J O K E R
19-11-2005, 06:47 AM
قال تعالى : { إنما حرم عليكم الميتة و الدم و لحم الخنزير و ما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ و لا عاد فلا إثم عليه } [ سورة البقرة : الآية 173 ] .
و قال تعالى : { حرمت عليكم الميتة و الدم و لحم الخنزير و ما أهل لغير الله به و المنخنقة و الموقوذة و المتردية و النطحية و ما أكل السبع ، إلا ما ذكيتم و ما ذبح على النصب .... } [ سورة المائدة : الآية 2 ] .
الميتة لغة هي ما فارقته الحياة . و في الاصطلاح الشرعي : هي ما فارقته الحياة من غير ذكاة مما يذبح ، و ما ليس بمأكول فذكاته كموته كالسباع و نحوها . و استثنت السنة ميتة البحر من سمك و حوت و كذا الجراد .
و المنخنقة : هي التي تموت خنقاً ، , هو حبس النفس ، سواء فعل بها ذلك آدمي أو اتفق لها بحبل أو بين عودين و نحو ذلك و يلحق بها م ا مات ردماً أو غرقاً أو باستنشاق غازات خانقة .
و الموقوذة : التي تُرمى أو تُضرب بحجر أو عصا حتى تموت من غير تذكية يقال : وقذاً وقذاً فهو وقيذ .
عن عدي بن حاتم قال : قلت يا رسول الله فإني أرمي بالمعراض [ المعراض سهم بلا ريش و لا نصل و إنما يصيبه بعرضه دون حده ] الصيد فأصيب ، فقال : " إذا رميت بالمعراض فخرق فكله و إن أصابه بعرضه فلا تأكله فإنه وقيذ " [ رواه مسلم ] .
و المتردية : هي التي تتردى من العلو إلى الأسفل فتموت ، كان ذلك من جبل أو في بئر و نحوه ، , المتردية متفعلة من الردى و هو الهلاك .
و النطيحة : هي الشاة التي تنطحها أخرى أو غير ذلك فتموت قبل أن تذكى .
و ما أكل السبع : يريد كل ما افترسه ذو ناب أو أظفار من الحيوان كالأسد و النمر و الضبع و الذئب و نحوها ، و هذه كلها سباع .
إلا ما ذكيتم : نصب على الاستثناء المتصل عند الجمهور ، , هو راجع على ما أدرك ذكاته من المذكورات و فيه حياة ، فإن الذكاة عاملة فيه .
فالحيوان قد يموت هرماً لكبر سنه أو لمرض أو لما يتعرض له من خنق أو سقوط من شاهق أو لتعدي حيوان أقوى . أو نتيجة ذكاة ناقصة لم تستكمل شرائطها الشرعية فتعتبر ميتة أيضاً ، و قد يتعدد سبب الوفاة و قد نص القرآن الكريم على أنها كلها من الخبائث و حرم أكلها .
نجاسة الميتة :
ثبت بالإجماع أن ميتة الحيوان البري _ غير الآدمي _ نجسة لذاتها إذا كان له دم يسيل عند جرحه ، بخلاف ميتة الحيوان البحري فإنها طاهرة لقول النبي صلى الله عليه و سلم عندما سئل عن ماء البحر : " هو الطهور ماؤه ، الحِلُّ ميتته " .
و اختلف في نجاسة الحيوان البري الذي ليس لهد م ذاتي يسيل عند جرحه ، فقال الشافعية بنجاسته ، غير أنه عفي عن قليله إذا سقط في الماء . و قال الجمهور بطهارته .
إن الطب و الذوق السليم يؤيدان بقوة تحريم الميتة فإن احتباس دم الميتة و سرعة تفسخ لحمها ملحظان في التحريم يغلب وجودهما كما سنرى ، في سائر أنواع الميتة
التذكية الشرعية
و هي ذبح الحيوان ضمن شروط مخصوصة ليحل أكله و هي نوعان اختيارية و اضطرارية .
فالتذكية الاختيارية : هي الذبح أو النحر و هي شروط لحل جميع الحيوانات المأكولة عد السمك و الجراد . و السنة في الغنم و الطير الذبح و في الإبل العقر و يجوز في البقر الذبح و النحر .
و التذذكية الاضطرارية و هي قتل الحيوان البري صيداً بالعقر أو الجرح لعدم إمكانية إمساكه و ذبحه ، و قد أباحها الشارع حتى يدفع عن الناس الحرج في تدارك رزقهم . و مع ذلك فإن الحيوان المقتول صيداً ، إذا أدرك و فيه حياة مستقرة و جب ذبحه _ التذكية الاختيارية _ .
و الأعضاء الواجب قطعها عند الذبح : المريء و الحلقوم و الودجان ، و قال الحنفية بوجوب قطع ثلاث منها ، و قال المالكية بوجوب قطع الحلقوم و الودجين دون المريء . و يشترط لصحة الذبح النية و قصد الأكل . و التسمية واجبة عند الجمهور ، وقال الشافعية أنها سنة .
و يشترط في الذابح أن يكون مميزاً ، مسلماً أو كتابياً ، فلا تحل ذبيحة المجوسي و الوثني و المرتد ،
و يشترط لآلة الذبح أن تكوم محددة : أي لها حد يجرح .
يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما أنهر الدم و ذكر اسم الله عليه فكلوه " [ رواه البخاري و مسلم عن رافع بن خديج ] .
و يشترط في الذبيحة وجود الحياة المستقرة قبل الذبح إذا كان هناك سبب يؤدي بالحيوان إلى الموت . فإذا جرح أو سقط من شاهق أو ضرب بمثقل و بقيت به حياة مستقرة فذبح حلَّ . و يقصد بالحياة المستقرة ما يوجد معها من الحركة الاختيارية بقرائن يترتب عليها غلبة الظن بوجود الحياة . و من أماراتها انفجار الدم بعد قطع الحلقوم ، أو ظهور حركة شديدة .
و يسن للذبح التسمية _ عند من لا يوجبها _ و التكبير و أن يكون نهاراً و أن يتوجه الذابح و الذبيحة نحو القبلة ، و إضجاعها على شقها الأيسر و رأسها للأعلى ، , قطع الأوداج كلها و احداد الشفرة والإسراع بالذبح رفقاً بالبهيمة .
يقول النبي صلى الله عليه و سلم : " إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، و إذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ، و ليحد أحدكم شفرته و ليرح ذبيحته " [ رواه مسلم ] .
و حينما رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم رجلاً يحد شفرته أما مرأى منه نهاه و قال : " أتريد أن تميتها موتتان ؟ هلا حددت شفرتك قبل أن تضجعها " [ رواه الحاكم عن عبد الله بن عباس ، و قال : صحيح على شرط البخاري ، و صححه الألباني في " صحيح الجامع الصغير " ] .
و يجب أن نعلم أن الذبح بهذه الطريقة أمر تعبدي ، و هو شرعة الله التي شرعها لنا لا يجوز لنا أن نحيد عنها . و إن اختلال أي شرط من شروط التذكية يجعل الحيوان ميتة محرمة ، و إن سال دمه و ذكر اسم الله عليه . و قد نهى الشارع عن أكل الشريطة و هي الدابة التي تذبح فيقطع الجلد و لا تفرى الأوداج ثم تترك لتموت ، فإن فيها تعذيباً للحيوان حيث يطول الأمد بين ذبحه و زهق روحه ، و لا يستزف فيها معظم دم الحيوان .
عن ابن عباس و أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لا تأكل الشريطة فإنها ذبيحة الشيطان " [ رواه الإمام أحمد ] .
أهمية التذكية الشرعية و الحكمة منها :
كما يحمل الدم غذاء الجسم فإنه يحمل فضلاته و سمومه ، و تقوم كرياته البيضاء ضمن البدن الحي بابتلاع الجراثيم ، هذه الأعمال الدفاعية تتوقف تماماً عند فقدان الحياة ، و يصبح الدم بتركيبه من أصلح الأوساط لنمو الجراثيم و تكاثرها ، لذا كان استنزاف دم الحيوان حين ذبحه من الأمور الضرورية من الناحية الطبية .
ذكر العالم " وايلز " أن عمد استنزاف دم الحيوان عند ذبحه يجعله غير صالح : لأن وجود السائل الزلالي في الأوعية ضمن لحم الذبيحة ييسر للجراثيم أن تنتشر بسرعة وسط اللحم .
و هذه ظاهرة لاحظها أسلافنا العظام حيث كتب الإمام الرازي ما نصه http://www.science4islam.com/html/mark.gif : و اعلم أن تحريم الميتة موافق لما في العقول ، لأن الدم جوهر لطيف جداً ، فإذا مات الحيوان حتف أنفه احتبس الدم في عروقه ، و تعفن و فسد و حصل من أكله مضار عظيمة .
و لقد أثار بعض الباحثين الغربيين نقاط هجوم على طريقة الذبح الإسلامي بدافع من تحيز واضح أو جهل مطبق ، حيث ادّعوا في ندوة أقيمت للرفق بالحيوان أن قطع الرقبة حتى بالآلة الحادة ينجم عنه ألم شديد ، و أن المخ يرسم كهربياً فترة حياة للذبيحة تزيد عن 30 ثانية و أن النزف الكامل للذبيحة أقرب إلى المستحيل إلى غير ذلك من الافتراءات .
و قد قام الدكتور مصطفى محمود حلمي و زملاؤه ببحث علمي دقيق للرد على الافتراءات . و أجروا تجارب شملت دراسة الذبح الإسلامي و مقارنته مع طرق الذبح المعتمدة في كثير من البلدان الأوربية كالصعق الكهربائي و التخدير بغاز الفحم و غيرها .
و ذلك بدراسة الوقت الذي يستغرقه النزف و نسبته و فترة الحياة بدءاً من الذبح حتى تمام الموت ، و طول مدة و درجة وعي الحيوان . و قدمت النتائج العلمية براهين مستمدة من تخطيط المخ الكهربي ، و قياس معدلات الضغط الدموي و التنفس ، كلها تؤكد على أن التذكية الشرعية _ الذبح الإسلامي _ يقدم طريقة مقنعة علمياً و إنسانياً و تتضمن أفضل نزف للدم من الذبيحة .
و من وضع الحيوان أثناء ذبحه فقد قدمت البراهين التشريحية أن يشتمل ضمن أهميته منع سحب السبانتين و حدوثاً سريعاً للوفاة ، و أنها طريقة تتفق مع خصائص التوزع الطبوغرافي لنهايات الأعصاب الحسية .
و بمقارنة نسبة النزف بين ذبائح الطرق المختلفة ، أثبتت طريقة الذبح الإسلامي تفوقاً واضحاً في ضمان خروج نسبة أكبر من الدماء من جثث الذبائح ، و هذا من أهم متطلبات الذبح . حيث يضمن فترة صلاحية أطول للحوم مع طعم شهي . كما أكد البحث أنه لا يمكن القطع بمعاناة الحيوان اعتماداً على مراقبته أو تصويره .
فساد لحم الميتة :
تنفذ الجراثيم إلى الميتة من الأمعاء و الجلد و الفتحات الطبيعية ، لكن الأمعاء هي المنفذ الأكثر أهمية لأنها مفعمة بالجراثيم ، لكنها أثناء الحياة تكون عرضة للبلعمة و لفعل الخمائر التي تحلها . أما بعد موت الحيوان فإنها تنمو و تحل خمائرها الأنسجة و تدخل جدر المعي و منها تنفذ إلى الأوعية الدموية و اللمفاوية .....
أما الفم و الأنف و العينين و الشرج فتصل إليها الجراثيم عن طريق الهواء أو الحشرات و التي يمكن أن تضع بويضاتها عليها . أما الجلد فلا تدخل الجراثيم عبره إلا إذا كان متهتكاً كما في المتردية و النطيحة و ما شابهها . و إن احتباس دم الميتة ، كما ينقص من طيب اللحم و يفسد مذاقه ، فإنه يساعد على انتشار الجراثيم و تكاثرها فيه .
و كلما طالت المدة بعد هلاك الحيوان كان التعرض للضرر أشد عند أكل الميتة ، لأن تبدل لحمها و فساده يكون أعظم . إذ أنه بعد 3 - 4 ساعات من الموت يحدث ما يسمى بالصمل الجيفي _ التيبس الرمي _ حيث تتصلب العضلات لتكون أحماض فيها كحمض الفسفور و اللبن و الفورميك ، ثم تعود القلوية للعضلات فيزول التيبس و ذلك بتأثير التعفنات الناتجة عن التكاثر الجرثومي العفني التي تغزو الجثة بكاملها .
هذا و ينشأ عن تفسخ و تحلل جثمان الميتة مركبات سامة ذات روائح كريهة ، كما أن الغازات الناتجة عن التفسخ تؤدي إلى انتفاخ الجثة خلال بضع ساعات ، و هي أسرع في الحيوانات آكلة العشب من إبل و ضأن و بقر و غيرها ، كما تعطي بعض الجراثيم أثناء تكاثرها مواد ملونة تعطي اللحم منظراً غير طبيعي و لوناً يميل إلى الخضرة أو السواد ، و قوامه ألين من اللحم العادي ، كما أن مذاقه يصبح مثيراً للقرف .
الميتة بمرض :
قد تصاب البهائم بمرض جرثومي يمنع تناول لحمها ، ولو كانت مذكاة ، فتحرم لخبثها و أذاها ، كما يقول الدكتور محمود ناظم النسيمي . و تكون الحرمة أشد فيما لو مات الحيوان بذاك المرض لانتشار الجراثيم في جثته عن طريق الدم المحتبس و تكاثرها بشدة و زيادة السمية و أهم هذه الأمراض :
1. الرعام : و أكثر ما يصيب الخيل و قد ينتقل للإنسان مسبباً ظهور تقرحات جلدية و بؤر التهابية في الرئة و تقرحات في المناخير و الرغامى و يجب إتلاف اللحم من حيوان ميت بهذا المرض خشية تلوثه بجراثيم هذا المرض المهلك .
2. السل : كثير التصادف في البقر ثم الدواجن من الطيور ، و قليل في الضأن و توصي كتب الطب بإحراق جثة الحيوان المصاب بالسل الرئوي و سل الباريتوان ، و كذا إذا وجدت الجرثومة في عضلات الحيوان أو عقده اللمفاوية .
3. الجمرة الخبيثة : الحيوان الذي يصاب بالجمرة يجب أن لا يمس ، و أن يحرق و يدفن حتى لا تنتشر جراثيمه ، و تنتقل العدوى إلى الحيوانات و إلى البشر . و اللحم المصاب يحمل صفات اللحم النزفي حيث تشاهد بقع فرفرية أو زرقاء .
4. الانتان بالسلمونيات : صحيح أن هذه الجراثيم تموت بحرارة الطبخ لكن ذيفاناتها لا تتلفه الحرارة ، مما يجعل أكل اللحم المصاب مؤدياً إلى تسمم آكله . و السلمونيات تتكاثر بسرعة في أمعاء الآكل مسببة له انسماماً حاداً على شكل تخمة حادة ، أو بشكل هيضي أو تيفي http://www.science4islam.com/html/mark.gif.
5. داء الكلب : الحيوان الذي يموت بداء الكلب يجب أن يحرق رغم أن أكل لحمه لا يؤدي إلى العدوى ، لكن الجراثيم المختلطة بأشلائه يمكن بتماسها مع أي خدش أو جرح في يد الجزار أو الطاهي أن تنتقل مؤدية للعدوى .
هذا و لا يمكن معرفة سبب موت الحيوان _ حتف أنفه _ إلا بعد تشريح جثته ، و تحليلها ، إلا أنه يكفي _ و قد مات الحيوان لهرم أو مرض و فيه دماؤه _ محتضنة لجراثيم المرض الذي سبب موته _ و معها ذيفاناتها و سمومها التي تمتلئ الجثة بها _ أن تصبح الميتة من الحيوان خطرة على آكلها ، لذا عدها الله سبحانه و تعالى من أولى المحرمات من المطعومات .
الميتة هرماً :
كلما كبر سن الحيوان تصلبت عضلاته و تليفت و أصبحت عسرة الهضم ، علاوة على احتباس الدم في الجثة الميتة مما يجعل لحمها أسرع تفسخاً .
كما أنه لا يمكن مطلقاً من غير إجراء تحليل لجثة الميتة من التأكد من أن سبب الموت محصور بالهرم دون أن يضاف إليه إصابة الحيوان بمرض جرثومي أو انسمامي .
الميتة اختناقاً :
الاختناق انعصار الحلق بما يسد مسالك الهواء . و من علاماته احتقان الملتحمة في عين الدابة ، و وجود نزوف تحتها و جحوظ العينين و زرقة الشفتين , وجود احتقان رئوي و زبد رغوي فيها ،, كذا احتقان معظم الأحشاء .
و يؤكد علم الصحة عدم صلاحية المنخنقة للأكل لفساد لحمها و تغير شكله إذ يصبح لونه أحمر قاتماً ، , يرى مسوداً عند قطعه ، لزج الملمس ، و ذو رائحة كريهة ، و الاختناق يسرع في تعفن الجثة http://www.science4islam.com/html/mark.gif.
الميتة دهساً أو رضاً :
و هي أنواع أشار إليها القرآن الكريم بقوله :
{ و الموقوذة و المتردية و النطيحة } [ سورة المائدة : الآية 3 ] .
أما ما أكل السبع ، فقد يميتها رضاً أو خنقاً ، و كلها ينحبس الدم في جثتها ، علاوة على أن الرضوض تجعل الدم ينتشر تحت الجلد و داخل اللحم و الأنسجة المرضوضة ، لذا يسود لون اللحم و يصبح لزجاً كريه الرائحة غير صالح للأكل . و يزيد الطين بلة انتشار الجراثيم من خلال السحجات و الأنسجة المتهتكة ، فتنتشر بسرعة خلال اللحم المرضوض ، و تتكاثر فيه بسرعة و تعجل تحلله و فساده .
تابع......................
و قال تعالى : { حرمت عليكم الميتة و الدم و لحم الخنزير و ما أهل لغير الله به و المنخنقة و الموقوذة و المتردية و النطحية و ما أكل السبع ، إلا ما ذكيتم و ما ذبح على النصب .... } [ سورة المائدة : الآية 2 ] .
الميتة لغة هي ما فارقته الحياة . و في الاصطلاح الشرعي : هي ما فارقته الحياة من غير ذكاة مما يذبح ، و ما ليس بمأكول فذكاته كموته كالسباع و نحوها . و استثنت السنة ميتة البحر من سمك و حوت و كذا الجراد .
و المنخنقة : هي التي تموت خنقاً ، , هو حبس النفس ، سواء فعل بها ذلك آدمي أو اتفق لها بحبل أو بين عودين و نحو ذلك و يلحق بها م ا مات ردماً أو غرقاً أو باستنشاق غازات خانقة .
و الموقوذة : التي تُرمى أو تُضرب بحجر أو عصا حتى تموت من غير تذكية يقال : وقذاً وقذاً فهو وقيذ .
عن عدي بن حاتم قال : قلت يا رسول الله فإني أرمي بالمعراض [ المعراض سهم بلا ريش و لا نصل و إنما يصيبه بعرضه دون حده ] الصيد فأصيب ، فقال : " إذا رميت بالمعراض فخرق فكله و إن أصابه بعرضه فلا تأكله فإنه وقيذ " [ رواه مسلم ] .
و المتردية : هي التي تتردى من العلو إلى الأسفل فتموت ، كان ذلك من جبل أو في بئر و نحوه ، , المتردية متفعلة من الردى و هو الهلاك .
و النطيحة : هي الشاة التي تنطحها أخرى أو غير ذلك فتموت قبل أن تذكى .
و ما أكل السبع : يريد كل ما افترسه ذو ناب أو أظفار من الحيوان كالأسد و النمر و الضبع و الذئب و نحوها ، و هذه كلها سباع .
إلا ما ذكيتم : نصب على الاستثناء المتصل عند الجمهور ، , هو راجع على ما أدرك ذكاته من المذكورات و فيه حياة ، فإن الذكاة عاملة فيه .
فالحيوان قد يموت هرماً لكبر سنه أو لمرض أو لما يتعرض له من خنق أو سقوط من شاهق أو لتعدي حيوان أقوى . أو نتيجة ذكاة ناقصة لم تستكمل شرائطها الشرعية فتعتبر ميتة أيضاً ، و قد يتعدد سبب الوفاة و قد نص القرآن الكريم على أنها كلها من الخبائث و حرم أكلها .
نجاسة الميتة :
ثبت بالإجماع أن ميتة الحيوان البري _ غير الآدمي _ نجسة لذاتها إذا كان له دم يسيل عند جرحه ، بخلاف ميتة الحيوان البحري فإنها طاهرة لقول النبي صلى الله عليه و سلم عندما سئل عن ماء البحر : " هو الطهور ماؤه ، الحِلُّ ميتته " .
و اختلف في نجاسة الحيوان البري الذي ليس لهد م ذاتي يسيل عند جرحه ، فقال الشافعية بنجاسته ، غير أنه عفي عن قليله إذا سقط في الماء . و قال الجمهور بطهارته .
إن الطب و الذوق السليم يؤيدان بقوة تحريم الميتة فإن احتباس دم الميتة و سرعة تفسخ لحمها ملحظان في التحريم يغلب وجودهما كما سنرى ، في سائر أنواع الميتة
التذكية الشرعية
و هي ذبح الحيوان ضمن شروط مخصوصة ليحل أكله و هي نوعان اختيارية و اضطرارية .
فالتذكية الاختيارية : هي الذبح أو النحر و هي شروط لحل جميع الحيوانات المأكولة عد السمك و الجراد . و السنة في الغنم و الطير الذبح و في الإبل العقر و يجوز في البقر الذبح و النحر .
و التذذكية الاضطرارية و هي قتل الحيوان البري صيداً بالعقر أو الجرح لعدم إمكانية إمساكه و ذبحه ، و قد أباحها الشارع حتى يدفع عن الناس الحرج في تدارك رزقهم . و مع ذلك فإن الحيوان المقتول صيداً ، إذا أدرك و فيه حياة مستقرة و جب ذبحه _ التذكية الاختيارية _ .
و الأعضاء الواجب قطعها عند الذبح : المريء و الحلقوم و الودجان ، و قال الحنفية بوجوب قطع ثلاث منها ، و قال المالكية بوجوب قطع الحلقوم و الودجين دون المريء . و يشترط لصحة الذبح النية و قصد الأكل . و التسمية واجبة عند الجمهور ، وقال الشافعية أنها سنة .
و يشترط في الذابح أن يكون مميزاً ، مسلماً أو كتابياً ، فلا تحل ذبيحة المجوسي و الوثني و المرتد ،
و يشترط لآلة الذبح أن تكوم محددة : أي لها حد يجرح .
يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما أنهر الدم و ذكر اسم الله عليه فكلوه " [ رواه البخاري و مسلم عن رافع بن خديج ] .
و يشترط في الذبيحة وجود الحياة المستقرة قبل الذبح إذا كان هناك سبب يؤدي بالحيوان إلى الموت . فإذا جرح أو سقط من شاهق أو ضرب بمثقل و بقيت به حياة مستقرة فذبح حلَّ . و يقصد بالحياة المستقرة ما يوجد معها من الحركة الاختيارية بقرائن يترتب عليها غلبة الظن بوجود الحياة . و من أماراتها انفجار الدم بعد قطع الحلقوم ، أو ظهور حركة شديدة .
و يسن للذبح التسمية _ عند من لا يوجبها _ و التكبير و أن يكون نهاراً و أن يتوجه الذابح و الذبيحة نحو القبلة ، و إضجاعها على شقها الأيسر و رأسها للأعلى ، , قطع الأوداج كلها و احداد الشفرة والإسراع بالذبح رفقاً بالبهيمة .
يقول النبي صلى الله عليه و سلم : " إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، و إذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ، و ليحد أحدكم شفرته و ليرح ذبيحته " [ رواه مسلم ] .
و حينما رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم رجلاً يحد شفرته أما مرأى منه نهاه و قال : " أتريد أن تميتها موتتان ؟ هلا حددت شفرتك قبل أن تضجعها " [ رواه الحاكم عن عبد الله بن عباس ، و قال : صحيح على شرط البخاري ، و صححه الألباني في " صحيح الجامع الصغير " ] .
و يجب أن نعلم أن الذبح بهذه الطريقة أمر تعبدي ، و هو شرعة الله التي شرعها لنا لا يجوز لنا أن نحيد عنها . و إن اختلال أي شرط من شروط التذكية يجعل الحيوان ميتة محرمة ، و إن سال دمه و ذكر اسم الله عليه . و قد نهى الشارع عن أكل الشريطة و هي الدابة التي تذبح فيقطع الجلد و لا تفرى الأوداج ثم تترك لتموت ، فإن فيها تعذيباً للحيوان حيث يطول الأمد بين ذبحه و زهق روحه ، و لا يستزف فيها معظم دم الحيوان .
عن ابن عباس و أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لا تأكل الشريطة فإنها ذبيحة الشيطان " [ رواه الإمام أحمد ] .
أهمية التذكية الشرعية و الحكمة منها :
كما يحمل الدم غذاء الجسم فإنه يحمل فضلاته و سمومه ، و تقوم كرياته البيضاء ضمن البدن الحي بابتلاع الجراثيم ، هذه الأعمال الدفاعية تتوقف تماماً عند فقدان الحياة ، و يصبح الدم بتركيبه من أصلح الأوساط لنمو الجراثيم و تكاثرها ، لذا كان استنزاف دم الحيوان حين ذبحه من الأمور الضرورية من الناحية الطبية .
ذكر العالم " وايلز " أن عمد استنزاف دم الحيوان عند ذبحه يجعله غير صالح : لأن وجود السائل الزلالي في الأوعية ضمن لحم الذبيحة ييسر للجراثيم أن تنتشر بسرعة وسط اللحم .
و هذه ظاهرة لاحظها أسلافنا العظام حيث كتب الإمام الرازي ما نصه http://www.science4islam.com/html/mark.gif : و اعلم أن تحريم الميتة موافق لما في العقول ، لأن الدم جوهر لطيف جداً ، فإذا مات الحيوان حتف أنفه احتبس الدم في عروقه ، و تعفن و فسد و حصل من أكله مضار عظيمة .
و لقد أثار بعض الباحثين الغربيين نقاط هجوم على طريقة الذبح الإسلامي بدافع من تحيز واضح أو جهل مطبق ، حيث ادّعوا في ندوة أقيمت للرفق بالحيوان أن قطع الرقبة حتى بالآلة الحادة ينجم عنه ألم شديد ، و أن المخ يرسم كهربياً فترة حياة للذبيحة تزيد عن 30 ثانية و أن النزف الكامل للذبيحة أقرب إلى المستحيل إلى غير ذلك من الافتراءات .
و قد قام الدكتور مصطفى محمود حلمي و زملاؤه ببحث علمي دقيق للرد على الافتراءات . و أجروا تجارب شملت دراسة الذبح الإسلامي و مقارنته مع طرق الذبح المعتمدة في كثير من البلدان الأوربية كالصعق الكهربائي و التخدير بغاز الفحم و غيرها .
و ذلك بدراسة الوقت الذي يستغرقه النزف و نسبته و فترة الحياة بدءاً من الذبح حتى تمام الموت ، و طول مدة و درجة وعي الحيوان . و قدمت النتائج العلمية براهين مستمدة من تخطيط المخ الكهربي ، و قياس معدلات الضغط الدموي و التنفس ، كلها تؤكد على أن التذكية الشرعية _ الذبح الإسلامي _ يقدم طريقة مقنعة علمياً و إنسانياً و تتضمن أفضل نزف للدم من الذبيحة .
و من وضع الحيوان أثناء ذبحه فقد قدمت البراهين التشريحية أن يشتمل ضمن أهميته منع سحب السبانتين و حدوثاً سريعاً للوفاة ، و أنها طريقة تتفق مع خصائص التوزع الطبوغرافي لنهايات الأعصاب الحسية .
و بمقارنة نسبة النزف بين ذبائح الطرق المختلفة ، أثبتت طريقة الذبح الإسلامي تفوقاً واضحاً في ضمان خروج نسبة أكبر من الدماء من جثث الذبائح ، و هذا من أهم متطلبات الذبح . حيث يضمن فترة صلاحية أطول للحوم مع طعم شهي . كما أكد البحث أنه لا يمكن القطع بمعاناة الحيوان اعتماداً على مراقبته أو تصويره .
فساد لحم الميتة :
تنفذ الجراثيم إلى الميتة من الأمعاء و الجلد و الفتحات الطبيعية ، لكن الأمعاء هي المنفذ الأكثر أهمية لأنها مفعمة بالجراثيم ، لكنها أثناء الحياة تكون عرضة للبلعمة و لفعل الخمائر التي تحلها . أما بعد موت الحيوان فإنها تنمو و تحل خمائرها الأنسجة و تدخل جدر المعي و منها تنفذ إلى الأوعية الدموية و اللمفاوية .....
أما الفم و الأنف و العينين و الشرج فتصل إليها الجراثيم عن طريق الهواء أو الحشرات و التي يمكن أن تضع بويضاتها عليها . أما الجلد فلا تدخل الجراثيم عبره إلا إذا كان متهتكاً كما في المتردية و النطيحة و ما شابهها . و إن احتباس دم الميتة ، كما ينقص من طيب اللحم و يفسد مذاقه ، فإنه يساعد على انتشار الجراثيم و تكاثرها فيه .
و كلما طالت المدة بعد هلاك الحيوان كان التعرض للضرر أشد عند أكل الميتة ، لأن تبدل لحمها و فساده يكون أعظم . إذ أنه بعد 3 - 4 ساعات من الموت يحدث ما يسمى بالصمل الجيفي _ التيبس الرمي _ حيث تتصلب العضلات لتكون أحماض فيها كحمض الفسفور و اللبن و الفورميك ، ثم تعود القلوية للعضلات فيزول التيبس و ذلك بتأثير التعفنات الناتجة عن التكاثر الجرثومي العفني التي تغزو الجثة بكاملها .
هذا و ينشأ عن تفسخ و تحلل جثمان الميتة مركبات سامة ذات روائح كريهة ، كما أن الغازات الناتجة عن التفسخ تؤدي إلى انتفاخ الجثة خلال بضع ساعات ، و هي أسرع في الحيوانات آكلة العشب من إبل و ضأن و بقر و غيرها ، كما تعطي بعض الجراثيم أثناء تكاثرها مواد ملونة تعطي اللحم منظراً غير طبيعي و لوناً يميل إلى الخضرة أو السواد ، و قوامه ألين من اللحم العادي ، كما أن مذاقه يصبح مثيراً للقرف .
الميتة بمرض :
قد تصاب البهائم بمرض جرثومي يمنع تناول لحمها ، ولو كانت مذكاة ، فتحرم لخبثها و أذاها ، كما يقول الدكتور محمود ناظم النسيمي . و تكون الحرمة أشد فيما لو مات الحيوان بذاك المرض لانتشار الجراثيم في جثته عن طريق الدم المحتبس و تكاثرها بشدة و زيادة السمية و أهم هذه الأمراض :
1. الرعام : و أكثر ما يصيب الخيل و قد ينتقل للإنسان مسبباً ظهور تقرحات جلدية و بؤر التهابية في الرئة و تقرحات في المناخير و الرغامى و يجب إتلاف اللحم من حيوان ميت بهذا المرض خشية تلوثه بجراثيم هذا المرض المهلك .
2. السل : كثير التصادف في البقر ثم الدواجن من الطيور ، و قليل في الضأن و توصي كتب الطب بإحراق جثة الحيوان المصاب بالسل الرئوي و سل الباريتوان ، و كذا إذا وجدت الجرثومة في عضلات الحيوان أو عقده اللمفاوية .
3. الجمرة الخبيثة : الحيوان الذي يصاب بالجمرة يجب أن لا يمس ، و أن يحرق و يدفن حتى لا تنتشر جراثيمه ، و تنتقل العدوى إلى الحيوانات و إلى البشر . و اللحم المصاب يحمل صفات اللحم النزفي حيث تشاهد بقع فرفرية أو زرقاء .
4. الانتان بالسلمونيات : صحيح أن هذه الجراثيم تموت بحرارة الطبخ لكن ذيفاناتها لا تتلفه الحرارة ، مما يجعل أكل اللحم المصاب مؤدياً إلى تسمم آكله . و السلمونيات تتكاثر بسرعة في أمعاء الآكل مسببة له انسماماً حاداً على شكل تخمة حادة ، أو بشكل هيضي أو تيفي http://www.science4islam.com/html/mark.gif.
5. داء الكلب : الحيوان الذي يموت بداء الكلب يجب أن يحرق رغم أن أكل لحمه لا يؤدي إلى العدوى ، لكن الجراثيم المختلطة بأشلائه يمكن بتماسها مع أي خدش أو جرح في يد الجزار أو الطاهي أن تنتقل مؤدية للعدوى .
هذا و لا يمكن معرفة سبب موت الحيوان _ حتف أنفه _ إلا بعد تشريح جثته ، و تحليلها ، إلا أنه يكفي _ و قد مات الحيوان لهرم أو مرض و فيه دماؤه _ محتضنة لجراثيم المرض الذي سبب موته _ و معها ذيفاناتها و سمومها التي تمتلئ الجثة بها _ أن تصبح الميتة من الحيوان خطرة على آكلها ، لذا عدها الله سبحانه و تعالى من أولى المحرمات من المطعومات .
الميتة هرماً :
كلما كبر سن الحيوان تصلبت عضلاته و تليفت و أصبحت عسرة الهضم ، علاوة على احتباس الدم في الجثة الميتة مما يجعل لحمها أسرع تفسخاً .
كما أنه لا يمكن مطلقاً من غير إجراء تحليل لجثة الميتة من التأكد من أن سبب الموت محصور بالهرم دون أن يضاف إليه إصابة الحيوان بمرض جرثومي أو انسمامي .
الميتة اختناقاً :
الاختناق انعصار الحلق بما يسد مسالك الهواء . و من علاماته احتقان الملتحمة في عين الدابة ، و وجود نزوف تحتها و جحوظ العينين و زرقة الشفتين , وجود احتقان رئوي و زبد رغوي فيها ،, كذا احتقان معظم الأحشاء .
و يؤكد علم الصحة عدم صلاحية المنخنقة للأكل لفساد لحمها و تغير شكله إذ يصبح لونه أحمر قاتماً ، , يرى مسوداً عند قطعه ، لزج الملمس ، و ذو رائحة كريهة ، و الاختناق يسرع في تعفن الجثة http://www.science4islam.com/html/mark.gif.
الميتة دهساً أو رضاً :
و هي أنواع أشار إليها القرآن الكريم بقوله :
{ و الموقوذة و المتردية و النطيحة } [ سورة المائدة : الآية 3 ] .
أما ما أكل السبع ، فقد يميتها رضاً أو خنقاً ، و كلها ينحبس الدم في جثتها ، علاوة على أن الرضوض تجعل الدم ينتشر تحت الجلد و داخل اللحم و الأنسجة المرضوضة ، لذا يسود لون اللحم و يصبح لزجاً كريه الرائحة غير صالح للأكل . و يزيد الطين بلة انتشار الجراثيم من خلال السحجات و الأنسجة المتهتكة ، فتنتشر بسرعة خلال اللحم المرضوض ، و تتكاثر فيه بسرعة و تعجل تحلله و فساده .
تابع......................