المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا أثق كثيرا بشاعر سمين !



SAID ABO NAASA
10-10-2005, 09:26 PM
لا أثق كثيراً بشاعر سمين!



لا تركيزا مني على مظهر الإنسان دون جوهره، ولا تمييزاً عنصريا ضد من سُفّنوا لحماً وطُبّقوا شحما. فالإنسان حرّ في اختيار وزنه وتضاريسه الخارجيّة، اللهم إلا أن يكون به داء عضال لا يرجى برؤه كمرض الغدد مثلا والدي يُدخل صاحبه في دائرة الجبر وعدم الاختيار.

والإنسان الصحيح الخالي من الأمراض حرّ أيضا في أن يقاس بالطول أو يقاس بالحجم، لكنه ملزم بتحمل نتائج اختياره وما ينجم عنه من تعليقات ساخرة ونكات نادرة.

فهل الشاعر بدع من البشر حتى يفقد هذا الحق الطبيعي وحتى يخرج من دائرة ثقتي ،إن تورّدت وجناته وانتفخت لغاليغه وتكوّرت مؤخرته واندلق كرشه؟

الجواب بكل بساطة: نعم !

لأن السُّمنة تتهدل على جسد الإنسان المطمئنّ السعيد، خالي البال والمرتاح من همّ السؤال ونمّ القيل والقال، والمستقيل من غمّ العيال ومشاغل الرّجال، هو من تلك الفئة المسترخية التي يصدق فيها: اطمئنّوا فناموا، وأَمِنوا فسمنوا.

فهل الشاعر الشاعر من هذه الفئة؟

قبل الإجابة عن هذا السؤال، لا بد من تعريف الشاعر حتى لا يُلقى الكلام جزافا فيدخل في دائرة التخمين والتخريص.

الشاعر هو إنسان قلق إزاء الكون والحياة والمخلوقات منشغل بوجودها ومصيرها تائق إلى أنسنتها وحلّ مشاكلها حسب ما تقتضيه المبادئ السامية والمثل العليا.

هذا هو رأيي الخاص وتعريفي المتواضع للشاعر، وقد يوافقني أو يخالفني فيه الكثيرون ولكني مقتنع به على الأقلّ.

فهل يمكن لإنسان هذه حاله أن يهنأ أو يطمئن أو ينام قرير العين هانئ البال؟

وهل تجد السمنة طريقها إلى إنسان مفكّر قلق، دائم السؤال وشدّ الرحال بحثا عن الأجوبة؟

وهل يفكر في الطعام من جعل معضلات البشرية شغله الشاغل؟

وإذا خُيِّر بين مائدة حبلى بألوان الطعام وبين مائدة ملأى بأطايب الكلام، فأي المائدتين يختار وأين ينزوي وتحت أي حزب ينضوي؟

حزب الأَكَلة النهمين أو حزب القراء الحالمين؟

هل يقف على أبواب السلاطين أم يذيب حذاءه سعيا لسماع أنّات المعذّبين؟

هل يهتف مع الهاتفين طمعا في الرزق السمين أم يحمل لواء المعارضة دفاعا عن حقوق المسحوقين؟

هل ينام شبعانَ وجاره جائع وهو يعلم؛ أم يقتسم الرغيف معه؟

هل تسحره الدنيا ببريقها فيمشي وراءها كالمضبوع الممسوس أم يطلّقها ثلاثا ويسوح في دهاليز الأرض ودركاتها مشكّلا دنياه الخاصة حسب قناعاته الراسخة حتى ولو أدى به ذلك إلى الانعزال ولو عاش أعزبَ على قاعدة: ( أعزب دهر ولا مجوّز شهر ) ؟

هل يرتضي وصف ( نصف مثقّف) أم يلهث وراء المعرفة و الثقافة ، لا يكل ولا يمل ولا يرتوي حتى تُرصّع قصيدته بماساتٍ خلابة من الصور والأخيلة والجمال وحتى تتزاحم في قصيدته الأفكار وتطل الدلالات والمجازات من خلف السطور توشّي الكلمات بِقُطَبٍ مخفيّة لا يدركها إلا الخُلّص من المثقفين؟

هل ينام الشاعر هكذا بمجرد أن يلقي برأسه إلى الوسادة، أم تبدأ رحلته مع الأسئلة ومع التفكير في هذه اللحظة بالذات؟

وهل يدغدغ النوم أجفانه دون مساعدة دائمة من الحبوب المهدّئة وأدوية القرحة أو الجرحة أو المصران الغليظ؟

وهل يُصنّف في قائمة البشر العاديين وهو يمارس طقس الكتابة أم يُدرج في خانة المجانين، فيبكي والزمان يضحك، أو يضحك والناس يبكون؛ أو يسهر والناس نيام ولا ينام من دهره إلا قليلاً؟

هل يدلق شِعره على الورقة بمجرد أن يحمل القلم ويقرر الكتابة أم ( يَتَعَصْوَر ) كالمرأة الحامل ويتلوّى تحت سياط آلام الوضع وقد ارتفعت حرارته وعلا ضغطه وتضاعفت نسبة الكوليسترول في دمه؟

هل يصدق أحد بعد كل ما تقدم ذكره أن هناك شاعراً سمينًا؟

تخيّـل معي محمود درويش مثلا وهو يمشي كأرييل شارون.(بلا تشبيه)

أو المرحوم بدر شاكر السيّاب – الذي لفظ أنفاسه وليس في جيبه ثمن إبرة مورفين – مثل ونستون تشرشل.

أو الشاعر المرحوم أمل دنقل – الذي لحق بالرفيق الأعلى جائعا مشقوق السروال – كأشعب الذي هو أبْطَنُ العرب.

سوف نسارع آنذاك إلى تسميتهم : شعراء اللقمة. بدل أن نطلق عليهم :

صُنّاع الكلمة.

وسندرجهم دون تردّد في قائمة النظّامين لا في قافلة الشعراء.

لأن الشّعر شِعر والشحم شحم ولن يلتقيا.

================================================


سعيد أبونعسـة

الوردة الجريحة
11-10-2005, 01:21 AM
أخي الكريم
صحيح أن الوسطية حتى في الوزن تجعل المنظر مقبولا والصحة أفضل
ولكن بعض الناس من كثرة القلق والتفكير يلجئون لملأ بطونهم فيسمنون
فلا أجد إرتباطا بين كثرة التفكير والنحافة كأمر مترابط في كل الحالات

شكرا لموضوعك

أرق التحايا