المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [ الشابي ، روح الشاعرِ القلقة ]



Y a z e e d
30-10-2005, 12:24 PM
[ أبو القاسم الشابي ]




كيفكم جميعاً؟

سنة 1909 م ، في بلدة الشابيه بتونس، تعالى صراخ قادمٍ جديد إلى الحياة، كان أبوه قاضيّاً ، والشرع في عائلتهِ كان الصنعة الوحيدة منذ أجيال.
ذهب الشاب الصغير إلى الأزهر لتلقي علومه الثانويّة، و تخرج من جامعة الزيتون بتوس و عُيّنَ قاضياً ، ثم ارتحل في تونس و غرق في قراءة الشعر ة التأمل ، فكانت أولى قصائده لمّا كان عمره 14 عاماً فقط ، وقد استقبلتها الصحافة و احتفى بها المجتمع مما منح الشابي دفعة عظيمة، فكان صاحب قوميّة سياسيّة.
توفي شاباً ، لم يجاوز العشرينيات ، وهو في أوج روعته و عطاءه..

ماذا أقول في أبي القاسم ؟

هذا الشاعر ، أسطورة أخرى ، مختلفة عن كلّ من نقرأ لهم ، شاعر سماوي ، فيلسوف حذق، وشعره يصدع في أعماق أعماق القارئ، وله قصائد خالدة لا تُنسى.
أحد أشهر قصائده " صلوات في هيكل الحبّ " ، غناها محمد عبده باسم " عذبةُ أنتِ " بعد أن أفسد القضيّة إفساداً عظيماً، وكذلك غنّت لطيفة للشاعر قصيدةً باسم " إرادة الحياة " ، ولا أذكر ما سمتها ،و على أي حال الأغنية موجودة في جميع المواقع الشهيرة .

إرادة الحياة قصيدة خالدة انتقيت لكم بعض الأبيات منها :


إذا الشعبُ يوماً أراد الحياة
فلا بد أن يستجيبَ القدر

ولا بد لليلِ أن ينجلي
ولا بد للقيد أن ينكسرْ

ومن لم يعانقه شوق الحياة
تبخّر في جوّها ، واندثرْ

فويلٌ لمن لم تشقهُ الحيـا
ةُ من صفعة العَدَم المنتصرْ

كذلك قالتْ ليَ الكائناتُ
وحدثني روحها المستترْ

***
و دمدمتِ الريحُ بين الفجاج
وفوق الجبال وتحت الشجرْ:

" إذا ما طمحتُ إلى غايةٍ
ركبتُ المنى و نسيت الحذرْ

ولم أتجنب وعورَ الشّعاب
ولا كبّة اللعب المستعر

ومن لا يحبّ صعود الجبال
يعِش أبد الدهر بين الحفر "

وأطرقتُ أصغي لقصف الرعود
وعزف الرياح و وقعِ المطر

***

وقالت لي الأرضُ - لما سألتُ:
" أيا أمُّ هل تكرهين البشرْ ؟":

" أبارك في الناس أهلَ الطموح
ومن يستلذُ ركوبَ الخطرْ

و ألعن من لا يماشي الزمانَ
و يقنعُ بالعيشِ عيشِ الحجرَْ

هو الكونُ حيُّ يحبّ الحياةَ
ويحتقرُ الميتَ ، مهما كبرْ

فلا الأفق يحضنُ ميتَ الطيور
ولا النحل يلثمُ ميتَ الزهرْ

ولولا أمومة قلبي الرّروم
لما ضمّتِ الميتَ تلكَ الحُفر

فويلٌ لمنْ لمْ تشقهُ الحيا
ةُ ، من لعنةِ العَدَمِ المنتصرْ "

ويفنى الجميعُ كحلْمٍ بديعٍ، تألّقَ في مهجة ٍ واندَثَرْ
ويفنى الجميعُ كحلْمٍ بديعٍ، تألّقَ في مهجة ٍ واندَثَرْ




***

الله ، يا أبا القاسم ، هذهِ القصيدة توقظ ما يموتُ في النفس من طموح ، و تكسر ما فيها من انكسارٍ و اندثار ، قصيدة خالدة سنبقى نترمنها و نرددها أبد الدهر دستوراً للبشر، أبو القاسم، بلغَ جلّ النفسِ الأنسانيّة ، ولامسَ أوتارها برقّة فتوترت و انطلقت لحناً خالداً.
يُصنف النقّاد ، قصيدةَ أبي القاسم الشابي " صلوات في هيكل الحبّ " ، على أنها أجمل قصيدة في الحبّ في كلّ شعر القرن العشرين ، وقد أصابوا ، هذهِ القصيدة ، ينبوع معانٍ ينقع صدى القارئ و عطشه للحبّ المفقود في زمننا الذي حلّت عليهِ لعنة الآلية وصار الإنسان مجوّفاً خالياً، يقول الشابي :


عذْبة ٌ أنتِ كالطّفولة ِ، كالأحلامِ كاللّحنِ، كالصباحِ الجديدِ
كالسَّماء الضَّحُوكِ كالليلة ِ القمراءِ كالورد، كابتسام الوليدِ
يا لها من وَداعة ٍ وجمالٍ وشبابٍ مُنَعَّم أمْلُودِ
يا لها من طهارة ٍ، تبعثُ التقديــسَ في مهجة الشَّقيِّ العنيدِ..
يالها رقَّة ً تكادُ يَرفُّ الوَرْدُ منها في الصخْرة ِ الجُلْمُودِ!
أيُّ شيء تُراكِ؟ هلى أنتِ "فينيـسُ" تَهادتْ بين الورى مِنْ جديدِ
لتُعيدَ الشَّبابَ والفرحَ المعــسولَ للْعالم التعيسِ العميدِ!
أم ملاكُ الفردوس جاء إلى الأرضِ ليُحييِ روحَ السَّلامِ العهيدِ!
أنتِ..، ما أنتِ؟ أنتِ رسمٌ جميلٌ عبقريٌّ من فنِّ هذا الوجودِ
فيكِ ما فيه من غموضٍ وعُمقٍ وجمالٍ مُقَدِّسٍ معبودِ
أنتِ.. ما أنتِ؟ أنتِ فَجْرٌ من السّحـرِ تجلّى لقلبيَ المعمودِ
فأراه الحياة َ في مونِق الحسـن وجلّى له خفايا الخلودِ
أنتِ روحُ الرَّبيعِ، تختالُ فـ الدنــيا فتهتزُّ رائعاتُ الورودِ
وتهبُّ الحياة سكرى من العِطْـــر، ويدْوي الوجودُ بالتَّغْريدِ
كلما أبْصَرَتْكِ عينايَ تمشـين بخطوٍ موقَّعٍ كالنشيدِ
خَفَقَ القلبُ للحياة ، ورفّ الزّهـرُ في حقل عمريَ المجرودِ
وأنتشتْ روحي الكئيبة ُ بالحبِّ وغنتْ كالبلبل الغرِّيدِ
أنتِ تُحِيينَ في فؤادي ما قد ماتَ في أمسي السعيدِ الفقيدِ
وَتُشِيدينَ في خرائبِ روحي ما تلاشى في عهديَ المجدودِ
من طموحِ إلى الجمالِ إلى الفنِّ، إلى ذلك الفضاءِ البعيدِ


( اعذروني على وصل القصيدة ، لأن البحر الخفيف تُقّطع كلماتهُ كثيراً )

- بعض ما تبقى من القصيدة - (http://www.adab.com/modules.php?name=Sh3er&doWhat=shqas&qid=14568)

مع العلم أن ( adab.com ) فيه قصائد جميلة للشابي ولكنها جميعاً مبتورة ، وبشكل مزري أحياناً ، إذا أن خلاصة القصيدة و زبدتها لا توضع ، و يختارون تساؤلات الشاعر ، او مقاطعاً يمضي فيها بالوصف أو التشبيه أو السرد.

هُناك قصيدة فلسفيّة جميلة للشابي كذلك ، وهي طويلة بعنوان" حديث المقبرة "
فيذكر أن الشاعر خرج ، ذاتَ ليلةٍ قمراء، يتجول بين الغابِ و الكروم ، ويناجي القمر في روحانيّة السَحَر ، و بين قبور الموتى على تلّة قريبة ، أخذ يناجي الشاعر في نفسهِ الفيلسوف ، وخرج بقصيدة جميلة ، جداً ، ورائعة ، فيها مقطع فلسفي - بغض النظر عن محتواه - جميل ، ويوصل فكرة أن الأنسان ، مهما فعل ، لن يصل إلى الراحة المبتغاه :



ولكـن إذا مالبسنـا الخـلـود
ونلنا كمـال النفـوس البعيـدْ
فهـل لا نمـلّ دوانـم البقـاء؟
وهل لا نـوّد كمـالاً جديـدْ
وكيف يكوننّ هذا "الكمـال"؟
وماذا تـراهُ؟ وكيـفَ الحـدودْ
وإن جمـال الكمـالِ الطمـوحُ
وما دامَ فكراً يُـرى مـن بعيـدْ
فما سحرهُ إن غـدا " واقعـاً "
يُحَسُّ ، وأصبحَ شيئـاً شهيـدْ
وهل ينطفي في النفوس الحنيـن
وتصبـح أشواقنـا فـي خمـودْ
فلا تطمحُ النفسُ فوقَ الكمـالِ
وفوقَ الخلـودِ لبعـضِ المزيـدْ
إذا لم يَزُل شوقهـا فـي الخلـود
فذاك لعمـري شقـاء الجـدودْ
وحربٌ ضروسٌ ، كما قد عهدتُ
ونصـرٌ وكسـرٌ وهـمٌّ مديـدْ
وإن زالَ عنهـا فـذاكَ الفنـاءُ
وإن كانَ في عَرَصَـاتِ الخلـودْ


ـــــــ

أبو القاسم ، كان شيئاً ملائكيّاً جميلاً قلقاً ، جاءنا زائراً من الجنّة ، و أقلقته الحياة ، فلم يطق طويلَ المقام ، ورحل ..
ويُثار السؤال ، لمَ يموتُ المبدعون صغاراً ، عن صغر ؟

موزارت ، الشابي ، و آخرون ، يحسون أن ما عندهم قد قُدِم ، و أن مقامهم في الحياةِ قصيرٌ و انتهى بانتهاء ما عندهم ، و يعصف بهم قلق الحياة .. ويذهبون.




كلّ الورود .. :rose:
يزيد ..

.Atlas.
30-10-2005, 03:44 PM
مع العلم أن ( adab.com ) فيه قصائد جميلة للشابي ولكنها جميعاً مبتورة ، وبشكل مزري أحياناً ، إذا أن خلاصة القصيدة و زبدتها لا توضع ، و يختارون تساؤلات الشاعر ، او مقاطعاً يمضي فيها بالوصف أو التشبيه أو السرد.


بدأت القراءة للشابي من فترة جدا بسيطة..وكان اعتمادي على هالموقع..
قصائده جميلة وتدل على نفس متمللة..


موضوع جميل فعلا..وأسلوب شيق كما عودتنا دوماً


http://adab.com/modules.php?name=Sh3er&doWhat=shqas&qid=14600

MeMoirs
30-10-2005, 05:08 PM
مشاء الله ..

أشعار أكثر من روعة ..

مع أني مو من الي يتذوقون الأدب زين :blackeye:


ومن لا يحبّ صعود الجبال
يعِش أبد الدهر بين الحفر

الشابي هو الي قال هذي " الحكمة " ولا هو مقتبسها :) ؟؟

مشكور يزيد ع الموضوع الرائع ..

Y a z e e d
30-10-2005, 07:26 PM
بدأت القراءة للشابي من فترة جدا بسيطة..وكان اعتمادي على هالموقع..
قصائده جميلة وتدل على نفس متمللة..


موضوع جميل فعلا..وأسلوب شيق كما عودتنا دوماً


http://adab.com/modules.php?name=Sh3er&doWhat=shqas&qid=14600

أهلين سيدتي ،
شكراً على حضورك ..

امم قصائدهم كلها مقاطع قصيرة ، وكلها أخطاء ومشاكل ..
فيه ديوان جميل للشابي عند مكتبة التراثيّة ،
و خالي من الأخطاء حسب ما شفت إلى الآن ( أتكلم عن الأخطاء النحوية أو نقل الأبيات خطأً - يفضحهم الوزن - )
عموماً ، لا أنصحك بالنت ، لان كلّ اللي فيها مغلوط ، أو ناقص ..

احترامي :)

Y a z e e d
30-10-2005, 07:28 PM
مشاء الله ..

أشعار أكثر من روعة ..

مع أني مو من الي يتذوقون الأدب زين :blackeye:



الشابي هو الي قال هذي " الحكمة " ولا هو مقتبسها :) ؟؟

مشكور يزيد ع الموضوع الرائع ..

اسمك حلو ع فكرة :)
أحلى من الأول ^_^

اممم
شكراً على مرورك ، وحيّاك
أبو القاسم يلامس قلب أيّ قارئ ..

والله حسب علمي هو من وضع البيت
ويروى بطريقتين
" ومن يتهيّب صعودَ الجبال ..
وكذلك ورد أنّه :
" ومن لا يحبّ ..

لا أعلم صراحة أيّهما أصح :)

تسلمين على المرور

ثريول
31-10-2005, 11:56 AM
كان سيكون شيئاً عظيماً لو طالت به حياته!

شكراً :rose:.