SAID ABO NAASA
29-10-2005, 01:13 PM
منطق القوة و قوة المنطق
ماذا لو رفض شخص ما كلَّ ما توصّل إليه علم الجغرافيا من نظريا ت و حقائق و قام يقيس ينفسه أعماق المحيطات و ارتفاعات الجبال من جديد ؟ فهل نصفه بغير الجنون ؟
و ماذا لو رفض أيضا علم المنطق و ما تفرّع عنه من قياس و استقراء تام و ناقص وما نتج عنهما من نظريات و اكتشافات ؟ فهل نصفه بغير الجنون ؟
إن علم الأخلاق يقرّر بوداعة أن القوة للمنطق ؛ و المنطق الأخلاقي يقوم على ركائز ثلاث : الحق و الخير و الجمال.
و تاريخ الشعوب مليء بالفلاسفة الذين أقروا هذه النظرية و آمنوا بها و دافعوا عنها ؛ و لكن كم هو عدد السنوات في عمر البشرية التي طبّق فيها هذا الثالوث المقدّس ؟
إن تاريخ البشرية في واد و الثالوث الأخلاقي في واد آخر .
النظرية مركونة في بطون الكتب؛ و التطبيق المخالف لها حقيقة واقعة ، لمسها الأجداد كما نلمسها نحن اليوم و كما سيلمسها الأحفاد ؛ و السبب بسيط : إن الإنسان مفطور على التفلّت من القانون ( المدني و الديني ) مرهون لمصلحته الشخصية و أناه العليا و السفلى.
أعط طفلا صغيرا لعبة أو قطعة حلوى ثم حاول أن تأخذها منه ؛ فماذا يفعل ؟
أما الأمثلة على التفلت من القانون فأكثر من أن تحصى .
لو كان الإنسان خيّرا بطبعه مفطورا على الحق و الخير و الجمال و حب القانون والنظام لما احتاج إلى آلاف القوانين الوضعية و الدينية الرادعة لنزواته و ميوله و أهوائه .
هذا إذا كان حال الفرد العادي فهو أيضا حال الدول و الأنظمة ؛ فلا أخلاق في السياسة بل مصالح ، و المصالح تخضع لقانون القوة ،إذا فالسياسة يرسمها القوي .
هذا كان حال الامبراطوريات القديمة والحديثة و المعاصرة وهكذا دوما ستكون و شعارها الدائم
(المنطق للقوة ).
و إذا ثبت هذا فلا يحق لأحد أن يناقش – ويرتفع ضغطه أثناء النقاش - مسألة عدم انصياع اسرائيل لقرارات الأمم المتحدة ؛ و لا رفضها الانسحاب الى حدود عام 1967 رغم أن الشعب الفلسطيني قد رضي بالأمر الواقع مكرها وتنازل عن حدود فلسطين التاريخية من الناقورة الى العقبة ومن البحر المتوسط الى نهر الأردن .
ولا أن يعترض على تصرفاتها حسب مبدأ الأمر الواقع و اقتطاعها نصف الضفة الفلسطينية لتقيم عليها المستوطنات وتبني الجدار العازل .واذا رضي الفلسطينيون بالأمر الواقع اليوم فهل سيرفضون الأمر الواقع الذي سيستجدّ غدا ؟ وماذا لو تمددت المستوطنات لتحاصر الفلسطينيين في مدنهم و قراهم و يغدو عدد اليهود مساويا أو زائدا على عدد الفلسطينيين كأمر واقع ؟ فهل يقبل به الفلسطينيون ؟
و ما دام المنطق للقوة فلماذا نعجب من السياسة الخارجية للولايات المتحدة و هي القوة الأعظم و الأوحد في العالم اليوم ؟
و مادام المنطق للقوة فلماذا ننكر على الشعوب المستضعفة و المحتلة حقّها في استخدام عناصر القوة المتاحة لديها للدفاع عن نفسها في وجه الابتلاع و الاقتلاع ؟
و الى أن يجود الزمان بامبراطورية تحكم العالم تحت شعار القوة للمنطق علينا أن نسمع العجب العجاب عن المجازر و عمليات الترانسفير و عن المجاعات و الكوارث و أن نقتنع بأحد حلّين ،أحلاهما مرّ :
الرضى بالأمر الواقع و مسايرة التيار و تحمّل النتائج التي تكون كلها في صالح القوي .
أو مواجهة هذا الأمر الواقع و تحمل الهزائم و الانكسارات و العقوبات و المجاعات ؟
وإذا ثبت كل ما تقدّم أفلا يحق لي أن أشبّه الولايات المتحدة بأعور الدّجال الذي هو من علامات يوم القيامة و الذي يأتي في آخر الزمان والذي يرى بعين واحدة فقط و الذي يسوق وراءه نهرا من ماء و نهرا من خبز ، مَن آمن به أطعمه و من كفر به حرَمَه ؟
و ليُسمح لي بهذا التشبيه لا لشيء إلا لأن المنطق للقوة و ليست القوة للمنطق .
سعيد أبو نعسة
Said6610@hotmail.com
ماذا لو رفض شخص ما كلَّ ما توصّل إليه علم الجغرافيا من نظريا ت و حقائق و قام يقيس ينفسه أعماق المحيطات و ارتفاعات الجبال من جديد ؟ فهل نصفه بغير الجنون ؟
و ماذا لو رفض أيضا علم المنطق و ما تفرّع عنه من قياس و استقراء تام و ناقص وما نتج عنهما من نظريات و اكتشافات ؟ فهل نصفه بغير الجنون ؟
إن علم الأخلاق يقرّر بوداعة أن القوة للمنطق ؛ و المنطق الأخلاقي يقوم على ركائز ثلاث : الحق و الخير و الجمال.
و تاريخ الشعوب مليء بالفلاسفة الذين أقروا هذه النظرية و آمنوا بها و دافعوا عنها ؛ و لكن كم هو عدد السنوات في عمر البشرية التي طبّق فيها هذا الثالوث المقدّس ؟
إن تاريخ البشرية في واد و الثالوث الأخلاقي في واد آخر .
النظرية مركونة في بطون الكتب؛ و التطبيق المخالف لها حقيقة واقعة ، لمسها الأجداد كما نلمسها نحن اليوم و كما سيلمسها الأحفاد ؛ و السبب بسيط : إن الإنسان مفطور على التفلّت من القانون ( المدني و الديني ) مرهون لمصلحته الشخصية و أناه العليا و السفلى.
أعط طفلا صغيرا لعبة أو قطعة حلوى ثم حاول أن تأخذها منه ؛ فماذا يفعل ؟
أما الأمثلة على التفلت من القانون فأكثر من أن تحصى .
لو كان الإنسان خيّرا بطبعه مفطورا على الحق و الخير و الجمال و حب القانون والنظام لما احتاج إلى آلاف القوانين الوضعية و الدينية الرادعة لنزواته و ميوله و أهوائه .
هذا إذا كان حال الفرد العادي فهو أيضا حال الدول و الأنظمة ؛ فلا أخلاق في السياسة بل مصالح ، و المصالح تخضع لقانون القوة ،إذا فالسياسة يرسمها القوي .
هذا كان حال الامبراطوريات القديمة والحديثة و المعاصرة وهكذا دوما ستكون و شعارها الدائم
(المنطق للقوة ).
و إذا ثبت هذا فلا يحق لأحد أن يناقش – ويرتفع ضغطه أثناء النقاش - مسألة عدم انصياع اسرائيل لقرارات الأمم المتحدة ؛ و لا رفضها الانسحاب الى حدود عام 1967 رغم أن الشعب الفلسطيني قد رضي بالأمر الواقع مكرها وتنازل عن حدود فلسطين التاريخية من الناقورة الى العقبة ومن البحر المتوسط الى نهر الأردن .
ولا أن يعترض على تصرفاتها حسب مبدأ الأمر الواقع و اقتطاعها نصف الضفة الفلسطينية لتقيم عليها المستوطنات وتبني الجدار العازل .واذا رضي الفلسطينيون بالأمر الواقع اليوم فهل سيرفضون الأمر الواقع الذي سيستجدّ غدا ؟ وماذا لو تمددت المستوطنات لتحاصر الفلسطينيين في مدنهم و قراهم و يغدو عدد اليهود مساويا أو زائدا على عدد الفلسطينيين كأمر واقع ؟ فهل يقبل به الفلسطينيون ؟
و ما دام المنطق للقوة فلماذا نعجب من السياسة الخارجية للولايات المتحدة و هي القوة الأعظم و الأوحد في العالم اليوم ؟
و مادام المنطق للقوة فلماذا ننكر على الشعوب المستضعفة و المحتلة حقّها في استخدام عناصر القوة المتاحة لديها للدفاع عن نفسها في وجه الابتلاع و الاقتلاع ؟
و الى أن يجود الزمان بامبراطورية تحكم العالم تحت شعار القوة للمنطق علينا أن نسمع العجب العجاب عن المجازر و عمليات الترانسفير و عن المجاعات و الكوارث و أن نقتنع بأحد حلّين ،أحلاهما مرّ :
الرضى بالأمر الواقع و مسايرة التيار و تحمّل النتائج التي تكون كلها في صالح القوي .
أو مواجهة هذا الأمر الواقع و تحمل الهزائم و الانكسارات و العقوبات و المجاعات ؟
وإذا ثبت كل ما تقدّم أفلا يحق لي أن أشبّه الولايات المتحدة بأعور الدّجال الذي هو من علامات يوم القيامة و الذي يأتي في آخر الزمان والذي يرى بعين واحدة فقط و الذي يسوق وراءه نهرا من ماء و نهرا من خبز ، مَن آمن به أطعمه و من كفر به حرَمَه ؟
و ليُسمح لي بهذا التشبيه لا لشيء إلا لأن المنطق للقوة و ليست القوة للمنطق .
سعيد أبو نعسة
Said6610@hotmail.com