rafa7
04-11-2005, 08:14 PM
من الخطأ الشائع عندما نتحدث عن هذه القضية أن نحاول إقرار التقاليد و الأعراف، و كقاعدة عامة لا يجوز أن يوصم الإسلام بتصرفات بعض أتباعه الذين يجعلون التقاليد ديناً أو يلتمسون لها ثوباً شرعياً ضيقاً، فهناك قوم مولعون بتسويغ أعرافهم و إلباسها ثوباً شرعيا و خصوصاًُ عندما يكون الحديث عن المرأة.
و قبل ان أتكلم عن دور المرأة و اندماجها في المجتمع الذي من حولها و الذي يعتبر الرجل جزءاً منه أود أن أطلعكم على حال المرأة عندما يغيب الفهم الإسلامي الصحيح.
كم سآني ما يحدث للمرأة المسلمة عندما يغيب الفهم الناصع لهذا الدين العظيم فابسم الدين تُحرم المرأة من التعلم و تُمنع ظلماً من تحصيل العلم و يفرض عليها هذا التخصص أو ذاك دون أن يكون لها خيار و لربما حُرمت من التعليم الجامعي و الاتحاق بسوق العمل لتكون كما كانت المرأة في عصراليونان الغابر محرومة من التعليم و العمل بل و تباع في الأسواق و لا حقوق لها.
أسمعتم عن تلك المرأة المسلمة الكادحة في عمل متعب شاق و يستأثر أبوها أو زوجها بالراتب كاملاً لأنه كما يزعم رب البيت و مدبر أموره و له أن يتصرف في مالها كيفما شاء ملبساً ما يزعم عباءة الدين و هو الذي اتخذ الرومان قدوة له و الإسلام بريء من جرمه وفعلته فالأب عند الرومان غير ملزم بالإنفاق على البنت و له سلطة عليها حتى بعد زواجها و يملك جميع أموالها و له أن يبيعها إن شاء.
أما شاهدتم في إحدى قرى المسلمين و المرأة في مؤخرة البيك أب في الحر الشديد و لا تجلس داخل السيارة لا لشيء بل لأنها امرأة أو من يقول "أعزك الله" عندما يكون الحديث موصولاً بالمرأة و هذا الفعل المشؤوم موروث من شرعة حمورابي الذين عدوا المرأة من المواشي.
و في بعض مجتمعاتنا الإسلامية لا يكون للمرأة فيها صوت يُسمع أو استقلالية في المصير متشبثين بحال المرأة عند الهنود في شريعة مانو حيث لا استقلالية لها و إن مات زوجها قبلها تحرق و هي حية في موقد واحد و لازالت بعض المدن الهندية تقوم بذلك إلى يومنا هذا!
و المتأمل حال بعض القضايا المرفوعة في المحاكم فإن التقديرات تشير إلى أن حرمان الأنثى من الميراث المشروع لها يقف وراء نحو 40% من مجموع هذه القضايا تماماً كما يفعل اليهود مع المرأة ففي الإصحاح (42) من سفر أيوب: و لم توجد نساء جميلات كنساء أيوب و أعطاهن أبوهن الميراث بين اخوتهن فإذا وجد الذكر أخذ التركه كلها.
و نسب البعض إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه زوراً و بهتاناً قوله: ((المرأة شر كلها، وشر ما فيها أنه لابد منها))!!! و نقول لهؤلاء بل اتخذتم النصارى قدوة لكم المطابق لقول القديس سوستام: إنها شر لابد منه و آفة مرغوب فيها و خطر على الأسرة و البيت أو كنص القانون المدني الفرنسي على أن المرأة ليس أهلاً للتعاقد، و أن القاصرين ثلاثة: الصبي و المجنون و المرأة و لم تعدل إلا سنة 1938.
لقد طم و عم من أن دور المرأة لا يتعدى المنزل و أن دورها لا يتجاوز متاع الرجل و الإنجاب و التربية للأولاد بمفهوم الخدمة مثل إعداد الطعام و الكنس و الغسيل و بعضهم قال لا تخرج المرأة من بيتها إلا مرتين من بيت أبيها إلى بيت زوجها و من بيت زوجها إلى القبر! و ربما سوغ هذا الفكر الخاطىء بعض تصرفات المسلمين التي لا تصدر عن دين صحيح بل عن عرف غالب و تقاليد بالية. و ليعلم أولئك أنه لا يجوز حبس المرأة في البيت إلا إذا كانت عقوبة على ارتكابها الزنا " و اللاتي يأتين الفاحشة من نسا~كم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً" (النساء: 15) و أعلم أن آية القرار في البيت خاصة بأمهات المؤمنين و ليس مفهومه عدم الخروج بدليل خروجهن للمساجد و الجمع و الجهاد و عيادة المرضى و غير ذلك.
و من الناس من أراد واهماً أن يجعل من صوت المرأة عورة و أن يلبس الزعم لباس الدين و لهؤلاء نقول كم من نساء سألن وتحدثن في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم وكم من وقائع ومواقف لا تعد في عصر النبوة والصحابة تحدث فيها النساء إلى الرجال، سؤالاً وجوابًا، وأخذًا وردًا، وسلامًا وكلامًا، ولم يقل أحد للمرأة: اصمتي فإن صوتك عورة!!
و المرأة في جيل المعين الصافي كانت لها كلمتها و رأيها و مشاركتها دونما قيود و أسوار وهمية يرسمها بعض الغالون في دين الله فقد زار سلمان الفارسي رضي الله عنه أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة! فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا! فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاماً، فقال: كل، قال: فإني صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل! قال: فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، قال: نم، فنام، ثم ذهب يقوم، فقال: نم، فلما كان من آخر الليل، قال سلمان: قم الآن فصليا، فقال: له سلمان إن لربك عليك حقاً ولنفسك عليك حقاً ولأهلك عليك حقاً فأعط كل ذي حق حقه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "صدق سلمان" رواه البخاري."
لقد تحدث سلمان الفارسي رضي الله عنه لأم الدرداء حديثاً لا تنقصه الشفافية و في أمر يتعلق بالأمور الأسرية و سلمان لا تربطه بأم الدرداء سوى أخوة الدين و كفى بها سبباً. لم يكن النقاش الذي دار بين سلمان و أم الدرداء مجرد كلمة و رد غطاها كما يحلو لنا أن نقولها في العامية بل كان بثاً لهم في صدر أم الدرداء لأخيها لينظر لها حلا فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضهم بعضاً.
قد ظن من ظن بأن لا يجوز في ديننا حديث المرأة مع الرجل لأنه في مجتمع ربما لا يستصيغ ذلك و ليتنا نراجع حساباتها في هذه النقطة لأنها جانبت الصواب.
و إذا أردنا لمجتمع أن يتطور و يزدهر لابد من إقحام كل عناصره في عملية التنمية ضمن الحقوق المتاحة لأفراده و للحديث عن الدور الذي تلعبه المرأة في مجتمعنا المسلم فلا بد من معرفة الحقوق التي كفلها الإسلام للمرأة:
حق التكريم: فالتكريم للرجال و النساء قال تعالى " و لقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر و البحر" (الإسراء:70) و قد فصل صلى الله عليه و سلم ذلك بقوله: "ما أكرمهن إلا كريم، و ما أهانهن إلا لئيم"
حق اختيار الدين الذي ترتضيه (حرية الإعتقاد): امرأة نوح و امرأة لوط و امرأة فرعون.
حق التعلم: فطلب العلم واجب فريضة على كل مسلم و مسلمة و يكفي هذه الأمة فخراً أن امرأة و هي أم المؤمنين عائشة كانت تحوز نصف علوم الدين لقوله صلى الله عليه و سلم عنها "خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء" و عرفت الحضارة الإسلامية في ذروتها رفيدة الأسلمية عالمة في الطب و أم الخير الحجازية عالمة في الفقه و كانت تعلم الرجال و النساء في مسجد عمرو بن العاص رضي الله عنه في مصر و لا حرج على المرأة أن تتعلم أي علم نافع ينفعها في أداء دورها و إصلاح أمتها و مجتمعها في نطاق ما يتآلف مع طبيعتها كأنثى.
حق الإنتخاب: و هو حق في الإسلام للرجال و النساء لقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله و لو على أنفسكم أو الوالدين و الأقربين" (النساء:140) و هو أمر عام يشمل الرجال و النساء مع التوجيه إلى المعايير الأخلاقية في الإنتخاب للأصلح و لو كان أبعد قرابة أو نسباً.
التملك و التصرف: للمرأة حق التملك في أي مال مباح و التصرف فيه ليس وفقاً لأوامر الرجل (أباً أو زوجاً أو أخاً) بل وفق ضوابط شرعية ملزمة للرجال و النساء معاً و لا يجوز للرجل أن يتصرف في مال ابنته بعد بلوغها و لا للرجل أن يتصرف في مال زوجته إلا بإذنها.
حق الإنفاق عليها: فتجب النفقة عليها بعد بلوغها و إتقانها لمهنة بينما الولد يُنفق عليه وجوباً حتى يبلغ إلا أن يكونوا مرضى فإلى هذا أشار المالكية و الشافعية منهم أبن حجر و السيوطي. و أما الزوجة فبمجرد العقد عليها وجب الإنفاق عليها من الزوج و يزداد حقها في النفقة عند الرضاعة.
حق الميراث: و مما شاع و راج في الأوساط العلمية أن المرأة تأخذ نصف الرجل و المتمعن في مسألة الميراث يجد أيضاً حالات ترث فيها المرأة مثل الرجل و حالات ترث فيها المرأة أكثر من الرجل و حالات ترث فيها المرأة دون نظيرها من الرجال.
و ليعلم الجميع أن للمرأة في ديننا المسؤولية الكاملة مثل الرجل " و المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعرف و ينهون عن المنكر و يقومون الصلاة و يؤتون الزكاة و يطيعون الله و رسوله..." (التوبة: 71) و لذا وجدنا المرأة المسلمة تتحمل في سبيل دينها ربما أكثر من الرجل لإأول من دخل في الإسلام قاطبة امرأة (أم المؤمنين خديجة) و أول شهيد في الإسلام كانت انثى (سمية بنة خياط).
و عن اختلاط الرجل بالمرأة في بعض أوساط المجتمع و في العمل فيجلسون جميعًا في غرفة واحدة، وقد يكونون في اجتماع متقابلين متجاورين، فهذا النوع من الاختلاط جائز، إذا التزم الجميع فيه بالآداب الإسلامية والأحكام الشرعية المتعلقة باللباس والكلام والنظر وستر ما يجب ستره شرعًا من البدن بالنسبة للنساء والرجال، فعلى المرأة أن تلبس اللباس الشرعي و هو كما ورد في كتاب الحلال و الحرام لفضيلة الدكتور يوسف القرضاوي الذي يجمع الأوصاف التالية:
أولا: أن يغطي جميع الجسم عدا ما استثناه القرآن الكريم في قوله: (إلا ما ظهر منها) وأرجح الأقوال في تفسير ذلك أنه الوجه والكفان.
ثانيا: ألا يشف الثوب ويصف ما تحته . وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من أهل النار نساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها (رواه مسلم من حديث أبي هريرة) ومعنى " كاسيات عاريات " أن ثيابهن لا تؤدي وظيفة الستر، فتصف ما تحتها لرقتها وشفافيتها .
دخلت نسوة من بني تميم على عائشة رضي الله عنها وعليهن ثياب رقاق فقالت عائشة: " إن كنتن مؤمنات، فليس هذا بثياب المؤمنات " وأدخلت عليها عروس عليها خمار رقيق، شفاف فقالت: " لم تؤمن بسورة النور امرأة تلبس هذا " (تفسير القرطبي) فكيف لو رأت عائشة ثياب هذا العصر التي كأنها مصنوعة من زجاج ؟
ثالثًا: ألا يحدد أجزاء الجسم ويبرز مفاتنه، وإن لم يكن رقيقًا شفافًا . فإن الثياب التي ترمينا بها حضارة الغرب، قد تكون غير شفافة، ولكنها تحدد أجزاء الجسم، ومفاتنه، فيصبح كل جزء من أجزاء الجسم محددًا بطريقة مثيرة للغرائز الدنيا، وهذا أيضًا شيء محظور وممنوع، وهو - كما قلت - صنع مصممي الأزياء اليهود العالميين الذي يحركون الناس كالدمى من وراء هذه الأمور كلها.
فلابسات هذا النوع من الثياب " كاسيات عاريات " يدخلن في الوعيد الذي جاء في هذا الحديث، وهذه الثياب أشد إغراء وفتنة من الثياب الرقيقة الشفافة.
رابعًا: ألا يكون لباسًا يختص به الرجال: فالمعروف أن للرجال ملابس خاصة وللنساء ملابس خاصة أيضًا، فإذا كان الرجل معتادًا أن يلبس لباسًا معينًا، بحيث يعرف أن هذا اللباس هو لباس رجل فليس للمرأة أن ترتدي مثل هذا اللباس، لأنه يحرم عليها ؛ حيث لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال ..
وأن لا تبدي من بدنها إلا الوجه والكفين، وأن يكون كلامها وصوتها دون خضوع أو فتنة ، أن يكون نظرها إلى الرجال خاليًا من الشهوة وكذا يجب أن يكون نظر الرجال إليهن، وأن لا تكون خلوة الرجل بالمرأة فإذا لم يحصل التزام بهذه الحدود والأحكام الشرعية فلا يجوز هذا الاختلاط.
و قبل ان أتكلم عن دور المرأة و اندماجها في المجتمع الذي من حولها و الذي يعتبر الرجل جزءاً منه أود أن أطلعكم على حال المرأة عندما يغيب الفهم الإسلامي الصحيح.
كم سآني ما يحدث للمرأة المسلمة عندما يغيب الفهم الناصع لهذا الدين العظيم فابسم الدين تُحرم المرأة من التعلم و تُمنع ظلماً من تحصيل العلم و يفرض عليها هذا التخصص أو ذاك دون أن يكون لها خيار و لربما حُرمت من التعليم الجامعي و الاتحاق بسوق العمل لتكون كما كانت المرأة في عصراليونان الغابر محرومة من التعليم و العمل بل و تباع في الأسواق و لا حقوق لها.
أسمعتم عن تلك المرأة المسلمة الكادحة في عمل متعب شاق و يستأثر أبوها أو زوجها بالراتب كاملاً لأنه كما يزعم رب البيت و مدبر أموره و له أن يتصرف في مالها كيفما شاء ملبساً ما يزعم عباءة الدين و هو الذي اتخذ الرومان قدوة له و الإسلام بريء من جرمه وفعلته فالأب عند الرومان غير ملزم بالإنفاق على البنت و له سلطة عليها حتى بعد زواجها و يملك جميع أموالها و له أن يبيعها إن شاء.
أما شاهدتم في إحدى قرى المسلمين و المرأة في مؤخرة البيك أب في الحر الشديد و لا تجلس داخل السيارة لا لشيء بل لأنها امرأة أو من يقول "أعزك الله" عندما يكون الحديث موصولاً بالمرأة و هذا الفعل المشؤوم موروث من شرعة حمورابي الذين عدوا المرأة من المواشي.
و في بعض مجتمعاتنا الإسلامية لا يكون للمرأة فيها صوت يُسمع أو استقلالية في المصير متشبثين بحال المرأة عند الهنود في شريعة مانو حيث لا استقلالية لها و إن مات زوجها قبلها تحرق و هي حية في موقد واحد و لازالت بعض المدن الهندية تقوم بذلك إلى يومنا هذا!
و المتأمل حال بعض القضايا المرفوعة في المحاكم فإن التقديرات تشير إلى أن حرمان الأنثى من الميراث المشروع لها يقف وراء نحو 40% من مجموع هذه القضايا تماماً كما يفعل اليهود مع المرأة ففي الإصحاح (42) من سفر أيوب: و لم توجد نساء جميلات كنساء أيوب و أعطاهن أبوهن الميراث بين اخوتهن فإذا وجد الذكر أخذ التركه كلها.
و نسب البعض إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه زوراً و بهتاناً قوله: ((المرأة شر كلها، وشر ما فيها أنه لابد منها))!!! و نقول لهؤلاء بل اتخذتم النصارى قدوة لكم المطابق لقول القديس سوستام: إنها شر لابد منه و آفة مرغوب فيها و خطر على الأسرة و البيت أو كنص القانون المدني الفرنسي على أن المرأة ليس أهلاً للتعاقد، و أن القاصرين ثلاثة: الصبي و المجنون و المرأة و لم تعدل إلا سنة 1938.
لقد طم و عم من أن دور المرأة لا يتعدى المنزل و أن دورها لا يتجاوز متاع الرجل و الإنجاب و التربية للأولاد بمفهوم الخدمة مثل إعداد الطعام و الكنس و الغسيل و بعضهم قال لا تخرج المرأة من بيتها إلا مرتين من بيت أبيها إلى بيت زوجها و من بيت زوجها إلى القبر! و ربما سوغ هذا الفكر الخاطىء بعض تصرفات المسلمين التي لا تصدر عن دين صحيح بل عن عرف غالب و تقاليد بالية. و ليعلم أولئك أنه لا يجوز حبس المرأة في البيت إلا إذا كانت عقوبة على ارتكابها الزنا " و اللاتي يأتين الفاحشة من نسا~كم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً" (النساء: 15) و أعلم أن آية القرار في البيت خاصة بأمهات المؤمنين و ليس مفهومه عدم الخروج بدليل خروجهن للمساجد و الجمع و الجهاد و عيادة المرضى و غير ذلك.
و من الناس من أراد واهماً أن يجعل من صوت المرأة عورة و أن يلبس الزعم لباس الدين و لهؤلاء نقول كم من نساء سألن وتحدثن في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم وكم من وقائع ومواقف لا تعد في عصر النبوة والصحابة تحدث فيها النساء إلى الرجال، سؤالاً وجوابًا، وأخذًا وردًا، وسلامًا وكلامًا، ولم يقل أحد للمرأة: اصمتي فإن صوتك عورة!!
و المرأة في جيل المعين الصافي كانت لها كلمتها و رأيها و مشاركتها دونما قيود و أسوار وهمية يرسمها بعض الغالون في دين الله فقد زار سلمان الفارسي رضي الله عنه أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة! فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا! فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاماً، فقال: كل، قال: فإني صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل! قال: فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، قال: نم، فنام، ثم ذهب يقوم، فقال: نم، فلما كان من آخر الليل، قال سلمان: قم الآن فصليا، فقال: له سلمان إن لربك عليك حقاً ولنفسك عليك حقاً ولأهلك عليك حقاً فأعط كل ذي حق حقه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "صدق سلمان" رواه البخاري."
لقد تحدث سلمان الفارسي رضي الله عنه لأم الدرداء حديثاً لا تنقصه الشفافية و في أمر يتعلق بالأمور الأسرية و سلمان لا تربطه بأم الدرداء سوى أخوة الدين و كفى بها سبباً. لم يكن النقاش الذي دار بين سلمان و أم الدرداء مجرد كلمة و رد غطاها كما يحلو لنا أن نقولها في العامية بل كان بثاً لهم في صدر أم الدرداء لأخيها لينظر لها حلا فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضهم بعضاً.
قد ظن من ظن بأن لا يجوز في ديننا حديث المرأة مع الرجل لأنه في مجتمع ربما لا يستصيغ ذلك و ليتنا نراجع حساباتها في هذه النقطة لأنها جانبت الصواب.
و إذا أردنا لمجتمع أن يتطور و يزدهر لابد من إقحام كل عناصره في عملية التنمية ضمن الحقوق المتاحة لأفراده و للحديث عن الدور الذي تلعبه المرأة في مجتمعنا المسلم فلا بد من معرفة الحقوق التي كفلها الإسلام للمرأة:
حق التكريم: فالتكريم للرجال و النساء قال تعالى " و لقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر و البحر" (الإسراء:70) و قد فصل صلى الله عليه و سلم ذلك بقوله: "ما أكرمهن إلا كريم، و ما أهانهن إلا لئيم"
حق اختيار الدين الذي ترتضيه (حرية الإعتقاد): امرأة نوح و امرأة لوط و امرأة فرعون.
حق التعلم: فطلب العلم واجب فريضة على كل مسلم و مسلمة و يكفي هذه الأمة فخراً أن امرأة و هي أم المؤمنين عائشة كانت تحوز نصف علوم الدين لقوله صلى الله عليه و سلم عنها "خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء" و عرفت الحضارة الإسلامية في ذروتها رفيدة الأسلمية عالمة في الطب و أم الخير الحجازية عالمة في الفقه و كانت تعلم الرجال و النساء في مسجد عمرو بن العاص رضي الله عنه في مصر و لا حرج على المرأة أن تتعلم أي علم نافع ينفعها في أداء دورها و إصلاح أمتها و مجتمعها في نطاق ما يتآلف مع طبيعتها كأنثى.
حق الإنتخاب: و هو حق في الإسلام للرجال و النساء لقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله و لو على أنفسكم أو الوالدين و الأقربين" (النساء:140) و هو أمر عام يشمل الرجال و النساء مع التوجيه إلى المعايير الأخلاقية في الإنتخاب للأصلح و لو كان أبعد قرابة أو نسباً.
التملك و التصرف: للمرأة حق التملك في أي مال مباح و التصرف فيه ليس وفقاً لأوامر الرجل (أباً أو زوجاً أو أخاً) بل وفق ضوابط شرعية ملزمة للرجال و النساء معاً و لا يجوز للرجل أن يتصرف في مال ابنته بعد بلوغها و لا للرجل أن يتصرف في مال زوجته إلا بإذنها.
حق الإنفاق عليها: فتجب النفقة عليها بعد بلوغها و إتقانها لمهنة بينما الولد يُنفق عليه وجوباً حتى يبلغ إلا أن يكونوا مرضى فإلى هذا أشار المالكية و الشافعية منهم أبن حجر و السيوطي. و أما الزوجة فبمجرد العقد عليها وجب الإنفاق عليها من الزوج و يزداد حقها في النفقة عند الرضاعة.
حق الميراث: و مما شاع و راج في الأوساط العلمية أن المرأة تأخذ نصف الرجل و المتمعن في مسألة الميراث يجد أيضاً حالات ترث فيها المرأة مثل الرجل و حالات ترث فيها المرأة أكثر من الرجل و حالات ترث فيها المرأة دون نظيرها من الرجال.
و ليعلم الجميع أن للمرأة في ديننا المسؤولية الكاملة مثل الرجل " و المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعرف و ينهون عن المنكر و يقومون الصلاة و يؤتون الزكاة و يطيعون الله و رسوله..." (التوبة: 71) و لذا وجدنا المرأة المسلمة تتحمل في سبيل دينها ربما أكثر من الرجل لإأول من دخل في الإسلام قاطبة امرأة (أم المؤمنين خديجة) و أول شهيد في الإسلام كانت انثى (سمية بنة خياط).
و عن اختلاط الرجل بالمرأة في بعض أوساط المجتمع و في العمل فيجلسون جميعًا في غرفة واحدة، وقد يكونون في اجتماع متقابلين متجاورين، فهذا النوع من الاختلاط جائز، إذا التزم الجميع فيه بالآداب الإسلامية والأحكام الشرعية المتعلقة باللباس والكلام والنظر وستر ما يجب ستره شرعًا من البدن بالنسبة للنساء والرجال، فعلى المرأة أن تلبس اللباس الشرعي و هو كما ورد في كتاب الحلال و الحرام لفضيلة الدكتور يوسف القرضاوي الذي يجمع الأوصاف التالية:
أولا: أن يغطي جميع الجسم عدا ما استثناه القرآن الكريم في قوله: (إلا ما ظهر منها) وأرجح الأقوال في تفسير ذلك أنه الوجه والكفان.
ثانيا: ألا يشف الثوب ويصف ما تحته . وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من أهل النار نساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها (رواه مسلم من حديث أبي هريرة) ومعنى " كاسيات عاريات " أن ثيابهن لا تؤدي وظيفة الستر، فتصف ما تحتها لرقتها وشفافيتها .
دخلت نسوة من بني تميم على عائشة رضي الله عنها وعليهن ثياب رقاق فقالت عائشة: " إن كنتن مؤمنات، فليس هذا بثياب المؤمنات " وأدخلت عليها عروس عليها خمار رقيق، شفاف فقالت: " لم تؤمن بسورة النور امرأة تلبس هذا " (تفسير القرطبي) فكيف لو رأت عائشة ثياب هذا العصر التي كأنها مصنوعة من زجاج ؟
ثالثًا: ألا يحدد أجزاء الجسم ويبرز مفاتنه، وإن لم يكن رقيقًا شفافًا . فإن الثياب التي ترمينا بها حضارة الغرب، قد تكون غير شفافة، ولكنها تحدد أجزاء الجسم، ومفاتنه، فيصبح كل جزء من أجزاء الجسم محددًا بطريقة مثيرة للغرائز الدنيا، وهذا أيضًا شيء محظور وممنوع، وهو - كما قلت - صنع مصممي الأزياء اليهود العالميين الذي يحركون الناس كالدمى من وراء هذه الأمور كلها.
فلابسات هذا النوع من الثياب " كاسيات عاريات " يدخلن في الوعيد الذي جاء في هذا الحديث، وهذه الثياب أشد إغراء وفتنة من الثياب الرقيقة الشفافة.
رابعًا: ألا يكون لباسًا يختص به الرجال: فالمعروف أن للرجال ملابس خاصة وللنساء ملابس خاصة أيضًا، فإذا كان الرجل معتادًا أن يلبس لباسًا معينًا، بحيث يعرف أن هذا اللباس هو لباس رجل فليس للمرأة أن ترتدي مثل هذا اللباس، لأنه يحرم عليها ؛ حيث لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال ..
وأن لا تبدي من بدنها إلا الوجه والكفين، وأن يكون كلامها وصوتها دون خضوع أو فتنة ، أن يكون نظرها إلى الرجال خاليًا من الشهوة وكذا يجب أن يكون نظر الرجال إليهن، وأن لا تكون خلوة الرجل بالمرأة فإذا لم يحصل التزام بهذه الحدود والأحكام الشرعية فلا يجوز هذا الاختلاط.