مقال مستقل.
قال مقيده "محتسب" : أستهل هذا المقال بمخاطبة الأخوة الاستشهاديين ، فأقول ـ وبالله تعالى التوفيق ـ :
أخي الاستشهادي ! لك تحياتي وامتناني !!.
ولك تحية إجلال وإكبار ، من عامة المسلمين الأحرار ، فأنت أسطورة هذا الزمان ، وخير من جاهد في كل مكان!!.
أخي الاستشهادي ! لقد تقدمت يوم تراجع الناس !!.
وضحيت يوم أخذ المسلمون بأذناب البقر وطلب الزرع!!.
وفررت من الله إلى الله ، يوم فر الناس من الله إلى دنيا يصبونها أو امرأة ينكحونها!!.
فلك من أبناء أمتك الشكر والامتنان على ما تبذله من أجل نصرة الإسلام.
تعريف "العمليات الاستشهادية"
قال مقيده "محتسب" : لكون هذه المقالة تتناول "ثقافة الاستشهاد" ، فلزم في البداية تعريف المقصود بـ "العمليات الاستشهادية" في هذا المقام، وقد رأيت أن أعرفها بجملة مختصرة بأنها : "طلب الشهادة جزما بوسيلة شرعية تثخن في عدو الله ماديا ونفسيا".
فقيد "طلب الشهادة" ، هو احتراز من "العمليات الانتحارية"، التي يقوم بها البعض ، إما لمرض نفسي ، كالاكتئاب والانفصام، أو لغرض دنيوي ، كالانتقام والثأر ، أو لنصرة عقيدة باطلة، أو عرق أو أرض، كالعمليات الانتحارية لنمور التاميل، وحزب العمال الكردستاني.
فالشهادة عندنا ما قصد بها إعلاء كلمة الله تعالى ، وراية الإسلام، لا بقصد الدفاع عن وطنية أو قومية ، أو الانتقام والثأر لهوى النفس.
مع ضرورة التنبيه على أن الانتقام من الكافرين يتضمن معنى إعلاء كلمة الله؛ لأن الانتقام من الكفار لكفرهم هو بالمخالفة نصرة للإيمان.
وقيد "جزما" ، هو احتراز من عمليات الكمائن الجهادية التي تدور بين الكر والفر، فهذه لا تسمى عندنا "عمليات استشهادية".
وقيد "وسيلة شرعية" ، أي أن تكون بوسيلة جائزة شرعا تنكي في العدو ، ولا يتعدى أثرها إلى المسلمين الأبرياء على غلبة الظن، والترجيح .
فلا يجوز مثلا القيام بعملية استشهادية بقنبلة نووية في بلاد المسلمين بزعم ضرب تجمعات العلوج، ويدخل في هذا تحريم استخدام الغازات السامة ، والأسلحة البيولوجية في مدن المسلمين.
وقيد "تثخن في عدو الله ماديا أو نفسيا" ؛ لأن هذا هو الهدف الأساسي من وراء العمليات الاستشهادية.
أما الإثخان المادي للعمليات الاستشهادية، فهو ظاهر بانغماس الاستشهادي بين تجمعات الكفار ، وأخذ أرواحهم إلى جهنم وبئس القرار .
وهذا الإثخان يظهر بشكل فوري ، ولكن بأثر محدود .
وأما الإثخان النفسي للعمليات الاستشهادية ، وإن شئت فسميه "الإثخان المعنوي"، فأقصد به بث الفزع والرعب والرهبة في نفوس الكفار، وهذا أثره واسع جدا وعلى المدى البعيد.
وهذا الأخير "الإثخان المعنوي في العدو" هو محور حديثنا عن "ثقافة الاستشهاد".
"ثقافة الاستشهاد" بين الأمس واليوم
قال مقيده "محتسب" : البعض يظن أن "العمليات الاستشهادية" لم تُعرف إلا منذ عقود ؛ ولذلك صنفها البعض ضمن فقه النوازل.
والصحيح أنها معروفة منذ الصدر الأول ، ولكنها لم تأخذ هذه الصورة النمطية المعهودة (أعني الحزام الناسف ، أو السيارة المفخخة) إلا بعد أن اكتشاف "نوبل" التركيب الكيماوي للمتفجرات.
فقد كانت العمليات الاستشهادية تأخذ نمط إلقاء المسلم بنفسه بين أظهر الكفار، بحدهم وحديدهم، وهو يعلم بأنه بذلك هالك لا محالة.
ومن هذه العمليات المشهورة ما ذكره المؤرخون عن الصحابي الجليل البطل الكرار "البراء بن مالك" أخو خادم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ "أنس بن مالك" ، وذلك يوم اليمامة في حرب مسيلمة الكذّاب ، فعندما انتهت جيوش المسلمين إلى حائط (حديقة) محكمة الإغلاق ، قد تترس به الكفار ، فطلب "البراء" من أصحابه أن يحملوه على ترس على أسنة رماحهم ، ويلقوا به داخل هذا الحائط ، فاقتحم إليهم ، وشد عليهم ، وقاتل حتى افتتح باب الحديقة بعد أن قُطع جسده الطاهر يومئذ بضعة وثمانين جرحا، فكانت شهادته التي خلد التاريخ ذكراها.
فانغماسه ـ رضي الله عنه ـ بين أظهر الكفار بهذه الطريقة ، هي "عملية استشهادية" عظيمة، رغم أنف المفتين، والمفتونين؛ لأنه بإجماع العقلاء هالك لا محالة.
وذكر القرطبي في "تفسيره" 2/363 : "أن عسكر المسلمين لما لقي الفرس نفرت خيل المسلمين من الفيلة ، فعمد رجل منهم فصنع فيلا من طين ، وآنس به فرسه حتى ألفه ، فلما أصبح لم ينفر فرسه من الفيل [الحقيقي]، فحمل على الفيل الذي كان يقدمها، فقيل له : إنه قاتلك ؟! فقال : لا ضير أن أُقتل، ويفتح للمسلمين".
ولو ذهبت أتتبع قصص "العمليات الاستشهادية" منذ قديم الزمان لضاق بنا المكان ، ولكن فيما أشرت إليه يكفي لأهل الإيمان.
قال مقيده "محتسب" : نعود فنقول : وهكذا سارت العمليات الاستشهادية على هذا المنوال حتى ابتكر "نوبل" في نهاية (القرن 19) التركيبة الكيميائية للمتفجرات ، وتبع ذلك ابتكار الأخوين للطائرات.
وكان أول من استخدم الطائرات بطريقة "انتحارية" اليابانيون في الحرب العالمية، فقد كان الطيار إذا نفدت ذخيرته، انقض بطائرته على هدف عسكري أمريكي.
ولكن لم تكن هذه العمليات ظاهرة مقلقلة للجيش الأمريكي ؛ لأنها كانت بأوامر عسكرية، وبدافع عاطفي مبني على التضحية من أجل إمبراطور اليابان؛ لذلك كانت محدودة الأثر ، فكان بعض الطيارين اليابانيين يحتالون على الأوامر بإفراغ خزان وقود الطائرة ، ثم إسقاطها في الماء.
وحدثت كذلك "عمليات انتحارية" خلال الحرب العالمية الأولى والثانية ، ولكنها أيضا لم تكن ظاهرة مروعة، وإنما بدوافع انتقامية من الجيوش الغازية.
وفي زماننا الحديث استخدمت هذه الوسيلة ـ أعني استخدام المتفجرات في "عمليات انتحارية" ـ بشكل ملفت بين الحركات الثورية كـ "ثوار نمور التامين"، و"ثوار حزب العمال الكردستاني".
وبدأ حزب الله الرافضي باستخدامها أيضا منذ الثمانينات بشكل أكثر كثافة، وأذكر أني شاهدت أوائل هذه العمليات عندما قاد أحدهم سيارة مرسيدس بيضاء، ودخل في بناية متعددة الطوابق يسكنها المارينز الأمريكي في بيروت، ثم صارت تلك البناية كومة تراب، وكانت هذه العملية وقتئذ حديث الناس والإعلام.
ثم جاءت حماس والجهاد الإسلامي لتجعل من هذه العمليات "ثقافة استشهاد"، ومن خلالها حصدت رؤوس المئات ، فأثارت هذه "العمليات الاستشهادية" الرعب والرهبة في نفوس الصهاينة، فأخذت حكوماتهم في البحث عن وسيلة لردع ومجابهة هذه "الثقافة" الناشئة، والتي تهدد كيانهم بالزوال ، وسرعان ما ظهرت أثار هذه العمليات على المجتمع الصهيوني ، ومن ذلك:
1 ـ ظاهرة الهجرة المعاكسة، حيث هرب العديد من الصهاينة بسبب الرعب من "العمليات الاستشهادية" من فلسطين إلى أوروبا وكندا وأمريكا .
2 ـ هروب رؤوس الأموال الصهيونية إلى أوروبا وأمريكا .
3 ـ ظهرت عدة آفات اجتماعية وأمراض نفسية .
4 ـ انزواء الصهاينة إلى أعشاش وحظائر محصنة وتحت حراسة أمنية مشددة، حتى حدثني في التسعينات غزاوي بأن الفلسطيني يسرح ويمرح ، والصهيوني داخل مغتصبة في عشش كعشش الدجاج!!.
وبدأ عقلاء الصهاينة في البحث عن وسيلة فعالة لمجابهة الضيف الجديد ـ وأعني بذلك تنامي "ثقافة العمليات الاستشهادية"ـ ، فكانت بداية معالجتهم لهذه العقدة باقتراح هدم بيت عائلة الاستشهادي ، والنهاية بابتكار حخامي أحمق ، اقترح فيه دفن أشلاء الاستشهادي في جلد خنزير حتى لا يدخل الجنة !!!
ومع هذا ازدهرت التجارة مع الله عبر "العمليات الاستشهادية"، وازداد القلق الصهيوني يوما بعد يوم.
وقد لاحظت بعض الجماعات الإسلامية أثر "العمليات الاستشهادية"، فاقتبستها الجماعة الإسلامية في مصر على خجل في التسعينات، فنفذوا عملية بدراجة بخارية في موكب وزير الداخلية، وأظنه كان الملقب بشيخ العرب "عبد الحليم موسى"، ولكنه نجا منها.
واستمر نمو "ثقافة الاستشهاد" في عقول المجاهدين ، فقد وجدوا فيها السلاح الأمثل الذي لا يقهر ، ولا يجابه.
السلاح الذي أعجز عقلاء الغرب والشرق !! .
ثم كانت العملية الكبرى !! .
أضخم ، وأقوى ، وأكبر "عملية استشهادية" عرفها التاريخ ، وهي عملية 11 سبتمبر التي قام بها أكبر عدد من الاستشهاديين في وقت واحد ، وهم الـ 19 .
ومع قوة هذه العملية ، وما تضمنته من قفزة نوعية في "ثقافة الاستشهاد" ، لم يستوعب الأمريكان الدرس، ويتفرسوا في تبعات هذه القفزة!!
فأعمى الله بصيرتهم وبصائرهم ، فقد كان همهم الانتقام ، وتحقيق مخططات الاستيلاء على ثروات المسلمين ، والتعجيل بظهور مسيخهم الدجال!!.
فكان ما كان من غزوهم لبلاد الرافدين في زمن قياسي، وذهبت جعجعة البعث ، والقوميين العرب أدراج الرياح، وفي نشوة النصر ظهر كلب الأمريكان "جورج بوش" كالطاووس على ظهر البارجة الأمريكية يعلن الانتصار على المسلمين!!! وفات هذا البائس ما خبأ له في قادم الزمان، وأن أكبر "عملية استشهادية" في التاريخ ـ 11 سبتمبر ـ قد فجرت "ثقافة الاستشهاد" في عقول المسلمين عامة ، والشباب المسلم خاصة، لا قبل لأهل الأرض بها!!.
فلن تنفع معها لا القنابل النووية ، ولا الصواريخ الذكية .
ولن تنفع معها لا عمليات السيف والخنجر ، ولا أمواس الحلاقة!!
لقد فتح هؤلاء الحمقى سكان البيت الأسود على العالم أبواب جهنم من حيث لا يشعرون!!!.
زعموا أنها نزهة ، وهي كذلك نزهة ولكن ليست إلى منتزه ديزني ، ولا حدائق لندن ، ولا غابات الأمازون، ولكنها نزهة إلى الجهنم وبئس المصير ، من باب http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/start-icon.gif فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/end-icon.gif (الانشقاق:24).
نزهة يحتضنون فيها أسراب السيارات المفخخة ، والأحزام الناسفة.
نزهة من بهجتها ستفقدهم عقولهم وصوابهم، فيقتل بعضهم بعضا!!
نزهة رفعت معدلات طلاق جنودهم من 5, 1% ، إلى 6% !!.
نزهة جعلت جنودهم إما أشلاء ، أو معاقين ، أو مرضى نفسانيين!!
نزهة يا كلب الأمريكان "بوش" إلى مخيمات الاستشهاديين ، التي يُمرح فيها بأشلاء الكافرين ، كتب على منافذها بالخط العريض : أنتم لها أهلا ، ووطأها سهلا، ومخرجها عسيرا http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/start-icon.gif قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/end-icon.gif (آل عمران:12).
جذور "ثقافة الاستشهاد"
قال مقيده "محتسب" : لقد كان المنافقون من صهاينة العرب أكثر ذكاء من سيدهم بوش؛ عندما حذروه من تبعات غزوه لبلاد الرافدين؛ فقد رصدوا ظاهرة نمو "ثقافة الاستشهاد" بين الشباب المسلم، فأدركوا أن استثارة واستفزاز عمهم سام لهؤلاء الشباب سيجعل من عظامهم شظايا تدمر وتحرق الأخضر واليابس.
لقد أدرك هؤلاء من خلال إيحاءات بطانتهم الفاسدة من علماء السوء، وأنصاف العلماء بأن استفزاز الأمريكان للشباب المسلم لا ينحصر في هذه الفئة القليلة من المجاهدين السابقين الذي صالوا وجالوا على ثغور أفغانستان ، وجبهات الشيشان ، وساحات البوسنة، فهؤلاء قد شاخوا ، وأحالوا أنفسهم على التقاعد، ولكن أُس المصيبة التي ستقع على رؤوس الأمريكان وأذنابهم من المنافقين هي من تلك الفئة التي يصلحها الله في ليلة، الذين يمسون في الخمارات، ويصبحون في صفوف الجبهات!! http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/start-icon.gif فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/end-icon.gif (الحشر:2). فلم يعتبروا بالاستشهادي اللبناني "زياد الجراح"، الذي أمسى راقصا على ألحان عبد الوهاب ، وأصبح استشهاديا لا يهاب .
فيا عباد الصليب !!
ويا صهاينة العرب !!
ويا علماء السوء !!
أنتم لا تؤمنون ، ومن ثَم لن تفهموا !! إي والله لن تفهموا!! فقد ختم الله على قلوبكم ، وأعمى أبصاركم ليقضي الله أمرا كان مفعولا!!.
المسلم صاحب العقيدة الراسخة ليس حاله كحال أصحاب الضفائر في "كريات أربعة" الذين يتهربون من خدمة العلم الصهيوني.
المسلم صاحب العقيدة الراسخة ليس حاله كحال أصحاب الصلبان المعلقة على الأعناق، ويظهر التبتل والانقطاع عن الشهوات، وهو في الخفاء يتلاعب بأعراض الصبية والراهبات من وراء الجدران.
المسلم صاحب العقيدة الراسخة ليس حاله كحال أصحاب الكهانة والرهبنة الذي ينتظر من يضع اللقمة في أفواههم.
المسلم صاحب العقيدة الراسخة هو حفيد خالد بن الوليد الذي كتب إلى أهل المدائن يقول : "من خالد بن الوليد إلى مرازبة أهل فارس .
سلام على من اتبع الهدى .
أما بعد ، فالحمد لله الذي فض خدمتكم ، وسلب ملككم ، ووهن كيدكم ، وإنه من صلى صلاتنا ، واستقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا ، فذلك المسلم الذي له مالنا ، وعليه ما علينا .
أما بعد ، فإذا جاءكم كتابي ، فابعثوا إلي بالرهن ، واعتقدوا مني الذمة ، وإلا فوالذي لا إله غيره لأبعثن إليكم قوما يحبون الموت كما تحبون الحياة .
فهذه هي جذور الاستشهاديين أيها الناس ، تتلخص في عبارة سيف الإسلام ، وجدنا الهمام خالد بن الوليد : وإلا فوالذي لا إله غيره لأبعثن إليكم قوما يحبون الموت كما تحبون الحياة .
وها نحن نقول ونكرر ما قاله جدنا سيف الإسلام خالد بن الوليد : اخرجوا أيها الأمريكان من بلاد المسلمين ، وخلو بيننا وبين الصهاينة ، وإلا فوالذي لا إله غيره لينبعثن إليكم قوم من الاستشهاديين بسياراتهم المفخخة ، وأحزمتهم الناسفة إلى مضاجعكم في كل مكان من اليابان إلى شوارع وأزقة نيويورك وواشنطن يحبون الموت كما تحبون الحياة .
فالاستشهادي يعتبر يوم عمليته ، هو يوم مولده .
بل ويعتبره يوم زفافه .
بل ويعتبره يوم نجاته . يوم ينقسم الناس إلى فريقين لا ثالث لهما ، ذلك : http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/start-icon.gif يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/end-icon.gif (الشورى:7).
فـ "ثقافة الاستشهاد" أبرز محاسنها العلماء العاملين، وشنع بها من لا خلاق له ولا دين ، فلخص إمام المالكية "ابن العربي" محاسنها في "أحكام القرآن" 1/166، فقال : "والصحيح عندي جوازه ـ أي العمل الاستشهادي ـ؛ لأن فيه أربعة أوجه :
الأول ـ طلب الشهادة .
الثاني ـ وجود النكاية .
الثالث ـ تجرئة المسلمين عليهم .
الرابع ـ ضعف نفوسهم ؛ ليروا أن هذا صنع واحد ، فما ظنك بالجميع".
أما من لا خلاق له ولا دين ، فهم عباد الشهوات ، ومدمنو الرقص في الكباريهات ، فلا يعرفون من الحياة إلا هذه الفانية التي فيها يتمخطون ، وفي مراحيضها يتبرزون.
ينظرون للعمليات الاستشهادية بأنها عمليات انتحارية، وللمجاهد الاستشهادي بالأحمق والمجنون!!! سلفهم في ذلك قوم نوح http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/start-icon.gif كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/end-icon.gif (القمر:9).
ولسان حالهم يقول : http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/start-icon.gif أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/end-icon.gif (الصافات:16).
فسبحان من فرق بين معسكر أهل الإيمان ، ومعسكر أهل الكفر والخذلان، فوالله http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/start-icon.gif إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/end-icon.gif (الممتحنة:4).
الأمـجـاد في "ثــقـافة الاسـتـشـهاد"
قال مقيده "محتسب" : إن المستقرئ للرسم البياني للعمليات الاستشهادية يجده في تصاعد مطرد ، وقد قفز في العراق قفزة نوعية ، أشبهها بقفزة الزانة التي يعرفها الرياضيون ، والتي تتراوح مقاييسها بين (4 ـ 5 أمتار) ، فكأني بأهل الجبهات في أفغانستان ، والشيشان وفلسطين ، والعراق أقاموا مسابقة للعمليات الاستشهادية عن طريق القفز بالزانة، فسجل كل منهم بما فتح الله عليه، ثم جاء الحبيب والمجاهد الكبير الزرقاوي، فوثب بزانته وثبة عالية سجلت رقما قياسيا أبهر بها من قبله ، وأعجز بها من بعده، فطالت قفزته ناطحات السحاب!!!.
يظهر ذلك جليا من خلال عشرات العمليات الاستشهادية اليومية بشكل محير لأهل الإيمان ، ومصعق لأهل الكفر والخذلان.
ولذلك من يتأمل الفيلم الأخير لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين المسمى "ويكون الدين كله لله" يلحظ كيف غازل المجاهدون الأمريكان بإظهار أعداد الاستشهاديين، ومدى فرحهم بالانتساب لهذه الكتيبة، ثم تبع ذلك لقطات حية لعمليات نوعية، http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/start-icon.gif لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ http://www.alhesbah.com/v/images/smilies/end-icon.gif (الفتح:29) .
ففيلم "ويكون الدين كله لله" أراه عبارة عن حملة ترويجية للعمليات الاستشهادية، وهو بذلك يدخل مباشرة في الدعاية لـ "ثقافة الاستشهاد" التي نحن بصدد الحديث عنها.