شاب مصري
17-10-2005, 03:23 PM
((مقدمة لابد منها))
أفيقوا من غفوتكم وسباتكم واصراركم علي الجهل والجهالة
أفيقوا مما أنتم فيه واطلبوا المعرفة فيما أنتم فيه جاهلون
اتركوا الكراهية أو الحقد أو الاتهامات المتأصلة والمتداولة من أذن لأذن الي ما بعد المعرفة
لا يصح الاتهام لمجرد سماع الاتهام بل اجعلوا الاتهامات بعد القراءات
حددوا درجات معرفتكم وعليها ابنوا أسس أرائكم ودرجات تعصبكم بل وأولويات اهتمامتكم من بعد ذلك
-----
لم أرد أن أبدأ موضوعي هكذا أبدا بل كانت مقدمة موضوعي وعنوانه ومكان وضعه واسلوبه وحتي ما سيجيئ فيه مختلفيين اختلاف جوهري وكلي عما هو الأن
محادثة ماسنجرية بسيطة مع أحد الاخوة بالمنتدي جعلتني أعدل عن صيغة الموضوع بالكامل
حرب السادس من اكتوبر هي الحرب الوحيدة التي انتصر فيها العرب والمسلمون انتصار تاريخي بل معجز بكل المقاييس العسكرية والمنطقية علي اليهود
لذا فأقل القليل أن يكن لدينا الحد الأدني من المعرفة عن هذه الحرب وأحداثها وبطولاتها وشهدائها
أقل القليل أن نرحب بانتصاراتها ونتذكر أيامها ونعيد قياسها علي أوضاعنا الحالية
لا يمكن أن نعتبرها من التوافه أو خطوط سوداء في التاريخ العربي كما سماها لي أحد الاخوة الأعزاء فلا نطلب فيها معرفة ولا نقرأ عنها ولا نعرف شيئا عن أحداثها
لا يمكن أن يكون مبرر الاصرار علي الجهل الكامل عنها شخصية أو شخصيتان لا نطيق سماع أسمائها!!
هي حرب حارب فيها رجال ومات فيها شهداء وترتبت عليها أحداث جليلة بالتأكيد لم ولن تورد علي مسامع أصحاب هذه الأراء
لن أطيل أكثر من ذلك ولنبدأ بالموضوع فقد يطول
---
((مقدمة لا ضرر منها))
اعتدت وأخذته أمرا مفروغا بل وواجبا التذكير بحرب السادس من اكتوبر والحديث عن بعض أخبارها في كل موعد لها من كل عام
لذا كان لي موضوع عنها من قبل وفي نفس القسم وبنفس الذكري
http://www.montada.com/showthread.php?t=312631 (http://www.montada.com/showthread.php?t=312631)
وذلك لعدة أسباب
غالب الاخوة يجهل عنها الكثير والجهالة لا عيب فيها أما الاصرار علي الجهالة فهو أساس العيب وهو ما أتيت علي ذكره في أول الموضوع
نجد من الاخوة من لا يعتبرها حربا وهي في حقيقة الأمر أم الحروب وأم التضحيات وأم البطولات
السبب الثالث هو موقف حدث بيني وبين أحد اليهود منذ بضعة أيام وكان المحرك الأول لكتابة الموضوع
---
حواري مع يهودي
كنت مشاركا في منتدي ألماني وأتحدث في غرف شاته المخصصة للعرب والمتحدثون بالعربية .. قابلت في غرفه علمانيين ونصرانيين تشعبت أحاديثني معهم وكثرت فيه لمدة طويلة .. حتي قررت تركه مع حلول شهر رمضان وضيق الوقت وأهمية استغلاله في العبادات، أسأل الله لنا ولكم صحة استغلاله ومن ثم التقبل باذن الله
كان ذلك جميلا حتي جائتني رسالة من أحد الاخوة المصريين هناك يطلب عودتي ويلفت نظري الي أخر ما آل من حوارات فيه
عدت فوجدت أحد اليهود دخل منتداهم وأخذ يتحدث عن حقوق اليهود في الأرض وحقوقهم في التجمع ويذكر أن الاخوة الفلسطينيين أصلهم من تكريت والعديد من الخرافات التي لا أول لها ولا أخر.. ولأن أغلب المنتدي اما غرب أو نصاري أولا دينيين فلم يقابل رده الا الأخ المرسل باستهزاء بينما قابله الغالبية بالجمود أو الايمائات المترددة .. كان ذلك حتي بدأ المشارك اليهودي في حديثه عن حرب السادس من اكتوبر فور رؤيته لاسم الأخ المصري
بدأ اليهودي في فتح أبواب كثيرة كانت ستغرقه بمشيئة الله لولا قدره .. أعطي أسماء وعناوين لما يرغب بالحديث عنه فوضع عن ثغرة الدفرسوار و تدمير الطائرات الاسرائيلية القابعة في المطارات و عن صواريخ القاهر والظافر والناصر المصرية و عن تدمير خط بارليف و عن حرب الجواسيس بين كل من مصر واسرائيل
وعن العديد من العنواوين التي أفادت لي بمعنيين الأول تعبه واجتهاده في تحصيل المعلومات والاستعداد للحديث عنها
والثاني اقتراب خراب بيته وضحك العوام عليه :D
فكانت أول ردودي اعلان عن العودة ووعد بالرد في القريب .. سألني عن الموعد فأجبته السادس من اكتوبر الثانية ظهرا :biggthump وقد كنت مستعدا لذلك
للأسف لم يمهلني القدر ما أردت فسرعان ما أغلقت ادارة المنتدي الموضوع دون سابق انذار أو سبب واضح
أما ما يخصنا الأن ونحن في احتفالات السادس من اكتوبر وفي ذكري مثل هذه الحرب المجيدة فأجد الحديث عنها وعن ما أراد التطرق اليه أمرا ضروريا وطيبا
في البداية فأكثر ما ذكرني هذا الموقف بموقف مشابه تماما حدث بين الضابط والطالب المصري سمير فرج وبين الخنزير الاسرائيلي آرييل شارون
معركة لندن وما دار فيها بين الطالب المصري والجنرال الاسرائيلي آرييل شارون
كانت القصة متشابهة الي حد كبير مع بداية موضوعنا ..
لندن .. أمام مبني التلفزيون البريطاني BBC
الخامسة مساء أول أيام ربيع 1974
السماء تبدو كبركة من الوحل والمطر يغسل الشوارع والأبنية اللندنية العتيقة.. جموع البشر تحيط بمبني ال BBC .. يغادر سمير فرج الطالب المصري الدارس بكلية كامبرلي الملكية محطة القطار .. يلملم نفسه داخل المعطف الشتوي ويحمل في يده مظلة وفي اليد الأخري حقيبة صغيرة وضع فيها بدلة اسموكنج وقميص أبيض وبيبيون استعارها لتوه من صديق.. لم يكن وقتها الا شابا لم يتعد عمره ال24 ولم يتعد راتبه من الكلية الا 140 جنيها استرلينيا يدفع أكثر منه ايجارا لمسكنه
يحاول الضابط المصري الشاب أن يتقدم جموع البشر والحواجز الأمنية حينما بدأ موكب عسكري رهيب قوامه خمس سيارات مصفحة في اختراق الزحام تتقدمه سيارة مكشوفة يطل منها جنرال في زي عسكري محلي بالنياشين يلوح بيده للجماهير التي أخذت تهتف باسمه
شارون .. شارون
يعبر شارون مدخل مبني التلفزيون لكن الناس لم تنفض بعد .. مازالوا ينتظرون .. في المقابل يتقدم الشاب المصري من أحد العسكر الذين يحاصرون المكان يطلب منه دخول المبني فلديه موعد بالداخل.. ما هي الا ثواني حتي كان الشاب محمولا علي الأكتاف داخل بهو المبني .. ألقوه علي الأرض .. وتهجموا عليه فجردوه من سترته ومعطفه ومزقوا حتي ملابسه الداخلية، لم يترك أحدهم له الفرصة ليفصح لهم عن هويته.. تلك التي سقطت منه أثناء تفتيشهم المجنون .. يلتقط بطاقته أحدهم ويقرأ : الطالب سمير فرج .. كلية كامبرلي الملكية
Stop
يصرخ الشاب أنا الرائد سمير فرج لدي موعد مع ايدجر آلن
هكذا كان موكب شارون الزائف وهكذا كان ترحيب الغرب به .. وهكذا كان زهو الطالب دون سيارات وحلة وبدل ونياشين انحصرزهوه في مصريته وانتصار اكتوبر .. لكن ياله من زهو وياله من موكب!!
جاء الطالب والرائد الصغير مواجها شارون علي الهواء االمباشر عن ثغرة الدفرسوار وفي أول مناظرة بين مصر واسرائيل يشاهدها العالم كله
كانت مصر قبل حرب 1973 تتبع العقيدة العسكرية الشرقية وصارت بعد الحرب تتبع العقيدة الغربية فكانت ترسل ضباطها الي أكاديمية "فرونزا" للأركان حرب بالاتحاد السوفيتي وهي أعلي دراسات عسكرية بالعالم وبعد الحرب اتجهت مصر للانفتاح العسكري علي العالم ومخاطبة الكليات العسكرية الكبيرة بأوروبا .. تلقت مصر رد من انجلترا أن يكون الطالب المبعوث للدراسة في كلية كامبرلي أول دفعة أركان حرب بمصر.. وهكذا اتجه الرائد المصري العامل بغرفة عمليات القوات المسلحة أثناء حرب اكتوبر حقيبته متجها الي بريطانيا ليكون ضمن 180 طالب من 50 دولة مختلفة
وفي أول أيام الدراسة يفاجأ بصورته تتصدر صحيفة الصن تايمز ضمن مقال يهاجم كاتبه وجود طالب مصري يدرس في كلية كامبرلي متسائلا كيف تسمح بريطانيا بوجود ضابط مصري يتعلم في كلية كامبرلي ثم يعود بعد ذلك لبلده كي يقتل الاسرائيليين واليهود في قناة السويس؟!!!
ولم يكتف بذلك بل طالب برحيل الطالب وعودته الي بلاده
حالة من الذهول انتابت الضابط الشاب ولكنه مالبث أن اطمأن حينما دعاه مدير الكلية الي مكتبه مبلغا له ان من كتب المقال لا يمثل رأي انجلترا انما يمثل رأيه وأنه مدعو من حكومة جلالة الملكة ومرحب به جدا في بريطانيا
بعد اسبوع من كتابة المقالة يتم استدعاء الضابط مرة أخري الي مكتب مدير الكلية فيتقابل مع مقدم البرامج المشهور ادجر آلن فقد كان يقدم وقتها برنامجا تنتظره بريطانيا كلها اسمه "بانوراما"
أخبره ادجر أنه يعد حلقة عن حرب اكتوبر وأنه حينما شاهد صورته في الجريدة فكر أن يكون من يمثل الجانب المصري بدلا من الاستعانة بمحللين عسكريين ليسوا بمصريين
وافق الشاب لكنه اشترط ثلاثة شروط أولها أن تكون الأسئلة معدة مسبقا ويطلع عليها.. ثانيا أن يحتفظ بحق عدم الرد عن مالا يعجبه .. ثالثا أن الموافقة الأخيرة مرهونة بموافقة الحكومة المصرية .. وافق ادجر علي الشروط ووافقت الحكومة المصرية علي اللقاء .. تزايدت أسئلة مقدم البرامج فكان الضابط بحاجة الي مساعدة من رئيس هيئة العمليات فنزل الي مصر اسبوع قضاها في المخابرات المصرية وهيئة العمليات
استمر ادجر في اسلوب اقتناص الأكثر فالأكثر فعاد ليطلب من الضابط أن يوافق علي وجود طرف اسرائيلي يرد علي اجابات الطرف المصري .. وافق الطالب لكنه اشترط ألا يجمعهما لقاء وافق ادجر لكن قبل التسجيل باسبوعين أخبر الطالب أن الطرف المناظر هو الجنرال الاسرائيلي ارييل شارون
لم يغمض جفن الشاب يومها فكان يقول:ولم أخاف؟ .. شارون من وجهة نظرالغرب البطل الذي أنقذ اسرائيل بعملية الثغرة فقد كان يردد دوما أنه أول من رفع علم اسرائيل فوق أرض افريقيا وفي المقابل مصر المنتصرة وهي التي غيرت مفاهيم عديدة عن الحرب وهو فخور بما حققته بلده
استمر ادجر في تلاعبه حتي جاء أخر يوم قبل اذاعة الحلقة ليخبره أنه سيناظر شارون في الربع الأخير من وقت البرنامج
يقول اللواء د. سمير فرج لم يكن هناك مجال للتراجع فرفض الأراء التي طالبته برفض المقابلة ومنها أراء السفير المصري لأنها بنظره تمثل تهرب بلده فوافق وذهب الي المبني بعد أن تعرض للتهجم فأخرجه ادجر من بين أيديهم واعتذر له عن سوء المعاملة وعن تمزيق حلته بل واضطر الي الاتيانه ببدلة أخري من مخازن الكومبارس اذ أن شارون اشترط ألا يلبس أحد غيره الزي الحربي نظرا لفرق الرتب .. ظل الشاب يرتجف من المطر والبرد أكثر من نصف ساعة وحينما دخل الاستديو وجد شارون بصحبته رئيس أركان حرب الجيش البريطاني والسفير الاسرائيلي ومدير الكلية وأخرون كثيرون دعاهم شارون لكن مدير الكلية بقوله جاء ليقف بجانبه .. بدأ البرنامج في اذاعة الجزأ المسجل من الحلقة كل علي حدي ومع الوقت ومشاهدة الحوار بدأ في استعادة ثقته بنفسه الي أن جاءت النصف ساعة الأخيرة من الحلقة فوجه مركز الدراسات الاستراتيجية للضابط المصري أسئلة حول التخطيط المصري لحرب اكتوبر ولشارون أسئلة عن التخطيط لعملية الثغرة فمنحوا في النهاية الجانب المصري 8 من عشرة وأعطوا للجانب الاسرائيلي 6 علي عشرة بعد مجموعة من الأسئلة المثيرة سنعود للحديث عنها في متابعات أخري
في نهاية المناظرة سأل مركز الدراسات الاستراتيجية شارون عن المفاجأة المصرية .. هل كانت توقيت العبور؟ أم كون مصر وسوريا هجما معا وفي وقت واحد ومن جبهتين مختلفتين أم كون المصررين أغلقوا عليهم باب المندب؟ أم أنهم استخدموا تكنيكات جديدة كحائط الصواريخ؟ ..... الخ
وكانت اجابة شارون كذبا وبهتانا أن أيا من هذا لم يكن مفاجأة وحينما سألوه عن المفاجأة أخبرهم أنها "الجندي المصري .. فلقد حاربت في 48 و 56 و67 و73 ولكن الجندي المصري الذي رأيته في 73 نوعية مختلفة .. يقرأ ويكتب .. كنت أقف وسط الحرب لأسأل أحد الأسري فيخبره أنه طبيب أو محاسب أو مهندس.. عرفت أن الجيش المصري تطور وأصبح يعتمد علي العلم فالعسكري الذي قابلته من قبل كان أميا لا يعرف كيف يضع مسافة صحيحة للتنشين علي التليسكوب بينما فوجئت في 73 بـ6 عساكر مصريين يحملوا الأر بي جي ويدمروا ست دبابات من عشرة .. الروح الجديدة في الجيش المصري لم أشهدها من قبل"
أفيقوا من غفوتكم وسباتكم واصراركم علي الجهل والجهالة
أفيقوا مما أنتم فيه واطلبوا المعرفة فيما أنتم فيه جاهلون
اتركوا الكراهية أو الحقد أو الاتهامات المتأصلة والمتداولة من أذن لأذن الي ما بعد المعرفة
لا يصح الاتهام لمجرد سماع الاتهام بل اجعلوا الاتهامات بعد القراءات
حددوا درجات معرفتكم وعليها ابنوا أسس أرائكم ودرجات تعصبكم بل وأولويات اهتمامتكم من بعد ذلك
-----
لم أرد أن أبدأ موضوعي هكذا أبدا بل كانت مقدمة موضوعي وعنوانه ومكان وضعه واسلوبه وحتي ما سيجيئ فيه مختلفيين اختلاف جوهري وكلي عما هو الأن
محادثة ماسنجرية بسيطة مع أحد الاخوة بالمنتدي جعلتني أعدل عن صيغة الموضوع بالكامل
حرب السادس من اكتوبر هي الحرب الوحيدة التي انتصر فيها العرب والمسلمون انتصار تاريخي بل معجز بكل المقاييس العسكرية والمنطقية علي اليهود
لذا فأقل القليل أن يكن لدينا الحد الأدني من المعرفة عن هذه الحرب وأحداثها وبطولاتها وشهدائها
أقل القليل أن نرحب بانتصاراتها ونتذكر أيامها ونعيد قياسها علي أوضاعنا الحالية
لا يمكن أن نعتبرها من التوافه أو خطوط سوداء في التاريخ العربي كما سماها لي أحد الاخوة الأعزاء فلا نطلب فيها معرفة ولا نقرأ عنها ولا نعرف شيئا عن أحداثها
لا يمكن أن يكون مبرر الاصرار علي الجهل الكامل عنها شخصية أو شخصيتان لا نطيق سماع أسمائها!!
هي حرب حارب فيها رجال ومات فيها شهداء وترتبت عليها أحداث جليلة بالتأكيد لم ولن تورد علي مسامع أصحاب هذه الأراء
لن أطيل أكثر من ذلك ولنبدأ بالموضوع فقد يطول
---
((مقدمة لا ضرر منها))
اعتدت وأخذته أمرا مفروغا بل وواجبا التذكير بحرب السادس من اكتوبر والحديث عن بعض أخبارها في كل موعد لها من كل عام
لذا كان لي موضوع عنها من قبل وفي نفس القسم وبنفس الذكري
http://www.montada.com/showthread.php?t=312631 (http://www.montada.com/showthread.php?t=312631)
وذلك لعدة أسباب
غالب الاخوة يجهل عنها الكثير والجهالة لا عيب فيها أما الاصرار علي الجهالة فهو أساس العيب وهو ما أتيت علي ذكره في أول الموضوع
نجد من الاخوة من لا يعتبرها حربا وهي في حقيقة الأمر أم الحروب وأم التضحيات وأم البطولات
السبب الثالث هو موقف حدث بيني وبين أحد اليهود منذ بضعة أيام وكان المحرك الأول لكتابة الموضوع
---
حواري مع يهودي
كنت مشاركا في منتدي ألماني وأتحدث في غرف شاته المخصصة للعرب والمتحدثون بالعربية .. قابلت في غرفه علمانيين ونصرانيين تشعبت أحاديثني معهم وكثرت فيه لمدة طويلة .. حتي قررت تركه مع حلول شهر رمضان وضيق الوقت وأهمية استغلاله في العبادات، أسأل الله لنا ولكم صحة استغلاله ومن ثم التقبل باذن الله
كان ذلك جميلا حتي جائتني رسالة من أحد الاخوة المصريين هناك يطلب عودتي ويلفت نظري الي أخر ما آل من حوارات فيه
عدت فوجدت أحد اليهود دخل منتداهم وأخذ يتحدث عن حقوق اليهود في الأرض وحقوقهم في التجمع ويذكر أن الاخوة الفلسطينيين أصلهم من تكريت والعديد من الخرافات التي لا أول لها ولا أخر.. ولأن أغلب المنتدي اما غرب أو نصاري أولا دينيين فلم يقابل رده الا الأخ المرسل باستهزاء بينما قابله الغالبية بالجمود أو الايمائات المترددة .. كان ذلك حتي بدأ المشارك اليهودي في حديثه عن حرب السادس من اكتوبر فور رؤيته لاسم الأخ المصري
بدأ اليهودي في فتح أبواب كثيرة كانت ستغرقه بمشيئة الله لولا قدره .. أعطي أسماء وعناوين لما يرغب بالحديث عنه فوضع عن ثغرة الدفرسوار و تدمير الطائرات الاسرائيلية القابعة في المطارات و عن صواريخ القاهر والظافر والناصر المصرية و عن تدمير خط بارليف و عن حرب الجواسيس بين كل من مصر واسرائيل
وعن العديد من العنواوين التي أفادت لي بمعنيين الأول تعبه واجتهاده في تحصيل المعلومات والاستعداد للحديث عنها
والثاني اقتراب خراب بيته وضحك العوام عليه :D
فكانت أول ردودي اعلان عن العودة ووعد بالرد في القريب .. سألني عن الموعد فأجبته السادس من اكتوبر الثانية ظهرا :biggthump وقد كنت مستعدا لذلك
للأسف لم يمهلني القدر ما أردت فسرعان ما أغلقت ادارة المنتدي الموضوع دون سابق انذار أو سبب واضح
أما ما يخصنا الأن ونحن في احتفالات السادس من اكتوبر وفي ذكري مثل هذه الحرب المجيدة فأجد الحديث عنها وعن ما أراد التطرق اليه أمرا ضروريا وطيبا
في البداية فأكثر ما ذكرني هذا الموقف بموقف مشابه تماما حدث بين الضابط والطالب المصري سمير فرج وبين الخنزير الاسرائيلي آرييل شارون
معركة لندن وما دار فيها بين الطالب المصري والجنرال الاسرائيلي آرييل شارون
كانت القصة متشابهة الي حد كبير مع بداية موضوعنا ..
لندن .. أمام مبني التلفزيون البريطاني BBC
الخامسة مساء أول أيام ربيع 1974
السماء تبدو كبركة من الوحل والمطر يغسل الشوارع والأبنية اللندنية العتيقة.. جموع البشر تحيط بمبني ال BBC .. يغادر سمير فرج الطالب المصري الدارس بكلية كامبرلي الملكية محطة القطار .. يلملم نفسه داخل المعطف الشتوي ويحمل في يده مظلة وفي اليد الأخري حقيبة صغيرة وضع فيها بدلة اسموكنج وقميص أبيض وبيبيون استعارها لتوه من صديق.. لم يكن وقتها الا شابا لم يتعد عمره ال24 ولم يتعد راتبه من الكلية الا 140 جنيها استرلينيا يدفع أكثر منه ايجارا لمسكنه
يحاول الضابط المصري الشاب أن يتقدم جموع البشر والحواجز الأمنية حينما بدأ موكب عسكري رهيب قوامه خمس سيارات مصفحة في اختراق الزحام تتقدمه سيارة مكشوفة يطل منها جنرال في زي عسكري محلي بالنياشين يلوح بيده للجماهير التي أخذت تهتف باسمه
شارون .. شارون
يعبر شارون مدخل مبني التلفزيون لكن الناس لم تنفض بعد .. مازالوا ينتظرون .. في المقابل يتقدم الشاب المصري من أحد العسكر الذين يحاصرون المكان يطلب منه دخول المبني فلديه موعد بالداخل.. ما هي الا ثواني حتي كان الشاب محمولا علي الأكتاف داخل بهو المبني .. ألقوه علي الأرض .. وتهجموا عليه فجردوه من سترته ومعطفه ومزقوا حتي ملابسه الداخلية، لم يترك أحدهم له الفرصة ليفصح لهم عن هويته.. تلك التي سقطت منه أثناء تفتيشهم المجنون .. يلتقط بطاقته أحدهم ويقرأ : الطالب سمير فرج .. كلية كامبرلي الملكية
Stop
يصرخ الشاب أنا الرائد سمير فرج لدي موعد مع ايدجر آلن
هكذا كان موكب شارون الزائف وهكذا كان ترحيب الغرب به .. وهكذا كان زهو الطالب دون سيارات وحلة وبدل ونياشين انحصرزهوه في مصريته وانتصار اكتوبر .. لكن ياله من زهو وياله من موكب!!
جاء الطالب والرائد الصغير مواجها شارون علي الهواء االمباشر عن ثغرة الدفرسوار وفي أول مناظرة بين مصر واسرائيل يشاهدها العالم كله
كانت مصر قبل حرب 1973 تتبع العقيدة العسكرية الشرقية وصارت بعد الحرب تتبع العقيدة الغربية فكانت ترسل ضباطها الي أكاديمية "فرونزا" للأركان حرب بالاتحاد السوفيتي وهي أعلي دراسات عسكرية بالعالم وبعد الحرب اتجهت مصر للانفتاح العسكري علي العالم ومخاطبة الكليات العسكرية الكبيرة بأوروبا .. تلقت مصر رد من انجلترا أن يكون الطالب المبعوث للدراسة في كلية كامبرلي أول دفعة أركان حرب بمصر.. وهكذا اتجه الرائد المصري العامل بغرفة عمليات القوات المسلحة أثناء حرب اكتوبر حقيبته متجها الي بريطانيا ليكون ضمن 180 طالب من 50 دولة مختلفة
وفي أول أيام الدراسة يفاجأ بصورته تتصدر صحيفة الصن تايمز ضمن مقال يهاجم كاتبه وجود طالب مصري يدرس في كلية كامبرلي متسائلا كيف تسمح بريطانيا بوجود ضابط مصري يتعلم في كلية كامبرلي ثم يعود بعد ذلك لبلده كي يقتل الاسرائيليين واليهود في قناة السويس؟!!!
ولم يكتف بذلك بل طالب برحيل الطالب وعودته الي بلاده
حالة من الذهول انتابت الضابط الشاب ولكنه مالبث أن اطمأن حينما دعاه مدير الكلية الي مكتبه مبلغا له ان من كتب المقال لا يمثل رأي انجلترا انما يمثل رأيه وأنه مدعو من حكومة جلالة الملكة ومرحب به جدا في بريطانيا
بعد اسبوع من كتابة المقالة يتم استدعاء الضابط مرة أخري الي مكتب مدير الكلية فيتقابل مع مقدم البرامج المشهور ادجر آلن فقد كان يقدم وقتها برنامجا تنتظره بريطانيا كلها اسمه "بانوراما"
أخبره ادجر أنه يعد حلقة عن حرب اكتوبر وأنه حينما شاهد صورته في الجريدة فكر أن يكون من يمثل الجانب المصري بدلا من الاستعانة بمحللين عسكريين ليسوا بمصريين
وافق الشاب لكنه اشترط ثلاثة شروط أولها أن تكون الأسئلة معدة مسبقا ويطلع عليها.. ثانيا أن يحتفظ بحق عدم الرد عن مالا يعجبه .. ثالثا أن الموافقة الأخيرة مرهونة بموافقة الحكومة المصرية .. وافق ادجر علي الشروط ووافقت الحكومة المصرية علي اللقاء .. تزايدت أسئلة مقدم البرامج فكان الضابط بحاجة الي مساعدة من رئيس هيئة العمليات فنزل الي مصر اسبوع قضاها في المخابرات المصرية وهيئة العمليات
استمر ادجر في اسلوب اقتناص الأكثر فالأكثر فعاد ليطلب من الضابط أن يوافق علي وجود طرف اسرائيلي يرد علي اجابات الطرف المصري .. وافق الطالب لكنه اشترط ألا يجمعهما لقاء وافق ادجر لكن قبل التسجيل باسبوعين أخبر الطالب أن الطرف المناظر هو الجنرال الاسرائيلي ارييل شارون
لم يغمض جفن الشاب يومها فكان يقول:ولم أخاف؟ .. شارون من وجهة نظرالغرب البطل الذي أنقذ اسرائيل بعملية الثغرة فقد كان يردد دوما أنه أول من رفع علم اسرائيل فوق أرض افريقيا وفي المقابل مصر المنتصرة وهي التي غيرت مفاهيم عديدة عن الحرب وهو فخور بما حققته بلده
استمر ادجر في تلاعبه حتي جاء أخر يوم قبل اذاعة الحلقة ليخبره أنه سيناظر شارون في الربع الأخير من وقت البرنامج
يقول اللواء د. سمير فرج لم يكن هناك مجال للتراجع فرفض الأراء التي طالبته برفض المقابلة ومنها أراء السفير المصري لأنها بنظره تمثل تهرب بلده فوافق وذهب الي المبني بعد أن تعرض للتهجم فأخرجه ادجر من بين أيديهم واعتذر له عن سوء المعاملة وعن تمزيق حلته بل واضطر الي الاتيانه ببدلة أخري من مخازن الكومبارس اذ أن شارون اشترط ألا يلبس أحد غيره الزي الحربي نظرا لفرق الرتب .. ظل الشاب يرتجف من المطر والبرد أكثر من نصف ساعة وحينما دخل الاستديو وجد شارون بصحبته رئيس أركان حرب الجيش البريطاني والسفير الاسرائيلي ومدير الكلية وأخرون كثيرون دعاهم شارون لكن مدير الكلية بقوله جاء ليقف بجانبه .. بدأ البرنامج في اذاعة الجزأ المسجل من الحلقة كل علي حدي ومع الوقت ومشاهدة الحوار بدأ في استعادة ثقته بنفسه الي أن جاءت النصف ساعة الأخيرة من الحلقة فوجه مركز الدراسات الاستراتيجية للضابط المصري أسئلة حول التخطيط المصري لحرب اكتوبر ولشارون أسئلة عن التخطيط لعملية الثغرة فمنحوا في النهاية الجانب المصري 8 من عشرة وأعطوا للجانب الاسرائيلي 6 علي عشرة بعد مجموعة من الأسئلة المثيرة سنعود للحديث عنها في متابعات أخري
في نهاية المناظرة سأل مركز الدراسات الاستراتيجية شارون عن المفاجأة المصرية .. هل كانت توقيت العبور؟ أم كون مصر وسوريا هجما معا وفي وقت واحد ومن جبهتين مختلفتين أم كون المصررين أغلقوا عليهم باب المندب؟ أم أنهم استخدموا تكنيكات جديدة كحائط الصواريخ؟ ..... الخ
وكانت اجابة شارون كذبا وبهتانا أن أيا من هذا لم يكن مفاجأة وحينما سألوه عن المفاجأة أخبرهم أنها "الجندي المصري .. فلقد حاربت في 48 و 56 و67 و73 ولكن الجندي المصري الذي رأيته في 73 نوعية مختلفة .. يقرأ ويكتب .. كنت أقف وسط الحرب لأسأل أحد الأسري فيخبره أنه طبيب أو محاسب أو مهندس.. عرفت أن الجيش المصري تطور وأصبح يعتمد علي العلم فالعسكري الذي قابلته من قبل كان أميا لا يعرف كيف يضع مسافة صحيحة للتنشين علي التليسكوب بينما فوجئت في 73 بـ6 عساكر مصريين يحملوا الأر بي جي ويدمروا ست دبابات من عشرة .. الروح الجديدة في الجيش المصري لم أشهدها من قبل"