kazem420
07-11-2005, 06:28 PM
http://www.watan.com/img/2/ahmed.jpg
كل عام وأنتم بخير
في أمكنة اخرى بعيدة عن هذه الأرض، يحفل الأطفال برمضان، ينتظرون العيد بشغف، يمرحون، يلعبون، يتخيلون مسدسا بلاستيكياً، وملابس نظيفة جديدة، وينامون على صدى غد آخر، غير معجون بالدم والألم والفجيعة..
في أمكنة آخرى بعيدة عن هذه الأرض، يكبر الأطفال على حلم ليس كأحلامنا، وعلى صباح ليس كصباحاتنا المعجونة بالدموع.
في اليوم الأخير من رمضان، بعد أن أحصيت أيامه الثلاثين، منتظراً عيدا ليس ككل الأعياد، لم يغفو لي جفن، كنت أترقب فرحاً حبسته الحواجز، وخنقته قضبان المعتقلات، وسفكت دمه طائرات عمياء، وألمح خوفاً وقلقاً في صلاة أمي، وكان أبي يقيم الليل ويجاهر بدعائه كغير عادته.. ولم أسأل نفسي: لماذا غدنا مرعب ويومنا ترقب وأمسنا قبور لأطفال وشباب ونساء؟
في صباح العيد، عددت (قروش) العدية التي ناولني اياها أبي مرات عديدة، وقبلت يده وانطلقت.. لم يغرني أكثر من المسدس البلاستيكي، لعبة الأطفال المفضلة على هذه الأرض.. قلت في نفسي: سأبدد خوف أمي، سأحمل المسدس على خاصرتي..
http://www.watan.com/img/2/ahmed3.jpg
وانتهى حلمي قبل أن يبدأ...
آخر ما لمحته هو دمي ينزف، تحسست العيدية وجدتها مكانها في جيبي.. كانت خطوات عديدة تفصلني عن المسدس.. وكنت أشعر وأنا محمول على الأعناق بأنني ابتعد عنه، وسمعت عويل أمي وأقاربي.. شاهدت الرجال يأتون من كل حدب وصوب.. يقبلون رأس أبي، كنت فرحاً بهم، لكن أحداً منهم لم يعطني عيدية...
وسمعت الناس يختلفون.. وأبي يردد: لقد قتلوه قبل أن يشتري مسدسه... وقاتلي يقول: كان يخبئ وراء لعبته ارهابا سيكبر معه..
وحين حاولت أن أقول شيئاً، لم يسمعني أحد..
وظل سؤالي ينهض من قبري: لماذا لم يعطني أحد عيدية ولم اشتر المسدس؟
نظام المهداوي
www.watan.com (http://www.watan.com/)
كل عام وأنتم بخير
في أمكنة اخرى بعيدة عن هذه الأرض، يحفل الأطفال برمضان، ينتظرون العيد بشغف، يمرحون، يلعبون، يتخيلون مسدسا بلاستيكياً، وملابس نظيفة جديدة، وينامون على صدى غد آخر، غير معجون بالدم والألم والفجيعة..
في أمكنة آخرى بعيدة عن هذه الأرض، يكبر الأطفال على حلم ليس كأحلامنا، وعلى صباح ليس كصباحاتنا المعجونة بالدموع.
في اليوم الأخير من رمضان، بعد أن أحصيت أيامه الثلاثين، منتظراً عيدا ليس ككل الأعياد، لم يغفو لي جفن، كنت أترقب فرحاً حبسته الحواجز، وخنقته قضبان المعتقلات، وسفكت دمه طائرات عمياء، وألمح خوفاً وقلقاً في صلاة أمي، وكان أبي يقيم الليل ويجاهر بدعائه كغير عادته.. ولم أسأل نفسي: لماذا غدنا مرعب ويومنا ترقب وأمسنا قبور لأطفال وشباب ونساء؟
في صباح العيد، عددت (قروش) العدية التي ناولني اياها أبي مرات عديدة، وقبلت يده وانطلقت.. لم يغرني أكثر من المسدس البلاستيكي، لعبة الأطفال المفضلة على هذه الأرض.. قلت في نفسي: سأبدد خوف أمي، سأحمل المسدس على خاصرتي..
http://www.watan.com/img/2/ahmed3.jpg
وانتهى حلمي قبل أن يبدأ...
آخر ما لمحته هو دمي ينزف، تحسست العيدية وجدتها مكانها في جيبي.. كانت خطوات عديدة تفصلني عن المسدس.. وكنت أشعر وأنا محمول على الأعناق بأنني ابتعد عنه، وسمعت عويل أمي وأقاربي.. شاهدت الرجال يأتون من كل حدب وصوب.. يقبلون رأس أبي، كنت فرحاً بهم، لكن أحداً منهم لم يعطني عيدية...
وسمعت الناس يختلفون.. وأبي يردد: لقد قتلوه قبل أن يشتري مسدسه... وقاتلي يقول: كان يخبئ وراء لعبته ارهابا سيكبر معه..
وحين حاولت أن أقول شيئاً، لم يسمعني أحد..
وظل سؤالي ينهض من قبري: لماذا لم يعطني أحد عيدية ولم اشتر المسدس؟
نظام المهداوي
www.watan.com (http://www.watan.com/)