المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية القوات الأمريكية.. تتفكك وتواجه نقصاً مريعاً في الجنود والموارد !!



:: مقاوم ::
23-10-2005, 05:48 PM
في خطاب ألقاه الرئيس بوش مؤخراً في معسكر «قورت براغ» - وهو قاعدة عسكرية أمريكية كبرى - أعلن أنه «ليس هناك أعلى من نداء الخدمة في قواتنا المسلحة». ويبدو أن عدداً أقل فأقل من الشباب الأمريكيين وآبائهم يوافقونه الرأي. فالقوات الأمريكية تجد من الصعب بصورة متزايدة أن تديم بقاءها. وهكذا على الرغم مما ينبغي أن يبدو للوهلة الأولى شروطاً مثمرة للخدمة العسكرية: أحداث 11 سبتمبر والمخاوف بشأن الإرهاب، والحجة التي تسوقها إدارة بوش والقائلة إن الحرب العالمية على الإرهاب لابد من أن تشنِّ في أفغانستان والعراق وأماكن أخرى بعيدة، وإلا فإن الأمر سينتهي إلى وجوب خوضها في الداخل «الأمريكي»؛ وحروب أمريكا المتواصلة التي تجلب إلى شاشات التليفزيون يومياً حكايات «المحاربين» الأبطال الذين يحررون الأبرياء ويدافعون عنهم.

عن المستقبل العربي



تصف الصحف الأمريكية الجيش الأمريكي بأنه «يواجه واحداً من أكبر تحديات التجنيد في تاريخه». والعسكريون الأمريكيون قلقون إلى الأعماق. وقد كتب الجنرال باري ماكافري - وهو الآن أستاذ في كلية وست بوينت - في صحيفة وول ستريت جورنال ان الولايات المتحدة في سباق ضد الزمن في العراق بسبب المصاعب الواقعة على القوات العسكرية، وقال إن القوات الأمريكية «بدأت تتفكك» ويذهب إى أن «الجيش الأمريكي ومشاة البحرية "المارينز" يعانيان نقصاً شديداً في الرجال وفي الموارد إلى حد لا يتمكنان معه من إدامة هذه السياسات الأمنية إلى ما بعد الخريف المقبل» والعواقب وخيمة. وعند ماكافري أن القوات الأمريكية في العراق هي «جوهرة التاج - الضمانة لأمننا القومي بالنسبة إلى الشعب الأمريكي في الحرب على الإرهاب». وهذا يهدد مستقبل الحروب الأمريكية في العراق وأفغانستان، وبحسب تعبير ماكافري فإن «من شأن الفشل أن يكون كارثة للسياسة الخارجية الأمريكية وللمصالح الاقتصادية الأمريكية للسنوات العشرين التالية».

وليس يبدو أن إرسال مزيد من القوات - الذي كان الحل الأمريكي سنة بعد سنة أثناء حرب فيتنام - هو أحد الخيارات. فقد قال الرئيس بوش انه سيرسل مزيداً من القوات إلى العراق إذا طلب القادة العسكريون في الميدان ذلك. وهو يزعم أنهم لم يطلبوه. ولكن آخرين يشيرون إلى عائق أشد خطورة. فالسيناتور «الديمقراطي من ولاية نيفادا» هاري ريد، زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، يقول ان القادة العسكريين الأمريكيين في العراق أبلغوه بأنهم يحتاجون إلى مزيد من القوات، ولكنهم يعرفون أن هذا المزيد ليس متاحاً، ويقول ريد «إن الاستنتاج الذي توصلت إليه هو أنهم لا وجود لمزيد من الجنود، فما الداعي لأن يطلبوا شيئاً يعرفون أنه غير موجود؟». لقد تبيّن لدراسة حديثة لمؤسسة راند - هي مصنع أفكار عسكري» بعنوان «تمدد إلى حد الضعف: قوات الجيش لعمليات مستدامة» أن نقص القوات في الجيش من الفداحة إلى حد يدفع إلى التساؤل عما إذا كانت سياسة البنتاجون قادرة على خوض حربين إقليميتين رئيسيتين في وقت واحد، بينما يتوافر ما يكفي من الجنود لحرب على الإرهاب ولتوفير الأمن في أمريكا. وقد سجل اجتماع عقد مؤخراً لرابطة الحكام القومية - التي تجمع معاً حكام الولايات - قلق الحكام من أن نشر جنود الحرس القومي في العراق يترك ولاياتهم عاجزة عن التصدّي للكوارث الطبيعية المحتملة، وغيرها من الطوارئ، فيما أعرب واحد من حكام الولايات المتحدة عن دهشته بحيث قال: «إننا لا نملك طواقم أفراد - سواء كانوا يعملون كل الوقت أو بعض الوقت - لتلبية كل احتياجات الأمريكيين وهمومهم».


مشكلات التجنيد



ويبدو أن قليلاً من هذا يلقى صدى لدى الرأي العام، وبالنسبة إلى الجزء الذي انقضى من العام الحالي تفيد التقارير بان الجيش يعاني قصوراً بنسبة 40 بالمائة عن تحقيق هدفه من التجنيد. لقد أخفق الجيش في تلبية أهدافه الشهرية للتجنيد في كل من الشهور الأربعة الماضية، وفي منتصف يوليو أذاعت القوات الأمريكية أن الحرس القومي الأمريكي - الذي يشكل أكثر من ثلث الجنود الأمريكيين في العراق - أخفق في تحقيق هدفه للتجنيد للشهر التاسع على التوالي. ولقد كان هذا تقليلاً من شأن اتجاه أضخم، إذ يظهر أن الحرس القومي التابع للجيش قد أخفق في بلوغ أهدافه للتجنيد في 17 شهراً من الأشهر الثمانية عشر الماضية.

لقد أبلغ الجنرال بيتر شوميكر، رئيس أركان الجيش الأمريكي، مجلس الشيوخ بأننا «نواجه تحديات هائلة» في ما يتعلق بتجنيد جنود جدد. وهدف الجيش تجنيد ثمانين ألف عنصر جديد لهذا العام «هو مخاطرة جسيمة»، والعام القادم «قد يكون الظرف الأشد قسوة على الإطلاق في ما يخص التجنيد». وهو يعتقد أن مشكلات التجنيد هذه يرجح أن تمتد إلى «وقت طويل في المستقبل».

هذه المشكلات قائمة على الرغم من الحوافز الضخمة التي تقدم الآن من أجل الانخراط في القوات المسلحة، فهناك علاوة انضمام بقيمة 90 ألف دولار تدفع على مدى ثلاث سنوات، منها 20 ألف دولار نقداً و70 ألف دولار في صورة مزايا، إلى جانب إلغاء القروض التي يضطر كثيرون من الشبان الأمريكيين لتحصيلها ليتمكنوا من الالتحاق بالكليات الجامعية. وثمة تقارير أيضاً تفيد بأن الأشخاص الذين قاربوا الأربعين من العمر مؤهلون للانخراط في القوات المسلحة، وأن المعايير البدنية والعقلية للمجندين قد ضعفت.

إن الهبوط في أعداد المجندين يبلغ أقصى قوته في مجتمع الأمريكيين الأفارقة «الذين يشكلون نسبة 12 بالمائة من السكان» وبين النساء أيضاً، وقد شكل الأمريكيون الأفارقة قرابة ربع مجندي الجيش في عام 2000، والآن هبطت أعدادهم إلى أقل من نسبة 14 بالمائة، أما عدد النساء اللاتي جندهن الجيش، فقد انخفض من نسبة 22 بالمائة في عام 2000 إلى نحو 17 بالمائة، وتشكل النساء نحو 15 بالمائة من مجموع القوات.


الدرب العسكري إلى الجنسية



إن نسبة تبلغ نحو 7 بالمائة من العسكريين الأمريكيين ليسوا مواطنين أمريكيين فهناك نحو 30 ألف جندي أجنبي في القوات الأمريكية ينتمون إلى أكثر من مائة بلد، وأكثر من ثلثهم من الناطقين بالإسبانية «أي لغة أمريكا اللاتينية». ولتشجيع التجنيد في عام 2002 سهّلت إدارة بوش على العسكريين الأمريكيين المولودين في بلدان أجنبية أن يصبحوا مواطنين متجنسين. والآن يستطيع أي مقيم شرعي ينضم إلى القوات المسلحة أن يقدم على الفور التماساً بمنحه الجنسية بدلاً من أن ينتظر فترة السنوات الخمس التي يتعين على المدنيين انتظارها لتبدأ عملية تجنيسهم، بل إنه لم يعد يتوجب عليهم حتى أن يدفعوا المئات العديدة من الدولارات كرسم مقابل هذا الإجراء. وكحافز إضافي، فإن جندياً مولوداً في بلد ويحمل جنسية أمريكية إذا ما توفى أثناء أدائه الواجب يمكن للأعضاء المولودين في بلد أجنبي من أسرته «أو أسرتها» الآن أن يسعوا للحصول على الجنسية. حتى وإن لم يكونوا مقيمين شرعيين «في الولايات المتحدة». كذلك فإن من الممكن للجنود أن يجنِّسوا بعد أن يموتوا في الخدمة، ويمكن لذويهم عندئذ أن يصبحوا مؤهلين للتجنيس. على الرغم من هذا كله، فإن أعداد غير المواطنين الذين ينضمون إلى القوات المسلحة هي في هبوط سريع. وقد هبط عددهم بنسبة 20 بالمائة منذ عام 2001. والهبوط ليس آخذاً في التراجع، فقد حدث معظم الانحدار في العام الماضي. والأمر لا يقتصر على الجنود العاديين «المشاة» وحدهم. فإن أولئك الذين لديهم الكثير ليدافعوا عنه أقل استعداداً لأن يفعلوا هذا إذ يواجه سلاح تدريب ضباط احتياطي الجيش - الذي يدرب ويجهّز للخدمة نسبة تربو على 60 بالمائة من ضباط الجيش الجدد كل عام - مشكلات مماثلة، فلديه الآن العدد الأقل من المشاركين خلال ما يقرب من عقد كامل حيث هبطت أعداد المجندين بنسبة تربو على 16 بالمائة خلال السنتين الماضيتين. وفي مقالة نشرت مؤخراً في مجلة هاربرز Harperصs أوضح لويس لابهام Lweis Lapham أن هناك عملية أطول أمداً تجري في هذا الصدد، إذ يلاحظ أن قرابة نصف الدفعة التي تخرجت في عام 1956 في جامعة برينستون انخرطت في القوات المسلحة «400 طالب من مجموع 900». أما من دفعة عام 2004، فإن تسعة طلاب فقط انضموا إليها من مجموع 1100 طالب في الدفعة.

إن أبناء النخبة الأمريكية لا يرون لأنفسهم مستقبلاً في القوات المسلحة. وهناك بعض الجنود يرون ذلك. وتحكي حكاية عن جندي من مشاة البحرية «مارينز» عاد إلى كاليفورنيا بعد جولة خدمة في العراق ودعى إلى التحدث في جماعة دفعت رسوم دخول في ماليبو بوصفه واحداً من أبطال الحرب، وقد قال لمستمعيه: «لست بطلاً.. الأشخاص مثلي هم مجرد جزء ضروري من أشياء، وللاحتفاظ بهذه الطريقة للحياة في مجتمع جيد كهذا، فإنكم تحتاجون إلى مرضى ذهانيين من أمثالنا لكي يذهبوا ويلقوا قنبلة على بيت شخص ما. لقد دعا الجيش - في جهوده لمعرفة السبب في انه توجد الآن مشكلات في التجنيد - شركة ميلوارد براون للبحوث لدراسة الأمر. ووجدت الشركة أن المقاومة «ضد التجنيد» ترجع إلى الرفض الشعبي للحرب في العراق وإلى الخسائر البشرية والتغطية الإعلامية للتعذيب في سجن أبوغريب، وتفيد تقارير بأن الدراسة هذه توصلت إلى استنتاج بأن «الأسباب الداعية إلى عدم النظر في أداء الخدمة العسكرية تقوم بصورة متزايدة على اعتراضات ضد الوضع في العراق وتجنب الانخراط في القوات المسلحة».

باختصار، لقد أخفقت إدارة بوش في إيضاح دعواها من أجل الحرب في العراق، والآن فإن الشعب يرى ويقرأ عما يحدث بالفعل في هذه الحرب، والبلدات والمدن تواجه واقع وفاة 1900 أو نحو ذلك من العسكريين الأمريكيين ومايربو على 14 ألف جريح حتى الآن في العراق، لقد تبين لاستطلاع اجرته مؤسسة غالوب «Gallup» في يونيو 2005 أنه خلال السنوات الخمس الماضية كان الأمريكيون الذين قالوا إنهم يمكن أن يؤيدوا دخول ابن لهم إلى القوات المسلحة قد انخفضوا من الثلثين إلى قرابة النصف، وهذا امر لم يحدث كله في وقت واحد، فهناك في انحاء الولايات المتحدة حملة متزايدة النمو ضد التجنيد العسكري تجمع الآباء والمعلمين والناشطين من أجل السلام بهدف حماية الطلاب من مندوبي التجنيد العسكري.


الاستبقاء أيضاً مشكلة



ليس التجنيد وحده المشكلة، إن القوات المسلحة تواجه مشكلات في الاحتفاظ بجنودها، إن ما يقارب 30% من المجندين الجدد يتركون الخدمة خلال ستة أشهر، بعض هؤلاء يتركون الخدمة على الاقل بسبب الهوة الواسعة بين الخبرات اليومية للشباب قبل الانخراط وحياة المجند أثناء التدريب، وتتحدث الحكايات عن مجندين «لا يستطيعون أن يأكلوا، بل إنهم يتقيأون بالمعنى الحرفي للكلمة في كل مرة يضعون فيها ملعقة في أفواههم، إنهم يعانون كوابيس»، وثمة علاوات تقدم لتشجيع الجنود على أن يعيدوا تسجيل انفسهم مجدداً عندما تنتهي خدمتهم، وتفيد التقارير بأن علاوات اعادة التسجيل يمكن ان تصل الى 150 ألف دولار، والأمر يتوقف على التخصص وعلى طول فترة إعادة الخدمة.

وتشير بعض التقارير الى ان الجيش بدأ يخفض معاييره لأداء ا لجندي، ويخفض بالمثل خسائره، وقد ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أمر مذكرة عسكرية توجه القادة إلى ألا يسرحوا جنوداً بسبب ضعف لياقتهم البدنية أو أدائهم غير المرضي، او بسبب الحمل، أو الادمان الكحولي أو تعاطي المخدرات.

وثمة مشكلات مع الهروب من الخدمة، لقد اعترف البنتاغون بأن اكثر من 5500 جندي فروا من الخدمة منذ بداية حرب العراق، وعلى سبيل المقارنة، فإن 1509 جنود فروا من الخدمة في عام 1995، وقد اعلنت الحالات التي اصبحت علنية أنهم فعلوا ذلك لأنهم يعارضون الحرب، وقد نقل عن خط هاتفي اقيم لمساعدة الجنود الذين يريدون ترك القوات المسلحة أن عدد المكالمات التي يتلقاها هي الآن ضعف ما كانت في عام 2001، وقد رد هذا الخط الهاتفي الساخن على 33 ألف مكالمة في العام الماضي.


جيش جديد من المرتزقة؟



عرض ماكس بوت (Max Boot) وهو معلق عسكري بارز ذكر اسمه بين «الخمسمائة شخص الاكثر تأثيراً في الولايات المتحدة في ميدان السياسة الخارجية»، حلاً لمشكلة ايجاد الاشخاص الذين يخوضون حروب أمريكا، ففي مقالة نشرت مؤخراً، اقترح بوت ان الدرب الموصل الى جيش امريكي اكبر يكمن في عرض صفقة جديدة «دافع عن أمريكا تصبح أمريكياً»، واقترح بوت أن تنظر الولايات المتحدة في ما وراء مجرد المواطنين الأمريكيين وحاملي الإقامات الدائمة والمقيمين الشرعيين في بحثها عن جنود ليقاتلوا في قواتها المسلحة.

واقترح «قانوناً لتنمية وإغاثة وتعليم الأجانب صغار السن» وأسماه «قانون الحلم» Dream Act، ومن شأن هذاالقانون أن يقدم وضعاً قانونياً لأبناء المهاجرين غير الشرعيين الذين يقيمون في الولايات المتحدة، ويعطيهم أهلية للحصول على الجنسية إذا ما كان بإمكانهم أن يفوا بعدد من الشروط، من بينها التخرج في مدرسة ثانوية، وإذا ما ذهبوا إلى إحدى الكليات أو اختاروا أن يؤدوا الخدمة في القوات المسلحة. وقد قدم إلى مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون بهذ المعنى لكن لم يتم التصويت عليه بعد.

لكن حتى هذا قد لا يكون كافياً فمثل كثيرين آخرين يذهبون إلى أنه يتعيّن على أمريكا أن تحتضن أمبرياليتها بأسرها وبكل حماس، يعتقد بوت بأن ثمة حاجة إلى زيادة هائلة في حجم القوات الأمريكية، وأنه يكون من الضروري رفع الإنفاق العسكري للصرف على جيش قادر على أن يضع قوات في الميدان في بلدان بعيدة وأن يحتفظ بها هناك. وقد اقترح أن «تعرض الولايات المتحدة الجنسية على أي شخص، في أي مكان على سطح الكوكب، يكون مستعداً لقضاء فترة في القوات المسلحة الأمريكية».
ويتساءل بوت: «هل يوقع الأجانب على تعهد بأن يقاتلوا من أجل العم سام؟ لست أدري، لم لا، لأن أناساً كثيرين يرغبون إلى حد الاستماتة في الانتقال إلى هنا، إن الخدمة لسنوات قليلة في القوات المسلحة ستبدو ثمناً ضئيلاً يدفع وسثبت - بما يتجاوز أي شك - انهم مهاجرون من النوع الذي تحركه دوافع قوية ويشتغلون بكل جد»، وهو النوع الذي نريده» إن كابوس الحرب يقدم باعتباره التمهيد لـ «الحلم الأمريكي».


المصدر ..


http://www.al-sharq.com/site/topics/article.asp?cu_no=1&item_no=164537&version=1&template_id=21&parent_id=7 (http://www.al-sharq.com/site/topics/article.asp?cu_no=1&item_no=164537&version=1&template_id=21&parent_id=7)
__________________